تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار (16)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف-رحمه الله تعالى-: الأطراف
لما تكلم على الصحاح والسنن وتكلم إجمالا على المسانيد دون تفصيل بدأ بالأطراف، وهذه الترجمة لا توجد عند غيره وهذه من فوائد هذا الكتاب، لا توجد عند ابن الصلاح ولا عند العراقي ولا عند أحد ممن ألف في المصطلح، هذه من فوائد هذا الكتاب، يقول- رحمه الله تعالى- وقد مر في الكلام ذكر الأطراف وهي من جملة ما اصطلح على تسميته أهل الحديث فيحسن ذكرها وإن لم يتعرض لها ابن الصلاح وزين الدين" يعني العراقي، الأطراف أشبه ما تكون بالفهارس والأطراف كما قال المؤلف يقول: "شرط أهل كتب الأطراف أن يذكروا حديث الصحابي مفردا" كأهل المسانيد يجمعون حديث كل صحابي من كتاب واحد، أو كتابين، أو مجموعة كتب، فمن ألف في أطراف البخاري معناه أنه يرتب أحاديث البخاري على الرواة، ويرتب هؤلاء الرواة على الحروف، فيبدأ مثلا بآبي اللحم ثم أبيض بن حمّال أو أنس بن مالك، المقصود أنه يرتب الصحابة على الحروف، ويذكر ما لهذا الصحابي في صحيح البخاري هذا إذا كانت عنايته بالبخاري، أو ما في الصحيحين إذا كان يؤلف في أطراف الصحيحين، أو ما في الكتب الستة إن كان يؤلف في أطراف الكتب الستة، ويذكر طرف الحديث ويذكر مواضع ورود الحديث من الكتاب أو من الكتابين أو من الكتب بأسانيدها، يقول: "شرط أهل كتب الأطراف أن يذكروا حديث الصحابي مفردا كأهل المسانيد ثم إلا أنهم لا يذكرون من الحديث إلا طرفا يعرف به" يعني يذكرون من الحديث إما طرفه الأول «إنما الأعمال بالنيات» مثلا أو يذكرون ما يعبرون به عن الحديث، حديث العقيقة مثلا، قصة الإفك مثلا، يعبرون عن الحديث بكلمتين أو ثلاث أو يأتون بطرفه ولا يكملونه؛ لأن التدوين من هذا النوع إنما هو في حكم الفهارس، ثم يذكرون من خرّج الحديث من أصحاب الكتب بأسانيدهم ومواضع التخريج من هذه الكتب وهذا نافع جدا لطالب العلم، يتذكر به طالب العلم ما كان ما نسيه، وأيضا يفيد منه معرفة الأسانيد من أقرب طريق وهي التي وقع السؤال عنها والسلاسل المشهورة في الرواية التي بعضها يرد به أحاديث كثيرة مالك عن نافع عن ابن عمر، تحفظ هذا الإسناد وهي عبارة عن مالك عن نافع عن ابن عمر وشيخ المؤلف أربعة رجال تحفظ بهم في الكتب الستة أحاديث كثيرة جدا، فأنت تضمن الإسناد ثم تحفظ الأحاديث بدلا من أن تقرأ الأسانيد وتكرر الأسانيد، يعني هذه السلاسل المشهورة مثل أحاديث أبي هريرة في الصحيحين أو في الكتب الستة بأسانيد معروفة يعني غير مشتتة، بينما لو قرأتها في الأصول في الكتب الستة تشتت عليك لكن هي هنا مجموعة تحفظ إسناد واحد وتحته عشرون ثلاثون أربعون خمسون حديثا، مائة حديث، فهذه أفضل طريقة لحفظ الأسانيد بينما لو قرأت هذا الحديث بهذا الإسناد ثم حديثا بإسناد آخر ثم حديثا بإسناد ثالث ثم تكرر عليك الإسناد الأول في موضع بعد مائة حديث تتشتت، لكن أنت تقرأ هذا الإسناد وتحفظه أربعة رجال حفظهم سهل، يقول البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر انتهى الإشكال، أربعة رجال تروي بها في الكتب الستة خمسين حديثا تجمع هذه الخمسين بهذا الإسناد فتكون ضبطت هذا الإسناد وعرفت هذه الأحاديث المروية عن طريق هذا الإسناد، وأقول من مما ينفع طالب العلم مكابدة هذا العلم ومعاناة هذا العلم، فبدلا من أن يقرأ في المختصرات ينثر المطولات؛ لأن هذا العلم يحتاج إلى معاناة فيأتي إلى التحفة مثلا التي يرد الكلام عنها تحفة الأشراف يقول قائل مثلا المؤلف أراد أن يختصر لنا الكتب الستة ويضم بعضها إلى بعض فكيف نتعب أنفسنا فننثرها من جديد نرجع إلى الأصل لا، أنت إن كانت الكتاب مختصرا اشرحه، إن كان مطولا اختصره وليس المراد أنك تؤلف مختصرا أو تؤلف شرحا لا، المراد أنك بهذا التعب العلم يرسخ عندك بخلاف ما لو أخذت الكتاب وقرأت الذهن يشرد والحافظة ضعيفة، لا بد من معاناة تحفر بها القلوب، لو جئنا إلى التحفة وجدنا حديث مثلا أبيض بن حمّال وانتهينا من تخريج الحديث عرفنا أن أبيض بن حمال ليس له إلا هذا الحديث أو له حديث خارج الكتب الستة، فمثلا ترجع إلى أطراف المسند للحافظ ابن حجر تستفيد فائدة عظيمة أولا أن هذا الراوي يمكن ما مر عليك بعمرك كله وآبي اللحم من المقلين من الصحابة تعرف أن له حديث واحد وموضوعه كذا ورجعت إلى الأصل وطبقت؛ لأن بعض الناس عنده استعداد أن يمسك الكتاب من أوله إلى آخره ويحفظ وينتهي لكن كثير من طلاب العلم يعانون من ضعف الحافظة ويعانون أيضا من تشتت الأذهان، ظروف الحياة الآن تجعل الإنسان لا يستوعب فيستطيع الاستيعاب بهذه الطريقة بالمعاناة معاناة العلم، فمثلا تحفة الأشراف كتاب مضموم بعضه إلى بعض انثره يا أخي، ليس المقصود أنك تأتي إلى هذا الكتاب من أجل النثر فقط لا، من أجل أن يثبت في نفسك، تأتي إلى جامع الأصول وقد اختصرت فيه الأصول كلها الأصول الخمسة مع الموطأ تأتي إلى كل رواية فتذكر سندها من الكتاب الأصلي قد تقول ما الفائدة السند موجد في الكتاب الأصل نقول إذا نثرته وضممته إلى أصله ثبت عندك وهذه طريقة تنفع كثيرا لمن لا تسعفه الحافظة أما الذي تسعفه الحافظة وبإمكانه أن يمسك صحيح البخاري ويقرأه بأسانيده ومتونه وتراجمه وتكراره ويحفظ هذا طيب، لكن كثير من الناس ليس عنده جلد ولا يصبر وأكثر منهم من لا حافظة عنده إلا ضعيفة مثل هذا لا بد أن يعاني العلم بهذه الطريقة التي ذكرناها، وهناك طريقة أخرى تُجمع بها الكتب وهذه مل الإخوان من سماعها وجُرِّبت وأطلعنا بعض الإخوان على أعمال جيدة جدا "ثم يذكرون جميع طرق الشيخين وأصحاب السنن الأربع وما اشتركوا فيه من الطرق وما اختص به كل واحد منهم، وإذا اشترك أهل الكتب الستة في رواية حديث أو بعضهم أو ينفرد به بعضهم ذكروا أين ذكر كل واحد منهم ذلك الحديث في كتابه" ذكره البخاري في الصيام، ذكره في المغازي، ذكره في الاعتصام، ذكره في التوحيد، ذكره في كذا، يعني يحيلونك إلى الموضع، "وإن ذكره مفرقا في موضعين أو أكثر"؛ لأن البخاري قد يفرق الحديث في عشرين موضعا "ذكروا كل واحد من الموضعين يعني أو المواضع فيسهل بذلك معرفة طرق الحديث والبحث عن أسانيده، ويكتفي الباحث بمطالعة كتاب منها عن مطالعة جميع هذه الكتب الستة" ويتمكن يعني من مطالعة كتاب من كتب الأطراف يكتفي به عن مطالعة الكتب الستة، لكن إذا كانت هذه الكتب كتب الأطراف عبارة عن فهارس لهذه الكتب فإنه لا يكتفي بها، وإذا كان مراد المؤلف أنه إذا أحال على الكتب الستة صاحب الأطراف أحال على الكتب الستة، فإنه يكتفي بواحدة منها لاسيما إذا كان الحديث في الصحيحين يعني يكتفي بالبخاري ولا داعي لأن يراجعه في السنن إذا كان هذا مراده فمراجعة جميع الكتب في غاية الأهمية لطالب العلم لما في ذلك من الفوائد الإسنادية والمتنية.
هذا يقول هل يغني كتاب واحد من تحفة الأشراف أو جامع الأصول عن الآخر أو لا بد من وجودهما في مكتبة طالب العلم المهتمين؟
لا بد من وجودهما لا بد من وجود الكتابين.
يقول "ويتمكن بالنظر فيها من معرفة موضع الحديث فيها" لأن مثل ما قلنا هي عبارة عن فهارس "وقد صنف فيها غير واحد من الحفاظ وأجل ما صنف فيها كتاب الحافظ المزي أبي الحجاج قال مجد الدين الشيرازي" مجد الدين الشيرازي معروف المحقق لم يترجم له؛ لأنه ما أتعب نفسه كثيرا ومجد الدين الفيروز أبادي صاحب القاموس "قال مجد الدين الشيرازي وأما تحفة الأشراف في معرفة الأطراف للحافظ الكبير الشيخ جمال الدين المزي فإن كتاب معدوم النظير" يعني لا نظير له "لا يغني عنه كتاب غيره مفعم الغدير" غدير ملآن بالعلم "يشهد له على اطلاع كثير" يعني يشهد لمؤلفه على اطلاع كثير "وحفظ بتير" يعني أبتر لا يوجد له نظير مثل الكلمة السابقة "متفرد في بابه، والعلماء يقولون محدِّث ما له أطراف كإنسان ما له أطراف"، لأنه لا يستطيع الوقوف على الأصول إلا بواسطة هذه الأطراف، إلا إنسان له خبرة ودربة ومرت عليه هذه الكتب وعرف كيف رتبها أهل العلم وعاناها معاناة تثبت في ذهنه ولو على سبيل الإجمال، "محدث ما له أطراف كإنسان ما له أطراف وقد قصد" يعني المؤلف "بوضعه تحصيل الكتب المعتبرة التي هي دواوين الإسلام المشتهرة" الكتب الستة "بأسانيدها في مختصر وليس قصده ذكر تمام متون الأحاديث وسردها" لكن هذه ينبغي أن تكون هدفا لطالب العلم الذي يريد أن يتمكن في هذا العلم، يأتي إلى هذه الأحاديث التي أشار إليها المؤلف، ذكر طرفا منها فيراجع فيها الأصول التي أُحيل عليها من خلال هذا الكتاب، وينظر في متونها كاملة وفي أسانيدها كاملة "وإنما يذكر الراوي أولا وطرفا من الحديث إلى أن يتميز عن غيره من الأحاديث" يعني ما يذكر طرف يشترك فيه أكثر من حديث، سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أي الأعمال أفضل ما يكتفى بمثل هذا؛ لأن هذه الأسئلة كثيرة، هذه الأسئلة وردت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرا فيأتي بما يتميز به الحديث، "ثم يقول رواه فلان بسند كذا وفلان بسند كذا إلى أن يفرغ من ذكر من رواه من أهل الكتب" يعني الستة "فإذا نظره المحدث عرف في أول نظرة بدءًا علوه ونزوله بالنسبة إلى كل مصنف وقد سبقه إلى ذلك" نعم يستطيع من خلال تحفة الأشراف أن يقارن بين الأسانيد أيهما أعلى سند البخاري أو سند مسلم؟ يذكر لك المزي السند كاملا عند البخاري والسند عند مسلم، وقد يذكر ما يختلفان فيه ويختصر ما يتفقان فيه وهكذا، ومعروف أن البخاري أعلى أسانيد من مسلم إلا أن هناك أربعة أحاديث فقط رواها مسلم عوالي رباعية ونزل فيها البخاري، رواها مسلم عن شيخ ورواها البخاري عن ذلك الشيخ بواسطة أربعة أحاديث فقط، يقول "وقد سبقه إلى ذلك الحافظ أبو مسعود الدمشقي وأطرافه أيضا كتاب نفيس مفيد وله فضل التقدم" ولا شك أن المتقدم له فضل على المتأخر لأنه الاحتمال أنه لو لم يوجد هذا المتقدم ما فكّر المتأخر بالتأليف في هذا الباب، هو الذي فتح له الباب وهو الذي يسر له الولوج إلى هذا الباب، نعم يكون المتأخر أفضل إن كان عند المتقدم نقص كمله، إن كان فيه وهم أصلحه، إن كان فيه خطأ غيّره إلى آخره، لكن المتقدم له فضل السبق مثل ما قال ابن مالك في ألفيته لأنه قال:
...................... |
|
فائقة ألفية ابن معطي |
وهو بسبق حائز تفضيلا |
|
مستوجب ثنائي الجميلا |
بالسبق يقول "وقد سبقه إلى ذلك الحافظ أبو مسعود الدمشقي وأطرافه أيضا كتاب نفيس مفيد وله فضل التقدم وكتاب الشيخ جمال الدين المزي أجمع وأنفع وأجل قدرا وأرفع وسئلت عنهما في وقت فقلت بينهما بَون كثير بلا مراء وأشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا وتكافأت الغواني لو أصبى غير عزة كثيِّرَا" ما معنى هذا الكلام؟ يقول: "بينهما بون كثير بلا مراء وأشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا وتكافأت الغواني لو أصبى غير عزة كثيِّرا" الشارح الصنعاني نقل عنه المحقق في أشبه شرج شرجا يقول شرج بالشين المعجمة مفتوحة فراء ساكنة فجيم شرجا لو أن أسيمرا بالسين المهملة قال الزمخشري في مستقصى الأمثال شرج اسم موضع والأسيمر تصغير الأسمر جمع سمرة ما تأتي! السَّمُر جمع سمرة أما الأسمر فهو واحد، قال لقيح بن لقمان العادي حينما أوقد له أبوه هذا الشجر في أخدود حفره على طريقة إرادة سقوطه فيه وهلاكه حسدا له ففطن له لما لم ير السمر في مكانه، هذا الحطب السمر هو موضوع في مكان وكان الولد يعرف هذا المكان فلما نقل إلى هذا الأخدود ليقع فيه الولد ويتعثر وُجد من الولد هذه الخيفة، يقول "وأشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا" يعني لو أن أسيمرا موجود في مكانه، السمر هذا موجود في مكانه لكانت هذه الحفرة كغيرها من الحفر، لكن لما لم يجد هذا السمر الذي هو الحطب في مكانه عرف أنه نُقل إلى مكان آخر وليكن هذه الحفرة، ولو أن كثيِّر الشاعر المعروف تساوت عنده الغواني فلم يفتن بعزة قلنا أن الغواني سواء، لكن لما فُتن بعزة حتى نسب إليها فقيل له كثير عزة عرفنا أن الأمور متفاوتة، عرفنا أن هناك تفاوتا بين الحفر وتفاوتا بين الغواني، وهناك تفاوت كبير بين الكتب، ثم قال- رحمه الله تعالى- "فصل في المراد بصحة الإسناد وحسنه وضعفه" يقول: "المراد بصحة الإسناد وحسنه وضعفه من أساليب أهل الحديث أن يحكموا بالصحة والحسن أو الضعف على الأسانيد دون متن الحديث فيقولون إسناد صحيح دون حديث صحيح ونحو ذلك" لأنهم إذا نظروا في الأسانيد ووجدت هذه الأسانيد مركبة من رواة ثقات قالوا إسناد صحيح.
هذا يسأل يقول ما رأيك في المسند الجامع لبشار عواد معروف هل يجعله مع التحفة؟
كتاب جيد جامع وتخريجه طيب جدا.
يقول بعد ذلك ذكرنا أن أهل العلم إذا أرادوا تخريج حديث ودراسة سند لهذا الحديث يدرسون السند الأصل فينظرون فيه من حيث الثقة، ثقة الرواة أو ضعفهم واتصال الإسناد، فإذا بحثوا في كتب الرجال ووجدوا الرواة ثقات والسند متصل قالوا إسناده صحيح، وإذا وُجد فيه من هو مضعف قالوا ضعيف بسبب فلان، ثم إذا وجد طريق آخر لهذا الحديث وارتقى به ما فيه من ضعف إلى درجة الحسن قالوا وإن كان السند ضعيفا إلا أنه الحديث حسن، يعني السند الأول ضعيف والحديث حسن بالجابر بالطريق الثاني الذي يجبره، وقد يوجد للحسن طريق آخر يرقيه إلى الصحيح، ففرق بين الحكم على الإسناد والحكم على المتن، الحكم على الإسناد ينظر إليه بمفرده من خلال رواته هل هم ثقات أو ضعفاء وهل هذا الإسناد متصل أو منقطع، وأما بالنسبة للمتن فإنه يحكم له بمجموع الأسانيد مع عدم المخالفة، "فيقولون إسناد صحيح دون حديث صحيح ونحو ذلك لأنه قد يصح الإسناد لثقة رجاله ولا يصح الحديث لشذوذ أو علة كما سيأتي في الشاذ والمعل" وكما تقدم في تعريف الصحيح "وهذا كثيرا ما يقع في كلام الدارقطني والحاكم قال ابن الصلاح غير أن المصنف المعتمد منهم إذا اقتصر على قوله صحيح الإسناد ولم يذكر له علة ولم يقدح فيه فالظاهر من الحكم له بأنه صحيح في نفسه لأن عدم العلة هو الأصل والظاهر" نعم إذا قال إمام معتبر من أئمة الحديث إسناده صحيح واقتصر على ذلك فإنه لا يظن به أن يقول إسناد صحيح والحديث ضعيف؛ لأنه إمام مقلَّد قد يقلده من يقول بصحة الإسناد ثم يعمل به وفيه ضعف وليس هذا من النصيحة، والعلماء المعروف عنهم النصح للأمة لاسيما علماء الحديث الذين تعبوا في تحصيله وفي تصحيحه وتضعيفه، فلا يقول الإمام أحمد صحيح الإسناد مع أن متنه ضعيف أو يحيى بن معين أو غيره من الأئمة أو أبوحاتم أو غيرهم يصححون الإسناد مع ضعفه هذا الأصل وإن كان لا تلازم هناك بين صحة الإسناد وصحة المتن، "قال زين الدين وكذلك إن اقتصر على قوله إنه حسن الإسناد ولم يعقبه بضعف قلت هذا الكلام متجه لأن الحفاظ قد يذكرون ذلك لعدم العلم ببراءة الحديث من العلة لا لعلمهم بوجود العلة ولهذا يصرحون بهذا كثيرا فيقول أحدهم هذا حديث صحيح الإسناد ولا أعلم له علة على أن الأصوليين والفقهاء أو كثيرا منهم يقبلون الحديث المعل كما سيأتي إن شاء الله تعالى ولكنه لا عبرة بهم" فإذا قال الإمام المعروف من أهل العلم هذا حديث صحيح الإسناد، هو من حيث الأصل لا تلازم بين صحة الإسناد وصحة المتن، قد يصح الإسناد ويضعف المتن لوجود العلة أو الشذوذ، وقد يصح المتن ويضعف الإسناد لوجود ما يشهد له ويرقيه، لكن مع ذلك إذا أطلقه عالم معتبر فإنه يبعد أن يطلق صحة الإسناد مع وجود الضعف في المتن،
ثم قال: "فصل في جمع الحديث بين الصحة والحسن" هذا يرد كثيرا في كلام الترمذي، ومر بنا ولا يخلو درس من الدروس أو جل الأحاديث يقول فيها الإمام الترمذي هذا حديث حسن صحيح، ولا شك أن هذا مشكل لماذا؟ لأن الحكم عليه بالحسن حكم عليه بالمرتبة الدنيا، والحكم عليه بالصحة حكم له بالمرتبة العليا، حديث يجمع له بين المرتبتين دنيا وعليا؟! يعني لو نظرنا إلى الواقع اليوم هذه الشهادات التي يمنحها الطالب المتخرج أو الناجح يكتب له فيها تقدير إما مقبول أو جيِّد أو جيِّدا جدًّا أو ممتاز هذه تقادير وبعضها فوق بعض مثل ما عندنا الآن، ضعيف وحسن وصحيح بعضها فوق بعض، فإذا قال حسن صحيح كأن هذا الطالب أُعطي من التقدير جيد جدا ممتاز، يمكن أو ما يمكن؟ التنظير مطابق يا إخوان أنت الآن حكمت على الحديث بأنه حسن معنى هذا أنه يقصر عن الصحة، فإذا قلت صحيح وقد حكمت له قبل ذلك بالقصور عن الصحة كأنك قلت جيد جدا ممتاز؛ لأن جيد جدا تقصر عن الممتاز ثم بعد ذلك قلت ممتاز يصح أو ما يصح؟ هذا مشكِل عند أهل العلم؛ لأنه حكم له بالقصور ثم حكم له بالتمام، ولا يمكن تخريجه إذا كان للحديث طريق واحد يقع الإشكال، إذا كان له أكثر من طريق فالاحتمال أن يكون حسنا من طريق وصحيحا من طريق، يعني مثل ما نقول الآن في جيد جدا ممتاز لو سألت طالب والله كيف التقدير قال جيد جدا ممتاز كيف هذا التقدير ما يمكن هذا؟! قال نعم في مواد التخصص ممتاز وفي التقدير العام جيد جدا نقول صحيح كلامك هنا، إذا ورد من طريقين طريق حسن وطريق صحيح انتهى الإشكال، لكن إذا ورد من طريق واحد ما له إلا طريق واحد هنا يقع الإشكال، لكنهم قالوا أن هذا يمكن أن يخرج على أنه في منزلة بين المنزلتين، ويكون الحكم بالحسن مشربا بالصحة فيكون بينهما، يعني مثل ما تقول هذا برتقال حامض حلو يمكن أو ما يمكن؟ يمكن، يصير بين الأمرين لا هو بحلو خالص ولا حامض خالص، وهذا ليس بصحيح متفق على صحته وليس بحسن، هو قابل للانجبار من وجه فيقع التردد في مثل هذا فيكون هذه منزلة بين الصحة والحسن، منزلة بينهما فهو دون الصحيح وفوق الحسن، ومنهم من يقول أن هذا اختلاف الوصفين باعتبار اختلاف العلماء في الحكم عليه، فمنهم من صححه ومنهم من حسنه فغاية ما يقال إنه صحيح أو حسن ولا شك أن هذا دون ما يحكم له بالصحة، وإذا ورد بطريقين صحيح وحسن صار فوق الصحة فقط، وغاية ما هنالك أنه حذف حرْف العطف والأصل أن يقول حسن وصحيح، ننظر ما قال المؤلف رحمه الله تعالى قال "جمع الحديث بين الصحة والحسن استُشكل الجمع من الصحة والحسن في حديث واحد كقول الترمذي حديث حسن صحيح لأن الحسن قاصر عن الصحيح كما سبق فكيف يجتمع إثبات القصور ونفيه في حديث واحد قال زين الدين وقد أجاب ابن الصلاح بجوابين ثم جوز جوابا آخر وضعف الجوابين الشيخ تقي الدين" الشيخ تقي الدين مر بنا ابن دقيق العيد صاحب الاقتراح، "وقد أجاب ابن الصلاح بجوابين ثم جوّز جوابا آخر وضعف الجوابين الشيخ تقي الدين فمازجت الجوابين بردهما قال ابن الصلاح غير مستنكر أن يراد بالحسن معناه اللغوي دون الاصطلاحي" يعني هذا حديث حسن يعني ألفاظه حسنة ومرتبته صحيحة، حسن لغوي ألفاظه حسنة فيه بشرى للمكلف، فيه أسلوب جميل، فيه أدب رفيع هذا حسن لغوي وليس بحسن اصطلاحي، وأما حكمه الاصطلاحي فهو صحيح، لكن ماذا عما لو كان الحديث ضعيفا وألفاظه جميلة وفيه بشرى للمكلف، ماذا عن أكثر الموضوعات التي قد يطرب السامع لحسن ألفاظها وفيها من الثواب العظيم الكيل على أعمال تافهة، هذه بشرى للمكلف لكن هي أحاديث موضوعة ليست بصحيحة، وبهذا رد ابن دقيق العيد دون معناه الاصطلاحي "قال الشيخ تقي الدين يلزم عليه الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ أنه حسن قال ابن الصلاح وهو جوابه الأول أو يريد مختلف سنده فهو صحيح بالنظر إلى الإسناد حسن بالنظر إلى إسناد آخر قال الشيخ تقي الدين يرد عليه الأحاديث التي قيل فيها حسن صحيح وليس لها إلا مخرج واحد وفي كلام الترمذي مواضع يقول هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه" يعني قطع الطريق على من يقول إنه حسن بإسناد صحيح بإسناد آخر "كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة «إذا بقي نصف شعبان فلا تصوموا» قال الترمذي حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ قلت يمكن الجواب على الشيخ تقي الدين في هذا الاعتراض بأن الترمذي إنما أراد أنه لا يعرف الحديث بذلك اللفظ كما قيد به في المثال" يعني بهذا اللفظ لأنه قال حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ يعني روي من وجوه بألفاظ أخرى، وقد يقال مثلا إنه حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه عن هذا الشيخ إلا من هذا الطريق فتكون الغرابة نسبية ولو روي من طرق أخرى عن هذا الشيخ "قلت يمكن الجواب عن الشيخ تقي الدين في هذا الاعتراض بأن الترمذي أراد أنه لا يعرف الحديث بذلك اللفظ كما قيد كما قيد به في المثال وقد ورد معناه بإسناد آخر ويريد من ذلك الوجه كما يصرح به في غير حديث مثل أن يكون الحديث صحيحا غريبا من حديث أبي هريرة أو من حديث تابعي أو من دونه ويكون صحيحا مشهورا من غير تلك الطريق أو يريد أنه لا يعرف الحديث عن ذلك الصحابي الذي رواه عنه إلا بذلك الإسناد وله إسناد آخر عن صحابي آخر وهذا هو المسمى بالشاهد" الغرابة النسبية لا يعني التفرد المطلق، يعني كون هذا الحديث غريبا عن هذا الصحابي لا يعني أنه مروي بطرق عن صحابي آخر، والغرابة النسبية عن راو من الرواة من التابعين أو من بعدهم لا يعني أنه يروى من غير هذا الطريق عن غير هذا الشيخ، يقول "وإنما عدم التابع وهي روايته عن ذلك الصحابي" يعني مر بنا الاعتبار في الدرس الماضي والتابع والمتابع والشاهد، المتابع والشاهد هي طرق للحديث، إن اتحد الصحابي واختلف من دونه إلى شيخ المؤلف هذا هو المتابع، والمتابعات قد تكون تامة وقد تكون قاصرة، وإن اختلف الصحابي وجاء الحديث من طريق صحابي آخر فهو الشاهد، والاعتبار طريق التوصل أو الوصول إلى معرفة المتابعات والشواهد فليس قسيما للمتابعات والشواهد وإنما هو هيئة التوصل إلى الوقوف على المتابع والشاهد، يقول: "وإنما عدم التابع وروايته عن ذلك الصحابي وقد عرف من طريق المحدثين تسمية الحديث المروي عن صحابيين بحديثين" يعني لو يأتي حديثان بلفظ واحد إلا أن هذا عن صحابي وهذا عن صحابي قلنا هذا حديث ابن عمر وهذا حديث أبي هريرة، ولو كان اللفظ واحدا، لكن لو جاء الحديث بألفاظ متعددة والمعنى واحد عن صحابي واحد قلنا حديث واحد ولو اختلف اللفظ، فالمنظور فيه إلى الصحابي، إن اتحد فهو المتابع وإن اختلف فهو الشاهد، إن اختلف فهو حديثان وإن اتحد الصحابي فهو حديث واحد ولو اختلف اللفظ، ومنهم من ينظر في ذلك إلى اللفظ والمعنى فإن كان باللفظ فهو التابع ولو اختلف الصحابي، وإن اختلف اللفظ فهو الشاهد ولو اتحد الصحابي، لكن الذي استقر عليه اصطلاح المتأخرين هو النظر إلى الصحابي إن اتحد فهو المتابع، وإن اختلف فهو الشاهد، وعلى هذا جرى اصطلاح المتأخرين "فلما اصطلحوا على ذلك رأى الترمذي أن ذلك الشاهد حديث آخر ليس هو هذا الحديث إذ لا دليل على أن الصحابيين سمعاه مرة واحدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أجاب الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في الاقتراح بعد رد الجوابين المذكورين بجواب حاصله أن الحسن لا يشترط فيه القصور عن الصحة إلا حيث انفرد الحسن فيراد بالحسن حينئذ المعنى الاصطلاحي وأما إن ارتفع إلى درجة الصحة فالحسْن حاصل لا محالة تبعا للصحة فالحسن فالحسن حاصل لا محالة تبعا للصحة" يعني إذا جمع بين اللفظين قلنا أن هناك اشتراك بين بين الصحة والحسن فإذا قلنا حسن صحيح فهو حسن باعتبار أفراده صحيح باعتبار المجموع مجموع الطرق، وهنا يتحد؛ لأن بين الحُسْن والصحة عموم وخصوص وجهي ليس بمطلق، فهناك تداخل بين الحسن والصحيح في الحسن لذاته والصحيح لغيره؛ لأن الصحيح لغيره هو الحسن لذاته إذا تعددت طرقه، وهناك تباين بين الحسن لغيره لأنه في الأصل ضعيف وبين الصحيح لذاته يقول "وأما إن ارتفع إلى درجة الصحة والحسن حاصل لا محالة تبعا للصحة لأن وجود الدرجة العليا وهي الحفظ والإتقان لا تنافي وجود الدرجة الدنيا كالصدق فيلزم أن يقال حسن باعتبار الصفة الدنيا صحيح باعتبار الصفة العليا" يعني لو أعلن عن وظائف وقيل يشترط لشغل هذه الوظيفة تقدير جيد جدا ثم قدمت الملفات ووجد الملفات فيها الجيد وفيها الجيد جدا وفيها الممتاز، جيد لا ينطبق عليه الشرط ينطبق أو لا ينطبق؟ لا ينطبق عليه الشرط، جيد جدا ينطبق عليه الشرط لكن ممتاز ينطبق عليه الشرط أو ما ينطبق؟
طالب: .............
يعني الجيد جدا موجود وزيادة يعني حصل على درجة تسعة وثمانين وزيادة أيضا هذا من حيث التداخل، يعني الحسن داخل في الصحيح أو الصحيح حسن وزيادة مثل الممتاز جيد جدا وزيادة؟ هذا معنى كلام ابن دقيق العيد قال "ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح عنده حسنا ويؤيده قولهم حسن في الأحاديث الصحيحة " يعني حكموا على أحاديث بهذا اللفظ حسن مع أنها أحاديث صحيحة، الآن قد تجد تصحيحا لبعض المتساهلين، يعني خرجه ابن حبان وصححه ولا تجد فيه قادحا واضحا إلا أن في نفسك شيء من تصحيح ابن حبان؛ لأنك مستصحب أن ابن حبان يتساهل، إذا قلت هذا الحديث حسن تلام أو ما تلام؟ أنت نظرت في بادئ الأمر ليس هناك ما يقدح في الحديث فينزله إلى الضعيف، لا يوجد ما يقتضي الحكم عليه بالضعف يعني هو في دائرة القبول، وأنت ما تمكنت من النظر فيه بدقة لتنظر هل كلام ابن حبان يوصله إلى الصحة أو لا وفي تقديرك أنت أن ابن حبان متساهل وابن حبان ممن يدرج الحسن في الصحيح قد يقول صحيح وهو حسن، فأنت تحكم له بأنه حسن وحينئذ لا تلام؛ لأنه ليس لديك من الوقت ما تتمكن فيه من النظر في الحديث بدقة وأنت أيضا ما جعلت الحديث يترك، الحسن يجب العمل به سواء كان حديثا صحيحا أو حسنا، يجب العمل به لكن المحظور في مثل هذا التصرف وهذا يسلكه كثير من أهل العلم يعني قد لا ينشط لدراسة الحديث بدقة ويقول مادام يجب العمل به وابن حبان متساهل ويدرج الحسن في الصحيح نعطيه أقل الدرجات لو عند ابن حبان، وهذا مسلك ابن الصلاح وغيره لكن مع ذلك قد تقلد في هذا الحكم وعند الترجيح إذا وجد تعارض بين هذا الحديث وحديث آخر حكم عليه أهل العلم بأنه صحيح، يحكمون على ترجيحه على حديثك الذي حكمت عليه بالحسن، وقد يكون صحيحا فمن هذه الحيثية على طالب العلم أن يتحرى الدقة في أحكامه، وإن كانوا كما قال المؤلف "ويؤيده قولهم حسن في الأحاديث الصحيحة" هم يتجاوزون في مثل هذه الحالة لماذا؟ لأن الحسن يجب العمل به يعني لو سئلت عن الأمانة وقلت الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» هل يمكن أن يستدرك عليك لماذا تستدل بالحديث والله يقول:{ ۞ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا } النساء: ٥٨ ما يستدرك عليك لأنك أتيت بنص ملزم، أيضا الحديث الحسن ملزم يجب عليك العمل به لكنه عند التعارض يرجح ما حكم عليه بالصحة لا ما حكم عليه بالحسن ولو كان العمل يجب به، يقول "وهذا موجود في كلام المتقدمين انتهى وقد وافقه على ذلك ابن الموّاق فإنه قال كل صحيح عند الترمذي حسن وليس كل حسن صحيحا" يعني مثل ما قررناه في تقديرات النتائج، ومثل ما قلنا إذا أعلن عن الوظائف يتقدم صاحب الملف الممتاز يمكن يرد أو ما يرد والشرط جيد جدا يعني من باب أولى، هو حاز على جيد جدا وزيادة وكذلك الصحيح حاز على الحسن وزيادة، "قلت تلخيص هذا أن الحسن يدخل تحت الصحيح دخول النوع تحت الجنس كالإنسان يدخل تحت الحيوان لكن الحيوان ما يدخل تحت الإنسان" لأن الإنسان نوع خاص منه "وقد تقدم فيه نظر وهو غير وارد هنا لأنه إشكال على صحة هذا لا على صحة التسمية ممن اعتقد صحة هذا وهذا لطيف فتأمله وأورد ابن سيد الناس" على هذا يعني "أورد استدراكا مفاده أن الترمذي شرط في الحسن أن يروى من غير وجه ولم يشترط ذلك في الصحيح فانتفى أن يكون كل صحيح حسنا انتهى قال زين الدين العراقي فعلى هذا الأفراد الصحيحة ليست حسنة" لماذا؟ "لأن الصحيح إذا توافرت شروطه الخمسة يحكم عليه بالصحة لكن لا يحكم عليه بالحسن عند الترمذي لأنه يشترط في الحسن أن يروى من غير وجه وهذا الصحيح إذا توافرت فيه الشروط الخمسة حكم عليه بالصحة ولو لم يرد إلى من طريق واحد فانتفى أن يكون كل صحيح حسنا انتهى قال زين الدين فعلى هذا الأفراد الصحيحة ليست حسنة عند الترمذي كحديث «الأعمال بالنيات» يعني ما ورد إلا من طريق واحد، حديث الأعمال بالنيات "ما ورد إلا من طريق واحد، يرويه البخاري عن الحميدي عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة عن عمر رضي الله عنه، لا يُعرف عن أي صحابي آخر غير عمر، ولا رواه عن عمر غير علقمة بن وقاص الليثي، ولا رواه عنه إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولا رواه عنه إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم بعد ذلك انتشر انتشارا واسعا هذا ليس بحسن عند الترمذي؛ لأنه ما روي من وجه آخر لكنه صحيح قطعا فتبين أن هناك فرق بين الصحيح والحسن وحديث «السفر قطعة من العذاب» ونهى عن بيع الولاء وهبته قال وجواب ما اعترض به أن الترمذي إنما اشترط ذلك في الحسن إذا لم يبلغ رتبة الصحيح" يعني أما إذا بلغ رتبة الصحيح فلا يشترط فيه الترمذي أن يروى من غير وجه وسبق أن ابن الصلاح نزّل كلام الترمذي على الحسن لغيره كما أنه نزل كلام الخطابي على الحسن لذاته "فإن بلغها" يعني الصحة "لم يُشترط ذلك بدليل قوله في مواضع هذا حديث صحيح حسن غريب فلما ارتفع إلى الصحة أثبت له الغرابة باعتبار فرديته وعندي جواب آخر وهو أن الترمذي يريد أن الحديث أن الحديث صحيح في إسناده ومتنه وحسن في الاحتجاج به على ما قُصد الاحتجاج به فيكون هذا الحسن هو الحسن اللغوي دون الاصطلاحي" يعني الاستنباط من هذا الحديث جيد، الاستنباط فيما استدل به هذا الحديث عليه فيه دقة لا يلتفت إليه كثير من الناس، "وحسن في الاحتجاج به على ما قصد الاحتجاج به فيكون هذا الحسن هو الحسن اللغوي دون الاصطلاحي، ولا يرد على هذا ما أورده الشيخ تقي الدين على ابن الصلاح من لزوم تحسين الموضوع لأن الموضوع لا يحسن الاحتجاج به" لأن الموضوع والضعيف لا يحتج به فيبقى أن المحتج به هو الحسن والصحيح "لأن ابن الصلاح أطلق الحسن اللغوي ولم يقيده بحسن الاحتجاج فورد على إطلاقه والله أعلم" أيضا يرد على هذا الجواب وهو أن الحسن إنما يرد على كيفية الاستنباط منه أنه كما يستنبط من الحسن بدقة يستنبط من الصحيح بدقة فلا ينفك الإشكال، "وهذا الجواب عندي أرجحها لأنه يرد عليه بشيء من الإشكالات فإن قيل يرد عليه أنه يلزم منه أن يقول في الحديث الحسن هذا حديث حسن حسن" مامعنى هذا حديث حسن حسن؟ هو قال هذا حديث حسن صحيح، صحيح من حيث الدرجة حسن من حيث الاستنباط، يلزم عليه أن يقول هذا حديث حسن حسن، حسن في الدرجة حسن في الاستنباط، "مرتين أحدهما يعني به الحسن الاصطلاحي والأخرى يعنى به الحسن اللغوي، فالجواب أنه لا يجوز أن يوردهما بلفظ واحد كما لو صرح بذلك فقال هذا حديث حسن إسناده والاحتجاج به لأن الحسن الاصطلاحي بعض أنواع الحسن اللغوي" يعني الحسن الاصطلاحي يدخل في الحسن اللغوي ثم بعد ذلك نرجع إلى الإشكال الأول وهو أن الحسن داخل في الصحيح وينتهي الإشكال "وليس الحسن مشتركا بينهما كما أن كثيرا من العلماء أجازوا في المشترك أن يعبر به عن كلا معنييه مع أن كثيرا من العلماء" لكن أكثر العلماء لا يجيزون هذا، يعني يعبَّر باللفظ الواحد عن معنييه، يعني تقول حَسَن وتريد به حُسْن دقة الاستنباط ومطابقة الدليل للمدلول والحُسْن الاصطلاحي الذي هو من حيث درجة الحديث، فيستعمل اللفظ في معنييه اللغوي والاصطلاحي يعني كما يقال في حديث «إذا دعا أحدكم أخوه فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصلِّ إن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل» يعني من أهل العلم من قال يصلي ركعتين ويمشي، ومنهم من قال يدعو هذا أراد الصلاة الاصطلاحية وهذا أراد الصلاة اللغوية الصلاة في اللغة الدعاء، لكن هل يمكن أن يقال يجمع بينهما يدعو ويصلي ركعتين؟ يعني يريد المعنيين اللغوي والاصطلاحي في آن واحد؟ هذا أكثر العلماء يمنعه في النصوص وفي لغة العرب، لكن بعض الشافعية يقول ما المانع أن يجمعها بينهما وهنا إذا قال حسن يستفاد منه الحسن اللغوي والحسن الاصطلاحي كما أن الصلاة في حديث إجابة الدعوة يراد بها اللغوي والمعنى الاصطلاحي ولماذا يختلفون؟ ما المانع أن يجمع بينهما يصلي ركعتين ويرفع يديه يدعو لهم ويمشي؟ يجمع بين المعنيين هذا ممنوع عند أكثر العلماء، يقول "مع أن كثيرا من العلماء أجازوا في المشترك أن يعبَّر به عن كلا معنييه وهو اختيار الأصحاب في لفظة مولى في حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه» من الأصحاب؟ يعني المولى يأتي من أعلى ويأتي من أسفل، العبد مولى والسيد مولى من أعلى ومن أسفل، فهل يراد باللفظ الواحد معنييه يعني من أعلى ومن أسفل في آن واحد؟! ما معنى «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ وما مراده بالأصحاب؟ إن كان على مذهب بلده والمذهب الشائع في بلده وفي وقته مذهب الزيدية، وإن كان المذهب يعني في عصر الصنعاني بعد هذا بعد المؤلف بمائتي سنة الغالب الهادوية، هم غالب سكان اليمن من الزيدية، ثم بعد ذلك أخذ أهل السنة يتكاثرون في اليمن وكثر عددهم ولله الحمد وأكثرهم من الشافعية، "فإن كان مراده أصحابه" يعني أهل بلده الزيدية "في لفظة مولى في حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه» المولى معروف أنه يطلق على معنيين مولى من أعلى ومولى من أسفل يطلق على السيد ويطلق على الرقيق فهل يمكن أن يرد في مثل هذا؟ من كنت مولاه فعلي مولاه يعني كنت مولاه في الدرجة العليا وعلي مولاه هما لفظان متحدان ولا يمكن أن يتحد المكانة بين النبي -عليه الصلاة والسلام-وبين علي، لكنهما لفظان وليسا بلفظ واحد، مولاه الأولى غير مولاه الثانية ظاهر أو ليس بظاهر؟ هذا كلامه يتجه لو أن مولاه واحد ثم جاءت لفظ واحد استعمال اللفظ الواحد في معنييه، الآن هنا استعمال لفظين في معنيين هذا ما يدخل في مثل هذا إلا إذا كانوا يريدون بذلك معنى آخر للحديث فهذا عندهم يقول "وهذا بحث أصولي ثم إني بعد وقفت على كلام جيد يتعين المصير إليه ذكره الحافظ العصري العلامة الشهير بابن حجر في شرح مختصره في علم الحديث فقال ما لفظه فإن قيل" المختصر للحافظ ابن حجر اسمه النخبة وشرحه نزهة النظر قال في شرح مختصره في علم الحديث ما لفظه "فإن قيل قد صرح الترمذي بأن شرط الحسن أن يروى من غير وجه فكيف يقول في بعض الأحاديث حسن غريب لا نعرف إلا من هذا الوجه فالجواب ن
أن الترمذي لم يعرّف الحسن مطلقا وإنما عرّف بنوع خاص منه وقع في كتابه وهو ما يقول فيه حسن من غير صفة أخرى وذلك لأنه يقول في بعض الأحاديث حسن وفي بعضها يقول غريب وفي بعضها يقول حسن صحيح غريب إلى آخر الأقسام وعبارته ترشد إلى ذلك حيث قال في أواخر كتابه وما قلنا في كتابنا حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا وهو كل حديث لا يكون راويه متهما بكذب ويروى من غير وجه نحو ذلك ولا يكون شاذا" يعني مراد ابن حجر- رحمه الله تعالى- أن الشروط التي ذكرها الترمذي الثلاثة للحديث الحسن إنما هي فيما يقول فيه حديث حسن من غير إضافة وصف آخر، فإن أضاف وصفا آخر فإنه تختلف حقيقة الحسن عنده عن حقيقة الحسن بالإفراد، إذا أفرد وصف حسن فهو الذي شرحه في كتابه، وإذا أضاف إليه وصفًا آخر فإنه لا يريد ما شرحه في كتابه.
طالب: ...............
عقدي ليس بأصولي من أصول الفقه،لا من أصول الدين، بحث أصولي يعني من أصول الدين وهذه من المسائل التي يختلف فيها أهل السنة مع الزيدية وغيرهم من فرق الشيعة.
"