المرأة التي عَقد عليها الوالد وطلقها قبل الدخول، تَحرم على الولد تحريمًا مؤبَّدًا، يقول الله -جل وعلا-: {وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: 22]، يعني أعظم من الزنا؛ لأن الزنا لم يأت فيه ذكر (المقت)، وهو أشد البغض، وعلى كل حال إذا عقد عليها فإنها تحرم على ولده تحريمًا مؤبَّدًا، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقرِّر أن النكاح المنهي عنه يشمل العقدَ وحده، والوطءَ وحده، ومن باب أولى إذا اجتمعا يشمل هذا وهذا، فبمجرد العقد تحرم عليه، وأما النكاح المأمور به فإنه قد يتَّجه إلى العقد، وقد يتجه إلى الوطء، وقد يكون بهما معًا، وبخلاف المنهي عنه فإنه كل واحد على حدة يدخل في النهي؛ لأن العلماء يختلفون في الأصل في النكاح هل هو العقد أو الوطء.
فإذا عقد الوالد على امرأة فإن الابن مَحرم لهذه المرأة التي عقد عليها والده، وكذلك إذا طلقها الوالد فإن هذه المحرمية تظل للابن لزوجة أبيه المطلَّقة؛ لأنها تحرم عليه على التأبيد، ومعنى هذا أنه مَحرم لها مؤبَّدًا، ولو كان وجوده وولادته بعد الطلاق، فيصح أنها زوجة أبيه، وقد نكحها أبوه، سواء كان بعقدٍ أو بعقدٍ ودخول، والله أعلم.