شرح العقيدة الواسطية (41)

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: ويحبون أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال يوم غدير خم: «أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» وقال أيضًا للعباس عمه -وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم- فقال: «والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي» وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم». ويتولون أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصًا خديجة -رضي الله عنها- أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية. والصديقة بنت الصديق -رضي الله عنهما- التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، ويمسكون عما شجر بين الصحابة. ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون؛ إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصومًا عن كبائر الإثم وصغائره؛ بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنهم خير القرون، وإن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم» ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه. فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور لهم؟ ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل، نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما مَنّ الله به عليهم من الفضائل علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم هم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله –تعالى-.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد مضى كلام المؤلف -رحمه الله تعالى- في أول الفصل عن طريقة أهل السنة والجماعة ومنهجهم في تولي صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكفِّ ألسنتهم وسلامة قلوبهم عن شيء مما لا يليق بحال هؤلاء السادة الذين هم خير الأمة، ثم بعد ذلك ثنى بما يجب تجاه الآل -آل بيت النبي -عليه الصلاة والسلام- والآل هم أهل البيت، أصل آل أهل، كما قرر ذلك أهل اللغة، بدليل أن الهاء ترد عند التصغير فلا يقال: أويل؛ إنما يقال: أهيل، والتصغير يرد الحروف الأصلية، قد يقول قائل: لماذا قدم الصحابة على الآل؟ لماذا قدم الصحابة على الآل؟ لماذا لم يبدأ بالآل قبل الصحابة؟ نقول: إن الآل الصحابة منهم داخلون في المقدم وفي المؤخر، والتنصيص عليهم مع دخولهم في المقدم للاهتمام بهم والعناية بشأنهم، فخيارهم وأوائلهم صحابة، فهم داخلون في بداية الفصل ونهايته، التنيصيص عليهم لا شك أنه من باب الاهتمام بشأنهم والعناية بهم، وأيضًا باعتبار الأكثر، يعني لو قدر أن الصحابة يمكن انفصالهم عن الآل، والآل يمكن انفصالهم عن الصحابة لا سيما إذا تصورنا أن من الآل ممن يحفظ له هذا الحق، ممن ليس بصحابي، يدخل في نصوص الوصية بالآل ممن ليس من الصحابة، الذي ليس من الصحابة وإن كان من الآل، هل هم بمنزلة الصحابة؟ لا، ليسوا بمنزلة الصحابة، فتقديم الصحابة على كل حال هو الأصل؛ لأن الآل لا يخلون من حالين؛ الحال الأولى أن يكونوا صحابة فيدخلون في الأول، والآخر فيكونوا قد ذكروا مرتين إن لم يدخلوا في الصحابة ممن جاء بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يحصل له شرف الصحبة وإن حصل له شرف القرابة، إلا أنهم دون الصحابة في المرتبة لا أحد يقول: إن علي بن الحسين -مثلاً- مثل مثل آحاد الصحابة، وإن كان شريفًا مقدمًا سيدًا إمام قدوة، لكن أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، فالصحابة لهم منزلة على ما تقدم لا يبلغها أحد ممن لم يتصف بهذا الوصف، مهما بذل ومهما حصل منه من سابقة ومن غَنَاء ومن علم وعمل، كل هذا لا يؤهله لأن يكون من مصاف الصحابة على ما تقدم وعلى ما سيأتي أيضًا.

قال -رحمه الله-: ويحبون أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعم الآل لهم حق الصحابي منهم له حقوق حق القرابة وحق الصحبة، ومن دونهم له حق القرابة يتولونهم، يعني يعتبرونهم أولياء لله وللمؤمنين، أما بالنسبة للصحابة منهم فلا يحتاجون إلى تفصيل، ومن جاء بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا الحق ثابت له إن كان على الجادة، إن كان على الجادة، من كفر منهم بالله -جلَّ وعلا- فلا قيمة له ألبتة، فأبو لهب عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وفيه سورة نزلت في ذمه وبيان خسارته تتلى إلى يوم القيامة، يتلوها المسلمون من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- من نزولها إلى قيام الساعة، إلى أن يرفع القرآن في آخر الزمان، وأبو طالب عم النبي -عليه الصلاة والسلام- ونصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وذاد عنه، لكن الله لم يكتب له الهداية، ونزل فيه قول الله -جلَّ وعلا-: {إنك لا تهدي من أحببت} كذلك لا نتولاه ولا نحفظ فيه الوصية؛ لأنه ليس من أهلها؛ لأنه ليس من أهلها، ويحفظون فيهم وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال -يوم غدير خُم، موضع بين مكة والمدينة  يقرب من الجُحْفَة- قال -حينما قدم من مكة قافلاً إلى المدينة-: أذكركم اللهَ في أهل بيتي، فهم وصيته -عليه الصلاة والسلام- فهذا حق لهم يحفظ دون غيرهم من خيار الأمة ولو كانوا صحابة، الصحابة لهم حقوق، تقدم شيء منها، وسيأتي شيء منها، لكن القرابة إذا كانوا صحابة فلهم الحقوق مجتمعة.

أذكركم اللهَ في أهل بيتي، هذه وصية من النبي -عليه الصلاة والسلام- تحفظ لأهل البيت ولآل البيت إلى قيام الساعة، فمن ثبت نسبه إليه -عليه الصلاة والسلام- مع اختلاف أهل العلم في المراد بآل البيت؛ منهم من يقول: هم بنو هاشم الذين لا تحل لهم الصدقة، ومنهم من يضيف بني المطلب، ومنهم من يقول: هم نسله -عليه الصلاة والسلام- وعلي والعباس وما تفرع عنهما، إضافة إلى عُقَيل وجعفر كلهم من آل البيت.

على كل حال المسلم منهم يحفظ له هذا الحق، ولا تأخذ المسلم في ذلك ردة فعل؛ لأن ممن ينتسب إلى القبلة يبالغ فيغلو في أهل البيت حتى يصل به الأمر إلى أن يجعلهم آلهة مع الله -جلَّ وعلا- حصل هذا من غلاة الرافضة على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- على عهد علي -رضي الله تعالى عنه-، على عهد علي -رضي الله عنه-، وادعوا فيه الألوهية:

لما رأيت الأمر أمرًا منكرًا

 

أججت ناري ودعوت قُنْبَرَا

هؤلاء الغلاة لا عبرة بهم، كما أنه لا عبرة بضدهم من النواصب الذين لما رأوا كثرة الوضع في فضائل آل البيت أخذتهم العاطفة والحمية وردة الفعل، فوضعوا في فضائل أبي بكر وعمر أحاديث موضوعة مكذوبة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذه طريقة النواصب، وطريقة أهل السنة والجماعة بين الفئتين الضالتين يتولون الآل ويحفظون فيهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنهم لا يصرفون لهم شيئًا من حقوق الله -جلَّ وعلا- وإذا كان يُسمع في مثل هذه الأيام تكفير الصحابة وتضليل الصحابة والغلو بآل البيت، حتى قال القائل وهو يطوف بالبيت: يا أبا عبدالله، جئنا بيتك قصدنا حرمك نرجو مغفرتك، هل لمثل هذا حظ في الإسلام؟ هذا هو الكفر هذا هو الشرك الأكبر، يعني ما ترك لله شيئًا -نسأل الله السلامة والعافية-.

طالب: ...............

الحسين بن علي، الله المستعان. وقال أيضًا للعباس عمه وقد اشتكى إليه.

يقول الزمخشري: خُم بضم الخاء: اسم رجل صبَّاغ أضيف إليه الغدير الذي بين مكة والمدينة بالجُحْفَة، وقيل هو على ثلاثة أميال من الجحفة، وذكر صاحب المشارق، يعني الزمخشري يقول هذا الكلام في الفائق الفائق، وذكر صاحب المشارق..، من صاحب المشارق؟ القاضي عياض، مشارق الأنوار على صحاح الأخبار في غريب الصحيحين والموطأ من أنفع ما كتب في الغريب، إلا أن طريقة تأليفه الحروف على طريقة المغاربة، وهي تختلف عن طريقة المشارقة، فالبحث فيه يصعب إلا بفهرسة على الطريقة المعروفة:

مشارق أنوار تبدت بسبتة

 

ومن عجب كون المشارق بالغرب .

كتاب عظيم ووزنه ثقيل عند أهل العلم، اختصره ابن قرقول في كتاب أسماه "مطالع الأنوار" وزاد عليه، واشتهر المختصر أكثر من الأصل؛ ولذا تجدون في الشروح دائما يقولون: قال صاحب المطالع، قال صاحب المطالع، وذكر صاحب المشارق أن خُمًّا اسم غَيْضَة هناك، الغَيْضَة هي الأرض التي يكثر بها الشجر ويلتف بعضه على بعض، أشبه ما يكون بالغابة، وبها غدير نُسب إليها، وللغدير شأن عند المبتدعة الغلاة ممن يعظم أهل البيت، وهذا الحديث له شأن عندهم، ولا شك أن الحديث عند أهل السنة -أهل العمل بالسنة- له شأنه، لكن لا يصل إلى حد الإفراط، تجد التسمية به في كل مجال وفي كل مكان هو مكان المكان نفسه لا يزيد شرفًا على غيره، أمور تسمى بالغدير، وعندهم مجلة تصدر بهذا الاسم مملوءة بسب الصحابة وبيان مثالبهم والافتراء عليهم والغلو بأهل البيت، والله المستعان، والموعد الله، يقول: «أذكركم اللهَ في أهل بيتي» وقال أيضًا للعباس عمه، وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، يجفوهم يعني لا يعاملهم المعاملة التي تليق بهم، وقد يجد في نفسه شيئًا عليهم، والنفوس مجبولة على بعض الأشياء، والقلوب لا شك أن فيها بعض الأمراض، يعني مشتملة على بعض الأمراض التي علاجها في كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، الجفاء قد يحصل من المسلم، حصل هذا الجفاء من قريش لبني هاشم، فقال: «والذي نفسي بيده لا يؤمنوا..، -لا يؤمنون نافية- لا يؤمنون حتى يحبوكم» «والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم» نفي الإيمان هنا نفي كمال، حتى يحبوكم لله -جلَّ وعلا-، محبة خالصة لله -جلَّ وعلا-، «ولقرابتي» يعني بسبب قرابتي، وهذا أمر عادي إذا كنت تحب الشيء وتحب الشخص، تحب من يحبه هذا الشخص، فقربهم من النبي -عليه الصلاة والسلام-: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى}، والمحب الطبري له كتاب كبير اسمه "الرياض النضرة في مناقب العشرة" وله أيضًا "ذخيرة العقبى في مناقب ذوي القربى".

«والذي نفسي بيده» فيه إثبات اليد لله -جلَّ وعلا-، مر بنا مرارًا أن كثيرًا من الشرّاح يؤولون هذا فرارًا من إثبات اليد، فيقولون: روحي في تصرفه، يفسرون باللازم روحي في تصرفه «لا يؤمنون» الإيمان الكامل حتى يحبوكم لله ولقرابتي، هذه الغاية، وإذا جاء مثل هذا في القرابة فقد جاء كما تقدم «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار»، يعني الأدلة متوازنة، الأدلة متوازنة، وأسعد الناس بهذه الأدلة مجتمعة أهل السنة والجماعة، فنجد الرافضة يأخذون طرفًا ويتركون الطرف الآخر، ونجد النواصب يعكسون، ووفق الله أهل السنة في هذا الباب كسائر أبواب الدين إلى التوسط والعمل بجميع النصوص، «حتى يحبوكم لله ولقرابتي».

وقال -عليه الصلاة والسلام-: «إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريشٍ بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» فهو -عليه الصلاة والسلام- خلاصة الخلاصة الخلاصة الخلاصة، هذا لعموم المسلمين هذا.

طالب: ..................

مزية آل البيت أنهم يدخلون في جميع النصوص، يدخلون في حديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ويدخلون في النصوص الخاصة، فلا شك أن هذه مزية زيادة في الشرف، زيادة في الحق.

هنا مسألة والفرصة مواتية وقد مر بنا ذكر الصحابة وذكر الآل، الروافض لا يترضون على الآل، بل يكفرون السواد الأعظم منهم، ولا يترحمون عليهم، ولا يصلون عليهم تبعًا ولا استقلالاً، وتجدهم يصلون ويسلمون على الآل استقلالاً فضلاً عن تبعيتهم للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والنواصب العكس تجدهم يغلون في بعض الصحابة، لكنهم يثلبون آل البيت ويذمونهم على ما سيأتي، في حديث الصلاة الإبراهيمية بعد التشهد «اللهم صل على محمد وعلى آله محمد» في الحديث الصحيح: «عرفنا كيف نسلِّم عليك، فكيف يصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد»، لا شك أن هذا يدل على شرف الآل، مع أن الآل بالمعنى الأعم يشمل أهل البيت ويشمل الصحابة ويشمل الأزواج على وجه الخصوص؛ لأنه جاء في بعض الروايات: «اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته» والنصوص يُفسَّر بعضها ببعض، أقول صار شعار لبعض المبتدعة تخصيص الآل دون الصحب، وشعار لبعض المبتدعة تخصيص الصحب دون الآل، وأهل السنة يجمعون بينهما، فهل في حديث الصلاة الإبراهيمية ما يدل على أنه يطرد في الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- عطف الآل دون الصحب؟ أولاً الحديث العام في الصلاة -عليه الصلاة والسلام- ما جاء على وجه العموم، الأمر بالصلاة عليه والسلام في أواخر الأحزاب: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}، امتثال هذا الأمر العام بقولنا -صلى الله عليه وسلم- بدون زيادة ولا نقصان، امتثال هذا الأمر بقولنا: صلى الله عليه وسلم، والصلاة الإبراهيمية في التشهد فرد من أفراد هذا العام، فرد من أفراد هذا العام، والتنصيص على بعض الأفراد لا يقتضي التخصيص، ما هو القواعد جارية على هذا. التنصيص على بعض الأفراد لا يقتضي التخصيص، ففي الصلاة لا بد أن نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، خارج الصلاة نمتثل بقولنا: صلى الله عليه وسلم، وإذا أضفنا من له حق علينا كالآل والصحب فنور على نور؛ لأن الآل هم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحب بواسطتهم وصلنا الدين هم الواسطة بيننا وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا سبق تقريره، فالعموم يقتضي صلى الله عليه وسلم في الصلاة الإبراهيمية، نقول: صلى الله عليه، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ولما كان الإفراد شعارًا لبعض المبتدعة والنص لا يلزم على العموم ليس بمُلزِم، خلافًا لمن يقول: إنه يجب الصلاة على الآل كلما ذُكر النبي -عليه الصلاة والسلام-، كلما ذكر النبي يجب الصلاة على الآل؛ لقوله: قولوا: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد»، عرفنا أن هذا فرد من أفراد العام، العام فيه صلوا عليه وسلموا تسليمًا، وهذا فرد من أفراده، والتنصيص على بعض الأفراد لا يقتضي الخصوص، يعني ممن عاش في بيئة تأثر بها لوجود بعض المبتدعة فيها، والبيئة مؤثرة والإنسان ابن بيئته مهما حاول التخلص، الصنعاني والشوكاني ويتبعهم صديق بن حسن خان يقولون: أنه يجب الصلاة على الآل كلما ذُكر النبي -عليه الصلاة والسلام-، طيب أئمة الإسلام من صدر الإسلام إلى يومنا هذا ما يصلون على الآل، يكتفون بقوله: صلى الله عليه وسلم، الأئمة مالك وأحمد والشافعي والبخاري ومسلم وغيرهم قالوا: هؤلاء يداهنون الولاة، يداهنون الولاة، طيب هؤلاء كلهم وُجدوا في خلافة الآل، في خلافة بني العباس، كيف يداهنون الولاة؟ وكيف يُظن بأئمة الإسلام التتابع والاتفاق على هذا الأمر بمداهنة الولاة؟ هذا طعن في هؤلاء الأئمة، يعتقدون وجوب الصلاة على الآل ويتركونها مداهنةً للولاة يمكن أن يقال هذا؟ يظن بأئمة الإسلام مثل هذا الظن، تخريج المسألة على أصولها، الأصل امتثال قول الله -جلَّ وعلا- في سائر الأحوال اللهم صل..، صلوا عليه وسلموا تسليمًا، صلى الله عليه وسلم، ولا يمنع أن نضيف أن نقول: صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ما فيه ما يمنع، أما التنصيص على بعض الأفراد بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، هذا معروف، هذا شيء متفق عليه عند أهل العلم، يعني كوننا نتقرب إلى فئة نتقرب إليهم ونتألفهم، نعم إذا وُجدت في بلدهم والمسألة محتمِلة والنص يحتمل، وذكر شيء قد يثيرهم ويجعلهم لا يقبلون ما يخالف، لكن في حال سعة أنت في بلاد إسلام، ما فيه يضغط عليك، يعني يقال: إن شخصًا من الشيعة تأثر بتخصيص الآل فصار سنيًّا، المداراة مطلوبة، لكن حينما يقوم سببها يعني لو إنسان عاش في إيران -مثلاً- وقال: اللهم صل على محمد وآله ما يلام؛ لأنه يتألفهم بهذا في أمر مشروع أصله، أصله مشروع ما فيه إشكال، لكن نترك الصحب وهم الجمع الغفير ممن نصر الدين وحمل إلينا الدين كله مداراة لهم، ما هو بصحيح، ليس بصحيح هذا إطلاقًا، وعلى كل حال حتى من يقول من أهل العلم بأننا ندخل الآل ونتبع ونعطف الآل على الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يمنع من عطف الصحب، ما يمنعون، وقد يقول قائل: إن الآل يشمل أهل البيت والصحابة، نقول: صحيح بالمعنى الأعم، لكن صار الآل لهم حقيقة عرفية إذا أطلق ما ينصرف إلا إليهم، صار لهم حقيقة عرفية إذا أطلق لا ينصرف إلا إليهم، وصار شعارًا عند بعض المبتدعة، تلبسوا به، لا يحيدون عنه، فما الذي يضير أن يقال: صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، أما مسألة التأليف وعدم التأليف الحين أنت مُلزم أن تترضى على معاوية في طهران؟ نحن نترضى على معاوية، لكن نحن ملزمون علنا؟ نثير الناس علنًا، ما نحن ملزمون، لكن مع ذلك في قرارة أنفسنا نترضى عليه، فكل شيء يقدر بقدره، وكل ينزل بمنزلته.

طالب: ..................

هو في بيئة شيعية.

طالب: ..................

عند الحنابلة ركن من أركان الصلاة، أما خارج الصلاة فهم والصحابة سواء، هم والصحابة سواء، أصل الامتثال لقوله -جلَّ وعلا-: {صلوا عليه وسلموا تسليمًا} فإذا قلت: صلى الله عليه وسلم كما هو صنيع الأئمة من صدر الإسلام إلى يومنا هذا، خلاص انتهى، إذا أضفت من له حق، من له حق، أضف كل من له حق، أما التخصيص بدون مخصص..، دعنا من مسألة في داخل الصلاة، داخل الصلاة توقيفي لا تزيد ولا تنقص، ما تقول: سيدنا محمد، وهو سيد ولد آدم، فالزيادة مثل النقص، هم عاشوا في بيئة تأثروا بها شاؤوا أم أبوا، حتى أنهم أحياناً يسيئون الأدب لبعض الصحابة، والبدعة بدعة ولو كانت من عمر، هذا لا شك أن البيئة لها تأثير في مثل هذا، الإنسان ابن بيئته، لو حاول التخلص ما يستطيع، لكثرة ما يسمع، لكثرة ما يقول وكثرة ما تجمعهم المجالس، ثم يضطر أحياناً إلى أن يقول مثل هذا الكلام.

طالب: ...............

ما نحن نذم الشوكاني، جزاك الله خيرًا، ولا الصنعاني ولا صديق، نعرف أنهم من أهل السنة في الجملة، في الجملة، عندهم شيء من المخالفة اليسيرة التي لا تخرجهم من كونهم من أهل السنة، قلنا: إنهم تأثروا بالبيئة، لا شك أنهم تأثروا ومن تتبع كلام الشوكاني وكلام الصنعاني لهم كلام يعني حتى أحياناً معاوية يُلمز أحياناً، فالذي نعتقده أنهم من أئمة الإسلام، لا نقول فيهم إلا خيرًا، لكن عندهم مخالفات، هذا يقدح فيهم؟ هل هم معصومون؟ ليسوا بمعصومين، بل حرصهم على السنة وتطبيق السنة والعمل بالسنة ونبذ التخليط هذا يشكر لهم.

طالب: .................

يا أخي عذرناهم في ذكر أقوال الزيدية والهادوية والهادي والقاسم والناصر، قلنا: هذا من باب المداراة ومن باب ترويج الكلام من أجل أن يقبل؛ لأنهم عاشوا في بيئة تعتنق هذه الأقوال، عذرناهم في مثل هذا، لكن ما نعذرهم حينما يأتون بكلام لا يليق بمقام عمر -مثلاً- أو معاوية أو مثله، لا أبدًا، يعني يقولون: قال علي -عليه السلام-، قال علي -عليه السلام-، وإيش اللي يخصصه من بين الصحابة؟ هل هو أفضل من أبي بكر؟ ليس بأفضل من أبي بكر أبدًا، وإن كان إمام هدى الذي نعتقده وندين الله به أنه جاء في فضله من النصوص أمور لا يمكن حصرها.

طالب: ...............

هم استدلوا بالصلاة الإبراهيمية ما عندهم غيرها ترى، والصلاة الإبراهيمية فرد من أفراد هذا العام؛ العام صلوا عليه وسلموا تسليمًا. لا، خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لكن إن أضفنا إليه.

طالب: ...............

دعنا من الصلاة الإبراهيمية، هذا في وقتها وفي مكانها، الأصل: {صلوا عليه وسلموا تسليمًا} نقول: صلى الله عليه وسلم، وهذا صنيع أئمة الإسلام من صدر الإسلام إلى يومنا هذا، كوننا نطعن في الأئمة؛ لأنهم داروا أو داهنوا الولاة هذا ما هو بصحيح.

طالب: ...............

وافق، كله أمر، كله أمر، وهذه صورة من صور الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- صورة فهي من أفراد العام لا تقتضي التخصيص إلا لو جاءت بحكم مخالف، لو جاءت بحكم مخالف قلنا: نعم، صورة من صور الصلاة.

طالب: ...............

لا، لا، ما هي بردة فعل، ما لهم حق علينا، الصحابة..، يعني تتصور دين بدون صحابة؟ من أين وصلنا هذا الدين إلا عن طريقهم، ولهم سابقة ولهم يد طولى في نشر الإسلام وفي الدعوة إلى الإسلام، وفي حفظ الدين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان ما وصلنا شيء.

طالب: ................

لا، ما فيه، ما فيه، ما فيه، لا هذا، ولا هذا، إلا الصلاة الإبراهيمية، والصلاة الإبراهيمية فرد من أفراد العام ما تقتضي التخصيص ونقول: إذا أردنا أن ندرج مع النبي -عليه الصلاة والسلام- من له حق علينا فندرج الآل؛ لأنهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- ومنزلتهم فوق رؤوسنا.

طالب: .................

ما لهم حق عليك؟

طالب: .................

خلاص صلِّ عليهم تبعًا للرسول وسلم عليهم.

طالب: ..................

لا، لا، لا هم داخلون، ما عندنا إشكال، لكن لما يكون اللفظ له عرف عند الجميع عند أهل العلم وغيرهم عرف عام وعرف خاص.

طالب: ..................

لكن إذا عرف عند الناس كلهم.

طالب: ..................

ما يكفي لا بد من التنصيص عليهم، وإذا وجد من ينكر فضل الصحابة لا بد من التنصيص عليهم، لا بد من التنصيص عليهم. وقال: إن الله اصطفى -يعني اختار- من بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، يتولون أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين، {النبي أولى بالمؤمنين} من.. {وأزواجه أمهاتهم}، هن أمهات المؤمنين، ويؤمنون أنهن أزواجه في الآخرة خصوصًا خديجة -رضي الله عنها- أزواجه أمهات المؤمنين، والخلاف هل هن أمهات المؤمنات أو لا؟ جاء عن عائشة ما يدل على أن أمهات المؤمنين لسن بأمهات للمؤمنات، لكن الخبر لا يسلم من مقال، ودخول الإناث في جمع الرجال معروف في اللغة وفي النصوص أيضًا، {وكانت من القانتين}، فهن أمهات للمؤمنين رجالاً ونساء، وهل يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: أبو المؤمنين، أو لا يقال؟ إذا كانت زوجاته أمهات المؤمنين فهو زوجهن أبو المؤمنين، وجاء في الخبر: «إنما أنا لكم كالوالد» وقوله -جلَّ وعلا-: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} هذا معروف عند أهل العلم أنه يخرج التبني، الأبوّة بالتبني، وأما في التعظيم والاحترام والتقدير فهو فوق الأب {هؤلاء بناتي}.

طالب: ................

لا، أمهات المؤمنين في التعظيم والتقدير والاحترام، وإلا فحجابهن معروف منصوص عليه في القرآن، بل هن أشد من غيرهن في الحجاب، وجاء فيهن في الحجاب، ما هو أشد من عموم نساء المسلمين، {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} فالتعليل {إنما يريد الله ليطهركم أهل البيت} {وإن سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب} لا، الحجاب مفروض على النساء بما في ذلك أمهات المؤمنين، «وكان يعرفني قبل الحجاب» أمور مستفيضة ومتواترة هذه، ..هذا بلا إشكال، هذا ما فيه إشكال، والخلاف يسوقونه أهل العلم بسبب قول عائشة: «نحن أمهات رجالكم دون نسائكم» وهذا فيه كلام، الخبر: ويتولون أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، هذا طريقة أهل السنة والجماعة خلافًا لمن قال مثل الروافض، الروافض لا يعترفون لبعض أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- وهم يجزمون بأنه توفي عنهن وهن في عصمته، بل يقذفون عائشة وقد برأها الله -جلَّ وعلا- من فوق سبع أرقعة في كلام يتلى إلى آخر الزمان، ومن قذفها بعد أن برأها الله -جلَّ وعلا- فليس له حظ في الإسلام.

ويتولون أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، هن أزواجه في الآخرة، لكن مع فضلهن وأنهن معه في المنزلة؛ لأنهن يلحقن به، إلا أنهن دون أبي بكر وعمر وخيار الصحابة والجلة منهم في المنزلة كما سبق أن ذكرنا، وإن قال ابن حزم: إن أمهات المؤمنين أفضل من أبي بكر وعمر؛ لأن منزلتهن معه في الجنة ومنزلة أبي بكر وعمر دونه بلا شك، وأجبنا عن هذا سابقًا، أمهات المؤمنين ذكر القرطبي في تفسيره عددًا منهن ونذكرهن  بالأسماء فقط، وإلا هو ذكر ما يتعلق بكل واحدة منهن يقول: قوله تعالى: {قل لأزواجك} كان للنبي -عليه الصلاة والسلام- أزواج؛ منهن من دخل بها، ومنهن من عقد عليها ولم يدخل بها، ومنهن من خطبها فلم يتم نكاحه معها، فأولهن خديجة بنت خويلد وأطال الكلام فيها، ومنهن سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس العامِرِيَّة، وتاريخها معروف ما يخفى على طلاب العلم أنها خشيت أن تطلق فوهبت نوبتها وليلتها لعائشة، فأمسكها النبي -عليه الصلاة والسلام-، منهن عائشة بنت أبي بكر الصديق تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي يعني عقد عليها بنت ست، ودخل بها وهي بنت تسع سنين، ولم يتزوج بكرًا غيرها وتوفي عنها وعمرها ثمان عشرة سنة، منهن حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، ومنهن أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية المخزومية، ومنهن أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان، ومنهن زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، ومنهن أيضًا زينب بنت خزيمة بن الحارث التي كانت تسمى أم المساكين، ومنهن جويرية بنت الحارث الخزاعية، ومنهن صفية بنت حيي بن أخطب، ومنهن ريحانة بنت زيد بن عمرو، ومنهم من يقول: إن هذه ملك يمين ولم يذكرها كثير ممن كتب في أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- منهن؛ لأنها ملك يمين مثل مارية، ومنهن ميمونة بنت الحارث الهلالية، يقول: هؤلاء المشهورات من أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- وهن اللاتي دخل بهن -رضي الله عنهن-.

فأما من تزوجهن ولم يدخل بهن؛ فمنهن الكلابِيَّة واختلفوا في اسمها فقيل: فاطمة، وقيل: عمرة، وقيل: العالية، وهي التي استعاذت منه، وكانت تقول: أنا الشقية، ومنهن أسماء بنت النعمان بن الجون الجَوْنِيَّة، وأكثر أهل العلم على أن هذه هي التي استعاذت منه، ثم قال: «لقد عُذت بمعاذ أو بعظيم، الحقي بأهلك»، ومنهن قُتَيْلة بنت قيس أخت الأشعث بن قيس زوجها إياه الأشعث ثم انصرف إلى حضرموت فحملها إليه، فبلغه وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فردها إلى بلاده فارتد وارتدت معه، ثم تزوجها عكرمة بن أبي جهل إلى آخره، منهن أم شَرِيْكة الأزدية واسمها غُزية بنت جابر بن حكيم، ومنهن خولة بنت الهذيل بن هبيرة، ومنهن شراف بنت خليفة أخت دحية بن خليفة الكلبي، هذه لم يدخل بها، هؤلاء لم يدخل بهن، ومنهن ليلى بنت الخطيب أخت قيس، تزوجها -يعني عقد عليها- وكانت غيورًا فاستقالته فأقالها، ومنهن عمرة بنت معاوية الكندية تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال الشعبي: تزوج امرأة من كندة فجيء بها بعد ما مات، ومنهن ابنة جُندب بن ضمرة الجندعية، قال بعضهم: تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنكر بعضهم وجود ذلك، ومنهن الغفارية، قال بعضهم: تزوج امرأة من غفار، فأمرها فنزعت ثيابها، فرأى بها بياضًا، فقال: «الحقي بأهلك»، ويقال: إنما رأى البياض بالكلابية. فهؤلاء اللاتي عقد عليهن ولم يدخل بهن.

فأما من خطبهن فلم يتم نكاحه معهن ومن وهبت له نفسها؛ فمنهن أم هانئ بنت أبي طالب واسمها فاخطة، خطبها النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: إني امرأة مصبية، يعني لها صبيان واعتذرت إليه فعذرها، ومنهن ضُباعة بنت عامر، ومنهن صفية بنت بشامة بن نضلة، خطبها النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان أصابها سباء، فخيرها النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: «إن شئت أنا وإن شئت زوجك»، قالت: زوجي، فأرسلها فلعنتها بنو تميم، قاله ابن عباس، ومنهن أم شريك وقد تقدم ذكرها، ومنهن ليلى بنت الخطيم، وقد تقدم ذكرها، ومنهن خولة..، يعني يختلف هل دخل بها أو لم يدخل؟ ومنهن خولة بنت حكيم بن أمية، وهبت نفسها للنبي -عليه الصلاة السلام- فأرجعها فتزوجها عثمان بن مظعون، ومنهن جمرة بنت الحارث بن عوف المُري، خطبها النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أبوها إن بها سوءًا ولم يكن بها، فرجع إليها بها أبوها وقد برصت، وهي أم شبيب بن البرصاء الشاعر، ومنهن سودة القرشية، خطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت مصبية، فقالت: أخاف أن يضغوا صبيتي عند رأسك، يعني يصيحون عند رأسك، فلا يرتاح، فحمدها ودعا لها، ومنهن امرأة لم يذكر اسمها، قال مجاهد: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة فقالت: أستأمر أبي، فلقيت أباها فأذن لها، فلقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «قد التحفنا لحافًا غيرك».

فهؤلاء جميع أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان له من السراري سُريتان: مارية القبطية وريحانة في قول قتادة، وقال غيره: كان له أربع: مارية، وريحانة، وأخرى جميلة أصابها في السبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش.

طالب: ....................

نعم منهم من يقول: الدخول بإسدال الستار فقط، ومنهم من يقول: لا يتم إلا بالجماع {اللاتي دخلتم بهن} لا شك أن مجرد إسدال الستار لا يترتب عليه أحكام؛ لأن لو لو لم توطأ هل تكون بكر والا ثيب؟ بكر، لكن الإشكال في كونه يعني ربط الحكم بالجماع يترتب عليه آثار؛ لأنه قد يتزوج يعقد على المرأة ويمكث عندها الأيام الطويلة ويستمتع بها كيفما شاء، ثم بعد ذلك يعتبرها بكرًا فيردها، فمن باب سد الذريعة لمثل هذا التلاعب حمل جمع من أهل العلم على أنه مجرد إرخاء ستار، وأنه مُكِّن منها وفعل منها ما فعل إلا أنه لم يتم..، وإلا فالأصل أنه الجماع؛ لأنه هو الحد الفاصل بين البكارة والثيبوبة، ويعرفون البكر بأنها من لم توطأ بنكاح صحيح، ويعرفون الثيب بأنها من وطئت في نكاح صحيح.

طالب: .................

القرطبي ذكر الخلاف في المسألة، ذكر الخلاف في المسألة ورجح، أنه ليس لها حكم أمهات المؤمنين؛ لأنها ليست زوجة له في الآخرة، ما استمرت في عصمته.

على كل حال المسألة معروفة عند أهل العلم، القرطبي ذكر الخلاف وطول عليها.

طالب: ................

ليست زوجة، سرِّيِّة ملك يمين.

طالب: ................

إن أعتقها ولدها..، هي عتُقت بعد موته..، لا في حياته، أم الولد إنما تعتق بموت سيدها.

يقول -رحمه الله تعالى-: خصوصًا خديجة -رضي الله عنها- أم أكثر أولاده، أول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها من المنزلة العالية، يعني ما هو معروف ومشهور في النصوص، وقصة بدء الوحي معروفة ثابتة في الصحيحين وغيرهما.

خديجة أول امرأة تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- وكانت أكبر منه؛ فسنها كان أربعين سنة، تفوقه بخمس عشرة سنة، عمره خمسة وعشرون، تزوجها قبل البعثة واشتغل في تجارتها، ثم بعد ذلك لما نزل عليه الوحي في الغار وخاف على نفسه -كما في الحديث الصحيح- وذهب بالآيات يرجُف فؤاده ذهب إليها -رضي الله عنها- فطمأنته وسكَّنته واستدعت أو ذهبت به إلى ورقة بن نوفل، فقالت: اسمع من ابن أخيك، فسمع ما أنزل إليه ... إلى آخر القصة، ولا شك أن هذا الموقف موقف لم يحصل لغيرها، وهي من أول من آمن به على الإطلاق، وإذا فُصِّل قيل: أول من آمن به من النساء، وأول من آمن به من الرجال، وأول من آمن به من الصبيان، وأول من آمن به من الموالي.. إلى آخره، لا تخرج عن هذا التفصيل، مع دخولها في الأولية المطلقة، وهذا من مناقبها -رضي الله عنها-، وجاء في فضلها وفضائلها نصوص كثيرة جدًّا، منها أنها بُشرت ببيت في الجنة من قصب لا وصب فيه ولا نصب، وجاءت أدلة كثيرة تدل على فضلها، وهي أم أكثر أولاده، بل جميع أولاده عدا إبراهيم منها، فمنها من الذكور القاسم وعبدالله ويلقب بالطيب والطاهر، ومنهم من يجعلهم أربعة، لكن هما اثنان، ومنهن من البنات زينب وأم كلثوم وفاطمة ورُقَيَّة، فهي أم جميع أولاده عدا إبراهيم.

أول من آمن به وعاضده على أمره.

طالب: ...................

لا شك أن السن الذي يقف عنده تقف عنده الولادة، الحنابلة يقولون: الخمسين، والواقع يشهد بأن الولادة بعد الخمسين إلى الآن مازال النساء بعد الخمسين يلدن، بل منهن من تناهز الستين وتلد، على كل حال هذا أمر الواقع يشهد بخلافه، ويبنون عليه انقطاع الحيض، وقد وُجد من تحيض بعد الخمسين، ومرَّ علينا في كلام الخِرقي أنها من الخمسين إلى الستين أمرها موقوف، وهذا دليل على أن الاحتمال قائم في أنها تحيض بعد الخمسين، والواقع يشهد بذلك.

أول من آمن به، يعني: أولية مطلقة، لما نزل عليه جبريل ذهب إليها، فهي أول من آمن به ورقة بن نوفل الذي صدقه فيما قال وطمأنه أيضًا، وقال: هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، إلا أنه مات قبل الدعوة وصدَّقه، والخلاف في  إثبات الصحبة له معروف عند أهل العلم، فإذا ثبتت صحبته فهو أول من آمن من الرجال، هذا على القول بإثبات صحبته، ومن قال: إنه مات قبل الدعوة فمعنى هذا أن استجابته مجرد تصديق قبل أن يدعو، والمراد الاستجابة بعد الدعوة، استجابة من دعاه بعد دعوته -عليه الصلاة والسلام- يعني ما أمر بتبليغ، وعلى كل حال الخلاف معروف بين أهل العلم، وقد رُئي أو رآه النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجنة سواء كان معدودًا في الصحابة أو لا فهو مسلم على أي حال، وعاضده على أمره.

وكان لها منه المنزلة العالية وكان يذكرها بعد وفاتها ويصل صواحبها، وغارت عائشة منها -رضي الله عن الجميع- بعد وفاتها، فهذا يدل على فضلها.

والصدِّيقة بنت الصدِّيق عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- التي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» يعني: «كمُل من النساء آسيا ومريم وخديجة» كما جاء في بعض الروايات، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، هذا الفضل هل يشمل خديجة والا لا؟ يعني على الرواية التي ذُكرت فيها خديجة يشمل والا ما يشمل؟ كمل من النساء، فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، الثريد هو الخبز مع اللحم:

إذا ما الخبز تأدمه بلحمٍ

 

فذاك أمانةُ اللهِ الثريدُ

فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وجاء في مناقب الزوجتين الشيء الكثير مما يجعل الخلاف في هذه المسألة، تفضيل إحداهما على الأخرى قوي بين أهل العلم، والترجيح فيه شيء من العسر، حتى قال بعضهم: إن عائشة في وقتها أفضل، خديجة في وقتها أفضل، وعائشة بسبب ما حصل بواسطتها من نشر للعلم والدين بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من هذه الحيثية، ولا يمنع أن يكون التفضيل من وجه دون وجه؛ قد تكون عائشة أفضل في العلم والتبليغ، وهذا هو الحاصل، وخديجة أفضل في الإيواء والنصرة والدعم للنبي -عليه الصلاة والسلام-، «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»، الثريد عرفنا أنه الخبز مع اللحم، إذا اختلف العلماء في المفاضلة بين الزوجتين فماذا عن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، هل هي أفضل منهما أو دونهما؟ يعني هل تدخل فاطمة بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «فضل عائشة على النساء» والأصل أن (ال) جنسية تشمل جميع النساء، هل نقول: إن هذا عام محفوظ؟ أو نقول: مخصوص؟

طالب: ...............

من أين يشم مثل هذا؟

طالب: ...............

إيه هذا إن جاء هذا وجه شبه بعيد، «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائل الطعام»، يعني لو كان الحديث: «فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» قلنا سائر النساء غير من ذكرن معها في الحديث «كمل من النساء» فيكون السائر بمعنى الباقي، فيكون الحديث فيه دلالة على أن خديجة أفضل منها، وحقيقة أن الترجيح في مثل هذا يحتاج إلى مزيد من الرصد، ومزيد من الاستقراء للنصوص، وقد يقف الإنسان بدون ترجيح؛ لأنه ورد أدلة متكافئة، وهذا يدل على أن إحداهما أفضل من وجه والأخرى أفضل من وجه، وأما بالنسبة لفاطمة -رضي الله عنها- وأرضاها، فجاء فيها أنها سيدة نساء أهل الجنة، وإذا كانت سيدة نساء أهل الجنة فإذا استصحبنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سيد ولد آدم، يعني أفضل ولد آدم، وإذا قلنا: إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، قلنا: إنها أفضل أهل الجنة، فدلَّ على أنها أفضل من غيرها مطلقًا، لكن يبقى ما معنا «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» تدخل في فاطمة أو لا تدخل؟ أو نقول: إن هذا من العام المخصوص؟ عام محفوظ والا مخصوص؟ محفوظ والا مخصوص؟ يعني إذا نظرنا إلى فضائل خديجة وإلى أثرها في أول الإسلام وأول الدعوة، والأثر في هذا الظرف أعظم من الأثر بعد ذلك، بدليل: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} لا شك أن الأثر بالغ بالنسبة لخديجة، ثم إذا نظرنا إلى ما حملته عائشة من الدين وبلغته إلى الأمة وجدنا أن الأثر بالغ أيضًا، وبالنسبة لفاطمة كونها بَضْعة من النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أن هذه مزية، إضافة إلى ما جاء في فضائلها، وكلهم لا شك أن أو كلهن سادات مشهود لهن بالفضل والخيرية على غيرهن، ولا يلزم أيضًا أن نقول: إن فلانة أرجح مطلقًا، أو فلانة أرجح مطلقًا، بل نحفظ لهن من الفضل ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ ولذا تجدون الخلاف لم يحسم بين أهل العلم، الخلاف لم يحسم.

طالب: .................

جاء في الخبر أنهن من زوجاته في الجنة، لكن الكلام في كون مريم -مثلاً- نبية، قال به جمع من أهل العلم، قال به جمع من أهل العلم، فإذا ثبت ذلك فهي أفضل النساء على الإطلاق، إذا ثبت ذلك وابن حزم يرى أن ست من النسوة كلهن نبيات، والدليل القطعي {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً} يدل على أنه ليس في النسوة أو ليس من الأنبياء ولا المرسلين أحد من النسوة، وكونه أوحي إليها هذا لا يعني أنه وحي نبوة أو وحي رسالة، يعني أوحي إلى النمل، أو أوحي إلى النحل، {وأوحى ربك إلى النحل} وهو إلهام وليس بوحي نبوة ولا رسالة.

ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، سبق الكلام فيه، فلا حاجة إلى إعادته، يتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ويخونونهم ويحكمون بردتهم إلا النفر اليسير، ولا شك أن هذا طعن في الدين جملة، طعن في الرب -جلَّ وعلا- الذي أثنى عليهم، طعن في الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي نصروه وأيدوه وأثنى عليهم، ويسبونهم ويخونونهم، بل خونوا جبريل الذي نزل بالوحي -نسأل الله السلامة والعافية- وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، النواصب عرفنا أن منهم من شابه الرافضة في وضع الأحاديث واختلاقها، وهذا لا شك أنه من باب ردة الفعل، الروافض وضعوا في فضائل أهل البيت الشيء الكثير، فانبرى بعض من ينتسب إلى الصديق، قالوا: فانبرى بعض البكريين إلى الوضع على النبي -عليه الصلاة والسلام- هم ينتسبون إلى أبي بكر، هو من باب العاطفة فقط، ينتسبون إلى الصحابة من باب العاطفة فقط، وإلا الانتساب لا يتم إلا مع الاتفاق، أما مع الاختلاف فلا يتم الانتساب، لا يتم الانتساب، وضعوا في فضائل أبي بكر وعمر في مقابل ما وضعته الرافضة في فضائل علي وأهل البيت، وهؤلاء -نسأل الله السلامة والعافية- -أعني الطائفتين- كلهم على ضلال، ووفق الله أهل السنة والجماعة فعملوا بما ورد في فضائل أهل البيت، وعملوا بما ورد في فضائل الصحابة، وتولوا الجميع، وتبرؤوا من الطائفتين، وهذا تقدم الكلام فيه.

وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، يقول المعلق -الشيخ ابن مانع -رحمه الله-: هذا هو الحق الذي يجب المصير إليه، وقد ضل كثير من المؤرخين المتنطعين فجعلوا أنفسهم كأنهم حكّام بين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصوبوا وخطؤوا بلا دليل، بل باتباع الهوى وضعف الدين، ولقد أحسن ابن عدوان النجدي بقوله، حيث قال ابن عدوان هذا ناظم الواسطية:

ونمسك عما كان بين صحابة 

 

وما صح معذورون فيه فقل قد .

فإما لهم أجران أو أجر يا فتى

 

فلا تبغ قولاً غير ذلك تهتدي .

وليسوا بمعصومين فاسمع مقالنا

 

ولكن لهم ما يوجب العفو فاهتد 

فقد صح عن خير الخلائق أنهم .

 

لخير القرون افهم بغير تردد  .

وهذا سيأتي شرحه في كلام الشيخ -إن شاء الله تعالى- والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"