كثرة بكاء الأخت بعد موت أختها، واحتفاظها بصورتها

السؤال
أختي ماتت –رحمها الله- ولم يكن عندي أختٌ غيرها، ومكثتُ بعد موتها عدة أيام لا أقدر على التحكم في مشاعري، والدموع تنزل من عينيَّ بالرغم عني، وأنا –يا شيخ- لا أُريد أن أُعذِّبها، فهل إذا نزلت الدموع رغمًا عني أكون معذِّبةً لها؟ لقد أتعبني هذا الأمر، فأرجو منكم إفتائي في هذا، وأنا مع ذلك دائمًا أدعو لها، وأحمد ربي وأشكره، وراضيةٌ بقضاء الله وقدره.
وسؤالٌ آخر: هل يجوز الاحتفاظ بصورةٍ لها أم لا؟
الجواب

جاء عن النبي –عليه الصلاة والسلام- من حديث أسامة بن زيد –رضي الله عنهما- قال: أرسلت ابنةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه: إن ابنًا لي قُبض، فأتنا، فأرسل يُقرئ السلام، ويقول: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلٌّ عنده بأجل مسمى، فلتصبر، ولتحتسب»، فأرسلتْ إليه تُقسم عليه ليأتينَّها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت ورجال، فرُفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبي ونفسه تتقعقع -قال: حسبتُه أنه قال: كأنها شَنٌّ- ففاضتْ عيناه، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» [البخاري: 1284]، فمجرد حزن القلب ودمع العين لا يضر ولا يُعذَّب عليه.

وجاء في الحديث الصحيح «إن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه» [البخاري: 1304]، والسائلة تقول: (وأنا لا أريد أن أُعذِّبها)، يعني تخشى مما جاء في الحديث «إن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه»، فالبكاء إذا كان مجرد بكاء بنزول الدمع، وبدون رفع صوت، وبدون نياحة وتعداد للمحاسن فإنه حَدَث منه –عليه الصلاة والسلام- وهو أكمل الخلق –عليه الصلاة والسلام-، فحزن القلب ودمع العين لا يضر، إذ حصل منه –عليه الصلاة والسلام- وهو القدوة، ولكن إذا زاد على ذلك فرُفِع الصوتُ ومعه الحزن الشديد والبكاء، فإن هذا لا شك أنه حرام، والميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه، أما مجرد دمع العين وحزن القلب فلا إثم فيه.

وأما الاحتفاظ بصورة الميت للذكرى فهذا لا يجوز، أولًا: لأن تصوير ذوات الأرواح حرام، وثانيًا: لأن الاحتفاظ بالصورة يُجدِّد الحزن ويُثير ما في القلب من حزن، وكل هذا لا يجوز، والله أعلم.