عدم دقَّة شروح الأحاديث في نسبة المذاهب إلى أصحابها

السؤال
يقول بعض أهل العلم: (إن كتب شروح الأحاديث ليست بدقيقة في نسبة المذاهب إلى أصحابها)، فكيف نستطيع تفادي هذا -وفَّقكم الله-؟
الجواب

كونها غير دقيقة يأتي من جهةِ أن المذاهب فيها روايات وأقوال، وشارح الكتاب من كتب السنة إذا لم يكن من أهل المذهب فإنه يخفى عليه المُعتمَد من هذه الروايات في ذلك المذهب، فينقلون عن الإمام أقوالًا هي رواية في المذهب، لكن ليست هي المذهب، مثلما ينقل ابن حجر، أو العيني، أو الكرماني، أو غيرهم، عن الإمام أحمد -رحمهم الله جميعًا- أقوالًا ليست هي المذهب؛ لأنه ليس عند أحدهم علم كافٍ بالمذهب عند الحنابلة، فهو يعرف مذهبه، فابن حجر عمدة فيما ينقله عن الشافعية، والعيني عمدة فيما ينقله عن الحنفية، وابن رجب عمدة فيما ينقله عن الحنابلة، لكن يبقى أن علم الإنسان بمذهبه ليس كعلمه بمذهب غيره، ولا يقال: إن هذه الرواية لا توجد أصلًا، بل توجد.

وتُتفادى هذه السلبية بالرجوع إلى كتب المذاهب نفسها، فإذا نُسِب إلى الإمام أحمد فتأكَّد من كتب الحنابلة، وإذا نُسب إلى الشافعي فتأكَّد من كتب الشافعية، وإذا نُسب إلى أبي حنيفة فتأكَّد من كتب الحنفية، وهكذا، لكن إذا نَقَل العيني عن الحنفية فلا حاجة لأن تتأكَّد، وإذا نَقَل ابن عبد البر عن المالكية فلا حاجة لأن تتأكَّد، وكذا إذا نَقَل ابن رجب عن الحنابلة، وهكذا؛ لأنهم على معرفة بمذاهبهم، ولذا لا تُؤخَذ الأقوال من الشروح، ولا من التفاسير، إلَّا مذاهب هؤلاء الشراح، وهؤلاء المفسرين، فتُؤخذ منهم، فيمكن أن يُعتمَد على (عمدة القاري) في فقه الحنفية؛ لأن العيني من فقهاء الحنفية، فلا يُظنُّ به أنه يُخطئ، فما يذكره في (عمدة القاري) هو الذي يذكره في (البناية شرح الهداية)، فالمُؤلِّف واحد، وقل مثل هذا في ابن حجر، أو النووي، أو غيرهما -رحم الله الجميع-.