تعليق على تفسير سورة آل عمران (33)

نعم.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 154، 155].

يقول تعالى ممتنًّا على عباده المؤمنين فيما أنزل عليهم من السكينة والأَمَنة، وهو النعاس الذي غشيهم وهم مستلئمو السلاح في حال همهم وغمهم، والنعاس في مثل تلك الحال دليل على الأمان كما قال تعالى في سورة الأنفال، في قصة بدر: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11]".

النعاس في هذه الحالة دليل على طمأنينة القلب وثقة العبد بربه، والخائف لا ينام، فهذا العبد المطمئن الراضي بما كتب الله له، المطمئن والآمن من العواقب ينام كما هو الشأن في فراشه آمن مطمئن لا يخاف، بخلاف الذي في قلبه خوف ووجل وعدم تصديق بموعود الله -جل وعلا-، فإنه لا يزال قلبه خائفًا واجلًا، فكيف ينام مثل هذا؟ لا يمكن أن ينام. والخوف عند أهل العلم من أهل التفسير وغيرهم أشد من الجوع، إذا كان الجائع في بعض الصور لا ينام، فكيف بالخائف؟ وذكروا في تفسير آية البقرة: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} [البقرة: 155] الرازي قال: لو أتيت بشاة مكسورة كُسرت رجلها أو يدها أو فيها نوع مرض، ووضعت عندها الطعام أكلته، لكن لو تأتي بشاة صحيحة سليمة، وتربط أمامها ذئبًا، وتُقدِّم لها الطعام فلن تُقدِم عليه؛ لأن هذه خائفة، فكيف بالآدمي الذي يعرف الأمور قدْرها، ويعرف أنّ هذا ضار، وقدْر الضرر منه.

 الدابة والحيوان إذا عرف الضرر من هذا الحيوان فهو يقدره بحسب تقديره، قد لا يقدره بما يستحقه من التقدير، لكنه يعرف أن الذئب مخوف منه، ويعرف أن الولد معطوف عليه، وهذه غريزة في الحيوان وضعها الله -جل وعلا- فيه، وإن لم يكن لديه عقل ولا إدراك تامّ، تدرك إدراكًا يناسبها، مناسبًا لها.

الشاهد أن الخوف شأنه عظيم، فصاحبه لا ينام ولو سهر الليالي، وأما بالنسبة للآمن المطمئن الموقن صاحب اليقين بوعد الله -جل وعلا- فهذا باله مرتاح. وعلى كل حال الله -جل وعلا- يقول: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]، هم جاءوا لهدف وهي مصالحهم الخاصة {أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] مصالحهم، فصارت قلوبهم معلقة بهذه المصالح، إذا غلب على ظنه حصول هذه المصالح اطمأن، وإلا فهو وجل خائف، والله المستعان.

طالب: "وقال الإمام أبو محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، قال: حدثنا أبو نعيم ووكيع عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن عبد الله بن مسعود قال: النعاس في القتال من الله، وفي الصلاة من الشيطان".

نعم، وهذا مروي عن ابن مسعود: «النعاس في القتال من الإيمان، وفي الصلاة من النفاق» لو قدر الصلاة حق قدرها ما غفل عمن يناجيه وهو الله -جل وعلا-.

طالب: "وقال البخاري: وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة -رضي الله عنه- قال: كنت فيمن تغشَّاه النعاس يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مرارًا، يسقط وآخذه، ويسقط وآخذه. وهكذا رواه في المغازي معلقًا. ورواه في كتاب التفسير مسندًا عن شيبان، عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة قال: غَشِينا النعاس ونحن في مصافِّنا يوم أحد. قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه. وقد رواه الترمذي والنسائي والحاكم، من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أحد، وجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يَمِيد تحت حَجَفته من النعاس. هذا لفظ الترمذي، وقال: حسن صحيح".

وهذا شيء مشاهد، يعني تجدون في صفوف طلاب العلم في الدروس طالب العلم الحريص الجائي للتعلم، ويقدر العلم حق قدره لا سيما إذا كان من يأخذ عنه ممن يستحق أن تُثنى عنده الركب، ويعرف قدر العلم وفضل العلم، لا تجده يفوت شيئًا من الدرس، تجده مستيقظًا ما ينام، بخلاف من جاء مع الناس، خلا الذي يتعب تعبًا شديدًا، فتأخذ عينه من النوم ما تأخذ، لكن هذا ما هو بمحل الإشكال، الإشكال فيمن لا يهتم لهذا العلم الذي جعل الله له من الأجور، ورتب عليه من الثواب، ثم بعد ذلك يأتي وكأنه غير حاضر، تجد هذه.

ديانة الإنسان لها أثر، الشخص المتدين الذي جاء لهدف لا يضيع وقته، لا تجده يضيع وقته، بخلاف الذي مع الناس لا هدف له ولا، ولذلك تجدون الحفاظ في صفوف المحدثين، يحرصون على سماع الحديث، وعلى السماع من الشيوخ، ولا يفوتون فرصة، ويتقنون ما سمعوه، بخلاف من عداهم من غوغاء الناس ولو حضروا مع الناس؛ لأن المجالس قد يحضرها الألوف المؤلفة، ويأتي الشيوخ، ويأتي المستمْلُون، ويبلِّغون ما يقول الشيخ إلى الأباعد من الناس، فمستقل ومستكثر.

 الإمام الدارقطني الحافظ أُوتي موهبة في الحفظ لا نظير لها، لا يوجد لها إلا الندر من الناس، المقصود أنَّ الدارقطني يأتي ويحضر مجلس التحديث ومعه كتاب ينسخه، كتاب آخر غير الدرس، فقال له واحد أنت ضيَّقت علينا المجلس، ولا أنت بالمنتبه للدرس، ولا أنت بالذي فككتنا من شرك، قال له ماذا تقصد؟ قال: قاصد أنك ما استفدت، ما أنت معنا حتى تستفيد، قال له الدارقطني: كم أملى الشيخ من حديث؟ قال المنتقد: وما أدري، أنا ما أضبط، لكني عندي شيء مما قال الشيخ، قال الدارقطني: أملى كذا وكذا حديثًا، فسردها بأسانيدها من أولها إلى آخرها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

 لكن بذل السبب مطلوب حتى لو كانت الحافظة ضعيفة فأنت تنتبه، وتحرص على تفهُّم ما يقوله الشيخ؛ لأنك إذا لم تفهم لم تحفظ.

 على كل حال ما هذا بمجاله وإلا فهو له مجالات في علوم الحديث كثيرة في هذا الباب، وبعضهم يسمع من الاثنين والثلاثة والعشرة يقرأون في آن واحد، ويرد عليهم كلهم، وبعضهم الله يستر علينا وعلى الجميع، لكن كلٌّ ميسر لما خلق له، وكلٌّ له أجره وثوابه بقدر نيته وإخلاصه، والله المستعان.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: ....... رحمة من رب العالمين.

هو رحمة متى؟ مع حصول الطمأنينة والثقة بالله -جل وعلا-، ما هو مع التفريط وتضييع ما جئت من أجله، واضح؟

طالب: يعني في بعض الأحيان ....... شخص ينام عن الصلاة، وتفوته صلاة الجماعة ويصليها في البيت، مثل هذا؟

مثل هذا إذا تكرر منه ولم يبذل الأسباب لاستيقاظه فرَّط.

طالب: ....... في قيام الليل .......

قد يكون متسببًا في ذلك، أما إذا بذل الأسباب كلها، وفات عليه الأمر فـ«ليس في النوم تفريط» نعم.

طالب: "ورواه النسائي أيضًا، عن محمد بن المثنى، عن خالد بن الحارث، عن أبي قتيبة، عن ابن أبي عدي، كلاهما عن حميد، عن أنس قال: قال أبو طلحة: كنت فيمن أُلقي عليه النعاس- الحديث. وهكذا روي عن الزبير وعبد الرحمن بن عوف. وقال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن يعقوب".

....... الحافظ الحاكم بن يعقوب الأصم، نعم.

طالب: "قال: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي".

المخزومي.

طالب: المخزومي؟

عندي المخزومي.

طالب: عندي المخرمي.

المخزومي، المخزومي.

طالب: "قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخزومي، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا شيبان، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك؛ أن أبا طلحة قال: غَشِينا النعاس ونحن في مصافِّنا يوم أحد، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه، قال: والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هَمٌّ إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعنه، وأخذله للحق. {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154] كَذَبة، إنما هم أهل شك وريب في الله -عز وجل-. وهكذا رواه بهذه الزيادة، وكأنها من كلام قتادة -رحمه الله- وهو كما قال؛ فإن الله- عز وجل- يقول: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} [آل عمران: 154] يعني: أهل الإيمان واليقين والثبات والتوكُّل الصادق، وهم الجازمون بأنَّ الله -عز وجل- سينصر رسوله، وينجز له مأموله، ولهذا قال: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] يعني: لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154] كما قال في الآية الأخرى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح: 12]، وهكذا هؤلاء اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفيصلة، وأن الإسلام قد باد وأهلُه، وهذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل أمر من الأمور الفظيعة، تحصل لهم هذه الظنون الشنيعة.

ثم أخبر تعالى عنهم أنهم {يَقُولُونَ} [آل عمران: 154] في تلك الحال: {هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} [آل عمران: 154] فقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} [آل عمران: 154]، ثم فسَّر ما أخفوه في أنفسهم بقوله: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] أي: يسرِّون هذه المقالة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

هؤلاء يقولون: لو أُخذ رأينا ما وصلنا إلى هذا الحال {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ} [آل عمران: 154] يعني من الرأي والمشورة {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] لو كان رأينا السديد والصواب أننا ما نأتي أصلًا من أجل أن لا نعرض أنفسنا للقتل، {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ} [آل عمران: 154] يعني على حسب زعمهم ورأيهم أنهم هم أهل الرأي السديد والقول الصائب الراجح، لو كان لهم من الأمر شيء فما يأتي به هنا للقتل؟ ما يدرون أن الأمر كله لله، سواء قعدوا أو قدموا المكتوب عليهم سيصير مهما كان.

طالب: "قال ابن إسحاق: فحدثني يحيى بن عَباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: قال الزبير: لقد رأيتُني مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين اشتد الخوف علينا، أرسل الله علينا النوم، فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره، قال: فوالله إني لأسمع قول مُعْتَب بن قُشير".

مُعَتِّب مُعَتِّب.

طالب: "قول مُعَتِّب بن قُشير، ما أسمعه إلا كالحُلم، يقول: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154]".

النعاس ما يمنع من السماع، يكون فيه نوع سماع، لكنه خفيف، ولذا فرقوا بين النعاس والنوم بأن النعاس إذا كان يسمع ما حوله أنه لا ينقض الوضوء، مثل هذا يسمع، لكنه في نعاسه مطمئن وآمن، يعني ما يحصل نوم بالكلية يغطي على القلب بحيث إنه قد يغدر به العدو وهو لا يشعر؛ لأن النوم الثقيل يفوت كثيرًا من مصالح الدين والدنيا.

طالب: "ما أسمعه إلا كالحلم يقول: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] لقول مُعَتِّب. رواه ابن أبي حاتم.

قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] أي: هذا قدْر قدَّره الله -عز وجل-، وحُكْم حتْم لا محيد عنه، ولا مناص منه.

وقوله تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 154] أي: يختبركم بما جرى عليكم، ليميز الخبيث من الطيب، ويظهر أمر المؤمن من المنافق للناس في الأقوال والأفعال، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154] أي: بما يتخالج في الصدور من السرائر والضمائر.

ثم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} [آل عمران: 155] أي: ببعض ذنوبهم السالفة، كما قال بعض السلف: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من جزاء السيئة السيئة بعدها. ثم قال تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]).

وأثر في بعض الآثار أن الحسنة تقول: أختي أختي، والسيئة كذلك، فالإنسان الذي يعمل الحسنة يُوفَّق لفعلها ويجازى بمثلها بحسنة أخرى، والذي يعمل السيئة يعاقب بمثلها.

طالب: "ثم قال تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155] أي: عما كان منهم من الفرار {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155] أي: يغفر الذنب، ويحلم عن خلقه، ويتجاوز عنهم، وقد تقدم حديث ابن عمر في شأن عثمان وتوليه يوم أحد، وأن الله قد عفا عنهم، عند قوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152] ومناسِبٌ ذِكره هاهنا. قال الإمام أحمد: قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا زائدة، عن عاصم، عن شقيق، قال: لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد: ما لي أراك جفوت أمير المؤمنين عثمان؟ فقال له عبد الرحمن: أبلِغه أني لم أفر يوم حنين -قال عاصم: يقول يوم أحد- ولم أتخلف عن بدر، ولم أترك سنة عمر. قال: فانطلق فأخبر بذلك عثمان".

يوم حنين؟

طالب: يوم حنين نعم.

نعم؛ لأنه عندنا في الأصل: عينين، وفي الحاشية: عنين.

طالب: سيأتي .......

أين؟

طالب: هذه النسخة سترد الآن.

عينين؟

طالب: عينين سترد .......

ما موقعها؟

طالب: ....... عينين.

نعم.

طالب: .......

لكن لها أصل؟ لم أفر يوم عينين، واحد يطلع لنا عينين ما هي؟ بالجوال.

طالب: يقولون: إنها بلدة ويذكرون أنها جبل، وهنا قال جبل الرماة جبل عينين بالمدنية النبوية ....... قال: جبل عينين جبل صغير يقع .......

طالب: .......

نعم.

طالب: بسم الله، حبل الرماة جبل عينين في المدينة المنورة جبل صغير.

يروح يخليك ما تعرف؟ يروح يخليك.

طالب: ما أعرف.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: الراوي فسر ....... لم أفر يوم حنين عفوًا يوم عينين ....... قال عاصم يوم أحد.

نعم، فرق بين حنين وأحد.

طالب: ....... تصحيف هذا.

نعم.

طالب: جبل صغير يقع قرب جبل أحد في الجهة الجنوبية الغربية منه في المنطقة التي وقعت فيها غزوة أحد سنة ثلاث للهجرة، لذلك يُسمى أيضًا جبل الرماة؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضع الرماة عليه قبيل الغزوة، وأوصاهم أن يحموا ظهور المسلمين، ويمنعوا تسلل المشركين من خلفه، يمتد هذا الجبل من الشمال إلى الجنوب مع شيء من الميل نحو الشرق، وفي قربه مجرى وادي قناة.

انتهى؟

طالب: نعم.

إذًا صوابه عينين.

طالب: عينين.

نعم.

طالب: "فقال له عبد الرحمن: أبلغه أني لم أفر يوم عينين، قال عاصم: يقول يوم أحد، ولم أتخلف عن بدر، ولم أترك سنة عمر. قال: فانطلق فأخبر بذلك عثمان، قال: فقال عثمان: أما قوله: أني لم أفر يوم عينين، فكيف يُعيرني بذلك وقد عفا الله عنه، فقال تعالى".

فكيف يعيرني بذنب وقد عفا الله عنه.

طالب: .......

نعم، نسخة: بذلك.

طالب: "فكيف يعيرني بذنب وقد عفا الله عنه، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]؟ وأما قوله: إني تخلفت يوم بدر، فإني كنت أُمرض رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ماتت، وقد ضرب لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسهم، ومَن ضرب له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بسهم فقد شهد. وأما قوله: إني لم أترك سنة عمر، فإنِّي لا أطيقها ولا هو، فأتاه فحدَّثه بذلك، والله أعلم".

سنة عمر -رضي الله عنه- يعني الحيطة والحزم لا يطيقها من جاء بعده، ولذلك لما قيل لعلي- رضي الله عنه- لماذا الناس خرجوا عليك وما خرجوا على عمر؟ فقال: كان عمر أميرًا على مثلي وأنا أمير على مثلك، على ما يقول الناس: زكاة الجرب منهن، مطوع الحنشل منهم، حاشا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن هذه سنة إلهية تأتي إلى أناس اندرست فيهم السنن ومعالمها، وتُحملهم بما تَحمله الصدر الأول، ما يجيء.

طالب: .......

إي نعم.

طالب: "قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 156 - 158] ينهى تعالى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفار في اعتقادهم الفاسد، الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار أو الحروب: لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم. فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ} [آل عمران: 156] أي: عن إخوانهم {إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ} [آل عمران: 156] أي: سافروا للتجارة ونحوها {أَوْ كَانُوا غُزًّى} [آل عمران: 156] أي: كانوا في الغزو {لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا} [آل عمران: 156] أي: في البلد {مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} [آل عمران: 156] أي: ما ماتوا في السفر ولا قتلوا في الغزو.

وقوله تعالى: {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 156] أي: خلق هذا الاعتقاد الفاسد في نفوسهم ليزدادوا حسرةً على موتاهم وقتلاهم. ثم قال تعالى رادًّا عليهم: {وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ} [آل عمران: 156] أي: بيده الخلق وإليه يَرجع الأمر، ولا يحيا أحد ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقدره".

قوله: خلق هذا الاعتقاد، ابن كثير معروف أنه على مذهب أهل السنة والجماعة، ولكن في النفس من هذا التعبير شيء؛ لأنه يضاهي تفاسير أو تعابير الأشعرية، وأن الفعل يُخلق في قلب العبد، من يطلع لنا المسألة؟

 لا شك أن المتفق عليه عند أهل السنة في مسألة خلق أفعال العباد، وأنها مخلوقة، لكنها مخلوقة بأسبابها، تقدمت عليها أسبابها، ثم وُجدت، أما أن تُخلق فورًا عند إرادة الله لها المكلف ما هو بآلة تضغط زرًّا ويشتغل، لا، فيه أمور مقدمات وأسباب ونتائج. لقيت شيئًا؟

طالب: نعم، المبحث الرابع، أفعال العباد عند الأشاعرة.

نعم، طيب.

طالب: .......

نعم، يذهب ويتركه..

طالب: .......

لا .......

طالب: بسم الله، أفعال العباد عند الأشاعرة، وافق الأشاعرة أهل السنة في مسألة خلق أفعال العباد في خلق أفعال العباد الاختيارية والاضطرارية، فقالوا: إنها مخلوقة لله تعالى، ولم تختلف عبارتهم في ذلك، قال صاحب الجوهرة:

فخالق لعبده وما عمل           موفق لمن أراد أن يصل

{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ} [الصافات: 96]؟

طالب: {وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96].

{وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]، ولو بالخلاف في هذا، أفعال العباد مخلوقة بالاتفاق، لكن يبقى أنها هل تخلق فورًا بدون مقدمات ولا أسباب إذا أرادها الله -جل وعلا- أوجدها فورًا، أو أن العبد له نوع اختيار، وله نوع حرية، ولها مقدمات ولها أسباب؟

طالب: ....... كونها مضافة إلى الله سبحانه {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] ....... خلق الله -سبحانه وتعالى- يعني هذا إضافة إلى الله خلقًا وتقديرًا، لكن أفعال العباد تضاف إليه فعلًا وتحصيلًا.

نعم، معروف هذا.

طالب: ....... مذهب أهل السنة أن الخلق يسبقه العلم والكتابة؟

بلى، هذا علم الله وكتابته، لكن أيضًا فعل العبد له مقدمات، ولا يوجد فورًا مثل مصباح تفتحه أو تطفئه.

طالب: .......

ماذا يقول؟

طالب: يقول: وأقاموا الأدلة النقلية والعقلية على صحة هذا القول، ولكنهم خالفوا أهل السنة في بعض فروع هذه المسألة، ومن ذلك: هل العبد فاعل لفعله حقيقة أو لا؟ فالأشعرية نسبوا فعل الإنسان الاختياري إليه كسبًا لا خلقًا، وهذا صحيح، ولكنهم اضطربوا في هذا الكسب الذي أثبتوه للعبد، واختلفت عبارتهم فيه، والتفسير المستقر عندهم الآن هو كما قال شارح أم البراهين، والكسب مقارنة القدرة الحادثة للفعل من غير تأثير، وحاولوا بهذا التفسير التوسّط بين الجبرية والمعتزلة، فقالوا بالكسب؛ فرارًا من قول الجبرية، وزعموا أنهم بهذا الكسب يثبتون للعبد اختيارًا، وقالوا بعدم تأثير قدرة العبد الحادثة في الفعل فرارًا من قول المعتزلة، وتحقيقًا تامًّا لوحدانية الأفعال، فلا مؤثر إلا الله وحده، ولا يوجد تأثير للأسباب في مسبباتها.

لا يوجد تأثير للأسباب على مسبباتها في مذهب الأشعرية؛ لأن الأسباب من رأي المعتزلة أنها تستقل بالمسبب، تفعله بذاتها.

طالب: السكين يقطع بذاته.

نعم، وعند الأشعرية لا قيمة لها، ولذلك ..

طالب: طرفا نقيض.

نعم، ولذلك يقرر الشراح شراح الحديث من الأشعرية كالكرماني وغيره يقولون، الأشعرية يقولون: إن أعمى الصين يرى بقة الأندلس، الأعمى وهو بالصين يرى بقة الأندلس، البقة صغار البعوض، وأن البصر لا قيمة له، لا يفعل شيئًا.

طالب: ما يشوف شيئًا.

هو ما يشوف شيئًا؟

طالب: ما يشوف الذي بجانبه.

يقولون: إنه يرى ....... الأصل أن السبب هذا فعله.

طالب: .......

فالأعمى يرى الأشياء عند النظر لا به، رأيت كيف؟ هذا رأيهم، والحمد لله على السلامة، وإلا فشيء ما يخطر على قلب عاقل.

طالب: هم يزعمون- سلّمك الله- أنهم يحتجون بالأدلة العقلية .......

هذا الهبال ما هو بالعقلية.

طالب: وهذا من أنكس الأمور عندهم؛ لأن هذا يخالف العقل أصلًا.

هذا أعمى الصين في أقصى المشرق يرى بقة الأندلس وهو عمى، صغار البعوض، ما قال يرى البعارين بعد، يرى بقة الأندلس.

طالب: قد لا يراها المبصر القريب منها.

نعم.

طالب: لا يراها قطعًا.

المبصر.

طالب: على هذا الوصف لا يراها قطعًا.

المقصود أنا نحمد الله على السلامة، فالأسباب عندهم غير مؤثرة بذاتها.

طالب: وهذه أحسن الله إليكم يا شيخ عاقبة .......

وليس لها نصيب من التأثير لا قليل ولا كثير، بدليل المثال الذي ذكرنا.

طالب: أحسن الله إليك هذه عاقبة مخالفة الأدلة.

نعم، تنصَّلوا عن الأدلة، وطلبوا الهدى من غيرها، فضلوا وأضلوا، فيه أشياء يعني ما تخطر على بال، يعني لو تأتي المجنون وهو أعمى تقول له: انظر، فماذا يقول لك؟ أنت مهبول، يقول لك: أنت مهبول، أنا ما أشوف.

طالب: ....... يضحك عليه.

الله المستعان.

طالب: لكن هل كل الأشاعرة يقولون بهذا؟

نعم، هذا اتفاق، مذهبهم، هم قعَّدوا قواعد ومشوا عليها وخلاص، أغمضوا عن نصوص الكتاب والسنة التي تخالفهم، وصار قائدهم هذه القواعد التي قعَّدوها.

طالب: قواعد فاسدة ثم عجزوا أن يجدوا لها أدلة.

وأدمغة فاسدة، نعم.

طالب: يثبتون صفة العلم لله -عز وجل-.

يثبتون على أي كيفية، يثبتون العلو، لكن على أي كيفية.

طالب: العلم العلم العلم.

أقول لك الصفات التي يثبتونها على أي صفة على ما اقتضاه الكتاب والسنة؟ على ما قررته أدلتهم وقواعدهم، ما يستدلون بالآيات.

طالب: "ثم قال تعالى رادًّا عليهم: {وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ} [آل عمران: 156] أي بيده الخلق وإليه يرجع الأمر، ولا يحيا أحد ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقدره، ولا يزاد في عمر أحد ولا ينقص منه إلا بقضائه وقدره، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آل عمران: 156] أي: علمه وبصره نافذ في جميع خلقه، لا يخفى عليه من أمورهم شيء.

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران: 157].

 تضمَّن هذا أن القتل في سبيل الله، والموت أيضًا، وسيلة إلى نيل رحمة الله وعفوه ورضوانه، وذلك خير من البقاء في الدنيا جمع حطامها الفاني".

وجميع حطامها الفاني، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجميع حطامها الفاني.

طالب: "وذلك خير من البقاء في الدنيا وجميع حطامها الفاني".

في هذه النسخة: وجمع.

طالب: يمكن أن يكون فيه الواو يستقيم الكلام.

أين؟

طالب: وذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع حطامها الفاني ....... الواو للعطف .......

عندكم بدون؟

طالب: بدون واو لكن قد ....... السياق صحيح، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع.

طالب: .......

طالب: مع الواو يكون صحيح.

نعم، وجمع، وهنا وجميع، وعلى المعنيين يستقيم الكلام.

طالب: لكن هنا ....... بدون واو.

طالب: بدون واو.

طالب: فما يستقيم الكلام.

لا لا لا.

طالب: "وذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع حطامها الفاني".

والمعنى الثاني مستقيم.

طالب: وجميع.

نعم.

طالب: "ثم أخبر تعالى بأن كل من مات أو قُتل فمصيره ومرجعه إلى الله -عز وجل- فيجزيه بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، فقال تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158]".

بعض الناس يغتر بموافقة بعض الطوائف في أصل المسألة، وهو ما يبحث عن فروعها، خلاص، يقولون بخلق أفعال العباد، ونحن نقول بخلق أفعال العباد، وهذا ما هو خلاص، مذهبنا واحد، ما هو بصحيح، مسائل لها ذيول، ولها فروع، ولها تفاصيل كثيرة جدًّا، كثير منها لا تقرأه في كتب العقائد، كثير يعني لا سيما المختصرة أو النقلة عنهم تقرأها في كتبهم المطولة، تجد عالمًا من علمائهم في الاعتقاد في المذهب يفسر القرآن، يعني تجد في تفسير الرازي من مذاهبهم ما لا تجده في متونهم؛ لأنه مبسوط ومتوسع ويتكلم بسعة، وتجد في الشروح من رأى شرح الكرماني وغيره؛ لأنه من أئمتهم في هذا الباب في باب الاعتقاد، فتجده يذكر تفاصيل لا توجد في كتب العقائد، ولا يعرفها المتخصصون في العقائد.

طالب: .......

نعم.

طالب: ولا يزاد في عمر أحد ولا ينقص منه إلا بقضائه وقدره، الزيادة هذه .......

في حديث «من سره أن يُبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه» هذا كلام أهل العلم فيه كثير، هل الزيادة حقيقية، أنه مكتوب له ستون سنة، ويصل رحمه فيعمر إلى سبعين أو ثمانين، هذا قيل به، وهو مقتضى نص الحديث، وبعضهم يقول: لا، الآجال مؤجلة، ولا يستقدمون ولا يستأخرون، ومن جاء يومه لا يزيد ساعة ولا ينقص، ولكن الزيادة في البركة، وهذا له وجه.

 وبعضهم يقول: إن العمر يُكتب ومعه زيادته، يعني اكتبوا لفلان سبعين، فإن وصل رحمه فزيدوه كذا، وتكون الزيادة فيما بين يدي الملائكة، وأما ما عند الله -جل وعلا- فلا يتغير، قيل هذا، وقيل غيره.

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك.