عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (10)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع
عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع
جرت عادة أهل العلم أن يذكروا مثل هذا الباب في أواخر الكتب، إذا انتهى من الأبواب التي يريدها قال: باب جامع، يضع فيه أحاديث لا تندرج تحت الأبواب السابقة ولا الكتب السابقة، أما هنا وضع أحاديث من كتاب الصلاة فلو ترجم لكل حديث أو حديثين كما مضى بترجمة تخصه، وأيضاً هو جعل هذه الأحاديث بين أجزاء الصلاة، بين صفتها وبين التشهد، والتشهد من صفتها، فلا أعرف وجهاً لهذا الباب في هذا الموضع، مع أن الأحاديث كلها الموجودة كلها تندرج تحت كتاب الصلاة، وقد جرت عادتهم في جعل الباب الجامع في أواخر الكتب، بحيث يجمعون أحاديث لا تندرج تحت أبواب سبقت، أما ما يمكن إدراجه في الأبواب السابقة يدرج، وعلى كل حال الكتاب بهذا الترتيب وبهذا الانتقاء، وبهذا التحرير، محل عناية وحفاوة من أهل العلم فمنذ أن ألف الكتاب إلى يومنا هذا، وتراجم أهل العلم يندر أن تجد فيهم من لا ينص في ترجمته على أنه حفظ كذا وكذا، وكتاب العمدة للحافظ عبد الغني؛ لأنه كتاب منتقى من الصحيحين، فهو من أفضل كتب الأحكام، نعم فيه إعواز كبير؛ لأن هناك أحاديث من أحاديث الأحكام لا توجد في الصحيحين، موجودة في السنن والمسانيد وغيرها، امتازوا بها الكتب الأخرى، كالمنتقى والمحرر والبلوغ وغيرها.
يقول الحديث الأول: "عن أبي قتادة حارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))" (إذا دخل أحدكم) أحد مفرد مضاف فيعم الجميع، أي داخل للمسجد لا بد أن يصلي ركعتين، لكن هل يشمل خطيب الجمعة مثلاً؟ دخل خطيب الجمعة يصعد إلى المنبر وإلا يصلي ركعتين عملاً بهذا الحديث؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل المسجد رقي المنبر، وهذا مخصص لهذا الحديث، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى العيد ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما، فمن دخل لصلاة العيد يصلي وإلا ما يصلي؟ هل نقول: إنه يشمله عموم هذا الحديث أو نقول: لا يصلي لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يصل؟ وهل ترك الركعتين قبل العيد وبعدها من قبله -عليه الصلاة والسلام- من أجل تخصيص صلاة العيد بهذا؛ ليشمل عموم الأمة أو لأنه انشغل بالصلاة؟ انشغل بالصلاة، والمقصود شغل البقعة، وعلى هذا إذا صليت العيد في مسجد، ودخل المأموم قبل الإمام يصلي ركعتين وإلا ما يصلي؟ يصلي، يشمله عموم هذا الحديث، يصدق عليه أنه دخل المسجد، فيصلي ركعتين، كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يصل قبلهما ولا بعدهما في مكانها، النبي -عليه الصلاة والسلام- انشغل بالصلاة؛ لأن الصلاة تقدم، كما لو دخل المأموم وقد أقيمت الفريضة، ينشغل بها عن تحية المسجد، وعن الراتبة القبلية، والمقصود من وجود الركعتين شغل البقعة، ولذا تتأدى هاتان الركعتان بأي صلاة، لكن لا بد أن تكون ركعتين فأكثر ((حتى يصلي ركعتين)) إذا قال: أنا أدخل المسجد بعد صلاة العشاء، وبدلاً من أن أجلس وأخالف النهي أصلي ركعة واحدة أنويها وتر وتكفي، نقول: لا بد من ركعتين، لكن لو قال: أوتر بثلاث، أوتر بخمس، أوتر بتسع، نقول: لك ذلك؛ لأنه صدق عليك أنك أتيت بركعتين، والمسألة خلافية بين أهل العلم، لكن لا تتأدى ولا يتم الامتثال في هذا الحديث إلا بركعتين فأكثر ((إذا دخل أحدكم المسجد)) هل يشمل كل ما يمكن أن يطلق عليه مسجد؟ مصلى العيد مثلاً، مصلى الجنائز، كان الجنائز لها مصلى خاص خارج البلد يسمى جبانة، يصلون هناك، تكون قريب من المقبرة، وأحياناً في جزء المقبرة، وأما مصلى العيد الذي أمر الحيض باعتزاله فله أحكام، أي نعم هو دون المسجد في الأحكام، وفوق مصلى الجنائز، ولذا يقرر أهل العلم أن مصلى العيد مسجد، ومصلى الجنائز ليس بمسجد، طيب المسجد الذي معروف حدوده ومعالمه لا شك أن له جميع أحكام المسجد، لكن المصليات في الأماكن العامة، وفي الدوائر الحكومية، يصلى فيه وقت واحد، الظهر مثلاً هل يأخذ أحكام المسجد؟ لا يأخذ أحكام المسجد، بدليل لو أنه بيع هذا المكان بيع معه، لم يوقف على أساس أنه مسجد، وليست فيه معالم المسجد، ولا تتأدى به الجماعة المطلوبة حيث ينادى بها، ولذا من يسمع النداء يلزمه الإجابة، ولا يكفي أن يصلي في مصلى الدائرة أو في غيرها، اللهم إلا إذا ترتب على خروجه من هذا المكان ضياع للعمل، أو تضييع للطلاب، أو ما أشبه ذلك، هذه المسألة رخص فيها أهل العلم من أجل حفظ العمل، وحفظ الطلاب من الضياع والتسيب.
((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس)) لو قال: أريد أن أدخل المسجد وأستمر واقفاً، أو قال: لن أجلس أبى أضطجع، أنا جاي أبا أنام خلاص، هو قال: ((لا يجلس)) ما أنا بجالس، انسدح على طول، يتم أو ما يتم؟ تلزمه الصلاة؟ ولو قال: أبا أقف؟ نعم؟ المكث، لو وقف ساعة؟ يقول: أنا ما جلست، أنا ما خالفت، ولو كان بيده عمل يسير يقتضي الجلوس، وهذا العمل يفوت، يعني مثل الذي يركبون الآلات هذه للدروس، وفيها مصلحة تخدم الدرس، يقول: أنا أركب الذي بيدي وأصلي ركعتين، يعني جلوس غير مقصود، وقل مثل هذا لو خرج من باب ودخل مع باب، هو يريد الدخول في المسجد، دخل مع هذا الباب وصلى ركعتين، قال: لا أبا أجلس بتلك الزاوية، لكن ما أنا مؤذي اللي أمر عليهم، أطلع وأدخل، نقول: هذا خرج ليدخل يلزمه ركعتين أو ما يلزمه؟ وقل مثل هذا من صلى في المسجد الحرام مثلاً، صلى الفرض مثلاً في الدور الأرضي، ووجده ضنك وضيق وحر ومدري إيش؟ قال: أطلع السطح، فطلع مع الباب، ورقى السلم الكهربائي، وصلى في السطح، قبل ما..... نقول: تصلي ركعتين وإلا ما تصلي؟ لأن منهم من يفرق بين من خرج لذات الخروج، ودخل لذات الدخول، ومن خرج ليدخل، ومنهم من يفرق بينما إذا كان الفاصل قصير، يعني يتردد على المسجد، هو جالس في المسجد، فأراد أن يخرج إلى البرادة برع يشرب ويرجع، يلزم وإلا ما يلزم؟ خرج ليتوضأ ويرجع، والدورة قريبة جداً، هم يقولون: إذا كان الفاصل قصير، وهذا مقيس على من يتكرر دخوله على مكة، كالحطاب والجمال وغيرهم، يتكرر دخولهم، يومياً يدخلون على اليموزينات وعلى..، يلزمه إحرام وإلا ما يلزمه؟ عند من يقول: إن الإحرام يلزم كل داخل، وهو المذهب عند الحنابلة، وجمع من أهل العلم، أما من يقول: إنه لا يلزم الإحرام إلا من أراد الحج والعمرة، كما هو منصوص ومنطوق الخبر، ممن أراد الحج والعمرة، هذا ما فيه إشكال، لكن الذي يقول: بأنه يلزم كل داخل يقولون: هذا الذي تكرر دخوله ما يلزمه يحرم كل ما دخل، فالذي تكرر دخوله إلى المسجد مع فاصل يسير هذا عندهم لا يلزمه تحية؛ لأن هذا يشق والمشقة تجلب التيسير، فمن دخل ليخرج يتسامحون في أمره، من خرج قريباً ليعود ليشرب أو شبهه، أو بيكلم شخص عند الباب يدخل هو حي المسجد والحمد لله، فمثل هذا يتسامح في حقه، وإلا من دخل جاء التوجيه النبوي ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وعامة أهل العلم على أن النهي للكراهة، والأمر بالركعتين للاستحباب، هذا عامة أهل العلم عليه، ولم يقل بوجوبه إلا نزر يسير من أهل العلم، وهو مقتضى اللفظ الوجوب، لكن الصوارف، ذكروا صوارف كثيرة، فمثلاً حديث الثلاثة لما مروا بالمسجد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- جالس في المسجد، ثلاثة، واحد جلس، وجد فرجة فجلس، وآخر جلس في آخر الحلقة، والثالث انصرف، ثم قال: ((ألا أخبركم بخبر الثلاثة؟ أما الأول فآواه الله، والثاني فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه)) وما حفظ أنهما صليا تحية المسجد، هذا من الصوراف، ويذكرون مثل هذه القضايا الكثير، يعني قضايا متعددة في مثل هذا، فللموجب أن يقول: إن ما تقرر في الشرع، وجاء الأمر به على وجه التخصيص لا يلزم نقله في كل حادثة؛ لأنه نقله من تقوم الحجة بنقله، فلا يلزم أن ينقله كل أحد، خلاص، يصير هذا معروف، ما يحتاج نقل ثاني، احتمال أنهما صليا تحية المسجد، لو ما صليا لاتجه إليهما ما أتجه إلى غيرهما، صليت ركعتين؟ يعني لو لم يكن صليا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، جلس، قال: ((صليت ركعتين؟)) قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) ولا يلزم أن ينقل، ومنهم من يقول -وهذا مذهب عامة أهل العلم- على أنها للاستحباب، وذكروا من الصوارف ما ذكروا، ومنها: ((خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة)) وليس منها تحية المسجد، على كل حال الأمر المعتبر والمفتى به عند أهل العلم أن الأمر للاستحباب وليس للوجوب.
((فلا يجلس)) الأمر بالشيء يقول أهل العلم: نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده، فإذا نهي عن الجلوس هل هو أمر بالقيام؟ هو نهي عن الجلوس مغيا بغاية، وهي صلاة ركعتين، فإذا لم يحصل منه الجلوس لا تلزمه هذه الغاية؛ لأنه مربوط بغاية، فلا تلزمه هذه الغاية، ومعلوم عند أهل العلم أن الأمر بالشيء إذا كان ضده واحد صار النص أمر بالشيء بمنطوقه، ونهي عن ضده بمفهومه، لكن إذا كان له أضداد، أكثر من ضد، فهل هو نهي عن جميع الأضداد أو عن واحد منها، أو لا يتناول الأضداد كلها؟ فعندنا فلا يجلس، هل معنى هذا فليقف؟ يعني الجلوس ضده القيام، وعند الظاهرية أيضاً من أضداده الاضطجاع، فإذا اضطجع عند الظاهرية ما عليه شيء، خلاص لأنه ما جلس، إلا عند من يقول: إنه لا يمكن أن يضطجع حتى يمر بالجلوس، ما يتصور اضطجاع من غير جلوس، يتصور وإلا ما يتصور؟ يعني على طول بيطيح، ما يمكن، فإذا اضطجع صدق عليه أنه جلس؛ لأنه لا ينفك الاضطجاع من الجلوس، فالاضطجاع لا يحل الإشكال كما يقول أهل الظاهر، نعم إن وقف فلا يتجه إليه النهي، لكن من الذي يقف مدة طويلة وبإمكانه أن يصلي هاتين الركعتين في دقيقتين؟ خشية أن يصلي؟ هذا محروم، فيصلي ركعتين ثم يجلس، لكن إذا قال: أنا لن أجلس، أقف، لا سيما إذا كان المانع شرعي، إيش المانع الشرعي؟ النهي مانع شرعي، فمثل هذا له وجه إذا كان المانع مرغب فيه، له وجه، إذا قال: والله أنا الآن درس، إن صليت فلن أعقل من صلاتي شيء، ولن أستفيد من الدرس، يعني لن أستفيد من الدرس، ولن أعقل من صلاتي شيء، فأنا با أقف إلى أن ينتهي الدرس، هذا مبرر أنه يقف، لكن شخص ما عنده..، يبي ينتظر شخص، قال: ميعادك المسجد، وطال قيامه، قال: أنا بأجيك الساعة ثمان، ودخل المسجد سبع ونصف، قال: نصف ساعة أقف، إيش يصلي ركعتين؟ الله المستعان، نقف بدل أن نصلي، نقول: لا يا أخي أنت محروم، صل ركعتين وأجلس.
هنا مسألة لو دخل إلى المسجد وهو بغير طهارة، يستحسن بعضهم أن ينشغل بالتسبيح والذكر ويجلس، لكن هل من لازم الأمر بهاتين الصلاتين الأمر بالوضوء؛ لأنه ما لا يتم إلا به؟ أو نقول: إن عدم الوضوء مبرر للجلوس؟ مسألة الاضطجاع التي يقولها الظاهرية ترى يحتاجها كثيراً الذي يحتاج إلى أن ينام في المسجد، يعني معتكف، وكل ما انتبه يبي ينتبه يروح إلى الدورة يتوضأ ويجئ يصلي ركعتين، معناه ما ينام، يطير عنه النوم، فيقول: أنا ما أنا بجالس، أضطجع على مذهب الظاهرية، نقول: هذا حكمه حكم من يكثر التردد، إذا صلى أول مرة فالخروج اليسير هذا مبرر سهل، عند كثير من أهل العلم يرخص له في أن لا يصلي، أقول: الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به، فهل الأمر بهاتين الركعتين أمر بالوضوء لهما؟ نقول: نعم أمر بالوضوء لهما، لكن ما دام الركعتان مستحبتين، فالأمر بالوضوء لهما مستحب؛ لأنه لا يتأدى هذا المستحب إلا بهما، ومسألة الإتيان بهاتين الركعتين في أوقات النهي بحثت أكثر من مرة، يعني بسطت أكثر من مرة، فلا نحتاج إلى إعادتها، نعم.
عفا الله عنك.
وعن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.
هذا يقول: الوقت الذي قبل صلاة العيد أليس وقت نهي؟
ليس وقت نهي، نعم من دخل في وقت النهي، لكن المسألة مفترضة فيمن دخل بعد خروج وقت النهي؛ لأن وقت النهي الذي قبل صلاة العيد هذا وقت مغلظ معروف، لكن تأخير الفطر مثلاً، لو أخرت بعد خروج وقت النهي بنصف ساعة مثلاً، ودخل قبل الصلاة بعد ارتفاع الشمس، إن كان صلاة العيد في المسجد يصلي ركعتين، وإن كانت في غير المسجد فالأمر فيه سعة، أما بالنسبة لما بعد صلاة العيد فثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصلي ركعتين في بيته، ولعلهما ركعتا الضحى، وإلا فصلاة العيد ليس لها راتبة.
في الحديث الثاني يقول: "عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه في الصلاة" إذا عطس شمته، إذا سلم رد عليه، إذا احتاج إلى شيء كلمه "حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة]" القنوت له معاني كثيرة، منها: داوم الطاعة، ومنها: الطاعة، ومنها: طول القيام، ومنها: الصلاة، ومنها: السكوت، وما الذي يرجح السكوت معنا؟ السياق، يكلم مقابله السكوت "يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه، حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام" أمرنا بالسكوت يعني أمرنا بهذه الآية أو بنصوص أخرى؟ ((أن هذه الصلاة لا يصلح فيها... كلام الناس)) لكن هل هذه الآية، يعني هل قول الصحابي: فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام بهذه الآية، وإلا بأدلة أخرى؟ نعم؟
وهذه الآية تدل على النهي {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] يعني ساكتين، فأمرنا بالسكوت "قوموا قانتين" يعني حال كونكم قانتين ساكتين، معناه: اسكتوا، هنا هنا السياق، يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه، فنزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] الغاية "قوموا لله قانتين".
طالب:.......
لا سياق الخبر، سياق الخبر يدل على أنه في السكوت؛ لأنها غاية للكلام؛ لأن الصحابي ساقه على أنه غاية للكلام، وسبب نزولها إيش؟ كلامهم، فجاء النهي عن الكلام والأمر بالسكوت لأنهم كانوا يتكلمون، والغاية هنا {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] هو مشترك لمعاني كثيرة، لكن السياق ما الذي يرجح أحد معاني المشترك؟ السياق، وهنا السياق يدل على أن قانتين ساكتين، الآن الخبر مرفوع وإلا موقوف؟ نعم؟ له حكم الرفع من أي وجه؟
الطالب:.......
دعنا من آخره، لو ما فيه "كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة]" نعم؟ الحاكم يرى أن تفسير الصحابي له حكم الرفع؛ لأن الصحابي الذي عاصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرف ما جاء في التفسير من قبل الرأي لن يقدم على تفسير القرآن إلا وعنده أصل حجة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن عامة أهل العلم حملوا ذلك على ما يتعلق بأسباب النزول، له حكم الرفع، وما عدا ذلك يحتمل أنه قاله باجتهاده، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-:
وعُدّ ما فسره الصحابي |
| رفعاً فمحمول على الأسبابِ |
يعني على أسباب النزول، وهنا أمروا بالسكوت، ونهوا عن الكلام بهذه الآية وبغيرها من النصوص، وأمرنا ونهينا معروف أن له حكم الرفع عند أهل العلم، والكلام من عالم بتحريمه، متعمد له، ذاكر لصلاته، لغير مصلحة الصلاة، قالوا: أو إنقاذ مسلم، مبطل لها، لمصلحة الصلاة مثل ما جاء في حديث: ذي اليدين، تكلموا، لكنه لمصلحة الصلاة فلم تبطل، لإنقاذ مسلم من هلكة، أعمى يقع في حفرة فينبه، قالوا: لإنقاذ مسلم من هلكة، هذا الكلام مفسدة مغمورة بالنسبة لإنقاذ المسلم، ومع ذلك الكلام مبطل للصلاة؛ لأن هذه الصلاة لا يصلح معها شيء من كلام الناس، فمن مبطلات الصلاة الأكل والشرب والكلام والضحك وغيرها، كلها مبطلات الصلاة، الكلام المبطل، أما الإشارة المفهمة التي تؤدي ما يؤديه الكلام من فهم هذه لا تبطل الصلاة، وسبقت الإشارة إليها، عندنا الإشارة غير المفهمة، الإشارة ولو كانت مفهمة هذه لا تبطل الصلاة، غير الإشارة مما لا يسمى كلام، هو لا يسمى كلام، لكن من لازمه خروج بعض الحروف، تنحنح، انتحب، بكى، حصل له أنين في الصلاة، كل هذه قد يخرج منها الحرف والحرفان، ولذا عند الحنابلة والشافعية من فعل شيئاً من هذا فبان منه حرفان بطلت، تبطل عنده ببيان حرفين، ومن عداهم يقول: لا، ما دام ما تكلم، ولا يصدق عليه أنه كلام لا لغوي ولا شرعي ولا عرفي لا يبطل الصلاة، النبي -عليه الصلاة والسلام- يسلم عليه فيرد بالإشارة، يرد السلام بالإشارة، والإشارة مفهمة، وفي حديث أسماء في صلاة الكسوف "أشارت إلى السماء أن آية؟" فأشارت برأسها: "أن نعم".
الكلام لمصلحة الصلاة أو لإنقاذ مسلم قلنا: إنه يجوز، لكن هل يبطل الصلاة؟ وهل يلزمه الإعادة؟
لا يبطل الصلاة، ولا تلزمه الإعادة.
هل يوجد وقت نهي يوم الجمعة قبل الظهر؟
حفظ عن الصحابة أنهم يتطوعون ويصلون حتى يخرج الإمام، وجاء في الباب حديث: ((إن الجمعة لا تسجر فيها جهنم)) مثل هذا اليوم، فيوم الجمعة استثناه أهل العلم من وقت النهي، وسلف هذه الأمة لا يزالون يصلون حتى يخرج الإمام، نعم.
عفا الله عنك.
وعن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا أشتد الحر فابردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)).
هذا الحديث المروي عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- يعني الثلاثة، عمر وابن عمر وأبو هريرة "عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- أنهما" أنهما يعود إلى الراويين، لابن عمر وأبي هريرة "عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا أشتد الحر فابردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم))" وسبق أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الظهر بالهاجرة، وسبق الحديث فيه، وأن الهاجرة هي وقت شدة الحر، يعني أول الوقت، ثم صارت تطلق على المبادرة بصلاة الظهر في أي فصل من فصول السنة، وسبق الكلام فيه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا اشتد الحر فابردوا عن الصلاة)) وهذا من شفقته ورحمته بأمته -عليه الصلاة والسلام-؛ لئلا يشق عليهم، فيخرجهم من بيوتهم في هذا الوقت الشديد الحر.
((فابردوا عن الصلاة))...
هذا يقول: لقد سألتك أكثر من مرة فلم تجب –الآن لا بد أن نجيب- إذا أتيت إلى زواج وفيه تصوير فيديو فما العمل؟
على كل حال إذا كنت ممن يرى تحريم التصوير بالفيديو فلا يجوز لك البقاء، تنكر إن امتثلوا بها ونعمت، وإلا فلا يجوز لك البقاء، وإن كنت ممن يقلد من يرى جواز ذلك، وأنت لست من أهل النظر، فأفتى به من تبرأ الذمة بتقليده، لكن على الإنسان أن يعمل بما يعتقد ويدين الله به، لا يساوم في دينه، لا يجامل في دينه، إذا كان يرى هذا أمر محرم لا يصوغ له البقاء، والله المستعان.
((إذا أشتد الحر فابردوا عن الصلاة)) الزوال اثنا عشر، ويخرج الوقت بعد ثلاث ساعات ونصف مثلاً، وكله وقت أداء للصلاة، إيش معنى نبرد؟ يعني في شدة الحر، العصر شدة الحر، فابردوا هل معناه أننا نصلي الظهر في آخر النهار إذا برد الجو أو في وقتها؟ لكن هل ينحل الإشكال في وقتها؟ يعني بعد ساعتين من الزوال، ثلاث ساعات من الزوال يبرد الوقت وإلا يستمر حار؟ يستمر حار، لكن المقصود أن يكون للجدران ظل، يستظل به الناس للخروج إلى الصلاة، ومنهم من يقول: تؤخر الصلاة -صلاة الظهر- إلى آخر وقتها ليكون الظل مستوعب للناس وقت دخولهم وخروجهم، وأيضاً للتيسير على الناس ليخرجوا إلى الصلاتين مرة واحدة، فيكون كالجمع الصوري، منهم من يرى هذا من أهل العلم، ويقول: لو تأخرنا ساعتين ما أنحل الإشكال، سنطلع بين الشمس طالعين طالعين أول الوقت أفضل، الملاحظ أنه في شدة الحر ما ينحل الإشكال إذا أخرنا ساعة أو ساعتين، لكن وجه التأخير ليكون للحيطان ظل يستظل به الناس، وإلا بعد الزوال مباشرة يصعب أن يوجد ظل يستظل به جميع الناس الذين يريدون أن يخرجوا إلى الصلاة، ويخرجون منها، وعلى كل حال هذا من رأفته -عليه الصلاة والسلام- بأمته، وهذا من تيسير الله -جل وعلا-، لكن هل التأخير رخصة وإلا هو السنة؟ لأنه جاء ما يدل على أن أفضل الوقت أوله، أول الوقت هو أفضله، فهل نقول: إن هذه رخصة أو نقول: سنة؟ وإذا قلنا: رخصة فمن لا يحتاج إلى هذه الرخصة يفعلها يؤخر وإلا يقدم يرجع إلى الأصل؟ وإذا قلنا: سنة يفعلها ولو لم يحتج إليها، طيب مجموعة من الناس طالعين في نزهة، وفي استراحة، ولا عندهم إشكال، ولا يسمعون النداء، ويصلون في استراحتهم، والمكيفات شغالة، والمكان يستوعب، ودورات المياه في جانب..، ما عندهم مشكلة، هؤلاء يقدمون وإلا يؤخرون؟ إذا قلنا: رخصة يرجعون إلى الأصل يقدمون؛ لأنهم ما عندهم مشكلة، العلة للتأخير ليست موجودة، وإذا قلنا: هذه هي السنة يؤخرون ولو لم يتأذوا بالحر، وقل مثل هذا في الجمع لسبب في الحضر، إذا قلنا: إنه رخصة لا يسوغ لمن لا تنطبق عليه العلة، وإذا قلنا: هو السنة قلنا: يجمع مع الناس ولو ساكن في غرفة في المسجد.
((فابردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) لأن جهنم اشتكت إلى الله -جل وعلا-، وأن بعضها أكل بعضاً، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد ما يوجد من البرد من ذلك النفس، فيستعيذ المسلم من حرها وبردها، وأشد ما يوجد من الحر فهو من النفس الثاني ((فإن شدة الحر من فيح جهنم)) كونها اشتكت هل هو بلسان الحال أو بلسان المقال؟ لا يمنع أن يكون بلسان المقال، وأن تشتكي بالصوت والحال، وش المانع؟ {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [(11) سورة فصلت] إيش المانع؟ تتكلم، القدرة الإلهية صالحة لهذا، منهم من يقول: أبداً اشتكت بلسان المقال، والله -جل وعلا- رأى ذلك منها فنفس لها، لكن الأصل الحقيقة، والشكوى الأصل فيها أن تكون باللسان، نعم.
عفا الله عنك.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)) وتلا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طـه] ولمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)).
هذا يقول: هل التبسم مبطل للصلاة؟
الأكثر على أنه لا يبطل الصلاة؛ لأنه ليس ضحك، لكنه منافٍ لمتقضى الخشوع، الخشوع ينافيه التبسم، وعند ابن حزم التبسم مبطل للصلاة؛ لأنه ضحك، بدليل قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} [(19) سورة النمل] فدل على أن التبسم من الضحك، والجمهور على أنه لا يبطل الصلاة.
من خرج من المسجد وذهب إلى مسجد آخر فهل تلزمه السنة؟
نعم تلزمه تحية المسجد للمسجد الثاني.
"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)) وتلا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طـه] ولمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها))".
من نسي صلاة، نعم الإنسان معرض للنسيان، لكن على المسلم أن يكون من الاهتمام بحيث لو ينسى الأكل والشرب والنوم والعمل والوظيفة والأهل والمال ما ينسى رأس المال الذي هو الدين، لكن إذا حصل هذا غفل، والإنسان يأتيه ما يشغله، وينسيه ويلهيه ويذهله، أحياناً بعض المواقف تجعل الإنسان يذهل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- شغله الكفار يوم الخندق عن صلاة العصر، على كل حال من نسي، والناسي {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] قال: قد فعلت.
((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)) لو وجد شخص كل يوم ينسى فرض ويستدل بالآية، وما سمي الإنسان إلا لنسيانه، هذا يدل على عدم اهتمام، يدل على عدم اكتراث، نعم قد ينسى في السنة، قد ينسى في العمر، أما إذا دل الأمر على عدم الاكتراث فإنه يؤاخذ بهذا، وإلا فالأصل أن النسيان معفو عنه، من نسي صلاة فليصليها إذا ذكرها، هذا وقتها، مجرد ما يذكرها في أي وقت من ليل أو نهار فليصلها، تعقيب بالفاء، يعني مباشرة فوراً ((فليصلها إذا ذكرها)) إذا تذكرها صلى ((لا كفارة لها إلا ذلك)) يعني لا يلزمك أن تتصدق، لا يلزمك أن تعتق، لا يلزمك أن تصوم، فهذه كفارتها تصليها إذا ذكرتها، هل يلزمك أن تتوب؟ تستغفر؟ نعم ليس على سبيل الوجوب، لكن من تمام العمل أن تنسب التقصير إلى نفسك، مهما بذلت من الأسباب فالتقصير حاصل، لكن هل يتصور أن الإنسان ينسى الدوام؟ هل يتصور أن الإنسان ينسى الدراسة؟ ما معنى كونه ينسى الصلاة ولا ينسى دوامه ولا دراسته، ولا أكله ولا شربه؟ لا بد من التقصير، مع أن الإنسان مجبول على النسيان، لكن يبقى أنه عدم الاهتمام جعله ينساها، وحينئذٍ يعترف بتقصيره، ويندم، وهذا رفعة لدرجاته، لا لأنه يأثم إذا نسي لا هذه مسألة أخرى، يعني قد يقول الفقهاء -فقهاء الظاهر-: أنت ما يلزمك إلا تصليها، لكن أرباب القلوب يقولون: عليك تبعات أخرى، تندم وتنكسر بين يدي الله، ولعل الله -جل وعلا- أن يتجاوز عنا وعنك، وهذا ينبغي أن يكون ديدن المسلم وحاله، أن ينسب نفسه إلى التقصير باستمرار ولو أدى العبادة، ولذلك شرع في نهاية كل عبادة ذكر من الأذكار، بعد الصيام التكبير، بعد الصلاة الاستغفار، بعد..، نعم {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ} [(185) سورة البقرة] وبعض الناس يفعل ويفتي غيره، إذا قيل له: إن فلان حصل له مانع من صلوات أسبوع مثلاً، عليه صلوات أسبوع، يفتي لنفسه أن يصلي كل فرض مع فرض، صلى الفجر اليوم يصلي الفجر من اليوم الأول، صلى الظهر اليوم يصلي الظهر من اليوم الأول، أو يسرد صلوات الفجر كلها؟ حق أسبوع، إذا صلى الظهر صلى صلوات الظهر كلها، ثم إذا صلى العصر صلى صلوات العصر كلها وهكذا، فيفعل في نفسه، وقد يفتي غيره، وسمعنا من يقول بهذا من العوام، لكن قضاء الفوائت فوراً، عليك صلوات أسبوع اسردها الآن، والمشقة تجلب التيسير، إذا كانت تعوقك عن تحصيل الحاضرة، وعند أهل العلم الترتيب واجب، ولا يسقط إلا بنسيانه، أو بخشية فوات وقت اختيار الحاضرة، فإذا نسي وصلى العصر قبل الظهر ما عليه، لكن مع الذكر لا يجوز أن يصلي الظهر قبل العصر، ومن سرد الفجر سبعة أيام قبل الظهر هذا مرتب؟ ما رتب هذا، يصلي اليوم الأول الفجر ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء، في وقت ولو كان وقت نهي؛ لأن هذه فرائض لا تدخل في النهي، ثم يأتي اليوم الثاني كذلك واليوم الثالث كذلك... إلى آخره إلى أن تنتهي، للمبادرة في إبراء الذمة.
((فليصلها إذا ذكرها)) يعني بمجرد ذكره إياها يصليها ((لا كفارة لها إلا ذلك)) ما في بديل عن كونه يصليها، لا بديل عن صلاته إياها، ولا ينوب عنه أحد فيها، ما يقول: والله أنا مشغول، وورائي صلوات، قم يا فلان صل عني، ما في أحد يصوم عن أحد...
"وتلا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طـه]" لا شك أن الصلاة إنما شرعت، والمساجد إنما بنيت لإقامة ذكر الله، فهي مشتملة على الذكر، وقد يكون المراد من الآية وما يدل عليه السياق أقم الصلاة لذكرك إياي، وذهاب النسيان عنك، يعني لتذكرك هذه العبادة المشتملة على ذكري.
"ولمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها))" وقل مثل هذا فيمن صلى صلوات مع الإخلال بها، وأمر بقضائها، صلى صلوات غير مجزئة، فأمر بإعادتها، يكون حكمه حكم من نام عنها، أو نسيها، يقضيها فوراً ((فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)) ومثل ما تقدم، لا كفارة لها إلا ذلك، لا يلزمه غير هذا، وهل نقول: إن من نام عن الصلاة فانتبه هو الوقت، ويكون فعله إياها أداء، باعتبار أن وقتها بدأ الآن من استيقاظه، أو نقول: هو قضاء؟ ومثله من نسي ثم ذكر، وقته من ذكره إياها أو وقتها الحقيقي، ومع ذلك ثم يقضيها بعد ذلك، مقتضى تعريفهم للقضاء والأداء أنها قضاء، لكن لا إثم في ذلك؛ لأنه معذور شرعاً، هذا من نسي، ومن نام المعذور في الجملة، لكن غير المعذور، ذاكر ومنتبه وجالس يسولف مع زملائه ومع زوجته وأولاده إلى أن خرج الوقت، هذا في المعذور فليصلها إذا ذكرها، غير المعذور يصليها إذا خرج وقتها، يعني متعمد لإخراجها عن وقتها.
يقول: عند مسلم: وإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها، فهذا فيه إشكال، أي أنها تصلى مرتين، لا، يصلي عند وقتها، يعني صلاة اليوم الثاني يصليها في وقتها، فلا يؤخرها كما مضى، أقول: المتعمد للتأخير هل يصليها إذا أراد أن يصليها بعد خروج وقتها؟ وعرفنا بالنسبة للنائم والناسي معذور ويصليها إذا ذكرها، النائم يصليها إذا استيقظ، فهل المتعمد حكمه حكم الناسي؟ المنصوص عليه الناسي والنائم، عامة أهل العلم، ونقل عليه الإجماع أنه يأثم بتأخيرها عن وقتها، وعليه قضاؤها، نقل على هذا الإجماع، أنه يجب عليه أن يقضيها، فإذا طولب المعذور فلئن يطالب غير المعذور من باب أولى، هذا نقل عليه الإجماع، ويرى جمع من أهل التحقيق، بل نقل عليه ابن حزم الإجماع على أنه لا يقضيها، إذا فرط فيها عالماً متعمداً مصراً حتى خرج وقتها، وأن فعلها بعد خروج الوقت كفعلها قبل دخوله، وهذه من غرائب المسائل التي ينقل فيها الإجماع على القولين المتناقضين، يعني ينقل الإجماع على أنه يلزمه القضاء، فإذا أمر المعذور بالقضاء فلئن يأمر غير المعذور من باب أولى، فلا أن لا يعذر، بل يلزمه القضاء، يؤمر بالقضاء من باب أولى، وهذا قول الجماهير، بل نقل عليه الإجماع.
أما القول الآخر ونقل عليه ابن حزم الإجماع، ويرجحه شيخ الإسلام، وأفتى به بعض المحققين، أنه لا يقضيها، خلاص خرج وقتها، انتهى وقت فعلها، الوقت المحدد لها انتهى، يعني كما لو صلاها قبل الوقت، كذلك إذا صلاها بعد الوقت مع العمد، وقول الجمهور واضح يعني ومأخذهم واضح، إذا أمر المعذور بالقضاء فلئن يأمر غير المعذور من باب أولى، ومما يستدل به شيخ الإسلام وغيره أن هذه صلاة ليست على أمره، وليست على هديه -عليه الصلاة والسلام-، فهي مردودة مردودة، فلا يكلف نفسه، وجاء في الحديث الصحيح ((من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر ولو صامه)) لكن جماهير أهل العلم يلزمه القضاء، قضاء هذا اليوم، وأما بالنسبة للإثم آثم، من نام عن صلاة فانتبه قبل خروج وقتها بخمس دقائق، بحيث يمكنه أداؤها، لكن انتبه محتلماً، يلزمه الغسل، إن اغتسل خرج الوقت، وإن تيمم أدرك الوقت، وكل من الطهارة والوقت شرط لصحة الصلاة، فهل يقدم هذا أو يقدم هذا؟ يعني تقدم الطهارة وإلا يقدم إدراك الوقت؟ كل منهما شرط لصحة الصلاة؟
طالب:........
الوقت، غيره؟
طالب:........
الطهارة نعم، الجمهور على أن المقدم الطهارة، ولذا تجدون في تصانيفهم عامة أهل العلم على أن الكتب إنما تبدأ بكتاب الطهارة لأهمية الطهارة، و((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) و((لا تقبل صلاة بغير طهور)) ورأي الإمام مالك أن الوقت أهم من الطهارة، ولذا بدأ في موطئه بكتاب وقوت الصلاة، وشيخ الإسلام له استرواح وميل إلى مذهب مالك، وعلى كل حال هو معذور، إذا انتبه قبل طلوع الشمس بما لا يكفي إلا الاغتسال أو الصلاة يغتسل ثم يصلي، وفي هذا معذور، كما لو خرج وقتها، نعم.
عفا الله عنك.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- كان يصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.
حديث معاذ تقدم بعضه، وفيه الأمر بالتخفيف، وفيه غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتغليظ القول على معاذ؛ لأنه طول في الصلاة، معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يصلي العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ليدرك فضل هذه الصلاة خلفه -عليه الصلاة والسلام-، والصلاة تفضل بزيادة فضل الإمام، وبعلم الإمام، وورع الإمام، تفضل بهذا، فليتحرى الإنسان من يصلي وراءه، يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- لإدراك هذه الفضيلة الصلاة خلفه، وأيضاً لو جد جديد، وإلا نزل وحي، أو جاء خبر جديد يتابعون -رضي الله تعالى عنهم-، ويتناوبون، واحد يدخل أول النهار، وواحد يدخل آخر النهار، وواحد يلازم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنهار، وواحد يلازمه في الليل من أجل يحملوا عنه هذا الدين، فيصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشاء، ثم يرجع إلى قومه، يرجع إلى بني سلمة "فيصلي بهم تلك الصلاة" العشاء، ويعيد الصلاة، فيصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- الفريضة، ويصلي بهم نافلة، وجاء عن الدارقطني: "فهي لهم فريضة، وله تطوع" وقل مثل هذا فيمن صلى برحله، ثم وجد الناس يصلون يصلي معهم، وفريضته التي صلاها الأولى؛ لأن قلب الفريضة إلى نافلة إنما تكون من المنفرد قبل الفراغ منها، إذا فرغ منها استقرت، ولا بد أن يكون منفرداً، وأن يكون الوقت متسعاً "وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز" فالتي يصليها مع النبي -عليه الصلاة والسلام- الفرض، والذي يصليها بقومه هي النافلة، والحديث عمدة لمن يصحح صلاة المفترض خلف المتنفل، والذين يتمسكون بمثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)) يدخِل في ذلك النيات كالحنابلة، عندهم لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، ولا من يصلي الظهر خلف من يصلي العصر، ولا عكسه، لا بد من إتحاد النية بين الإمام والمأموم، لكن هل يقول الحنابلة بالعكس؟ لا يصححون صلاة المتنفل خلف المفترض؟ يصححونها؛ لأن الشخص صلى في رحله ثم جاء إلى مسجد، ووجد الناس يصلون، وفي نص: ((إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتم المسجد فصليا، فإنها لكما نافلة)) هذا نص في كون المتنفل يصلي خلف المفترض، وحديث الباب يدل على صلاة المفترض خلف المتنفل، والتفريق بينهما يحتاج إلى نص قاطع، يعني نظير ما جاء في الوضوء بفضل المرأة... ((لا تغتسل المرأة بفضل الرجل، ولا الرجل بفضل المرأة)) ومن أهل العلم من يقول: إن الرجل لا يغتسل بفضل المرأة، والمرأة تغتسل بفضل الرجل، ويستدلون بهذا الحديث، إما خذوه جملة أو اتركوه جملة، التفريق بين المتماثلات لا سيما التي مساقها واحداً يحتاج إلى نص قاطع للعذر.
وعندنا حديث الباب دليل على جواز اقتداء المقترض بالمتنفل، وفيه دليل أيضاً على جواز إعادة الصلاة في اليوم الواحد مرتين، يعني إذا وجد سبب لهذه الإعادة، أما إذا كان مجرد وسواس فلا، صلى صلاة كاملة بشروطها وأركانها وواجباتها خلف إمام، ثم يقوم فيعيدها منفرداً ما في مبرر، فنقول: ابتدعت، لكن يوجد مبرر، صليت مع منفرد وجدت جماعة هذا مبرر، فعلت مثل ما صنع معاذ، أيضاً هذا مبرر، أقره النبي -عليه الصلاة والسلام- "ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة" في هذا رد على من لا يجيز صلاة المفترض خلف المتنفل، وشيخ الإسلام في الاختيارات رجح قول الشافعية، ويقول الناظم ناظم الاختيارات:
وعند أبي العباس ذلك جائز |
| لفعل معاذ مع صحابة أحمدِ |
فهي له نافلة، ولهم فريضة، نعم.
عفا الله عنك.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته بسطه ثوبه فسجد عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه" ثوبه المتصل أو المنفصل؟ "نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني هل تصور أن الصحابة ينقلون ثياب معهم غير التي عليهم؟ لا، هي المتصلة، والسجود على الحائل المنفصل هذا ما فيه إشكال، صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخمرة وعلى الحصير، لكن المتصل؟ وتقدم في حديث: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) أن الركبتين تستران، وكذلك القدمان، وأما بالنسبة للوجه واليدين مع الحاجة إلى ذلك لشدة الحر أو شدة برد، وقل مثل هذا فيما لو كانت الفرشات قديمة، وينبعث منها روائح، تجد بعض الناس يضع شماغه ويصلي عليه، إذا وجدت الحاجة، هم يقولون: بالكراهة، والكراهة عندهم تزول بأدنى حاجة، هذا مبرر لئن يبسط الإنسان شماغه، قل مثل لو طلعت في رحلة، وصار موضع السجود ما هو مريح، ما تقدر تخشع في سجودك، إما حصى وإلا شوك وإلا شيء لا مانع من أن تضع طرف ثوبك الذي هو الشماغ، هذا في حكمه.
"كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه" فهذه حاجة، لشدة الحر، أو لشدة البرد، أحياناً يجي في الشتاء في صحن الحرم البلاط جامد، لو سجدت عليه تصدع، لا مانع من أن تبسط عليه ثوبك أو شماغك، لا مانع، وقل مثل هذا فيما لو وجدت أي حاجة؛ لأنهم يطلقون الكراهة، والكراهة تزول بأدنى حاجة، لو وجد مثلاً فرشات ينبعث منها روائح، أو وجد أرض غير مستوية، فيها حصى فيها شوك أو شيء، تسجد عل طرف شماغك، لكن إذا لم يوجد سبب فأهل العلم يقولون بالكراهة، لا سيما المتصل، بعض الناس يأنف أن يسجد على ما يسجد عليه الناس، وهذا ليس بمبرر مزيل للكراهة، نعم إذا شفت شيء وسخ لا تطيقه، أو فيه روائح، هذا مبرر، أما ما عدا ذلك فلا، يقول: أكيد الناس مارين من هنا، وداسوه بالأقدام، طيب وش يصير؟ ما تتصور وش بيصير لك أمام؟ قدام في القبر؟ الله المستعان، بعض الناس يسجد على يديه، لكن جل من يفعل هذا من غير المكلفين، يضع يديه ويسجد عليها من شدة حر أو من شدة برد، هذا سجوده باطل، صلاته باطلة؛ لأن أهل العلم لا يختلفون في السجود على الوجه، لا بد أن يسجد على وجهه، هذا سجد بيده، ما سجد على وجهه، الساجد هما اليدان وليس الوجه، فالسجود على هذه الصورة باطل، نعم.
عفا الله عنك.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)).
يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يصلي))" لا هذه ناهية وإلا نافية ؟
الطالب:........
ناهية، والياء؟ هاه؟
الطالب:........
ثابتة هي ثابتة، هاه؟
الطالب:........
نافية يراد منها النهي، والنهي إذا جاء بلفظ النفي كان أبلغ، ومنهم من يقول: هي ناهية والياء للإشباع، كما في قوله تعالى في قراءة: {إنه من يتقي ويصبر} "ألم يأتيك والأنباء تنمي؟" تكون للإشباع، ومثل هذا الذي يقال فيه للإشباع، هذا لا شك أنه لتمرير القواعد، وإلا هي ياء، سواء قلنا: ياء الكلمة، أو ياء إشباع، هي ياء، لكن إذا أرادوا أن يمرروا القواعد قالوا هذا الكلام، كما يقولون: تحركت الواو وتوهم انفتاح ما قبلها، توهم إيش معنى توهم؟ بس من أجل أن تكون قواعدهم منضبطة، وإلا هي ما انفتحت لتتحقق القاعدة، لكن يمررون القاعدة ماره ماره شئت أم أبيت، فيسلكون مثل هذا لتمرير قواعدهم، ولا شك قواعدهم منضبطة، لكنها أغلبية، ليست قواعد كلية، هي قواعد أغلبية.
((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد)) وجاء في الحديث: ((أو لكلكم ثوبان؟)) يعني ما كان الناس عندهم ثوبين، لكن إذا صلى في ثوبين أكيد واحد يستر أسفل البدن والثاني أعلاه، أما إذا كان واحد، تصور الواحد ما هو بساتر، ما تقول: ثوب قميص له أكتوف وله أكمام وله..، لا، الثوبان عبارة عن إزار ورداء، وجاء في حديث جابر: ((إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به)) هذا في الصحيحين.
((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد)) صلى أبو هريرة بثوب واحد وثيابه على المشجب؛ ليبن الجواز أنه تصح الصلاة بثوب واحد، ليش ثيابه؟ وش هو المشجب؟ الشماعة؟
طالب:.......
لا، لا، أنت تستعملها! أنت ما أنت مدركها أنت قطعاً، يقول: ثلاثة عصيان، يقرن رؤوسها في بعض.
طالب:.......
ها مدركها، نعم؟
تعلق عليها القرب والأسقية وكذا، يسمونها إيش؟ ما يسمونها مشجب ولا شماعة، يسمونها مثل ما يقول أبو أحمد، ما في أحد أدركها؟ قرابة..، إلى ثلاثين سنة وهي موجودة، يسمونها إيش؟
طالب:.......
قناره، نعم، في هذه البلاد ما يعوزنا مثل هذا الاصطلاح، لكن بلدان أخرى ما يدرون وش هي؟
على كل حال أبو هريرة يصلي بمثل هذا، بعد ما توسعت الدنيا، وإلا ما كان عنده إلا ثوب واحد، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أو لكلكم ثوبان؟)) يصلي في ثوب واحد لا بأس، فإن كان هذا الثوب واسعاً يلتحف به، ويصل إلى أسفل البدن، وإن كان ضيقاً يتزر به، وعلى هذا قوله: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) منهم من قال: النهي للكراهة، بدليل حديث جابر، والأصل في النهي التحريم لا يجوز له أن يصلي إلا وقد ستر أحد عاتقيه على هذه الرواية، مع أنه في الصحيح: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) رواية صحيحة، فلا بد من ستر المنكبين أو أحد المنكبين مع العورة، قد يقول قائل: إنه في شروط الصلاة ما يذكرون إلا من السرة إلى الركبة، وش لون ما يذكرون مثل هذا؟ نقول: نعم الشرط من السرة إلى الركبة، لكن هنا وجوب، يعني يأثم إذا كشف والصلاة صحيحة، فرق بين هذا وهذا؛ لأنه قد يقول قائل: ما نجد عند الأئمة كلهم من يذكر مثل هذا في شروط الصلاة، نعم المشترط ستر العورة من السرة إلى الركبة، لكن يبقى أن مثل هذا في مثل هذا النص: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) النهي الأصل فيه للتحريم، فلا يجوز كشف المنكب في الصلاة، العاتق والمنكب واحد ((ليس على عاتقه منه شيء)) وإذا قلنا بالرواية الأخرى: ((عاتقيه)) وأردنا أن نوفق بين الروايتين، قلنا: العاتق المراد به الجنس، فيشمل العاتقين، فيلزمه حينئذٍ أن يستر المنكبين، نعم.
عفا الله عنك.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من أكل ثوماً وبصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته)) وأتي بقدر فيه خضرات من بقول، فوجد لها ريحاً، فسأل فأخبر بما فيها من البقول، فقال: قربوها إلى بعض أصحابه، فلما رآه كره أكلها قال: ((كل، فإني أناجي من لا تناجي)).
وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا))" هذا الأمر ترخيص وإلا تعزير؟ تعزير، لكن كثير من الناس قد يفرح بمثل هذا، ويظنه ترخيص من التكليف من الأمر بحضور الجماعة في المساجد، لكن تصور أنه لو أكل مثل هذا يخرج من المجالس، من مجالس القيل والقال، صار هذا أشد عليه من وقع السيوف، ومثل هذا لا شك أنه يدل على اختلال في الميزان، الميزان ليس بشرعي، يعني من أعظم التعزير أن يقال: فلان لا يدخل المسجد، وهذا يقول: الحمد لله، جاء إلى الجامع وجد الباب مقفل قال: سلام عليك يا جامع، أنا والله معذور، لا لا ((من أكل ثوماً أو بصلاً)) والسبب الرائحة الكريهة، وجاء التنصيص على الكراث في الرواية الأخرى، وفي حكمها كل ما له رائحة كريهة، الدخان من باب أولى، يعني إذا كان هذا في المباحات، فكيف بالمحرمات؟
((من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته)) يعني إذا قيل لشخص يعتبر نفسه شيء، رجل من الرجال اقعد في بيتك، يعني هل هذا تشريف له، وإلا مثل هذا لو كان يعقل مثل هذه النصوص ما جادت نفسه بأن يخالف؟ ولذا يعدون من أبشع أساليب الهجاء.
................................... |
| أقعد فأنت الطاعم الكاسي |
"على شان اقعد في بيتك رد عليك أنت ما تسوى".
"((وليقعد في بيته)) وأتي بقدر فيه خضرات" خُضَرات، إذا ضممت الخاء فافتح الضاد، خُضَرات، وإذا فتحت الخاء فاكسر خَضِرات "من بقول فوجد لها ريحاً" وجد النبي -عليه الصلاة والسلام- لها ريحاً، طيب هذه البقول وهذه الخضرات التي لها ريح ثوم، كراث، بصل، تعوقك عن فعل واجب، وهي صلاة الجماعة حيث ينادى بها، القاعدة أن ما يعوق عن الواجب محرم، وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فهل هذه الخضرات، وهذه البقول محرمة وإلا مباحة؟ يعني تعوقك عن فعل واجب، يعني جرياً على القواعد، دعونا من النصوص الأخرى، يعني تحصيل السترة واجب، تحصيل الماء واجب في الصلاة، مثل هذه الأمور التي تمنعك من أداء الواجب تكون على القواعد محرمة، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل كما في صحيح مسلم: أحرام هي؟ قال: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) وإن قال الظاهرية بتحريمها، لكن عامة أهل العلم على أنها مباحة، ويبقى أن الإنسان إذا احتاج مثل علاج مثلاً يترخص، إذا احتاج لعلاج يترخص، أما ما عدا ذلك فالذي يعوقه عن تحصيل الواجب لا يتناول "فسأل فأخبر بما فيها"، "وأتي بقدر فيه خضرات" كثير من الشراح يقول: هذه تصحيف، يعني بعض روايات الصحيح: "ببدر فيه خضرات" يعني القدر معروف إناء الطبخ، والبدر طبق، يعني صحن، وبعضهم يرجح اللفظ: ببدر، لماذا؟ لأن القدر يوحي بطبخ، وإذا طبخت هذه البقول ماتت رائحتها، وأما إذا أتي بها ببدر في طبق احتمال أن تكون نيئة، فهي التي تستحق الرد، أتي بقدر، نقول: لا يمنع من أن تكون بقدر، ويكون طبخها نصف طبخ، إذا كان نصف طبخ لا تذهب رائحتها، بدليل قوله: فوجد لها ريحاً، فسأل فأخبر بما فيها من البقول، فقال: قربوها إلى بعض أصحابه، يعني إقراره -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه أن يأكلوها هذا الإقرار دل على جواز أكلها، وإن كانت لها رائحة، كما أن إقراره خالداً في أكل الضب دليل على أنه مباح، ولو امتنع منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، السنة التقريرية وهي وجه من وجوه السنن "قربوها إلى بعض أصحابه" هذه رواية الصحابي، وإلا الأصل أن يقول: قربوها إلى فلان وفلان وسموا "فلما رآه كره أكلها" بعض الصحابة لما رآه كره أكلها لأن لها رائحة، واستنكف النبي -عليه الصلاة والسلام- من أكلها كره، فقال: ((كل، فإني أناجي من لا تناجي)) طيب الصحابي مأمور بأن يصلي في المسجد، فلعل الوقت فيه متسع؛ لأن تذهب هذه الرائحة، إذا كان في أول الليل وأكله ومطبوخ طبخاً ما يذهب الرائحة يعني نصف طبخ كفيل بأن يذهب، وفي الصيف مثلاً لو كان بعد صلاة الصبح ما تجئ صلاة الظهر إلا وقد انتهى أو خف، بحيث لا يكون له أثر ((فإني أناجي من لا تناجي)) هذا هو -عليه الصلاة والسلام-.
"وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أكل البصل أو الثوم أو الكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو" الإنسان أو ((بنو أدم)) يتأذون من هذه الرائحة، لماذا خص التأذي في المساجد؟ طيب الذي في البيت يتأذى، زوجته تتأذى، أولاده يتأذون، لماذا خص التأذي في المسجد؟
الطالب:........
يعني اللي في البيت ما يتأذون؟ اللي معه طالعين نزهة في استراحة مثلاً يجلسون أسبوع كلهم يأكلون ثوم ما يتأذون، ولا يتأذى بعضهم من بعض ممن لا يأكل، والملائكة تتأذى، لو قلنا بعموم العلة قلنا: لا يؤكل الثوم أصلاً؛ لأن الكل يتأذى منه، والملائكة تتأذى، لكن إذا عرفنا أن التأذي جزء علة وليس بعلة، التأذي المذكور يعني من عموم الأدلة في الباب يدل على أن التأذي جزء علة لا يقتضي المنع بمفرده، والجزء الثاني هو المسجد، فمن أكل الثوم خارج المسجد، في بيته، في استراحة، الناس اتفقوا على أن يأكلوا تأذى بعضهم ببعض، ما في مشكلة، الملائكة تتأذى، لكن هل مجرد التأذي يستقل بالمنع؟ يعني علة كاملة تستقل بالمنع، أو أن نقول: العلة مركبة من كونه تأذي وكونه في المسجد؟ يعني لو قلنا: التأذي علة مستقلة تستقل بالمنع، قلنا: لا يؤكل الثوم أبداً؛ لأنه حتى الذي في البيت يتأذون، وحتى الذي في الاستراحة يتأذون، لكن نقول: العلة مركبة من المسجد ومن التأذي، فمن أراد أن يصلي في المسجد، ومسجد الجماعة الذين يتأذون به يمنع، لكن إذا كان في غير المسجد هذا جزء علة، العلة ما تحققت ما يمنع، طيب في مسجد ليس فيه جماعة، يريد أن يدخل مسجد ما فيه جماعة، دخل المسجد بعد ما خرج الجماعة، نقول أيضاً: المسجد جزء علة، فلا يقتضي المنع، لا بد أن تكون العلة المركبة مكتملة الأجزاء، ولذا ما هو أشد من الثوم عند الحاجة، حكمه؟ إرسال الحدث في المسجد، يعني احتاج هو جالس في المسجد عنده عمل في المسجد، أو ساكن في المسجد معتكف، احتاج إلى إرسال الحدث، سواء كان له صوت أو لا صوت له، وش الحكم للحاجة؟ ((فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً)) قد يقول قائل: هذا فيما إذا غلبه، لكن يقرر أهل العلم أنه إذا كان لحاجة، وليس هناك من يتأذى يطلقون الجواز، ونص ابن العربي وغيره في شرح الترمذي قال: ويجوز إرسال الفساء والضراط في المسجد للحاجة، فالمقرر هنا أن المسجد جزء علة، والتأذي الجزء الآخر، فإذا اجتمع الجزآن تركبت العلة منهما، لا يدخل، لا يقرب المسجد، أما إذا كان بمفرده في المسجد، بأن جاء إلى المسجد، ووجد الناس قد صلوا يدخل المسجد؛ لأن النهي قال: ((فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى)) طيب عندك ملائكة حفظه، الحفظة ماذا عنهم؟ حفظة ملازمون للإنسان يتأذون أو ما يتأذون؟ منهم من قال: ما يتأذون، وإلا لاقتضى المنع مطلقاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لا أحرم ما أحل الله)) نعم بعض الناس يشق عليه جداً أن يترك الجماعة في المسجد، وهذا أشبه ما يكون بورع العوام، يشق عليه أن يترك الجماعة في المسجد، وقد قال له الدكتور: ما لك علاج إلا الثوم، والثوم علاج لكثير من الأدواء، حتى قرر كثير من الأطباء أنه يقضي على جرثوم السرطان، وهذا مجرب شخص قرر بتر رجله فذهب إلى طبيب بمكة، وقال له: داوم على الثوم لمدة شهر، ولا تحتاج إلى قطع، وبالفعل حصل، أنا رأيته بعدها بسنن، فالمقصود أنه من ورع بعض الناس الذي هو أشبه بورع العوام غافلاً أو متغافلاً عن النصوص، يقول: والله يا أخي أنا مأمور ومضطر للثوم لكن الصلاة؟! على عبارتهم: "ما يهنأ يصلي في البيت والناس في المسجد" لكن هذا تشريع ((فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو)) الإنسان، بعض الناس يقول مثل الصيف مثلاً إذا أكل في أول النهار مثلاً، أكل بعد صلاة الصبح، وأخذ البدن منه ما يحتاج، ثم بعد ذلك بينك وبين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر كم سبع ساعات، أو ثمان ساعات؟ نعم ثمان ساعات، فإذا أكلت عليه وأكثرت الأكل يخف حتى لا يكون له إلا الأثر اليسير، فإذا خفف بطيب ونحوه مع الخروج إلى الصلاة يخف الأمر، فتكون الرائحة عادية، رائحة شخص ما هو بأطيب الناس ريح، لكن يبقى في شيء يسير، وقل مثل هذا في ليالي الشتاء، إذا أكله بعد الساعة مثلاً، متى يصلون العشاء سبع في الشتاء؟ سبع ممكن، أكله بعد الصلاة مباشرة وانتظر ساعتين ثلاث ثم كثر العشاء، وبينه وبين الصلاة مفاوز، وتطيب لصلاة الفجر، يعني هذا يخفف بلا شك، وقد يؤخذ هذا العمل من الترخيص بالمطبوخ؛ لأن المدار على الرائحة، فإذا كانت الرائحة تزول ترتفع العلة، وإذا خفت بحيث يكون أثرها يسير جداً، لا يتأذى به، فالحكم يدور مع علته، نقف على باب التشهد، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"أقول: الذي لا يستطيع قراءة الفاتحة كاملة مع الإمام لا شيء عليه، حكمه حكم المسبوق، لكن إذا عرف أن هذا الإمام هذه طريقته وهذه عادته وهذا ديدنه لا يمكنهم من قراءة الفاتحة يبحث عن غيره؛ لئلا يكون في حكم المسبوق باستمرار.
إذا كان يغلب على ظنه أنه يسمع مؤذناً بجميع جمل الأذان لا يردد مع هذا، ينتظر حتى يصل المؤذن الذي يغلب على ظنه أنه يدرك معه الأذان كاملاً؛ لأن الأصل أن الأذان جمل مترابطة، كامل، ما يؤتى ببعضه دون بعض، وإذا كان لا يغلب على ظنه فما يدركه يأتي به.
على كل حال المفاضلة بين هذين الكتابين فيه شيء من الصعوبة، ويحتاج إلى شيء من التفصيل، مختصر التحرير كتاب نفيس إلا أنه صعب، ومعقد على طالب العلم المتوسط، ويحتاج إلى شيخ بارع ماهر يحلل ألفاظه، والشرح طيب مناسب جداً، وصيتي لطالب العلم أن يعتني بهذا الكتاب، ويكون دور طالب العلم إما قراءته على الشيخ أو اختصار هذا الكتاب، يعنى بالمتن مختصر التحرير، ويراجع عليه الشرح، ويختصر هذا الشرح، المتن صغير جداً، الشرح في أربعة مجلدات، يعني لو اختصر هذا الشرح بقدر ما يحتاج إليه، وتترك المباحث التي لا يدركها أوساط المتعلمين، ويقتصر على ما يدركه ويفهمه في مجلد واحد بحجم الربع، من أنفع ما يكون لطالب العلم، أما مختصر الروضة للطوفي فالمتن كتاب لطيف جداً، وجميل، والتقسيم تقسيم فاهم، والشرح أيضاً من أمتع كتب الأصول، شرح مختصر الروضة للطوفي نفسه، هناك شروح أخرى لمختصر الروضة، لكن من أنفسها شرح المؤلف للطوفي نفسه، ويفعل به الطالب مثل ما يفعل بشرح الكوكب، شرح المختصر، فيختصر هذا الكتاب، بدل ما هو ثلاث مجلدات كبار يمكن اختصاره، والتعليق على المتن في مجلد لطيف، واختصار الكتب وسيلة من وسائل تحصيل العلم؛ لأن بعض الإخوان ما يدرك إذا كان يقرأ، لكن إذا كان معه القلم يحاول يفهم ويختصر ويصوغ بعبارته، يفهم، إذا حاول فهم -إن شاء الله تعالى-، وإذا أشكل عليه شيء، استغلق عليه شيء يسأل عنه.
هذا صرحنا فيه مراراً، حتى في أكثر من مناسبة في هذا الدرس، أما بالنسبة للتفريق بين وقت النهي المغلظ والمخفف، الموسع والمضيق، فلما عُرف من أن وقت النهي الموسع حصل فيه إقرار من صلى راتبة الصبح بعد صلاة الصبح، أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر، فالأمر فيه سعة، حتى قرر جمع من أهل العلم مثل ابن عبد البر وابن رجب وغيرهما أن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين إنما هو من باب سد الذريعة، من باب نهي الوسائل؛ لئلا يسترسل الإنسان يصلي حتى يصل إلى الوقت المضيق، وأما الأوقات المضيقة فأمرها أشد، وجاء فيها حديث عقبة: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" فالصلاة في الوقت الموسع لا بأس بها -إن شاء الله تعالى-، ولو امتنع الإنسان عن الصلاة في الأوقات كلها، ولو كان ذات سبب لكان له وجه، وهو قول جمهور العلماء، وإذا فعل ذوات الأسباب فقد اقتدى بأئمة وعلماء تبرأ الذمة بتقليدهم، وأما من حيث الدليل فقد بسطناه سابقاً، وأول حديث في درس اليوم هو في ذوات الأسباب، يعني في ركعتي تحية المسجد.
هو كان تحت السرير، فلم يره النبي -عليه الصلاة والسلام-
ينظر إلى المتروك، فإن كان مما يبدأ بالتكبير ولم يمر في وقته، مثلاً الانتقال من الجلوس إلى القيام، لو افترضنا أنه جلس في الثلاثة، كبر وجلس وأراد أن يتشهد فسبحوا به، يقوم إلى الرابعة من دون تكبير لأنه انتقل إلى السجود بالتكبير، لكن في مثل حديث ذي اليدين سلم عن نقص، فهل نقول: إن تكبيره حينما قام من السجود إلى التشهد يكفي أو لا بد من التكبير للقيام إلى الركعة الثالثة؟ لا بد من التكبير؛ لأن الموضع موضع جلوس، والجلوس يحتاج إلى تكبير، انتقل من السجود إلى الجلوس بالتكبير، والقيام يحتاج إلى تبكير ثاني فيكبر.
على كل حال الرجل الذي يستتر، يصلي إلى ساتر يدفع، والذي يصلي إلى غير سترة لا يدفع؛ لأنه في الحديث: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز فليدفعه)) هذا مشروط بما إذا صلى إلى سترة، وأما الفرق بين الحرم وغيره مقرر عند أهل العلم أن الحرم كغيره إلا أن المشقة تجلب التيسير، بحيث إذا كثر الناس كثرت الجموع ولا يستطيع أن يرد لا يرد.
يقول: ما المقدار المشروع للمار بين يدي المصلي هل هو متر أو أقل أو أكثر؟
ثلاثة أذرع عند أهل العلم، قدروها بثلاثة أذرع، متر ونصف.
لا شك أن المكبرات من المحدثات، وتستعمل في عبادة، ويتقرب إلى الله -جل وعلا- بوجودها؛ لأنها تبلغ هذه العبادة إلى من لم يسمعها، لكن مثل هذه الأمور يقتصر فيها على موضع الحاجة.
عامة أهل العلم على أنه مستحب في المواضع كلها، وأوجبه بعضهم مع تكبيرة الإحرام، وأما ما عدا ذلك فهو مستحب، ويبقى أنه مع تكبيرة الإحرام عامة أهل العلم على أنه مستحب وليس بواجب.
هذا الكتاب أولاً: الرجل معروف بأخطائه العقدية، الرجل مخالف في العقيدة لما عليه سلف هذه الأمة في كثير من أبواب الاعتقاد، وعنده تصوف مشوب بفلسفة، وهذا شديد عند أهل العلم، فأمره شديد في كثير من القضايا، تؤخذ منه على حذر شديد.
الأمر الثاني: بضاعته في الحديث مزجاة، أورد في الكتاب من الأحاديث الموضوعة والواهية الشيء الكثير، ويصرح بذلك، بضاعته مزجاة، والكتاب لا يخلو من فائدة، طالب العلم المتأهل الذي يدرك مثل هذه الأمور لا مانع من أن يقرأ مثل هذا الكتاب، وفيه فوائد، لكن الطالب المبتدئ الذي لا يدرك مثل هذه المخالفات لا يجوز له النظر في مثل هذا الكتاب، ولا في غيره مما اشتمل على مخالفات عقدية؛ لأنهم يبثون شبه، فإذا لصقت هذه الشبهة في قلب خالٍ، لا يستطيع إزالتها هذا يعرض نفسه للخطر، فلا يجوز له أن يعرض نفسه للخطر، إذا كان عنده من العلم ما يستطيع به دفع هذه الشبه لا بأس، وأهل العلم قرؤوا فيه، ونقلوا عنه، شيخ الإسلام وابن القيم ينقلون عنه، لكن مع ذلك ينبغي أن يقرأ على حذر من قبل طالب علم متأهل، وما عدا ذلك فلا.