شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (281)
المُقَدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيُّها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح".
مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم يا شيخ.
حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المُقَدِّم: لازال الحديث متواصلًا في الحديث مائة وخمسة عشر بحسب المختصر، مائة وأربعين في الأصل، توقفنا عند مسألة مسح الرأس، لعلنا نبدأ الحلقة -أحسن الله إليكم- بسؤال يرد في مسألة لو غسل رأسه بدل أن يمسحه، هل يُجزئ هذا، هل يصح؟
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد،
ففي تفسير القرطبي، والتفسير نقلنا عنه في مناسبات كثيرة، وأشدنا به في مواضع، لكن بقي علينا أن ننبه على أنَّ عقيدة المفسر هي عقيدة الأشعرية، والتأويل فيه ظاهر.
المُقَدِّم: نعم.
فينتبه له طالب العلم، وهذا قد يسمع كلامنا أو كلام غيرنا عن هذا التفسير الجامع على اسمه فيأخذ منه ولا ينتبه لمثل هذه الأمور لا سيما طالب العلم المتوسط، والله المستعان.
المُقَدِّم: هو من طبقة الأشاعرة المتقدمين يعتبر يا شيخ أم لا؟
لا، المتوسطين؛ لأنَّه في ستمائة.
المُقَدِّم: لكن أقصد من الطبقة غير الغالية في المنهج الأشعري، يعني لا يُقارن بغيره مثلاً، ما يُقارن بالرازي ولا غيره.
لا لا، الرازي منظر، هذا نظير النووى.
المُقَدِّم: نعم.
مقلد في هذا الباب، مقلد في هذا الباب.
أقول في تفسير القرطبي يقول: المسألة الحادية عشرة: فلو غسل متوضئ رأسه بدل المسح فقال ابن العربي: لا نعلم خلافًا أنَّ ذلك يجزئه، إلا ما أخبرنا الإمام فخر الإسلام الشاشي في الدرس عن أبي العباس بن القاص من أصحابهم قال: لا يجزئه، يعني من الشافعية، أبو العباس بن القاص من أصحابهم عن الشافعية قال: لا يجزئه، قال ابن العربي: وهذا تولج في مذهب الداودية الفاسد، يعني الظاهرية، وهذا تولج يعني إيغال ودخول في مذهب الداودية الفاسد من أتباع الظاهر المبطل للشريعة الذي ذمه الله في قوله: { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم: 7]، وقال تعالى: { أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} [الرعد: 33] وإلا فقد جاء هذا الغاسل بما أمر وزيادة.
انظر الآن ابن العربي.
المُقَدِّم: قوله: لا نعلم خلافًا أنَّ ذلك يجزئه.
إلا ما أخبرنا به..
المُقَدِّم: كأن العبارة خطأ بهذا اللفظ، لماذا لم يقل: لا نعلم خلافًا أنَّ ذلك لا يجزئه.
لا، هو يريد أنَّه يجزئ.
المُقَدِّم: طيب هو يريد أنَّه يجزئ، لكن بهذا اللفظ: لا نعلم خلافًا أنَّ ذلك يجزئه،
نعم.
المُقَدِّم: يعني ما فيه خلاف أنَّ ذلك يجزئه، ثم أورد بعده من قال بأنَّه لازم.
أنه استثناء.
المُقَدِّم: نعم، كان الأولى أن يعكس.
لا، هو أورد من قال، أورد قول من قال بعدم الإجزاء، الاستثناء قال: إلا ما أخبرنا به الإمام فخر الإسلام الشاشي في الدرس عن أبي العباس بن القاص من أصحابهم قال: لا يجزئه، هو لا يعلم خلافًا أنَّ ذلك يجزئ، إلا ما قال به ابن القاص أنَّه لا يجزئ عبارة مستقيمة.
ثم بعد ذلك ذم مذهب الظاهري قال: وهذا تولج في مذهب الداودية الفاسد المبطل للشريعة الذي ذمه الله في قوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم:7]، {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} [الرعد: 33] وإلا فقد جاء هذا الغاسل بما أمر به وزيادة.
الآن ابن العربي معروف موقفه من الظاهرية، معروف موقفه المتشدد من الظاهرية، يعني في عارضة الأحوذي يقول: فلمَّا جاء القوم الذين هم كالحمير يطلبون الدليل في كل صغير وكبير، يعني هل هذا محل ذم، طلب الدليل ذم؟
المُقَدِّم: أبدًا.
ليس بذم، وهذا من عدم التوفيق في الرد على الخصم بالأمور التي يُمدح بها، خطيب يذم فئة من الفئات يقول: علاماتهم حمل كتب الحديث، هل هذا ذم؟
المُقَدِّم: أبدًا، هذه ممدحة.
هذه منقبة لهم، يقول: من أتباع الظاهر المبطل للشريعة الذي ذمه الله في قوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم: 7]، هل هذا محل الاستدلال من هذه الآية على ذم الظاهرية؟ ليس بظاهر، ليس بظاهر؛ لأنَّه إذا قارنا الظاهر بالباطن فيما يدعيه الباطنية مثلًا وجدنا الظاهرية أسعد من أولئك.
المُقَدِّم: جدًّا.
بلا شك، بدلالة الدليل، والأصل هو الظاهر، ولا شك أنَّ المفهوم المعتبر، والقياس أيضًا عند جماهير أهل العلم أيضًا معتبر، ولا يقول به الظاهرية؛ ولذا النووي ينص على أنَّه لا يعتد بقولهم، لا يعتد بقولهم ولا بخلافهم؛ لأنَّهم أهملوا القياس، تركوا القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، لكن حينما يقال بمثل هذا، يعني مناقشة علمية في كلام النووي، أمَّا في كلام ابن العربي مهاترات؛ لأنَّ ابن حزم وقع في أهل العلم بكلام أشد من هذا وأقبح، فجوزي بمثل هذا الكلام؛ يعني ردود الأفعال حينما تكون من الطرف الأول مثلًا قوية جدًّا، يحتاج إلى أن يرد عليه بقول أقوى منه، فسمع مثل هذا الكلام من ابن العربي كالحمير في مقابل قول ابن حزم في بعض الأئمة: وهذا لا يساوي رجيع الكلب، لا بد أن يسمع مثل هذا الكلام إذا قال مثل هذا الكلام، جزاءً وفاقًا، لكن انظر إلى أهل العلم العفة والصيانة في العبارة ما سمعوا مثل هذا الكلام.
على كل حال قوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم:7]، {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} [الرعد:33] هذا لا يدل لما ذهب إليه ابن العربي، وإنَّما لا شك أنَّ الظاهرية أهدروا القياس ولم يقولوا به، والأصل النص، الأصل النص، فكل مسألة معولها على المنطوق من النص فالظاهرية قولهم معتبر فيها، فالظاهرية يعتبر قولهم.
أمَّا إذا كان معول المسألة على قياس، أو على مفهوم فإنَّ الظاهرية يعترفون بأنَّهم ليسوا من أهل هذا الشأن.
يقول: فإن قيل: هذه زيادة خرجت عن اللفظ المتعبد به، يعني غسل الرأس، المطلوب...
المُقَدِّم: المسح.
المسح، فإن قيل: هذه زيادة خرجت عن اللفظ المتعبد به، قلنا: ولم يخرج عن معناه في إيصال الفعل إلى المحل، وكذلك لو مسح رأسه ثم حلقه لم يكن عليه إعادة المسح.
ابن قدامة في المغني يقول: فصلٌ: فإن غسل رأسه بدل مسحه، فعلى وجهين: أحدهما: لا يجزئه؛ لأنَّ الله تعالى أمر بالمسح، والنبي- صلى الله عليه وسلم – مسح رأسه وأمر بالمسح؛ ولأنَّه أحد نوعي الطهارة، فلم يجزئ عن النوع الآخر، كالمسح عن الغسل. يعني هذا غسل رأسه، افترض أنَّه مسح يديه.
المُقَدِّم: ما يجزئ هذا عن هذا.
ما يجزئ؛ إذًا هذا لا يجزئ، والمسألة دليلها الواضح.
المُقَدِّم: هذا وجه يا شيخ، لكن الوجه الثاني.
الوجه الثاني سنأتي بالوجه الثاني، يعني عدم الإجزاء دليله أولى ما يستدل به: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا».
المُقَدِّم: فهو رد.
فهو رد، والوجه الثاني يجزئ؛ لأنَّه لو كان جنًبا فانغمس في ماء ينوي الطهارتين، أجزأه مع عدم المسح، لكن في هذا الكلام نظر؛ لأنَّ غسل الرأس في الطهارة الكبرى.
المُقَدِّم: واجب.
واجب والطهارة الصغرى تدخل في الكبرى.
المُقَدِّم: تدخل الكبرى نعم.
إذًا الإجزاء لا لأنَّه غسل الممسوح.
المُقَدِّم: ولكن لأنَّ الصغرى دخلت في الكبرى.
نعم، يقول ابن قدامة: فصلٌ: ويمسح رأسه بماء جديد غير ما انفصل عن ذراعيه.
المُقَدِّم: انتهت مسألة الغسل يا شيخ؟
انتهينا، نعم.
المُقَدِّم: لكن الآن الخلاف في الإجزاء أم الخلاف في الأفضل من عدمه؟ حتى في الإجزاء خلاف.
لا، حتى في الإجزاء نعم. أما الإجزاء محل إجماع، الأفضل ما فيه إشكال..
المُقَدِّم: الأفضل المسح.
هذا قول واحد.
قال ابن قدامة: فصلٌ: ويمسح رأسه بماء جديد غير ما انفصل عن ذراعيه، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم كما قال الترمذي، وجوزه الحسن وعروة والأوزاعي، جوزوا مسح الرأس بما بقي في غسل اليدين، يقول ابن قدامة: ولنا ما روى عبد الله بن زيد، قال: «مسح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رأسه بماء غير فضل يديه»، ثم قال- رحمه الله- أي ابن قدامة: والأذنان من الرأس، فقياس المذهب وجوب مسحهما مع مسحه. وقال الخلال: كلهم حكوا عن أبي عبد الله فيمن ترك مسحهما عامدًا أو ناسيًا، أنَّه يجزئه، يعني مسح رأسه ولم يمسح الأذنين، لماذا؟ لأنَّهما من الرأس، والرأس مبناه على التخفيف، لكن على قول أنَّهما من الوجه على ما تقدم..
المُقَدِّم: تُغسل.
لابد من غسلها. يقول: وقال الخلال: كلهم- يعني الرواة عن الإمام- حكوا عن أبي عبد الله فيمن ترك مسحهما عامدًا أو ناسيًا، أنَّه يجزئه؛ وذلك لأنَّهما تبع للرأس، لا يفهم من إطلاق اسم الرأس دخولهما فيه، ولا يشبهان بقية أجزاء الرأس، يعني فلو تركهما فلا شيء عليه، وإن كانا حكمًا
المُقَدِّم: من الرأس.
نعم، من الرأس، ورد في ذلك «الأذنان من الرأس» لكنه ضعيف، نقل النووي في شرح المهذب: عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء قوله: أجمعوا على أنَّ من ترك مسحهما فطهارته صحيحة، ثم قال النووي: وكذا نقل الإجماع غيره وحكى ابن المنذر وأصحابنا عن إسحاق بن راهويه أنَّه قال: من ترك مسحهما عمدًا لم تصح طهارته، وهو محجوج بإجماع من قبله. وحكى القاضي أبو الطيب وغيره عن الشيعة أنهم قالوا: لا نستحب مسح الأذنين؛ وحكى القاضي أبو الطيب وغيره عن الشيعة أنهم قالوا: لا يستحب مسح الأذنين؛ لأنَّه لا ذكر لهما في القرآن، ولكن الشيعة –كما قال النووي- لا يعتد بهم في الإجماع، وإن تبرعنا بالرد عليهم فدليله الأحاديث الصحيحة التي ذكرناها، ولا يلزم من كونه لم يذكر في القرآن ألا يكون سُنَّة؛ للأحاديث الصحيحة، والله أعلم.
قوله:« ثم أخذ غرفة من ماء» كما سبق، تكلمنا على هذا في أكثر من جملة.
المُقَدِّم: نعم.
"ثم أخذ غرفة من ماء".
«فرش على رجله اليمنى»، «فرش على رجله اليمنى» أي سكب الماء قليلًا قليلًا إلى أن صدق عليه مسمى الغسل؛ ولذا قال: «حتى غسلها».
المُقَدِّم: نعم.
لأنَّ الذي يُفهم من الرش...
المُقَدِّم: أنَّه مجرد رش قطرات.
أنَّه مجرد رش، مجرد نضح، الرش هو النضح، والنضح ليس بغسل؛ ولذا التفريق بين النجاسة المخففة، والمغلظة..
المُقَدِّم: هو الرش.
أنَّ المخففة يكفي فيها النضح، والمغلظة لابد من غسلها، والرجل لابد من غسلها على ما سيأتي في كلام أهل العلم المطول الذي نقلناه عنهم، «حتى غسلها» قال ابن حجر: صريح في أنَّه لم يكتفِ بالرش، وأمَّا ما وقع عند أبي داود والحاكم: «فرش على رجله اليمنى وفيها النعل، ثم مسح بيديه يد فوق القدم ويد تحت النعل» فالمراد من المسح تسييل الماء حتى يستوعب العضو.
وقد صح أنَّه- صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ في النعل كما سيأتي عند المصنف من حديث ابن عمر.
المُقَدِّم: والنعل عليه يعني؟
نعم.
المُقَدِّم: ما ينزعه.
كيف؟ لأنَّها يدخلها الماء وسيأتي الكلام في هذا، إن شاء الله تعالى- مفصلًا.
وأمَّا قوله: «تحت النعل» فإن لم يحمل على التجوز عن القدم وإلا فهي رواية شاذة وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما تفرد به، فكيف إذا خالف؟
«ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله يعني اليسرى» قائل يعني هو زيد بن أسلم أو من دونه كما في الفتح، ويقول الكرماني ولفظ يعني ليس من كلام عطاء بل من راوٍ آخر، والظاهر أنَّه من زيد، وهي بعد لفظة رجله، قبل لفظة وهي إيش؟
الكرماني يقول: ولفظ يعني ليس من كلام عطاء، بل من راوٍ آخر والظاهر أنَّه من زيد، زيد بن أسلم.
المُقَدِّم: نعم.
وهي بعد لفظة رجله قبل لفظ اليسرى، كما هنا «فغسل بها رجله يعني اليسرى» يعني بين رجله واليسرى قال يعني، تفسيرًا للرجل، وفي بعضها قبل رجله.
المُقَدِّم: غسل بها يعني رجله اليسرى.
هذه في بعض الروايات.
المُقَدِّم: وهي التي معنا.
كيف؟
المُقَدِّم: وهي التي معنا.
في الأصل «ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله يعني اليسرى».
المُقَدِّم: هذا في الأصل
هذا في الأصل.
المُقَدِّم: نعم، أمَّا في المختصر فعندنا العكس، عندنا قال: «فغسل بها».
هذه الرواية التي أشار إليها الكرماني، وفيه البداءة باليمنى كما تقدم في اليدين، وهو سنة بالإجماع كما تقدم في كلام العيني، ويقول الكرماني: فإن قلت المشهور أنَّ الرش والغسل يتمايزان بسيلان الماء وعدمه؛ لأنَّ الغسل يقتضي؟
المُقَدِّم: السيلان.
سيلان الماء، والرش..
المُقَدِّم: لا يقتضي.
لا يقتضي، فإن قلت: المشهور أنَّ الرش والغسل يتمايزان بسيلان الماء وعدمه، فكيف قال أولًا: رش ثم قال ثانيًا: حتى غسلهما، وأيضًا لا يمكن غسل الرجل بغرفة واحدة، واضح كلامه؟
المُقَدِّم: صح.
قلت- يعني الكرماني- الفرق ممنوع، -الفرق بين الغسل والرش- ممنوع، وكذا عدم إمكان غسلهما بغرفة، ولعل الغرض من ذكره على هذا الوجه بيان تقليل الماء في الوضوء الذي هو مظنة الإسراف فيه. يعني في الرجل، لا سيما الرجل، الرجل مظنة الإسراف، فقوله: فرش؛ لئلا يزيد السامع في الغسل حتى يدخل إلى حيز السرف.
ولعل ابن عباس حينما توضأ وضوء النبي- عليه الصلاة والسلام- كان بحضرته من يتوقع منه الزيادة، ولهذا يقول العيني، قلت: الفرق ممنوع بين، الفرق بين الرش والغسل، الحقيقة الفرق ليس بممنوع، الرش له حقيقة نعم، والغسل له حقيقة، في بول الصبي يكتفى برشه.
المُقَدِّم: نعم.
بينما الغسل لبول غيره، فبينهما فرق، وقوله: الفرق ممنوع، ليس بممنوع، قال: وكذا عدم إمكان غسلهما بغرفة يقول ممنوع، يعني يمكن أن تغسل رجلًا بغرفة واحدة؟ يعني في تصورنا وطريقتنا.
المُقَدِّم: صعبة.
التي عشنا عليها مع توافر المياه نرى في ذلك صعوبة، لكن مع الشح في الماء يمكن، يقول: ولعل الغرض من ذكره على هذا الوجه الاكتفاء بغرفة واحدة، والتعبير عنها بالرش، التعبير عن الغسل بالرش يقول: لعل الغرض من ذكره على هذا الوجه بيان تقليل الماء في العضو الذي هو مظنة الإسراف فيه، العضو الذي هو الرجل مظنة للإسراف، ومعلوم الآن والناس حينما يتوضؤون يحتاجون من الماء للرجل...
المُقَدِّم: أكثر.
أكثر بلا شك. وسيأتي عند الإمام البخاري- رحمه الله تعالى- باب غسل الرجلين، ولا يمسح القدمين، وهذا لم يذكره المختصر، ولو ذكره لجعلنا مسألة غسل الرجلين هناك؛ لأنَّها موضعه، باب غسل الرجلين، ولا يمسح على القدمين الخلاف في هذه المسألة على ما سيأتي تبعًا للقراءتين النصب والجر في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة:6] كلام أهل العلم طويل، ولو أنَّ هذه الترجمة وجدت في المختصر لأجلنا الكلام إلى هناك، وذكر فيه البخاري، ذكر في هذه الترجمة، باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين، ذكر فيها حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: تَخَلَّفَ النَّبِىُّ- صلى الله عليه وسلم- عَنَّا فِى سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ- يعني ضاق وقته علينا-، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مرتين أوثلاثاً»، فهل بعد هذا الحديث يُمكن أن يُقال: مسح الرجلين؟
المُقَدِّم: ابن عمرو يا شيخ؟
عبد الله بن عمرو بن العاص.
المُقَدِّم: نعم.
نعم، جعلوا يمسحون على أرجلهم؛ لأنَّ وقت الصلاة قد ضاق، فلمَّا رآهم النبي- عليه الصلاة والسلام- نادى بأعلى صوته قائلًا: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»، والحديث دليل قطعي على وجوب غسل القدمين، دليل قطعي على وجوب غسل القدمين؛ لأنَّ الذي يقول بمسحهما كمسح الخف يمسح العقبين أم لا؟
المُقَدِّم: بلى.
يمسح؟ الذي يقول بمسح الرجلين؟
المُقَدِّم: نعم، لا.
يعني يرى مجرد المسح لا يقول بمسح العقب.
المُقَدِّم: لا يقول بمسح العقب.
نعم، والحديث دليل قطعي على وجوب مسح القدمين ولا يكتفى بالمسح للوعيد الشديد بالويل على من ترك غسل العقبين، والويل وادٍ في جهنم، كما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعًا.
وترجم ابن خزيمة على الحديث، حديث عبد الله بن عمرو ترجم ابن خزيمة على الحديث في صحيحه: باب التغليظ في ترك غسل العقبين في الوضوء، والدليل على أنَّ الفرض غسل القدمين لا مسحهما إذا كانتا باديتين غير مغطيتين بالخف، أو ما يقوم مقام الخف لا على ما زعمت الروافض أنَّ الفرض مسح القدمين لا غسلهما، إذ لو كان الماسح على القدمين مؤديًا للفرض لما جاز أن يُقال لتارك فضيلة: ويل له. يعني إذا قلنا: الفرض المسح، وغسل العقب مستحب، لما جاز يُقال لتارك فضيلة: ويل له، ومعلوم أنَّ الذنب إذا توعد عليه بعذاب صار كبيرة عند أهل العلم، وليس من الصغائر، وقال- صلى الله عليه وسلم-:«ويل للأعقاب من النار» إذا ترك المتوضئ غسل عقبيه.
ثم أردف ذلك بترجمتين في المعنى، في معنى التشديد في غسل العقبين، ثم أردف بترجمتين في المعنى ثم قال: باب ذكر البيان أنَّ الله- عزَّ وجلَّ وعلا- أمر بغسل القدمين في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] الآية، لا بمسحهما على ما زعمت الروافض والخوارج، والدليل على صحة تأويل المطلبي- رحمه الله-، المطلبي من هو؟ الشافعي، محمد بن إدريس الشافعي المطلبي، والدليل على صحة تأويل المطلبي- رحمه الله-، أن معنى الآية على التقديم والتأخير على معنى: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وَأَرْجُلَكُمْ وامسحوا برؤوسكم، فقد ذكر المسح.
المُقَدِّم: مختلفة.
نعم، فقدم ذكر المسح على ذكر الرجلين كما قال ابن مسعود وابن عباس وعروة بن الزبير: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] قالوا: رجع الأمر إلى الغسل، في كلام ابن خزيمة، يقول: باب ذكر البيان أنَّ الله- عزَّ وجلَّ وعلا- أمر بغسل القدمين في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] الآية، لا بمسحهما على ما زعمت الروافض والخوارج، والدليل على صحة تأويل المطلبي- رحمه الله- أن معنى الآية على التقديم والتأخير، قال ذلك جمع الصحابة، ابن مسعود، وابن عباس، وأيضًا عروة من التابعين، على التقديم والتأخير على معنى: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وَأَرْجُلَكُمْ هذا الأصل في النسق، وامسحوا برؤوسكم، فقدم ذكر المسح على ذكر الرجلين كما قال ابن مسعود وابن عباس وعروة بن الزبير: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] قالوا: رجع الأمر إلى الغسل.
والفائدة من إدخال الممسوح بين هذه المغسولات.
المُقَدِّم: الترتيب.
الترتيب على ما سيأتي في بحوث لاحقة، إن شاء الله تعالى.
المُقَدِّم: نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإيَّاكم لكل خير، وأن يفقهنا وإيَّاكم في الدين، أيُّها الإخوة والأخوات بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة في "شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة، وأنتم على خير، شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.