شرح العقيدة الطحاوية (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين، قال المؤلف رحمه الله تعالى:

فالحاصل أن نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي أم لا؟ أو في المستقبل فقط أو الماضي فقط فيه ثلاثة أقوال معروفة لأهل النظر من المسلمين وغيرهم أضعفها قول من يقول لا يمكن دوامها لا في الماضي ولا في المستقبل كقول جهم بن صفوان وأبي الهذيل العلاف وثانيها قول من يقول يمكن دوامها في المستقبل دون الماضي كقول كثير من أهل من أهل الكلام ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم والثالث قول من يقول يمكن دوامها في الماضي والمستقبل كما يقوله أئمة الحديث وهي من المسائل الكبار ولم يقل أحد يمكن دوامها في الماضي دون المستقبل.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فهذه المسألة وهي مسألة تسلسل الحوادث من المسائل- كما ذكر المؤلف- الكبار، والكلام فيها كثير لأهل العلم والأنظار فيها تباينت كما ذكر من الخلاف، والمراد بالحوادث المفعولات المخلوقات لله- جل وعلا- ذكر الشارح رحمه الله تعالى فيه ثلاثة أقوال، القول الأول: قول من يقول أنه لا يمكن دوامها لا في الماضي ولا في المستقبل، وهذا قول الجهم بن صفوان والعلاف وغيرهم من أئمة الاعتزال والتجهم؛ ولذا قالوا بفناء الجنة والنار؛ لأنهم لو قالوا بدوام الجنة والنار للزمهم القول باستمرار الحوادث في المستقبل، ومما يحتج به أو يتشبث به هؤلاء أن الله جل وعلا هو الأول والآخر، وفي الحكم بتسلسل الحوادث في الماضي منازعة له في اسمه الأول وفي الحكم بتسلسل الحوادث في المستقبل منازعة له في اسمه الآخر، هو الأول الذي ليس قبله شيء، ما معنى الأول الذي ليس قبله شيء؟ ولو قلنا بتسلسل الحوادث في الماضي لا نقول بأنه وُجد قبله شيء، بل العقل يرده فضلا عن السمع لأنه إذا كانت الحوادث هذه من مفعولات فيستحيل أن تسبقه ويستحيل أيضا أن توجد معه يعني مع القول بتسلسلها في الماضي وأنه لازال- جل وعلا- فعّالا لما يريد، لكن لا يلزم من ذلك أن هذه منازعة لاسمه الأول، التسلسل في المستقبل قالوا إن إثبات التسلسل في المستقبل ينازع اسمه الآخر بمعنى أنه إذا كان معه أشياء ليس هو الآخر آخرية مطلقة، هو الأول فليس قبله شيء وهو الآخر فليس بعده شيء، لكن هل من لازم وجود الحوادث في القدم في الأزل وأنه لا يزال فعالا ولن يزال فعالا لما يريد أن تكون معه أو قبله أو بعده؟ ليس من اللازم ذلك لا عقلا ولا شرعا و قأو قبله ولذا المثبَت والمقرر عند أئمة الحديث وأئمة أهل السنة وسلف هذه الأمة أنه يثبت التسلسل في الماضي والمستقبل ولا يلزم من ذلك المنازعة في اسميه الأول والآخر لما ذكرنا، يعني كون أهل الجنة ينعّمون وأهل النار يعذبون إلى أبد الآباد والجنة باقية والنار باقية هل يلزم من ذلك أن تكون باقية بعد الله- جل وعلا-؟ لا يمكن، القول الثاني: قول من يكون يقول يمكن دوامها في المستقبل دون الماضي كقول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم هذا له من ينصره من أهل السنة والماتن سيأتي في كلامه أنه يشير إلى هذا القول أو يُفهم منه هذا القول، التنظير لهذه المسألة العلماء يقولون النية لا يشترط لها نية، إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، النية عمل قلبي يثاب عليه، عمل شرعي هل هذا العمل يدخل من عمل القلب يدخل في قوله «إنما الأعمال بالنيات» فتحتاج إلى نية؟ والنية الأولى تحتاج إلى نية؟ لئلا يلزم من ذلك التسلسل في الماضي، وهنا يقولون تسلسل الحوادث في الماضي لا يمكن في القول الثاني، التسلسل في المستقبل يمثل له في الأحكام العملية الشكر على نعمة من نعم الله، الشكر نعمة تحتاج إلى شكر هل نقول لا، لا يحتاج إلى شكر لئلا يلزم التسلسل في المستقبل ما الفرق بين المسألتين؟ قلنا النية لا تحتاج إلى نية لأنه يلزم عليه التسلسل إلى ما لا نهاية، وذا في الشكر نقول الشكر على نعمة {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُم}[إبراهيم:7] حصل لك نعمة تشكر عليها من أجل الزيادة، هذا الشكر نعمة يحتاج إلى شكر هل نقول مثل ما قلنا في النية لئلا يلزم التسلسل؟ أو نقول اشكر والشكر نعمة يحتاج  إلى شكر ولا تزال شاكرا؟ طيب نقول يلزم عليه التسلسل في المستقبل إلى ما لا نهاية، لا مانع منه، الأمر الثاني أن في مثل أفعال المخلوقين سواء كانت في الماضي أو في المستقبل هي لها نهاية وهي عمر الإنسان، ليست مثل ما يضاف إلى الله جل وعلا من الحوادث من مفعولاته من مخلوقاته الذي هو الأول فليس قبله شيء والآخر بلا نهاية، لكن المثال مثال تقريبي يوضح المسألة ويعين على فهمها فقط، وهذا القول له ما ينصره في كلام المصنف الطحاوي، سيشير إليه على ما سيأتي، ثالث الأقوال: قول من يقول يمكن دوامها في الماضي والمستقبل كما يقوله أئمة الحديث، قال: وهي من المسائل الكبار، صحيح من المسائل الكبار؛ لأنها متعلقة بالخالق- جل وعلا- متعلقة بأسمائه متعلقة بأفعاله بقدره بالقضاء والقدر كما سيأتي، فهي من المسائل الكبار، قال: ولم يقل أحد يعني تمام القسمة الرباعية إذا قلنا لا يمكن في الماضي ولا المستقبل هذا قول يمكن في الماضي والمستقبل يقابله يمكن في المستقبل دون الماضي تمام القسمة أن يقال يمكن في الماضي دون المستقبل القسمة رباعية، لكن لم يقل أحد يمكن دوامها في الماضي دون المستقبل يعني هل المعتزلة الذين يقولون بفناء الجنة والنار يقولون بدوامها في الماضي لا، هم يقطعون التسلسل في الماضي والمستقبل إذًا لا قائل بدوامها في الماضي دون المستقبل.

ولا شك أن جمهور العالم من جميع الطوائف يقولون إن كل ما سوى الله تعالى مخلوق كائن بعد أن لم يكن وهذا قول الرسل وأتباعهم من المسلمين واليهود والنصارى وغيرهم ومن المعلوم بالفطرة أن كون المفعول مقارنًا لفاعله لم يزل ولا يزال معه ممتنع محال ولم ممتنع محال ولما كان تسلسل الحوادث في المستقبل.

يعني كل من صنع شيئا هل يتصور أن هذه الصناعة وُجدت مع الصانع؟ لا، ممتنع محال أن توجد الصنعة مع صانعها والمخلوق مع خالقه هذا ممتنع في العقول لا يمكن أن يقره عاقل لكن ما معنى التسلسل في الماضي إذًا.

طالب: .............

لا، ليس بصحيح لا، هو فهم من كلامه في مفتاح دار السعادة وفي حادي الأرواح استطرد في أدلة الفريقين ولا رجح.

ولما كان تسلسل الحوادث في المستقبل لا يمنع أن يكون الرب سبحانه هو الآخر الذي ليس بعده شيء فكذا تسلسل الحوادث في الماضي لا يمنع أن يكون سبحانه وتعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء فإن الرب سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال يفعل ما يشاء ويتكلم إذا يشاء قال تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء}[آل عمران:40] وقال تعالى: {وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد}[البقرة:253]  وقال تعالى {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد}[البروج:15-16] وقال تعالى:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}[لقمان:27]  وقال تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}[الكهف:109]  والمثبَت إنما هو الكمال الممكن الوجود وحينئذ فإذا كان النوع دائما فالممكن والأكمل هو التقدم على كل فرد من الأفراد بحيث لا يكون في أجزاء العالم شيء يقارنه بوجه من الوجوه وأما دوام...

المثبَت من التسلسل في الماضي هو الممكن منه أما المحال منه في الشرع والعقل هذا لا يثبته أحد لكن الممكن منه كما سيأتي تفصيله هو المثبَت، الآن لما نثبِت أدلة العلو والاستواء على العرش ونثبت مع ذلك النزول الإلهي هل نضرب هذا بهذا؟ لا يمكن لأن ضربنا هذا بهذا ضرب من المحال إثبات مع نفي، مع أن لشيخ الإسلام كلام في هذه المسألة، وهو يقول هو مستو على عرشه بائن من خلقه مع نزوله في الثلث الأخير من الليل ولا يخلو منه العرش، شيء لا تستوعبه عقولنا الصغيرة سمعنا وأطعنا، يعني مثل ما جاء عن الشمس المعروف أن الشمس تدور في فلكها أربع وعشرين ساعة إذا غابت عن جهة من الأرض طلعت على جهة أخرى ومع ذلك ثبت في الحديث الصحيح أنها في آخر كل ليلة تسجد تحت العرش وتستأذن هل تطلع من المشرق أو من المغرب، قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم وإلا العقل لا يستوعب مثل هذه الأمور، ولو استرسلنا معه ولا أثبتنا إلا ما تهضمه عقولنا على ما يقال لضللنا، وهذا سبب لضلال أهل البدع لأنهم قدسوا عقولهم وانساقوا وراءها وجعلوا النصوص تابعة لها فضلوا وأضلوا نسأل الله العافية.

وأما دوام الفعل فهو أيضًا من الكمال فإن الفعل إذا كان صفة كمال فدوامه دوام الكمال.

لأن تعطيل القادر من الفعل نقص، الإنسان يستطيع أن يفعل ما ينفعه ثم تركه هذا كمال أو نقص؟ نقص، وهذا من باب التوضيح فقط وإلا فالله- جل وعلا-  له الكمال المطلق.

طالب: .............

هو إذا.. مبدأ كل بلية هو التشبيه وهو الذي قاد إلى التعطيل.

قالوا والتسلسل لفظ مجمل لم يرد بنفيه ولا إثباته كتاب ولا سنة لَيجب.

لِيجب.

لِيجب مراعاة لفظه، وهو ينقسم إلى واجب وممتنع وممكن وكالتسلسل.

يعني اللفظ إذا لم يرد بكتاب ولا سنة هل نتكلف اعتباره وتوضيحه والرد على من تمسك به أو نقول هذا غير ثابت وانتهى الإشكال؟ التسلسل لفظ مجمل يراد به ما يريده المبتدعة، ويراد به ما يراد فيه من كلام أهل العلم السابق؟ الممكن المبتدعة يطلقونه على الممكن والمستحيل فلذلك ينفونه وهو لفظ مجمل يحتاج إلى بيان، والذي يعرض عنه ولا يذكره ولا يبحث ولا يتطرق إليه يقول ما وردنا في كتاب ولا سنة مثل الجوهر والعرض، بعض الناس أثبته تبعا لأهل الكلام ثم صاروا يجيبون عنه لست بحاجة إلى أن تجيب عنه مثل من يستدل بحديث ضعيف ثم يحتاج إلى أن يتأوله ويجيب عنه.

وكالتسلسل في المؤثرَين محال..

المؤثرِين.

أحسن الله إليك.

وكالتسلسل في المؤثرِين محال ممتنع لذاته وهو أن يكون.

مؤثرون.

وهو أن يكون مؤثرون كل واحد منهم استفاد تأثيره ممن قبله لا إلى غاية والتسلسل الواجب ما دل عليه العقل والشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد وأنه..

لا إلى غاية الآن طالب علم استفاد علما من شيخه، وهذا الشيخ استفاد هذا العلم من شيخه، وذاك الشيخ استفاد من شيخه، إلى أي حد هل يمكن أن يكون لا إلى غاية أو لا بد أن يكون هناك غاية، يعني في الإسلام الغاية محمد -عليه الصلاة والسلام- العلوم كلها استفيدت مما جاء به -عليه الصلاة والسلام-.

والتسلسل الواجب ما دل عليه العقل والشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد وأنه كلما انقضى لأهل الجنة نعيم أحدث لهم نعيمًا آخر لا نفاد له وكذلك التسلسل في أفعاله سبحانه من طرف الأزل.

يعني القِدَم المتناهي.

وأن كل فعل مسبوق بفعل آخر فهذا واجب في كلامه فإنه لم يزل متكلما إذا شاء ولم تحدث له صفة الكلام في وقت وهكذا..

بعد أن لم يكن متكلما لم تحدث هذه الصفة بل لم يزل متكلمًا إذا شاء متى شاء يعني لا بداية لكلامه فكلامه معه لأنه صفة من صفاته.

وهكذا أفعاله التي هي من لوازم حياته فإن كل حيٍّ فعَّال، والفرق بين الحيِّ والميِّت بالفعل ولهذا قال غير واحد من السلف: الحيّ الفعّال، وقال عثمان بن سعيد كل حي فعّال ولم يكن ربنا تعالى قط في وقت من الأوقات معطّلا عن كماله من الكلام والإرادة والفعل، وأما التسلسل الممكن فالتسلسل في مفعولاته من هذا الطرف كما تسلسل في طرف الأبد فإنه إذا لم يزل حيًّا قادرا مريدا متكلما وذلك من لوازم ذاته فالفعل ممكن له بوجوب هذه الصفات له وأن يفعل أكمل من ألا يفعل ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدما لا أول له فلكل مخلوق أول والخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن، قالوا وكل قول سوى هذا فصريح العقل يرده ويقضي ببطلانه، وكل من اعترف بأن الرب تعالى لم يزل قادرًا على الفعل لزمه أحد أمرين لا بد له منهما إما أن يقول بأن الفعل لم يزل ممكنًا، وإما أن يقول لم يزل واقعا وإلا تناقض تناقضًا بيِّنا حيث زعم أن الرب تعالى لم يزل قادرا على الفعل والفعل محال ممتنع لذاته لو أراده لم يمكن وجوده.

لماذا قيل في هذا الافتراض أن الفعل محال ممتنع لذاته لو أراده لم يمكن وجوده لئلا يفترض أن فعلا من الأفعال من المفعولات مقارن لله- جل وعلا- الله- جل وعلا- لم يزل فاعلا لم يزل متكلما وما استفاد صفة الكلام بالفعل وما استفاد صفة الخلق بالمخلوقات هذه صفات ذاتية له جل وعلا من صفاته اللازمة فهي معه، وإذا قلنا أنها ممتنعة قلنا أنها وجدت وأن الله- جل وعلا- لم يوصف بهذه الصفات قبل حتى وجدت، يقول: والفعل محال ممتنع لذاته لو أراده لم يمكن وجوده هذا كله فرار من أن يوجد فعل مقارن له- جل وعلا- وقرر في السابق أنه المراد بمثل هذا الممكن الممكن منه ووجود الفعل مقارن لفاعله هذا مستحيل لا بد أن يوجد الفعل بعد وجود فاعله.

بل فرض إرادته عنده محال وهو مقدور له وهذا قول ينقض بعضه بعضا، والمقصود أن الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله تعالى محدث كائن بعد أن لم يكن، أما كون الرب تعالى لم يزل معطَّلا عن الفعل ثم فعَل فليس في الشرع ولا في العقل ما يثبته بل كلاهما يدل على نقيضه.

وهو مقتضى قول الجهمية والمعتزلة الذين يمنعون التسلسل في الماضي.

وقد أورد أبو المعالي في إرشاده وغيره من النظار على التسلسل في الماضي فقالوا أنك لو قلت لا أعطيك درهما إلا أعطيك بعده درهمًا كان هذا ممكنًا ولو قلت لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما كان هذا ممتنعًا وهذا التمثيل والموازنة..

هذا غير صحيح لأن أعطيك بعده كلام متناسق، أعطيك في المستقبل فعل مضارع بعده مناسب لأعطيك لكن أعطيك فعل مضارع في الحال أو في الاستقبال ثم قال قبله تناقض بين أن يكون في الفعل مستقبل وفي نفس الوقت ماضي لأن مقتضى قبله أن يكون ماضيا وأعطيك مضارع للاستقبال.

وهذا التمثيل والموازنة غير صحيحة بل الموازنة الصحيحة أن تقول ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما.

وكل الصيَغ في الماضي في المثال الصحيح.

فتجعل ماضيا قبل ماض كما جعلت هناك مستقبلاً بعد مستقبل وأما قول القائل لا أعطيك حتى أعطيك قبله فهو نفي للمستقبل حتى يحصل في المستقبل ويكون قبله فقد نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل وهذا ممتنع لم ينف الماضي حتى يكون قبله ماض فإن هذا ممكن والعطاء المستقبل ابتداؤه من المعطي والمستقبل الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له فإن ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع قوله..

المثال في حق المخلوق ظاهر؛ لأن المخلوق له عمر ونهاية وبداية لا أعطيك أو لم أعطك درهما إلا أعطيتك قبله حتى لو افتُرض أن هذا يتسلسل لكنه في حياته، لكن لا يمكن أن تقول لا أعطيك درهمًا إلا أعطيتك بعده وتريد بذلك الماضي مستحيل هذا.

طالب: .............

وش لون صفة..؟

طالب: .............

في مفعولاته جل وعلا؟

طالب: .............

هل يمكن أن يقال إن الله جل وعلا مع وجوده معطل عن الأفعال؟! عن الكلام؟! عن صفاته؟! عن الإرادة؟! هذا هو السبب هذا هو القدر المشترك الذي يجب إثباته.

طالب: .............

لا، ما ننفي نحن نثبت في الماضي والمستقبل لكن نثبت في الماضي الممكن أما المستقبل الذي يتعارض مع وجوده وأوليته المطلقة هذا الذي لا يمكن وليس البحث فيه لأنه لا يوجد عاقل يبحث عن شيء مستحيل البحث في الأمور الممكنة.

طالب: .............

هو مازال متكلمًا ما انفك عن صفة الكلام هذا معنى التسلسل في الماضي، ولا يزال خالقا ولم يستفد من خلقه ومن المخلوقات صفة الخلق على ما سيأتي في كلام المؤلف.

طالب: .............

هم الذي حملهم على نفيه في الماضي حتى حملهم على نفيه في المستقبل الاستحالة في معارضة اسميه الأول والآخر، لا يمكن أن تقول أول وهو مازال من وجوده يخلق هذا المخلوق، الذي خلق لأول مرة مقارن وسيأتي في الحديث «كان الله ولا شيء معه» وفي رواية «غيره» وفي رواية «قبله» على ما سيأتي.

قوله: ليس منذ خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بإحداثه البرية استفاد اسم الباري قال الشارح رحمه الله ظاهر كلام الشيخ رحمه الله تعالى أنه يمنع تسلسل الحوادث في الماضي ويأتي في..

كما أشرنا في السابق أن الشارح استروح واستظهر من كلامه هذا أنه يمنع التسلسل في الماضي لكن لا يلزم منه ذلك الاسم استفاده قبل ذلك مع وجوده جل وعلا هو متصف بهذه الصفات، ونحن نسميه بهذه الأسماء لأنه أثبتها لنفسه لا لأن هذه الصفة مقترنة بخلق أو عدمه، هو أثبت لنفسه اسم الخالق فنحن نثبته وليس من خلقه لهذا الخلق استفاد هذا الاسم، أنت الآن لا تسمي صانعا ولا كاتبا إلا إذا اتصف بهذه الصفة، لا يمكن أن تقول لشخص عاطل لا يفهم شيئا: هذا صانع، ولا يمكن أن تقول لأمي: هذا كاتب، هذا عالم، لا يمكن أن تكتسب الاسم إلا من الصفة التي اتصف بها تفيد هذا الاسم هذا بالنسبة للمخلوق لكن الله- جل وعلا -الذي أثبت لنفسه هذه الأسماء.

طالب: .............

هو موصوف فيها في الأزل لكن نحن ما ربطنا أنه خلق السموات والأرض فسميناه خالقا- جل وعلا- لأنه سمى نفسه خالقا وانتهى الإشكال.

ويأتي في كلامه ما يدل على أنه لا يمنعه في المستقبل وهو قوله والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان وهذا مذهب الجمهور كما تقدم، ولا شك في فساد قول من منع من ذلك في الماضي والمستقبل كما ذهب إليه الجهم وأتباعه وقال بفناء الجنة والنار لما يأتي من الأدلة إن شاء الله تعالى، وأما قول من قال بجواز حوادث لا أول لها من القائلين..

نعم إذا قلنا لا أول لها يعني بلا بداية، انظروا في العبارة وأما قول من قال بجواز حوادث لا أول لها هل هذا يمشي مع إثبات التسلسل في الماضي؟ أو تظهر معارضته لاسمه الأول الذي ليس قبله شيء؟ يتعارض لكنه يفضله على قول من قال بالمنع المطلق بمنع التسلسل في الماضي والمستقبل.

وأما قول من قال بجواز حوادث لا أول لها من القائلين بحوادث لا آخر لها فأظهر في الصحة..

يعني أقرب إلى الصحة من قول فأظهر..

نعم يا شيخ..؟

فأظهر..

فأظهر في الصحة في قول من فرق بينهما فإنه سبحانه لم يزل حيًا والفعل من لوازم الحياة فلم يزل فاعلا لما يريد كما وصف بذلك نفسه حيث يقول {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد}[البروج:15-16] والآية تدل على أمور، أحدها: أنه تعالى يفعل بإرادته ومشيئته، الثاني: أنه لم يزل كذلك لأنه ساق ذلك في معرض المدح والثناء على نفسه وأن ذلك من كماله سبحانه ولا يجوز أن يكون عادما لهذا الكمال في وقت من الأوقات وقد قال تعالى: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُون}[النحل:17] ولما كان من أوصاف كماله ونعوت جلاله لم يكن حادثا بعد أن لم يكن، الثالث: أنه إذا أراد شيئًا فعله فإن ما موصولة عامّة أي يفعل كل ما يريد..

كلَّ كلَّ.

أحسن الله إليك.

أي يفعل كلَّ ما يريد أن يفعله.

وما من صيغ العموم، يفعل كل شيء يريده جل وعلا.

وهذا في إرادته المتعلقة بفعله وأما إرادته المتعلقة بفعل العبد فتلك لها شأن آخر فإن أراد فعل العبد ولم يرد من نفسه أن يعينه عليه ويجعله فاعلاً لم يوجد الفعل.

نعم كالأوامر والنواهي بالنسبة للكفار والفساق العصاة يأمرهم الله جل وعلا بالإيمان فلا يؤمنون، يريد منهم إرادة شرعية أن يؤمنوا ولم يؤمنوا وطالبهم بذلك وكذلك الطاعات من المكلفين وبعضهم لا يفعل ذلك، والله- جل وعلا- أراده شرعا لكنه لم يرده قدرا فلا ينافي {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد}[البروج:16].

طالب: .............

كونا وقدرا واحد.

وإن أراده حتى يريد من نفسه أن يجعله فاعلاً وهذه هي النكتة التي خفيت على القدرية والجبرية وخبطوا في مسألة القدر لغفلتهم عنها وفرق بين إرادته أن يفعل العبد وإرادة أن يجعله فاعلاً وسيأتي الكلام على مسألة القدر في موضعه- إن شاء الله تعالى- الرابع: أن فعله وإرادته متلازمان فما أراد أن يفعله فعله وما فعله فقد أراده بخلاف المخلوق فإنه يريد ما لا يفعل وقد يفعل ما لا يريد..

يريد ما لا يفعل، يحب أن يكون له كذا أو أن يفعل كذا لكن لعجزه وكسله وتأهيله لا يصل إلى هذا الفعل لا يقدر، فإن أراد ما لا يفعل إما عجز أو كسل وقد يفعل ما لا يريده في حال الإكراه وفي حال المجاملة وفي حال المداهنة قد يفعل الإنسان شيئا وهو لا يريد وهو كاره له.

فما ثم فعال لما يريد إلا الله وحده، الخامس: إثبات إرادات متعددة بحسب الأفعال وأن كل فعل له إرادة تخصه هذا هو المعقول في الفطر فشأنه سبحانه أنه يريد على الدوام ويفعل ما يريد، السادس: أن كل ما صح أن تتعلق به إرادته جاز فعله فإذا أراد أن ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء وأن يري عباده نفسه وأن يتجلى لهم كيف شاء ويخاطبهم ويضحك إليهم وغير ذلك مما يريد سبحانه لم يمتنع عليه فعله فإنه تعالى فعّال لما يريد وإنما تتوقف صحة ذلك على إخبار الصادق به فإذا أخبر وجب التصديق وكذلك محو..

{فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد}[البروج:16] بهذا الإجمال يجب أن يكون عامًا لكل ما يندرج تحت الإرادة لكن التفصيل للمرادات لا بد أن يرد به نص مثل ما ذكره المؤلف، فإذا أراد أن ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء هذه أمثلة وأن يري عباده نفسه هذه الأمثلة لا نثبتها إلا بنص.

فإذا أخبر وجب التصديق وكذلك محو ما يشاء وإثبات ما يشاء كل يوم هو في شأن سبحانه وتعالى والقول بأن الحوادث لها أول يلزم منه التعطيل قبل ذلك وأن الله سبحانه وتعالى لم يزل غير فاعل ثم صار فاعلا ولا يلزم من ذلك قِدَم العالم لأن كل ما سوى الله تعالى محدَث ممكن الوجود موجود بإيجاد الله تعالى له ليس له من نفسه إلا العدم والفقر والاحتياج وصف ذاتي لازم لكل ما سوى الله تعالى، والله تعالى واجب الوجود لذاته غني لذاته والغنى وصف ذاتي لازم له سبحانه وتعالى وللناس قولان في هذا العالم هل هو مخلوق من مادة أم لا؟ واختلفوا في أول هذا العالم ما هو؟ وقد قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء}[هود:7]

·        هذا يدل على أن العرش قبل السموات والأرض وقبل ما فيهن من المخلوقات والخلاف بن أهل العلم في العرش والقلم «أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب» هل هذه الأولية أولية مطلقة بحيث تكون متقدمة على خلق العرش؟ أو أنها أولية مقيّدة بوصف وهو القول «قال له اكتب» أو أولية نسبية بما بعد العرش.

والناس مختلفون في القلم الذي

 

كتب به القضاء من الديان

هل كان قبل العرش أم هو بعده

 

قولان عند أبي العلا الهمذاني

والحق أن العرش قبل لأنه

 

وقت الكتابة كان ذا أركان

وكتابة القلم الشريف تعقبت

 

إيجاده من غير فصل زمان

الكتابة بعد وجود القلم لكن من غير فاصل «أول ما خلق الله القلم قال له اكتب» مباشرة وهذا هو معنى الحديث منفكا عن خلق العرش.

وروى البخاري وغيره عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال أهل اليمن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر فقال: «كان الله ولم يكن شيء قبله» وفي رواية «ولم يكن شيء معه» وفي رواية «غيره» «وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض» وفي لفظ «ثم خلق السموات والأرض» فقوله كتب في الذكر يعني اللوح المحفوظ كما قال تعالى:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْر}[الأنبياء:105] سمى ما يُكتب في الذكر ذكرا كما يسمى ما يكتب في الكتاب كتابا والناس في هذا الحديث على قولين منهم من قال إن المقصود إخباره بأن الله كان موجودا وحده ولم يزل كذلك دائما ثم ابتدأ إحداث جميع الحوادث فجنسها وأعيانها مسبوقة بالعدم وأن جنس الزمان حادثٌ لا في زمان وأن الله صار فاعلا بعد أن لم يكن يفعل شيئا من الأزل إلى حين ابتداء الفعل ولا كان الفعل ممكنا، والقول الثاني: المراد إخباره عن مبدأ خلق هذا العالم المشهود الذي خلقه الله في ستة أيام ثم استوى على العرش كما أخبر القرآن بذلك في غير موضع وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «قدّر الله تعالى مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن تقدير هذا العالم المخلوق في ستة أيام كان قبل خلقه بخمسين ألف سنة، وأن عرش الرب تعالى كان حينئذ على الماء، دليل صحة هذا القول الثاني من وجوه، أحدها: أن قول أهل اليمن جئنا لنسألك عن أول هذا الأمر وهو إشارة إلى حاضر مشهود موجود والأمر هنا بمعنى المأمور أي الذي كوَّنه الله بأمره وقد أجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بدء هذا العالم الموجود لا عن جنس المخلوقات لأنهم لم..

لأن الإشارة إنما تكون لشيء مشاهد محسوس يمكن أن يشار إليه هذا العالَم، أما ما لا يمكن الإشارة إليه فليس داخلا في سؤالهم.

وقد أجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بدء هذا العالم الموجود لا عن جنس المخلوقات لأنهم لم يسألوه عنه وقد أخبرهم عن خلق السموات والأرض حال كون عرشه على الماء لم يخبرهم عن خلق العرش وهو مخلوق قبل خلق السموات والأرض وأيضًا فإنه قال «كان الله ولم يكن شيء قبله» وقد روي «معه» وروي «غيره».

قد يسأل سائل عن شيء ويجاب بما يناسبه -جئنا لنسألك عن أول هذا الأمر- معروف أن العرش قبل السموات والأرض ومما أمروا به التفكر في خلق السموات والأرض، هل أُمروا أن يتفكروا في العرش؟ لأنهم لا يمكن أن يتفكروا، ما يرونه اللهم إلا من حيث ما ثبت من وصفه وما ثبت من الوصف لا يمكن الإشارة إليه، لا يمكن أن تشير إلى شيء سمعت عنه بقول الثقة وأنه موجود وتجزم بأنه موجود وتعتقد وجوده، لكن ما تشير إليه لأن الإشارة إلى موجود وهم مأمورون بالتفكر في السموات والأرض، إن في خلق السموات والأرض لآيات، فأخبرهم عما يهمهم ويمكنهم الوصول إليه والنظر إليه والتفكر فيه.

والمجلس كان واحدًا فعُلم أنه قال أحد الألفاظ والآخران رويا بالمعنى.

ما يقال تعددت الرواية بهذه الألفاظ الحديث واحد ومخرجه واحد فلا بد أن يكون قال لفظًا واحدًا والألفاظ الأخرى نقلها الرواة بالمعنى بالمعنى.

ولفظ القبل ثبت عنه في غير هذا الحديث ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

في هذه الحالة لا بد من الترجيح بين الألفاظ لأن أهل العلم ينقسمون إلى قسمين في مثل هذا إذا صحت صح الإسناد بلفظ وصح أيضا بألفاظ أخرى والظرف لا يحتمل التعدد فلا بد من إثبات واحد والإجابة عن البقية إن كانت تندرج وإلا تدخل ولا إشكال، لكن إذا كانت متباينة لا بد أن يثبت الأقوى ويحكم على ما عداه بالوهم ولو كان راويه ثقة، ومن أهل العلم من مسلكه عدم المسارعة في توهيم الثقات فيحكم على الحديث بالتعدد بأنه قيل أكثر من مرة صلاة الكسوف جاء في وصفها في الصحيحين وغيرهما أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان هذا في المتفق عليه، في صحيح مسلم ثلاث ركوعات وأربعة ركوعات، وفي سنن أبي داود خمسة، في صحيح مسلم هل نقول أن كل الألفاظ صحيحة، الصور صحيحة كما نقول ذلك في صور صلاة الخوف من لازم قولنا أن الصور كلها صحيحة أن تكون القصة تعددت وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الكسوف أكثر من مرة وقيل بهذا صيانة للصحيح ومحافظة على الثقات من الرواة من تعريضهم للتوهيم وهذا له من ينصره، لكن هناك من يقول وبقوة وبكل جرأة أن اللفظ الأقوى هو المحفوظ والبقية شواذ ولهذا نظائر كثيرة هل نقول معه وقبله و.. كلها ثابتة.

طالب: .............

المقصود أن الذي ثبت هنا قبله شف قال هنا «كان الله ولم يكن شيء قبله» وقد روي «معه» وروي «غيره» قال ابن تيمية رحمه الله عن هذه الرواية بعد ذكر روايتي قبله وغيره وفي رواية لغيره صحيحة «كان الله ولم يكن شيء معه وكان عرشه على الماء» وفي رواية لغير البخاري في مجموع الفتاوى وابن احجر والعيني ثم بعد ذلك ليدعم رواية قبله «اللهم أنت الأول وليس قبلك شيء» واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما في موضع آخر يعني ما ثبت إلا في هذا الموضع ليس هناك ما يشهد لهما من الأدلة الأخرى هذا مقتضى كلام الشارح.

ولفظ القبل ثبت عنه في غير هذا الحديث ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول في دعائه «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء» الحديث واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما في موضع آخر ولهذا.

يعني في غير هذا الحديث كأن الشيخ يثبت اللفظين في هذا الحديث لكن لا يوجد ما يشهد لهما فيكون الأول أرجح، والشيخ رحمه الله عُرف بالجرأة في مثل هذا وقال في صلاة الكسوف لم تحصل إلا مرة واحدة، وإبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما مات إلا مرة واحدة، طيب الروايات في صحيح مسلم وشيخ الإسلام يرى هذا الرأي وغيره قد لا يجرؤ أن يوهم رواة ثقات ورواية في الصحيح يحكم عليها بالوهم، عندنا كون السند فيه مطعن فيضعَّف الخبر من أجله هذا شيء وهذا لا يوجد في الصحيحين هذا الذي يصان عنه الصحيح، كون السند صحيح إلى من نُقل عنه وإثبات الوهم إلى من نقل عنه والسند صحيح على شرط المؤلف مثل ما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم في البخاري هذا نقول الخبر ضعيف لا ليس بضعيف على شرط البخاري لكن نقول وهم ابن عباس، صغير ابن عباس في وقته وميمونة نفسها تقول وهو حلال، أبو رافع السفير بينهما يقول حلال ولا يُدَّعى العصمة لأي شخص كائنا من كان غير النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يهم وهو من الصحابة ليسوا بمعصومين وإن كانوا أوثق الناس وأثبت الناس وأعدل الناس.

طالب: .............

هل يمكن التوفيق بينها؟

طالب: .............

فيه اختلاف.. نعم كمِّل.

ولهذا كان كثير من أهل الحديث إنما يرويه بلفظ القبل كالحميدي والبغوي وابن الأثير وإذا كان كذلك لم يكن..

الحميدي والبغوي وابن الأثير الحميدي هل المراد به شيخ البخاري صاحب المسند؟ أو صاحب الجمع بين الصحيحين؟ عندكم المحقق ترجم لصاحب المسند شيخ البخاري، أو صاحب الجمع بين الصحيحين محمد بن أبي نصر الفتوح الحميدي؟

طالب: .............

صاحب الجمع لأنه قرنه بأصحاب الجمع الآخرين، البغوي في شرح السنة ينقل عن الصحيحين وابن الأثير جمع بين الصحيحين وغيرهما فالمراد صاحب الجمع بين الصحيحين لأنه يريد أن يثبت أن هذه اللفظة اقتصر عليها من اعتنى بالصحيحين وهنا فائدة وهي أنه إذا وُجد اختلاف في روايات البخاري ممن رواه بعده في رواية أبي ذر، وفي رواية فلان رواية ابن عساكر، قال بعد السلام لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثلاث مرات، وفي رواية أبي ذر مرة واحدة أيهما أرجح؟ من خلال هؤلاء الرواة ما تستطيع أن ترجح إلا إذا كان الراوي موصوفا بعدم الحفظ مثل الكشميهني لكن العلماء الذين رووا الحديث من طريق البخاري هؤلاء الذين يرجَّح في كلامهم، البيهقي روى الحديث من طريق البخاري وقال مرة واحدة إذًا أرجح الروايات الحميدي في الجمع بين الصحيحين كما هنا روى قبله ابن الأثير في جامع الأصول روى الحديث ونسبه للبخاري بلفظ قبله، وقل مثل هذا في البغوي في شرح السنة فكلام الأئمة هو الذي يرجح بين الاختلاف في مثل هذه الأمور.

وإذا كان كذلك لم يكن في هذا اللفظ تعرّض لابتداء الحوادث ولا لأول مخلوق وأيضًا فإنه قال «كان الله ولم يكن شيء قبله» أو «معه» أو «غيره» وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء» فأخبر عن هذه الثلاثة بالواو وخلق السموات والأرض روي بالواو وبثم فظهر أن مقصوده إخباره إياهم ببِدء خلق السموات والأرض.

بَدء ببَدء.

أحسن الله إليك.

فظهر أن مقصوده إخباره إياهم ببَدء خلق السموات والأرض وما بينهما وهي المخلوقات التي خُلقت في ستة أيام لا ابتداء خلق ما خلقه الله قبل ذلك وذكر السموات والأرض بما يدل على خلقهما وذكر ما قبلهما بما يدل على كونه ووجوده ولم يتعرض لابتداء خلقه له وأيضًا فإنه إذا كان الحديث قد ورد بهذا وهذا فلا يجزَم بأحدهما إلا بدليل فإذا رجُح أحدهما..

رجَح رجَح.

أحسن الله إليك.

فإذا رجَح أحدهما فمن جزم بأن الرسول أراد المعنى الآخر فهو مخطئ قطعًا ولم..

إذا ملنا إلى الترجيح وقلنا بأن الثابت هو الراجح والمرجوح يحكم عليه بالشذوذ أو بالوهم ما نحتاج إلى أن نتكلف المعنى الآخر يكون ما معنى إلا معنى واحد لا يعارضه شيء، الثاني يكون وجوده مثل عدمه إلا أننا بقدر الإمكان إذا أردنا أن نرد اللفظ الذي حكمنا عليه بالوهم ونحفظ ونصون الراوي الثقة من أن يكون واهما ونرده في المعنى إلى الآخر تعيّن لأن مثل هذا أولى من من الحكم بتوهيم الراوي الثقة.

فمن جزم بأن الرسول أراد المعنى الآخر فهو مخطئ قطعًا ولم يأت في الكتاب ولا في السنة ما يدل على على المعنى الآخر فلا يجوز إثباته بما يظن أنه معنى الحديث ولم يرد كان الله ولا شيء معه مجردًا وإنما ورد على السياق المذكور فلا يظن أنه معناه الإخبار بتعطيل الرب دائمًا عن الفعل حتى خلق السموات والأرض وأيضًا فقوله -صلى الله عليه وسلم- «كان الله ولم يكن شيء قبله أو معه أو غيره وكان عرشه الماء» لا يصح أن يكون أنه تعالى موجود وحده لا مخلوق معه أصلاً لأن قوله «وكان عرشه على الماء».

لأن كان تدل على المضي قبل هذا الظرف الذي تحدث عنه كان يعني في الماضي عرشه على الماء وهو مخلوق.

طالب: .............

ما يلزم ما يلزم.

لأن قوله وكان عرشه على الماء يرد ذلك فإن هذه الجملة وهي «وكان عرشه على الماء» إما حالية أو معطوفة وعلى كلا التقديرين فهو مخلوق موجود في ذلك الوقت فعُلم أن المراد ولم يكن شيء من هذا العالم المشهود.

 

اللهم صل على محمد...

"