شرح منسك الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (06)

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى-: فصل ثم بعد الصلاة" يعني صلاة ركعتين بعد الطواف، والأفضل أن تكون خلف المقام، فإن لم يتيسر فبأي مكان من الحرم، أو خارج الحرم كما تقدم، "ثم بعد الصلاة يعود فيستلم الحجر، "والاستلام هو المسح "ويخرج إلى الصفا من بابه" يعني من باب الصفا فيرقاه، الصفا جبل، السنة أن يرقى الجبل حتى يرى البيت، مع أن رؤية البيت الآن قد تكون متعذرة؛ بسبب كثرة الفواصل والأعمدة "فيستقبله" يستقبل البيت، و"يكبر ثلاثًا، يكبر ثلاثًا" في حديث جابر بصفة حج النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه يكبر ثلاثًا ويهلل ويدعو يفعل ذلك ثلاثًا، وهنا يقول: "يكبر ثلاثًا ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا  يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير". وهذا التهليل الذي أشير إليه بحديث جابر، لكن ليس فيه "وهو حي لا يموت" كما كان كما ثبت عن حديث ابن عمر في مسائل أبي داوود وابن أبي شيبة وأبي نعيم والبيهقي، ليس فيه "حي لا يموت"، "وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ويقول: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون".

ودرس اليوم يبدو أن جميعه أذكار وأدعية، والأحكام فيه يسيرة.

"ولو كره الكافرون، اللهم ألهمني رشدي، واعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك. اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ورسلك وأنبياءك وعبادك الصالحين. اللهم يسرني لليسرى، وجنبني العسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين، واجعلني من ورثة جنة النعيم، واغفر لي خطيئتي يوم الدين. اللهم إنك قلت وقولك الحق: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر:60]، وإنك لا تخلف الميعاد. اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعه مني، ولا تنزعني منه حتى توفاني على الإسلام. اللهم لا تقدمني للعذاب، ولا تؤخرني لسوء الفتن".

هذا من دعاء ابن عمر رواه أبو داود في مسائله وابن أبي شيبة وأبو نعيم والبيهقي، لكن الكلام الثابت عنه – عليه الصلاة والسلام- في حديث جبريل في حديث جابر "يكبر ويهلل ويدعو يفعل ذلك ثلاثًا"، وقبل ذلك إذا رقي الصفا قال: أبدأ بما بدأ الله به ويتلو الآية: {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة:158]

يقول: "ثم يمشي حتى يرقى المروة ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل من المروة فيمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، يفعل ذلك سبعًا ذهابه سعية ورجوعه سعية" يعني من الصفا إلى المروة هذا يعبر عنه بشوط، بعضهم يكره هذه الكلمة، لكن هي سعية على كل حال، يعني مرة واحدة من السعي، "ورجوعه من المروة إلى الصفا سعية، لا أن الذهاب والرجوع سعية واحدة" كما فهمه ابن حزم، وأهل العلم خطّؤوه في هذا؛ لفعل النبي– عليه الصلاة والسلام- النبي –عليه الصلاة والسلام- سعى سبعًا بهذه الصفة، "يفتتح بالصفا ويختتم بالمروة، فإن بدأ بالمروة سقط الشوط" صار لاغيًا؛ لأنه بدأ بالمروة إلى الصفا، هذا لاغٍ؛ لأن البداءة كما قال النبي –عليه الصلاة والسلام-: «أبدأ بما بدأ الله به {إنَّ الصَّفَا}» الله- جل وعلا- بدأ بالصفا، وبدأ النبي –عليه الصلاة والسلام- في سعيه بالصفا، فإن بدأ بالمروة صار ما قبل الصفا لاغيًا.

"ويكثر من الدعاء في سعيه، ومنه: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم" وهذا أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي موقوفًا عن ابن مسعود، وضعّفه ابن حجر مرفوعًا.

"قال ابن كثير في تفسيره: في تفسير قوله تعالى: {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية، فالساعي بينهما ينبغي أن يستحضر ذله وفقره وحاجته إلى الله- عز وجل- في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه، وأن يلتجئ إلى الله- عز وجل-؛ ليزيح عنه ما به من النقائص والعيوب، وأن يهديه إلى صراطه مستقيم، وأن يثبته عليه إلى مماته، وأن يحوله من حاله التي هو عليها من الذنوب والمعاصي إلى حال الكمال والغفران والسداد والاستقامة" انتهى كلامه رحمه الله تعالى، يعني كلام ابن كثير في تفسير الآية.

"ويشترط" يعني للسعي "نية" "يشترط له نية" لو سعى سبعًا على الصفة المذكورة وهو لا يريد بذلك السعي يريد شخصًا يبحث عنه في المسعى، سعيه صحيح أم غير صحيح؟ غير صحيح؛ لأن السعي يشترط له نية وموالاة، يعني ما يسعى شوطًا واحدًا ثم يذهب لينام أو يطلع يفطر إلا إذا احتاج للراحة إذا تعب، واضطر للجلوس يجلس.

طالب: ........

ما تقطع الموالاة يصلي بين الأشواط، يصلي كما أنه يصلي في الطواف.

"ويشترط له نية وموالاة وكونه بعد طواف نسك" لا يُبتدأ بالسعي، وإنما يَبتدئ بالطواف ثم السعي، "وكونه بعد طواف نسك"، في حديث أسامة بن شريك «سئل النبي– عليه الصلاة والسلام- قال: سعيت قبل أن أطوف قال: افعل ولا حرج» هل تقدمه طواف؟ هل تقدم طواف على السعي؟ ما تقدم طواف، ولذا حكم العلماء على حديث أسامة بن شريك أنه شاذ، وابن عبد البر أظن أنه ابن عبد البر، نعم الخطابي وجه حديث أسامة بن شريك؛ لأن من أهل العلم من صححه، وجهه بأنه سعى للحج قبل أن يطوف للحج، يعني سعى قبل طواف القدوم للحج قبل أن يطوف للحج فصح أنه سعى قبل أن يطوف، وهذا من أجل تصحيح الحديث باعتبار من صححه من أهل العلم مخرج.

"وتسن فيه الطهارة من الحدث والنجس" تسن، يعني لو طاف محدثًا أو على بدنه نجاسة.. لو سعى فسعيه صحيح، لكن السنة أن يسعى على أكمل حال كما فعل النبي –عليه الصلاة والسلام-.

"من الحدث والنجس والسترة" تسن السترة يعني لو انكشف شيء من عورته أثناء سعيه ما.. سعيه صحيح، ولكن الكمال في تمام السترة أولى.

"وتسن الموالاة بينه وبين الطواف" تسن الموالاة ما قال: تشترط، يشترط إن تقدمه طواف، لكن لا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي، يعني طاف ثم ارتاح أو احتاج إلى أكل أو شيء وذهب ليأكل ثم رجع يسعى ما فيه إشكال؛ لأن الموالاة سنة.

"ثم إن كان متمتعًا لا هدي معه قصّر من شعره"؛ لأن الطواف الذي سبق والسعي إنما هما للعمرة، للعمرة بالنسبة للمتمتع.

"ثم إن كان متمتعًا" وما فعله للطواف والعمرة، "لا هدي معه" لكن لو كان متمتعًا ومعه هدي؟ ماذا؟

طالب: .............

يصير قارنًا كما فعل النبي –عليه الصلاة والسلام- ولا يحل حينئذٍ، ولا يأخذ من شعره، "وإن كان متمتعًا لا هدي معه قصر من شعره ولا يحلقه" لماذا؟ ليوفره للحج، "ويحل"؛ لأنه حينئذٍ تمت عمرته، "ويحل الحل كله" بمعنى أنه لو كانت معه زوجته لجاز له أن يعاشرها، هو حل حلال، طاف وسعى وحل من عمرته، وجلس ينتظر الحج، لكن له أن يرجع إلى أهله؟ لو طرأ عليه طارئ؟

 كيف؟

طالب: ........

الآن حل الحل كله.

طالب: يرجع

له أن يرجع؟

طالب: ...........

يرجع إلى أهله ولا يحج خلاص يقول: هونت ما أنا بحاج، له أو ما له؟

 ماذا؟

طالب: ...........

تصبح عمرة مفردة فقط، شيخ الإسلام يقول: ليس له أن يرجع، لابد أن يحج لماذا قال شيخ الإسلام؟

طالب:............

ماذا؟

طالب:............

المسألة المتحايلة هذا شيء ثانٍ، لكن شخص طرأ عليه ظرف وقال: ما أنا بحاج، اعتمرت وحليت الحل كله، ومعي زوجتي وعاشرتها، ماذا بعد؟ وهو متطوع..

طالب: ...........

متمتع وحل من عمرته وقال: أرجع لأهلي، شاف الزحام شديدًا وشاف الجو ليس مناسبًا، وخوفه الناس من مرض أو شيء وقال: توكلت على الله، أنا حاج عشر مرات يكفي؟

طالب: ...........

ماذا؟

 أليس محصرًا ما عنده شيء، عمل العمرة وانتهى؟

طالب: ...........

الحج ما حج بعد، ولا شرع فيه، ما فسخ شيئًا، ما تلبس بالحج حتى يفسخ، ما نوى حجًّا، ولا شيئًا، هو نوى عمرة، واعتمر وانتهى، جاء يريد الحج، لكن ما تلبس فيه، طيب جاء يريد
أن يعتمر، وقبل أن يصل الميقات قال: أرجع قبل ما يحرم، تقول له شيئًا؟ ما تقول له شيئًا، هذا ما أحرم بعد بالحج، شيخ الإسلام يمنع لماذا؟ لأنه يرى أن المتمتع يكفيه سعي واحد، ولا يسعى بالعيد يوم الطواف فقد دخل بالحج بالسعي؛ لأن فيه اشتراكًا بين الحج والعمرة، أما غيره من أهل العلم فما يرون فيه اشتراكًا، عمرة مستقلة وحج مستقل.

طالب: ...........

ولو قال: ما تلبس بعد، لبيك عمرة لكن هذا الأصل ولو قال: متمتع ينوي أن يحج إذا انتهى من العمرة وجاء اليوم الثامن بدليل أنه له أن يطأ زوجته، ماذا أعظم من هذا بالنسبة للحج؟ وقبل أن يتلبس في الحج في اليوم الثامن يوم التروية على ما سيأتي هو مثله قبل أن يحرم من الميقات للعمرة، وهو متطوع وأمير نفسه، ولا فيه ما يمنع من رجوعه، أما شيخ الإسلام الذي يمنع؛ لأنه يقول  أدى بعض الحج؛ لأن فيه اشتراكًا بين الحج والعمرة في السعي، أما غير شيخ الإسلام الذين يرون على المتمتع سعيين، ما فيه اشتراك.

طالب: ...........

 الترجيح أنه لا مانع من أن يرجح؛ لأنه ما دخل في الحج بعد، ولا ألزم نفسه بشيء، لكن إذا أحرم بالحج لزم.

"وإن كان مع المتمتع هدي لم يقصر" يعني ليس له أن يفعل ذلك {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ }[سورة البقرة:196] "وحل إذا حلل" يعني إذا وقف بعرفة ورمى الجمرة، وذبح الهدي قصر يحل بعد ذلك من حجه الحل الأول، التحلل الأول، وأما الثاني فلا يحصل إلا بالثالث وهو الطواف.

"والمتمتع والمعتمر إذا شرعا في الطواف قطعا التلبية".

قال- رحمه الله-: "فصل في صفة الحج والعمرة: يسن لمتمتع حل من عمرته وغيره من المحلين بمكة وقربها يسن لهؤلاء الإحرام بالحج يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة" يوم التروية؛ لأن الناس يتروون ويتزودون من الماء، ويخرجون إلى المشاعر، وليس بها ماء، وهذا بالسابق، وأما الآن- ولله الحمد- فتوفرت النعم في كل مكان.

"وهو ثامن ذي الحجة قبل الزوال" ليذهب بعد إحرامه إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر يقصر فيهما ولا يجمع،ويصلي المغرب والعشاء، يقصر العشاء، ثم يصلي الفجر، فإذا طلعت الشمس ذهب منها إلى عرفة على ما سيأتي.

"فيصلي بمنى الظهر والعصر مع الإمام، ويسن أن يحرم منها" أي من مكة، وبعض الناس يتساهل يذهب إلى منى وهو غير محرم، ويبيت بها وهو غير محرم، ويذهب إلى عرفة وهو غير محرم فإذا صار بعرفة وجاء وقت الدعاء أحرم، هذا كم ضيع من سنة؟ لا يقال: إن حجه غير صحيح لا، لكن فرّط في كثير من السنن.

"وتجزئ من بقية الحرم" "ويسن أن يحرم منها أي من مكة، وتجزي من بقية الحرم" يعني نية الإحرام والدخول فيه أو يجزئ الإحرام من بقية الحرم. "ويبيت بمنى ليلة التاسع، فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة، وكل عرفة موقف إلا بطن عُرَنة"، والنبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عُرَنة»، وعلى هذا الوقوف ببطن عرنة يجزئ أو ما يجزئ؟ الجمهور: لا يجزئ، النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «وارفعوا عن بطن عُرَنة» يعني لا تقفوا ببطن عرنة، وعند المالكية قول يصحح الوقوف ببطن عرنة مع الإثم، وعلى هذا تكون عرنة من عرفة، ولو لم تكن منها لما استثنيت، ما قال: ارفعوا عن منى، ارفعوا عن مزدلفة، ارفعوا عن كذا، «وارفعوا عن بطن عُرَنة»، مما يدل على أنها منها، والجمهور على أنها ليست منها، وهو الصحيح.

"ويسن أن يجمع بين الظهر والعصر تقديمًا" يعني مع القصر بعرفة، والتقديم ليطول الوقت بعد صلاة الجمع من الزوال إلى الغروب، فيطول ويتوفر الوقت للدعاء والذكر.

ويقول: "ويقف راكبا". قالوا: إن النبي –عليه الصلاة والسلام- صلى بأهل الموقف ولم يقل: أتموا ومعه من أهل مكة ممن معهم، والقول الآخر ويقول به جمع غفير من أهل العلم، ومن الأئمة يقولون: المكي الذي دون مسافة القصر لا يقصر، طيب النبي ما نبه، كما قال في المسجد الحرام: «أتموا فإنّا قوم سفر» هنا ما قال: أتموا وقال: إن البيان قد تم، البيان تم، ومعلوم أن غير المسافر ليس له أن يقصر الصلاة، فلا يلزم البيان في كل مناسبة.

طالب: .........

الآن الأدلة سمعتها، النبي –صلى الله عليه وسلم- ما قال: أتموا، وهذا شبيه بالمسألة التي أثرناها يوم أمس أو قبل أمس في قطع الخف في قطع الخف في المدينة قال: «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» بين بالقيد أنه يلزم القطع وفي الموقف وحضر الموقف من لم يحضر بالمدينة جموع غيرة  «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين» ولم يذكر قطعًا، لم يذكر القيد، فقالوا: إن القيد منسوخ؛ لأنه حضر الموقف من لم يحضر هناك، ومنهم من يقول: لا، القطع محكم وثابت، وحمل المطلق على المقيد بمثل هذه الصورة متعين؛ لأنه تم البيان تم ذكر القيد في موضع، فلا يلزم أن يذكر في كل موضع، وهذه المسألة مثلها.

"ويقف راكبًا عند الصخرات وجبل الرحمة" التسمية بجبل الرحمة هذه حادثة ليست في النصوص، لكنها موجودة في التواريخ المكية من القدم يسمى جبل الرحمة، لكن ليس فيه نص يدل على أن اسمه جبل الرحمة، ولا شك أن الرحمات تتنزل في هذا الموقف، وأما تسمية الجبل بهذا الاسم فليست من المرفوع إلى النبي –عليه الصلاة والسلام-.

"ويكثر من الدعاء والاستغفار والتضرع والخشوع وإظهار الضعف والافتقار"؛ لأن هذا أدعى إلى القبول قبول الدعاء بخلاف ما يضاد ذلك من رؤية النفس والعجب والتكبر، كل هذه من دواعي رد الدعاء.

"ويلح في الدعاء، ويكرر ثلاثًا" يكرره ثلاثًا؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- إذا دعا دعا ثلاثًا.

"ولا يستبطئ الإجابة" يكثر من الدعاء، يدعو من صلاته إلى غروب الشمس ويقول: ما استجيب لي، ما فيه فائدة إذا ما أجيب لي في هذا اليوم متى يجاب، وعلى هذا نص المؤلف وغيره "ولا يستبطئ الإجابة بل يكون قوي الرجاء" يعني محسنًا بالظن لله- جل وعلا-.

"ويستحب الإكثار من ذكر الله تعالى" وإذا لم يجب دعاؤه لا يقول: دعوت ودعوت ولم يستجب لي. قد قال الله- جل وعلا-: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر:60] فيظن في ذلك خلفًا، يرجع إلى نفسه وينظر إلى موانع قبول الدعاء عنده لابد أن يجد شيئًا منها.

و"يستحب الإكثار من ذكر الله تعالى والدعاء يوم عرفة، فإنه يوم ترجى في الإجابة" وفي الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من يومٍ أكثرَ من أن يعتق الله فيه عبيده عن النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو- عز وجل-» يعني إلى السماء الدنيا «فيباهي بهم الملائكة»، وهذا الحديث مخرج في صحيح مسلم من حديث عائشة.

"ويكره الاشتغال يوم عرفة بشيء من أمور الدنيا" على الإنسان أن يستحضر الموقف، وأنه «ما من يوم طلعت فيه الشمس خير من يوم عرفة»، وأفضل الدعاء وخير الدعاء دعاء يوم عرفة، لكن شخص ما تعود صدْق الرغبة وصدق اللجأ إلى الله- جل وعلا- في حياته كلها لن يعان في هذا الموقف، ولذلك تجد أشياء تستغربها من أناس ظاهرهم الصلاح والاستقامة، تجدهم يتسامرون ويتضاحكون، ومن يقرأ في قصة، ومن ينظر في الجوال، ويمضي الوقت على هذه الطريقة، يعني دعنا من الشباب الذي في الثانوي أو في الجامعة أو في مقتبل العمر ورأينا واحدًا معه مجلة ماجد هذي.. -نسأل الله العافية- يعني الشباب تقول:..

إن الشباب والفراغ والجدة        .

 

مفسدة للمرء أي مفسدة         .

فالشباب مظنة للطيش، لكن الذين رسخت أقدامهم في السن، وتجاوزوا الأربعين والخمسين يضيعون مثل هذه الفرصة!! الله يعفو ويسامح، وكلنا ذاك الرجل، لكن على الإنسان أن يحرص، وينفع نفسه؛ لأنها ساعات لا تتكرر، ما يدرى أنت تحج ثانية أو ما تحج.

"ويكره الاشتغال بيوم عرفة بشيء من أمور الدنيا لا سيما إذا وقف الناس للدعاء" وما أكثر ما يجتهد إبليس بفتح أبواب تشغل وتلهي عن التوجه إلى ذلك المقام العظيم، المسألة تربية للنفس وتمرين طول العمر، أما من يلهو ويغفل ويسهو وأكثر وقته فيما لا ينفع؛ فإنه يُسَلَّط عليه إبليس، ويستحضِر من المشغلات والملهيات في هذا الموقف وفي غيره من نظائره، وقد سُمع من يضحك وهو ساجد في ليالي العشر، يضحك! لمَ الضحك؟ تذكر نكتة؛ لأنه عايش على النكت هو، -نسأل الله العافية-. وبعض الناس تذكروا في هذه المواقف أيامه التي عصى فيها الله- جل وعلا-. نعم إذا تذكرها ليتوب منها فلا إشكال، لكن إذا سُلِّط عليه إبليس وذكره في هذه الأمور لا شك أنه هذا هو الحرمان بعينه.

"وما أكثر ما يجتهد إبليس بفتح أبواب تشغل وتلهي عن التوجه إلى ذلك المقام العظيم، فعلى العارف أن يقطع العلائق" أن يقطع العلائق حتى برفقته وصحبته، هي ساعات يستغلها في فيما ينفعه، "ويترك الشواغل عن الله في هذا الوقت الذي لا يمكن الذي لا يمكن استدراكه في غير هذا المكان، فلا يفرِّط في ذرة منه بغير ذكر الله تعالى ودعائه، ويستحب أن يختار المأثور من الأدعية في عرفة مثل ما روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أكثر دعاء الأنبياء قبلي دعاء عشية عرفة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير»"  هذا مخرج من حديث علي، والمحفوظ «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت والنبيون من قبلي: لا إليه إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».

 ثم قال: "اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي سمعي نورًا وفي بصري نورًا، ويسر لي أمري" ومجموعة من الأدعية سردها المؤلف منها المأثور، ومنها المرفوع والموقوف ومنها الأدعية المطلقة التي لا مانع من أن يُدعى بها كما سيأتي في كلام ابن خزيمة.

 "وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "الله أكبر الله أكبر ولله الحمد لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، هذا التكبير مشروع ومأثور، ويوم عرفة وقت له مع التلبية "كنا مع النبي –عليه الصلاة والسلام- فمنا الملبي، ومنا المكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى وقني بالتقوى واغفر لي في الآخرة والأولى، ويرد يديه" -يعني إذا دعا- برهة وقت من الزمن يرد يديه؛ ليرتاح قليلاً ويرد النفس، ثم يرفعهما "ويرد يديه ويسكت قدر ما يقرأ إنسان فاتحة الكتاب ثم يعود فيرفع يديه مثل ذلك ولم يزل يفعل ذلك حتى أفاض" أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عمر- رضي الله عنهما-، "وكان يقوله أيضًا عند الرمي، ويروى أن من دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم- بعرفة: «اللهم إنك ترى مكاني وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير المستجير، من خضعت لك رقبته، وذل لك جسده، وفاضت لك عينه، ورغم لك أنفه» هذا أخرجه الطبراني في المعجم الكبير وابن الجوزي في العلل المتناهية وقال: لا يصح.

على كل حال إذا كان الدعاء معناه صحيح، وليس فيه تعدٍّ ولا اعتداء ولا دعاء بإثم ولا قطيعة رحم يكون من الأدعية المطلقة، ولذلكم تجدون في منسك ابن باز أدعية ما جاء التنصيص عليها أنها ثبتت عن النبي –عليه الصلاة والسلام- في يوم عرفة، لكنها أدعية ثابتة في الجملة.

 قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله-: ولم يعيّن النبي –صلى الله عليه وسلم- لعرفة دعاءً ولا ذكرًا، بل يدعو الرجل بما شاء من الأدعية الشرعية المأثورة، وقد روى الترمذي أن أكثر ما دعى به النبي –صلى الله عليه وسلم- في الوقوف «اللهم لك الحمد كالذي نقول وخير مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي وإنك ربي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أسألك من خير ما تجري به الرياح وأعوذ بك من شر ما تجري به الرياح، اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد ...»

الدعاء طويل، لكن إلى قوله: "ما تجري به الرياح" رواه الترمذي في الدعوات في سننه من حديث علي- رضي الله عنه- وقال: غريب ليس إسناده بالقوي، قال غريب ليس إسناده بالقوي وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وقال: خرجته وإن لم يكن ثابتًا، مع أنه يشترط الصحة، ابن خزيمة يشترط في صحيحه الصحة، "خرجته وإن لم يكن ثابتًا من جهة النقل؛ لأنه من الأمر المباح" يعني إنسان يدعو بما شاء شريطة ألا يكون في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ولا يكون فيه اعتداء؛ لأن الدعاء المطلق مباح، ويقول "خرجته وإن لم يكن ثابتًا من جهة النقل؛ لأنه من الأمر المباح"، وإلا فالأصل ابن خزيمة يشترط الصحة.

"أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأسألك الهدى والسداد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب، اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد –صلى الله عليه وسلم-، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد –صلى الله عليه وسلم-، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، اللهم لا تجعل لي ذنبًا إلا غفرته ولا همًّا إلا فرجته ولا حاجة لك فيها رضى ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا أرحم الراحمين، اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".

يعني هذه الأدعية منها الثابت المرفوع، لكنه في غير هذا الموضع لم يكن في يوم عرفة، وإن منها فالدعاء الأخير "اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم هذا علمه النبي –صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أن يقوله في آخر الصلاة.

"اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئاتها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والسعد كله بيديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك، اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، اللهم إني أسألك خشيتك بالغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغصب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا ينفد وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري، وتلم بها شعثي، وترد بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء، اللهم أعطني إيمانًا ويقينًا لا كفر بعده، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلمًا لأوليائك حربًا لأعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من عاداك وخالفك، اللهم هذا الدعاء وعليك الاجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال ومن فتنة المحيا والممات، اللهم اغسل خطاياي بماء وثلج وبرد، ونقني كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن عمل لا يرفع"؛ لأن الذي يرفع العمل الصالح {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [سورة فاطر:10] وما عدا العمل الصالح لا يُرفع، فيتعوذ منه.

"ومن قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأهواء والآراء، اللهم يا هادي المضلين ويا راحم المذنبين ويا مقيل عثرات العاثرين ارحم عبدك ذا الخطر العظيم والمسلمين كلهم أجمعين، واجعلنا من الأحياء المرزوقين الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداءِ والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا يا رب العالمين".

قال في الشرح الكبير شرح المقنع: "رُوِّينا عن سفيان الثوري" تقول رُوِّينا أو رَوَيْنا؟ ابن الصلاح يقول: إذا كان الناقل لم يلق من روى عنه يقول رُوِّينا؛ لأنه لابد من ذكر واسطة، لابد أن يكون واسطة تقول: رُوِّينا، وغيره يقول: لا مانع أن تقول: رَوَينا يعني بالسند الذي كان موجودًا قبل حذفه.

"رُوِّينا عن سفيان الثوري قال: سمعت أعرابيًّا وهو مستلقٍ بعرفة يقول: إلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفًا، ومن أولى بالعفو منك وعلمك فيّ سابق، وأمرك بي محيط، أطعتك بإذنك والمنة لك، وعصيتك بعلمك والحجة لك، فأسألك بوجوب حجتك وانقطاع حجتي وفقري إليك وغناك عني أن تغفر لي وترحمني، إلهي لم أحسن حتى أعطيتني ولم أسئ حتى قضيت علي، اللهم أطعتك بعلمك في أحب الأشياء إليك شهادة أن لا إله إلا الله، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك الشرك بك، فاغفر لي ما بينهما، اللهم أنت أنس المؤنسين لأوليائك".

طالب: .............

"أنس المؤنسين لأوليائك أو آنس؟ يعني أفعل وأقرب؟ آنس المؤنسين يعني أفعل؛ لأنه يقول: وأقربهم الكفاية من المتوكلين، على كل حال هذا كلام أعرابي إن صح معناه قلنا به، وإلا الحمد لله فيه سعة.

"تشاهدهم في ضمائرهم، وتطلع على سرائرهم وسري، اللهم إني لك مكشوف"

وسري، وتطلع على سرائرهم ثم بعد ذلك فاصلة أو نقطة؟ وسري وتشال النقطة التي بعدها

 "وسري اللهم إني لك مكشوف"

طالب: ..............

لا، سري لك مكشوف، مكشوف خبر سري، ماذا؟

طالب: ..............

يعني كما قال ابن عمر: "اضحَ لمن أحرمت له".

"اللهم إني لك مكشوف"؛ لأن ابن عمر رأى من استظل في يوم عرفة قال: " اضحَ لمن أحرمت له" "فأنا إليك ملهوف، إذا أوحشني الغرور آنسني ذكرك، وإذا صمت عن الهموم" أو صَمت؟ "لجأت إليك استجارة بك علمًا بأن أزمَّة الأمور بيديك ومصدرها عن قضائك ".

"ويكثر من قول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ويكثر من الأدعية المأثورة لجوامع خير الدنيا والآخرة، ويكثر من الاستغفار والتضرع والخشوع وإظهار الضعف والافتقار، ويلح في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة".

وهذي كلها من آداب الدعاء، وهي من دواعي القبول "ومن وقف ولو لحظة"

يقول: "ومن وقف ولو لحظة من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر وهو أهل للحج ليس بسكران ولا مجنون ولا مغمى عليه صح حجه" يعني ولو كان نائمًا، يعني ولو كان وقوفه بعرفة نائمًا؛ لأنه استثنى من ذلك السكران والمجنون والمغمى عليه صح حجه.

قال: "من فجر يوم عرفة" هذا المذهب عند الحنابلة أن الوقوف من الفجر يبدأ في يوم عرفة من الفجر؛ بدليل حديث عروة بن مضرس الذي جاء من جبل طي وأدرك صلاة الفجر بالمزدلفة «من صلى صلاتنا، وكان قد وقف قبل ذلك أية ساعة من ليل أو نهار صح حجه» أية ساعة يعني قبل الزوال أو بعد الزوال، وكثير من أهل العلم يرى أن الوقوف إنما بعد الزوال؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- إنما وقف بعد الزوال وقال: «خذوا عني مناسككم» فالأحوط ألا يقف إلا بعد الزوال.

"ومن لم يقف بعرفة أو وقف في غير زمنه، أو لم يكن أهلاً للحج" ممن ذُكر سكران أو مجنون أو أغمي عليه.

"أو لم يكن أهلاً للحج فلا يصح حجه؛ لفوات الوقوف المعتد به، ومن وقف بعرفة نهارًا ودفع منها قبل الغروب ولم يعد إليها قبله فعليه دم"؛ لأنه إذا وقف في النهار لابد أن يمكث حتى تغرب الشمس.

طالب: .................

ما له داعٍ.

 "فإن عاد إليها واستمر إلى الغروب، أو عاد بعده قبل الفجر فلا دم عليه"؛ لأنه جمع بين الليل والنهار، "أو عاد بعده قبل الفجر فلا دم؛ لأنه أتى بالواجب وهو الوقوف بالليل والنهار، ومن وقف ليلاً فقط فلا دم عليه" يعني يكفيه المرور في الليل، وذكرنا في درس سابق أن شخصًا صام مع أهله يوم عرفة بالرياض وأدرك الحج، ركب في السيارة مع ولده ومر به على عرفة بالليل قبل طلوع الفجر وانصرف مع الناس.

طالب: ..................

ما عليه شيء.

ماذا؟

طالب: ..................

نعم من دفع معناه أنه دفع قبل وقت الدفع؛ لأنه فعل وقف بالنهار كما فعل النبي –عليه الصلاة والسلام- ودفع قبل دفعه، لكن من وقف بعد الغروب شمله حديث عروة بن مضرّس.

"ومن وقف ليلاً فقط فلا دم عليه، ثم يدفع بعد الغروب على طريق المأزمين إلى مزدلفة" إلى مزدلفة يدفع من عرفة بعد غروب الشمس إلى مزدلفة من أي طريق يتيسر له، مع أن النبي– عليه الصلاة والسلام- دفع من الطريق المذكور لكن ما كل يتيسر له ذلك.

"وهما ما بين المأزمين وهو وادي مُحَسِّر بسكينة" يعني يدفع بسكينة، "يسرع في الفجوة" النبي –عليه الصلاة والسلام- دفع، وكان يشير إلى الناس «السكينة السكينة»، وإذا وجد فجوة نص يعني أسرع.

"يسرع في الفجوة ويجمع بين العشاءين قبل حط رحله ويبيت بها وجوبًا" يجمع بين العشاءين المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين.

"قبل حط رحله، ويبيت بها وجوبًا" المبيت بمزدلفة واجب، الوقوف بعرفة ركن «الحج عرفة»، والمبيت بمزدلفة واجب؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- رخَّص للضعفة، والركن لا يُرخص فيه، والسنة لا تحتاج إلى ترخيص فهو واجب، وبعضهم يقول: المبيت بمزدلفة ركن من أركان الحج، وهذا قول معروف عند بعض الشافعية.

"وله الدفع بعد نصف الليل" بعد نصف الليل مع أن حديث أسماء «من مغيب القمر» القمر يغيب في تلك الليلة في حدود الساعة الثانية "والدفع قبله" يعني قبل نصف الليل اعتبار نصف الليل، عند كثير من أهل العلم أنه إذا بات نصف الليل ووجد نصف الليل بمزدلفة فلا بد أن يمضي شيء من النصف الثاني فيكون بات أكثر الليل، والحكم للغالب عندهم، "والدفع قبله فيه دم" قبل نصف الليل "فيه دم على غير سقاة ورعاة"؛ لأنهم مرخص لهم "سواء كان عالمًا بالحكم أو جاهلاً عامدًا أو ناسيًا كوصوله إليها بعد الفجر لا أن يصل إليها قبله" كوصوله إليها، الجاهل والناسي جاهل بالحكم الجاهل.

طالب: ...............

ماذا؟ إذا دفع فجمهور أهل العلم يصححون وقوفه ولا عليه شيء، لكن إذا انتظر إلى مغيب القمر هذا هو الأصل.

"وإذا جلس إلى أن يصلي الصبح ويدعو الله عند المشعر الحرام" يسفر جدًّا ثم يدفع هذه هي السنة "سواء كان عالمًا بالحكم أو جاهلاً عامدًا أو ناسيًا" العالم يتجه بالقول بإلزامه؛ لأنه ترك واجبًا، وأما الجاهل والناسي هذا {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [سورة البقرة:286].

"كوصوله إليها بعد الفجر" كوصوله إذا كان مسدودًا عنها من الزحام ما وصل يلزم بشيء؟ الصواب أنه لا يلزمه؛ لأن هذا ليس بيده.

"لا إن وصل إليها قبله، فإذا أصبح بها صلى الصبح بغلس" يعني في أول الوقت "ثم أتى المشعر الحرام فرقاه أو يقف عنده ويحمد الله ويكبره ويهلله ويقرأ {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّين} [سورة البقرة:198] الآية .

"ويدعو حتى يسفر، فإذا بلغ محسِّرًا أسرع قدر رمية حجر"؛ لأنه –صلى الله عليه وسلم- لما أتى بطن محسر حرك قليلاً كما ذكره جابر، "وأخذ الحصى من حيث شاء" من حيث شاء، ليس له مكان محدد، ليس لأخذ الحصى مكان محدد، وإن أخذه من مزدلفة أو في طريقه إلى منى ومن منى يأخذ سبع حصيات لرمي جمرة العقبة يوم العيد، والأمر فيه سعة.

"وأخذ الحصى من حيث شاء، وكان ابن عمر يأخذ الحصى من مزدلفة، وفعله سعيد بن جبير، وقال: كانوا يتزودون الحصى من جمع، والرمي تحية منى، فلا يبدأ قبله بشيء، وعدد حصى الجمار سبعون حصاةً" يعني سبع ليوم العيد، وواحد وعشرون للحادي عشر، وواحد وعشرون للثاني عشر، وواحد وعشرون للثالث عشر المجموع سبعون، واحد وعشرون في ثلاثة 63 + 7 = 70 .

"وعدد حصى الجمار سبعون حصاة، كل واحدة بين الحمص والبندق، فلا يجزئ صغيرةٌ جدًّا ولا كبيرة، فإذا وصل إلى منى وهي من وادي محسر إلى جمرة العقبة" يعني جمرة العقبة الحد، ويختلفون هل جمرة العقبة من منى أو خارج منى محل خلاف، الذي يقول من منى يقول: كيف تكون خارج منى وهي تحية منى؟ كيف تكون خارج منى ورميها تحية منى؟ والذي يقول بالقول الآخر بعد عنده حجة يقول: تحية البيت الطواف وهو خارج البيت، الطواف داخل البيت أو خارج البيت؟ وهو تحية البيت.

"فإذا وصل إلى منى وهي من وادي محسر إلى جمرة العقبة بدأ بجمرة العقبة فرماها بسبعة حصيات متعاقبات واحدة بعد واحدة" ما يرميها دفعة واحدة وإنما واحدة بعد واحدة هكذا "يرفع يده اليمنى حال الرمي حتى يرى بياض إبطه" إبطه وشوله إبطيه "حتى يرى بياض إبطيه"؟ واحد، إبطه، الإبط اليد التي يرمي بها، "ويكبر مع كل حصاة ويقول: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وسعيًا مشكورًا، ولا يجزئ الرمي بغير الحصى" لا بد أن يكون حصى. "ولا يجزئ الرمي بها ثانيًا ولا يقف عندها" لا يجزئ الرمي برمي قد رمي به، وهذا قول الأكثر، قالوا: لأنه الجمار المستعمل كالماء المستعمل، لا يجوز التطهر به ثانية، وقال بعضهم: يجزئ والجمار لا تتأثر، إذا رمي بها لا تتأثر ما هي بمثل الماء، ولما استدل على بعض المالكية بالقياس على الماء قالوا: نحن لا نوافقكم في الأصل الذي هو الماء؛ لأنه لابد أن يكون في الحجة أن يكون الخصم ممن يلتزم المقدمة الأولى، أما إذا كان لا يلتزم بها وتلزمه بها تطلب نتيجة صحيحة ما تطلع نتيجة صحيحة.

تقول: "لا يجوز الرمي بحصى قد رمي به قياسًا على الماء المستعمل" يقول: أنا لا أوافقك المستعمل ما فيه شيء نتوضأ به ما عندنا إشكال وعرفنا الفرق.. حتى على القول إن المستعمل لا يجزئ ولا يرفع الحدث يختلف الماء الذي يتأثر بالاستعمال والحصى الذي لا يتأثر بالاستعمال.

"ولا يقف عندها" جمرة العقبة لا يقف عندها لا في يوم العيد ولا في الأيام التالية "لا يقف عندها، ونُدب أن يستبطن الوادي، وأن يستقبل القبلة، وأن يرمي على جانبه الأيمن" أن يستقبل الوادي، "ونُدب أن يستبطن الوادي، وأن يستقبل القبلة، وأن يرمي على جانبه الأيمن" الأصل أن يرمي، وهو مستقبل الجمرة، هذا هو الأصل.

"وتكون منى حينئذ عن يمينه والبيت عن يساره، فإن وقعت الحصاة خارج المرمى ثم تدحرجت فيه أجزأت، ويقطع التلبية بعدها"؛ لأنها بداية التحلل "وتقطع التلبية في بداية التلبية" كما قالوا في الطواف طواف العمرة يعني في بداية التحلل يقطع التلبية، لكن إذا بدأ التحلل بغير الرمي؟ من مزدلفة إلى الحرم ذهب وطاف يقطع التلبية؟ في بداية الطواف؛ لأنه بداية التحلل.

"ويرمي ندبًا بعد طلوع الشمس؛ لقول جابر: رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده. أخرجه مسلم". ندبًا يعني التأخير إلى طلوع الشمس ندب، لكن لو رمى قبله بعد أن دفع من مزدلفة أجزأ، لكن السنة أن ينتظر حتى طلوع الشمس كما فعل النبي –عليه الصلاة والسلام- أخرجه مسلم.

"ويجزئ رميها بعد نصف الليل" يعني إذا أُذن له بالانصراف يرمي "ثم ينحر هديًا إذا كان معه، ويحلق أو يقصر من جميع شعره" يحلق جميع الشعر أو يقصر من جميع الشعر "وتقصر امرأة منه قدر أنملة" طرف الإصبع، "وسن لمن حلق وقصر أخذ ظفر وشارب وعانة وإبط" يعني عند الحاجة إليها، أما إذا كان لا يحتاج إلى ذلك فلا داعي له؛ لأنه ليس من النسك بخلاف الحلق والتقصير.

"ثم قد حل له كل شيء كان محظورًا عليه بالإحرام إلا النساء" يعني هذا التحلل الأول الذي يحل فيه كل شيء إلا النساء، "والحلق والتقصير نسك في تركهما دم" نسك يعني واجب، ومن ترك نسكًا فليرق دمًا كما قال ابن عباس- رضي الله عنهما-.

يقول: من رجع إلى بلده بعد عمرة التمتع ينقطع تمتعه، لكن يلزمه شيء؟

لا يلزمه شيء؛ لأنه أتى بحج مفرد.

يقول: المكي لو خرج من مكة وهو ناوٍ للحج إلى المدينة لزيارة أقارب له ثم يريد العودة إلى مكة، فهل يلزمه الإحرام من ذي الحليفة أم أنه يحرم من مكة؟

هو خرج من مكة ليعود إليها، خرج من مكة، وهي بلده ومحل إقامته، وهو من حاضري المسجد الحرام، خرج منها لزيارة ليعود إليها فيحرم من مكة، أم أن يحرم من ذو الحليفة في الحديث «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» حتى أهل مكة يحرمون من مكة، فالأصل أنه يحرم من مكة.

هل يجوز للحاج أن يلبس ثياب المخيط لمرض دائم؟

هو الآن في الحج إذا احتاج إلى المحظور فإنه يفعله، ويفدي.

 

ما الدليل على أن الكمأة والفقع مستثناة من داخل حدود الحرم؟

لأنها ليست مما نهي عنه، ولا في معنى ما نهي عنه ليست من الشجر ولا من الحشيش، الكمأة والفقع يقول لماذا تستثنى؟ هي ليست من المنهي عنه بالنص وليست بمعناه هل هي بمعنى الحشيش؟ أو الشجر؟ ليست بمعنى المنهي عنه.

يقول: كيف يحج المكي متمتعًا نيابة؛ لأنه ليس للمكي حج تمتع علمًا أنه يريد أن يضحي؟

ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ذلك التمتع يعود إلى التمتع وإلى الهدي بمعنى أنه يجوز له أن يتمتع ويعتمر ويحج في السنة نفسها لكن ليس عليه دم، أو أنه ليس له أن يتمتع؟ هو التمتع يعني حقيقته الترفه بترك أحد السفرين، وهو ما سافر أصلاً، إذا نظرنا إليه من هذه الحيثية قلنا: هو ليس بمتمتع؛ لأنه لم يسافر من أجل الحج والعمرة، وإذا قلنا: إنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج هذه حقيقة التمتع، لكن ليس عليه هدي، لكن لو ناب عن آفاقي، فهل العبرة بالنائب أم بالمنوب عنه؟ هل يلزمه دم أو لا يلزمه دم؟ باعتبار أنه مكي أو يلزمه باعتباره نائبًا عن آفاقي، والآفاقي يريد الأكمل، ولا شك أن إراقة الدم أكمل.

يقول: من كان من أهل جدة، والله ما أدري ماذا كتب، من كان من أهل جدة ولم يتم صلاة لا في عرفة ولا في منى؟

 ولم يتم يعني قصر ما عليه شيء، الآن الجدال في أهل مكة، وأهل جدة الآن منهم من يقول أنها لا تبلغ مسافة القصر فلا يترخصون، والكلام في هذا طويل.

اللهم صلي وسلم على البشير النذير، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد.