بلوغ المرام - كتاب الطهارة (01)

بسم الله الرحمن الرحيم

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (1)

مقدمة المؤلف – كتاب الطهارة -باب المياه

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

 

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فأشكر الله -سبحانه وتعالى- أولاً وآخراً على أن يسر مثل هذه اللقاءات التي نرجو أن تكون مباركة خالصة لوجهه الكريم، كما أشكر الأخوة القائمين على هذه الدورة -المنظمين لها- على ثقتهم وحسن ظنهم بي، لشرح مثل هذا الكتاب الذي شرح، بحيث تعددت شروحه من المتقدمين والمتأخرين.

تولى شرحه جمع من أهل العلم فمن أولهم: القاضي الحسين بن محمد المغربي في شرح أسماه (البدر التمام في شرح بلوغ المرام)، وهو شرح موجود مخطوط ومحقق، لكن لم ينشر منه سوى مجلدين، ثم اختصره الأمير الصنعاني، توالت شروحه من المعاصرين وكثرت، سواءً منها المطبوع، ومنها المسموع، وغير ذلك؛ وذلكم لأهمية هذا الكتاب.

والتصنيف في السنة والكتابة فيها كان في أول الأمر وفي صدر الإسلام، كان ذلكم على نطاق ضيق جداً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر نهى عن كتابة الحديث.

ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد أنه قال: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه)) كان هذا في أول الأمر؛ خشية أن يختلط غير القرآن به، ثم لما أمنت هذه المفسدة أذن بالكتابة، وجاءت الأحاديث الدالة على جوازها بل على الأمر بها: ((اكتبوا لأبي شاه)) [الحديث في الصحيحين].

وقول أبي هريرة: "ما كان أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مني حديثاً إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب".

ثم كثرت الكتابة وارتفع الخلاف في جوازها، وحصل الإجماع عليها، فكان الصحابة يكتبون والتابعون كذلك، والسنة محفوظة؛ لأن بحفظها يتم حفظ الدين، والدين محفوظ إلى قيام الساعة، لكن التدوين الرسمي العام إنما حصل على رأس المائة الثانية بأمر من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز حيث أمر الزهري بكتابة السنة.

ثم تتابع أهل العلم على تدوين السنة فوجدت المصنفات والموطآت والمسانيد في القرن الثاني، ثم ألفت الجوامع بعد ذلك والسنن والمعاجم وتنوع التأليف في السنة، اتخذ أنحاء متعددة فمنها:

المصنفات والموطآت، وهي في محتواها قريبة، كتب مرتبة الأحاديث على الأبواب إلا أنها بالنسبة للمصنفات تكثر فيها الآثار، فبهذا تختلف عن الموطآت.

والموطآت وإن كان فيها آثار إلا أنها أقل من وجودها في المصنفات، والسنن تشترك مع المصنفات والموطآت في الترتيب إلا أنها تندر فيها الآثار، فيقتصر فيها على الأحاديث المرفوعة، والسنن غالباً ما تكون في أحاديث الأحكام بخلاف الجوامع كصحيح البخاري وصحيح مسلم، وغيرهما، جامع الترمذي، هذه فيها جميع أبواب الدين مما يحتاجه المسلم.

فعندنا في الدرجة الأولى من المصنفات الصحاح، وهذه أولى ما يعتني به طالب العلم، بادئاً بصحيح البخاري ثم مسلم؛ لأن جماهير أهل العلم على تفضيل صحيح البخاري على مسلم، والكتابان معاً أصح الكتب المصنفة بعد كتاب الله -سبحانه وتعالى-.

وإن ادعى أبو علي النيسابوري وبعض المغاربة أن صحيح مسلم أفضل وأصح من صحيح البخاري، لكن جماهير أهل العلم على خلاف لهذا القول،

أول من صنف في الصحيح
ومسلم بعد وبعض الغرب مع

 

 

محمد وخص بالترجيح
 أبي علي فضلوا ذا لو نفع

 

بعد الصحاح هناك أيضاً في المرتبة الثانية صحاح اشترط مؤلفوها الصحة ولم يفوا بشرطهم، أو تساهلوا في تطبيق الشرط، مثل صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم وفيها صحيح كثير، إلا أن التساهل ظاهر فيها، وأمثلها ابن خزيمة ثم ابن حبان والحاكم.

يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وخذ زيادة الصحيح إذ تنص
بجمعه نحو ابن حبان الزكي
على تساهلٍ................

 

 

صحته أو من مصنف يخص
وابن خزيمة وكالمستدرك
....................................

 

يعني في هذه الكتب.

بعد ذلكم السنن، بعد هذه الكتب في المرتبة تأتي السنن، كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ابن ماجه سادس الكتب على خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يجعل مكانه الموطأ كرزين في تجريد الأصول، وابن الأثير في جامع الأصول، ومنهم من يجعل سادس الكتب الدارمي، لكن الأكثر تبعوا ابن طاهر في الأطراف وفي شروط الأئمة في جعل السادس ابن ماجه؛ لكثرة زوائده على الكتب الخمسة.

ثم تتابع التأليف والتصنيف إلى أن ضعفت الهمم، فاحتاج الناس إلى الاقتصار على المتون، وضاقوا ذرعاً بالأسانيد؛ لضعف الحافظة، وفتور الهمم، وكثرة الشواغل والصوارف، فكل ممن ألف في هذه المختصرات المجردة المسانيد اتخذ له منحىً خاصاً به فمن أهل العلم من ألف في الفضائل، ومنهم من ألف في الأحكام، ومنهم من ألف في المغازي، ومنهم من ألف في التفسير المأثور وهكذا، وحذفوا الأسانيد؛ تخفيفاً على الطالبين واقتصروا على بيان الدرجة، وبعضهم أخل بهذا أيضاً.

وكانت العهدة تبرأ -يبرأ منها الشخص- بذكر الإسناد في أول الأمر؛ لأن من يتصدى لطلب الحديث في أول الأمر كان المفترض فيه أن يعرف هذه الأسانيد، فإذا سيق الخبر بإسناده برئ من يسوقه من العهدة، ثم بعد حذف هذه الأسانيد لا بد من بيان درجة الحديث، وهذا أولاه الحافظ عندنا في الكتاب عناية تليق بمقام الكتاب.

في العصور المتأخرة لا تبرأ العهدة بذكر السند؛ أولاً: لضعف معرفة طلاب العلم بالرجال والأسانيد.

الأمر الثاني: ضعفهم بمعرفة الاصطلاحات، فإذا كانت العهدة لا تبرأ، أو لا يبرأ من عهدة النقل من ساق الإسناد فقد لا يبرأ أيضاً ببيان الدرجة غير المشروحة، يعني لا يكفي أن يقال: هذا الحديث فيه فلان مثلاً، أو الحديث فيه ضعف ولا تقوم به حجة، بل لا يكفي أن يقال: الحديث موضوع؛ لأن الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- لما سئل عن حديث، قال للسائل: هذا الحديث لا أصل له مكذوب، موضوع، مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقام إليه رجل من الأعاجم فقال: كيف تقول هذا الحديث مكذوب وهو مروي في كتب السنة بالأسانيد، ثم أحضره من كتاب الموضوعات لابن الجوزي، فتعجبوا من كونه لا يعرف موضوع الموضوع، فعلى هذا نقول: لا يكفي الخطيب أن يقول لعامة الناس: هذا الحديث موضوع، بل لا بد أن يشرح لهم معنى كلمة موضوع، لا بد من هذا؛ لأن كثيراً من الناس لا يفهم أيش معنى كلمة موضوع، فإذا كان هذا الشخص الذي استدرك على الحافظ العراقي في القرن الثامن فكيف بمن دونه؟!

على كل حال بعد ضعف الهمم لجأ الناس إلى المختصرات، لجأ الناس إلى المختصرات، فألفت كتب وأحاديث الأحكام؛ لشدة الحاجة إليها؛ لأنها أحاديث عملية، ومن هذه الكتب المطول ومنها المختصر، فمن هذه الكتب (المنتقى) لمجد الدين ابن تيمية الحراني عبد السلام جد شيخ الإسلام -رحمه الله- وهذا الكتاب يحوي غالب أحاديث الأحكام، جل أحاديث الأحكام موجودة في المنتقى، على أنه فيه الصحيح والحسن والضعيف.

ومن هذه الكتب: (كتاب المحرر) لابن عبد الهادي، وهو من أدق هذه الكتب وأشدها تحريراً، وإمامة مؤلفه معروفة، مشهود له بذلك.

ومنها (العمدة) للحافظ عبد الغني المقدسي، وقد اقتصر فيها على ما صح من أحاديث الأحكام، فينبغي لطالب العلم أن يبدأ بها قبل البلوغ وقبل المنتقى، ومنها هذا الكتاب الذي بأيدينا، وبينا شيئاً من عناية أهل العلم به باختصار.

طلاب العلم في السنوات الأخيرة بدؤوا وارتفعت هممهم إلى حفظ ما هو أعلى من هذه الكتب، وهو ما يسمى بحفظ الصحيحين والسنن، والمقصود بذلك المتون؛ لأنهم يحفظون من المختصرات المجردة الأسانيد، ومن غير تكرار، فإطلاق الصحيحين على هذه الكتب تجوز، وهي همة لا شك أنها تشكر؛ تنبئ عن حرص وصدق، صدق عزيمة في الطلب، لكن في هذه الكتب -كتب أحاديث الأحكام- ما لا يوجد في الصحيحين مما يحتاجه طالب العلم.

فلو ابتدئ الطالب بحفظ الأربعين؛ لأنها أحاديث جوامع كلية، ثم حفظ العمدة؛ لأن أحاديثها صحيحة، ثم ثلث بالبلوغ، ثم حفظ ما شاء من الكتب.

ويسأل كثير من الأخوة الذين يريدون الحفظ من الصحيحين، هل يبدأ بالبخاري ثم يأخذ الزوائد أو ما زاده مسلم على البخاري أو العكس؟ وبعضهم ممن بدأ بالحفظ في بداية هذه النهضة المباركة -أعني نهضة حفظ السنة- بدؤوا بصحيح مسلم، وأخذوا زوائد البخاري عليه، وما ذلكم إلا لما عرف من دقة مسلم وتحريه في سياق المتون، ثم أخذوا زوائد البخاري عليه.

لكن يبقى هل دقة مسلم تختلف عن دقة البخاري في تحري اللفظ النبوي أو هو منهج واحد؟

في تصوري أن المنهج لا يختلف؛ لأن كلاً من الشيخين يجيز الرواية بالمعنى، كل منهما يجيز الرواية بالمعنى، فكون الإمام مسلم يعتني ببيان صاحب اللفظ بدقة، ويذكر فروق الرواة بالحرف، لا يعني هذا أن اللفظ الذي ساقه هو اللفظ النبوي؛ لاحتمال أن يكون التابعي رواه بالمعنى عن الصحابي، والصحابي رواه بالمعنى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن مسلم إنما يبين فروق روايات شيوخه غالباً، فمن فوقهم كل منهم يحتمل أنه رواه بالمعنى؛ لأن من مذهبه جواز الرواية بالمعنى وهو قول جمهور أهل العلم.

فإذا قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-: حدثنا قتيبة بن سعيد ويحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة، واللفظ لابن أبي شيبة مثلاً، إذاً رواه الاثنان بالمعنى.

عرفنا أن هذا لفظ أبي بكر بن أبي شيبة أو لفظ قتيبة فيما نص عليه الإمام مسلم، لكن من يضمن لنا أنه اللفظ النبوي؟ لاحتمال أن يكون الصحابي رواه بالمعنى، فيستوي في ذلك مع البخاري.

الإمام البخاري لا شك أنه يتحرى ويتحرز في الألفاظ لكنه لا يبين هل هو لفظ فلان أو فلان ما داموا كلهم على شرطه، مع أن الحافظ ابن حجر نص على أنه ظهر بالاستقراء من صنيع الإمام البخاري أنه إذا روى الحديث عن أكثر من واحد فإن اللفظ يكون للأخير.

فعلى هذا ينبغي أن تتجه الهمم وعنايات طلاب العلم بعد حفظ هذه المختصرات بصحيح البخاري، بصحيح البخاري وأعني به الأصل، وأعني به الأصل الذي صنفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري؛ لأن من اعتنوا بالمختصرات وإن كانوا على خير عظيم -إن شاء الله- ويرجى لهم النفع ومنهم أيضاً، إلا أن المختصرات أخلت بكثير من مقاصد الإمام، ولو لم يكن في ذلك إلا فقه الإمام -رحمه الله تعالى- ومعرفة الأسانيد فهي مما ينبغي أن يعتني به طالب العلم، والأحاديث وإن كانت صحيحة فإن في أسانيدها من الفوائد واللطائف ما لا يستغني عنه طالب العلم.

وإذا ضربنا مثالاً يبين لنا أهمية هذه الأصول، فلننظر إلى أحاديث الرقاق مثلاً من صحيح البخاري، عدتها مائة وثلاثة وتسعين، فيها أكثر من مائة وخمسين ترجمة، والتراجم -تراجم الإمام- هي فقهه واستنباطه، وإذا نظرنا إلى المختصر فإذا فيه سبعة أحاديث، وهذه السبعة الأحاديث أولاً: ما فيها تراجم أصلاً، الأمر الثاني: أننا حرمنا من أكثر من مائة وعشرين ترجمه هي فقه الإمام.

وإذا أراد الشخص أن يبحث في هذا الموضوع المتكامل في الصحيح ثم رجع إلى المختصر، فإنه لن يظفر بطلبته؛ لأن المختصر وظيفته حذف المكرر، وجل هذه الأحاديث تقدم.

فإذا قارنا بين مائة وثلاث وتسعين حديث وسبعة أحاديث وجدنا الفرق كبيراً جداً، وهذا يبين لنا أهمية العناية بالكتب الأصلية، فتراجم الأئمة هي فقههم، فنعتني بتراجم البخاري.

مسلم -رحمه الله تعالى- لم يترجم للكتاب، ترجمه الشراح وهو فقه الشراح، أبو داود ترجم تراجم دقيقة، النسائي ترجم بعلل دقيقة، ابن ماجه أيضاً فقهه في تراجمه أيضاً ظاهر، الترمذي كذلك، فعلى كل حال من حفظ هذه المختصرات بين يدي تلك المطولات فعليه بالمطولات، ولا يعني هذا أننا نقلل من شأن حفظ مختصرات الكتب الأصلية كمختصر البخاري أو مختصر مسلم وما أشبه ذلك، لا، معاذ الله، هذا جهد طيب ويشكرون عليه، ولن يحرمهم الله الأجر، ومن سن هذه السنة يرجى أن يكون له أجرها وأجر من عمل بها.

بعد يأس طويل من أهل العلم وطلابه، يئسوا أن يتطاولوا إلى هذه الكتب، وأن يحاولوا حفظها، همم الناس منذ قرون اقتصرت على هذه المختصرات، وإنما تُقرأ المطولات من أجل الفائدة والبركة، لكن ما تجد من تتجه همته وعنايته إلى الصحيح، وقد وجد ولله الحمد في هذه الأيام من وصل في الحفظ إلى المستدرك الآن، هذا شيء يبشر، يبشر بخير عظيم، لا سيما إذا اقترن هذا العلم بالعمل؛ لأن العمدة في العلوم الشرعية ما قاله الله وقاله رسوله -عليه الصلاة والسلام-.

علينا أن نعتني بتراجم الأئمة لا سيما البخاري كما ذكرت، وأصحاب السنن، وهذه التراجم هي التي ميزت هذه الكتب عن المسانيد، وجعلتها في المرتبة دونها؛ لأن صاحب الكتاب المرتب يترجم بحكم شرعي، فيذكر تحت هذه الترجمة أقوى ما يجد، أما صاحب المسند فإنه يترجم باسم صحابي فيذكر تحت ترجمته ما وقع له من أحاديث هذا الصحابي، بغض النظر عن درجتها، ولذا جعل أهل العلم المسانيد دون السنن في المرتبة، لذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

ودونها في رتبة ما جعلا
كمسند الطيالسي وأحمدا

 

 

على المسانيد فيدعى الجفلا
وعده للدارمي انتقدا

 

يعني ابن الصلاح لما عد الدارمي في المسانيد انتقد؛ لأن الدارمي الموجود سنن، وليس بمسند -مرتب على الأبواب- اللهم إلا إن كان ابن الصلاح يقصد المسند الذي ذكره الخطيب في ترجمته حينما قال: له المسند والجامع، يمكن، فلا استدراك.

الحفظ الحفـظ يا معاشر الإخوان فإنه لا علم إلا بالحفظ، وسوف تحمدون العاقبة -إن شاء الله تعالى- إذا تقدمت بكم السن وضعفت الحافظة، أما من فرط وسوف وأطال الأمل وقال: سوف يحفظ، سوف يعتني هذا يفوته خير كثير، ويفوته زمن الحفظ؛ لأن الحافظة -كما يقرره جماهير أهل العلم- كغيرها من القوى، تضعف، يضعف السمع، يضعف البصر، تضعف الحافظة أيضاً وهذا شيء مشاهد، وإن كان الماوردي في أدب الدنيا والدين يقول: إن الحافظة لا تتغير، فحافظة الشخص في أول عمره مثل حافظته في آخره، لكن المؤثرات على هذه الحافظة هي التي تجعل الإنسان يضعف حفظه، لكن الملكة لا تتغير، إذا كبر كثرت مشاغله، كثرت الصوارف، فضعف الحفظ بسببها وأما الحافظة فلا تضعف، لكن هذا الكلام يرده الواقع، يرده الواقع.

لو افترضنا أن شخصاً عمره عشرون وآخر عمره ستون وجعلنا لكل واحد -لكل منهما- من الظروف ما يناسب، بل يساوي ظروف الآخر، نجد أن الصغير يحفظ أكثر، هذا إذا كانا في درجة واحدة، لا شك أن الحفظ يتفاوت من شخص إلى آخر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فقد ضرب المتقدمون في الحفظ أروع الأمثلة فمنهم من يحفظ مائة ألف، ومنهم من يحفظ ثلاثمائة ألف، ومنهم من يحفظ ستمائة ألف، ومنهم من يحفظ أكثر، ومنهم من يحفظ أقل، والله المستعان، ولا أحب أن أطيل عليكم؛ لأن القصد الكتاب الذي هو موضوع هذه الدروس.

والشرح سوف يكون باختصار -بل باختصار شديد يناسب الوقت-؛ لأننا لو بسطنا الشرح وجعلنا كل حديث في درس -وإن كان البسط يحتمل أكثر من ذلك- لاحتجنا إلى مائة وخمسين دورة لننهي هذا الكتاب، وإذا اختصرنا وأوجزنا، وذكرنا ما لا بد منه لفهم الحديث والاستنباط اليسير، ومن خالف هذا الحديث فإننا -بإذن الله تعالى- في عشر دورات ننهي الكتاب على الطريقة المختصرة.

ونحيل بالشرح المبسوط المطول على المكتوب، الذي نرجو أن يخرج قريباً، وليس معنى هذا قريب أنه السنة هذه أو التي تليها، كما سمع بعض الإخوان وأشغلونا بالمكالمات والكتابات، وإنما هو من باب كل آت قريب، كل آت قريب ولو بعد، {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} [(17) سورة النساء]، من تاب قبل الموت فهو من قريب، الله المستعان.

فنقرأ في الكتاب سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديماً وحديثاً، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد، وآله وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيراً حثيثاً، وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم، والعلماء ورثة الأنبياء، أكرم بهم وارثاً وموروثاً، أما بعد:

فهذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية، حررته تحريراً بالغاً، ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغاً، ويستعين به الطالب المبتدي، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي، وقد بينت عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة؛ لإرادة نصح الأمة.

فالمراد بالسبعة أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وبالستة من عدا أحمد، وبالخمسة من عدا البخاري ومسلماً.

وقد أقول: الأربعة وأحمد، وبالأربعة من عدا الثلاثة الأول، وبالثلاثة من عداهم وعدا الأخير، وبالمتفق عليه البخاري ومسلم، وقد لا أذكر معهما غيرهما، وما عدا ذلك فهو مبين.

وسميتُه بلوغ المرام من أدلة الأحكام، والله أسال ألا يجعل ما علمنا علينا وبالاً، وأن يرزقنا العمل بما يرضيه -سبحانه وتعالى-.

يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديماً وحديثاً": ابتدأ المؤلف -رحمة الله عليه- بالبسملة، وأردفها بالحمدلة؛ اقتداءً بالقرآن، حيث افتتح بذلك، وعملاً بالحديث -وإن كان لا يسلم من مقال-: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أبتر))، وحديث أبي هريرة: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ بحمد الله فهو أقطع))، هذا حسنه بعض أهل العلم، لفظ الحمد حسنه بعض أهل العلم، وحكم بعضهم على ضعف الحديث بجميع طرقه وألفاظه، وعلى كل حال لو لم يكن في ذلك إلا الاقتداء بالقرآن الكريم.

"الحمد لله على نعمه": وهو المحمود تمام الحمد على النعم والآلاء التي أسبغها على عباده.

"الظاهرة والباطنة": ومن أعظمها وأجلها نعمة الإسلام، فلأن يلهج الإنسان بالحمد والثناء والشكر عدد أنفاسه على أن هداه الله لهذا الدين لما وفى بشكر هذه النعمة، فإذا أضيف إلى ذلك النعم التي لا تعد ولا تحصى، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل].

"الظاهرة والباطنية": نعمة الأمن، نعمة الصحة، نعمة الفراغ، نعمة المال، نعمة الزوجة والأولاد، كل هذه نعم تحتاج إلى شكر، نعمة البصر، نعمة السمع، نعمة..، إذا أراد الإنسان أن يعرف قدر نعم الله عليه فلينظر ما قرب منه وما بعد ممن هم على غير هذا الدين، أو ممن هم على هذا الدين لكن ابتلوا بالمصائب والكوارث والحروب، والخوف والجوع، أو ينظر في من حوله ممن يئن فوق الأسرة وهو يتقلب بنعم الله الظاهرة والباطنة.

"والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد وآله وصحبه": الصلاة والسلام، لا شك أن الصلاة والسلام على هذا النبي من أفضل القربات، وقد أمرنا الله بذلك، قال -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]، وجمع -رحمه الله تعالى- بين الصلاة والسلام امتثالاً لهذا الأمر.

وإفراد الصلاة دون السلام والعكس خلاف الأولى، وأطلق النووي الكراهة، أطلق النووي الكراهة -كراهة إفراد الصلاة دون السلام أو العكس- لا شك أنه لا يتم الامتثال -امتثال الأمر- إلا بالجمع بينهما.

وخص ابن حجر الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، يعني ديدنه عادته المطردة ذلك، يصلي باستمرار ولا يسلم، أو يسلم ولا يصلي، هذا حري بأن تطلق الكراهة في حقه.

"والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد": عليه الصلاة والسلام، "وآله": وهم أقاربه الذين يحرم عليهم أخذ الزكاة، أو هم أتباعه على دينه، "وصحبه": الذين نصروه وآزروه وآووه، وحملوا دينه إلى من بعدهم، وبلغوه على أكمل وجه.

والجمع بين الآل والصحب أمر لا بد منه، ولا ينبغي الاقتصار على الآل فقط، وإن شاع بين طلاب العلم؛ لأنه صار شعاراً لبعض المبتدعة، كما أنه لا ينبغي الاقتصار على الصحب دون الآل؛ لأنه صار شعاراً لقوم آخرين، فالاقتصار على الآل شعار للروافض الذين يكفرون الصحابة، كما أن الاقتصار على الصحب دون الآل شعار للنواصب.

وأهل السنة وسط بين الفرقتين، فإما أن يقتصروا فيصلوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- امتثالاً لأمر ربهم، فإن أضافوا فليضيفوا الفريقين، وإن كان الآل بالمعنى الأعم يدخل فيه الصحب، والصحب بالمعنى الأعم يدخل فيه من هو على الجادة من الآل، على كل حال الجمع بينهما هو المتعين؛ لمخالفة من أمرنا بمخالفتهم من المبتدعة.

"وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيراً حثيثاً": لم يألوا جهداً، ولم يقصروا في نصرة الدين.

"سيراً حثيثاً": سريعاً بلغوه الآفاق وبلغ مشارق الأرض ومغاربها في أقصر مدة متصورة.

"وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم": من التابعين الذين لقوا الصحابة وأخذوا عنهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

"والعلماء ورثة الأنبياء": وقد جاء هذا اللفظ ضمن حديث رواه أبو داود والترمذي وأحمد، وجاء في ترجمة من تراجم الصحيح في كتاب العلم -وهو حسن- والعلماء ورثة الأنبياء، ومعلوم أن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فلنحرص على هذا العلم؛ لأن تركة الأنبياء هي العلم، والعلم المراد به ما نفع، ما نفع وصار زاداً إلى الدار الآخرة، زاداً مبلغاً إلى جنات النعيم، إلى دار الخلود.

"أكرم بهم وارثاً وموروثاً": أكرم بالسلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، "وموروثاً": من علم نافع، مقرون بالعمل الصالح.

"أما بعد": أما حرف شرط، بعد: قائم مقام الشرط، ظرف قائم مقام الشرط، وجواب الشرط ما اقترن بالفاء، فهذا مختصر يشتمل.

وهذه الكلمة (أما بعد) اختلف في أول من قالها على ثمانية أقوال يجمعها النظم في بيتين

جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً
ويعقوب أيوب الصبور وآدم

 

 

بها عد أقوالاً وداود أقرب
وقس وسحبان وكعب ويعرب

 

ثمانية أقوال، لكن أقرب الأقوال أنه، أنها من قول داود وأنها فصل الخطاب الذي أتيه.

"فهذا": الفاء وقاعة في جواب الشرط، وهذا إشارة، والإشارة إن كانت المقدمة بعد تمام التأليف -تأليف الكتاب- فالإشارة إلى موجود في الأعيان، وإن كانت المقدمة كتبت قبل كتابة الكتاب فهي إشارة إلى حاضر في الذهن.

"هذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية": مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية: يمكن أن يستغني به طالب العلم إذا فهمه واستنبط منه ما يمكن استنباطه من الأحكام بعد قراءة الشروح وسماع ما سجل على هذا الكتاب -وهي أشرطة كثيرة جداً حول هذا الكتاب- لم يحضَ كتاب في السنة من المختصرات مثل ما حضي هذا الكتاب؛ وذلكم لأهميته، فمن حفظ هذا الكتاب وفهمه وأدام النظر فيه..؛ لأن مؤلفه حرره تحريراً بالغاً، وأبدى فيه وأعاد وكرر، وليس هو بالمعصوم، من حفظه صار من بين أقرانه نابغاً متميزاً على أقرانه، فإذا وفق الإنسان وحفظ هذا الكتاب، وحفظ معه متناً من المتون الفقهية -وليكن الزاد مثلاً- وحفظ مع ذلكم من أحاديث الآداب ما يحتاج إليه من رياض الصالحين، وذلكم بعد حفظ كتاب الله -سبحانه وتعالى- فقد جمع أطراف العلم، واستحق إن أوتي فهماً مناسباً بعد ذلك الفتيا والقضاء وما أشبه ذلك من الولايات الشرعية.

يقول: "حررته تحريراً بالغاً؛ ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغاً": بين أقرانه: زملائه، والأقران هم أبناء الطبقة الواحدة المتشابهون في السن والأخذ عن الشيوخ.

"ويستعين به الطالب المبتدي، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي": يستعين به الطالب المبتدي، يستعين به على العلم، على التعلم، على الاستنباط على العمل، هذا الطالب المبتدي لا شك أنه بأمس الحاجة إليه.

ولا يستغني عنه الراغب المنتهي": يتبصر به الطالب المبتدي في أوائل الطلب، ويتذكر به الراغب المنتهي؛ لأن الإنسان مهما بلغ من العلم، ومهما حفظ لا يستغني عن الاستذكار، وتذكر العلم مذاكرة العلم؛ لأن العلم ينسى، والحفظ خوان، قد يخونه أحوج ما يكون إليه.

يقول: "وقد بينت عقيب كل حديث من أخرجه من الأئمة": خرج الأحاديث بعزوها إلى من رواها، وإن لم يكن ذلك على سبيل الاستقصاء والاستيعاب، بل على سبيل الاختصار.

"وقد بينت عقيب كل حديث من أخرجه من الأئمة لإرادة نصح الأمة": والعزو لا بد أن يكون إلى المصادر الأصلية التي تروي الأحاديث بالأسانيد، الأعلى فالأعلى.

"لإرادة نصح الأمة": فمن أحالك نصحك، ومن ذكر لك فائدة دون عزو إلى صاحبها قصر في هذا الباب، ولذا يذكر عن ابن عباس -رضي الله عنه-: "من بركة العلم إضافة القول إلى قائله"، من بركة العلم إضافة القول إلى قائله.

ثم بين اصطلاحه في العزو، فأحياناً يقول -رحمه الله تعالى-: رواه السبعة، وبين مراده بهم.

"فالمراد بالسبعة أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه": هم الإمام أحمد، والشيخان، وأصحاب السنن الأربعة، هؤلاء هم السبعة، وهم الجماعة.

"وبالستة من عدا أحمد": أصحاب الأمهات الست المعروفة المشهورة المتداولة، "وبالخمسة من عدا الشيخين البخاري ومسلماً.

يقول: "وقد أقول: الأربعة وأحمد": وقد أقول: الأربعة وأحمد، لا شك أن الخمسة أخصر من قول أخرجه الأربعة وأحمد، لكنه قد يذهل عن هذا الاصطلاح، وقد تكون هناك نكتة كما يمر علينا -إن شاء الله تعالى- في الأمثلة.

"وبالأربعة من عدا الثلاثة الأول": أحمد والبخاري ومسلم، "وبالثلاثة من عداهم والأخير": من عدا أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه، فالثلاثة هم أبو داود والترمذي والنسائي فقط، "وبالمتفق عليه البخاري ومسلم": إذا قال: متفق عليه فقد رواه البخاري ومسلم، يعني من طريق صحابي واحد، من طريق صحابي واحد، فلا يستدرك أحد على المؤلف إذا قال: رواه البخاري، من يجده في صحيح مسلم بلفظه عن صحابي آخر، فلا بد أن يكون مروياً في الكتابين، ومثله ما تقدم، إذا رواه..، قال: رواه السبعة معناه أنهم ذكروه في كتبهم السبعة من طريق صحابي واحد، أما إذا اختلف الصحابي ولو اتحد اللفظ فإنه حينئذ يكون حديثاً آخر، ولو اتحد اللفظ، هذا ما جرى عليه الاصطلاح، الحافظ ابن حجر له عناية بهذا الشأن.

"المتفق عليه البخاري ومسلم": وما ذكرناه من أنه لا بد من اتحاد الصحابي ليكون الحديث واحداً هو قول الأكثر، وإلا قد تجدون في مثل شرح السنة للبغوي، قول: متفق عليه، رواه محمد عن أبي هريرة ومسلم عن ابن عمر، وهذا اصطلاح خاص به، وقد تجدون في المنتقى (متفق عليه) ويريد بذلك البخاري ومسلم وأحمد، وهذا اصطلاح خاص به، ومثل هذا لا مشاحة فيه، مثل هذا الاصطلاح إذا بُيِّن لا مشاحة فيه، وتسمعون كثيراً قولهم: لا مشاحة في الاصطلاح، هذه الكلمة ليست على إطلاقها، وليس كل اصطلاح يسلم ولا يشاحح فيه، بل من الاصطلاحات ما ينبغي أن يشاحح صاحبه، فإذا كان الاصطلاح لا يخالف حكماً شرعياً أو لا يخالف ما اتفق عليه أهل علم من العلوم فإنه لا مشاحة فيه، أما إذا تضمن مخالفة فيشاحح صاحبه، لو قال شخص: أنا أُسمي أخ الأب خالاً، الناس يسمونه عماً وأنا بأسميه خالاً، وأنا أسمي أخا الأم عماً، وإن كان الناس كلهم يسمونه خالاً، نقول: لا، قال: أنا أكتب في الفرائض وأبين هذا في المقدمة، نقول: ما يكفي، أنت خالفت، يترتب عليه مخالفة شرعية، يعني ما يثبت للعم من النصوص غير ما يثبت للخال والعكس، لكن لو قال: أنا أسمي أبا الزوجة عماً أو خالاً قلنا: شأنك؛ لأنه ما يترتب عليه مخالفة، هذا اصطلاح سواءً سميته خالاً أو عماً ما يتغير الحكم، ولا يترتب عليه شيء، بعض الناس يسميه عماً، وبعضهم يسميه خالاً، ما فيه فرق، أمور اصطلاحية بين الناس، فلنعرف أن من الاصطلاحات ما يشاحح فيه، فليست هذه الكلمة على إطلاقها.

فلو ألف شخص في الجغرافيا مثلاً وقال: الناس يقولون: هذه الجهة هي الشمال، وهذه هي الجنوب، أنا أقول: لا، هذا هو الشمال وهذا الجنوب، نقول: لا، تشاحح في اصطلاحك.

ولو قال: السماء تحت والأرض فوق، نقول: لا، تشاحح في اصطلاحك، لكن لو قال: أنا لا أغير من الواقع شيئاً هذا هو الشمال وهذا هو الجنوب، لكن الناس كلهم في الخارطة يجعلون الشمال فوق، والجنوب تحت، صح وإلا لا؟ يقول: لا، أنا باقلب الخارطة، أخلي الجنوب فوق والشمال تحت، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، ليش؟ لأنه ما يغير من الواقع شيئاً.

البغوي -رحمه الله تعالى- في المصابيح لما قسم أحاديث الكتاب إلى الصحاح والحسان، إلى الصحاح والحسان، وجعل الصحاح ما رواه البخاري ومسلم، وجعل قسم الحسان ما رواه أصحاب السنن الأربعة، نقول: لا، هذا اصطلاح مردود، قد يقول قائل: لا مشاحة في الاصطلاح، وقد قيل، قيل: كيف يشاحح البغوي في هذا الاصطلاح وقد بيَّن؟ نقول: يرد عليه، لماذا؟ لأنه يلزم منه الحكم على ما صح من أحاديث السنن بأنه حسن، ويلزم منه الحكم على ما ضعف من أحاديث السنن بأنه حسن أيضاً.

والبغوي إذ قسم المصابحا
أن الحسان ما رووه في السنن

 

 

إلى الصحاح والحسان جانحا
رد عليه إذ بها غير الحسن

 

فيشاحح، فمثل هذه الجملة التي يطلقها أهل العلم ينبغي تقييدها، كما أن هناك جملاً تحتاج إلى تقييد، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، نقل عليها اتفاق لكن لا بد من تقييدها، قد يلجأ إلى خصوص السبب، ويقصر الحكم عليه لمعارضة العموم ما هو أقوى منه، قد نلجأ إلى خصوص السبب.

والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعمران بن حصين: ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب))، وقال في الحديث الآخر في الصحيح: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم))، عموم حديث عمران بن حصين يشمل الفريضة والنافلة: ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً))، لا تصح الصلاة من قعود مع القدرة على القيام، هذا مقتضى حديث عمران، ومقتضى الحديث الآخر أن الصلاة تصح من قعود لكن على النصف من أجر صلاة القائم ولو كانت فريضة، عموم هذا الحديث يخالف عموم الحديث الآخر.

لو نظرنا في سبب ورود الحديث الثاني لوجدناه -كما ذكر أهل العلم- النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمَّة -يعني فيها حمى- فوجدهم يصلون من قعود فقال: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم))، فتجشم الناس الصلاة قياماً، فدل على أنها نافلة وليست فريضة؛ لأنه لا يمكن أن يصلوا الفريضة قبل مجيئه -عليه الصلاة والسلام- ودل السبب أيضاً على أنهم يستطيعون القيام، ولهذا نقول: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) في النافلة بالنسبة لمن يستطيع القيام، أما في الفريضة فلا، وغير المستطيع أجره كامل سواءً كان في النافلة أو الفريضة وقد لجأنا في الحديث الثاني إلى خصوص السبب، لماذا؛ لأن عموم اللفظ معارض بعموم أقوى منه.

من ذلكم -من هذه القواعد- وهذا استطراد قد يحتاجه بعض الناس ولكن باختصار شديد- من ذلكم قولهم: الخلاف شر، الخلاف شر، هذا يحتاج إلى تقييد، ما هو بكل خلاف شر، وإلا لو وجدنا أدنى خلاف تركنا العزائم، ارتكبنا الرخص وتركنا العزائم، وعطلنا بذلك الأحكام، لكن لا بد من بيان هذه الأمور بياناً شافياً كافياً، ولعل الله -سبحانه وتعالى- أن ييسر كتابة شيء في مصنف يجمع هذه الأمور التي تطلق لكنه ينبغي تقييدها بالأمثلة إن شاء الله تعالى.

يقول: "وقد لا أذكر معهما غيرهما": يقتصر على الصحيحين مع أن الحديث مخرج في بقية الكتب السبعة.

"وما عدا ذلك فهو مبين": يعني إذا رواه عبد الرزاق، رواه البيهقي، رواه ابن أبي شيبة، رواه الطبراني، رواه الدارقطني يبين ذلك.

يقول: "وسميته بلوغ المرام": هذا اسم علم على هذا الكتاب، سميته: سماه مؤلفه بهذا الاسم (بلوغ المرام) علم على هذا الكتاب، فإذا قيل: البلوغ انصرف إلى هذا الكتاب، وإن كان هناك بلوغ السول مثلاً، لكن صار هذا الاسم علماً على هذا الكتاب.

"من أدلة الأحكام": بلوغ المرام، بلوغ الغاية والحاجة من أدلة الأحكام.

"والله أسال ألا يجعل ما علمنا علينا وبالاً": نسأل الله -سبحانه وتعالى- ألا يجعل علمنا علينا وبالاً، بسبب التشريك فيه، أو عدم العمل به، فالعلم الشرعي عبادة محظة، لا يقبل التشريك، فقد حاء في حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، منهم العالم الذي تعلم العلم وعلم الناس، قد يجلس لتعليم الناس عقود خمسين ستين سنة، وهو من هؤلاء الثلاثة، فيقال له: ماذا عملت؟ قيقول: تعلمت العلم وعلمت الناس، فيقال: كذبت، إنما تعلمت ليقال عالم، وقد قيل، يكفيك هذا الكلام، فيسحب على وجه إلى النار، نسأل الله العافية.

ومثله المجاهد الذي يقدم نفسه للقتل من أجر أن يقال: شجاع، لا لإعلاء كلمة الله، ومثله الجواد الذي ينفق الأموال الطائلة ليقال: جواد.

فعلينا جميعاً أن نخلص النية وأن نحرص على ذلك أشد الحرص، ولا نسوف، نقول: جاء عن بعض السلف أنه قال: "تعلمنا لغير الله، فأبى العلم إلا أن يكون لله"، لا، لا نفرط، ما تدري ماذا يفجأك الأمل، ولا ننسى قول بعضهم: من تعلم لغير الله مكر به، وقد يقول قائل: إنه حرص وجاهد نفسه على تصحيح النية وعجز، وهذا يظهر جلياً في التعليم النظامي في الكليات الشرعية، ولا شك أن هذا أمر مقلق، سواءً كان للمعلم أو المتعلم، كل منهم ينظر إلى آخر الشهر المعلم ينظر إلى آخر الشهر، والمتعلم ينظر إلى التخرج والوظيفة وبناء المستقبل، فيقول القائل: هو عجز عن تصحيح النية، لكن هل العلاج في ترك التعلم؟ لا، ليس هذا علاجاً، بل العلاج المجاهدة وصدق اللجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- والله -سبحانه وتعالى- إذا علم صدق النية أعان، إذا علم الله صدق النية من العبد أعانه على ذلك.

فعلينا أن نجاهد أنفسنا؛ لأن هذا الأمر الذي هو الإخلاص شرط في قبول العمل، ويضاف إليه ويضم إليه المتابعة -متابعة النبي -عليه الصلاة والسلام- فالعمل إذا لم يكن خالصاً لله -عز وجل- لم يقبل، وإذا لم يكن صواباً على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقبل؛ ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).

فلا بد من أن يكون العمل خالصاً لوجه الله -سبحانه وتعالى- صواباً على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ثم إذا كان العمل خالصاً، فإنه ولا بد يجر إلى العمل.

ما فائدة العلم إذا لم يتوج بالعمل؟ ما فائدة حشو المعلومات التي منها وجوب صلاة الجماعة، وهو ممن ينتسب إلى العلم ويتخلف عن صلاة الجماعة، وما فائدة العلم الذي فيه التشديد على أداء الصلوات في أوقاتها، وبعض من ينتسب إلى العلم يؤخر الصلاة عن وقتها، هذا في الحقيقة ليس بعلم وإن سماه الناس علماً.

لقد جاء في الحديث -وإن كان فيه كلام لأهل العلم، ونقل عن أحمد تصحيحه وكثير من أهل العلم يحسنونه، وقد ضعفه جمع-: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله))، وهذا أمر وإن جاء بصيغة الخبر للعدول بحمل العلم، وفيه أيضاً ما يفيد أن ما يحمله غير العدول ليس بعلم، فالعلم حقيقة إنما هو ما نفع، والعلم إذا تخلف عنه العمل فإنه يضر ولا ينفع، والله المستعان.

سؤال: هذا كلام مناسب لما نحن فيه، هل يكون..، أو هل كلام المؤلف: "ليكون من يحفظه بين أقرانه نابغاً" يدعو لعدم إخلاص النية فتكون نيته لأجل أن يكون نابغاً بين أقرانه؟

لا، لا يلزم منه ذلك، لا يلزم منه ذلك، بل فيه حفز للهمة، والنبوغ كما يكون من أجل تحصيل حطام الدنيا يكون أيضاً نافعاً لتحصيل درجات الآخرة، ما الذي يمنع أن يكون من يحفظه بين أقرانه نابغاً في العلم والعمل؟

فيحفظ الكتاب لهذا القصد، كما قرر المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ليكون من يحفظه بين أقرانه نابغاً" في العلم الذي يقود إلى العمل، وليس المراد بذلك العلم الذي هو حشر..، حشو المعلومات دون عمل، والله المستعان، فهذه الكلمة لا تنافي الإخلاص، لا تنافي الإخلاص، وقد يضطر المؤلف إلى بعض بيان عمله؛ لتشجيع القارئ، حينما يقول: "حررته تحريراً بالغاً": معناه أنه تعب عليه، وبين شيئاً من عمله.

ابن القيم -رحمه الله تعالى- أحياناً -بل في كثير من المواضع- يجعل..، يشد القارئ ويجعله يهتم بهذا المكتوب، وأن ابن القيم تعب عليه، وأنه لا يوجد عند غيره، قد يقول: "احرص على حفظ هذا الكلام وفهمه علك ألا تجده في موضع آخر أو في كتاب آخر البتة". هذا ما فيه شك أن فيه حث للقارئ من أجل أن يعتني بهذا الكلام، الله المستعان.

"وأن يرزقنا العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى": وعرفنا أن العلم بدون عمل وبال على صاحبه، والله المستعان.

ويلاحظ بين من ينتسب إلى العلم، بين من ينتسب إلى العلم الإخلال بهذا -الإخلال بالعمل- ويوجد ممن ينتسب إلى العلم -بل ممن يظن أنهم من أهل العلم ومن طلبة العلم- منهم من لا يصلح أن يقتدي به عامة الناس، بل تجدهم في أطراف الصفوف، وأوائل الصفوف وأوساطها من العامة، وهذا شيء مؤسف، بل محزن أن تجد طالب العلم الشرعي في طرف الصف وقد جاءت النصوص بالحث على التقدم في الصلاة، وانتظار الصلاة، فلا بد من العمل، لا بد منه.

يقول: هل يلزم حفظ المقدمة من الكتاب؟

لا شك أن القصد الأحاديث، والهدف هو حفظ الأحاديث وفهمها، لكن هذه المقدمة أولاً هي مقدمة مختصرة وفيها اصطلاح المؤلف، بيان اصطلاحات المؤلف، ولا يضيق المرء بأن يحفظ صفحة واحدة أو أقل من صفحة إذا أراد أن يحفظ هذه الصفحات الكثيرة، أمرها سهل -إن شاء الله تعالى- أما اللزوم فليس بلازم؛ لأن القصد و الهدف الأحاديث، لكن من الكمال والتمام أن تحفظ المقدمة معه.

سم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

كتاب الطهارة - باب المياه:

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البحر: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة, وابن أبي شيبة واللفظ له, وصححه ابن خزيمة والترمذي، ورواه مالك والشافعي وأحمد].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:          

كتاب الطهارة: الكتاب مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكَتْباً، والأصل في هذه المادة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان، إذا اجتمعوا، وقيل لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه كتابة لاجتماع الحروف والكلمات، يقول الحريري في مقاماته:

وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً
 

 

ولا قرؤوا ما خط في الكتب
 

وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً: هم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون وسماهم كاتبين، من هم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يسمون كاتبين، كيف سماهم كاتبين؟ هم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون، لكن لماذا سماهم كاتبين؟

طالب: مجتمعين.

مجتمعين، غيره؟

طالب:.......

نعم، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

غيره؟

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

هذا قريب منه، الخرازين هم الخرازون قال: وكاتبين هم الخرازون؛ لأنهم يجمعون لنا صفائح الجلود بالخرازة التي هي كتابة عندهم.

ومن ذلكم البيت الذي فيه هجو بني فزاره مما لا يليق ذكره في المسجد، فإذا رجعتم إلى كتب اللغة تجدون هذا كله.

والمراد المكتوب الجامع لسائر الطهارة، من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، المكتوب الجامع لمسائل الطهارة.

والطهارة أيضاً مصدر أو إن شئت فقل..، إن شئت فقل: اسم مصدر، طهر تطهيراً، إن قلت: طَهُر فهي مصدر –طهارة- وإن جئت بالفعل مضعف طهَّر مثل كلَّم، فالمصدر التطهير مثل التكليم، فتكون الطهارة اسم مصدر.

وهي في الأصل النظافة، والنزاهة من الأقذار، وفي الشرع استعمال المطهرين الماء والتراب، لرفع الحدث وإزالة الخبث.

ثم بعد هذا باب المياه: الباب في الأصل لما يدخل معه ويخرج منه، لما يدخل معه ويخرج منه، وهنا ما يجمع ويضم مسائل علمية، ما يجمع ويضم المسائل العلمية، واستعماله في الحسيات -في الأبواب الحسية حقيقة- واستعماله في المعاني كما هنا باب المياه حقيقة وإلا مجاز؟

هاه؟ من يقول بالمجاز ما عنده مشكلة يقول: مجاز، لكن الذي لا يقول بالمجاز أيش يقول؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟ الذي لا يقول بالمجاز ماذا يصنع بمثل هذا؟

يقول: حقيقة، وإن لم تكن الحقيقة لغوية فهي حقيقة عرفية، حقيقة عرفية، وهي اصطلاح خاص، فالحقائق كما تعرفون ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية.

والمياه: جمع ماء، وتكلموا في تعريفه وماهيته ومركباته وأجزائه، لكن تعريفه يزيده غموضاً كما قال قائلهم:

......................................
 

 

وعرفوا الماء بعد الجهد بالماء
 

كيف تعرفة الماء؟

وهنا تنبيه ينبغي أن يعتنى به، وهي أن كتب السلف قاطبة لا تعتني بمثل هذا التعريف -تعريف الأمور الواضحة- وبناء الأبواب وترتيبها على هذا النسق الحد، ثم الحكم، ولا تتكلم عن حكم الشيء إلا بعد معرفة حده وتصوره، لا بد أن يتصور قبل، هذا عند المتأخرين، تعرفون أياً كان، مرسوم لك خطة تمشي عليها في جميع الأبواب، ويستوي في ذلك الباب الواضح، والباب الخفي هذه من الاصطلاحات الحادثة، نعم لا مشاحة في مثل هذا الاصطلاح إذا كان من باب تتميم القسمة ومشي على خطة وسير على منهج واحد، لا بأس، لكن لا يأخذ علينا الوقت، تعريف الماء، ومركبات الماء ما الذي يستفيده طالب العلم؟ طالب العلم بحاجة إلى أنواع المياه، وما يجوز شربه، وما لا يجوز، وما يجوز استعماله في الطهارة وما لا يجوز، هذا الذي يهم طالب العلم.

أما تعريف الماء في اللغة والاصطلاح والاستعمالات، ومركبات الماء، ومما يتركب منه، هذا لا شك أنه ليس من طريقتهم.

قد يقول قائل: لماذا جمع الماء، وهو اسم جنس يقع على القليل والكثير؟

لماذا لم يقال: باب الماء؟ وإذا قال: باب الماء دخل فيه ماء البحر، ودخل فيه ماء هذا الكوب، والفرق بينهما شاسع؟

إنما جمع -جمعه أهل العلم- لتعدد أنواعه، لتعدد أنواعه، فهناك الماء المالح، والماء الحلو، هناك الماء الطاهر والماء النجس، المقصود أنه لتعدد أنواعه جمعوه، وإلا فالأصل أنه اسم جنس يشمل القليل والكثير.

ثم ساق -رحمه الله تعالى- الحديث الأول حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البحر: ((هو الطهور ماؤه, الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة, وابن أبي شيبة واللفظ له, وصححه ابن خزيمة والترمذي].

يمدينا ندخل في الحديث وإلا..؟

طالب:.......

هاه، كم؟

طالب:.......

كم؟

طالب:.......

لا، هم عندهم خمس يبدأ الدرس الثاني، هاه؟

طالب:.......

خمس يبدأ الدرس الثاني، وعدنا بالاختصار لكن الكلام يجر بعضه بعضاً، وهذه فوائد كنت أظن أن طالب العلم بحاجتها، لكن الأحاديث -بإذن الله- كل يوم عشرة أحاديث على الأقل، لنمشي سيراً حثيثاً.

هم عندهم دقة في وقتهم يعني خمس، خمس يعني يبدأ الدرس وإلا؟

طالب:.......

إيه شوف أنها في الجدول خمس، إن كان الشيخ حضر وإلا..، على كل حال ما أريد أن أسترسل في الوقت وبداية الحديث الأول طيبة، نقف عليه؛ لأنه في كلام مترابط حول الحديث.

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.