عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (11)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم أغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين.

يقول الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه: (عمدة الأحكام من كلام خير الأنام):

باب: التشهد

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن، التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وفي لفظ: ((إذا قعد أحدكم للصلاة فليقل: التحيات لله)) وذكره، وفيه: ((فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض)) وفيه: ((فليتخير من المسألة ما شاء)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: التشهد

والتشهد المقصود به الذكر المأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر الصلاة وفي وسطها، وأخذ هذا اللفظ من قوله فيه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لأنها أعظم ما فيه، وهي الشهادة لله بالوحدانية، ويسمى الشيء باسم بعضه، وهذا مستفيض.

يقول الحديث الأول: "عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد" النبي -عليه الصلاة والسلام- علم ابن مسعود التشهد، وعلم ابن عباس التشهد، وهناك تشهد عمر، وتشهد مروي على صيغ متعددة، عن جمع من الصحابة، واختلف الأئمة في اختيار أي هذه الصيغ؟ فالحنفية والحنابلة اختاروا تشهد ابن مسعود، وهو أصح حديث في التشهد، فهذا الحديث هو المتفق عليه من صيغ التشهد، حديث ابن عباس وتشهد ابن عباس في مسلم، واختاره الإمام الشافعي، واختار مالك تشهد عمر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، وهو في الموطأ، وكلها صحيحة، واختلافها إنما هو اختلاف تنوع، لكن من أراد أن يرجح من حيث الثبوت، فأصحها حديث ابن مسعود المذكور هنا، وهو على شرط المؤلف من المتفق عليه؛ لأن المؤلف اشترط أن لا يذكر إلا ما اتفق عليه الشيخان، وقد يحتاج إلى جملة أو إلى شيء يبين ما اتفق عليه الشيخان من مفردات البخاري، أو مفردات مسلم، قد يحتاج إلى شيء من هذا فيخرج عن شرطه، ولذا اقتصر على تشهد ابن مسعود، ولذا قلنا أيضاً المذهب له دور في هذا الاختيار، لكن هو يوافق الشرط، في الأصل لو كان تشهد ابن عباس في الصحيحين أو تشهد عمر قلنا: اختار هذا لأنه مذهبه، لكن هذا شرطه، وغيرها لا ينطبق على شرطه.

قال: "علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" نعود فنقول: هل الاختلاف اختلاف تنوع أو تضاد؟ هل نقول: إن هذا تنوع كما جاء في اختلاف صيغ دعاء الاستفتاح؟ فالمسلم مخير بين أن يقول هذا وهذا، يقول هذا أحياناً، ويقول هذا أحياناً، أو يختصر على واحد منها، أو يرجح كان الاختلاف اختلاف تضاد لا بد من الترجيح، لكن ألفاظها كلها مقبولة، ولا ينفي بعضها بعضاً، وهي محفوظة أيضاً ليست بشاذة ولا منكرة، هي محفوظة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالأقرب إلى أن الاختلاف بينها اختلاف تنوع، فعلى المسلم لاسيما طالب العلم أن يحفظ جميع ما ورد في الباب، وينوع، يأتي بهذا أحياناً، وهذا أحياناً، من الثابت من ذلك.

يقول: "علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد كفي بين كفيه" وهذا من باب العناية بهذا الشأن، هذا أمر ينبغي أن يعنى به كل مسلم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- علمه ابن مسعود، واعتنى به، وحرص عليه، وابن مسعود ذكر ما حصل مما احتف بهذا التعليم، ليبين أنه ضبط هذا التشهد الذي علمه إياه النبي –

عليه الصلاة والسلام-، فما يذكر من قصة أو سبب ورود أو ما أشبه ذلك، ولو لم يتطلبها المقام، إنما يذكرها بعض الرواة لبيان أنه ضبط ما روى.

"كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن" اهتمام شديد بهذا الأمر، ولذا التشهد الأول واجب، تبطل الصلاة بتركه عمداً، ويجبر بسجود السهو كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث عبد الله بن بحينة، لما قام عن التشهد الأول جبره بسجود سهو، ومنهم من يقول: هو سنة، لكن لو كان سنة ما جبر بالسجود، ما احتيج إلى جبره بالسجود، والتشهد الثاني ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به، على خلاف بين أهل العلم في ذلك.

"كما يعلمني السورة من القرآن، التحيات لله" التحيات جميع ما يلقى، وما تعارف عليه الناس من أنواع التحايا بمجموعها لله جل وعلا، بمجموعها بـ(أل) الجنسية مع الجمع، بهذه الصيغة خاص بالله -جل وعلا-؛ لأن الصيغة صيغة حصر: التحيات لله، يعني لا لغيره، إذا اجتمع الجمع مع (أل) الجنسية فلا يجوز أن تقول: التحيات لزيد، لكن إذا أفردت التحية لزيد، أو تحيتي لك، أما التحيات الموجودة على ألسنة الناس كلهم بمجموعهم خاصة بالله -جل وعلا-، كما جاء الحصر بالحمد، الحمد لله، يعني لا لغيره، فجميع أنواع التحايا التي لا محظور في لفظها، بمجموعها لله -جل وعلا- "والصلوات" المفروضات والنوافل لله -جل وعلا-، لا يجوز صرف شيء منها لغيره "والطيبات" من الأقوال والأعمال كلها لله "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" السلام عليك بكاف الخطاب، وهذا اللفظ مما تعبد به، ولذا يقال في حال الغيبة في حياته وبعد مماته، وجاء في البخاري ما يدل على تغيير الضمير بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، لكن المعتمد عند أهل العلم أن الضمير يبقى خطاب كما علمه ابن مسعود؛ لأن هذا من الألفاظ المتعبد بها، جاء عن بعض الصحابة: إننا كنا نقول: السلام عليك أيها النبي، ثم قلنا: السلام على النبي، ورحمة الله وبركاته، السلام اسم من أسماء الله -جل وعلا-، وهو دعاء بالسلامة، وهو تحية المؤمنين، تحية المسلمين، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وجاء ما يدل على فضل إلقاء السلام خارج الصلاة من النصوص الشيء الكثير، وأن أكمله ما كان بهذه الصيغة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لكن السلام عليكم تجزئ خارج الصلاة، وفيها عشر حسنات، ورحمة الله عشر، وبركاته عشر أيضاً، فمن ألقى السلام بهذه الصيغة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -يعني خارج الصلاة- استحق ثلاثين حسنة، وهي سبيل الألفة والمودة بين المسلمين، فمن حق المسلم على المسلم أنه إذا لقيه يسلم عليه، ويخير خارج الصلاة بالنسبة للسلام على الأحياء أن يقرنه بـ(أل) وأن ينكره.

السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويجبره... بالسلام خارج الصلاة {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] وجاء ما يدل على الاكتفاء بمرحباً دون رد للسلام، في نصوص منها حديث أم هانئ لما جاءت والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل، قالت: السلام عليك يا رسول الله، قال: ((من؟)) قالت: أم هانئ، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((مرحباً بأم هانئ)) ولم يحفظ أنه رد السلام، من أهل العلم من يقول: إن هذه تكفي، ثبتت في الصحيح وتكفي، ومنهم من يقول: رد السلام -عليه الصلاة والسلام- ولم ينقل؛ لعدم الحاجة إلى نقله؛ لأنه ثبت رد السلام بنصوص كثيرة، فلا بد من رد السلام، وإذا زيد عليه بعض الألفاظ، مثل مرحباً زيادة خير، وقال -عليه الصلاة والسلام- لما سلمت فاطمة، قال: ((مرحباً بابنتي)) إلى غير ذلك من النصوص التي تدل على أن مرحباً كلمة مأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فينبغي أن تتداول بين المسلمين، ويكتفى بها عن التحايا الوافدة من غير المسلمين.

"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" يعني اسم السلام، اسم الله -جل وعلا- علينا، وإذا حل هذا الاسم حلت البركات، وحلت الخيرات، أو هو دعاء بالسلامة من جميع الآفات "علينا وعلى عباد الله الصالحين" وفي الحديث: ((فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض)) سلمتم سألتم الله -جل وعلا- لهم السلامة، فإذا سلمت على جميع هؤلاء الصالحين وهذه دعوة في ظهر الغيب لأخيك الصالح، والملك يدعو لك بمثل هذا، فعليك أن تحرص على مثل هذا، وبالمقابل على المسلم أن يسعى في إصلاح نفسه ليكون من عباد الله الصالحين، ليناله هذا الدعاء من جميع المصلين، لكن غير الصالح محروم من مثل هذا، حرم نفسه من مثل هذا، فعلى المسلم أن يتصف بهذا الوصف ليدخل في جميع دعاء المصلين.

"أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" هذه كلمة الإسلام التي لا يدخل المسلم إلا بها، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)).

"وأن محمداً عبده ورسوله" هذا في الصلاة في أشرف المواقف، ويذكر بالعبودية والرسالة، وتحقيق العبودية التي من أجلها خلق الإنس والجن، هذه هم المسلم الحقيقي، تحقيق هذه العبودية، الهدف الشرعي من إيجاد الجن والإنس {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] فنودي النبي، وذكر بهذا الاسم، أو بهذا الوصف في أشرف المقامات.

"وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" شهادة له بالعبودية، تتضمن هذه الشهادة عدم إطرائه، وعدم الغلو فيه، وشهادة له بالرسالة التي شرفه الله -جل وعلا- بها "وفي لفظ: ((إذا قعد أحدكم للصلاة فليقل: التحيات لله)) وذكره، وفيه: ((فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض)) وفيه: ((فليتخير من المسألة ما شاء))" متى يتخير من المسألة ما شاء؟ يعني إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله يتخير من المسألة ما شاء؟ أو في نهاية..، قبل السلام يتخير من المسألة ما شاء؟ كما جاء ما يدل عليه في بعض الروايات، وهو موطن الدعاء، آخر الصلاة، الذي فيه الاستعاذة بالله من أربع، وفيه ما طلبه أبو بكر على ما سيأتي من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه التخير من المسألة ما شاء، يتخير من المسألة ما شاء في آخر صلاته، وأيضاً من مواضع الدعاء السجود، يتخير أيضاً من المسألة ما شاء.

طالب:........

نعم؟

طالب:........

إيش فيه؟

طالب:........

نعم هذا رأيه، وهذا اجتهاده، والحديث محتمل، وقوله: ((ليتخير من المسألة ما شاء)) يعني من أمور الدين والدنيا، من أمور دينه ودنياه، خلافاً لمن قال: إن أمور الدنيا لا تطلب في الصلاة.

سم.

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة -رضي الله عنه- فقال: ألا أهدي لكم هدية؟ إن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: ((قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)).

في هذا الحديث يذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "لقيني كعب بن عجرة" الصحابي الشهير المعروف "فقال: "ألا أهدي لكم هدية؟"، "لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لكم هدية؟" فلعله لقيه مع غيره، ولذا جمع الضمير، وما ينفع في الآخرة، وما يعين على قيام ديانة الإنسان أعظم ما يهدى للمسلم "ألا أهدي لكم هدية؟ إن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله" معشر الصحابة، جاء الأمر بالصلاة والسلام عليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] هذا أمر لا بد من امتثاله، وعلمهم النبي -عليه الصلاة والسلام- كيف يسلمون عليه، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، لكن كيف نصلي عليك وقد أمرنا بذلك؟ فعلمهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد)) والجمع بين إبراهيم وآله ثابت، وبعض الرواة يقتصر على إبراهيم، وبعضهم يقتصر على الآل، لكن الجمع بينها ثابت في الصحيح، على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، هذه الصيغة التي يسميها أهل العلم الصلاة الإبراهيمية، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أمروا بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في آية الأحزاب، فبين لهم الصيغة التي يتم بها امتثال الأمر في آية الأحزاب، لكن هل هذه الصيغة لازمة في الصلاة وخارج الصلاة بحيث لا يتم الامتثال إلا بها؟ يعني إذا سمعنا من يقرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] قلنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، يعني نجمع بينهما ليتم امتثال الأمر في الآية، أو هذا خاص في هذا الموضع؟ وفرد من أفراد المأمور به في آية الأحزاب؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يفسر العام ببعض أفراده للاهتمام بشأن هذا الفرد، والعناية به، فسر الظلم بالشرك، لكن هل معنى هذا أن الذي يظلم نفسه ويظلم غيره بما دون الشرك يحصل له الأمن التام يوم القيامة، أو نقول: فسره بالشرك للاهتمام بشأن الشرك والعناية به؟ نعم، فسر القوة بالرمي: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] ((ألا إن القوة الرمي)) يعني ما في قوة إلا الرمي؟ أو نقول: فسر العام ببعض أفراده للاهتمام بشأن هذا المفرد والعناية به؟ لكن لو قلت: صلى الله عليه وسلم يتم امتثالك أو ما يتم؟ يتم، الأمة كلها على هذا قاطبة، إذا قلت: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام تم امتثالك للأمر في آية الأحزاب، إذا قلت هذا، وأهل العلم حملوه على الصلاة، وأدخلوه في كتاب الصلاة، وخارج الصلاة يتم امتثال الأمر بالمأمور به، وهو الصلاة والسلام، ولذا ينص بعض العلماء على أن من يفرد الصلاة دون السلام يقولون: مكروه، النووي قال: إفراد الصلاة دون السلام مكروه، واستدرك بهذا على مسلم في مقدمة صحيحه، والعكس لو أفرد السلام دون الصلاة مثله؛ لأنه لا يتم الامتثال إلا بالجمع بينهما، وابن حجر خص الكراهة بمن كان هذا ديدنه، يعني عمره كله يصلي ولا يسلم، أو العكس، هذا ما امتثل، لم يمتثل الأمر حتى يجمع بينهما، لكن ماذا عن الصلاة على الآل خارج الصلاة؟ من أهل العلم المتأخرين، ولا أعرف أحدهم من المتقدمين قاله، من أتهم العلماء قاطبة بأنهم تركوا الصلاة على الآل ممالأة للحكام، نقول: أبد ما عرف عن الأئمة كلهم، كتبهم بين أيدينا أنهم يصلون على غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، كتب السنة قاطبة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يأتي من يقول في القرون المتأخرة أنهم تركوا الصلاة على الآل ممالأة للحكام، ومداراة لهم، طيب الكتب متى صنفت؟ صنفت في دولة بني العباس، وهم من الآل، كيف يمالئون بني العباس وهم من الآل ويحذفون الآل؟ لا يمكن، يعني قال بهذا الصنعاني، وقال بهذا صديق وغيره، نشروا إفراد الآل بالصلاة مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأهملوا الصحب؛ لأنهم نشئوا في بيئات فيها شوب تشيع، فأثرت عليهم، فاتهموا خيار الأمة بأنهم تركوا الصلاة على الآل ممالأة للحكام، نقول: امتثال الأمر في الآية يتم بقولك -صلى الله عليه وسلم-، لكن إذا عطفت الآل وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولهم علينا حق، هذا خير، لكن امتثال الأمر بالآية إنما يتم بقولك: "صلى الله عليه وسلم" لكن إذا اتبعت الآل له -عليه الصلاة والسلام-، وأعني بهذا خارج الصلاة، فلتتبع الصحب، يعني إذا كان للآل علينا حق؛ لأنهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن أي طريق وصلنا الدين ووصلنا الخير؟ إلا عن طريق الصحب، وإذا استشعرنا أن إفراد الآل شعار لبعض المبتدعة، وإفراد الصحب شعار لقوم آخرين من المبتدعة، قلنا: الجمع بينهما هو الأصل، وعقيدة أهل السنة تولي الطرفين، وأقول هذا خارج الصلاة، وأما الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لا بد من هذه الصيغة داخل الصلاة؛ لأنها توقيفية، تعبدية، وهي تفسير للنص العام ببعض أفراده، وتفسير العام ببعض أفراده لا يقتضي التخصيص على ما مثلنا ونظرنا، وشاع بين الناس، الآن تسمعون كثير "صلى الله عليه وآله وسلم" والذي أشاعه....... ما في شك إمام من أئمة المسلمين، ما أحد بيستدرك عليه، لكن كل له فهمه، فإذا صلينا على الآل نصلي على الصحب، هؤلاء لهم حق، وهؤلاء لهم حق، فهؤلاء هم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهؤلاء لهم حق على الأمة، ما وصل الدين إلا بسببهم، ما انتشر الإسلام إلا بواسطتهم، وقد يقول قائل: إن الآل يدخل فيهم الصحب؛ لأن المراد بالآل هم الأتباع على الدين، نعم صحيح هذا قيل به، لكن إذا قلنا: إن الآل كما جاء في بعض الروايات: ((اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته)) وخير ما يفسر به النص في موضعه ما جاء في رواية أخرى، فيكون خاصاً، فإذا اقتصرنا على الآل، والمراد بذلك جميع الأتباع على الدين، وهذا قول لبعض أهل العلم، وإن كان المرجح عند الشافعية وعند الحنابلة أنهم بنو هاشم وبنو المطلب، والخلاف في المسألة طويل جداً، لكن هذا تنبيه هذه مناسبته، تفسير الصلاة المطلوبة المأمور بها بهذا اللفظ تفسير للعام ببعض أفراده لا يقتضي التخصيص، وكون بعض الناس يتهم خيار الأمة بأنهم حذفوا الصلاة على الآل؛ لأنك لما تحاجهم تقول: أعطنا كتاب يخصص الآل في السلام، ما تجد، لا بخاري، ولا مسلم، ولا غيره من كتب السنة، مستفيض عن أهل العلم هذا، أما كون الأمة كلها مالأت الحكام، وحذفوا الصلاة على الآل، هذا كلام لا يقوله أحد، وإن قال به من قال من المتأخرين، هذا اتهام لخيار الأمة.

"فقال: ((قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد))" والخلاف في الآل طويل استوفاه ابن القيم -رحمه الله تعالى- في جلاء الأفهام.

((كما صليت على آل إبراهيم)) وثبت ((كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) وثبت أيضاً في الموضع الثاني: ((كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) وثبت الاقتصار على إبراهيم، وثبت الاقتصار على الآل، وكله ثابت، لكن الذي يظهر الجمع بينهما، ومن اقتصر على إبراهيم فقد أحال على من روى، ومن اقتصر على الآل فقد قصر في الرواية، على كل حال الزيادات في الألفاظ وفي المتون التي يحفظها بعض الرواة دون البعض، هذه موجودة في السنة، الزيادات مقبولة عند أهل العلم من الثقات، إذا صحت أسانيدها. ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) الأصل أن المشبه دون المشبه به، نحن نطلب صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو أشرف الخلق وأكمل الخلق، كما صلى الله -جل وعلا- على خليله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، الذي هو أفضل الخلق بعد نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وأول من يكسى يوم القيامة، وفضائله لا تحصر، لكن أيهما أفضل محمد أو إبراهيم عليهما الصلاة والسلام؟ محمد أفضل إجماعاً، فكيف نطلب لمحمد صلاة مثل الصلاة على إبراهيم؟! لأن هذا يوحي بأنه دونه في هذا الباب، وليس الأمر كذلك، فأهل العلم ذكروا كلام كثير، منهم من قال: كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وفيهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني نريد قدر زائد على ما صليت به على محمد -عليه الصلاة والسلام- الداخل ضمن آل إبراهيم، ومنهم من يقول -وهو قريب من هذا لكنه- يقول: الثابت لمحمد -عليه الصلاة والسلام- عند الله -جل وعلا- قبل دعائنا، قبل أن ندعو له، الثابت له من الصلاة أفضل مما لإبراهيم وآل إبراهيم، لكن أمرنا أن نطلب له المزيد على ما ثبت له من الصلوات، كما ثبت لإبراهيم وآل إبراهيم، وقل مثل هذا في: ((وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد)) حميد مجيد من أسماء الله -جل وعلا-، فعيل صيغة مبالغة، معدولة عن فاعل أو مفعول، عن حامد أو محمود، ومثله مجيد، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو في صلاته: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)) وفي لفظ لمسلم: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)) ثم ذكر نحوه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو في صلاته: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر))" عذاب القبر ثابت بالنص القطعي، وهو مجمع عليه عند من يعتد بقوله من أهل العلم، وخالف في هذا بعض الطوائف كالمعتزلة، لم يثبتوا عذاب القبر، لكنه ثابت بالنص القطعي المتواتر تواتراً معنوياً، فالناس يعذبون في قبورهم بقدر معاصيهم، وأكثر ما يكون عذاب القبر مما نص عليه على المشي بالنميمة، وعدم الاستنزاه من البول، أكثر ما يكون من هذا، كما يقول أهل العلم ((ومن عذاب النار)) التي توعد بها الكفار والعصاة، فعلى المسلم أن يستعيذ بالله من عذاب النار؛ لأنه لا قدرة له عليها، سُمع شخص يقول: اللهم أعنا على عذاب النار، ما أنت بحاجة، يقول: اللهم أعنا على عذاب النار، هذا جائز......، لكن سبحان الله العظيم، لما أنكر عليه قال: أنا أسمعكم تقولون، هم يقولون: اللهم أعذنا من عذاب النار، جهل، لكن يبقى أن مثل هذا، بعض الناس لارتكابه بعض المحرمات والجرائم يقنط من رحمة الله، ومن عفو الله، ومن كرم الله، أنت تحت رحمة أرحم الراحمين، ما أنت برحمة فلان أو علان، سل ربك أن يعفو عنك، وأن يستر زلاتك، ويغفر ذنوبك.

((ومن فتنة المحيا والممات)) فتنة المحيا الإنسان يفتن في حياته، يشعر أحياناً أو لا يشعر، والفتن وقد بدت بوادرها تكثر في آخر الزمان، وأمرنا بالمبادرة بالأعمال خشية هذه الفتن، وقد وجد بعضها، وجد من يتكلم بكلام يخشى عليه من الزيغ بعد أن كان ممن يوجه الناس، ويتأثر الناس بكلامه، ممن يسمى في بعض اصطلاحات الناس من رؤوس الصحوة، وما أشبه ذلك من هذا الكلام، والآن يكتبون في الصحف، ويعلقون ويحللون تحليلات أشبه ما تكون أبعد الناس من الكتاب والسنة، مجرد اعتماد على أخبار من وسائل إعلام وتحاليل، طيب وين نصوص الكتاب والسنة؟ والعصمة بالكتاب والسنة، والمخرج من الفتن بالاهتمام بالكتاب والسنة ((ومن فتنة المحيا)) كثير من الناس يمسخ قلبه ولا يشعر، نسأل الله السلامة والعافية، ممسوخ القلب، وهو لا يشعر، وتستغرب أن يصدر بعض الكلام من بعض الناس فتجده بكل ارتياح يقوله، ولذا جاء في الحديث: ((يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً)) المسألة خطيرة، وإذا مسخ القلب فحدث ولا حرج، ما في فائدة، وأهل العلم يقررون أن مسخ القلب أعظم من مسخ البدن، مسخ البدن عقوبة، ويرجى أن تكون كفارة لما حصل من صاحبها، لكن مسخ القلب، خلاص ينتهي إذا ختم عليه، فذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- بعض الآثار التي تدل على كثرة الخسف والمسخ في هذه الأمة في آخر الزمان، وذكر مما ذكر أن الاثنين يمشيان في المعصية فيمسخ أحدهما خنزيراً، طيب الثاني إيش يصير عليه؟ يقول: الحمد لله على السلامة ويرجع، يستمر في معصيته، نسأل الله العافية، فأمرنا بالاستعاذة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، من فتنة المحيا حال الحياة، ومن فتنة الممات التي تكون في القبر ((إنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدجال)) ومنهم من يقول: إن فتنة الممات ما يحصل للمحتضر عند موته، قد يفتن، وقد يصرف عن دينه في آخر لحظة، فليتعوذ المسلم من هذه الفتن، ومن فتنة المسيح الدجال الأعور الكذاب الذي يخرج في آخر الزمان، يدعي الإلوهية، ويتبعه أناس لما يقع على يديه من خوارق، فيتبعه بعض الناس، والمحفوظ من حفظه الله -جل وعلا-، فأمرنا أن نستعيذ من هذه الفتن في كل صلاة، في لفظ مسلم: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع)) اللام لام الأمر، وجمهور أهل العلم على الاستعاذة بالله من أربع سنة مستحبة، ليست بواجبة، ومنهم من أوجبها وهو الأصل؛ لأن اللام لام الأمر، وأمر طاووس ابنه عبد الله أن يعيد الصلاة لما ترك الاستعاذة من أربع، كما جاء في صحيح مسلم، أمره أن يعيد الصلاة، لكن حتى على القول بوجوبها؛ لأن اللام لام الأمر تكون من واجبات الصلاة، تجبر بالسجود، نعم؟

طالب:.......

عامة أهل العلم على أنه إذا تشهد، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، حديث ابن مسعود، الذي يستدل به الحنفية على عدم وجوب السلام، نعم.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فأغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي" يطلب من النبي أن يخبره بما ينبغي أن يختاره لنفسه من الدعاء؛ لأنه أمر بأن يتخير من المسألة ما شاء، فكونه يعتمد على ما يختاره له المعصوم أفضل مما يختاره لنفسه -رضي الله عنه وأرضاه-، فطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، وأداه إلى غيره، فرواه عنه عبد الله بن عمرو بن العاص؛ وتناقلته الأمة؛ لأن مثل هذا مما ينبغي أن يشاع، ولذا من تمام النصيحة لطالب العلم أنه إذا ضفر بفائدة يخبر بها أقرانه وزملاءه ومن يحتاجه، ما قال: علمني دعاء أدعو به في الصلاة، قال: فرصة هذه خاصة لي من دون الناس، ما الذي يميزني وأنا أفضل الأمة؟ أدع هذا يميزني عن الناس، لا، مثل هذا لا يمر بخواطرهم، ولا يجول في أفكارهم وأذهانهم "قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً))" هذا الصديق أفضل الأمة بعد نبيه ظلم نفسه ظلماً كثيراً، الذين يتقلبون في المظالم ليل نهار، بل بعدد الأنفاس، تجد الواحد عند نفسه شيء، ولا شك أن الناس يتفاوتون في هذا الباب، يعني بين الذي يتعبد سبعين سنة ولا يسأل الله الجنة، يقول: يكفني أن ينجيني من النار، وبين من يجلس يتقدم إلى الصلاة ربع ساعة، أو نصف ساعة، أو يجلس بعد الصلاة ربع ساعة يقرأ القرآن، فإذا حُرك الباب انتظر التسليم {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] فهذا أبو بكر أفضل الأمة بعد نبيها يقول له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) هذا يدعو الإنسان إلى أن يعرف حقيقة نفسه، ولا يعجب بعمله، إذا كان هذا خير الأمة ظلم نفسه ظلماً كثيراً، فكيف بمن دونه؟!

((ولا يغفر الذنوب إلا أنت)) ما في أحد يغفر، لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، ولا ولي، ولا عالم، ولا أحد أبد يملك هذا، هذا خاص بالله -جل وعلا- ((ولا يفغر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك)) لا من عند غيرك ((وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)) هذه الجملة تعقيبية لما تقدم مناسبة جداً للمغفرة والرحمة، لكن هل يلزم في الدعاء أن يكون التعقيب والتوسل من الأسماء الحسنى بما يناسب الدعاء أو لا يلزم؟ يعني لو تقول: اللهم أغفر لي إنك أنت العزيز الحكيم، يعني جاء في أكثر من آية: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(118) سورة المائدة]...... في التوبة، في آية الممتحنة التي آخر الصفحة من اليمين {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(5) سورة الممتحنة] المهم أنه في مجموع آيات، فبعضهم يطلق، ويغفل عن مثل هذه النصوص، أنه ينتقى من الأسماء الحسنى ما يناسب الدعاء، بعضهم يجيب عن هذه الآيات، لكن في الآيات ما يدل على جواز ذلك، والأسماء الحسنى كلها مما يتوسل به، وتعقيب هذه الدعوة التي علمها النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا بكر بهذين الأسمين مناسب جداً، لكن لا يعني أنه لا يجوز بغيرهما، هو من أسمائه الحسنى، ليس من الاعتداء، لكن ينبغي أيضاً مراعاة الحال، أنه في حال ذل وانكسار وخضوع بين يدي الله -جل وعلا-، فلو اختار غير هذا الاسم لكان أولى، نعم.

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة بعد أن أنزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح، إلا يقول فيها: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم أغفر)) وفي لفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم أغفر)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح" لأن فيها الأمر بالتسبيح، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يمتثل الأمر، أمتثله بالفعل، وكرره، وجاء في خبر عائشة أنه يتأول القرآن بقوله وفعله "بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول فيها: ((سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم أغفر لي))" {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [(3) سورة النصر]  ((سبحانك اللهم وبحمدك)) امتثال لهذا الأمر "وفي لفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده" هذا تسبيح وتنزيه وتحميد وطلب للمغفرة، وطلب المغفرة دعاء، فهل يخالف هذا ما جاء من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم))؟ هنا يقول في ركوعه: ((اللهم أغفر لي)) هذا يخالف وإلا ما يخالف؟ نعم، لكن المسألة مسألة غالب، مثل هذا الشيء اليسير بدليل طلب الكثرة في السجود، طلب الكثرة في السجود يدل على أن القلة في الركوع لا تنافي التعظيم، من باب المقابلة، أما كذا وأما كذا ((أما السجود فأكثروا فيه)) إذاً الركوع نعظم فيه الرب، لكن هل يمنع أن ندعو بدعاء ليس بكثير؟ لئلا نشبه الركوع بالسجود؟ لا يمنع، ودليله هذا الحديث، بدليل هذا الحديث، أن الشيء اليسير لا ينافي التعظيم، ولو قال قائل مثلاً: إن الدعاء من التعظيم، ما دعوت الله حتى عظمته، نقول: مقابلة الدعاء بالتعظيم يدل على أنه تعظيم بغير الدعاء، لكن الدعاء اليسير لا ينافي التعظيم، إذا خص العام ضعفت دلالته، فدخله هذا التخصيص.

أقول: نكتفي بهذا اليوم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.

يقول: أنا طالب في كلية الشريعة، وقد انتصفنا في منهج الفقه والحديث، وقد نويت بعزيمة وإصرار حفظ المنهج في الفقه وهو الزاد، وحفظ الحديث وهو البلوغ، ولكن السؤال هل أبدأ الحفظ من نصف الزاد والبلوغ أم أبدأ من بداية الكتاب؟

الأصل أن تبدأ من بداية الكتاب، لكن إذا كانت متابعتك لما يشرح في الكلية يعينك على فهم ما يشرح، فتحفظ قبل الحضور، ثم تسمع الشرح وتستفيد، لا يمنع أن يكون لك أكثر من درس، درس لحفظ الكتاب من أوله، ودرس ثاني لحفظ الكتاب من أخره، وإذا حفظت في الكتابين معاً، يعينك هذا على فهم هذا، وهذا لا شك أن من حفظ الزاد والبلوغ مع الفهم التام، ومع الطريقة والمنهج المسلوك عند أهل العلم، وكيفية الاستدلال للمسائل، ومعرفة أقوال العلماء في هذه المسائل وأدلتهم، هذا يؤهلك لأن تكون عالماً، لكن مثل ما ذكرنا إذا كنت تريد أن تنتفع بما تحفظه في دراستك فتحفظ مما وقفت عليه من النصف الثاني، وتجعل وقت آخر لحفظ النصف الأول وفهمه ومراجعته.

يقول: لا شك أنه إذا قال رجل من أهل الفضل: حدثني بذلك ثقة من الثقات فإنه قوله يقبل دون تردد؟

إذا قال: حدثني الثقة هذه مبحوثة عند أهل العلم، ولا يكتفون بهذا، بل لا بد أن يسمي من حدثه، عله أن يكون غير ثقة عند السامع، وهذا إبهام في التعديل.
ومبهم التعديل ليس يكتفي
به الخطيب والفقيه الصيرفي
لأنه قد يكون ثقة عند الناقل، لكن ليس بثقة عند السامع، يختلفون في توثيقه فلا بد من تسميته، نعم إذا قال: حدثني الثقة من الأئمة المتبوعين، فعلى من يقلده في الفروع أن يقلده في مثل هذا.
يقول: وقد قعد العلماء أن الراوي إذا قال: حدثني الثقة لا يقبل منه ولو كان من الأئمة الكبار، فكيف نجمع بين ما تعارف عليه الناس وبين هذه القاعدة، وخاصة أنه قد يفعل ذلك أئمة كبار كالإمام مالك وغيره من الأئمة؟
الإمام مالك معروف أنه يتحرى في الرواية، ولا يروي إلا عن ثقة، لكن مع ذلك اغتر -رحمه الله-، اغتر بعبد الكريم بن أبي المخارق، روى عنه، وخرج عنه في موطئه، وهو ليس بثقة عند أهل العلم، ضعيف، لكنه غره بكثرة جلوسه في المسجد كما قال، فيغترون بالظاهر، هم بشر، قد يغترون بالظاهر، وقد يستروحون إلى أن فلاناً ثقة، وهو ليس كذلك، ولذا لا بد من النظر في الراوي من جميع الجوانب، من جميع ما قاله فيه العلماء، ليخرج بالقول الصحيح، وكل له هفوة، وكل له زلة.

يقول: لما يأتي حديث ويحكم عليه طائفة من أهل العلم الكبار بأنه مقبول، ويحكم عليه طائفة أخرى من العلماء الكبار أيضاً أنه مردود، فما العمل حيال ذلك؟

أنت لا تخلو إما أن تكون من أهل النظر، ولديك الأهلية بحيث ترجح بين أقوال أهل العلم هذا مثل خلافهم في المسائل، ترجح، تنظر في أدلتهم وترجح، وإن لم تكن لديك أهلية فتقلد أوثقهم عندك، أو من استفاضت ثقته واعتداله، واستقام أمره من أهل العلم والدين والورع.
وليس في فتواه مفتٍ متبع
ج ما لم يضف للعلم والدين الورع
ج

يقول: هل إخراج مسلم للراوي في صحيحه مقروناً بغيره أو في الشواهد أو في المتابعات على شرط الصحيح أم لا؟

لا ليس على شرط الصحيح، إنما شرطه لمن يخرج له على سبيل الانفراد، معتمداً عليه في الأصول.

يقول: ما هي الكتب التي تنصحون بها طالب العلم في علم المصطلح وعلم الجرح والتعديل، بحيث تكون عنده ملكة؟

لا بد أن يسلك الجادة، ويبدأ بالمتون الصغيرة، ثم يترقى بعد ذلك إلى ما هو أكبر منها، على ما شرحناه في مناسبات كثيرة، يبدأ بالنخبة، ثم اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم الألفية مع شروحها، ثم يقرأ في الكتب الأخرى التي تعينه على معرفة ما يؤثر عن المتقدمين من مصطلحات كشرح علل الترمذي وغيرها، ويكثر من التخريج، وجمع الطرق، ودراسة الأسانيد، ثم بعد ذلك تتكون لديه الأهلية -إن شاء الله تعالى-.

يقول: هل يجوز إذا اجتمع واجب موسع مع واجب مضيق، وقد شرع المكلف في الواجب الموسع فهل يجوز قطعه لفعل المضيق؟ مثال: الموسع فعل صلاة الظهر في أول وقتها، ومثال المضيق: نداء الوالدين مع العلم بأنهما شديدي الغضب؟

أما إذا شرع في الفريضة فلا يقطعها بحال، لكن إن شرع في نافلة مثلاً، وهناك أمر يفوت، صلى الظهر ثم شرع في الراتبة، فأحضرت جنازة مثلاً، هذا محل التردد عند أهل العلم، هل يقطع؟ لأنه جاء النهي عن إبطال العمل، والنهي عن إبطال العمل في القرآن، فمثل هذا هل يعارض به مثل هذا العمل الذي يفوت؟ والحصول على أجر الصلاة على الجنازة؟ لا شك أنه مما ينبغي للمسلم أن يعنى به ويهتم به، ولا يفوت مثل هذه، لكن إذا شرع فالمسألة مسألة مفاضلة بين هذا الأمر الذي يفوت، وبين ما شرع فيه، ومن استروح إلى أن المتطوع أمير نفسه قال: يقطعها، ومن قال: إن هذا عمل صالح يدخل في عموم الآية، قال: يتمها ويخففها ويلحق على ما يدركه من الجنازة.

يقول: يرى بعض الناس أن الرد على أهل البدع وبيان أخطائهم يقسي القلب، ويضعف الإيمان، فما تقول؟

البدع منكرات، والمنكر لا بد من إنكاره ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه)) هذه من أعظم المنكرات، البدع، لا بد من تغييرها، وأقل أحوالها أن تبين بردها، من أهل العلم المتقدمين في وقت نشوء البدع يرى أن الرد على أهل البدع بذكر أقوالهم نشر لأقوالهم، فيرد على البدعة من دون تعرض للقول بجملته، يعني ما تذكر مقطع كامل من كتاب مشتمل على بدع، ثم ترد عليه، إنما تنقض البدعة ابتداء؛ لئلا يرسخ هذا الكلام المذكور بشبهه في ذهنك، ثم تعجز بعد ذلك عن اجتثاث هذه الشبهة، نريد منك أن تبين الحق ابتداء، فبيان الحق ابتداء يكون هناك منعة، أو ما يمنع من التأثر بالباطل، مع الأسف أنه يوجد الآن من الشبه ما يدخل إلى أعماق بيوت المسلمين من عوام المسلمين، ولا يجد من يقاوم هذه البدع، فوظيفة أهل العلم أولاً بيان المعتقد الصحيح الذي فيه الوقاية -بإذن الله تعالى- عن التأثر بهذه البدع، ثم إذا وجد شيء من هذه البدع تفند وترد.

يقول: بعض الكتب التي نقرأها مثل كتاب الأذكار للنووي يوجد بها أحاديث يشار إليها في الهامش أنها ضعيفة، بل ضعيفة جداً، فإن كانت ضعيفة فلماذا تذكر لأنها تشوش على القارئ؟

أولاً: الضعيف في هذا الباب عند جمهور أهل العلم يذكر ويعمل به؛ لأن باب الأذكار من باب الفضائل عندهم، والنووي أصّل هذه المسألة في مقدمة الكتاب، ومشى عليها، لكن بالنسبة لمن لا يرى العمل بالضعيف مطلقاً لا يقبل مثل هذه الأمور، والضعيف موجود في كتب الأئمة المتقدمين والمتأخرين، وإذا بين برئت العهدة، فما كان ضعيفاً فاطرحه حتى تجد ما يسنده.

ما هي أسهل الطرق لحفظ الصحيحين والسنن؟

طريقة شرحناها في محاضرة اسمها: (معالم على طريق الطلب).

هذه النغمات الموسيقية التي تكون في الجوالات؟

قد تتفاوت وجهات النظر في اعتبارها مطربة أو غير مطربة، لكن الفتوى من اللجنة الدائمة صدرت بتحريم هذه النغمات الموسيقية، وإذا كان التحريم في كل مكان فليكن في المسجد أعظم، مع الأسف أن تحول مساجد المسلمين إلى ما يشبه الكنائس، يوجد بعض العمال الذين يحافظون على الصلوات، تجده يرن الجوال من أن يشرع في الصلاة إلى أن ينتهي، كله يخشى أن تختل صلاته إذا أدخل يده فأغلق الجوال، فيقال له: أولاً غير النغمة خلها نغمة غير موسيقية، أو تنبيه خفيف، أو أغلق الجوال ما دمت في المسجد، لكن هذه النغمات الموسيقية التي أفتى أهل العلم بتحريمها، ويشاع الآن ويذكر في القنوات، ويذكر في وسائل الإعلام من يخالف في الغناء وفي الموسيقى كابن حزم وغيره، وينشر لابن حزم بقوة في مثل هذه الأيام، لكن أين هذا الذي ينشر رأي ابن حزم ما ينشر رأيه في المسائل الأخرى؟ ما يقول: إن ابن حزم يقول: إذا ضرب الابن أباه ما في شيء، لكن إذا قال له: أوف ارتكب جريمة من الجرائم، لماذا لا يقال هذا لعوام المسلمين؟ ليعرفوا مقدار هذا الرجل؟ هذا الرجل عنده خلل كبير في العقيدة، فمثل هذا لا يقلد، وداود الظاهري الذي هو أصل المذهب يقول النووي في حقه وغيره من أهل العلم: إن داود قوله لا ينقض الإجماع، ولا يعتد بقول داود لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، ومثله ابن حزم، بل فرع منه.

هذا يقول: هل يكفي كتاب عمدة الفقه عن كتاب الزاد؟

كتاب الزاد فيه أضعاف ما في العمدة من المسائل، كتاب الزاد متن متين معتبر عند أهل العلم، يربى عليه طالب علم، ويخرج عليه، وليس معنى هذا أنه دستور معصوم، لا، فيه مسائل مرجوحة، فيه مسائل خالف فيها المؤلف حتى المذهب، لكن مثل هذا الكتاب يتخذه طالب العلم كخطة عمل يسير عليها في التفقه، يتصور المسائل، ويستدلل لها، ويعرف من وافق ومن خالف، مع أدلة الجميع، ثم يوازن بين هذه الأدلة، وإذا انتهى من الكتاب يكون قد حوى علماً عظيماً -إن شاء الله تعالى-.

يقول: هل نستفيد من كلامك في مسألة التقليد أننا لا ننكر على من كان مقلداً لمذهب من المذاهب الفقهية؟

أما بالنسبة للعامي ومن في حكم العامي من مبتدئي الطلبة هؤلاء فرضهم التقليد، وأما من كان لديه الأهلية فلا يجوز له أن يقلد الرجال في دينه.

يقول: ماذا ندرس بعد نخبة الفكر؟

بعد النخبة مختصر علوم الحديث للحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-، ثم الألفية، ألفية الحافظ العراقي وشروحها.

ما هو المنهج الذي تقترحه لطالب علم أصول الفقه ليبلغ جل الغاية من أقصر طريق؟

أصول الفقه كغيره من العلوم، له كتب صنفت للمبتدئين، وأخرى للمتوسطين، وثالثة للمنتهين، ومصادر كبيرة تراجع، لكن يبدأ الطالب بالورقات، بشروح الورقات المطبوعة والمسموعة، ويسمع الأشرطة، ويفرغ على الكتاب، ويسأل عما يشكل عليه، ثم يقرأ بعد ذلك إن شاء مختصر التحرير، وإن شاء مختصر الروضة (البلبل) كلاهما كتاب نفيس، يعني مختصر الروضة غاية في الجودة، وإذا قرأه على شيخ يحسن هذا العلم ويتقنه نور على نور، ومن طرق التحصيل في هذا العلم وفي غيره الاختصار، فإذا اعتنى بمختصر التحرير مثلاً، وجاء إلى شرحه الكوكب المنير، وقرأ المقطع من المتن، ثم حاول يقرأ الشرح، ويلخص ما في الشرح، ويصوغه بأسلوبه ليخرج بمجلد واحد بدلاً من أن يكون أربعة مجلدات، وقل مثل هذا في شرح مختصر الروضة، ثم بعد ذلك يقرأ في الكتب التي هي أطول من هذا، وهذا العلم وعلم النحو وغيرها من العلوم التي هي مفاتيح للعلوم مما يعينه على فهم الكتاب والسنة، أمر لا بد منه لطالب العلم، أن يغالط نفسه طالب علم يريد أن يطلب العلم ولا يعتني بالأصول، وعلم العربية، وأصول الحديث، وقواعد التفسير، وغيرها من العلوم التي تعينه على فهم المقاصد.

يقول: هل للوالدين حق في اختيار الزوجة لابنهم؟

الأصل أن البر مطلوب، ورضا الوالدين أمر لا بد منه، لكن إذا اختارا امرأة لا تناسبك، ولا تملأ عينك على ما تذكر، ويمكن أن تتطلع إلى غيرها بعد الزواج بها، فالطاعة بالمعروف، حاول إقناعهم بقدر الإمكان، وإلا فالأمر لك أولاً وأخراً.

يقول: هل إذا رأينا حديث وحكم أهل الحديث بأنه صحيح بشواهده وطرقه، هل هذه الطرق كلها حسنة وضعيفة، أو كلها ضعيفة، وحكمنا عليه بالصحة؟

سؤال ركيك، لكن إذا قالوا: صحيح لغيره فأعرف أنه بمفرداته لا يصل إلى درجة الصحة، لكن هو عبارة عن أكثر من طريق، كلها في الغالب حسنة، منهم من يرقي الضعيف إلى أكثر من درجة، فإذا كثرت طرقه الضعيفة القابلة للانجبار كثرة بحيث يقطع أو يجزم الناظر أن له أصل يثبت به لا سيما إذا كان بعض المتابعات، أو بعض الشواهد في الصحيحين، فإنه يرقيه أكثر من درجة، لا يقتصر على قوله بأنه حسن لغيره، بل يرقيه إلى درجة الصحة.

يقول: هل على من لديه أسهم في أحد البنوك زكاة أم لا؟

أسهم في أحد البنوك، يعني جزء مشاع من هذا البنك أو من شركة يكتتب فيها في هذا البنك؟ مع العلم أنه يستطيع أن يتحكم في البيع والشراء.
المقصود أن الأسهم جزء مشاع من مال، وهذا المال إن كان أسهم من بنك يتعامل بالربا فهذه مشكلة، ينبغي أن يسأل عن نظافة هذا المال، وعن طيب هذا المال قبل أن يبحث عن زكاته، والله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً، أما إذا كانت أسهمه عبارة عن جزء مشاع مما يجوز بيعه من الشركات التي لا تتعامل بالربا هنا يسأل عن كيفية تزكية هذا الجزء؟
بأن يسأل أهل الخبرة وأهل الاختصاص كم يساوي السهم الواحد وقت إخراج الزكاة إذا حال عليها الحول، وفي كل حول يسأل هل زادت الأسهم أو نقصت؟ ثم يقومها في وقتها، ويخرج منها الزكاة، أصل التجارة مع ربحها.

يقول: نصيحتك للشباب الذين تصدروا الفتيا، وهم شباب جامعيون، يدرسون في كلية الشريعة ويحضرون، ولكنهم لا زالوا في مرحلة أخذ ونهل من أهل العلم فلا يقعوا في مهاوي الردى؟

على كل حال الفتيا شأنها عظيم، وسلف هذه الأمة وأئمتها تدافعوها، بحيث يأتي السائل إلى البلد الكامل وهو مكتظ بأهل العلم، ويكاد أن يرجع دون أن يجد من يفتيه، يتدافعون الفتيا؛ لأن شأنها عظيم، وهو توقيع عن الله -جل وعلا-، وإذا كانت بغير علم صارت محض كذب على الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] وإذا ضممنا هذا الآية إلى آية الزمر {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] الإنسان عليه أن يحمد الله -جل وعلا- على العافية الذي لم يعين هذا الأمر عليه، فإذا تعين عليه يستعين بالله، لا يجوز له أن يترك بعد أن تعين عليه، ويحجم عن الفتوى، الذي يُسأل وعنده علم فيكتمه يلجم بلجام من نار يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، على كل حال المسألة تحتاج إلى مزيد عناية، ونرى الناس تتابعوا على هذا الأمر، وهم ليسوا بأكفاء، وكلام أهل العلم وسلف هذه الأمة وخيارها كثير في هذا الباب.