تصديق النبي -صلى الله عليه وسلم- لليهود حين سألهم عن عاشوراء

السؤال
في قصة صيام يوم عاشوراء ذُكِر أن النبي –صلى الله عليه وسلم- سأل اليهود عن صيامهم، ثم صدَّقهم لما أخبروه، وسؤالي: كيف يُصدِّقهم في أمرٍ من الدين وقد جاء في شرعنا أن اليهود قومٌ بُهتٌ كذابون؟
الجواب

الرسول –عليه الصلاة والسلام- مؤيدٌ بالوحي، لا يُمكن أن يُصدِّق كاذبًا، فلا يمكن أن يُصدِّق اليهود مع علمه بأنهم على خلاف الصدق في الغالب، ولكن الكذوب قد يصدق، وقد قال –عليه الصلاة والسلام- عن الشيطان: «صدقك وهو كذوب» [البخاري: 2311]، فالنبي –عليه الصلاة والسلام، كما قال بعض أهل العلم- نزل عليه الوحي بصدقهم في هذه المسألة.

وهناك أمور مما توارثه أهل الكتاب مستفيضة ومعروفة ومتواترة عندهم، فمثل هذه الأمور يَصْدُقون فيها، وهي مطابقةٌ للواقع، والنبي –عليه الصلاة والسلام- لما قدِم المدينة وجدهم يصومون، فسألهم، فقال: «نحن أحق بموسى منكم» [البخاري: 2004 / ومسلم: 1130]، وهذا لا شك أنه بتأييد الوحي، وإلَّا معروف منزلة اليهود، والنبي –عليه الصلاة والسلام- لما سأل عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عنهم، قال: "إن اليهود قومٌ بُهت" [البخاري: 3329]، هذا واقعهم، ولكن لما أُيِّد بالوحي اعتمد ما جاءه في الوحي مما يوافق كلام اليهود.

ويستشكل بعضهم أن النبي –عليه الصلاة والسلام- لما قدِم المدينة وجدهم يصومون فصامه، وقال: «نحن أحق بموسى منكم» وأمر بصيامه، ثم قال في آخر عمره: «لئن بقيتُ إلى قابل لأصومنَّ التاسع» يعني: مع العاشر [مسلم: 1134]، هذه المدة الطويلة من هجرته إلى آخر حياته ما عُرِف أنه صام مع عاشوراء يومًا قبله أو يومًا بعده، وإنما قال ذلك بعد مدة طويلة، والسبب في ذلك أنه وافقهم وكان يُحب موافقة اليهود؛ رجاء أن يُسلموا، فلما أيس من إسلامهم في آخر عمره أمر بمخالفتهم في مسائل كثيرة ومنها هذه «لئن بقيتُ إلى قابل لأصومنَّ التاسع»؛ مخالفةً لليهود، وفي فَرْق الشَّعر، وفي غيرهما أمر بمخالفتهم، والنصوص في ذلك كثيرةٌ جدًّا، والله أعلم.