جعل نهار رمضان للراحة، وليله للصلاة والتعبد وقراءة القرآن

السؤال
ما حكم وضع نهار رمضان للراحة، حيث إننا عندما نصوم نرتاح في نهار رمضان؛ لأجل عناء الصيام وشدة الحرارة، وفي المقابل نجعل ليله للصلاة والتعبد وقراءة القرآن؟
الجواب

شهر رمضان من أفضل الأيام والليالي ومن أنفس الأوقات، فلا يسوغ للمسلم أن يضيِّع هذه الأوقات النفيسة في النوم، وأن يضيِّع عمره سبهللًا لا يستفيد منه، بل عليه أن يستغل أنفاسه في حياته الدنيا بما يقرِّبه إلى الله -جل وعلا-، وبما يكون سببًا في نجاته من النار ودخول الجنة ورفع درجاته فيها؛ ليحصل على النعيم المقيم الأبدي.

فهذا الذي يضيِّع العمر بالنوم كم ضاع عليه من أوقات بإمكانه أن يصرفها فيما يقربه إلى الله -جل وعلا-؟ لكن إذا صام النهار والنهار طويل والحر شديد، واحتاج إلى الراحة يرتاح، والنوم مباح، وعليه أن يستغل الوقت حتى يتعب ويعجز عن المواصلة أو يشق عليه المواصلة، ولكن يجب عليه أداء ما أوجب الله عليه، فلا ينام في أوقات الصلوات، بل عليه أن يستيقظ في أوقات الصلوات ويصلي في المسجد مع جماعة المسلمين، ثم إن احتاج إلى الراحة ارتاح، ولا يُرخي لنفسه العنان، ويأتي بالاحتمالات التي لا أساس لها، ويقول: (لو واصلتُ ما استطعتُ أن أفعل كذا، أو ما استطعتُ أن أفعل كذا فيما بعد)، لا، ما دام يستطيع الجلوس ويستطيع العبادة في النهار فيبذل ما يستطيع، وإذا عجز ارتاح بنية الاستعداد لما أمامه من بقية النهار أو الليل، وعليه أن يستغل ليالي رمضان أيضًا بما يقربه إلى الله -جل وعلا-، بالصلوات المفروضة، والتراويح، ومدارسة القرآن، ومذاكرة العلم، والاشتغال بما ينفعه ويقربه إلى الله -جل وعلا-.

وعلى المسلم الصائم أن يتفرَّغ لكتاب الله -جل وعلا- في الليل والنهار، وتكون قراءته في النهار كما كان عليه بعض السلف قراءة لتحصيل أجر الحروف، فيُكثر من قراءة القرآن في النهار؛ ليحصل بكل حرف على أجر عشر حسنات، والليل يكون للمدارسة والمذاكرة والتدبر لكتاب الله -جل وعلا- والتفهُّم لمعانيه، وإن كان معه آخر تكون معه مذاكرة ومدارسة؛ لأن المدارسة تكون بين طرفين كما تقتضيه صيغة المفاعلة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان جبريل يدارسه القرآن في ليالي رمضان، في كل سنة يختم معه القرآن مرة، وفي السنة التي مات فيها -عليه الصلاة والسلام- كانت المدارسة مرتين، فليحرص المسلم على اقتفاء هذا الأثر، والائتساء بالقدوة محمدٍ -عليه الصلاة والسلام-، وإذا كان هناك أمور مباحة يمكن تأجيلها إلى ما بعد رمضان فليفعل، وليغتنم الفرصة، وعليه أن يصل رحمه في هذا الوقت، وعليه أن يبذل النصح والتوجيه لمن تحت يده من النساء والذراري، ومن جيران ونحوهم، فلا يحرم نفسه الأجر، فهذا الوقت الفاضل على المسلم أن يغتنمه بما يقربه إلى الله -جل وعلا-، والله أعلم.