لا شك أن الناس متفاوتون في النفقة، فمنهم الكريم الذي يبذل أكثر مما يطلب منه، ومنهم الشحيح الذي يضن بالواجب، ومنهم المتوسط، فيرجع في هذا إلى المتوسط. فإذا تنازعت الزوجة مع زوجها وأنه لا يعطيها ما يكفيها نُظر إلى الواقع، فإن كان مساويًا لأوساط الناس فإنه يكفيها إذا كانت من سطة الناس، أما إذا كانت من علية القوم فتعطى ما يناسبها، وإذا لم يعطها فلها أن تأخذ ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف، كما قال-صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة –رضي الله عنها-: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» [البخاري: 5364]، يعني ما يتعارف عليه الناس من غير إسراف ولا تقتير، هذا بالنسبة للزوجة الواحدة.
أما إذا كانت له عدة زوجات وتتفاوت مطالبهن، وهذه تحتاج إلى نوع كذا، وهذه تحتاج إلى كذا، وهذه تحتاج من الكسوة مالا تحتاجه الثانية والعكس، مما يضطرب فيه الأمر، كالعدل بين الأولاد، ولا يستطيع الزوج الضبط في مثل هذه الحالة، فمثل هذا أنفع ما يكون فيه أن تعطى النفقة دراهم ودنانير، تقسم بينهن بالسوية ويتصرفون، والذي تحتاجه هذه وتزيد فيه ينقص من الثانية وهكذا، فيعطيهم ما يكفيهم عادة، وهذا الذي تبرأ به الذمة بدقة. أما أن يأتي لهذه بكذا وهذه بكذا، ومرة تطلب هذه كذا وهذه كذا، فلا ينضبط الأمر بهذا، وضبطه فيه صعوبة ومشقة، ولا تبرأ به الذمة. أما الطعام فإذا أمّنه وأعطى هؤلاء ما يكفيهم لمدة شهر، وهؤلاء أعطاهم نصف ما يكفي أولئك لأن عددهم أقل، فهذا يكفيه بالنسبة للطعام. أما بالنسبة للكسوة وغيرها من الأمور الكمالية فيصعب ضبطها.