شرح اختصار علوم الحديث (19)
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
النوع الثاني والخمسون: معرفة الألقاب:
"النوع الثاني والخمسون: معرفة الألقاب، وقد صنف في ذلك غير واحد, منهم أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وكتابه في ذلك مفيد كثير النفع، ثم أبو الفضل ابن الفلكي الحافظ.
وفائدة التنبيه على ذلك أن لا يظن أن هذا اللقب لغير صاحب الاسم، وإذا كان اللقب.."
ابن الجوزي أبو الفرج، والحافظ ابن حجر "نزهة الألباب في الألقاب" وكتابه مطبوع، مطبوع في مجلدين ومحقق.
"وإذا كان اللقب مكروهاً إلى صاحبه فإنما يذكره أئمة الحديث على سبيل التعريف والتمييز، لا على وجه الذم واللمز والتنابز، والله الموفق للصواب".
نعم إذا كان اللقب مكروه كالأعمش والأعرج والأعمى، وما أشبه ذلك فأهل الحديث إنما يذكرونه لتمييزه عن غيره، ولم يقصدوا في ذلك عيبه وشينه، إذا أمكن تعريفه بغير هذا فهو الأولى، وإذا لم يمكن إلا بهذا ولم يقصد بذلك الشين والعيب لهذا الراوي فإنه يدخل، ولا بأس به حينئذٍ -إن شاء الله-.
"قال الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري: رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان معاوية بن عبد الكريم الضال وإنما ضل في طريق مكة، وعبد الله بن محمد الضعيف، وإنما كان ضعيفاً في جسمه لا في حديثه".
نعم هذا اللقب معاوية بن عبد الكريم الضال، يعني الذي لا يعرف سبب التلقيب يسيء الظن بهذا الرجل، بل قد يطرح روايته؛ لأن الضلال شين، أقول: الضلال قدح في الراوي، نسأل الله العافية، فهو قدحٌ شديد، وصفة اليهود ومن اهتدى بهديهم الضلال، لكنه ضلَّ في طريق مكة ضاع فقيل له: الضال، ومثله أيضاً الضعيف عبد الله بن محمد الضعيف ظنَّ أنه حُكم على هذا الراوي بأنه ضعيف، فينبغي أن يقرن اسمه بدرجته، فإذا قيل: محمد بن عبد الله الضعيف من أجل التعريف قيل: وهو ثقة، كما قال البخاري ومسلم وغيرهم في أبي الحجاج الشاعر عن أبي الحجاج الشاعر وهو ثقة؛ لأن كونه شاعر أو وصفه بالشعر يدل على أنه ممن يقول ما لا يفعل، أنه يتزيد ويقول ما لا واقع له، ولا حقيقة له، فأردف بما يدل على ثقته وضبطه وإتقانه.
"قال ابن الصلاح: وثالث: وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي, وكان عبداً صالحاً بعيداً من العرامة, والعارم الشرير الفاسد، غُندر.."
هذا لقب، لكنه لقب سيء رُكب على هذا العبد الصالح أبو النعمان محمد بن الفضل من شيوخ البخاري، وأحياناً يقول الإمام البخاري: حدثنا عارم بن الفضل بلقبه، وأحياناً يقول: حدثنا أبو النعمان، وأحياناً يسميه باسمه: محمد بن الفضل.
"(غُندر) لقب لمحمد بن جعفر البصري الراوي عن شعبة, ولمحمد بن جعفر الرازي روى عن أبي حاتم الرازي, ولمحمد بن جعفر البغدادي الحافظ الجوال شيخ الحافظ أبي نعيم الأصبهاني وغيره، ولمحمد بن جعفر بن دران البغدادي، روى عن أبي خليفة الجمحي ولغيرهم".
هذا اللقب في الأصل لمحمد بن جعفر شيخ البخاري، ثم تتابع التلقيب به لمن وافقه في الاسم محمد بن جعفر في اسمه واسم أبيه، وإلا فالأصل أن شعبة هو الذي لقَّبه بغُندر، فيه حركة، وفيه مشاغبة وفيه..، اسكت يا غُندر.
"(غُنجار) لقبٌ لعيسى بن موسى التميمي أبي أحمد البخاري، وذلك لحمرة وجنتيه، روى عن مالك والثوري وغيرهما، وغنجار آخرٌ متأخر، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ صاحب تاريخ بخارى، توفي سنة ثنتي عشرة وأربعمائة".
نعم، قد يشترك في اللقب أكثر من واحد لاشتراكهم في الوصف، فإن كان لأمرٍ خلقي كحمرة الوجنتين لا يلزم فيه اتفاق الاسم، فإذا وجد هذا الوصف سمي به أو لقب به، وقد لا يشتركان في الوصف، وإنما يشتركان في الاسم كما تقدم.
"(صاعقة) لقِّب به محمد بن عبد الرحيم شيخ البخاري لقوة حفظه، وحسن مذاكرته".
نعم صاعقة عدل حافظ ضابط من شيوخ البخاري في صحيحه، من شيوخ الأئمة لقوة حفظه، وحسن مذاكرته وحسن أدائه وانتقائه للألفاظ سمي صاعقة.
"(شباب) هو خليفة بن خياط المؤرخ، (زنيد) محمد بن عمرو الرازي شيخ مسلم، (رسته) عبد الرحمن بن عمر، (سنيد) هو الحسين بن داود المفسر، (بندار) محمد بن بشار شيخ الجماعة؛ لأنه كان بندار الحديث".
لأنه مكثر من الرواية، محمد بن بشار مكثر من الرواية، وبندار المكثر من الشيء، فقد يشتبه بندار بغندر عند كثيرٍ من الطلاب، لكن فيه تقارب في ضبط الاسم يعني غندر محمد بن جعفر هذه ما فيها إشكال، هذا مقصور وهذا مقصور، وبندار محمد بن بشار هذا ممدود وهذا ممدود، ومعروف أن بندار هو شيخ البخاري وشيخه محمد بن جعفر شيخ بندار.
طالب:.......
نعم من المكثرين معروف.
"(قيصر) لقب أبي النظر هاشم بن القاسم شيخ الإمام أحمد بن حنبل".
قيصر هذا لقب في الأصل لمن ملك الروم، والسبب أنه أخرج من بطن أمه بما يشبه العمليات الآن، ولذا يقال للعمليات: قيصيرية لهذا؛ لأنه في الأصل فتح بطن أمه وأخرج منه، فقيل له: قيصر، فنسبت إليه العمليات، فكل من أشبهه في هذا قيل له: قيصر.
"(الأخفش) لقبٌ لجماعة منهم: أحمد بن عمران البصري النحوي، وروى عن زيد بن الحباب..."
سكن الحاء النحْوي نسبة إلى النحو.
"لقبٌ لجماعة منهم: أحمد بن عمران البصري النحْوي، وروى عن.."
روى روى مباشرة، روى عن زيد بن الحباب.
طالب:......
"زيد بن الحباب، وله غريب الموطأ.."
طالب: عندنا وروى.
روى روى على طول، معطوف على إيش؟ ما في معطوف عليه.
"قال ابن الصلاح: وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون، أكبرهم أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد وهو الذي ذكره سيبويه في كتابه المشهور، والثاني: أبو الحسن سعيد بن مسعدة راوي كتاب سيبويه عنه، والثالث: أبو الحسن علي بن سليمان تلميذ أبوي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، ومحمد بن يزيد المبرد".
نعم الأخافش ثلاثة عشر، بل زادهم بعضهم على الثلاثة عشر، لكن أشهرهم هؤلاء الثلاثة، والأخفش إذا أطلق فهو أبو الحسن سعيد بن مسعدة إذا أطلق، قال الأخفش، ذكر الأخفش، مذهب الأخفش، وبهذا يقول الأخفش هو سعيد بن مسعدة إذا أطلق، وإذا أريد غيره قيد، والأخافش كما ذكرنا ثلاثة عشر، وأشهرهم هؤلاء الثلاثة.
"(مربع) لقبٌ لمحمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي، (جزرة) صالح بن محمد الحافظ..؟
المربع بصيغة وزن المفعول أو اسم الفاعل؟
طالب: مفعول.
مربع ويش معناه؟ الذي عرضه طوله وإلا..؟
طالب: لا.
أو تقول: مربِّع، إيش معنى مربِّع؟ ترى هم حول بعض مربِّع ومربَّع كلهم واحد.
طالب:.......
على كل حال سواءً قلت: باسم المفعول أو اسم الفاعل ما يختلف اللفظ مربِّع وإلا مربَّع كلهن تدل على أنه سمين، هذا الذي يظهر من اللفظ.
"(جزرة) صالح بن محمد بن الحافظ البغدادي.."
نعم الأصل هو صحف كلمة خرزة قال: جزرة فلقب، تبعه هذا الاسم، وهو إمام حافظ ناقد مشهور من أئمة الجرح والتعديل، من أهل الرواية والضبط والحفظ والإتقان، فلقب لأنه صحف هذه الكلمة، لكن لو رأيت شخصاً لونه يقرب من لون الجزر وهذا يوجد، يوجد، وقيل له: جزرة إيش اللي يمنع؟ فالتلقيب لأدنى سبب.
"(كيلجة) محمد بن صالح الحافظ البغدادي أيضاً، (ماغَمّه) عليٌ.."
هؤلاء كلهم بغاددة.
"علي بن عبد الصمد البغدادي الحافظ، ويقال: علان ماغمه، فيجمع له بين لقبين، (عبيدٌ العجل) لقبُ أبي عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ أيضاً، قال ابن الصلاح: وهؤلاء القوم الخمسة البغداديون الحفاظ كلهم من تلامذة يحيى بن معين، وهو الذي لقبهم بذلك، (سجادة) الحسن بن حماد من أصحاب وكيع، والحسين بن أحمد شيخ بن عدي، (عبدان) لقب جماعة فمنهم: عبد الله بن عثمان شيخ البخاري، فهؤلاء ممن ذكره الشيخ أبو عمرو، واستقصاء ذلك يطول جداً، والله أعلم.
نعم لو جاء في سند عند الإمام البخاري مثلاً حدثنا عبدان، وبحثت عن اسمه لن تقف عليه، وأنت لا تعرف أنه لقب، بحثت عنه في الأسماء لن تقف عليه.
أقول: لو بحثت عنه بهذا اللفظ في الأسماء لن تجده، ولهذا معرفة الألقاب مهمة عبدان يسمى به، عبد الله بن عثمان العتكي المروزي من الآخذين عن ابن المبارك، وهو من شيوخ البخاري الذين أكثر عنهم -رحمه الله-.
النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف:
"النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف، وما أشبه ذلك في الأسماء والأنساب".
يعني عندنا مؤتلف ومختلف، ومتفق ومفترق، مؤتلف ومختلف ومتفق ومفترق، المؤتلف مع المختلف تتفق الصورة في الخط وتفترق في النطق...... يختلف في اللفظ.
"ومنه ما تتفق في الخط صورته، وتختلف في اللفظ صيغته".
بخلاف ما سيأتي من المتفق والمفترق، اللفظ والنطق واحد، لكن هذا شخص وهذا شخص، محمد بن عبد الله الأنصاري أكثر من واحد، هذا يسمى مؤتلف ومختلف؟ لا، متفق ومفترق، لكن الذي لا يعرف هذا النوع يقع في المضحكات على ما سيأتي.
"قال ابن الصلاح: وهو فنٌ جليل،ٌ ومن لم يعرفه من المحدثين كثر عثاره، ولم يعدم مخجلاً، وقد صنف فيه كتبٌ مفيدة من أكملها (الإكمال) لابن ماكولا على إعوازٍ فيه، قلتُ: قد استدرك عليه الحافظ عبد الغني بن نقطة كتاباً قريباً من الإكمال فيه فوائد كثيرة، وللحافظ أبي عبد الله البخاري من المشايخ المتأخرين كتابٌ مفيدٌ أيضاً في هذا الباب، ومن أمثلة ذلك.."
مما يفيد في ذلك كتاب الحافظ الذهبي -رحمه الله- (المشتبه)، والحافظ ابن حجر (تبصير المنتبه) كلاهما مطبوع.
"ومن أمثلة ذلك: سلَّام وسلام، وعُمَارة وعِمارة".
يطلقون قواعد يقولون: سلّام كله بالتشديد ما عدا والد عبد الله بن سلام، عبد الله بن سلام الصحابي المعروف، وأما شيخ البخاري محمد بن سلَّام الخلاف فيه قائم بين أهل العلم هل هو بالتخفيف أو بالتشديد؟ وما عدا ذلك كله بالتشديد.
"حزامٌ وحرام، عباس وعياش، غنَّام وعثَّام، بشار ويسار، بشر وبسر، بشير ويسير ونسير.
قرأ قارئ قطن بن بشير فرد عليه الدارقطني -رحمه الله تعالى- وهو يصلي {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [(1) سورة القلم] يعني نسير وليس بشير، فمثل هذه أمرها إذا لم يعتنَ بها مشكل.
"حارثة وجارية، جرير وحريز، حبان وحيان، رباح ورياح، سريج وشريح، عِبَّاد وعُبَاد.."
عَبَّاد، عَبَّاد.
طالب: مكسورة عندي.
لا غلط عَبَّاد، عَبَّاد هذا الجادة، عبَّاد هو الجادة، وعُبَاد قيس بن عباد معروف، الذي لا يعرف هذا يقول: قيس بن عَبَّاد، يمشي على الجادة.
"عَبَّاد وعُبَاد ونحو ذلك، وكما يقال: العنسي والعيشي.."
مثل ما يقال: عَبيدة وعُبيدة، هذا بابٌ مهم جداً يقبح بطالب العلم جهله.
"وكما يقال: العنسي والعيشي والعبسي، الحمَّال والجمال، الخياط والحناط والخباط، البزَّار والبزاز، الأُبُلِي..."
الأُبُلِّي.
"الأُبُلِّي والأيلي، البصري والنصري، الثوري والتوزي..."
شددها والتوَّزي.
"الثوري والتوَّزي، الجُريري والجَريري والحريري، السَلمي والسُلمي..."
السَلمي نسبة إلى بني سَلِمة مكسور الثاني، والسُلمي نسبة إلى سُليم، مكسور الثاني يفتح في النسبة، سَلِمة سَلَمي، نَمِرة هو النمر نَمَري، أبو عمر بن عبد البر النَمَري، مثلها إذا نسبت إلى الملك تقول: ملكي وهكذا.
"الهمداني والهمذاني، وما أشبه ذلك، وهو كثير، وهذا إنما يضبط بالحفظ محرراً في مواضعه، والله تعالى المعين الميسر، وبه المستعان".
النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمتفرق من الأسماء والأنساب:
"النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمتفرق من الأسماء والأنساب"
هذا النوع يختلف عن النوع السابق، وعرفنا أن النوع السابق في اللفظ نفسه، وهذا في من سمي به هذا اللفظ، هناك تتفق الصورة في الخط، وإن كان لم يكن هناك عاد اختلاف لا بد..، إن كان فيه اختلاف لا بد إما في النقط أو في الشكل، لكن اللفظ يختلف، وهنا اللفظ واحد، لكن المسمى به مختلف، وقد يركب من النوعين نوع ثالث تكون الصورة واحدة، لكن..، على ما سيأتي.
"معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب، وقد صنف فيه الخطيب كتاباً حافلاً، وقد ذكره الشيخ أبو عمروٍ أقساماً، أحدها: أن يتفق اثنان أو أكثر في الاسم واسم الأب، مثاله: الخليل بن أحمد ستة.."
ستة كلهم يسمى الخليل بن أحمد، على خلافٍ في بعضهم هل هو أحمد أو محمد أبوه؟
"أحدهم: النحوي البصري، وهو أول من وضع علم العروض، قالوا: ولم يسمَّ أحدٌ بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بأحمد قبل أبي الخليل بن أحمد إلا أبا السفر سعيد بن أحمد في قول ابن معين، وقال غيره: سعيد بن يُحمد، والله أعلم، الثاني: أبو بشر المزني.."
اسمه: الخليل بن أحمد، الثاني ممن يسمى بالخليل بن أحمد بعد الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع العروض أبو بشر المزيني بصري اسمه الخليل بن أحمد أيضاً.
"بصريٌ أيضاً، روى عن المستنير بن أخبر عن معاوية، وعنه عباس العنبري وجماعة، والثالث: أصبهاني.."
يعني ممن يسمى بالخليل بن أحمد.
"روى عن روح بن عبادة وغيره، والرابع: أبو سعيد.."
وإن كان الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- رجح أن اسمه: الخليل بن محمد في التقييد والإيضاح على ابن الصلاح المرجح عنده أنه الخليل بن محمد.
"والرابع: أبو سعيد.."
يعني الرابع ممن سُمي بالخليل بن أحمد أبو سعيد السجزي
"والرابع: أبو سعيد السجزي القاضي الفقيه الحنفي المشهور بخرسان، روى عن ابن خزيمة وطبقَتَه..."
وطبقتِه، عن ابن خزيمة وطبقتِه.
"روى عن ابن خزيمة وطبقتِه، الخامس: أبو سعيد البستي القاضي، حدث عن الذي قبله، وروى عنه البيهقي.."
الخامس والسادس ممن يسمى بالخليل بن أحمد.
"السادس: أبو سعيد البستي أيضاً شافعيٌ أخذ عن الشيخ أبي حامد الاسفراييني، ودخل بلاد الأندلس.
القسم الثاني: أحمد بن جعفر بن حمدان.."
بهذا التركيب: أحمد بن جعفر بن حمدان، واحد وإلا اثنين وإلا ثلاثة، أربعة؟ كلٌ منهم يسمى أحمد بن جعفر بن حمدان.
"أربعة: القطيعي والبصري والدِينُوري..."
الدِينَوَري، الدِينَوَري.
"الدِينَوَري والطرسوسي، محمد بن يعقوب بن يوسف اثنان من نيسابور شافعيان، أبو العباس الأصم وأبو عبد الله بن الأخرم.."
من شيوخ الحاكم في المستدرك، أكثر ما يقول: حدثنا محمد بن يعقوب.
طالب:.......
الدِينَوَري إيه، الدِينَوَري، بلده يقال لها: الدِينَوَر.
"الثالث: أبو عمران الجوني اثنان.."
يعني بهذه الكنية وهذه النسبة أبو عمران الجوني اثنان.
"اثنان: عبد الملك بن حبيب تابعيٌ، وموسى بن سهل يروي عن هشام بن عروة، أبو بكر بن عياش ثلاثة: القارئ المشهور، والسُلمي الباجدائي صاحب غريب الحديث، توفي سنة أربعٍ ومائتين، وآخر حمصيٌ مجهول.
الرابع: صائح بن أبي صالح أربعة.
الخامس: محمد بن عبد الله الأنصاري اثنان، أحدهما المشهور صاحب الجزء، وهو شيخُ البخاري، والآخر ضعيفٌ يكنى بأبي سلمة، وهذا بابٌ واسع كثير الشعب، يتحرر بالعمل والكشف عن الشيء في أوقاته".
يبدأ من الموافقة في الاسم الأول إذا أهمل، وهذا حدث ولا حرج فيه، يعني حينما يقال: حدثنا محمد، حدثنا سعيد حدثنا..، هذا يتفق فيه خلائق، ثم تضيق الدائرة إذا اتفق الاسم مع اسم الأب، فلان بن فلان يشترك فيه مجموعة، لكنهم أقل من الاشتراك في إهمال الاسم الأول فقط، ثم إذا صار الاسم ثلاثياً قل الاشتراك مع أنه موجود، ثم إذا صار رباعياً قلَّ أيضاً، والاشتراك في خمسة أسماء نادر جداً وقد يوجد، قد يوجد لكنه نادرٌ جداً.
النوع الخامس والخمسون: نوعٌ يتركب من النوعين قبله:
"النوع الخامس والخمسون: نوعٌ يتركب من النوعين قبله، وللخطيب البغدادي فيه كتابه الذي وسمه بـ(تلخيص المتشابه في الرسم) مثاله: موسى بن عَلي بفتح العين جماعة، وموسى بن عُلي بضمها مصريٌ يروي عن التابعين، ومنه المُخرمي والمَخرمي، ومنه ثورُ بن يزيد الحمصي، وثور بن زيد الديلي الحجازي.."
التوافق في الاسم واسم الأب مع اختلاف يسيرٍ كما في المؤتلف والمختلف ففيه اشتراك من النوعين، فهو مؤتلف ومختلف من جهة إيش؟ عدم التطابق في اللفظ، وهو متفق ومفترق باعتبار أن هذا يطلق على شخص وذاك يطلق على شخص آخر.
"وأبو عمروٍ الشيباني النحوي إسحاق بن مرار.."
إسحاق بن مرار هذا اسمه، وجاءت تسميته في مقدمة التهذيب للأزهري مراد.
طالب: بدل الراء.
بدل الراء دال، ولا يظهر أن هذا تصحيف، هكذا وضعه الأزهري نفسه، الأزهري معروف متقدم، توفي سنة كم؟ في القرن الرابع، تقدم سنة ثلاثمائة واثنين وثمانين تقريباً.
طالب:.......
إيش ينضبط؟
طالب:.......
ما ضُبط بالحروف، لكن... هاه؟
طالب:.......
ما يحتمل أنه تصحيف، لماذا؟ لأن القفطي ذكر أن العلماء انتقدوه في تسميته مراد، إيه، وإلا لو القفطي فسر الاسم..، القفطي في إنباه الرواة قال: إن الأزهري صحف والد أبي عمرو الشيباني.
طالب:.......
نعم إيه.
"عمرو بن زرارة النيسابوري شيخ مسلم، وعمرو بن زرارة الحدثي.."
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
ما تدري، ما تدري، أسهل من مرار.
طالب:..... قديم......
.... اسم مفعول من الإرادة....
"وعمرو بن زرارة الحدثي يروي عنه أبو القاسم البغوي.."
النوع السادس والخمسون: في صنفٍ آخر ممن تقدم:
النوع السادس والخمسون: في صنفٍ آخر ممن تقدم، ومضمونه في المتشابهين في الاسم واسم الأب أو النسبة مع المفارقة في المقارنة هذا متقدم وهذا متأخر.
مثاله: "يزيد بن الأسود" خزاعي.."
إيش الفرق بينه وبين النوع الذي قبل قبله، الرابع والخمسون، المتفق والمفترق؟
طالب:.......
ما فيه إلا الاسم، هناك أقران، وهنا الزمن.
"مثاله: يزيد بن الأسود خزاعي صحابي، ويزيد بن الأسود الجرشي أدرك الجاهلية وسكن الشام, وهو الذي استسقى به معاوية.."
نعم يزيد بن الأسود هذا الجرشي من كبار التابعين مخضرم، سكن الشام من العباد من الصالحين، استسقى به معاوية، أمره أن يدعو ودعا الناس وراءه، لكنه بعد ذلك قال: فضحتني يا معاوية، وسأل الوفاة فمات -رحمه الله-.
"وأما الأسود بن يزيد فذاك تابعي من أصحاب ابن مسعود، الوليد بن مسلم الدمشقي تلميذ الأوزاعي وشيخ الإمام أحمد، ولهم آخر بصري تابعي.
فأما مسلم بن الوليد بن رباح فذاك مدني يروي عنه الدراوردي وغيره، وقد وهم البخاري في تسميته له في تاريخه بـ(الوليد بن مسلم)، والله أعلم".
سماه مقلوب، مسلم بن الوليد سماه الوليد بن مسلم.
"قلتُ: وقد اعتنى شيخنا الحافظ المزي في تهذيبه ببيان ذلك، وميِّز بين المتقدم والمتأخر من هؤلاء بياناً حسناً، وقد زدتُ عليه أشياءً حسنةً في كتابي (التكميل)، ولله الحمد".
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
لا، لا، يوضح في الترجمة أن هذا غير ذلك، وهذا متقدم وهذا متأخر.
طالب:.......
التمييز اللي ما رووا له في الكتب الستة، الذي لم يروَ له في الكتب الستة بس.
طالب:.......
إيه، إيه، إنما ذكر لتمييزه عن هؤلاء.
النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم:
"النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم، وهم أقسام، أحدها: المنسوبون إلى أمهاتهم كمعاذ ومعوذ ابني عفراء, وهما اللذان أثبتا أبا جهل يوم بدر, وأمهم هذه عفراء بنت عبيد, وأبوهم الحارث بن رفاعة الأنصاري، ولهم آخر شقيق لهما وهو عوذ, ويقال: عون، وقيل: عوف، فالله أعلم.
بلال بن حمامة المؤذن.."
عوف أو عون أو عوذ على الخلاف في اسمه، هذا بعد ما رجعت إلى أبيه، تقدم في...
طالب:.......
تزوجت..، في باب الإخوة والأخوات، نعم.
"بلال بن حمامة أبوه رباح.."
أمه حمامة، وهؤلاء أمهم عفراء.
"ابن أم مكتوم الأعمى المؤذن أيضاً, وقد كان يؤم أحياناً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غيبته, قيل: اسمه.."
يستخلفه النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سافر.
"قيل: اسمه عبد الله بن زائدة, وقيل: عمرو بن قيس, وقيل غير ذلك.."
قيل: اسمه اسم إيش؟ ابن أمِّ مكتوم اسمه عمرو بن قيس؟
طالب: وقيل: عمرو بن قيس، وقيل غير ذلك.
يعني إذا قيل: ابن أمِّ مكتوم يمكن هو، لكن إذا قيل: عبد الله بن أمِّ مكتوم يمكن أن يقال: هو عمرو بن قيس؟
طالب: لا، اسمه عبد الله بن عمرو.
أو باعتباره اشتهر بنسبته إلى أمه، واختلف في اسمه على ما تقدم.
"عبد الله بن اللتبية وقيل: الأتبية صحابي، سهيل بن بيضاء وأخواه منها سهل وصفوان, واسم بيضاء دعد، واسم أبيهم وهب، شرحبيل بن حسنة أحد أمراء الصحابة على الشام هي أمه, وأبوه عبد الله بن المطاع الكندي، عبد الله بن بحينة وهي أمه، وأبوه مالك بن القشب الأسدي.."
يعني راوي حديث سجود السهو، لما ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين- التشهد الأول، عبد الله بن بحينة عرف بأمه وإلا عبد الله بن مالك.
طالب:.....السجود.
نعم.
"سعد بن حبته، وهي أمه، وأبوه بجير بن معاوية، ومن التابعين فمن بعدهم محمد بن الحنفية، واسمها: خولة، وأبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.."
نسب إلى أمه للتمييز بينه وبين إخوانه الذين هم من فاطمة -رضي الله عنها-.
"إسماعيل بن عُلية هي أمه، وأبوه إبراهيم، وهو أحد أئمة الحديث والفقه، ومن كبار الصالحين.
قلتُ: فأما ابن عُلية الذي يعزو إليه كثيرٌ من الفقهاء فهو إبراهيم بن إسماعيل هذا، وقد كان مبتدعاً يقول بخلق القرآن."
المؤلف -رحمه الله- مشى على أنهما اثنان، وهما في الحقيقة واحد، هو المحدث الفقيه من كبار الصالحين، وحصلت منه هذه الهفوة والزلة، وتاب منها -رحمه الله-.
"ابن هراسة.."
الإمام أحمد -رحمه الله- يقول: الذي يقال له: ابن عُلية؛ لأنه يكره نسبته إلى أمه.
"ابن هراسة.."
لحظة، نعم.
طالب:.......
لكن لو قيل: الذي يقال له كما قال الإمام أحمد؛ لأنه ما يعرف إلا بأمه، ما يعرف إلا بها، إيش تسوي؟
"ابن هراسة هو أبو إسحاق إبراهيم بن هراسة، قال الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري: هي أمه، واسم أبيه سلمة، ومن هؤلاء من قد ينسب إلى جدته كيعلى بن مُنية، قال الزبير بن بكار: هي أمُّ أبيه أمية، وبُشير بن الخصاصية اسم أبيه معبد، والخصاصية أم جده الثالث، قال الشيخ أبو عمرو: ومن أحدث ذلك عهداً شيخنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي البغدادي، يُعرف بابن سكينة، وهي أمُّ أبيه، قلتُ: وكذلك شيخنا العلامة أبو العباس بن تيمية هي أمُّ أحد أجداده الأبعدين، وهو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني -قدس الله روحه-.
ومنهم من ينسب إلى جده، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين -وهو راكبٌ على البغلة يركضها إلى نحر العدو وهو ينوه باسمه- يقول: ((أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)) وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.
وكأبي عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري أحد العشرة، وأول من لُقِّب بأمير الأمراء بالشام، وكانت ولايته بعد خالد بن الوليد -رضي الله عنهما-.
مجمع بن جارية هو مجمع بن يزيد بن جارية بن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، أحمد بن حنبل هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني أحد الأئمة، أبو بكر بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي صاحب المصنف، وكذا أخواه عثمان الحافظ والقاسم، أبو سعيد بن يونس صاحب تاريخ مصر هو عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي.
وممن نسب إلى غير أبيه المقداد بن الأسود، وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة الكندي البهراني، والأسود هو ابن عبد يغوث الزهري، وكان زوج أمه، وهو ربيبه فتبناه فنسب إليه.
الحسن بن دينار هو الحسن بن واصل، ودينارٌ زوج أمه، وقال ابن أبي حاتم: الحسن بن دينار بن واصل".
النسبة إلى غير الأب كثيرة، أما إلى الجد فكثيرة وسائغة، ولا إشكال فيها، لكن من انتسب إلى غير أبيه -نسأل الله العافية- مع علمه بذلك هذه كبيرة من كبائر الذنوب، نسأل الله العافية، جاء فيها الوعيد الشديد، من انتسب إلى غير أبيه، أو من انتسب إلى غير مواليه.
أحياناً يكون الشخص ربيب عند أحد فيشتهر به فينسب إليه، مثل واحد معروف مات أبوه وهو صغير فرباه عمه وهو في البادية، ذهب به عمه إلى المدرسة لما بلغ ست سنوات فقال له: إيش اسم الولد؟ قال: عبد الله، وأنت إيش اسمك؟ فلان، سجله على اسمه، وهو ليس بابن له هو ابن أخيه، وهو إلى الآن وهو على عمه، وحاول التغيير الظاهر أنه ما أدرك شيء.
المقصود أن مثل هذا كبيرة من كبائر الذنوب -نسأل الله العافية- لا سيما إذا انتسب متبرئاً من أبيه، أو متبرئاً من قبيلته وعشيرته ومواليه، جاء الوعيد الشديد في الحديث الصحيح، بل أطلق عليه الكفر، نسأل الله العافية.
طالب: يا شيخ عفا الله عنك إيش السبب؟
وين؟
طالب:.......
يعني عظم هذا الذنب؟ هذا كفران النعمة، الأب له نعمة عظيمة على ولده، بل هو أولى الناس بشكره بعد الله -سبحانه وتعالى-، فكونه ينتسب إلى غيره دل على رخصه لديه.
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
على كل حال المحرم ما يرتكب بأدنى سبب، لا يبيحه إلا ضرورة إذا وجدت هناك ضرورة لا بأس.
طالب: لكن غير الانتساب يا شيخ تغيير اسم الأب، الأبناء يغيرون اسم الأب.
وين؟
طالب: يغيرون اسم أبوهم.
وبالفعل تغير اسمه هو؟ عرف أنهم غيروا اسمه وإلا..؟
طالب: توفي يا شيخ.
وليش يغيرون؟
طالب: ما يرغبون بالاسم، ينسب إليهم.... يحلق الاسم هذا.
المقصود إن كان الاسم مما ينبغي تغييره يغير في وقت أبيهم لا بأس، لكن التغيير من غير مبرر ورد فيه النص الشديد كما هو معروف.
وهذا أحد احتمالات الحديث أن النسبة في الاسم فقط، لكن أعظم منه لو أنكر أن زيداً من الناس أبوه الحقيقي، وقال: إن أباه الحقيقي فلان، وهو يعلم ذلك هذا يدخل دخولاً أولياً في النص، والأول النسبة في الاسم فقط مع اعترافه واعتقاده أن أبوه فلان، وأنه ولد رشدة لفلان بن فلان، وانتسب إلى غير أبيه في الظاهر يتناوله النص، لكنه أخف ممن -نسأل الله العافية- يقول: لا، ليس بأبٍ له، نسأل الله العافية.
النوع الثامن والخمسون: في النسب التي على خلافِ ظاهرها:
"النوع الثامن والخمسون: في النسب التي على خلافِ ظاهرها: وذلك كأبي مسعود عقبة بن عمرو البدري، زعم البخاري أنه ممن شهد بدراً, وخالفه الجمهور فقالوا: إنما سكن بدراً فنسب إليها."
البخاري ذكره في الصحيح ممن شهد بدر، والجمهور على خلاف قوله، بل سكن بدراً فنسب إليها.
"سليمان بن طرخان التيمي لم يكن منهم وإنما.."
لم يكن من تيم أنفسهم نزل فيهم فنسب إليهم.
"وإنما نزل فيهم فنسب إليهم, وقد كان من موالي بني مرة، أبو خالد الدالاني بطن من همدان، نزل فيهم أيضاً, وإنما كان من موالي بني أسد، إبراهيم بن يزيد الخوزي إنما نزل شعب الخوز بمكة، عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، وهم بطن من فزارة نزل في جبانتهم بالكوفة.."
الجبانة مصلى الجنائز كما هو معروف، الجبانة ما يتعلق بالجنائز والمصلى والمقبرة كلها يقال لها: جبانة.
"محمد بن سنان العَوَقي بطن من عبد القيس، وهو باهلي لكنه نزل عندهم بالبصرة، أحمد بن يوسف السلمي شيخ مسلم وهو أزدي، ولكنه نسب إلى قبيلة أمه، وكذلك حفيده أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي، وحفيد هذا أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي.."
صاحب الطبقات وغيره.
"ومن ذلك مقسم مولى ابن عباس للزومه له، وإنما هو مولى لعبد الله بن الحارث بن نوفل، وخالدٌ الحذاء إنما قيل له ذلك لجلوسه عندهم، ويزيد الفقير؛ لأنه كان يألم من فقار ظهره.."
وهو شبيه بمعاوية بن عبد الكريم الضال، وعبد الله بن محمد الضعيف، ويزيد الفقير إلا أن هناك له أثر في الرواية، هنا لا أثر له في الرواية.
النوع التاسع والخمسون: في معرفة المبهمات من أسماء الرجال والنساء:
النوع التاسع والخمسون: في معرفة المبهمات من أسماء الرجال والنساء: وقد صنف في ذلك الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، والخطيب البغدادي وغيرهما، وهذا إنما يستفاد من رواية أخرى من طرق الحديث, كحديث ابن عباس: "أن رجلاً قال: يا رسول الله الحج كل عام?" هو الأقرع، وحديث أبي سعيد: "أنهم مروا بحي قد لدغ سيدهم فرقاه.."
هو الأقرع؟
طالب: هو الأقرع.
ابن حابس وإلا ما عندك؟
طالب: ما عندي ابن حابس.
"وحديث أبي سعيد: "أنهم مروا بحيٍ قد لدغ سيدهم، فرقاه رجل منهم" هو أبو سعيد نفسه، في أشباه لهذا كثيرة يطول ذكرها، وقد اعتنى ابن الأثير في.."
نعم المبهمات هذا نوعٌ مهم، مهم في الوقوف على المبهم لا سيما إذا كان في الإسناد، المبهمات في الأسانيد مهمةٌ جداً، لا يمكن التصحيح والتضعيف ومعرفة درجة الخبر إلا بعد الوصول إلى اسم هذا المبهم، ومعرفة حاله، أما الإبهام في المتن فأمره أخف، وقد يكون الأولى عدم ذكره، قد لا يذكر هذا المبهم ولا يعتني به النقلة ستراً عليه.
طالب:.......
نعم المقصود أنه أحياناً قد لا يحتاج إلى ذكره ستراً عليه، أما في الإسناد فلا بد من الوصول إلى اسمه.
"وقد اعتنى ابن الأثير في أواخر كتابه: (جامع الأصول) بتحريرها, واختصر الشيخ محيي الدين النووي كتاب الخطيب في ذلك.."
(الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة) للخطيب البغدادي مجلد كبير مطبوع، أيضاً النووي له كتاب، الحافظ عبد الغني بن سعيد أيضاً له كتاب، الحافظ أبو زرعة ابن الحافظ العراقي له كتاب مستفاد من...... المتن والإسناد، وهو أجمع كتاب في الباب.
طالب: ابن الحافظ العراقي يا شيخ؟
ابن الحافظ العراقي.
"وهو فنٌ قليل الجدوى بالنسبة إلى معرفة الحكم من الحديث, ولكنه شيء يتحلى به كثير من المحدثين وغيرهم.."
نعم، هو قليل الجدوى بالنسبة لمبهمات المتن، أما بالنسبة لمبهمات الإسناد فأمرٌ لا بد منه.
"وأهم ما فيه ما رفع إبهاماً في إسناد، كما إذا ورد في سند عن فلان ابن فلان, أو عن أبيه أو عمه أو أمه فوردت تسمية هذا المبهم من طريقٍ أخرى، فإذا هو ثقةٌ أو ضعيف، أو ممن ينظر في أمره، فهذا أنفع ما في هذا النوع.."
وهذا أمرٌ لا بد منه، إذا وجد مبهم في السند لا بد من الوقوف على اسمه وعلى حاله؛ ليتم الحكم عليه.
النوع الموفي ستين: معرفة وفيات الرواة ومواليدهم ومقدار أعمارهم:
النوع الموفي ستين: معرفة وفيات الرواة ومواليدهم ومقدار أعمارهم: ليعرف من أدركهم ممن لم يدركهم من كذاب أو مدلس, فيتحرر المتصل والمنقطع وغير ذلك.
معرفة التواريخ من أهم المهمات، كيف تعرف أن هذا الراوي عاصر هذا الراوي أو لم يعاصره؟ يمكن لقاؤه أو لا يمكن؟ قد يكون بينهما مدد متطاولة وأنت لا تدري، فالتاريخ أمرٌ لا بد منه، وأول من بدأ التاريخ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة ستة عشرة، لما جيء له بصك مكتوبٌ فيه دين، حلوله في شعبان، حلول الدين في شعبان، شعبان إيش؟ الماضي وإلا الجاي؟ ما هو بمشكل؟
طالب: إلا مشكل.
مشكل، فأمر بوضع التاريخ، وجعل الهجرة هي رأس هذا التاريخ، وجعل المحرم هذا رأس السنة -رضي الله عنه-.
"قال سفيان الثوري: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التأريخ.."
متى ولدت؟ ومتى مات شيخك؟ وبعد ذلك يكتشفون، يفتضحون.
"وقال حفص بن غياث: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين، وقال الحاكم: لما قدم علينا محمد بن حاتم الكشي.."
الكشي أو الكسي بالسين المهملة، لكن الأكثر على أنه من كش.
"فحدث عن عبد بن حميد سألته عن مولده؟ فذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين, فقلت لأصحابنا: إنه يزعم أنه سمع منه بعد موته بثلاث عشرة سنة.
قال ابن الصلاح: شخصان من الصحابة عاش كل منهما ستين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام, وهما: حكيم بن حزام وحسان بن ثابت -رضي الله عنهما-، وحكي عن ابن إسحاق أن حسان بن ثابت بن المنذر بن حزام عاش كل منهم مائة وعشرين سنة.."
حزام وإلا حرام؟
طالب: حزام.
كذا؟ هؤلاء الأربعة كل واحد منهم عاش مائة وعشرين سنة، لكن ولد حسان كم عاش؟
طالب: عاش.......
ما عاش، يؤمل آمال أجداده الأربعة كلهم ماتوا أبو مائة وعشرين، أظن ما بلغوا ولا النصف.
طالب: ولا، أقل.
إيه نعم، فالإنسان قد يعتمد على سن أبيه أو سن أمه أو خاله أو عمه أو كذا، ويقول: نحن من أناس تطول أعمارهم، فيعلق على ذلك الآمال، ويتمادى في المخالفات والتفريط، ولا يدري متى يحل به الأجل؟ والله المستعان.
شخص من المعاصرين -نسأل الله العافية والسلامة- بلغ الستين من العمر وهو لم يتزوج ولا يصلي -نسأل الله العافية- فذهب إليه قريبٌ له وقال له: أنت الآن ستين وعذر الله لامرئ بلغه الستين، تزوج تذكر، صلِ يختم لك بخير، قال: لا، أبي كم عمره يوم مات أبوي؟ يسأل هذا الشخص لأنه من أقاربه، يقول: عمره مائة وعشرين، وخالي كم؟ مائة وخمسة عشر، وعمي مدري إيش؟ المهم كلهم جاوزوا المائة، فإحنا من ناس أعمارهم طوال.....، سبحان الله العظيم يقول: إنه كلمه عصر الجمعة، فلما جاءت الجمعة الأخرى بلغه نبأ وفاته، وهو على حاله، نسأل الله حسن الخاتمة، فلا يعول الإنسان على مثل هذه الأمور.
ومن سار نحو الدار ستين حجةً |
|
فقد حان منه الملتقى وكأن قدِ |
وصل خلاص، ويش أكثر من ستين؟ ثلاثة وستين عمر محمد -صلى الله عليه وسلم-، قد بلغ شخص الثلاثة والستين فقيل له: هذا عمر نبيك خلاص استعد، قال: لا، لنا نبي ثاني اسمه نوح، توفي -رحمه الله- هو من طلاب العلم، ومن خيارهم، لكن صاحب فكاهة دعابة -رحمة الله عليه-، توفي في العام الماضي، يقول: لنا نبي ثاني اسمه نوح.
طالب:.......
...... للدعوة هذا...... خمسين عام، الله المستعان، رحمه الله، غفر الله لنا وله.
"قال الحافظ أبو نعيم: ولا يعرف هذا لغيرهم من العرب".
يعني الأربعة جميعاً، جد الأب والجد والأب والابن كل الأربعة ماتوا على مائة وعشرين.
"قلتُ: قد عُمّر جماعة من العرب أكثر من هذا, وإنما أراد أن أربعة نسقاً يعيش كل منهم مائة وعشرين سنة لم يتفق هذا في غيرهم، وأما سلمان الفارسي فقد حكى العباس بن يزيد البحراني الإجماع على أنه عاش.."
البحراني إيش معنى البحراني؟
طالب:.......
ها؟ إيش معنى بحراني؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
إيش تسمونه...... بحراني؟ إيه لكن نسبة إلى البحرين بحراني، هذا هو الصحيح، النسبة إلى البحرين بحراني كما حققه كثير من أهل العلم، وإلا كيف يقول: بحراني واسم أبوه يزيد يجتمع؟
"وأما سلمان الفارسي فقد حكى العباس بن يزيد البحراني الإجماع على أنه عاش مائتين وخمسين سنة".
هذا المتفق عليه، لكن الزيادة محل الخلاف.
"واختلفوا فيما زاد على ذلك إلى ثلاثمائة وخمسين سنة، وقد أورد الشيخ أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله- وفيات أعيان من الناس، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي وهو بن ثلاثٍ وستين سنة على المشهور.."
قيل: ستين، وقيل: خمسة وستين، في وفاته -عليه الصلاة والسلام- قيل: ستين، ومن قال الستين حذف الثلاث لأنها كسر، ..... خمس وستين وعد سنة الولادة وجبرها، وسنة الوفاة وجبرها، والجماهير على أنه ابن ثلاثٍ وستين سنة كأبي بكر وعمر.
"على المشهور يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول، سنة إحدى عشرة من الهجرة، وأبو بكر عن ثلاثٍ وستين أيضاً في جمادى سنة ثلاثة عشرة، وعمر عن ثلاثٍ وستين أيضاً في ذي الحجة سنة ثلاثٍ وعشرين.
قلتُ: وكان عمر أول من أرخ التاريخ الإسلامي بالهجرة بالنبوية من مكة إلى المدينة، كما بسطنا ذلك في سيرته، وفي كتابنا التاريخ وكان أمره.."
كتاب التاريخ المسمى: (البداية والنهاية) وهو من أجل كتب التاريخ وأوثقها، صاحبه إمام ثقة يعتمد عليه في النقل، إلا أن التواريخ تجمع، هم يذكرون الأسانيد، ويجعلون العهدة على الرواة، لكنه من أوثق التواريخ وأجلها وأنفعها وأنفسها.
"وكان أمره بذلك في سنة ستة عشرة من الهجرة، وقتل عثمان بن عفان وقد جاوز الثمانين، وقيل: بلغ التسعين في ذي الحجة سنة خمسٍ وثلاثين، وعلي في رمضان سنة أربعين عن ثلاثٍ وستين في قول، وطلحةُ والزبير قتلا يوم الجمل سنة ستٍ وثلاثين، قال الحاكم: سنُّ كلٌ منهما أربعٌ وستون سنة، وتوفي سعدٌ عن ثلاثٍ وسبعين سنة خمسٍ وخمسين، وكان آخر من توفي من العشرة، وسعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين، وله ثلاثٌ أو أربعٌ وسبعون، وعبد الرحمن بن عوفٍ عن خمسٍ وسبعين، سنة اثنتين وثلاثين، وأبو عبيدة سنة ثمانية عشرة، وله ثمانٌ وخمسون -رضي الله عنهم أجمعين-.
قلتُ: وأما العبادلة فعبد الله بن عباس سنة ثمانٍ وستين، وابن عمر وابن الزبير في سنة ثلاثٍ وسبعين، وعبد الله بن عمروٍ سنة سبعٍ وستين.."
وهؤلاء تأخرت وفياتهم حتى احتاج الناس إلى علمهم فنقلت مذاهبهم، أما ابن مسعود تقدمت وفاته، فلذا لم يعده الإمام أحمد من العبادلة، وإن قاله الجوهري، وغلط في ذلك، له أوهام الجوهري.
"وأما عبد الله بن مسعود فليس منهم، قاله أحمد بن حنبل خلافاً للجوهري حيث عدَّه منهم، وقد كانت وفاته سنة إحدى وثلاثين، قال ابن الصلاح: الثالث أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة، سفيان الثوري توفي بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة وله أربعٌ وستون سنة.."
له مذهب سفيان الثوري، له مذهب انقرض تبعه أناس إلى القرن الثالث، ثم انقرض مذهبه كالأوزاعي، الطبري أيضاً صار له مذهب متبوع وانقرض، داود الظاهري له أتباع، المقصود هؤلاء هم الأئمة المتبوعون، ولم يبقَ من المذاهب إلا الأربعة من مذاهب أهل السنة الذين يعتد بهم في الإجماع والخلاف، وأما ما عداهم فلا عبرة بهم.
"وتوفي مالكُ بن أنس بالمدينة سنة وتسعين وسبعين ومائة، وقد جاوز الثمانين، وتوفي أبو حنيفة ببغداد سنة خمسين ومائةٍ وله سبعون سنة، وتوفي الشافعي محمد بن إدريس سنة أربعٍ ومائتين عن أربعٍ وخمسين سنة، وتوفي أحمد بن حنبل ببغداد سنة إحدى وأربعين ومائتين عن سبعٍ وسبعين سنة.
قلتُ: وقد كان أهل الشام على مذهبٍ الأوزاعي نحواً من مائتي سنة، وكانت وفاته سنةَ سبعين وخمسين ومائة ببيروت من ساحل الشام، وله من العمر بضعٌ وستون، وكذلك إسحاق بن راهويه.."
راهَوَيه راهَوَيه.... المحدثون يقولون: راهَوْيه، ويقولون: إن (ويه) اسم من أسماء الشيطان، ويعتمدون في ذلك على خبرٍ ضعيف، لكن الجادة عندهم -عند أهل اللغة والنحو- هو راهويه مثل سيبويه، ونفطويه.
"وكذلك إسحاق بن راهويه قد كان إماماً متبعاً له طائفةٌ يقلدونه ويجتهدون على مسلكه، يقال لهم: الإسحاقية، وقد كانت وفاته سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين عن بضعٍ وسبعين سنة.
قال ابن الصلاح: الرابع أصحاب كتب الحديث الخمسة: البخاري ولد سنة أربعٍ وتسعين ومائة، ومات ليلة عيد الفطر سنة ستٍ وخمسين ومائتين بقريةٍ يقال لها: خرتنك، ومسلمُ بن الحجاج توفي سنة إحدى وستين ومائتين عن خمسٍ وخمسين سنة، أما أبو داود سنة خمسٍ وسبعين ومائتين، الترمذي بعده بأربع سنين سنة تسعٍ وسبعين، أبو عبد الرحمن النسائي سنة ثلاثٍ وثلاثمائة.."
هو آخرهم.
"قلتُ: وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني صاحب السنن التي كُمِّل بها الكتب الستة، والسنن الأربعة بعد الصحيحين التي اعتنى بأطرافها الحافظ ابن عساكر، وكذلك شيخنا الحافظ المزي.."
أول من أدخل ابن ماجه في الستة أبو الفضل بن طاهر في شروط الأئمة، وفي الأطراف هو أول من أدخل ابن ماجه، والخلاف قائم في السادس، هل هو ابن ماجه لكثرة زوائده على الخمسة؟ أو هو الموطأ لإمامة مؤلفه وكثرة الصحيح فيه؟ أو الدارمي أيضاً لكثرة صحيحه وعلو إسناده؟ المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم.
"وكذلك شيخنا الحافظ المزي اعتنى برجالها وأطرافها وهو كتابٌ مفيد قويُّ التبويب في الفقه.."
كتابٌ مفيد يعني كتاب ابن ماجه، فيه أحاديث كثيرة زائدة على ما في الكتب الخمسة، وتراجمه مفيدة تدل على قوةٍ في فقهه، وإن كان الضعيف فيه كثير.
"وقد كانت وفاته سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين -رحمهم الله تعالى-.
قال الخامس: سبعةٌ من الحفاظ انتفع بتصانيفهم في أعصارنا، أبو الحسن الدارقطني توفي سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة عن تسعٍ وسبعين سنة، الحاكم.."
انتفع بتصانيفه الدارقطني لا سيما (العلل) و(السنن) علله لا نظير له في الدنيا، لكن يحتاج إلى أهل يطالع فيه وينتفع منه.
"الحاكم أبو عبد الله النيسابوري توفي في صفر سنة خمسٍ وأربعمائة وقد جاوز الثمانين..."
كتابه: (المستدرك) كتابٌ نافع، وفيه من الصحيح الزائد على الصحيحين شيء كثير، لكن إنما ينتفع به المتأهل لتساهله الشديد.
"عبد الغني بن سعيد المصري في صفر سنة تسع وأربعمائة بمصر عن سبع وسبعين سنة، الحافظ أبو نعيم الأصبهاني سنة ثلاثين وأربعمائة وله ست وتسعون سنة.
ومن الطبقة الأخرى الشيخ أبو عمرو بن عبد البر النمري توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة عن خمس وتسعين سنة..."
لو قدم قبله البيهقي لأنه يأتي بالعطف بـ(ثم) ما هو موجودة عندكم (ثم)؟
طالب: إلا (ثم) نعم.
كذا قال؟
طالب: ثم أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي.
لعله نظر إلى الولادة، لا شك أن ولادة ابن عبد البر قبل البيهقي وإن تقدمت وفاته.
"ثم أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي توفي بنيسابور سنة ثمانين وخمسين وأربعمائة عن أربعٍ وسبعين سنة..."
يعني العطف بـ(ثم) يقتضي الترتيب، قد يقول قائل كيف يقول: (ثم) والبيهقي بعد ابن عبر البر وقبله بالوفاة خمس سنوات، لكن كأنه نظر إلى الولادة ابن عبد البر متقدم في الولادة، عمره خمسة وتسعين سنة، فتكون ولادته سنة ثمان وستين وثلاثمائة، والبيهقي..؟
طالب:.......
كم؟
طالب:.......
أربعة وسبعين سنة عمره توفي في سنة ثمان وخمسين، أربعة وعشرين...، ستة وسبعين يصير ميلاده، يصير ثلاثمائة وستة وسبعين.
"ثم أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة عن إحدى وسبعين سنة.."
من العجائب الوفاة واحدة، ابن عبد البر حافظ المغرب وهذا حافظ المشرق في سنة واحدة.
"قلتُ: وقد كان ينبغي أن يذكر مع هؤلاء جماعةٌ اشتهرت تصانيفهم بين الناس، ولا سيما عند أهل الحديث كالطبراني، وقد توفي سنة ستين وثلاثمائة صاحب المعاجم الثلاثة وغيرها، والحافظ أبو يعلى الموصلي والحافظ أبو بكر البزار وإمام الأئمة..."
.... سبع وثلاثمائة، والبزار سنة اثنتين وتسعين ومائتين، هؤلاء لا شك أنهم نفعوا، وأفادت الأمة من تصانيفهم، فالإشادة بهم مناسبة، ليسوا بأقل ممن ذكر.
"وإمامُ الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة توفي سنة إحدى عشر وثلاثمائة صاحب الصحيح..."
أنواع التقاسيم صحيح ابن خزيمة، أنواع التقاسيم لابن حبان الآتي.
"وكذلك أبو حاتم محمد بن حبان البستي صاحب الصحيح أيضاً، وكانت وفاته سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة، والحافظ.."
يعني ابن خزيمة وابن حبان أولى بالذكر من الحاكم، ابن خزيمة ثلاثة أرباع الكتاب مفقود، لكن الربع الموجود فيه خير -إن شاء الله-، ابن حبان موجود ترتيبه ومطبوع ومتداول.
"والحافظ أبو أحمد بن عدي صاحب الكامل، توفي سنة سبعٍ وستين وثلاثمائة.
النوع الحادي والستون: في معرفة الثقاة والضعفاء من الرواة وغيرهم:
النوع الحادي والستون: في معرفة الثقاة والضعفاء من الرواة وغيرهم، وهذا الفن من أهم العلوم وأعلاها وأنفعها, إذ به تعرف صحة سند الحديث من ضعفه.."
هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الصحيح من الضعيف، والتمييز بين المقبول والمردود، لا وسيلة إلا ذلك، معرفة ثقة الرواة وضبطهم وضعفهم.
"وقد صنف الناس في ذلك قديماً وحديثاً كتباً كثيرة من أنفعها كتاب ابن أبي حاتم، ولابن حبان كتابان نافعان أحدهما: في الثقاة، والآخر في الضعفاء، وكتاب الكامل لابن عدي.."
نعم صنف الناس في تواريخ الرجال، وتراجمهم، والحكم عليهم مؤلفات نافعة كتواريخ يحيى بن معين، وسؤالات الإمام أحمد، وتواريخ البخاري أيضاً، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم كل هذه كتب لا يستغني عنها طالب علم، أقوال الأئمة كلها فيها، ابن حبان أيضاً له الثقات وله المجروحون، ابن عدي له الكامل كتابٌ نفيس، الحافظ الذهبي له الميزان، ابن حجر له لسانه، الحافظ عبد الغني المقدسي له الكمال في أسماء الرجال في تراجم الكتب الستة، وتهذيبه للحافظ المزي، وتهذيب تهذيبه لابن حجر، وتقريب التهذيب له، والتذهيب للحافظ الذهبي، والكاشف له، والخلاصة للخزرجي، هذه كتب ينبغي أن يعتني بها طالب العلم، وأن يطلع على ما فيها من أقوال في الرواة جرحاً وتعديلاً، فإن كان متأهلاً للموازنة بين هذه الأقوال والترجيح بينها فلا بأس، وإلا فليقلد.
"والتواريخ المشهورة, ومن أجلها تاريخ بغداد للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب، وتاريخ دمشق للحافظ أبي القاسم بن عساكر.."
نعم هذه التواريخ تواريخ بغداد، تاريخ أصبهان، تاريخ دمشق، تاريخ بخارى، تاريخ قزوين، تواريخ تعتني بالرواة، وما قيل فيهم جرحاً وتعديلاً، وتذكر بعض عواليهم وما أشبه ذلك وأخبارهم، هذه كتب ينبغي لطالب العلم العناية بها؛ لأنها يوجد فيها ما لا يوجد في كتب الرجال، لا سيما إذا كان الرجل من غير رواة الكتب الستة، ففي الغالب يوجد في هذه التواريخ تواريخ البلدان.
"وتهذيب شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي، وميزان شيخنا الحافظ أبي عبد الله اللهبي، وقد جمعتُ بينهما وزدتُ في تحرير الجرح والتعديل عليهما في كتابٍ وسميته: بـ(التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) وهو من أنفع شيء للفقيه البارع، وكذلك المحدث، وليس الكلام في جرحٍ الرجال على وجه النصيحة لله ولرسوله ولكتابه وللمؤمنين بغيبة."
لأن بعض الناس يقول: هؤلاء أئمة كبار أهل التحري والورع وقعوا في الناس: فلان ضعيف، فلان يكذب، فلان يسرق الحديث، فلان كذا، ويش معنى الغيبة؟ نقول: هذا من النصيحة، هذا ما لا يتم الواجب إلا به، بل هو واجب على الأمة أن تتصدى لمثل هذا، وقد قام به الأئمة خير قيام.
"وليس الكلام في جرح الرجال على وجه النصيحة لله ولرسوله ولكتابه وللمؤمنين بغيبة، بل يثاب متعاطي ذلك إذا قصد به ذلك، وقيل ليحيى بن سعيد القطان: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك يوم القيامة؟ قال: لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خصمي يومئذٍ، وسمع أبو تراب النخشبي أحمد بن حنبل وهو يتكلم في بعض الرواة فقال له: أتغتاب العلماء؟ فقال له: ويحك هذا نصيحة ليس هذا غيبة، ويقال: إن أول من تصدى للكلام في الرواة شعبة بن الحجاج، وتبعه يحيى بن سعيد القطان، ثم تلامذته أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وعمرو بن علي الفلاس وغيرهم".
تكلم قبلهم من الصحابة لكن شيء يسير جداً، ومن التابعين كابن سيرين على نطاق ضيق جداً؛ لعدم الحاجة إلى الكلام، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((بئس أخو العشيرة)) يعني نقد الرجل، وهذا أصل في هذا الباب، لكن هؤلاء تكلموا في الرواة بشكل عام، كلما ازدادت الحاجة زاد الكلام، والله المستعان.
"وقد تكلم في ذلك مالكٌ وهشام بن عروة وجماعة من السلف الصالح، وقد قال -عليه السلام-: ((الدين النصيحة)) وقد تكلم بعضهم في غيره فلم يعتبر لما بينهما من العداوة المعلومة".
نعم أهل العلم يميزون بين الكلام الذي باعثه النصيحة وبين الكلام في الأقران، التشفي بعضهم من بعض، وهذا وإن كان نادر جداً جداً، يعني حصل في حالات يسير بين مالك وابن إسحاق، وبين النسائي لما تكلم في أحمد بن صالح المصري لسبب من الأسباب هذا لا يقدح فيهم؛ لأن وقوع الهفوة من الشخص من الذي يسلم من الخطأ، من الذي يسلم من الهوى، لكن الله المستعان، مثل هذا لا يعول عليه عند أهل العلم، ويميزونه من غيره.
"وقد ذكروا من أمثلة ذلك كلام محمد بن إسحاق في الإمام مالك، وكذا كلام مالك فيه، وقد وسع السهيلي القول في ذلك، وكذلك كلام النسائي في أحمد بن صالح المصري حين منعه من حضور مجلسه".
النوع الثاني والستون: في معرفة من اختلط في آخر عمره:
"النوع الثاني والستون: في معرفة من اختلط في.."
النسائي -رحمه الله- لما منعه الحارث بن مسكين من سماع الحديث ما تكلم فيه، بل روى عنه وخرج، النسائي معروف في شدة الورع، لكن هذا اجتهاده بالنسبة لأحمد بن صالح ولم يوافق عليه، بالنسبة للحارث بن مسكين منعه من حضور الدرس فكان يروي عنه، يجلس وراء السارية ويسمع الحديث ويروي عنه بدون صيغة، لا يقول: أخبرنا؛ لأنه ممنوع من الإخبار، ولا حدثنا إنما يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع.
طالب:.......
إيش فيه؟
طالب:.......
على كل حال هناك هفوات وقعت من الأئمة لكن باعثهم في ذلك النصيحة، واجتهدوا، ولذا لا بد من الموازنة في أقوالهم، ومن نعم الله -سبحانه وتعالى- أنه لا يتفق اثنين أو ثلاثة على تضعيف ثقة أو العكس.
"في معرفة من اختلط في آخر عمره إما لخوف أو ضرر أو مرض أو عرض، كعبد الله بن لهيعة لما ذهبت كتبه اختلط في عقله, فمن سمع من هؤلاء قبل اختلاطهم قبلت روايتهم, ومن سمع بعد ذلك أو شك في ذلك لم تقبل".
نعم الرواة الذين اختلطوا في آخر أعمارهم حصل لهم النسيان الكامل أو الخرف، هناك من يضعف وهذا هو الجادة، والغالب أن الإنسان يضعف في آخر عمره، لكن هذا لا يؤثر عليه إلا إذا كثر، أما من اختلط اختلاطاً كلياً فلا بد من التوقف عن الرواية عنه بعد الاختلاط، وهناك كتب ألفت في الرواة المختلطين (نهاية الاغتباط) وغيره من الكتب تبين الرواة الذين اختلطوا، ومن روى عنهم قبل الاختلاط، ومن روى عنهم بعد الاختلاط، ومن روى عنهم قبله وبعده، على كل حال من روى بعد الاختلاط لا تقبل روايته، وقبله روايته مقبولة كما هو معروف.
"وممن اختلط بأخرة عطاء بن السائب وأبو إسحاق السبيعي, قال الحافظ أبو يعلى الخليلي: وإنما سمع ابن عيينة منه بعد ذلك، وسعيد بن أبي عروبة, وكان سماع وكيع والمعافى بن عمران منه بعد اختلاطه، والمسعودي وربيعة وصالح مولى التوأمة، وحصين بن عبد الرحمن قاله النسائي، وسفيان بن عيينة قبل موته بسنتين قاله يحيى القطان، وعبد الوهاب الثقفي قاله ابن معين، وعبد الرزاق بن همام قال أحمد بن حنبل: اختلط بعدما عمي، فكان يلقن فيتلقن، فمن سمع منه بعدما عمي فلا شيء..."
هذه مشكلة من يعتمد على الكتاب، ويهمل الحفظ، إذا عمي ضاع، إذا احترق الكتاب وفُقد كذلك، إذا سافر دون كتبه صار لا شيء، هذه حال كثير من ينتسب إلى العلم في العصور المتأخرة، لما اعتمدوا على هذه الكتب، ورصت هذه الكتب في الدواليب إذا راح يمين وإلا يسار قال: لا بد أراجع، فإذا عمي......، ولهذا يحرص الإنسان في حال الصحة وفي حال الشباب أن يكثر من المحفوظ، بادئاً بكتاب الله -جل وعلا-؛ لأنه يحتاج إلى الكتاب، وقد لا يحصل له، لا يحصل له في كل ظرف، لا يتهيأ له الكتاب، فإذا كان محفوظاً الحمد لله وجد الكتاب أو لم يوجد، الخطب سهل، والله المستعان.
"قال ابن الصلاح: وقد وجدت فيما رواه الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق أحاديث منكرة، فلعل سماعه كان منه بعد اختلاطه.."
نعم الدبري متأخر جداً، يروي عنه الطبراني، وبين الطبراني وعبد الرزاق كم؟ نحو ثلاثمائة وستين وهذا مائتين وستة أو سبع..، أكثر من قرن ونصف بينهم، والدبري واسطة بينهما، لم يدرك من حياة عبد الرزاق إلا ست سنوات أو سبع، يذكره مثل الحلم، فعله روى عنه بعد اختلاطه.
"وذكر إبراهيم الحربي أن الدبري كان عمره حينما مات عبد الرزاق ست أو سبع سنين، وعارم اختلط بأخرة، وممن اختلط بعد هؤلاء أبو كلابة الرقاشي وأبو أحمد الغطريفي وأبو بكر بن مالك القطيعي خرف حتى لا يدري ما يقرأ".
النوع الثالث والستون: معرفة الطبقات:
"النوع الثالث والستون: معرفة الطبقات.."
..... فيه (الاغتباط)، (نهاية الاغتباط)، كتب في الاختلاط.
"معرفة الطبقات، وذلك أمرٌ اصطلاحي، فمن الناس من يرى الصحابة كلهم طبقة واحدة، ثم التابعون بعدهم أخرى، ثم من بعدهم كذلك، وقد يستشهد.."
نعم منهم من يجعل الصحابة كلهم طبقة واحدة باعتبار الشرف شرف الصحبة، وأن كلاً منهم لقي النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا مفاوتة ولا مفاضلة بينهم من حيث السماع منه -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان الحاكم جعلهم على اثنتي عشرة طبقة.
"وقد يستشهد على هذا بقوله -عليه السلام-: ((خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) فذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، ومن الناس من يقسم الصحابة إلى طبقات, وكذلك التابعين فمن بعدهم، ومنهم من يجعل كل قرن أربعين سنة، ومن أجل الكتب في هذا.."
والطبقة تجمع أقوام متشابهين في السن والأخذ عن الشيوخ، يعني أشبه ما تكون بالزملاء، الطبقة يعني الزملاء.
"ومن أجل الكتب في هذا (طبقات محمد بن سعد) كاتب الواقدي، وكذلك كتاب: (التاريخ) لشيخنا العلامة أبي عبد الله الذهبي -رحمه الله-، وله كتاب (طبقات الحفاظ) مفيد أيضاً جداً".
نعم له تاريخ رتبه على الطبقات تاريخ الحافظ الذهبي تاريخ كبير تاريخ الإسلام، وله أيضاً تذكرة الحفاظ كلاهما مطبوع.
النوع الرابع والستون: في معرفة الموالي من الرواة والعلماء:
النوع الرابع والستون: في معرفة الموالي من الرواة والعلماء، وهو من المهمات، فربما نسب أحدهم إلى القبيلة فيعتقد السامع أنه منهم صليبة، وإنما هو من مواليهم فيميز ذلك ليعلم، وإن كان قد ورد في الحديث: ((مولى القوم من أنفسهم)) ومن ذلك أبو البختري الطائي، وهو سعيد بن فيروز، وهو مولاهم، وكذلك أبو العالية الرياحي، وكذلك الليث بن سعد الفهمي، وكذلك عبد الله بن وهب القرشي، وهو مولى لعبد الله بن صالح كاتب الليث، وهذا كثير.."
أبو البختري ليس من طيء وإنما مولى، وكذلك أبو العالية ليس من الرياح، وكذلك الليث، وعبد الله بن وهب كل هؤلاء موالي.
"فأما ما يذكر في ترجمة البخاري أنه مولى الجعفيين فلإسلام جده الأعلى على يد بعض الجعفيين.."
نعم يمان الجعفي والي بخارى، وهو جد عبد الله بن محمد المسندي شيخ البخاري، أسلم جد البخاري الأعلى على يد يمان الجعفي فنسب إلى جعف، ليس منهم إنما هو مولاهم.
"وكذلك الحسن بن عيسى الماسرجسي ينسب إلى ولاء عبد الله بن المبارك؛ لأنه أسلم على يديه وكان نصرانياً، وقد يكون الولاء بالحلف, كما يقال في نسب الإمام مالك بن أنس: مولى التيميين, وهو حميري أصبحي صليبة, ولكن كان جده مالك بن أبي عامر حليفاً لهم، وقد كان عسيفاً عند طلحة بن عبد الله التيمي أيضاً فنسب إليهم كذلك".
نعم أجير عندهم أجير، والأجير إذا طالت المدة عند صاحبه قد يعرف بالنسبة إليه، هذا واضح.
"وقد كان جماعة من سادات العلماء في زمن السلف من الموالي, وقد روى مسلم.."
بل غالبهم، وهذا من حكمة الله -سبحانه وتعالى- أن الشرف شرف النسب إذا لم يصاحبه العمل لا ينفع وحده ((من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)) فمن حكمة الله -سبحانه وتعالى- أن برز في العلوم كلها أو جلها الموالي على ما سيأتي.
"وقد روى مسلم في صحيحه أن عمر بن الخطاب لما تلقاه نائب مكة أثناء الطريق في حج أو عمرة, قال له: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبزى, قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من الموالي, فقال: أما إني سمعت نبيكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن الله يرفع بهذا العلم أقواماً، ويضع به آخرين)).
وذكر الزهري أن هشام بن عبد الملك قال له: من يسود أهل مكة؟ فقلت: عطاء, قال.."
قال: من العرب أم من الموالي؟ قلتُ: من الموالي -عطاء-، ومثله من يأتي بعده كلهم، اللهم إلا النخعي إبراهيم.
"فقلت: عطاء، قال: فأهل اليمن؟ قلت: طاوس, قال: فأهل الشام؟ فقلت: مكحول, قال: فأهل مصر؟ قلت: يزيد بن أبي حبيب, قال: فأهل الجزيرة؟ فقلت: ميمون بن مهران, قال: فأهل خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم, قال: فأهل البصرة؟ فقلت: الحسن بن أبي الحسن, قال: فأهل الكوفة؟ فقلت: إبراهيم النخعي, وذكر أنه يقول له عند كل واحد..."
المقصود أن كلهم من الموالي إلا إبراهيم لما قال له قال: فرجت عني، كلهم من الموالي إلا إبراهيم.
"وذكر أنه يقول عند كل واحدٍ: أمن العرب أم من الموالي؟ فيقول: من الموالي, فلما انتهى قال: يا زهري والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها, فقلت: يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه, فمن حفظه ساد، ومن ضيعه سقط.."
نعم هذا المقياس، المقياس الدين من حفظه ساد، ومن ضيعه سقط، ولو كان من أشراف الناس، ولو كان من نسل محمد بن عبد الله، الله المستعان.
"قلتُ: وسأل بعض الأعراب رجلاً من أهل البصرة, فقال: من هو سيد هذه البلدة؟ قال: الحسن بن أبي الحسن البصري, قال: أمولى هو؟ قال: نعم, قال: فبم سادهم؟ فقال: بحاجتهم إلى علمه وعدم احتياجه إلى دنياهم, فقال الأعرابي: هذا لعمر أبيك هو السؤدد.
النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم:
النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم، وهو مما يعتني به كثير من علماء الحديث، وربما ترتب عليه فوائد مهمة، منها معرفة شيخ الراوي.."
إذا عرفت بلد الراوي وأنه نفس بلد الذي روى عنه أو قريبٌ منه، وأمكن لقاؤه يعني يسهل عليك الحكم على أنه لقيه أو لم يلقه، أما تباعد البلدان كما نص الحافظ ابن رجب -رحمه الله- فالسلف والأئمة كلهم يحكمون بالانقطاع مع تباعد البلدان.
"فربما اشتبه بغيره, فإذا عرفنا بلده تعين بلديه غالباً، وهذا مهم جليل، وقد كانت العرب إنما ينسبون إلى القبائل والعمائر والعشائر والبيوت, والعجم إلى شعوبها ورساتيقها وبلدانها, وبنو إسرائيل إلى أسباطها، فلما جاء الإسلام.."
نعم العرب تنتسب إلى القبائل فلان قرشي، فلان مخزومي، فلان ثقفي، أما الأعاجم ينتسبون إلى البلدان، فلان نيسابوري، فلان خرساني، فلان بغدادي، هكذا، لما انتشر العرب في البلدان وخالطوا الأعاجم انتسبوا مثلهم.
"فلما جاء الإسلام وانتشر الناس في الأقاليم نسبوا إليها، أو إلى مدنها أو قراها، فمن كان من قرية فله الانتساب إليها بعينها وإلى مدينتها إن شاء أو إقليمها, ومن كان من بلدة ثم انتقل منها إلى غيرها فله.."
له الانتساب إليها بعينها إلى القرية، وإن عمم قليلاً وانتسب إلى ما هو أعم من ذلك مما تدخل تحته هذه القرية فلا بأس، انتسب إلى الإقليم الأعم لا بأس.
"فمن كان من قرية فله الانتساب إليها بعينها وإلى مدينتها إن شاء أو إقليمها، ومن كان من بلدةٍ ثم انتقل منها إلى غيرها فله الانتساب إلى أيهما شاء, والأحسن أن يذكرهما فيقول مثلاً: الشامي ثم العراقي, أو الدمشقي ثم المصري, ونحو ذلك، وقال بعضهم: إنما يسوغ الانتساب إلى البلد إذا أقام فيه أربع سنين فأكثر, وفي هذا نظر.."
التحديد لا دليل عليهم، نعم قد يقال: هذا اصطلاح أنه إذا أقام أربع سنين، لكن أربع سنين يمكن ينتسب في عمره إلى عشر من البلدان إذا كان رحال في كل بلدٍ يجلس، لكن هذا لا دليل عليه.
"وفي هذا نظر، والله -سبحانه وتعالى- أعلم بالصواب.
وهذا آخر ما يسره الله تعالى من اختصار علوم الحديث، وله الحمد والمنة.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ على محمد، اللهم صلِّ على محمد.