شرح منتهى الإرادات (06)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال -رحمه الله تعالى-: الثاني: طاهر كماء ورد وطهور تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه في غير محل التطهير، ولو بوضع ما يشق صونه عنه أو بخلط ما لا يشق غير تراب ولو قصدًا، وما مر، وقليل استعمل في رفع حدث ولو بغمس بعض عضو من عليه حدث أكبر بعد نية رفعه، ولا يصير مستعمَلًا إلا بانفصاله أو إزالة خبث، وانفصل غير متغير مع زواله عن محل طهر، أو غسل به ذكره وأنثييه لخروج مذي دونه، أو غمس فيه كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء، أو حصل في كلها ولو باتت مكتوفة أو بجراب ونحوه قبل غسلها ثلاثًا نواه بذلك أو لا، ويستعمل ذا إن لم يوجد غيره مع تيمم، وطهوره منع منه لخلوة المرأة أو لا ، أو خُلق بمستعملٍ أو خالفه بصفة غيره ولو بلغ قلتين.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لما أنهى الكلام عن النوع الأول والقسم الأول من أقسام المياه وهو الطهور، شرع في بيان القسم الثاني وهو الطاهر، وهذا جريًا على من يقسم الماء إلى ثلاثة أقسام: طهور وطاهر ونجس، وعرفنا أن من أهل العلم من يجعله قسمين: طاهر ونجس، وإلى هذا ميل شيخ الإسلام ابن تيمية، ومنهم من زاد قسمًا رابعًا، كابن رزين، وهو المشكوك فيه، وعرفنا فيما تقدم من مذهب أهل العلم أن الحنابلة والشافعية متقاربان جدًّا في هذا الباب، والحنفية يختلفون عن هذين المذهبين فيما خالط الماء من الطاهرات، والمالكية يختلفون عن سائر المذاهب فيما خالط الماء من النجاسات، على ما سيأتي.

 الثاني من أقسام المياه طاهر، وهو مقابل للطهور فإذا كان الطهور هو المطهر، طاهرًا في نفسه مطهرًا لغيره، فالقسم الثاني طاهرٌ فقط غير مطهر، فلا يجوز استعماله في رفع حدث، ولا يرفع الحدث لو استُعمل، خلاف الطهور، لكن يجوز استعماله فيما عدا ذلك من شرب وطبخ وغير ذلك.

غير مطهر كماء ورد.

 وكل ماء مستخرج بعلاج فإنه لا يسمى ماءً يعني بالإطلاق، ماء الورد وأي ماء مستخرج سواء كان من شجر أو من غيره يستخرج منه الماء فإنه يضاف إليه، كما هنا: ماء ورد، ما تقول: ماء مطلق، وأشرنا سابقًا إلى أن الحنفية يقولون إن هذه الإضافة لا تؤثر، ولا تخرجه عن كونه ماءً، وقالوا: كماء البئر، هل تأثر الماء بإضافته للبئر، وماء البحر، فالإضافة لا تؤثر في الماء، لكنهم أصابوا أم أخطؤوا؟ أخطؤوا، فالإضافة إلى غير مؤثر لا تؤثر، لكن الإضافة إلى المؤثر مؤثرة، يعني هل البئر يؤثر في الماء؟ هو مجرد وعاء وظرف للماء لا يؤثر فيه، فالإضافة إليه لا تؤثر، وأوردنا عليه في درس مضى ماء الرجل وماء المرأة، هل هذا مؤثر أم غير مؤثر؟ هل الإضافة مؤثرة أم غير مؤثرة؟ مؤثرة قطعًا، ما فيه ولا عاقل يقول إنها غير مؤثرة.

كماء ورد.

 وكل ماء مستخرج بعلاج من شيء، فإنه يضاف إليه، ولا يطلق عليه اسم الماء بإطلاق.

وطهور تغير كثير.

 أما التغير اليسير فإنه لا يضر.

(تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه بمخالط طاهر) كزعفران.

تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه بمخالط.

 لابد أن يكون هذا المخالط طاهرًا، فإن كان نجسًا انتقل إلى القسم الثالث. كزعفران ولبن مثلًا، وحبر، انتقل لونه من أبيض إلى أزرق أو أسود أو أحمر، إذا تغير كثير من لونه فإنه ينتقل من كونه طهورًا مطهرًا إلى كونه طاهرًا فقط.

الذين يقسمون الماء إلى قسمين هل يقولون إن التغير هذا لا يؤثر؟ هل يمكن أن يتوضأ شيخ الإسلام بلبن أو بحبر أو بشاي أو بمرق؟! لا يمكن، هذا ليس بماء أصلًا، وهم يقسمون الماء لا يقسمون المائعات. هم يقسمون الماء، التغير اليسير لا يضر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اغتسل هو وزوجته ميمونة من قصعة فيها أثر للعجين، وهذا مخرج في المسند والسنن من حديث ابن عباس بسند لا بأس به.

تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه.

 وعرفنا أن هذا بمخالط، لابد أن يكون مخالطًا، أما إذا تغير بغير ممازج على ما تقدم فإنه لا يؤثر في غير محل التطهير؛ لأنه زال عنه اسم الماء لفظًا ومعنى، فلو قلت لشخص: اشتر لي ماءً أو قال لك اشتر لي ماءً فجاء لك بماء لونه أحمر أو أصفر أو أزرق تقبل أم ما تقبل؟ تلزم بقبوله أو لا تلزم؟

طالب: لا تلزم.

ما تلزم. يعني إذا كنت عطشان مثلًا وأردت ماءً فجاء لك بحبر مثلًا أو ماء خالطه حبر ترضى أن تسميه ماء هذا ولاّ ليس بماء؟ هذا زال عنه اسم الماء.

في غير محل التطهير

يعني لو افترضنا أن على اليد زعفرانًا أو على وجه المرأة مكياجًا مثلًا لا يمنع من وصول الماء إلى البشرة، فلما غسلت وجهها تغير الماء إلى لون المكياج، أو تغير ماء الزعفران الذي على اليد يتأثر أم ما يتأثر؟ اللون لا يتأثر؛ لأنه تغير في محل التطهير وتغيره في محل التطهير لا يضره؛ لأنك لما باشرته واستعملته يُسمى ماءً متغيرًا أم غير متغير؟ حال استعماله غير متغير.

في غير محل التطهير ولو كان التغير بوضع آدمي قصدًا ما يشق صونه عنه كطحلب وورق شجر.

 هناك قالوا: إذا كان التغير بما يشق صون الماء عنه كطحلب وورق شجر فإنه لا يتأثر ويبقى طهورًا؛ لأنه يشق صون الماء عنه، وفي التحرز منه مشقة عظيمة، والطحلب لاشك أنه يوجد في الماء من غير قصد، ويؤثر في الماء في لونه، في طعمه أحيانًا، لكنه لما صار بهذه المثابة من المشقة لم يؤثر، لكن لو جاء شخص فنقل الطحلب من مكان إلى مكان، يعني غُيِّر بما يشق، الآن هل الوصف متحقق أم غير متحقق؟ هناك لم يؤثر لماذا؟ لأنه يشق صون الماء عنه، وإذا كان بوضع الآدمي، فهل نقول إنه يشق صون الماء عنه؟

طالب: لا يشق.

 لا يشق، فالوصف لما سلب رجع إليه الحكم الأصلي كغيره من المغيرات، ولو كان التغير هذا بوضع ما يشق صونه عنه كطحلب وورق شجر أو بخلط ما لا يشق مثل ما مثلنا صون الماء عنه بأي طاهر من الطاهرات، خلطنا ماءه أي طاهر من الطاهرات، خلطنا معه لبنًا، خلطنا معه مرقًا، خلطنا معه حبرًا، أو زعفرانًا أو غير ذلك.

أو بخلط ما لا يشق غير تراب، ولو قصدًا،

 يعني لو خلطنا بالماء ترابًا يتأثر أم ما يتأثر؟ على كلامهم لا يتأثر.

(غير تراب) استثنوا التراب لماذا؟ لأنه أحد الطهورين، فهو كالماء في التطهير، لكن هو في هذه الحالة مطهر أم غير مطهر إذا خلط مع الماء؟ دعونا من الماء الذي اختلط بالتراب نزل من السماء ثم حصل فيه شيء من الطين ثم صفي منه ما صفي وبقي ما بقي، لكن كوننا نخلط معه ترابًا ونتوضأ به ونقول: هذا أحد الطهورين! هل يطلق عليه اسم الماء المطلق أو يلحق بغيره من اختلاط الطاهرات؟ يعني هناك نوع من التراب يخالط الماء ويمازجه بحيث يأخذ لونه وطعمه وريحه.

طالب:................

لا يبقى ماءً مطلقًا، كونه مطهرًا إذا كان ترابًا، وإذا كان طينًا فكونه يخلط، نعم لو وضع فيه شيء من التراب ثم رسب التراب وبقي الماء فوق لا يتأثر؛ لأنه لا يؤثر في الماء، لكن يبقى أنه إذا اختلط به وتغير لونه وطعمه ورائحته بالتراب فهو كغيره من الطاهرات، وكونه أحد المطهرين إذا كان منفردًا لا ممتزجًا.

 غير تراب طهور ولو قصدًا،

يعني ولو كان وضع التراب فيه عن قصد، ولو هذه للخلاف القوي، والذي يتجه أن التراب إذا غير الماء، وسلب اسمه عنه ألحق بغيره من الطاهرات.

وما مر في قسم الطهور مما لا يخالط من عود قماري وقطع كافور ودهن التي لا تخالط.

 الآن قوله: (وما مر) معطوف على أيش؟

طالب:.............

 يعني ولو بوضع ما يشق  صونه عنه أو بخلط ما لا يشق، هذا انتقل إلى كونه طاهرًا (غير تراب ولو قصدًا وما مر) يعني هل هو معطوف على أقرب مذكور؟ الآن غير الممازج من دهن، قطع كافور، عود قماري، هذه لا تؤثر في الماء؛ لأنها غير ممازجة، وهناك قلنا: ما يشق صون الماء عنه لا يؤثر في الماء، لكن إذا وضع ما يشق صون الماء عنه قصدًا أثر، إذا وضع ما يغير الماء من غير ممازجة يختلف عما قبله أم الحكم واحد؟

طالب: الحكم واحد إذا لم يغير .......

لأن قوله (وما مر)

طالب: الحكم واحد يا شيخ مادام أنه لم يغير الطهور.

هو في الأصل لا يغير (وما مر)، أنا أريد أن أقرر قوله: (وما مر) معطوفة على التراب أو معطوفة على التي قبلها؟.

طالب: على التراب.

لأنه لا يخالط الماء، تغيره عن مجاورة لا عن مخالطة، وما دام وجد التغير طردًا لقولهم: وهذا، هناك التغير في الطهور يشترط فيه القصد أو لا يشترط؟ هناك حينما تكلموا عن الطهور، وأنه يبقى طهورًا ولو غيره ما لا يمازجه كقطع كافور وعود قماري، يشترط فيه القصد أو لا يشترط؟ لا يشترط. إذًا لا يؤثر لا هناك ولا هنا؛ لأن تغيره عن مجاورة كالماء الذي يتغير بمجاورة ميتة، فهذا لا يؤثر، وهو معطوف على التراب.

(وقليل) يعني وماء قليل استعمل في رفع حدث، والحد في القلة والكثرة عندهم على المذهب القلتان على ما سيأتي، والخلاف فيه سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى.

وقليل استعمل في رفع حدث للنهي عن الاغتسال في الماء الدائم.

«لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم».

ولو بغمس بعض عضو ما عليه حدث أكبر بعد نية رفعه.

وقليل استعمل في رفع حدث للنهي عن الانغماس فيه، الآن القليل الذي استعمل في رفع حدث، هل معنى هذا أن عندنا ماء قليل نغترف منه ونتوضأ أو نغتسل؟ لا، إنما المقصود به ننغمس فيه؛ لأن هذه هي حقيقته المستعمل.

 وقليل استعمل في رفع حدث للحديث المذكور في الصحيح وغيره : «لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري»، وفي رواية «لا يبولن أحدكم» وكل هذا سيأتي في مواضعه. على الخلاف في هذا النهي هل يسلب الطهورية، أو يبقى طهورًا على أصله، أو يكون نجسًا؛ لأن المذاهب في الماء المستعمل ثلاثة: منهم من يقول إنه لا أثر له على الماء، مع التحريم؛ لأنه يقذر الماء على مستعمليه، إذا أردت أن تشرب من ماء ووجدت شخصًا يغتسل فيه تكره هذا الماء، فهو قذره عليك من هذه الحيثية جاء النهي عنه.

 ومنهم من يقول: تأثر الماء؛ لأنه رفع به حدث، الوصف القائم بالبدن الذي يمنع مما تشترط له الطهارة، فهو انتقل من كونه طهورًا إلى كونه طاهرًا؛ لأنه مستعمل، وجاء النهي عن هذا الاستعمال، ولولا أن لهذا الاستعمال أثرًا في الماء لما نهي عنه. نقول: نعم له أثر، ونهي عنه من أجل الأثر، لكن لا يلزم أن يكون هذا الأثر انتقاله من كونه طهورًا إلى كونه طاهرًا، إنما لكونه يقذره، ورتبوا على ذلك، بنوا، وقاسوا على هذا مسائل هي بعيدة كل البعد عن مراد الحديث. قالوا: الحجر الذي رمي به في الجمرة لا يرمى به ثانية. لماذا؟

طالب: مستعمل.

لأنه استعمل قياسًا على الماء، مستعمل قياسًا على الماء، لكن هل أركان القياس متوافرة هنا أو العلة الجامعة موجودة؟ لا توجد العلة، فالقياس ليس بشيء. منهم من يقول: يبقى على طهوريته، ولا أثر له إلا في تقديره على المستعمِل، ومنهم كالمذهب ينتقل من كونه طهورًا إلى كونه طاهرًا.

ومنهم من يقول: هو نجس، كيف نجس؟! لأن الاغتسال، الذي يقول: نجس هل يقول إن بدن الجنب نجس؟ لا يقوله، لكن لما قرن الاغتسال بالبول والبول ينجس الماء، إذًا الاغتسال ينجس الماء «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة»  قالوا: ما دام البول يؤثر إذًا الغسل يؤثر، وهذا كما هو معروف عند أهل العلم استدلال بدلالة الاقتران، وهي ضعيفة عند أهل العلم، فهذا القول ضعيف جدًّا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صب على جابر من وضوئه كما في البخاري وغيره، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ذهب إلى جابر وهو مغمًى عليه صب عليه من وضوئه فدل على أنه المستعمل طاهر.

شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- فيما خالطته الطاهرات، فيما يخالطه الطاهرات، لكي يتبين رأي شيخ الإسلام وهل هو يختلف اختلاف كبير عن المذهب أم ما يختلف؟ رأيه يقول: إذا تغير الماء بغير النجاسة يبقى صالحًا للغسل والوضوء إذا لم يزل عنه اسم الماء، ومتى يبقى اسم الماء؟ إذا كان التغير يسيرًا، وهم يقولون: إذا تغير كثير من لونه فالتغير اليسير لا يضر، وشيخ الإسلام يقول: ما لم يزل اسم الماء عنه بخروجه عن رقته وسيلانه أو حدوث اسم جديد له، لا فرق بين أن يكون التغير بسبب طول المكث، أو بمخالطة طاهر له، سواء كان يشق الاحتراز عنه أو لا يشق الاحتراز عنه. فالمذاهب متقاربة في هذا، إذا تغير تغيرًا كثيرًا يخرجه عن مسماه، هذا لا يستعمل لا على المذهب ولا عند الشافعية ولا عند شيخ الإسلام ولا عند المالكية أيضًا، إنما يستعمل عند الحنفية؛ لأنهم يجيزون الوضوء بالنبيذ، وهو متغير تغيرًا كثيرًا.

وقليل استعمل في رفع حدث ولو بغمس بعض عضو من عليه حدث أكبر، بعد نية رفعه.

 أولًا هل الحدث يتجزأ بمعنى أنه يمكن رفع بعضه ويبقى بعضه؟ الآن حدث أكبر، فجاء وغمس يده بنية رفع الحدث عن اليد، هل الماء يتجزأ أم ما يتجزأ؟ الآن هل الماء رفع حدثًا؟ الحدث هو الوصف القائم بالبدن الذي يمنع، وارتفع المنع بغمس اليد أو ما ارتفع؟ ما ارتفع، إذًا غمس العضو بمفرده لا يؤثر في الماء؛ لأنه لم يرفع حدثًا، الآن عندنا شخص جاء وهو جنب وانغمس في الماء، الآن الحنابلة من كلامهم هذا أنه بمجرد ملاقاة الماء بنية رفع الحدث ولو بعضو واحد ينتقل من كونه طهورًا إلى طاهر، فكيف إذا انغمس بكامله؟! عندهم ينتقل، وعند الشافعية لا ينتقل حتى يخرج عنه؛ لأنه وهو في الماء ارتفع حدثه أم ما ارتفع؟ ما زال، ما دام في الماء لم يرتفع حدثه، لكن إذا خرج وانفصل عنه صح عنه أنه ارتفع حدثه، فالتأثير من مباشرة الماء عند الحنابلة، وأما الشافعية فيقولون: من تمام ارتفاع الحدث، وهذا على القول بأن مثل هذا يؤثر في الماء.

ولو بغمس بعض عضو من عليه حدث أكبر بعد نية رفعه.

 يعني عندهم أن الجنابة تتجزأ، من أين أخذوا أن الجنابة تتجزأ؟ من الوضوء، من النوم بعد الوضوء، والأكل بعد الوضوء، دل على أنها خفت. فقالوا: إن الجنابة تخف وتثقل بدليل أنه إذا توضأ خفت جنابته، فعلى هذا لو غسل يده ناويًا بذلك رفع حدث هذه اليد، فهذا الكلام ضعيف؛ لأن من توضأ لينام أو توضأ ليأكل هل نقول: إنه ارتفع حدثه؟ ما ارتفع، ولو خف الوصف القائم بالبدن المانع موجود، فلم يرفع حدثًا.

بعد نية رفعه، ولا يصير الماء مستعملًا في الطهارتين إلا بانفصاله عن المغسول، وما دام مترددًا على العضو فطهر.

ولا يصير الماء مستعملاً إلا بانفصاله، يعني مستعملًا في رفع حدث أكبر أو أصغر إلا بانفصاله عن المغسول، وما دام مترددًا على العضو فطهور. إذًا كيف يقولون إنه بمجرد ملاقاته ينتقل؟‍! يعني هل نقول: إنه بغسل عضو من عليه حدث أنه غمسها وأخرجها صار مستعملًا ؟! وعلى هذا يتفق مذهبهم مع الشافعية؟ لا، هم يفرقون في الماء الذي انغمس فيه ولو لم يخرج منه، وعند الشافعية أنه لا يصير مستعملًا إلا إذا رفع الحدث، وذلك إنما يتم بالانفصال عنه، وهنا يقررون ويقربون من الشافعية ولا يصير الماء مستعملًا إلا بانفصاله عن المغسول، وما دام مترددًا على العضو فطهور. لكن لو نظرنا إلى المذهبين من هذه الحيثية ماذا يترتب على مثل هذا الخلاف؟ يعني لو انغمس شخص في ماء وبقي فيه، ثم انغمس معه آخر يرفع حدث الثاني أم ما يرفعه؟

طالب: ...................

 عند الشافعية يرفعه؛ لأنه ما انفصل عندهم، وصار مستعملًا بمجرد الملاقاة، فلا يرفعه، وإن كان قولهم هنا يختلف عن قولهم في الانغماس الكامل؛ لأنه يقول: ولا يكون مستعملًا إلا بانفصاله أو إزالة خبث طارئ على ثوب أو أرض، وانفصل غير متغير، فإن تغير بالنجاسة فهو نجس إجماعًا، لكن أزيل به خبث طارئ، يعني نجاسة حكمية على ثوب أو أرض وانفصل غير متغير، إن تغير فهو نجس اتفاقًا، لكن إن انفصل غير متغير فإنه عندهم طاهر أم طهور؟ طاهر.

أو انفصل غير متغير مع زواله.

 زوال الخبث عن محل طهور، لكن لو انفصل غير متغير قبل زوال الخبث حقيقة أو حكمًا، إذا انفصل غير متغير قبل زوال الخبث قبل زوال الخبث حقيقة أو حكمًا؛ لأن الغسلة الواحدة قد تزيل الخبث، لكن الأمر بغسل الأنجاس مع عدد الاستجمار ثلاثًا، والاستنجاء، غسل ما ولغ فيه الكلب سبعًا، يعني إن فصل من السادسة غير متغير.

طالب: عنده نجس.

نجس، نعم، غير متغير نجس، (لكن مع زواله) يعني زوال الخبث. (حقيقة) يعني ذهبت عينه، (أو حكمًا) بتمام العدد.

عن محل طَهُر.

 أي صار طاهرًا، فإن لم يتم التطهير فلا، كما في السادسة وما قبلها في نجاسة الكلب.

طالب:..........................

كأنهم يريدون إذا انغمس بجسمه كاملًا صار مستعملًا، وكأنهم نظروا إلى المآل، ما نظروا إلى الحال، فهو استعمل استعمل انتهى؛ لأنه نهي عن الانغماس، نهي عن الاغتسال، فالنهي هنا عن مجرد الاغتسال بغض النظر عن الانفصال، وهنا لعلهم ينظرون إلى الجزء أنه مجرد جزء لا يؤثر.

أو غسل به ذكره وأنثييه لخروج مذي دونه.

الذي يخرج منه المذي يغسل ذكره وأنثييه، وينضح بعد ذلك، فإذا انفصل الماء بعد غسل الذكر والأنثيين، بسبب المذي فإنه يكون طاهرًا. (دونه) أي دون الذي استعمل في غسل المذي نفسه؛ لأنه نجس، المذي نجس المقرر عند أهل العلم أنه نجس، لكن نجاسة مخففة ليست مغلظة، ليست كنجاسة البول، لكنه نجس، فإذا غسل به المذي نفسه صار نجسًا، أما إذا غسل به الذكر والأنثييان ولم يتغير بنجاسة فإنه يبقى طاهرًا. لماذا؟

طالب: لأنه استعمل.

استعمل في رفع حدث؟

طالب: إزالة خبث.

ما فيه إزالة خبث، الخبث المذي نفسه.

طالب:........................

 هو يقصد أو غسل به ذكره وأنثييه لخروج مذي دونه إذا غسل بالمذي صار نجسًا، لكن إذا غسل به الذكر والأنثيين، عندهم يكون طاهرًا وليس بنجس، ولا طهور. لماذا انتقل من الطهورية إلى الطهارة؟

طالب: لأنه استعمل.

استعمل لكن استعمل في أي شيء؟

طالب:.............................

لا هو ما يريد أن يرفع الحدث ولا يريد أن يتوضأ، خرج منه مذي فغسل المذي ثم غسل ذكره وأنثييه.

طالب:...................

هو غسل بقية الأعضاء للطهارة؛ لرفع الحدث، أما لو غسل بقية الأعضاء لا لرفع حدث يتأثر الماء؟ عندهم لا يتأثر الماء، لكن ما قرب من محل النجاسة ألحقوه بحكمها، ولذلك المسألة التي قبلها، أو انفصل غير متغير مع زواله مع زوال الخبث، عن محل طهور.

طالب:.................

لا؛ لأنه قرب من محل النجاسة فأخذ حكمها، يعني مثل الماء الذي استعمل في إزالة النجاسة بعد زوالها، وهو غير متغير، هل هذا طاهر أم طهور عندهم؟ طاهر ليس بطهور، وهذا مثله.

طالب:........................

نعم، لكن هو ارتفع حدثه، الفرق بينهما حتى عند الحنابلة مثلًا، نقرر، نرجع إلى المسألة عند الحنابلة إذا انعمس في الماء وخرج منه ارتفع حدثه أم ما ارتفع؟ لا، صار مستعملًا بأول عضو باشره، ارتفع أم لم يرتفع؟

 طالب:........................

على كلامهم ما يرتفع أصلًا؛ لأنه صار مستعملًا بمباشرة أول عضو يباشره، فلا يرتفع حدثه إذا اغتسل فيه، وعند الشافعية يرتفع حدثه؛ لأنه ما صار انتقل من حكم إلى حكم إلا بعد أن رفع الحدث، فكيف ينتقل وهو لم يرفع حدثًا، الحنابلة لهم أن يقولوا: إنه رفع حدث العضو الأول الذي باشره؛ لأن عندهم أن الطهارة كما تقدم تتجزأ.

طالب:......................

هذه فروع كثيرة جدًّا مرتبطة بهذه المسألة أفاض فيها النووي في شرح المهذب، ولو ذهبنا نستقصي مثل هذه الفروع ما كفانا شيء.

أو غمس فيه.

 يعني أو ماء طهور في الأصل غمس فيه كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء، أو حصل في كلها، أو ماء طهور في الأصل غمس فيه كل يد مسلم مكلف واليد الكف، يعني من أطراف الأصابع إلى الرسغ، المراد بها الكف، إذا غُمست كاملة (كل) بهذا القيد أن تكون لو غامس الأصابع فقط؟

طالب: لا يؤثر.

لا يتأثر الماء، (يد مسلم) لو غمس رجله تأثر أم ما يتأثر؟

طالب: لا يتأثر.

لا يتأثر إذا لم ينوِ بذلك رفع الحدث.

(يد مسلم) طيب جاء كافر واستيقظ من نوم الليل وغمس يده كاملة يؤثر أم ما يؤثر؟ على كلامهم ما يؤثر، لا يؤثر؛ لأن الخطاب للصحابة، وهم مسلمون مكلفون، لكن مثل توجيه الخطاب لقوم هل ينفي توجيهه لمن عداهم؟ الخطاب للجميع، ويبقى أنهم هناك في خلوة المرأة قالوا: ولو كافرة، هنا ما قالوا ولو كافر، لماذا؟

طالب: لفظ الحديث يا شيخ. 

لفظ الحديث الأول: «نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة».

طالب: ..........

 ولا قال: بفضل غسل أو بفضل وضوء؛ لأنها لا تغتسل ولا تتوضأ يعني غسل معتبر شرعًا إنما هي تتطهر من الحيض والجنابة والنفاس، فهناك ألحقوها بالمسلمة، وأتوا بحرف لو الذي هو للخلاف القوي، والعلة عندهم في ذلك أنه إذا اتجه النهي للمسلمة فالكافرة من باب أولى، المسلمة التي تتحرز من النجاسات وتحتاط لدينها الكافرة أولى بالنهي عنها، وهنا الكافر الذي يزاول النجاسات بيده، وعرف بذلك، ويشرب بها الخمر، لو غمس يده كاملة في الماء تؤثر أم ما تؤثر؟

طالب: أولى بالتأثير.

يكون أولى بالتأثير، هذا إذا قلنا: إن الماء يتأثر، ولم نقل إن النهي للتعبد.

أو غمس فيه كل يد مسلم مكلف.

صبي غير مكلف في العاشرة من عمره استيقظ من النوم في الليل فغمس يده، لا أثر لها؛ لأن المخاطبين الصحابة وهم كبار، لكن ألا يتجه الخطاب لابن عباس في ذلك الوقت؟ ألا يمكن أن يوجه الخطاب لابن عباس؟ هنا الغمس غير المقرون برفع حدث؛ لأنها يد قائم من النوم. طيب جاء ابن عباس في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- فغمس يده، أو ابن الزبير أو غيره، نقول: ما هو مخاطب بهذا الحديث؟

طالب:................

 كغير المخاطب، مخاطب؛ لأنه لا يُنظر إلى رفع الحدث في هذا، مع أن الصغير يرفع حدثًا.

طالب: ألا يقال يا شيخ إنها من باب الأحكام التكليفية، وهي لا تتجه إلا للمكلفين؟

لو قلنا بهذا لزم عليه لوازم في مثل هذه المسألة.

أو غمس فيه كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل.

(من نوم ليل) الحديث: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، والمبيت إنما يكون بالليل، ولذا حمله الإمام أحمد على نوم الليل (قائم من نوم ليل)، وجاء عند أبي داود والترمذي: «إذا قام أحدكم من الليل»، وهذه الرواية صححها ابن حجر، فاعتبار القيد كونه من الليل لهذه الرواية، ولما يفيده قوله في الحديث «فإنه لا يدري أين باتت»، والمبيت إنما يكون بالليل. وأما الشافعية فيرون أن غمس اليد لا يجوز؛ لمخالفة هذا الحديث، لكنه عند جمهور أهل العلم لا أثر له في الماء، عند الحنابلة انتقل من كونه طهورًا إلى كونه طاهرًا، فأثّر في الماء، ولذا أوردوا المسألة في الطاهر (أو غمس فيه كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء) يعني مستغرق ناقض للوضوء وليس بخفيف أو نعاس. يقول ابن حجر: اتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء. عند الحنابلة يضر أو ما يضر؟

طالب: يضر.

يضر، فنقل هذا الاتفاق فيه ما فيه، وهذا هو المشهور في المذهب أن الماء يتأثر، يقول: اتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء، لعل قصده أنه لا يضره بنجاسة. وقال إسحاق وداود والطبري: ينجس. كيف؟‍! أولًا اليد في الأصل طاهرة ونجاستها بالنص مقطوع بها أو مشكوك فيها؟

طالب: مشكوك فيها.

مشكوك فيها «فإنه لا يدري»، والشك لا يرفع اليقين، فعلى هذا اليد طاهرة، فكيف تنجس؟! الحنابلة الذين قالوا: إن الماء تأثر؛ للنهي عنه، للنهي عن هذا العمل، فلولا أنه مؤثر في الماء لما نُهي عنه، وهؤلاء يعني إسحاق وداود والطبري قالوا ينجس، والجمهور كما يقول ابن حجر: والجمهور على أن الأمر للندب، وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل دون النهار.

أما كونه على الوجوب «فليغسل يده ثلاثًا قبل أن يغمسها» كونه على الوجوب هذا هو الأصل في الأمر، ولا يُعرف له صارف، فيبقى الأمر على الوجوب، لكن تأثير الغمس في الماء محل نظر، إذا قررنا أن اليد طاهرة، وإنما كونها لا يُدرى أين باتت، فإنه شك، والشك لا يرفع اليقين.

الصارف عند الجمهور من الوجوب إلى الندب العلة، العلة غير مجزوم بها، كونه «لا يدري» هذه علة لاشك أنها تخفف من الحكم، بخلاف ما لو علم أنها اتصلت بنجاسة، فكون العلة مشكوكًا فيها مترددًا فيها جعلهم يحملون الأمر من الوجوب إلى الندب، والمتجه أن الأمر للوجوب، وأما تأثيره في الماء فلا أثر له، يبقى أنه يحرم عليه أن يغمس يده قبل أن يغسلها ثلاثًا، والماء لا يتأثر؛ لأن العلة تعبدية، العلة في الأمر بالغسل للتعبد، العلة للتعبد.

 طيب، قوله: «فإنه لا يدري» هل هذه علة أو ليست بعلة؟ يعني هل هي علة مؤثرة في الحكم من خلال قواعد الشرع؟  فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا، فالشك لا يرفع اليقين، وهذا أمر قاعدة كلية، الشك لا يرفع اليقين، وهنا هذا الشك والتردد لا يرفع يقين الطهارة، وتبقى أن هذه العلة المنصوصة وهي التردد في كون اليد بقيت على طهارتها أو اتصلت بشيء مؤثر لا يعني أنها تؤثر في الماء. «فإنه لا يدري» هل هذه العلة علة للأمر بالغسل أو علة لتأثير الغمس في الماء؟

طالب: الأول.

للأمر بالغسل، فهي علة للأمر بالغسل، وما دامت اليد طاهرة، وهي علة لهذا الأمر فلا أثر حينئذ لهذه اليد الطاهرة لاتصالها بالماء.

يقول: أو حصل الماء القليل في كلها.

يعني سواء وردت على الماء أو ورد الماء عليها.

طالب:...........................

لا، ما هي مشكوكة، الآن عندنا بناءً على القاعدة، القاعدة: الشك لا يرفع اليقين. لكن أنت عندك يقين أن هذا الماء المشكوك فيه أنه طاهر بعينه؟ أنت عندك إناء فيه طهور، وإناء فيه طاهر، وإناء فيه طهور، وإناء فيه نجس، عندك ثلاث أواني: طهور، وطاهر، ونجس، هل تقول: إن هذا من هذا القبيل؟ هل تجزم بأن عندك يقينًا بأن هذا طاهر؟ لا، إنما أمرك متردد بين هذه الأمور، وخشية أن تقع فيما لا يرفع الحدث كالطاهر، أو فيما يلوث البدن كالنجس، فمسألة الاحتياط شيء، الاحتياط له حكمه؛ لأنك ترددت بين ما يزيد المنع وبين الذي على القاعدة جارٍ مثل ما عندنا أنه لا أثر له؛ لأنك إن توضأت بهذا أو هذا: هذا نجس وهذا طاهر، هل مثل هذا يقال فيه إنه من باب الشك؟ أنت ترددت في إناءين واحد طاهر، وواحد نجس، الأولى أن تبقى بدون طهارة، أو تزاول أحد الإناءين؟ يعني ما عندك فرق بينهما. احتمال أن تتوضأ من النجس، فيكون الشخص الذي تيمم أكمل منك قطعًا، واحتمال أن تصادف الطاهر فتكون أكمل منه، وإذا تردد الأمر بين مبيح وحاضر يُقدّم الحاضر بلا شك.

طالب:......................

يتصور اتباعًا للأمر فقط، امتثال الأمر.

أو حصل الماء القليل في كلها.

يعني في الأول هي وردت على الماء، وفي الصورة الثانية الماء ورد عليها، أو حصل الماء القليل في كلها أي اليد بأن صب على جميعها، يعني صُب عليها يعني ورد عليها الماء فتأثر. وسيأتي الفرق في ورود النجاسة على المحل وورود المحل على النجاسة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

يقول: ولو باتت مكتوفة.

طالب: عفوًا أحسن الله إليك قوله: لو حصل في كلها بأن ورد عليها الماء، معناه إذا أورد المتوضأ الماء على يده ......... الطاهر؟

نعم، ورد عليها الماء، الآن لابد أن يرد عليها الماء أم لا؟ لابد أن يرد عليها الماء، إذا انفصل عن الغسلة الأولى والثانية عندهم طاهر، وما انفصل عن الثالثة التي ارتفع بها الوصف طهور أم طاهر؟ ارتفع الوصف في الثالثة، فما انفصل طهور، كما أن ما انفصل عن محل النجاسة بعد زوالها طاهر. فإذا وردت على الماء أثَّرت، وإذا ورد عليها الماء تأثَّر، ولا فرق عندهم في هذه المسألة بين الورود والإيراد، وسيأتي الفرق بينهما في قسم النجس.

 والخلاف للقوي ولو باتت مكتوفة.

مربوطة لا تتحرك، ولا يمكن أن تصل إلى مكان فيه ما فيه من نجاسة أو غيرها.

باتت مكتوفة أو بجراب ونحوه.

 ككيس صفيق، جاء وأدخلها في كيس، لكن لو قال قائل: منعًا لما جاء علة في هذا الخبر أنا أكتف يدي أو أدخلها في كيس؛ لكي أضمن. هل هذا، أولًا لا يعفيه هذا من تأثير اليد في الماء على قولهم.

الأمر الثاني: هل هذا مما يُتقى؟ يعني هل في قوله: «لا يدري أين باتت يده» إشارة إلى أنه على المسلم أن يحفظ يده؟ وهل حفظ اليد في هذا الموضع من الاحتياط للدين؟ لا؛ لأنه لم يرد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يفعل ذلك، لكن من فعل ذلك معاندة، بعضهم سمع هذا الخبر، وقال: لا، أنا أدري أين باتت يدي، فربطها وأدخلها في كيس وأحكمها، وقال: لا، أنا أدري أين تبيت يدي. ماذا حصل له؟ لما استيقظ وجد يده في دبره، نسأل الله السلامة والعافية. يعني من شؤم الاستخفاف بالسنن، وقلنا مثل هذا في الشخص الذي استاك في دبره، أو وضع في نعليه مسامير ليطأ أجنحة الملائكة، المقصود أن هذه أمور تداولها المؤرخون، وما حصل لهم سببه شؤم مخالفة السنة ومعارضتها.

 يقول: قبل غسلها ثلاثًا.

 فلا يكفي مرتين ولا مرة.

نواه بذلك أو لا.

نوى الغسل أو لم ينوِ الغسل، أو لم ينوِه لماذا؟ هناك ينوي رفع الحدث بغمس اليد، فيصير مستعملًا، وهنا لا يحتاج إلى نية؛ لأن هذا من باب إزالة النجاسة، فلا يحتاج إلى نية، يعني هذا من باب التخلية، فلا يحتاج إلى نية، وذلك من باب التحلية فيحتاج إلى نية من باب رفع الحدث.

(نواه بذلك أو لا) للحديث المعروف: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، والمقرر في هذا أن الماء لا يتأثر، وأنه يأثم بغمسها قبل غسلها.

ويستعمل ذا.

 أي الماء الذي غمست فيه اليد أو غسل به ذكره وأنثييه.

 إن لم يوجد غيره مع تيمم.

هو صار طاهرًا، انتقل من كونه طهورًا إلى كونه طاهرًا، فإذا لم يجد إلا هذا الماء الذي غمست فيه يد القائم أو غسل به ذكره وأنثييه يستعمله مع التيمم، لا يتيمم فقط؛ لأنه لا ينطبق عليه الوصف {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}[النساء:43]، هذا واجد للماء، ولا يكفي؛ لأنه ماء متأثر، وانتقل من كونه مطهرًا إلى كونه طاهرًا فقط، فيستعمله إذا لم يوجد غيره مع تيمم. لماذا يتيمم؟ لأن حدثه لم يرتفع، ولماذا لا يقتصر على التيمم؟ لأنه واجد للماء.

وطهور منع منه لخلوة المرأة أولى.

أولى بالاستعمال، لماذا؟ لأنه طهور ليس بطاهر، لكن منع منه الرجل؛ لأن المرأة خلت به، وبقي على طهوريته، بدليل أنه يرفع حدث المرأة، والماء الذي غُمست فيه يد القائم من نومه يرفع حدث المرأة أو ما يرفع؟ على كلامهم ما يرفع، لكن هذا أولى الذي خلت به المرأة أولى؛ لأنه طهور، وإن مُنع منه الرجل يستعمله.

أولى بالاستعمال؛ لأنه طهور ولا تُمنع عنه المرأة، فهذا أولى مما مُنع منه كل أحد.

 وعرفنا فيما تقدم أن النهي للتنزيه، وهو مجرد توجيه لما ينبغي أن يكون عليه الرجل مع امرأته «ليغترفا جميعًا».

أو طهورٌ قليل خُلط بمستعمل في رفع حدث أو إزالة خبث، وانفصل غير متغير.

 طهور قليل خُلط بمستعمل بحيث لو خالفه صفةً غيَّره، أو خُلط طهورٌ قليلٌ بمستعمل في رفع حدث أو إزالة خبث، وانفصل غير متغيِّر، يقررون أنه طهور.

بحيث لو خالفه صفة غيَّره.

 خالف الطهور في صفة من صفاته (غيَّره) أي غير لونه فصار أحمر أو أصفر، فيسلبه الطهورية.

غيَّره ولو بلغا قلتين، كالطاهر غير الماء.

يعني ولو بلغ الماء الطهور والمستعمل قلتين.

 طيب الآن العطف أو خلط بماء أو خلط بمستعمل، خلط بمستعمل يتوضأ به ما عَدَمِ غيره أو لا يتوضأ به؟ يتوضأ به، وكذا لو خلط بمستعمل إما في رفع حدث أو إزالة خبث.

(بحيث لو خالفه) أي الطهور.

(صفة) أي في صفة من صفاته (غيَّره) أي غيَّر لونه أو طعمه أو ريحه برائحة هذا المستعمل فيما ذكر (غيَّره ولو بلغا معًا قلتين كالطاهر غير الماء) الآن حكم هذه المسألة الأخيرة،

عندنا ماء طهور قليل دون القلتين، ثم خلطنا معه ماءً مستعملاً طاهرًا، نتوضأ به أو ما نتوضأ؟ سواءٌ بلغ قلتين أو لم يبلغ، ما دام الماء الطهور قليلًا لا يبلغ قلتين، فإنه يتأثر به الطاهر، وعلى هذا نستعمله إن لم نجد غيره، لكن هل نتيمم أو لا نتيمم؟

طالب:......................

طالب: ما يتيمم يا شيخ، يستعمله ولا يتيمم.

عندنا يُستعمل ذا الذي غُمست فيه اليد يُستعمل مع التيمم، ومثله ما غُسل به الذكر والأنثيان يستعمل مع التيمم (وطهور منع منه لخلوة المرأة أولى) لأنه طهور.

طالب:...................

يقول أولى، أولى بالاستعمال.

طالب:......................

وهل تغيَّر وصفه؟ ما تغيَّر وصفه، فلا يلزم معه التيمم، طيب وهو أولى بالاستعمال مما تقدم.

المسألة الثالثة: أو خُلط بمستعمل.

طالب:....................

خُلط بمستعمل، يعني بين الأول؛ لأن الأول التأثير فيه ظاهر، والثاني التأثير فيه خفي، والمنع منه أخف، والثالث بينهما. يعني عندنا ماء طهور، ليس فيه أدنى إشكال إلا أنه مُنع الرجل من استعماله وهو باقٍ على أنه طهور، الثاني انتقل من طاهر إلى طهور؛ لأنه غُمست فيه اليد، أو لأنه غسل به الذكر والأنثيان، هذا طهور قطعًا، وهذا طاهر قطعًا، وهذا لكلامهم، الطهور بلا تيمم، الطاهر مع التيمم. عندنا طهور وطاهر معًا خلطا، طهور وطاهر خلطا، فمنزلة هذه المسألة بين المنزلتين، وهنا يقول:

أو خلط بمستعمل بحيث لو خالفه صفة غيَّره.

يعني إذا كان هذا الماء على صفة الماء الطهور ما يتغير، لكن لو كان على صفة أخرى تغير بها. افترضنا أن عندنا ماءً آجنًا متغير بمكثه، طهور اتفاقًا، إلا ما يُذكر عن ابن سيرين من كراهته، هذا الماء الطهور المتغير استُعمِل في رفع حدث صار طاهرًا، خلطناه بماء لم يتغير لونه فغيَّره، الطاهر غيَّره؛ لأنه تغير هذا الطاهر بما لا يمنع الطهارة، لكن لو كان هذا الطاهر متغيرًا بما يمنع الطهارة وغيَّر الطهور يتطهر به أم لا يتطهر به؟ لا يتطهر به، لكن هذا متغير بما لا يمنع الطهارة، أو متغير رائحته بمجاورة ميتة مثلًا، أو تغيَّر بغير ممازج، هذا متغير الأصل فيه أنه طهور رُفع فيه الحدث وصار مستعملًا فانتقل من كونه طهورًا إلى طاهر، خلطناه بماء طهور (فغيَّره) غيَّر لونه؛ لأنه كان آجنًا أو غير رائحته؛ لأنه كان مجاورًا لميتة، أو تغير بغير ممازج فأثَّر على الطهور، يعني لو كان هذا التأثير فقط انتقل من الطهور، يتأثر؟ لا يتأثر. إذًا مخالطة هذا الماء الذي تغير هذا التغير لا يؤثّر في الطاهر، لكن يبقى مسألة أنه اختلاط ماء رافع للحدث طهور بماء لا يرفع الحدث. عندهم يُتوضأ به لاسيما إذا عُدم الماء الطهور الذي لا خِلْط فيه، لاسيما وأن الثاني محل خلاف قوي بين أهل العلم، وهم ينظرون إلى الخلاف إذا قوي، يتسامحون في مثله.

طالب:...................

يعني الحكم للغالب الأكثر، يعني إن كان الطاهر أكثر تيممنا، وإن كان الطهور أكثر لم نتيمم.

طالب: نعم.

ما دام الخلاف قويًّا في المسألة، نقول: مادام الخلاف قويًّا في الطاهر وخُلِط معه ما لا خلاف فيه، لا شك أن التيمم معه يضعف إلا لو كثر بحيث لو كان الطهور مغمورًا فيه، فمثل هذا يُتيمم معه.

  والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
ما الذي يجوز استخدامه من الميتة؟

الراجح لا يجوز استخدام الميتة إلا الجلد إذا دُبغ فإنه يطهر؛ «أيُّما إهابٌ دُبِغَ فقد طَهُر»، ما يستعمل من شحم الميتة الذي جاء السؤال عنه، تطلى به السفن، يستصبح بها الناس، تدهن بها الجلود، المقصود أنه الانتفاع بشحم الميتة محل خلاف بين أهل العلم، مرده في عود الضمير في الحديث لا هو حرام، هل يعود على البيع، هل يعود على البيع، أو يعود على الانتفاع الذي تلاه في الخبر، وعلى كل حال الأحوط الاجتناب عما يتعلق بالميتة؛ لأنها نجسة بجميع محتوياتها سوى الجلد والشعر وما أشبه ذلك مما له حكم الانفصال.

إذا شك المسبوق هل دخل مع الإمام في الركعة الأولى أم الثانية؟

هل دخل مع الإمام في الركعة الأولى أم الثانية؟ إذا تردد هل صلى ركعتين أو ثلاثًا؟ يبني على الأقل، فيجعلهما اثنتين وهنا هل دخل مع الإمام في الركعة الأولى أو الثانية جعله مع الثانية، إذا شك بمعنى أنه استوى الطرفان عنده ولم يوجد مرجِّح، ماذا يعمل؟ وهل هناك سجود سهو؟ نعم هناك سجود سهو بعد سلامه، بعد قضائه الركعة يسجد بعد قضائها.

هل يُعمل بالأحاديث الضعيفة التي تقال عند دخول الخلاء والخروج منه؟

فيما صح عنه –عليه الصلاة والسلام- كفاية عن الضعيف.

هذا سؤال يقول: إنه يحضر مع زملائه المحاضرات ولهم لقاء كل يوم أحد بحيث تستعرض السيرة النبوية وبعض كتب التفسير والعقيدة، كنا نذهب بعد ذلك نتناول وجبة العشاء ثم يذهب كلٌّ منا إلى منزله ونعود حوالي الساعة الثانية عشرة مساءً، إلى هذا الحد.

ما فيه شيء كونهم يجتمعون لقراءة كتب التفسير والسيرة والعقيدة، ثم يتناولون طعام العشاء لا بأس.
يقول: فقام أبي البارحة بأخذي من المطعم أمام زملائي وحذَّرني من الحضور إلى المحاضرات والذهاب مع زملائي، وأنا إلى حد هذه الساعة قمت بإضراب عن الطعام، فماذا توصونني؟
الإضراب عن الطعام ليس من عمل المسلمين، ولا يُعرف في تاريخ الأمة إلا ما كان من إضراب أم سعد لما رفض سعد أن يرتد، فإن أراد أن يقتدي بمثلها، هذه مشكلة، علمًا بأن أباك قد لحظ ملحظًا لا تدركه أنت وقد يكون مخطئًا في ملحظه؛ لأن بعض الآباء من حرصه على الولد قد يمنعه من طلب العلم؛ لئلا يحصل منه مما حصل على يد بعض الشباب الذين انتسبوا إلى الدين والعلم مما لا يحمد، المقصود أنه من باب الحرص عليك يفعل مثل هذا، لكن أنت بإمكانك أن تقنعه وأن هذا ليس من الدين، هذا الغلوا ليس من الدين، فهو يخاف عليك، فبالإقناع يمكن هذا. وأما الإضراب عن الطعام فليس بشرعي.

يقول: أنا من عادتي أن أسهر ليلة الجمعة منذ سنين، لكن الآن سمعت أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نهى عن تخصيص ليلة الجمعة من دون الليالي، أنا فقط أصلي وردي وأذكر الله فيها.

التخصيص، تخصيص ليلة الجمعة بالقيام تخصيص يومها بالصيام من بين سائر الأيام هذا الذي ورد النهي عنه علمًا بأن كثيرًا من الناس يسهرون ليلة الخميس وليلة الجمعة؛ لأن هاتين الليلتين ليستا بليلتي دوام، فهم يسهرون؛ لأن ليس أمامهم دوام علمًا بأن السهر مذموم، وإن كان النبي –عليه الصلاة والسلام- يكره الحديث بعدها، لكن إذا كان السهر على خير وعلى طلب علم فهو على خير إن شاء الله تعالى.
وأنظار الناس تتباين مجموعة من الشباب اجتمعوا في ليلة الجمعة فقام أحدهم مبكرًا معتذرًا بأن الليلة ليلة الجمعة وزملاؤه يلحون عليه بالبقاء؛ لأن الليلة ليلة جمعة، وكل له ملحظ، هذا يريد أن ينام مبكرًا؛ ليستيقظ لصلاة الجمعة مبكرًا ويتأهب لها، ويذهب إليها ويروح إليها من أول النهار وهؤلاء قالوا: ليس عندهم دراسة ولا دوام، ما المانع من السهر بالنسبة لهم؟ {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل:4].

يقول: ألا تجعلون الدروس في وقت الفجر فنحن بالإمارات، فنحن نحتاج، لكن في الإمارات لا يتناسب الوقت، ولن نستطيع حضوره. لا (للنهي) لا تجعلوا الدروس في وقت الفجر

فنحن نحتاج إلى العلم، لكن في الإمارات لا يتناسب الوقت، ولن نستطيع حضوره الفجر؛ لأننا سنكون خارج البيت للدوام.
أولًا الفجر ليس فيه دروس إلا ما كان من التفسير في فجر الثلاثاء، وهذا درس مؤقت حتى نجد له وقتًا مناسبًا.

هذا يقول: أنا طالب علم مبتدئ، وأحضر الدروس، وبحثت عن شيخ في الفقه وعجزت، في مكة هذا، هل أستطيع سماع هذا الدرس؟

يعني المنتهى وهو طالب مبتدئ، يمكن أن يحضر هذا الدرس ويستفيد، وإن لم يستفد من جميع ما يقال، إنما يستفيد وعليه قبل ذلك أن يقرأ في كتب تيسر له فهم هذا الكتاب من كتب مناسبة له من المبتدئين، يقرأها ويقرأ شروحها، ولو قرأ مثلًا في ذات المستقنع وقرأ عليه شرح الشيخ ابن عثيمين قبل حضور الدرس أمكنه الفهم إن شاء الله تعالى.