شرح الموطأ - كتاب القرآن (1)

شرح باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن:

كتاب القرآن:

باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن:

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم: أن لا يمس القرآن إلا طاهر، قال مالك -رحمه الله-: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر، ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته ولم يكره ذلك لأن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به المصحف، ولكن إنما كره ذلك لمن يحمله وهو غير طاهر؛ إكرامًا للقرآن وتعظيمًا له.

قال مالك -رحمه الله-: "أحسن ما سمعت في هذه الآية: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] إنما هي بمنزلة هذه الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [(11- 16) سورة عبس].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب القرآن: باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم" جده، جد عبد الله بن أبي بكر، عمرو بن حزم بن زيد الأنصاري "أن لا يمس القرآن إلا طاهر" أن لا يمس القرآن إلا طاهر، أي متوضأ، فعلى هذا لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف، وبهذا قال جمهور أهل العلم بما فيهم الأئمة الأربعة؛ أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وجماعة الفقهاء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، والحديث هنا مرسل، وقد روي مسندًا من وجوه، وله شواهد فهو صحيح لغيره، ويقول ابن عبد البر -رحمه الله-: "هو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بها في شهرتها عن الإسناد؛ لأنه جاء من طرق، وتلقاه الناس بالقبول، ومعلوم عند أهل العلم أن تلقي الأمة للخبر بالقبول أقوى من مجرد قوة الطرق والأسانيد، كما قرر ذلك ابن حجر وغيره، فإذا تلقت الأمة بالقبول خبرًا عرفنا أنه خبر ثابت، لماذا؟ لأنه لا يصح عليهم تلقي ما لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وعلى كل حال هو صحيح لغيره بشواهده، له شاهد من حديث حكيم بن حزام وابن عمر وعثمان بن أبي العاص وغيرهم، فهو بمجموع طرقه صحيح لغيره، والحديث أصل في كتابة العلم، "إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وإسناد الكتابة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- باعتبار أنه أمر بها، وإلا معلوم من أنه -عليه الصلاة والسلام- أمي، وقد جاء في وصفه في القرآن {وَمَا كُنتَ تَتْلُو...... وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [(48) سورة العنكبوت] فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقرأ ولا يكتب.

فعلى كل حال الخبر أصل في كتابة العلم وتحصينه في الكتب، وأصل في صحة الراوية على وجه المناولة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دفعه إليه وأمره به فجاز له العمل به والأخذ بما فيه، والرواية بالمناولة معروفة عند أهل العلم إحدى طرق التحمل الصحيح عند أهل العلم؛ لأن طرق التحمل الثمان: السماع من لفظ الشيخ هذا الأصل، يليها: العرض الذي هو القراءة على الشيخ، ثم المناولة: يكتب كتاب ويناوله إياه، ثم المكاتبة، ثم الإجازة المجردة عن المناولة، والمقصود بالمناولة مع الإذن بالرواية؛ لأن المناولة إن خلت عن الإذن فهي باطلة وإن قيل بصحتها.

وإن خلت عن إذن المناولة

 

قيل تصح والأصح باطلة

 

هذا إذا خلت عن الإذن، لكن إذا اقترنت به فهي أقوى من الإجازة المجردة، ثم بعد ذلك: المكاتبة والوصية، والإعلام والوجادة، طرق التحمل ثمان، وتفصيلها ليس هذا محله، لكن هذا فيه المناولة، كتب الكتاب ثم ناوله إياه، وهذا الخبر صحيح.

يقول مالك -رحمه الله تعالى-: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته" هل يشك أحد أن الإمام مالك لا يجيز لمن أحدث أن يمس المصحف؟ نعم، معروف مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة لا يجوز مس المصحف بغير طهارة، وماذا عن مالك؟ مالك مذهبه أشد، نعم، يقول مالك: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته" علاقته ما يحمل به وهو الخيط الذي يربط به غلافه كيسه، "ولا على وسادة إلا وهو طاهر" لكن الحمل بالعلاقة لا يجوز عند الإمام مالك وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا بأس به.

في صحيح البخاري -رحمه الله تعالى- في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض، الخادم من يتولى الخدمة من ذكر أو أنثى، يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، ثم أورد الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتكئ عليها، يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ القرآن.

عِلاقته: بكسر العين: الخيط الذي يربط به كيسه، وذلك مصير منهما إلى جواز حمل المصحف، نعم، لكن من غير مس، مصير منهما -من أبي وائل وأبي رزين- إلى جواز حمل المصحف من غير مس، بعلاقته، حائل، وهو موافق لمذهب أبي حنيفة، ومنع الجمهور ذلك، ومنع الجمهور ذلك، ماذا عن قراءة الحائض ما دمنا في حديث عائشة؟ في حديث عائشة النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ القرآن، وذكرنا سابقًا في درس مضى أن ابن دقيق العيد استنبط من هذا الحديث أن الحائض لا تقرأ القرآن، الحائض لا تقرأ القرآن، لماذا؟ يقول: في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن قراءتها لو كانت جائزة، لو كانت قراءة الحائض جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها" يعني كونها تشير إلى أنه يقرأ القرآن وهو متكئ في حجرها نعم لتبرهن على أن القراءة من شخص طاهر غير متلبس بجنابة نعم جائزة، وإن قرب من موضع المنع، يعني لو كانت قراءتها جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى احتيج إلى التنصيص عليها، لماذا قالت عائشة: إنه كان يقرأ وهو متكئ في حجرها؟ لأنها ترى أن الحائض ممنوعة من قراءة القرآن، ماذا عن القرب من الحائض لمن يقرأ القرآن وهو غير متلبس بحدث؟ إشارة أن هذا جائز، ولا نحتاج إلى هذه الإشارة إلا إذا قلنا: إن الحائض لا تقرأ القرآن، يمكن يفرع من هذا أن القراءة بقرب موضع النجاسة، بقربها، بقرب موضع النجاسة جائز وإلا غير بجائز؟ لأنه قد يحتاج إليها، الإنسان بدأ بسورة وبقي عليه يكملها شيء يسير وهو ذاهب إلى الدورة يقف عند الباب يكمل ويدخل، أحسن من أن يقطع السورة ثم يستأنفها فيما بعد، نعم استنبطوا من هذا جواز قراءة القرآن بالقرب، ما هو في موضع النجاسة، لا، بالقرب منه، فرأسه وصدره في حجرها، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يستنبط من هذا جواز مس القرآن من وراء حائل، يستنبط من حديث عائشة جواز مس المحدث القرآن من وراء حائل، فتصور -رحمه الله تعالى- أن جوف النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يعي القرآن بمثابة المصحف؛ لأنه فيه القرآن، وجسده الطاهر -عليه الصلاة والسلام- الحائل، فعائشة تمس جسد النبي -عليه الصلاة والسلام- استنبط -رحمة الله عليه-، وهذا يقود إلى كلام آخر وهو حكم مس القرآن الذي في الشريط، هل نعتبر أن الشريط بمثابة ورق المصحف الذي كتب به القرآن؟ لأنه سجل عليه قرآن والغلاف غلاف الشريط بمثابة الحائل أو أن القرآن نقول: لا وجود له حقيقة في هذا الشريط إنما هي ذبذبات؟ نعم، بمعنى أنه مهما عمل في هذا الشريط لن يظهر لنا قرآن، قرآن مرئي، هو إذا كان بارزًا على الشاشة ما يجوز دخول القرآن الدورة فيه، لكن إذا كان مخفيًّا، نعم

طالب:.......

لا هو الآن بالفعل موجود داخل الشريط، داخل الجوال، ما هو بداخل الجوال، لكن متى ما طلب جاء، أين؟

طالب:.......

لا، لا ما هو مسألة تلمس، ابن دقيق مسألة ثانية فوق ما نفهم، فهم في غاية الدقة، يقول: ما تحتاج إلى تنبيه، مثل هذا الكلام كون رجل رأسه في حجر امرأته يقرأ القرآن يحتاج إلى تنبيه؟ لولا أن المرأة ممنوعة من قراءة القرآن هذا استنباط البخاري وإدخاله في هذه الترجمة واضح، أنه يرى جواز مس القرآن من وراء حائل، واستدل بهذا الحديث على هذا؛ نعم ولأنه بين معنى الترجمة بالأثر الذي ساقه، ثم أردفه بالخبر المرفوع الذي هو الأصل في الباب، هذا استنباط البخاري شيء واستنباط ابن دقيق العيد شيء آخر، ولا شك أن استنباط ابن دقيق العيد في غاية القوة، وعلى هذا الحائض لا تقرأ القرآن، الآن محل الإشكال إنك لو يُفتح صدر إنسان حافظ للقرآن والقرآن في قلبه، في جوفه، سؤال: هل يجوز مس هذا القلب الذي يحوي القرآن مباشرة؟ لا، ما فيه إشكال، لكن أقول: استنباط البخاري -رحمه الله تعالى- مع هذا البعد الذي لم ندرك حقيقته إلا أنه في غاية الدقة في الفقه، نعم، وإلا يعني المسألة مسألة خلافية في مس القرآن من وراء حائل، هو يستدل بهذا -رحمه الله-، وإذا كان يستدل بهذا الأمر البعيد على أمر أقرب منه؛ لأنه لو كان القرآن بكيس يجوز مسه وإلا ما يجوز؟ الإمام مالك يقول: ولا بالخيط الذي يحمل به الكيس، بينما البخاري يجيز هذا بدليل أنه أردف الترجمة بخبر أبي وائل مع أبي رزين، فاختياره -رحمه الله تعالى- كما جرى من عادته المطردة ما يردف به الترجمة من أثر على اختياره، وفقهه ترى في غاية الدقة، ما يتهاون بفقه البخاري -رحمة الله عليه-، نعم.

طالب:........

الحكم واحد، النفساء والجنب أشد، والجنب أشد، نعم.

طالب:.......

إمرار الشيء على القلب ما هو مثل النطق به، هذا مجرد إمرار، لكن إذا كتبته ما تلمسه، نعم تمره على قلبها لا بأس، تمرها إذا كانت آيات وإلا إذا كان غير القرآن لا مانع، إذا كان من غير القرآن لا مانع، نعم؟

طالب:.......

الأوراد إذا أوردت الآيات على أساس أنها من القرآن وترجو بها ثواب القرآن كل حرف بعشر حسنات، لا، وإذا أوردت على أنها ذكر من الأذكار رخص لها في ذلك، دعونا نكمل يا إخوان لأن المسألة وكل مسائل هذا الباب تحتاج إلى عناية.

قال مالك: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة" وهذا تشديد -رحمه الله- "إلا وهو طاهر"، والإمام مالك -رحمه الله- يعني تعظيمه لهذه الأمور ظاهر، يعني تعظيمه للسنة فضلًا عن القرآن، يفعل أشياء ما فعلها غيره، ما فعلها غيره -رحمه الله تعالى-، لا يحدث إلا على طهارة، وعلى تمام الهيبة والأبهة، وانتظام الحال، لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول: "ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته" جلده الذي يحمل به، جلده الذي يخبأ فيه، جلده الذي يخبأ فيه، "ولم يكره" الكراهة هنا عنده كراهة تحريم، "ولم يكره ذلك" يقول: ليس السبب في كراهة ذلك، وليست علة كراهة ذلك لأجل أن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به المصحف، ليس سبب المنع من حمل القرآن؛ لأن يده متلطخة إما بنجاسة أو بقذر ولو كان طاهرًا يدنس القرآن، نعم، يعني لو قلنا بهذا قلنا: من وراء حائل يجوز، لكن ليس هذا هو السبب، إذا لم يكن هذا هو السبب فسواءً كان بحائل أو بغير حائل، ما يجوز على كلام الإمام مالك -رحمه الله-.

يقول: يعني فلا يكفي مجرد طهارة اليد، "ولكن إنما كره ذلك لمن يحمله وهو غير طاهر إكرامًا للقرآن وتعظيمًا له" فيستوي في ذلك من أحدث سواءً دنس المصحف أو لم يدنسه، يعني سواءً كانت يده نظيفة وإلا دنسة، يعني المهم أنه هذا على حد سواء عنده -رحمه الله-.

"لا يمس القرآن إلا طاهر" وعندنا الآية: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة].

يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} إنما هي بمنزلة الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [(11- 16) سورة عبس] الذين هم من؟ الملائكة، إذًا {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} الملائكة، إذا كان هذا رأي الإمام مالك، وقد قرر فيما قبل أن البشر لا يمسه منهم إلا المطهرون، بل الإمام مالك -رحمه الله- شدد في ذلك، هل مفاد كلام مالك أنه يرخص في كون البشر يمسون المصحف؟ يقول: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[(79) سورة الواقعة] إنما هي بمنزلة الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا} يعني لا تفعل مثل هذا، {إِنَّهَا} أي الآيات {تَذْكِرَةٌ} عظة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} وحفظ ذلك فاتعظ به {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} عند الله -جل وعلا-، {مَرْفُوعَةٍ} في السماء، {مُطَهَّرَةٍ} منزهة، {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} كتبة، {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} مطيعين لله -عز وجل- وهم الملائكة، قد يقول قائل: الإمام مالك شدد في مس المصحف من وراء حائل، وهنا يقول: هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هؤلاء الملائكة، الذي يقول: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هم الملائكة ما هو بالطرف الثاني الذين يقولون: إن المحدث يجوز أن يمس المصحف؟ نعم هم الذين يستدلون بهذه الآية، إذًا هل الإمام مالك يقول بهذا القول؟ لا، لا يقول بهذا القول، لكن كون الآية لا تدل على المراد في بادئ الأمر، وإلا فهي من أقوى الأدلة حتى على القول بأن المراد الملائكة من أقوى الأدلة على أن القرآن لا يجوز مسه إلا بطهارة.

يقول الباجي -رحمه الله تعالى-: "ذهب مالك -رحمه الله- في هذه الآية إلى أنها على الخبر عن اللوح المحفوظ أنه لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، وقال: إن هذا أحسن ما سمع في هذه الآية، وقد ذهب جماعة من أصحابنا إلى أن معنى الآية النهي للمكلفين من بني آدم عن مس القرآن على غير طهارة، وقالوا: إن المراد بالكتاب المكنون المصاحف التي بأيدي الناس"، وإدخال الآية في الترجمة دليل على أن مالكًا يرى وجوب الطهارة لمس المصحف إدخال الآية في هذه الترجمة باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، وأدخل الآية وبين أن المراد بها الملائكة، إدخال هذه الآية تحت هذه الترجمة يدل على أن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى وجوب الطهارة لمس المصحف، وذلك أن الباري قال في وصف القرآن بأنه كريم، وأنه في الكتاب المكنون، الذي لا يمسه إلا المطهرون، فوصفه بهذا تعظيمًا له، والقرآن المكنون في اللوح المحفوظ هو المكتوب في المصاحف، فحكمه هناك لا يمسه إلا المطهرون، وحكمه أيضًا هنا: لا يمسه إلا المطهرون، فوصفه بهذا تعظيمًا له، والقرآن المكنون في اللوح المحفوظ هو المكتوب في المصاحف التي بأيدينا، وقد أمرنا بتعظيمه فيجب أن نمتثل ذلك بما وصف الله به القرآن من أنه لا يمس الكتاب الذي هو فيه إلا المطهر، وهذا وجه صحيح سائغ" هذا كلام الباجي، يعني هل في الآية حتى على القول بأنها في الملائكة ما يدل على منع مس القرآن من غير حائل للمحدث؟ وعرفنا وجه الباجي، يقول: مادام كتابًا مكنونًا وفي اللوح المحفوظ، والملائكة على أنهم طاهرون، نعم، ممنوع أن يمس القرآن إلا المطهرون، والمكتوب هناك هو الموجود عندنا في المصاحف، إذًا الموجود عندنا أيضًا لا يمسه إلا المطهرون.

ابن القيم في مدارج السالكين -رحمه الله- يقول: "الصحيح في الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[(79) سورة الواقعة] أن المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة، الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة، وذكر سبعة أوجه كلها قوية، يراجع في مدارج السالكين في الجزء الثاني صفحة أربعمائة وستة عشر وسبعة عشر، كلها وجيهة، السبعة الأوجه، ثم قال: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى وقدس الله روحه- يقول: "لكن تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر؛ لأنها إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون، لكرامتها على الله -جل وعلا- فهذه الصحف أولى ألا يمسها إلا طاهر" يعني نظير ما قاله الباجي، وهذا استدلال في غاية القوة، يعني بعض الناس إذا سمع أن هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[(79) سورة الواقعة] الملائكة إذًا نمسه ما المانع ما دام هذا خاص بالملائكة؟ نقول: إذا منع الملائكة -الذين هم في الأصل مطهرون من مسه إلا على طهارة، فكيف بمن يتلبس بالنجاسات وغيرها؟ نعم، هذا من باب أولى، والممنوع، الكتاب المكنون الممنوع من مسه إلا المطهرون في اللوح المحفوظ، هو القرآن الموجود عندنا في المصاحف، إذًا وجهة النظر واضحة، وكلام الباجي وكلام شيخ الإسلام قريب من بعض، قريب جدًّا من بعض، هذا وإن كان خبرًا، هذا خبر عنه، لا يمسه في مكان مأمون، نعم محفوظ، نعم يعني أن يمسه غير المطهرون هؤلاء، إذًا من شأنه ألا يمسه إلا طاهر، وإذا كان هذا في اللوح المحفوظ في الكتاب المكنون الذي عندنا في المصاحف أليس هو؟ إذًا لا يمسه إلا المطهرون، مثل ذاك.

يقول: ما رأيك فيمن يقول: لو كان المراد بني آدم لكانت الآية: "لا يمسه إلا المتطهرون"؟

هذه ذكرها ابن القيم فيما ذكر، نعم، ذكره ابن القيم من الأوجه التي تدل على أن الآية في الملائكة، والآن ما هو بوجه الخلاف أنها في الملائكة أو في بني آدم، لا، نوافق على أنها في الملائكة ولا نختلف معهم، لكن إذا منع منه الملائكة إلا مع الطهارة وهم في الأصل مطهرون، فمنع من يتلبس بالحدث من باب أولى، وينتهي الإشكال، فتكون دلالتها على منع مس القرآن من غير طهارة، نعم من باب قياس الأولى الذي هو القياس الجلي؛ لأنه عرضة لأن يمسه غير المتطهر، هذاك ما هو بعرضة أن يمسه غير المتطهر، غير طاهر، هذا عرضة لأن يمسه المحدث، يمسه المتلطخ بنجاسة، فهو من باب أولى، المنع منه من باب أولى، عرفت وجه الأولى؟ عندنا الآية أقوى في الدليل من الحديث، الآية لمن تأملها أقوى في الدلالة من الحديث.

طالب:.......
لا، لا...... بحائل معروف إنه مذهب الحنفية ومعروف عند الحنابلة لا بأس من وراء الحائل، لكن مذهب مالك والشافعي شيء أشد، اختيار البخاري أنه لا بأس من مسه بحائل، منهم من يرخص إذا كان القرآن مع متاعه، مع المتاع، عفشه كله صناديق ومعه مصحف يحمل هذا الصندوق أو ما يحمله وهو ما هو بطاهر؟ هم عندهم لأنه تبع حمله غير مقصود لذاته، .......... وما الباعث على هذا الكلام؟ تعظيم القرآن، ومن لا يعظم القرآن من المسلمين.

طالب:.......

ماذا فيه؟ كتب التفسير أهل العلم يقررون أن الحكم للغالب، يعني لو كان تفسير عليه آيات يسيرة، معاني يسيرة في هامشه أو شيء منه والقرآن مستقل يصير قرآنًا.

طالب:.......

لا، أنت عد الحروف والحكم للغالب، الحكم للغالب، هناك كلمات على القرآن في الحاشية ما تخرجه عن كونه قرآنًا، لكن إذا كان الغالب تفسيرًا، الآن كون المصحف مفردًا هل يعني هذا أنه قرآن؟ الآن طبعوا ابن كثير بهذه الطريقة، مجلد واحد عندكم في كل خمس صفحات ثلاث صفحات وجه هذا نسميه تفسيرًا وإلا قرآنًا؟ تفسير.

الجلالين كذلك، شخص من أهل اليمن أشكل عليه القراءة في تفسير الجلالين من غير طهارة، وعرف من خلال كلام أهل العلم أن الحكم للغالب فعد حروف القرآن وحروف التفسير، يعني الآن عنده مشكلة هو، حروف القرآن وحروف التفسير، فيقول: إلى المزمل العدد واحد، نعم العدد واحد إلى سورة المزمل، ومن المدثر إلى آخر القرآن زاد التفسير قليلًا انحلت المشكلة عنده، لكن يبقى أن المسألة أنت إذا نظرت في التفسير الممزوج تقول: هذا قرآن؟ لا، ليس بقرآن لا حقيقة ولا عرفًا، التفسير الممزوج يعني لو كان قليلاً ومزج بالقرآن، ترى هذا تفسير يا أخي ما ترى القرآن، لكن إذا كان مفردًا والتفسير على جانبه ونسبته يسيره بالنسبة للقرآن بخلاف ما إذا كان نسبته كبيرة، في التفسير الممزوج، الممزوج الذي ما هو مستقل القرآن، التفسير الممزوج هذا تفسير ما هو بقرآن، لكن القرآن المستقل المحدث ما يمس القرآن ولو كان مع ابن كثير على طوله؛ لأن القرآن مستقل ترون الطبعة الجديدة من تفسير ابن كثير القرآن مثل التفسير مع ابن سعدي ومع الجلالين وغيرها، فهو قرآن، الممسوس قرآن، لكن تمسك التفسير ما فيه إشكال.

طالب:.......

والله نحن نتسامح فيه كثير، يعني نحمل المصحف ونضعه بجلده بعلاقيته بكيسه الله يعفو ويسامح، نعم، مع أن من أهل العلم من كره تجزئة القرآن، الصحابة كتبوه بالاتفاق مجموعًا، فكونه يجزأ إلى أجزاء كرهه جمع من أهل العلم، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.