الفرق بين التظلُّم من شخصٍ أو التحذير منه، وبين الغيبة والنميمة

السؤال
ما الفرق بين أني أتحدث عن شخصٍ آذاني ويعمل معي أشياء سيِّئة على سبيل إيجاد حلٍّ للمشكلة، أو أعظ شخصًا آخر أو أُحذره من أن يقع في شراك هذا الشخص، ما الفرق بين هذا وبين الغيبة والنميمة؟ وهل إذا كنتُ أشكو حالي لأحدٍ من شخصٍ آذاني يُعتبر ذلك غيبة؟
الجواب

في الحديث الصحيح أن هندًا امرأة أبي سفيان –رضي الله عنهما- جاءت إلى النبي –صلى الله عليه وسلم– فقالت له: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يَكفيني وولدي...فقال: «خذي ما يكفيكِ وولدكِ، بالمعروف» [البخاري: 5364].

 فالغيبة هي ذكر أخاك بما يكره، وقد يكون هذا داخلًا في هذا الضابط النبوي، لكن العلماء نصوا على أن الغيبة تُباح لغرضٍ شرعي، قال النووي: (وذلك لستة أسباب:

أحدها: التظلُّم -كما جاء في السؤال-، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمٍ...

الثاني: الاستغاثة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب...

الثالث: الاستفتاء -كما جاء في حديث امرأة أبي سفيان- بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان، -أو تقول الزوجة: بخسني زوجي، أو ظلمني زوجي، وهكذا-...

الرابع: تحذير المسلمين من الشر، وذلك من وجوهٍ: منها جرح المجروحين من الرواة، والشهود، والمصنفين، وذلك جائزٌ بالإجماع، بل واجبٌ صونًا للشريعة -قالوا: هذا ليس من الغيبة، وإنما هو من النصيحة الواجبة-. ومنها: الإخبار بعيبه عند المشاورة في مواصلته. ومنها: إذا رأيت من يشتري شيئًا معيبًا أو عبدًا سارقًا أو زانيًا أو شاربًا أو نحو ذلك تَذكُره للمشتري إذا لم يعلمه نصيحةً، لا بقصد الإيذاء والإفساد -يعني أنت تعلم أن هذا التمر معيب، وأن الذي عرضه للبيع غشَّ فيه، وجعل فوقه طبقةً طيبةً من أغلى الأنواع، وجعل تحته فاسدًا، فتقول للمشتري: تأكد من صلاحيته، أَدخِل يدك في داخله، وهذا ليس من الغيبة لصاحب التمر، فحينما تقول: إن فيه غشًّا، هذا من باب النصيحة-...

الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته -كمن يشرب الخمر، ويفعل أشياء مُحرَّمة ويُجاهر بها، فهذا هَتَك ستر الله عليه، فالناس يعرفون عنه هذا-...

السادس: التعريف، فإذا كان معروفًا بلقبٍ -لا يَتميَّز إلا به- كالأعمش والأعرج...ونحو ذلك، يجوز التعريف به، ويحرُم ذِكره به تنقُّصًا)، فعبد الرحمن بن هرمز الأعرج يُحدَّث عنه، قال: حدَّثنا الأعرج، وفلانًا الأعمى، والأعمش سليمان بن مهران مشهور في كتب السُّنَّة بهذا، فلا يُقال: إنه يُراد عيبه ولا تنقُّصه، وإنما يُراد التعريف به، فحينئذٍ يجوز.

ويقول الشاعر:  

الذمُّ ليس بِغيبـةٍ في سِتَّةٍ
 

 

مُتظلِّمٍ ومُعـرِّفٍ ومُحـذِّرِ
 

ولِمُظهِرٍ فِسقًا ومُستَفتٍ ومَن
 

 

طلبَ الإعانةَ في إزالةِ مُنكرِ
 

أما إذا لم يكن هناك مصلحة راجحة في ذِكره بما يكره فإنه حينئذٍ يكون من الغيبة المحرمة، والله أعلم.