معنى قول الله تعالى: {ولا تَمنُن تستكثر}

السؤال
ما معنى قول الله –عزَّ وجلَّ-: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}؟
الجواب

في كتب التفسير ومن أَجلِّها (تفسير الطبري) يقول أبو جعفر بن جرير: (قوله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولا تُعطِ يا محمد عطيةً؛ لتُعطى أكثر منها)، وهذا توجيه لغيره -صلى الله عليه وسلم- وإن لم يكن هو المقصود بالذات، فقد يُخاطب الرسول –عليه الصلاة والسلام- بالشيء والمقصود أمته، والمعنى: أن يكون الإعطاء والمنع لله –جلَّ وعلا-، ومن أعطى شيئًا ليطلب بدله فليكن في حدود ما أعطى أو دونه؛ ليكون له الفضل، بخلاف من أعطى رجاء ثواب أكثر منه.

قال ابن جرير: (وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تَمنُن عمَلك على ربِّك تستكثر)، بعض الناس إذا عمِل عملًا سواء كان في العبادات أو في الأموال والنفقات قال: أنا فعلتُ، أنا فعلتُ، أنا فعلتُ، أنا صليتُ كذا ركعة، أنا صُمتُ كذا يوم، وأنا أفعل، يَمنُن على ربِّه، ويستكثر به عند الناس؛ ليراه الناس من العُبَّاد، ومن العاملين، ومن الباذلين للأموال، فهذا لا يجوز بحال، وهو الذي يُتبِع ما يُعطيه بالمنِّ والأذى كما جاء ذلك في سورة البقرة.

قال: (وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تَضْعُف أن تستكثر من الخير)، {لا تَمْنُنْ} يعني: لا تَضْعُف، أي: لا تَضْعُف أن تستكثر من الخير، بل اعمل المزيد من الخير، وإذا فعلتَ الحسنة فأتبعها بالحسنة، ولا تَضْعُف وتقول: أنا والله صليتُ اليوم كذا ركعة فيكفي هذا، بل زِد، قالوا: إذًا نُكثر، قال: «الله أكثر» [الترمذي: 3573]. وقيل لشخصٍ جالس والناس يُصلون على جنازة: قُم صلِّ مع الناس، الصلاة على الميت أجرها قيراط، والقيراط مثل الجبل العظيم، قال: (قد صليتُ أمس على الميت)! لا شك أن مثل هذا محروم -نسأل الله العافية-، فعلى الإنسان أن يستكثر من الخير، والله المستعان.