تأليف النووي مؤلفاتٍ كثيرة في عُمرٍ قصير

السؤال
فضيلة الشيخ كيف استطاع النووي أن يؤلِّف مؤلفاتٍ كثيرةً مع أنه تُوفِّي في سنٍّ مبكرة، أم أن المؤرخين أخطؤوا في تاريخ وفاته؟
الجواب

النووي يحيى بن شرف النووي الشافعي رجلٌ صالح، ويظهر من مؤلفاته ومن عباراته الإخلاص والجد، على ما عُرِف عنه من خللٍ في الاعتقاد، فهو على طريقة الأشاعرة، لكن مع ذلك هو ليس بمُنظِّرٍ ولا داعية، وإنما هو مُقلِّد في هذا الباب مع ما عنده من علم وعمل ونُصح، ومؤلفاته تشهد بما ذكرنا من صدق وإخلاص، وكَتب الله لها القبول، ففي مؤلفاته ما يُقرأ في مساجد المسلمين ويُترحَّم عليه بسببها كـ(رياض الصالحين)، وله كتاب (الأذكار) الذي نص النووي نفسه على أنه لا يستغني متدينٌ عن مثله، وهذا هو الواقع، فلا يستغني أحد عن مثل (الأذكار) للنووي -رحمه الله-.

وكتاب (المجموع) كتابٌ من أنفع كتب الفقه الإسلامي، وهو مع كونه كتاب فقه وتفريعات وتخريجات هو كتاب حديثٍ وعلل، يستدل بالأحاديث ويُخرِّجها ويُعلِّلها، فهو من أنفع الكتب.

وإذا نظرنا إلى عمر النووي الذي عاشه نجد هذا العمر فيه نوع بركة، حيث أنتج فيه هذا النتاج العظيم النافع في هذه المدة التي هي في حساب عموم الناس ليست طويلة، ولذا ليست الأعمار مما تُقاس بالأيام، فالأعمار لا تُقاس بالأيام وإنما تُقاس بالنتاج، فمَن كان إنتاجه أكثر من الخير كان عمره أطول، كما قيل:

عُمرُ الفتى ذكرُهُ لا طولُ مُدَّتِهِ 
 

 

وَمَوْتُهُ خِزْيُهُ لا يَوْمُهُ الدَّاني
 

 

فكثيرٌ من الناس يعيش مدة يسيرة، ولعلماء المسلمين أمثلة من هذا النوع، يعيش أحدهم مدة يسيرة ويُفيد منه الناس فائدةً عظيمة، والأمثلة على هذا كثيرة، وكثيرٌ من الناس يعيش المائة سنة، ثم يموت فلا يلبث أن ينقطع ذكره ولا يُفيد منه أحد، والله المستعان.