إصلاح الظاهر والباطن

جاء في وصف المؤمنين المخلصين المخبتين: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2]، فعلى المسلم ألَّا يكتفي بإصلاح ظاهره دون باطنه، فإنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [مسلم (2564)]، ولا يعني هذا أن يخالف المسلم في ظاهره هَدْيَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم متحجِّجًا بأن «التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره» [مسلم (2564)]، فهذا التصوُّر ليس بصحيح، والمظاهر لها دلائل على الباطن، والتقوى تتعلَّقُ بالظاهر والباطن، ومفادها فعلُ الأوامر واجتناب النواهي، فلا يستقيم ادِّعاؤها في القلب والظاهرُ يخالف هذا الادعاء، لذا عندما شربَ أحدُهم الخمرَ متأوِّلًا واستدلَّ بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا} [المائدة: 93] قال له عمر رضي الله عنه: «إنّك إذا اتَّقيت اجتنبت ما حرم اللَّه عليك» [عبد الرزاق في المصنف (9/240)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/315)]،  والذي يقول: التقوى هاهنا، لو اتقى الله ما حلق لحيته، ولا أسبل ثوبه، ولا ظهرت عليه علامات الفسق.