شرح الموطأ - كتاب العيدين (1)

كتاب العيدين: باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة:

حدثني يحيى عن مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم يقول: لم يكن في عيد الفطر، ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، قال مالك: وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.

وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب العيدين: العيدين: تثنية عيد، والعيد مشتقٌ من العود، سمي بذلك لتكرره في كل عام، أو عود السرور بعوده، أو لكثرة عوائد الله -جل وعلا- على عباده فيه، وجمعه: أعياد، العيد: أصله من العود، فهو واوي، أصله الواو، وجمعه: أعياد، والأصل أنه واوي، فيجمع على أعواد، فالتزمت الياء للزومها في المفرد، ومنهم من يقول: أنه جمع على أعياده للفرق بينه وبين أعواد الخشب.

باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة: باب العمل في غسل العيدين، والنداء الذي هو الأذان والإقامة فيهما.

يقول: حدثني يحيى عن مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم"، الإمام مالك -رحمه الله- لم يسند الخبر إلى معين؛ لكنه أسنده إلى جمع، ووصفهم بالعلماء، وهذا عنده أقوى من الإسناد إلى الواحد؛ لأنه حتى لو أسنده إلى جمع من غير توثيق، أسند الخبر إلى جمعٍ من المجاهيل من غير توثيق ولا تسمية، هؤلاء جمع يشد بعضهم بعضًا، فكيف إذا كان الإسناد من مالك وهو من أهل التحري والتثبت، ووصفهم بكونهم علماء؛ ولذا مثل هذا الأٍسلوب عند الإمام مالك أقوى من مجرد الإسناد إلى واحد، قاله الباجي في شرحه.

يقول: "لم يكن في عيد الفطر ولا في الأضحى نداء في الأذان ولا إقامة، منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم"، بل مجرد ما يدخل الإمام يكبر من غير تقدم أذان ولا إقامة.

في البخاري عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهم- قالا: "لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى" ما فيهما أذان، وعند مسلم من حديث جابر: "فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة" وعنده أيضًا عن جابر قال: "لا أذان للصلاة يوم العيد ولا إقامة ولا شيء" وبهذا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظٍ كان، سواءٌ قيل: الله أكبر الله أكبر الأذان المعروف، أو ببعض جمله أو الصلاة جامعة، أو صلاة العيد، كل هذا من المبتدعات من المحدثات؛ لكن إذا احتمل أن هناك من يرقد عن هذه الصلاة، ولا يسمع تكبير الإمام فنبه من غير موقع المؤذن، ولا من قبل المؤذن، نبه الناس بعضهم بعضًا، الأمر فيه سعة؛ لكن من محل الأذان المرتب المشروع ينادى لصلاة العيد أو لصلاة الجنازة هذه من المحدثات.

الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقه على فتح الباري لما ذكر البخاري الأحاديث التي تدل على أنه ليس لها أذان ولا إقامة، قال: وبهذا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظٍ كان.

الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: "أحب أن يقول: الصلاة فقط، أو الصلاة جامعة، فإن قال: "هلموا إلى الصلاة لم أكرهه"، فإن قال: حي على الصلاة أو غيرها من ألفاظ الأذان كرهتُ له ذلك"، يعني لا ينادي لها بألفاظ الأذان المعروف.

يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا -يعني في المدينة-، قال الباجي: ولا خلاف فيه بين خلفاء الأمصار، أن صلاة العيد ليس لها نداء.

واختلف في أول من أحدث الأذان للعيد، فروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه معاوية، وقيل: الحجاج، وقيل: زياد بالبصرة، وقيل: مروان، وقيل: ابن الزبير، وعلى كل حال إذا لم يثبت مثله عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن خلفائه الراشدين المهديين فإنه بدعة ممن جاء به، ولو عمله الصحابي إذا لم يوافق عليه.

قال: وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، تابع مالك على روايته عن نافع موسى بن عقبة، وروى أيوب عن نافع: ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، هنا يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، روى أيوب عن نافع: ما رأيتُ ابن عمر -كلاهما عن نافع- ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، كان يبيت بالمسجد ليلةَ الفطر، ثم يغدو منه إذا أصبح إلى المصلى، يعني من معتكفه إلى المصلى، بثياب اعتكافه، وهذا يختاره بعض الفقهاء، الحنابلة، يختارون مثل هذا، أن الإنسان يبيت ليلة العيد، والفقهاء أيضًا يستحبون إحياء ليلة العيد بخبرٍ ضعيف ورد في ذلك، فإذا أحيا ليلة العيد ومكث في الليلة، وخرج من معتكفه إلى المصلى لا يغتسل، بل يصلي العيد بثياب اعتكافه، هذا عندهم.

ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، كان يبيت في المسجد ليلة الفطر، ثم يغدو منه إذا أصبح إلى المصلى، يمكن حمل هذا على ما إذا اعتكف، ورواية مالك محمولة على إذا لم يعتكف، إن اعكتف بات ليلة العيد في المسجد وخرج إلى المسجد من غير اغتسال بثياب اعتكافه، وإذا لم يعتكف وبات في بيته اغتسل ولبس أحسن ثيابه، وتنظف وتطيب، وخرج إلى المصلى، وهذه هي السنة، وهذا مطلوبٌ للجمعة، والاجتماع للعيد أكبر من الاجتماع للجمعة.

باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين:

حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة.

وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانا يفعلان ذلك.

وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فصلى ثم انصرف فخطب الناس، فقال: إن هذين يومان نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم، قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فجاء فصلي، ثم انصرف فخطب، وقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له، قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- وعثمان محصور فجاء فصلى، ثم انصرف فخطب.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين:

حدثني يحيى عن مالك عن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة، النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج لصلاة العيد فصلى ركعتين، ثم خطب، أول ما بدأ به الخطبة.

عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا مرسل، وهو متصل من وجوه صحاح في الصحيحين وغيرهما.

قال: وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر وعمر كانا يفعلان ذلك، يدل على الاستمرار، استمرار العمل بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لئلا يدعى النسخ.

في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس قال: شهدتُ العيد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يصلون قبل الخطبة، واختلف في أول من غيّر ذلك، يعني من خطب قبل الصلاة، ففي مسلم عن طارق بن شهاب أن أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة مروان، وأنكر عليه، أنكر عليه من قبل بعض الصحابة، وهو على المنبر، القاعدة المقررة: أن المنكر لا بد من إنكاره؛ لكن أيضًا مقرر عند أهل العلم أنه إذا ترتب على هذا الإنكار منكر أعظم منه فلا، المقرر عند أهل العلم ارتكاب أخف الضررين، معروف مقرر في الشرع، فإذا ترتب على هذا الإنكار منكر أعظم منه يترك ويعدل عنه، وإلا ففي حديث أبي عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، على أن نقوم بالحق لا نخاف في الله لومةَ لائم" لكن متى؟ هذا إذا خشيت مفسدة، أما إذا ترتب على ذلك مفسدة فلا، أنكر أبو سعيد ولم ينكر أبو هريرة، دخل أبو هريرة ومعه مروان وجلس في المقبرة، فجاء أبو سعيد وحمل مروان بيديه: قم، وفيه النهي عن الجلوس وأبو هريرة حاضر حتى توضع.

المقصود أن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، مصالح ومفاسد، إن كانت المفاسد أعظم فمعروف المسألة في الشرع، على كل حال هذه أمور معروفة ومبحوثة ومقررة عند أهل العلم، ولا يمكن أن يقدم عالم على أمرٍ يجزم بأنه يترتب عليه ضرر عام، أما ضرر على الشخص نفسه، فهناك ما يسمى بالعزائم والرخص، المسألة معروفة.

اختلف في أول من غير ذلك، ففي مسلم عن طارق بن شهاب: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة مروان، قال الباجي: "من بدأ بالخطبة قبل الصلاة أعادها بعد الصلاة، فإن لم يفعل فذلك مجزئٌ عنه، وقد أساء، قاله: أشعب".

افترضنا شخص في يوم العيد جاء وقدم الخطبة ثم صلى، هل لتقديم الخطبة على الصلاة؟ نعم ينبغي أن يعيد الخطبة لتقع في موقعها؛ لكن لو جاء شخص يوم الجمعة فبدأ بالصلاة ثم خطب، يعيد الصلاة وإلا ما يعيد؟ يعيد الصلاة؛ لأن من شرط صحة صلاة الجمعة تقدم خطبته، بينما الخطبة لصلاة العيد ليس شرطًا لصحتها، ما الداعي لمثل مروان أن يقدم الخطبة على الصلاة؛ لأنهم لحظوا انصراف الناس عن خطبهم، فأرادوا أن يربطوا الناس بالصلاة، ما في أحد يجيء مصلى العيد وينصرف بدون صلاة، ومن لازم انتظار الصلاة انتظار الخطبة وسماعها؛ لكن هذا لا يعني أن الإنسان يبتدع بالدين من أجل أن يحقق مصلحة هو يراها، لا، الدين مبني على التوقيف التسليم.

يقول: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد سعد بن عبيد الزهري، تابعي كبير، مولى عبد الرحمن بن أزهر، قال: شهدتُ صلاة العيد -عيد الأضحى- مع عمر بن الخطاب فصلى قبل أن يخطب، بلا أذان ولا إقامة، ثم انصرف فخطب الناس، فقال: إن هذين -تغليب للحاضر للإشارة- إن هذين يومان، الأصل أن الإشارة تكون إلى موجود، موجود في الأعيان؛ لكن إذا كان أحدهما موجودًا والآخر مفقودًا يغلب الموجود وتكون الإشارة إلى غيره إشارة إلى ما في الأذهان لا إلى ما في الأعيان.

إن هذين يومان نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما -والنهي نهي تحريم- يوم فطركم من صيامكم، يوم: خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدهما، يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم، يوم فطركم، أضافه إلى الفطر وأضاف الفطر إليهم يوم فطركم، والثاني تأكلون، يعني أشار إلى العلة في الإفطار، ما دام هذا يوم فطر إذًا لا يجوز صيامه، الثاني يوم أكل، والأكل منافٍ للصيام إذًا لا يجوز صيامه، فأشار بالعبارتين إلى العلة، العلة الموجبة للفطر، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم، وفيه أن الضحايا تسمى نسك، والواحدة: الضحية والنسيكة، وأن الأكل منها مستحب، تطوع، تأكلون، يعني على سبيل الاستحباب عند الجمهور، وإن أوجبه أهل الظاهر، يعني لو أن شخصًا صام يوم عيد الفطر ما صار هناك فرق بين يوم الصيام ويوم الفطر، ما فيه فرق بين يوم صومكم وبين يوم فطركم، والإشارة بالحديث إلى العلة، ولو شرع في صوم يوم الأضحى لم يكن لمشروعية الذبح في هذا اليوم معنى، في الحديث تحريم صوم يومي العيدين، ويستوي في ذلك المندوب وقضاء الواجب والنذر والكفارة والقضاء وغير ذلك، فهذا محل إجماع، يحرم صوم يومي العيدين، ولا صوم متعة ولا قران، كلها حرام، صوم يوم العيدين.

رخص في صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي؛ لأنها من أيام العيد، لكن يوم العيد يوم الحج لا يجوز صومه البتة، لا يوم الفطر ولا يوم الأضحى، لا يجوز له بحال أن يصوم في يوم العيدين، ولو عدم ولو صام ظاهرًا، لم يجد ما يأكل ولا ما يشرب، لا يجوز له أن ينوي الإمساك، بل يجب عليه أن ينوي الفطر.

طالب:........

الحظر مقدم على الإباحة، لو صامها باعتبار أن من قدر على بعض المطلوب يفعله يؤجر عليه، المقصود أنه غير داخل في المنهي عنه، الرابع عشر والخامس عشر غير داخل، يعني لو قضى هذا باعتبار أنه ممنوع من صيامه يرجى، لكنه ليس من البيض.

قال أبو عبيد المذكور، مولى ابن أزهر: ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب، وقال في خطبته: "إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان"، يقصد الأضحى والفطر؟

طالب:........

نعم، العيد الحقيقي والجمعة، والجمعة من أعياد المسلمين إلا أنها غير العيدين المقررين في الشرع، الذي أبدلنا الله بهما عن أعياد الجاهلية.

"إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية" واحدة العوالي: وهي القرى المجتمعة حول المدينة، أبعدها عن المدينة ثمانية أميال، "فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة" ليصلي الناس، ولا يحمل نفسه المشقة بالذهاب والرجوع فلينتظرها حتى يصليها، "ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له"، يرجع ولو لم يحضر للجمعة، فيجوز ذلك، وبعضهم كالإمام مالك يخص هذا بمن أذن له الإمام، "ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له"، يقتصر الحكم على من أذن له الإمام، أما من لم يأذن له الإمام فإنه لا يجوز له أن يترك الجمعة، ولو حضر العيد؛ لكن الجمهور يجيزون لغير الإمام إذا حضر العيد أن لا يحضر الجمعة، بل يصليها ظهرًا، وأما القول بأنه لا تلزمه الجمعة ولا الظهر، وأنه يكتفى بالعيد فإنه قولٌ شاذ، لا يعول عليه.

قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب وعثمان محصور -رضي الله عنه وأرضاه-، فجاء فصلى ثم انصرف فخطب.

شهدت العيد مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعثمان محصور، جملة حالية، فجاء فصلى، يعني قبل الخطبة، ثم انصرف فخطب، قال أبو عمر: إذا كان من السنة أن تقام صلاة العيد بلا إمام فالجمعة أولى؛ لأنها آكد، الجمعة آكد من العيد، فإذا صاغ أن تقام العيد بدون إمام فالجمعة من باب أولى، إذًا لا يشترط لإقامة صلاة العيد أو الجمعة إذن الإمام، من أين أخذ هذا؟ علي -رضي الله عنه- صلى وعثمان الذي هو الإمام الحقيقي محصور، بهذا قال مالك والشافعي، معروف عند الحنابلة أن الجمعة لها شروط ليس منها إذن الإمام، ومنع ذلك أبو حنيفة، فلا تقام الجمعة عنده إلا بإذن الإمام.

وعلى كل حال قول أبي حنيفة من حيث النظر له وجه، يعني لو سمح لأي شخص يقيم الجمعة في أي مكان في أي... نقول: يترتب عليه بعض الأشياء، بعض المفاسد، فالإمام له أن يتدخل في مثل هذه الأمور؛ لكن ليس له أن يمنع من إقامة الشعائر بحال، له أن ينظم ويرتب ويشرف ويمنع القدر الزائد على الكافي، له ذلك، والعمل على هذا، لا يمكن أن تقام جمعة في مسجد إلا بعد الرفع للجهات المسئولة.

طالب:.......

على كل حال تعرف أنت الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، ليسوا ممن يهادنون الإمام؛ لكن في مثل هذه الظروف، مثل اضطراب الأحوال في بعض الأماكن، وفي بعض الأزمان الناس بحاجة إلى شيء من التنظيم لو تدخل الإمام وعمل بمذهب أبي حنيفة له وجه.

طالب:.......

نقول: إن الإمام يعني الذي هو الأصل، إمام الحي، تلزمه صلاة الجمعة، المقصود أن الرخصة في هذا للتيسير والتخفيف، فإذا كان يترتب على الصلاة إقامتها في المسجد مشقة على الناس، أو اضطراب وتشويش، مسجد يخطب، ومسجد يصلي الظهر، فتصلى في البيت لا بأس؛ لأن كل هذا مبني على التسهيل والتيسير.

ومنع ذلك أبو حنيفة كالحدود لا يقيمها إلا السلطان، وقد صلى علي -رضي الله عنه- بالناس في حصار عثمان، وصلى أيضًا في حصار عثمان طلحة وأبو أيوب وسهل بن حنيف وأبو أمامة ابنه ابن سهل بن حنيف، المقصود أن هؤلاء صلوا مع وجود الإمام، فلا شك أنه إن أمكن استئذانه فهو الأصل؛ لأنه هو صاحب الشأن، وهو الإمام، الإمامة العظمى، وهو الإمام أيضًا الإمام في إمامة الصلوات؛ لأن الأصل أن من يتولَّ الإمامة هو الذي يتولى إمامة الناس في الصلاة، والذي يخطب، والذي يقيم الجمع والأعياد، ويتصدر الناس في الحج والجهاد وغيره.

طالب:.......

أهل العالية هم حضروا الآن، ثمانية أميال هل يسمعون النداء؟ ما يسمعون النداء، إذًا لو كانوا باقين في أماكنهم ما لزمهم، ما دام لا يسمعون النداء على أن الجمعة تختلف عن الصلوات العادية، يعني الجمعة فرض مرة في الأسبوع، لو ألزم الناس بحضورها ولو من بعيد، بعد لا يشق على الناس، بخلاف الصلوات الأخرى المربوطة بسماع النداء، كما في حديث ابن أمِّ مكتوم.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد:

حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يأكل يوم عيد الفطر قبل أن يغدو.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه أخبره: أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو، قال مالك: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد:

قبل الغدو إلى صلاة العيد، وهو الذهاب إليها بالغداة أول النهار.

حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل يوم عيد الفطر قبل أن يغدو، قبل أن يغدو يعني إلى الصلاة، اقتداءً بفعله -صلى الله عليه وسلم-، وقد روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترًا" هذا ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وأورده الإمام مالك مقطوعًا، يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل، ما معنى مقطوع؟ يعني من قول التابعي، فهو مقطوع، وهو ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-.

ثم قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه أخبره أن الناس كانوا يؤمرون، الناس من هم؟ الصحابة، أو من في عهده من الصحابة والتابعين، فيكون الأمر أعم، كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو، كانوا يؤمرون، فإذا قال التابعي: كنا نؤمر، أو كان الناس يؤمرون، كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو، أولًا: الخبر وهو الفعل ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث أنس في البخاري، وكفى بهذا حجة في مشروعية الأكل قبل الغدو إلى صلاة العيد يوم الفطر، كانوا يؤمرون بالأكل، كان لا يغدو هذا مجرد فعل منه -عليه الصلاة والسلام-، وهو دالٌ على الاستحباب، وهنا أمر: كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر، وهو أيضًا أمر استحباب، وإذا قيل: كانوا يؤمرون، أو كنا نؤمر، والقائل هو الصحابي هذا مرفوع؛ لأنه لا ينصرف إلا إلى من له الأمر والنهي وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما إذا قاله التابعي فيحتمل أن الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنه لا ينسبه إلى جيل التابعين، ما قال: كنا نؤمر، قال: كانوا، يعني من تقدموا من سلف، يؤمرون، ويقصد بذلك الصحابة، وحينئذٍ يكون الآمر هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.

حتى يأكل تمرات، والاستحباب لأكل التمر في هذا اليوم، فإن وجد التمر وإلا فغيره؛ لأن الأكل مقصود ليختلف يوم الفطر عن يوم الصوم، إن وجد التمر وإلا فغيره، ويفضل أن يكون حلوًا كالعسل مثلًا لمشابهته التمر، وإلا فما تيسر، المقصود أنه يحصل ما يخرج به المسلم من مشابهة الصائم؛ لأن هذا يومٌ يحرم صومه، فلئلا يتشبه بالصوام يأكل.

كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو إلى صلاة العيد؛ لئلا يظن ظانٌ لزوم الصوم حتى يصلي العيد، وكأنه أريد بذلك سد الذريعة، وعدم مشابهة الصوام، قال مالك: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى، عيد الفطر يسبقه الصيام، يسبقه صيام رمضان، وعيد الأضحى؟ إذًا هو الحكم واحد؟ ليس الحكم واحدًا، يقول: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى -عند المالكية- بل إن شاء فعل، وإن شاء ترك في الأضحى، إن شاء أكل قبل العيد، وإن شاء ترك، وقال غيرهم غير المالكية يرون أنه يستحب أن لا يأكل يوم الأضحى، حتى يأكل من أضحيته، لما روى الترمذي والحاكم عن بريدة قال: "كان -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي" يعني وينحر، "كان -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي" فيكون أول ما يأكل من أضحيته.

يقول: ما حكم تناول القهوة مع التمر قبل الذهاب إلى صلاة العيد؟

المعول عليه التمر، ثم إن أتبعه بغيره من قهوة أو ماء أو ما أشبه ذلك فلا بأس، حديث أنس عند البخاري ((ويأكلهن وترًا))

طالب:.......

السبع جاء الترغيب فيها وأنها ((من تصبح بسبع تمرات)) فالنصوص مجتمعة تدل على أن السبع لها شأن، يعني إذا نظرنا إلى النصوص مجتمعة قلنا: إن الشرع يفضل السبع حتى في غير الصبح، يعني لو إنسان يجدع الظهر مثلًا، وآثر السبع لأنها جاءت على لسان الشرع كان.....

طالب:.......

كيف؟ أو لا يوجد تمر، لا يكلفون، لكن قلنا: إن لم يوجد التمر فغيره، ويفضل أن يكون حلوًا؛ لأن الحلو على خلو المعدة طيب؛ لذا جاء تفضيل الفطور بعد الصيام على التمر.

فطور التمر سنة  

رسول الله سنَّه

فاز بالأجر من يحلي منه سنة.

طالب:........

المقطوع غير المنقطع، عن هشام بن عروة عن أبيه،

طالب:.......

لا، الموقوف على الصحابي يسمى موقوفًا، الموقوف على التابعي يسمى مقطوعًا؛ لكن إذا أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مرفوع سواء كان بسند متصل أو منقطع

طالب:.......

عروة، هشام بن عروة عن أبيه، يعني عن عروة، وهو من فعل عروة، وعروة تابعي.

باب ما جاء في التكبير والقراءة في صلاة العيدين:

حدثني يحيى عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- سأل أبا واقد الليثي -رضي الله تعالى عنه- ما كان يقرأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأضحى والفطر، فقال: كان يقرأ بـ{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[(1) سورة ق] و{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}[(1) سورة القمر].

وحدثني عن مالك عن نافع مولى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة -رضي الله عنه- فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة، قال مالك -رحمه الله-: وهو الأمر عندنا. قال مالك -رحمه الله- في رجل وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد: إنه لا يرى عليه صلاة في المصلى، ولا في بيته، وإنه إن صلى في المصلى أو في بيته لم أرَ بذلك بأسًا، ويكبر سبعًا في الأولى قبل القراءة، وخمسًا في الثانية قبل القراءة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء بالتكبير والقراءة في صلاة العيدين:

التكبير يسن في ليلتي العيدين، ويستمر بالنسبة للفطر من غروب الشمس ليلة العيد {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[(185) سورة البقرة] وهذا من شكر نعمة إتمام الصيام، ويستمر التكبير إلى صلاة العيد، هذا التكبير ليلة العيد ويوم العيد إلى الصلاة، وهذا غير التكبير في الصلاة، هذا بالنسبة لعيد الفطر.

عيد الأضحى التكبير يبدأ من دخول العشر، ويستمر إلى نهاية أيام التشريق؛ لأنها أيام بهيمة الأنعام، العشر أيام وعرضها في الأسواق وبيعها وشرائها، وأيام العيد والتشريق أيام النحر والأكل فيشرع فيها التكبير.

التكبير في صلاة العيد جاء في حديث ابن عمر وغيره، والقراءة جاءت في الحديث الأول، هذا ثابت عن الصحابة، مأثور عن سلف هذه الأمة، التكبير المطلق الذي يبدأ من دخول العشر إلى نهاية أيام التشريق، هذا غير مقيد بوقت معين، والتكبير المقيد الذي يبدأ من فجر يوم عرفة، هذا ثابت عن بعض الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، حتى بالغ بعضهم مثل الحسن البصري -رحمه الله- يرى أن المسبوق يكبر مع الإمام بعد السلام، ثم يقضي ما فاته، محافظًا على ما فات من هذه السنة المأثورة، على كل حال ما دام ثبتت عن سلف هذه الأمة فلا كلام فيها، من فجر يوم عرفة إلى عصر أيام التشريق، هذا غير الحاج، أما الحاج فمن ظهر يوم النحر عند أهل العلم.

يقول: حدثني يحيى عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني، ثقة مخرج له في صحيح مسلم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة.

فخذهم عبيد الله -هذا أولهم-

 

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

 

سعيد أبو بكر سليمان خارجة

هذا أحد الفقهاء السبعة، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي، عبيد الله بن عبد الله لم يدرك عمر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عمر بن الخطاب، عبيد الله لم يدرك عمر لكنه أدرك أبا واقد؛ ولذا خرجه مسلم من طريق ضمرة عن عبيد الله عن أبي واقد قال: سألني عمر، بما يحكم على رواية مالك وعلى رواية مسلم، رواية مالك متصلة وإلا منقطعة؟

طالب:.......

لماذا؟ هو لو رواها عن عمر قلنا: له شأنٌ ثانٍ، لكن هو يحكي قصة لم يشهدها، عبيد الله يحكي قصة لم يشهدها، فهي منقطعة، وفي رواية مسلم متصلة يروي عن صاحب القصة، رواية مالك منقطعة، ورواية مسلم متصلة، هل مرد الاتصال والانقطاع أن الصيغة في رواية مالك "أنّ" والصيغة في رواية مسلم "عن"؟ ابن الصلاح نقل عن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهما يفرقان بين هاتين الصيغتين، فيقولان: "عن" متصلة، و"أنّ" منقطعة باطراد، ويأتي بمثالٍ نظير ما عندنا، الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة حكما على حديثٍ من طريق محمد بن الحنفية أن عمارًا مرَّ به النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالا: هذه منقطعة، وحكما على الحديث من طريق أخرى عن محمد بن الحنفية عن عمارٍ أنه مرَّ به النبي -عليه الصلاة والسلام-، قالوا: متصلة، وابن الصلاح يرى أن حكم هذين الإمامين سبب اختلاف الحكم هو اختلاف الصيغة، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى:

.................................

 

كذا له ولم يصوب صوبه

يعني ما أدرك السبب الحقيقي للحكم، وهو أنهما حينما حكما بالاتصال حكما على روايةٍ متصلة، يحكيها الراوي عن صاحبها، وحكما على الرواية المنقطعة؛ لأن الراوي يحكي قصةً لم يشهدها لا عن صاحبها، ونظيره ما عندنا، عبيد الله يقول: أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد، هو ما شهد، إذًا القصة منقطعة، في رواية مسلم عن عبيد الله عن أبي واقد، وقد أدرك أبا واقد، قال: سألني عمر فهي متصلة بلا شك، وليس مرد ذلك باختلاف الصيغة، وإنما السبب في حكاية الراوي، فإذا حكى القصة عن صاحبها الذي أدركه فهي متصلة، وإذا حكى قصةً لم يشهدها فهي منقطعة، "كذا له ولم يصوب صوبه" ما أدرك حقيقة الأمر، وعلى هذا.

.................................

سووا وللقطع نحا البرديجي

 

وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُّ
حتى يبين الوصل في التخريجِ

المقصود أنه لا أثر للصيغة هنا، انظر الآن لو أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هنا، أما عن عبيد الله عن أبي واقد قال: سألني عمر، لو قال: عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا واقد سأله عمر، متصل؛ لأنه أدرك أبا واقد، وأخذ عنه، كما لو قال: عن أبي واقد في رواية مسلم لا فرق؛ لكنه يحكي القصة أن عمر سأل أبا واقد، الإسناد إلى شخصٍ لم يدركه، فيحكي عنه قصة؛ لكن لو أسند القصة إلى من أدركه بأي صيغة كانت صارت متصلة.

ما الفارق بين الشاهد والمتابع؟ نحن نقول: الحديث صحيح؛ لأنه ثبت من طريقٍ متصلة في صحيح مسلم وانتهى الإشكال؛ لأن مالك -رحمه الله- الإرسال والاتصال قريبٌ من السواء عنده.

واحتج مالك كذا النعمانُ

 

به وتابعوهما ودانوا

المرسل ما فيه إشكال عنده، ولذلك ما يحرص على الاتصال.

طالب:.......

الإمام مالك هل أورده متصل؟

طالب:.......

لا، لا، جميع كثيرٍ من المواضع التي مرت بنا تخرج في موطأ مالك مرسلة، ما عنده مشكلة.

طالب:.......

عموم الرواة يروى عنه الحديث المتصل، ويروى عنه مرسلاً، مثل هاهنا، أحيانًا يرسل الراوي، وأحيانًا يصل، وأحيانًا يرفع، وأحيانًا يقف، تروى الأحاديث من طرق متصلة، ومن طرق مرسلة، ومن طرق مرفوعة، ومن طرق موقوفة، نفس الراوي، الراوي يلاحظ قد يرويه المتصل، ويرويه المنقطع.

أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي الحارث بن مالك الليثي ما كان يقرأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأضحى والفطر، فقال: كان يقرأ بـ{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[(1) سورة ق] في الركعة الأولى، و{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}[(1) سورة القمر] في الركعة الثانية، عمر -رضي الله عنه- وموقعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- معروف، وحرصه على الصلاة خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- معروف، يسأل أبا واقد، وهو دونه بمراحل، ما قال: أنا أكبر أو أشرف، "لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر"، عمر -رضي الله عنه- يسأل أبا واقد، كلامها من الصحابة؛ لكن أين منزلة أبي واقد من عمر؟ فلا يلزم، ما يلزم أن يكون العلم كله عند الأكابر، بل عند الأصاغر ما لا يوجد عند الأكابر، فيؤخذ منهم.

الشراح يقولون: إن هذا السؤال للاختبار؛ لأنه لا يحفظ أن عمر تخلف عن صلاة العيد في يومٍ من الأيام، أو لكون عمر -رضي الله عنه- نسي ما كان يقرأ به النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنسيان وارد، فأراد أن يتذكر، ويبعد أن يكون عمر -رضي الله عنه- لم يعلم ذلك مع كونه ممن حافظ على صلاة العيد مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، النسيان وارد، نسي مع طول العهد، بعد سنين من وفاته -عليه الصلاة والسلام- يسأل أبا واقد؛ لكن مثل هذا الأمر يحتمل النسيان؟ لأنه إذا نسي هذه السنة تجدد في السنة التي تليها، ثم يتجدد ثم يتجدد في كل سنة، نعم؟

احتمال أن يكون اختبار أبي واقد، هل حافظ وضبط، تعليم إلى الآخرين بأسلوب الحوار، أسلوب السؤال والجواب..، هو إذا قلنا: إنه نسي وأراد أن يتذكر، أو شك وأراد أن يتأكد، لا بأس، أو أراد أن يعلم الحاضرين؛ لأن الإنسان قد يسأل عن شيء وهو يعرفه؛ لتعليم الحاضرين، والأصل في هذا حديث جبريل حينما جاء يعلم الصحابة الدين، ولا مانع أن يكون شخص من طلاب العلم الذين يعرفون حكم الإسبال، فإذا وجد في المجلس أحدًا من أهل العلم، ودخل مسبلاً يسأل الشيخ يقول له: ما حكم الإسبال، وهل فيها رخصة؟ وهل كذا وكذا؟ من أجل أن يتقرر في ذهن السامع، هذه مسألة حاصلة واقعة.

النسيان وارد؛ لكن العيد يتكرر، ما هو شيء يقع مرة واحدة، ثم ينسى، المسألة احتمال، على كل حال الاحتمال قائم، يكون للتعليم أو للاختبار أو نسي أو شك أو أراد أن يتأكد.

وحدثني عن مالك عن نافع مولى بن عبد الله بن عمر قال: شهدتُ الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الأولى سبع تكبيرات، قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات، قبل القراءة، هذا موقوف عن أبي هريرة، ولا يمكن أن يكون هذا من جهة الرأي والاجتهاد؛ لأن مثل هذه الأفعال توقيفية، ولا يظن بأبي هريرة أنه ابتدع أمرًا لم يؤثره عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

سبع تكبيرات في الأولى، وخمس تكبيرات في الثانية، هنا يقول الإمام مالك: وهو الأمرُ عندنا، يعني بالمدينة وقد روى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا، يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-

((التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمسٌ في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما)) قال الترمذي في علله: سألتُ محمدًا -يعني البخاري عن هذا الحديث- فقال: صحيح.

وعلى كل حال هو من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وصححه البخاري في جوابه للترمذي، صحح ما جاء من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الحديث، لهذا سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: صحيح.

طالب:.......

لا لا، هو معروف من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، هذا رأي من يقول بالتوسط، لكن هناك نص أحمد يصحح، الإمام أحمد يصحح، والبخاري سئل عن هذا الحديث فقال: صحيح.

وفي الترمذي أنه -صلى الله عليه وسلم- كبر بعد القراءة، هنا في حديث أبي هريرة قبل القراءة في الأولى، وفي الثانية قبل القراءة، في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ((والقراءة بعدهما كلتيهما)) فيكون التكبير ثم القراءة في الركعتين، في الترمذي أنه -عليه الصلاة والسلام- كبر بعد القراءة، وبهذا أخذ أبو حنيفة، لا سيما في الركعة الثانية يقول: "ليوالي بين القراءتين" يكبر في الأولى ثم يقرأ، يقرأ في الثانية ثم يكبر "ليوالي بين القراءتين" استنادًا إلى هذا الحديث، لكنه حديث موضوع، وهو أسوأ ما روى الترمذي من الأحاديث، التكبير قبل القراءة عند الجمهور عملًا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعمل أبي هريرة، والتكبير سبع في الأولى وخمس في الثانية.

سبع بعد تكبيرة الإحرام أو مع تكبيرة الإحرام؟ خمس بعد تكبيرة الانتقال أو مع تكبيرة الانتقال؟ يعني ثمان يصير ثمان.

طالب:.......

وقت الركوع هذه بعد القراءة، ما لها علاقة......

طالب:.......

لا، لا، انتهينا أن التكبير قبل القراءة، هذا المرجح، سبع وخمس، في الأولى سبع، وفي الثانية خمس، كبّر للإحرام كم يكبر بعدها؟ ست، طيب كبر للانتقال في الثانية من السجود إلى القيام كم يكبر أربع وإلا خمس؟ خلونا في مفهوم الحديث: كبر في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا، هل يسوغ لنا أن نقول: سبع بتكبيرة الإحرام فيكون ستًّا والمجموع سبعًا؟ إذًا ماذا نقول عن الثانية؟ أربع مع تكبيرة الانتقال فيكون المجموع خمس؟ أو خمس دون تكبيرة الانتقال؟ يعني هذه التكبيرات زائدة على ما عرف من الصلاة، إذًا الخبر مؤسس لحكم جديد، قدر زائد على ما في الصلاة، تكبيرة الإحرام، ثم سبع تكبيرات، تكبيرة الانتقال، ثم خمس تكبيرات، هذا ممكن يفهم من الحديث، ولا يبعد أن يفهم هذا.

طيب ما رأيكم بمن يفرق بينهما؟ مالك كبّر في الأولى تكبيرة الإحرام وست تكبيرات، ليكون المجموع سبعًا، وقال الشافعي: سبع سواها، واللفظ يحتمل المذهبين، وأما في الثانية فخمسٌ غير تكبيرة الانتقال، المذهب عند الحنابلة يوافق قول مالك وإلا قول الشافعي؟ قول مالك، سبع مع تكبيرة الإحرام، وخمس بعد تكبيرة الانتقال، وعلى كل حال اللفظ لفظ الخبر يحتمل المعنيين.

طيب ما مذهب أبي حنيفة؟ سبع مع تكبيرة الإحرام وإلا خمس؟

طالب:.......

لا، هم عندهم "ليوالي بين القراءتين" يكبر قبل القراءة ويقرأ قبل التكبيرة الثانية، والمعروف عندهم أن التكبيرات ثلاث ما هي سبع، فالمخالفة من وجوه.

طالب:.......

يعني مرة يفعل كذا، ومرة يفعل كذا، يصير تنوعًا، لو جاء حديث يدل على هذا، وآخر يدل على هذا قلنا: تنوع.

طالب:.......

نعم، لكن لا بد من ترجيح، الحق واحد، الحق لا يتعدد.

طالب:.......

المالكية والحنابلة عندهم ست ومختلفين بين السبع والخمس؛ لأن اللفظ يحتمل، قد يقول قائل: إذا قلنا: ست في الأولى لماذا لا نقول: أربع ليطرد المذهب؟ لكن هذا ما قال به أحد، خمس كاملة.

طالب:.......

هو لعل سبب التفريق بين تكبيرة الإحرام وأنها معدودة من السبع وعدم عد تكبيرة الانتقال الاتفاق على أن تكبيرة الإحرام مثل التكبيرات من قيام، لكن هل تكبيرة الانتقال من الأولى إلى الثانية في القيام مع هذه التكبيرات، أو أنها أثناء الانتقال فنحتاج إلى سبعٍ غيرها؟ يعني بعبارة أخرى هل تكبيرة الانتقال تتميم للركعة الأولى، أو افتتاح للركعة الثانية؟ يعني لو قلنا: افتتاح للثانية ما نكبر إلا لنقف؛ لكنها قبل إتمام القيام، إذًا لا تبع هذه ولا هذه، فاصل بينهما، إذا لا تعد، ما هي مثل تكبيرة الإحرام، وحينئذٍ يظهر وجه قول المالكية والحنابلة في عد تكبيرة الإحرام وعدم عد تكبيرة الانتقال.

قال مالك في رجلٍ وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد، جاء إلى المصلى فوجدهم قد صلوا، يقضي وإلا ما يقضي؟ قال مالك في رجلٍ وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد: أنه لا يرى عليه صلاةً في المصلى؛ لأنها عندهم سنة، وعند الشافعية والحنابلة فرض كفاية، وقد قام بها من يكفي في هذه الصورة، وصارت في حكم هذا المسبوق سنة كقول مالك، إذًا لا يلزمه القضاء ما دامت صارت سنة، يعني مثل صلاة الجنازة جاء ووجد الناس قد صلوا فرض كفاية، خلاص ما يلزمه أن يصلي؛ لأن الصلاة في حكمه سنة.

يقول: وإنه إن صلى في المصلى، أو في بيته، يعني قضاها في مكانها، أو في بيته لم أرَ بذلك بأسًا، يجوز؛ لأنها سنة، إن فعلها فقد أحسن، وإن تركها فلا شيء عليه.

عند الحنفية واجبة على الأعيان، واجبة على كل من تجب عليه صلاة الجمعة، واجبة، يأثم كل من تركها، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

طيب إذا قضاها، يقضي ركعتين لا صفةَ لهما زائدة، أو يقضيهما على صفتهما، يقضي صلاة العيد على صفتها، الإمام مالك يقول: وإنه إن صلى في المصلى لم أرَ في ذلك بأسًا، ويكبر سبعًا في الأولى قبل القراءة وخمسًا في الثانية قبل القراءة، يعني من قضاها يقضيها على صفتها.

وقال الثوري وأحمد: إن قضاها يصليها أربعًا، لماذا يصليها أربعًا وهي ركعتان؟ يعني كالجمعة إذا فاتت صلاها أربعًا.

طالب:.......

هذا قول، صلاة الجمعة صلاة عيد، يوم الجمعة يوم عيد، فهناك وجه شبه بين صلاة الجمعة؛ لأنها ركعتان إذا فاتت تقضى أربعًا، إذًا صلاة العيد تقضى أربعًا، والمقرر عند أهل العلم أن القياس لا يدخل في العبادات، هذا قول لا حظ له من النظر، مع إمامة قائله

طالب:.......

يصلون صلاة من دون خطبة، يصلونها على صفتها، يقضونها على صفتها فرادى أو جماعة فلا بأس.

طالب:.......

فرض كفاية، لكن إذا قام بها من يكفي ماذا تصير في حكم الباقين؟ سنة، تصير في حكم الباقين سنة، فضلًا على أن تكون واجبة على كل الأعيان كما يقول الحنفية، يأثم كل مكلف بتركها، إذا عرفنا أن من أهميتها أن أمر العواتق وذوات الخدور والحيض أمرنَ بالخروج إلى صلاة العيد، هؤلاء عواتق وذوات خدور، يعني ما هن عجائز، حيض لا يلزمها الصلاة الخمس لا تلزمها، أمرنَ أن يخرجن إلى العيد يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى، فأمر صلاة العيد أمرٌ عظيم، الصلاة شعيرة من شعائر الدين، والقول بوجوبها كقول الحنفية له وجه ظاهر.

طالب:.........

لا، هو الآن إذا قلنا: إن المتجه هو القول بوجوبها كقول الحنفية..... وهذا هو المترجح -إن شاء الله-......

طالب:.......

يشرع نعم رفع اليدين مع التكبيرات الزوائد يشرع، مروي عن ابن مسعود: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا وسبحان الله... إلى آخره.

طالب:.......

الصارف عن الوجوب، يعني عرفنا أن الجمهور على أنها غير واجبة، بل منهم من يقول: فرض كفاية، ومنهم من يقول: سنة مؤكدة، ولم يقل بوجوبها إلا الحنفية، النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم عليها، وداوم عليها خلفاؤه، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإخراج الحيض والعواتق وذوات الخدور، فكيف يعذر الرجال؟ أنا لا أعرف صارفًا؛ ولذا المتجه قول الحنفية؟ هم يقولون: هذه شعار، تسقط بقيام البعض كالجهاد، هذا كلامهم، شعار يسقط بقيام البعض كالجهاد، وأيضًا من الصوارف الحديث الذي مر ((هل علي غيرها؟)) قال: ((لا، إلا أن تتطوع)).

ويعتزل الحيض المصلى، ومن باب أولى إذا صُليت في مسجد، أمرنَ هذا أمر؛ لكن عدا الجمهور على أنه أمر استحباب لا أمر وجوب؛ لأنه إذا قلنا: بوجوب الصلاة فالحيض لسن من أهلها.

طالب:.......

لا، لا، حتى ما يدخلن ولا المصلى، خارج سور المسجد.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
هذا يقول: شخص يعمل في مستوصف أهلي، فعلمَ أنه سيخصم منه من الراتب بغير حق ثم يفصل، فأخذ بعض الأشياء العينية من المستوصف وبعض المعدات، فهل يجوز له ذلك؟ وإذا كان لا يجوز له فماذا يفعل؟

إذا خصم عليه؛ لأن مسألة الخصم أنه يقول: علم أنه سيخصم عليه، الآن هو مسألة ظن، والظن لا يبنى عليه شيء، لكن إذا خصم عليه من راتبه شيء من غير حق ثم أراد أن يأخذ بقدر ما خصم عليه من غير علم صاحبه، فهذه المسألة تسمى عند أهل العلم مسألة الظفر، والمسألة خلافية عند أهل العلم، من أهل العلم من يرى أنه يجوز لك أن تأخذ بقدر حقك، بحيث لا تزيد عليه، بقدر حقك تأخذ ولو من غير علم صاحبك، ويستدلون بحديث هند زوجة أبي سفيان، وأنه لما قالت للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "إن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني ما يكفيني ويكفي أولادي" فقال: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)) يعني ولو من غير علمه، فإذا كان الزوج مقصرًا في حق زوجته، وتيسر لها أن تأخذ ما يكمل نفقتها ونفقة ولدها من مال زوجها ولو لم يعلم، فمثل هذا إذا حصل الخصم، وأراد أن يأخذ من محتويات المستوصف الذي خصم عليه بغير حق، وبقدر ما أخذ منه على هذا القول يجوز.
ومن أهل العلم من لا يرى جواز ذلك، ويستدلون بحديث: ((أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) وحينئذٍ لا يجوز قبل أن يحصل الحق، لا يجوز استيفاء الحق قبل حصوله، فلا يجوز بحالٍ أن يأخذ من محتويات هذا المستوصف قبل أن يخصم عليه، فإذا خصم عليه فرأى أن يأخذ بالقول الذي هو مبني على حديث امرأة أبي سفيان، وقال به جمعٌ من أهل العلم، وإن تورع فهو الأفضل، والله أعلم.