شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (253)
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، ونشكر له تفضله بشرح أحاديث هذا الكتاب فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.
حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: كنا انتهينا من الحديث عن ألفاظ حديث أنس -رضي الله عنه- في حديث معاذ رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلنا نستكمل ما تبقى من بعض الأحكام في هذا الحديث والمسائل.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فالحديث، حديث أنس في قصة معاذ حينما كان رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال له ما قال مخرج في الصحيح، في البخاري، في الأصل في موضوعين الأول، هنا في كتاب العلم، في باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال حدثني أبي عن قتادة، قال حدثنا أنس بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ رديفه على الرحل قال يا معاذ، يا معاذ بن جبل الحديث سبق ذكر المناسبة.
المقدم: نعم
ترجم من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا،
المقدم: ألا يفهموا، والبخاري يرى ألا يفهموا من يعنى معانيها الاتكال أن يتكلوا دليل على عدم الفهم
دليل على عدم الفهم، دليل على عدم فهمهم
المقدم :عدم فهمهم
وهذا الكلام معمول به عند أهل العلم في، على مر العصور، تجد المصنفون الطلاب،
المقدم: نعم
ما يجعلون بهم جميعًا
المقدم: صحيح
دفعة واحدة يقرؤون عليه في كتاب يصلح لمبتدئين ولا في كتاب يصلح لمنتهين، نعم
المقدم: صحيح
فإذا اجتمع فئات من الناس ألف طالب وفيهم المبتدئ، والمتوسط، والمنتهي، والعالم، والعامي، والمتخصص، ثم المثقف وغيرهم هل هؤلاء على حد سواء؟
المقدم: أبدًا
نعم يؤتى بمثل هؤلاء يعني، وهذا يلحظ في بدايات الدروس، نعم في بدايات الدروس لما يبدأ بكتاب صعب جدًا، نعم على أوساط المتعلمين وهذا أدركناه في بعض دروسنا، تجد في أول درس حينما يعلن عن الكتاب المسجد يمتلئ.
المقدم: مليء
يمتلئ ثم في الأسبوع الثاني
المقدم: أقل
ينقص العدد ثم في الأسبوع الثالث ينقص لماذا؟ هؤلاء الذين تخلفوا
المقدم: ما أدركوا
أحد أمرين: إن كان صعب جدًا فهؤلاء لم يفهموا، وإن كان سهل جدًا فالذين تخلفوا، الكبار الذين لا يليق بهم مثل هذا الكتاب، فلابد من تصنيف الطلاب على طبقات وهذه طريقة أهل العلم، فالمبتدئون لهم كتب ولهم جلساتهم الخاصة ولهم أسلوب التعامل معهم، والمتوسطون كذلك، والمنتهون كذلك، وهذا شيء مجرب ومشاهد وبعض الطلاب يحضر مدة ثم ينقطع، فيكون أحد الاثنين: إما أن يقول والله أنا الدرس فوق مستواي ولا أفهم أو يقول: والله أنا عندي من العلم ما هو فوق هذا المستوى فأبحث عن ما هو أنفع لي منه، الموضع الثاني في كتاب العلم أيضًا في الباب المذكور نفسه، قال -رحمه الله-: حدثنا مسدد، قال: حدثنا معتمر قال: سمعت أنسًا قال: ذكر لي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: «من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة» قال: ألا أبشر الناس؟ قال: لا إني أخاف أن يتكلوا». المناسبة ظاهره كسابقه
المقدم: ظاهره نعم
يقول ابن حجر: تنبيه أورد المزي في الأطراف هذا الحديث في مسند أنس، أورد المزي هذا الحديث في مسند أنس، نعم وهو من مراسيل أنس، وكان حقه أن يذكره في المبهمات -والله الموفق؛ لأن أنس اسمع الإسناد يقول: حدثنا.. الموضع الثاني حدثنا مسدد وقال: حدثنا معتمر، وقال: سمعت أنسًا قال: ذكر لي أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال لمعاذ: نعم.
المقدم: فمن مراسيل
هل يقال مرسل وإلا متصل في سنده مبهم؟
المقدم: يعني مراسيل الصحابة يحكم عليها بهذا
مراسيل الصحابة لها حكم الاتصال.
المقدم: نعم
نعم،
أما الذي أرسله الصحابي فحكمه الوصل على الصواب
هذا مفروغ منه، لكن مثل هذا السياق سمعت أنس قال: ذُكر لي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: يعني لو أن أنسًا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا بمكة مثلًا قبل الهجرة.
المقدم: مقبول
نقول مرسل صحابي
المقدم: نعم حكمه حكم الصحابي
لأن الصحابي ما أدرك هذه القصة، اللي هو أنس لصغره أو لتأخر إسلامه، أو لغيبته، المقصود هذه الأسباب التي تجعل الصحابي يرسل، إما صغر سنه لم يدرك القصة كأكثر أحاديث بن عباس وابن الزبير وصغار الصحابة، نعم أو لغيبته أو لتأخر إسلامه، هذه أسباب المراسيل، لكن الآن قد سمعت أنسًا قال ذكر لي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لمعاذ: هل هذا مرسل، أو متصل، دعنا من الحكم، دعنا من كون حكمه الوصل، لكن هل هذا موصول في سنده من يجهل كما يقول الحافظ العراقي؟ أو هو مرسل؟ الحافظ ابن حجر يقول: وهم من مراسيل أنس، وكان حقه أن يذكره في المبهمات، كيف مراسيل ومبهمات؟ المبهمات شيء والمراسيل شيء آخر.
المقدم: الكلام هذا لابن حجر
لابن حجر، نعم يقول أورد المزي في الأطراف هذا الحديث من مسند أنس، القصة لا تروى عن أنس، أنس يرويها عن من ذكرها له.
المقدم: صحيح
فليست من مسنده، فإما أن تكون من المراسيل فوجود الذاكر هذا مثل آدمي لعدم تسميته، أو نقول هو متصل الذاكر موجود حكمًا؛ إلا أنه مبهم ما يدرى منه، ولذلك ابن حجر هذا اضطراب منه، وهو من مراسيل أنس وكان حقه أن يذكر في المبهمات، المراسيل غير المبهمات، نعم المراسيل
المقدم: صحيح
المراسيل ما يذكر للراوي أي ذكر، أو وصف، أو ضمير، أو شيء يسقط إسقاط بالكلية
المقدم: المبهمات يذكر له
يعني حديث عائشة في بدء الوحي، أدركت بدأ الوحي؟
المقدم: أبدًا
ما ولدت، فنقول من مراسيل الصحابة، إما يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- حدثها به، فهو من مراسيل الصحابة، لكن لو قالت عائشة: قيل لي أن النبي صل الله عليه الصلاة والسلام.
المقدم: صارت من المبهمات
صارت من المبهمات ففرق بين المراسيل والمبهمات، وللمراسيل قسم وللمبهمات قسم في تحفة الأشراف، وابن حجر يقول من مراسيل أنس وكان حقه أن يذكره في المبهمات.
المقدم: في المبهمات
وحقه أن يذكر في المبهمات لا في المراسيل والله الموفق.
نبهنا على هذا؛ لأن ما يحتاجه طلاب العلم في البلاغات أيضًا، هل هي من المراسيل أو غير المراسيل، نعم، يقول بلغني كذا، فلابد من مبلغ فهو موجود حكمًا وإن جهلت عينه، وذكره البخاري في الاستئذان في باب من أجاب بلبيك وسعديك، نعم أنت الآن عندك كم طرف؟
المقدم: فقط الأصل وطرف واحد129
نعم ولذلك قلت أخرجه البخاري في موضعين، لكن هناك مواضع أخرى، مثل ذكر البخاري في كتاب الاستئذان باب من أجاب بلبيك وسعديك، قال حدثنا موسى بن إسماعيل، قال حدثنا همام بن قتادة عن أنس عن معاذ، يعني الطرف الأول والثاني.
المقدم: كلها عن أنس،
وهذا عن أنس عن معاذ قال: «أنا رديف النبي –صل الله عليه الصلاة والسلام- قال: يا معاذ، قلت: لبيك وسعديك، ثم قال مثله ثلاثًا هل تدري ما حق الله على العباد؟ قلت لا، قال حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا».
المقدم: هذا في الاستئذان
نعم، قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا ثم سار ساعة، ثم قال يا معاذ قلت: لبيك وسعديك قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ ألا يعذبهم». حدثنا هدبة قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة عن أنس عن معاذ بهذا، يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد: قوله: أتدري ما حق الله على العباد؟ الدراية هي المعرفة، الدراية هي المعرفة، وأخرج السؤال بصيغة الاستفهام؛ ليكون أوقع في النفس وأبلغ في فهم المتعلم، يعني هل يقول: اخرج السؤال بصيغة الاستفهام، هل هذا إخراج للسؤال بصيغة الاستفهام، أو أن السؤال هو الاستفهام؟
المقدم: السؤال هو الاستفهام
نعم لكن لو قال أخرج الكلام، أو أخرج الخبر أو أخرج كذا أو أخرج السؤال بصيغة السؤال، أو بصيغة الاستفهام.
المقدم: لكان أدق.
ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في فهم المتعلم، فإن الإنسان إذا سئل عن مسألة لا يعلمها ثم أخبر بها بعد الامتحان بالسؤال عنها
المقدم: أوقع
كان ذلك أوعى لفهمها وحفظها وهذا من حسن إرشاده وتعليمه -صلى الله عليه وسلم- يعني من طرائق التعليم حتى تعليم الحديث.
المقدم: الأساليب التربوية الحديثة
نعم الوسائل، أو النظريات التربوية الحديثة طريقة الحوار السؤال والجواب، ويستدل لها بأسئلة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام والإيمان والإحسان، فأجابه النبي -صل الله عليه الصلاة والسلام- بالأجوبة الواضحة الكافية الشافية، قال: «أتدري من السائل؟» أو «أتدرون من السائل؟»، قال الله ورسوله أعلم، قال: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»، هو معلم، فهو معلم علمهم بهذه الطريقة، طريقة الحوار، طريقة السؤال والجواب، وحق الله على العباد ما يستحقه عليهم ويجعله متحتمًا وحق العباد على الله معناه أنه متحقق لا محالة، لأنه وعد، وعد من لا يخلف الميعاد، وحق العباد على الله معناه؛ أنه متحقق لا محالة، لأنه قد وعدهم ذلك جزاءً لهم على توحيده، ووعده حق، إن الله لا يخلف الميعاد، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: كون المطيع يستحق الجزاء هو استحقاق إنعام، هو استحقاق إنعام، وفضل ليس هو استحقاق مقابلة، ليس هو استحقاق مقابلة كما يستحق المخلوق على المخلوق، فمن الناس من يقول: لا معنى للاستحقاق إلا أنه أخبر بذلك ووعد، ووعده صدق، ولكن أكثر الناس يثبتون استحقاقًا زائدًا على هذا كما دل عليه الكتاب والسنَّة، قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47]
المقدم: نصر المؤمنين
ولكن أهل السنَّة يقولون هو الذي كتب على نفسه الرحمة، هو الذي كتب على نفسه الرحمة، وأوجب هذا الحق على نفسه، لم يوجبه عليه مخلوق، يعني كما أنه حرم الظلم على نفسه، أوجب على نفسه ألا يعذب من لا يشرك به شيئًا، نعم، لم يوجبه عليه مخلوق، والمعتزلة يدعون أنه واجب عليه بالقياس على الخلق، والمعتزلة يدعون أنه واجب عليه بالقياس على الخلق، وأن العباد هم الذين أطاعوه بدون أن يجعلهم مطيعين له، وأنهم يستحقون الجزاء بدون أن يكون هو الموجب وغلطوا في ذلك، وهذا الباب غلطت فيه القدرية والجبرية أتباع جهم، نعم والقدرية النفاة، يعني صاروا فيه على طرفي نقيض،
المقدم: نقيض
ووفق الله -جل وعلا- أهل السنَّة، نعم للتوسط بين الأمرين قوله: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا» أن يعبدوه أن يوحدوه بالعبادة، وحده ولا يشركوا به شيئًا، أن يعبدوه يوحدوه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، يوحدون، ولا يشركوا به شيئًا، فائدة هذه الجملة بيان أن التجرد من الشرك لابد منه في العبادة، وإلا فلا يكون العبد آتيًا بعبادة الله بل مشرك، يعني ولو عبد لو عبد الله -جل وعلا-، صلى وصام وحج
المقدم: لكنه لم يوحد، لكنه أشرك معه
لكنه أشرك معه غيره هذه العبادة لا تنفعه، فلا يكون العبد آتيًا بعبادة الله بل مشرك، وقوله حق العبادة على الله على أن لا يعذب من يشرك به شيئًا، قال الخلخالي: تقديره ألا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئًا، والعبادة الإتيان بالأوامر، والانتهاء عن المناهي؛ لأن مجرد عدم الإشراك لا يقتضي نفي العذاب، العبادة الإتيان بالأوامر والانتهاء عن المناهي؛ لأن مجرد عدم الإشراك لا يقتضي نفي العذاب، وقد علم ذلك من القرآن، والأحاديث الواردة في تهديد الظالمين، والعصاة مع أنهم قد لا يكون عندهم شرك.
المقدم: نعم
لكنهم قصروا في باب الأوامر، أو تجاوزا في باب النواهي،
المقدم: النواهي
عبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده.....
نعم
المقدم: هما قطبان.
نعم هما قطبان
وقال الحافظ اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، اقتصر على نفي الإشراك ألا يعذب من لا يشرك به شيئًا، اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم؛ لأن الدلالات ثلاث مطابَقة.
المقدم: موافقة.
وتضمن والتزام، وسيأتي بيانها مع أمثلتها، اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي بالاقتضاء يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم، إذ من كذب رسول الله فقد كذب الله، يعني كيف نعرف التوحيد إلا بواسطة رسول؟ فمن لازم هذه التوحيد الذي لا نعرفه إلا بالدليل، وإن عرفناه بالفطرة وعرفناه بالأدلة العقلية، لكن هذا لا تستقل بالمعرفة التامة إلا عن طريق الرسل، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم إذ من كذب رسول الله فقد كذب الله، ومن كذب الله فهو مشرك، ومن كذب الله فهو مشرك وهو مثل قول القائل: من توضأ صحت صلاته، مثل قول القائل: من توضأ صحت صلاته؛ أي مع سائر الشروط، من توضأ صحت صلاته طيب يلزم الشروط من توضأ، واستقبل غير القبلة مثلًا، توضأ ولم يستر العورة، توضأ ولم ينوي.
المقدم: توضأ ولم يقرأ الفاتحة
نعم إنما توضأ مع ما تتطلبه الصلاة من بقية الشروط، يعني من توضأ صحت صلاته أي مع سائر الشروط فالمراد من مات حال كونه مؤمنًا بجميع ما يجب الإيمان به، حال كونه مؤمنًا بجميع ما يجب الإيمان به وتعقبه العين، قلت هذا تصور لا يوجب معه التصديق، يعني هما جزءا المنطق التصور، والتصديق، هما جزءًا المنطق قسم للتصور، وقسم للتصديق يقول: هذا التصور لا يوجب مع التصديق فإن أراد بالاقتضاء على اصطلاح أهل الأصول فليس كذلك على ما لا يخفى، وإن أراد به على الاصطلاح اصطلاح غير أهل الأصول، فلم يذهب منهم أحدٌ منهم إلى هذه العبارة في الدلالات، يقول: إن أراد بالاقتضاء على اصطلاح أهل الأصول فليس كذلك على ما لا يخفى، وإن أراد به على اصطلاح غير أهل الأصول فلم يذهب أحد منهم إلى هذه العبارات في الدلالات، وقوله من كذب الله فهو مشرك ليس كذلك، فإن المكذب لا يقال له إلا كافر، قوله: أيضًا وقوله: من كذب الله فهو مشرك ليس كذلك، فإن المكذب لا يقال له إلا كاذب، يعني الجحود هل هو من أقسام الشرك أو من أقسام الكفر؟ نعم أنه من أقسام الكفر لكن ألا يقال له مشرك.
المقدم: بل هما يجتمعا ويفترقا.
طيب وذكر الحافظ كلامه في الانتقاض، نعم ولم يذكر اعتراض العيني، ابن حجر ذكر كلامه فقط، وما ذكر اعتراض العيني فلعله بيض له فنسيه .
في المبتكرات، قال: بعد مراجعة كلام ابن حجر وجدت عبارته عين ما عزاه له العيني، وأقول: إن العيني اعترضه من ثلاثة أوجه، أحدهما أن الاقتصار على نفي الإشراك لا يستدعي التوحيد بالاقتضاء الأصولي ولا بغيره، اعتراض العيني على ابن حجر من ثلاثة أوجه، الأول: أن الاقتصار على نفي الإشراك لا يستدعي التوحيد بالاقتضاء الأصولي ولا بغيره، يعني هل نفي الشيء إثبات لضده؟ نعم هذا يتفرع عن الأمر بالشيء نهي عن ضده أو ما أشبه ذلك، مسألة طويلة الذيول ومبحوثة في الأصول، يقول نفي الإشراك لا يستدعي التوحيد بالاقتضاء الأصولي ولا بغيره، الثاني أن عدم الإشراك لا يلزم منه إثبات الرسالة، يعني لا بالاقتضاء ولا باللزوم؛ لأن الثاني إثبات الرسالة باللزوم، والثالث الاستدلال بأن من كذب الله فهو مشرك، الاستدلال بأن من كذب الله فهو مشرك، فاللازم أولًا، فاللازم أولًا بيان معنى الاقتضاء عند الأصوليين، فاللازم أولًا فاللازم أولًا: بيان معنى الاقتضاء عن الأصوليين ثم يعلق على ما قال ابن حجر وبيانه أنه تكرر في فن المنطق والأصول، أن دلالة اللفظ على معناه، على معناه تسمى دلالة مطابقة وعلى جزء معناه فدلالة تضمن،
المقدم: تضمن، مطابقة نعم
وعلى لازم معناه دلالة التزام، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق،
المقدم: دلالة
نعم في الأول.
المقدم: تضمن، مطابقة نعم
مطابقة وعلى الحيوان في الثاني، الحيوان تضمن، وعلى قابل العلم في الثالث لزوم، والمنطوق هو المعنى الذي دل عليه اللفظ في محل النطق، والمنطوق هو المعنى الذي دل عليه اللفظ في محل النطق، ثم المنطوق إن توقف الصدق فيها والصحة عقلًا أو شرعًا على إضمارٍ فدلالته دلالة اقتضاء، فالصدق كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان»، أي المؤاخذة فيهما لتوقف صدقه على ذلك، وعقلًا كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي أهلها، إذ الأبنية لا تسأل عقلًا، إذ الأبنية لا تسأل عقلًا، وهذا ما يقول به من يثبت المجاز، وهذا ينفي المجاز اسأل القرية، القرية المجموع من الأبنية.
المقدم: ومن فيها.
ومن سكنها، فهم أهلها، فهم القرية، ومع أنه يمكن أن يسأل من لا يجيب من الجمادات، نعم ويكون جوابه بلسان الحال لا بلسان المقال، كما سأل عليَّ -رضي الله عنه- القبور فسؤال القرية غير ممتنع عقلًا، وإن لم يتوقف الصدق والصحة على إضمارٍ، ودل اللفظ المفيد له على ما لم يقصد به فدلالة إشارة، كما في دلالة {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] على صحة صوم من أصبح جنبًا، كما في دلالة {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] على صحة صوم من أصبح جنبًا للزومه للمقصود به من جواز جماعهن في الليل الصادق بآخر جزء منه، ومن لازمه أن يصبح جنب ويغتسل بعد، نعم ولو بعد طلوع الفجر وهذا وإن دلت عليه الآية بدلالة الالتزام إلا أنه دل عليه حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المقدم: يصبح وجوبًا.
يصبح جنبًا، ولما أن كانت الجنة محرمة على غير الموحدين، ولما أن كانت الجنة محرمة على غير الموحدين وقد قال: من انتفى عنه الإشراك دخلها، علمنا أن معناه من لقي الله موحدًا، وهذا الإضمار لك أن تجعله من قبيل الاقتضاء، أو من قبيل الإيمان، ثم إن الجواب عن الأخيرين يستدعي مقدمة، هل الشرك مباين للكفر أو هما بمعنى أو بينهما العموم والخصوص؟ هل هناك مباينة تامة بين الشرك والكفر؟ لا يلتقيان في شيء أو بينهما
المقدم: عموم وخصوص
تداخل، أو هما مترادفان، أو بينهما العموم والخصوص، فبالجواب عن هذا السؤال يعرف الحكم، والجواب قصير، قال في المصباح: والشرك اسم،اسم من أشرك بالله إذا كفر به، الشرك اسم، الشرك اسم من أشرك بالله إذا كفر به، وفي المختار والشرك أيضًا الكفر وقد أشرك بالله فهو مشرك، مثل في القاموس وغيره، ولعل الحكمة في الاكتفاء بالمشركين عن الكافرين في آية {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]
المقدم: لأنه في الآخر قال.
ليعذب الله
المقدم: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} [الأحزاب:73]
والمشركين والمشركات ما قال الكفار نعم، تقدم لنا البحث في أهل الكتاب هل يقال عنهم
المقدم: كفار ولا لا.
هم كفار بالإجماع.
المقدم: ومشركين ولا لا
هم كفار بالإجماع، لكن هل يقال مشركون؟ أو كفار وفيهم شرك، تقدم بحث على أنهم كفار إجماعًا أقول أنا أنواع الدلالات ثلاث مطابقة، تضمن، التزام، مطابقة.. دلالة المطابقة كدلالة البيت على جميع محتوياته ما في داخل السور، هذه المطابقة، تضمن، على بعض أجزائه يعني البيت يدل على أن فيه مجلس مثلًا، أو صالة مثلًا، دلالة الالتزام أيضًا كدلالة البيت على بانيه ما يمكن أن يقوم البيت بدون باني، فلو نظرنا إلى هذا القلم مثلًا، إذا قلت قلمًا دلالاته على المجموع
المقدم: دلالة مطابقة
مطابقة ودلالته على الغطاء تضمن، دلالته على صانعه صنع نفسه
المقدم: لزوم.
دلالته على صانعه دلالة التزام
المقدم: أحسن الله إليكم ونفع بعلمكم، تبقى معنا شيء في هذا الحديث؟
لا أبدًا خلاص انتهى.
المقدم: إذًا نعد المستمع بإذن الله أن يكون معنا في الحلقة القادمة باب الحياء في العلم في حديث أم سلمه ليتابعنا الإخوة والأخوات في الترقيم 106 ، 130 حسب الأصل.
أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، لنا بكم لقاء بإذن الله تعالى في حلقة قادمة وأنتم على خير شكرًا لطيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.