التعامل مع الكفار في الأمور الدنيوية ومفهوم قوله تعالى: {إنما المشركون نجس}

السؤال
الآية التي في سورة التوبة وهي قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28] هل يُفهَم منها تحريم التعامل مع الكفار في الأمور الدنيوية كالبيع والشراء وغيره؟
الجواب

في هذه الآية التنصيص على أن المشركين نجس، وجمهور أهل العلم على أن المراد بالنجاسة هنا النجاسة المعنوية، نجاسة الشِرك، وليست نجاسة حسيَّة بحيث لو باشر بيده يدَ مشركٍ لا يلزمه غسلها ولو كانت رطبة، لكن ما هو عليه من المعتقد نجس، ولذا يقول الحافظ ابن كثير: (أمر الله تعالى عباده المؤمنين الطاهرين دينًا وذاتًا بنفي المشركين الذين هم نجسٌ دينًا عن المسجد الحرام وألَّا يقربوه) إلى آخره.

وشذَّ مَن شذَّ من أهل العلم فقال: إن النجاسة حسيَّة كما لو مسَّ أو باشر شيئًا نجسًا حسيًّا مما عُرفَتْ نجاسته من بولٍ ونحوه أو ميتة أو ما أشبه ذلك، لكن عامة أهل العلم وجمهورهم على أن النجاسة المراد بها المعنوية، وهي نجاسة الشرك.

وأما أثر ذلك على التعامل معهم في الأمور الدنيوية كالبيع والشراء وغيره -كما جاء في السؤال- فلا أثر له في ذلك، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- تعامل مع اليهود، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي -عليه الصلاة والسلام- [البخاري: 2916]، فلا مانع من التعامل معهم، وإنما المحظور موالاتهم ومودتهم ومحبتهم ونصرهم على المسلمين، ومحبة انتصارهم على المسلمين، كل هذا من عظائم الأمور، أما البيع والشراء لا سيما مع المعاهَد أو الذمي أو مَن له حق البقاء بين المسلمين هذا لا بأس به، وقد جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي. والله -جل وعلا- يقول: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]، فالتعامل معهم لا شيء فيه، والله أعلم.