درجة حديث: «أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة...»

السؤال
هل صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- حديث أن هذه الأمة مرحومة؛ لأن عذابها في الدنيا وليس في الآخرة، وذلك بالمصائب والزلازل والقتل والفتن؟
الجواب

في (سُنن أبي داود) قال –رحمه الله-: حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا كثير بن هشام، حدَّثنا المسعودي، عن سعيد بن أبي بُردة، عن أبيه، عن أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل» [4278].

وفي (مسند الإمام أحمد)، قال: حدَّثنا يزيد، أخبرنا المسعودي، وهاشمٌ –يعني: ابن القاسم-، حدَّثنا المسعودي، عن سعيد بن أبي بُردة، عن أبيه، عن جدِّه أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن أمتي أمة مرحومة، ليس عليها في الآخرة عذاب، إنما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلازل»، قال أبو النضر: «بالزلازل والقتل والفتن» [19678] إلى غير ذلك، والحديث مخرَّجٌ في (المستدرك) [7649]، وصحَّحه الحاكم، فقال: (صحيح الإسناد ولم يُخرِّجاه) ، والذهبي في (تلخيص المستدرك) قال أيضًا: (صحيح).

وعلى كل حال الحديث مختلفٌ فيه، فالبخاري في (التاريخ الكبير) [60]، والطبراني في (المعجم الصغير) [5]، والقاضي الخولاني في (تاريخ داريا) [ص82]، وأبو بكر الكلاباذي في (مفتاح المعاني) [264/265]، والواحدي في (الوسيط) [165]، أخرجوه من طُرق عن أبي بُردة به. قالوا: وفي إسناده المسعودي، وقد اختلط، ولكن الحديث مُصحَّح على كل حال.

قد يقول قائل: إن المعنى فيه ما فيه، وفيه نوع نكارة، والحصر بأن عذابها في الدنيا وليس في الآخرة مقتضاه أنه لا يُعذَّب أحدٌ من هذه الأمة في الآخرة، وقد جاءت أحاديث كثيرة مستفيضة في ثبوت العذاب على من ارتكب بعض المعاصي من هذه الأمة، ومنهم من يُعذَّب في قبره، ومنهم من يُعذَّب بعد ذلك، والزناة يُعذَّبون، والمرابون يُعذَّبون، وأهل المعاصي جاءت النصوص بعذابهم في الآخرة.

وعلى كل حال إن صحَّ هذا الخبر -وقد صُحِّح- فالمراد الغالب، ومدح هذه الأمة وبَث الرجاء فيها من قِبله –عليه الصلاة والسلام-، وإلا فمن ارتكب كبيرة من هذه الأمة فهو تحت المشيئة {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، مفهومه أن مَن لم يشأ مغفرته فإنه يُعذِّبه، والله أعلم.