قطع الشجر في المدينة النبوية

السؤال
هل يجوز قطع الشجر في المدينة النبوية؟
الجواب

جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن إبراهيم حرَّم مكة ودعا لأهلها، وإني حرَّمتُ المدينة كما حرَّم إبراهيم مكة» [البخاري: 2129 / ومسلم: 1360]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «حرَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بين لابتي المدينة»، وهو أيضًا في الصحيحين [البخاري: 1873 / ومسلم: 1372]، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم إن إبراهيم حرَّم مكة فجعلها حرمًا، وإني حرَّمتُ المدينة حرامًا ما بين مأزميها، أن لا يُهراق فيها دم، ولا يُحمل فيها سلاح لقتال، ولا تُخبط فيها شجرة إلا لعلف» رواه مسلم [1374]، وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني أُحرِّم ما بين لابتي المدينة أن يُقطع عضاهها، أو يُقتل صيدها» رواه مسلم [1363]، وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن إبراهيم حرَّم مكة، وإني حرَّمتُ المدينة ما بين لابتيها، لا يُقطع عضاهها، ولا يُصاد صيدها» رواه مسلم [1362].

على كل حال التحريم ثابت، وإن اختلف الحكم بين شجر المدينة وشجر مكة، فشجر مكة فيه الفداء، وشجر المدينة يُختلف فيه. يقول صاحب (المغني): (فصل: ويحرم صيد المدينة وشجرها وحشيشها، وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يحرم؛ لأنه لو كان محرمًا لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- بيانًا عامًّا، ولوجب فيه الجزاء كصيد الحرم)، ولكن الأدلة الصحيحة التي يستدل بها جمهور أهل العلم على تحريم ذلك صريحة: «المدينة حرم ما بين عَيْر إلى ثور» [البخاري: 6755]، ورواه جمع من الصحابة -رضي الله عنهم- كما ذكرنا بعضهم. وفي (مجموع الفتاوى) لشيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك حرم مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... فهذا الحرم أيضًا لا يُصاد صيده، ولا يُقطع شجره إلا لحاجة كآلة الركوب والحرث، ويُؤخذ من حشيشه ما يُحتاج إليه للعلف، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخَّص لأهل المدينة في هذا؛ لحاجتهم إلى ذلك، إذ ليس حولهم ما يستغنون به عنه، بخلاف الحرم المكي)، والله أعلم.