شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (13)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-:
فصل في الزيارة.
وإذا دخل المدينة قبل الحج أو بعده، فإنه يأتي مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- ويصلي فيه، والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، ولا تشد الرحال إلا إليه، وإلى المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، هكذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد، وهو مروي من طرق أخر، ومسجده كان أصغر مما هو اليوم، وكذلك المسجد الحرام، لكن زاد فيهما الخلفاء الراشدون، ومن بعدهم، وحكم الزيادة حكم المزيد في جميع الأحكام،ثم يسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه، فإنه قد قال: «ما من رجل يسلم عَلَيّ، إلا رد اللّه على روحي حتى أرد عليه السلام» رواه أبو داود وغيره، وكان عبد الله بن عمر يقول إذا دخل المسجد: السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، ثم ينصرف، وهكذا كان الصحابة يسلمون عليه، ويسلمون عليه مستقبلي الحجرة، مستدبري القبلة، عند أكثر العلماء، كمالك، والشافعي، وأحمد، وأبوحنيفة قال: يستقبل القبلة، فمن أصحابه من قال: يستدبر الحجرة، ومنهم من قال: يجعلها عن يساره.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- شيخ الإسلام ابن تيمية:"فصل وإذا دخل المدينة قبل الحج أو بعده" قبل الحج أو بعده يعني في أي وقت كان، لكن ارتباط الزيارة بالحج كانت في السابق؛ لأن الناس لا يتيسر لهم الأسفار في كل وقت والمجيء إلى هذه البقاع المقدسة، فتجد الواحد منهم إذا أراد أن يؤدي فريضة الحج مر المدينة؛ لأن سفره للحج أمر لا بد منه؛ لأنه ركن من أركان الإسلام، لكن لا يتيسر له أن يسافر في كل وقت لوجود المشقة وبعد المسافات، والوسائل كانت متعبة ليست وسائل مريحة مثل ما عندنا الآن، بالإمكان أن يدرك الحج بعد أن يفطر بين أولاده يوم عرفة في بلده، الأمور تيسرت جدًا ولله الحمد، في السابق من أراد الحج وخرج إلى أداء الفريضة يمر بالمدينة ذاهبًا أو راجعًا؛ ولذا يقول -رحمه الله-: وإذا دخل المدينة قبل الحج أو بعده ولا يلزم أن تكون هذه القبلية أو البعدية حتى في كلام الشيخ إلا أنه يلاحظ وقته ولا يلزم أن تكون ملاصقة للحج قبله بيسير أو بعده بيسير، لا، يعني في أثناء العام ولو قبله بستة أشهر أو سبعة أشهر أو بعده كذلك، المقصود أنه إذا دخل المدينة في أي وقت وزيارة المدينة وزيارة المسجد النبوي هذه ليست لها أدنى ارتباط بالحج ولا علاقة لها بالحج فالحج صحيح وكامل ولو لم يدخل المدينة لا قبل ولا بعد، وما جاء من ذلك في الحديث: "من حج ولم يزرني فقد جفاني" على ما سيأتي التنبيه عليه كلها أخبار ضعيفة، بل حكم جمع من أهل العلم بأنها موضوعة،"إذا دخل المدينة قبل الحج أو بعده فإنه يأتي مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-"، إذا دخل المدينة هل يحظر أن يأتي قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ الآن لايوجد شد رحل، يسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- لا محظور في ذلك، المحظور أن يشد الرحل إلى غير المسجد قال "فإنه يأتي" الشيخ يحكي واقع ما ينبغي أن يكون، يأتي المسجد ولن يتمكن من زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا بإتيان المسجد، فهذا ترتيب طبيعي منه -رحمه الله- لا أنه لا يجوز زيارة القبر أو زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- من داخل المدينة؛ إنما الذي يمنعه هو شد الرحل كما في حديث لا تشد الرحال على ما سيأتي "فإنه يأتي مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- ويصلي فيه"يصلي فيه إن صادف فريضة وإلا تحية المسجد، المقصود أنه يصلي بالمسجد، لا يجلس حتى يصلي ركعتين، وزيارة المسجد لا شك أنها فاضلة كما جاءت بذلك النصوص،"ويصلي فالصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" كما ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة، الصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، الصلاة في المسجد النبوي بهذا الفضل العظيم والمضاعفات الكثيرة، منهم من يخصها بالفريضة؛ لأن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة وعلى هذا لو صلى النافلة في المسجد النبوي ما حصلت له هذه المضاعفة، ومنهم من يقول أن المضاعفة تحصل بالمدينة بالنسبة للفرائض في المسجد والنوافل حتى في البيوت وفضل الله واسع؛ لأنه إذا صُد عن الصلاة في المسجد صلاة في مسجدي هذا نكرة في سياق الإثبات، وأهل العلم يقولون أنها لا تعم لكنها في سياق امتنان، صلاة في مسجدي هذا في سياق امتنان، والنكرة في سياق الامتنان تفيد العموم عند أهل العلم فتشمل جميع الصلوات، الصلوات المتاحة تضاعف، والصلوات الممنوعة أو المرغب في ما سواها كصلاة الرجل بالنسبة للنافلة أو صلاة المرأة في بيتها كلهم يريد هذه المضاعفة لكن النص دل على أن صلاته في بيته أفضل من صلاته في المسجد فهي أفضل من الصلاة التي جاء فيها هذا الفضل إذا قلنا بعموم لفظ الصلاة، فصلاة المرء في بيته في المدينة مضاعفة إلى هذا العدد عند جمع من أهل العلم؛ لأن النص شامل للفرائض والنوافل، وكذلك الصلاة في مكة مضاعفة لكن مكة جاء فيها ما يدل على أن حدود الحرم كلها مسجد، والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام فإنها بمائة ألف صلاة في المسجد الحرام ، قد يقول قائل أن مكة والمدينة مستثنيات بالنسبة للنوافل، صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة في ما عدا المسجدين؛ ولذا نجد من يحرص على أداء السنن في المسجد الحرام رجاء لهذه المضاعفات نقول لا يوجد ما يخص المسجدين، والنص قيل في المسجد النبوي لما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسجده، فدل على أن النافلة أفضل مطلقًا في البيوت، قد يعرض للمفوق للمفضول ما يجعله فائق فاضل، كون الشخص ممن يقتدى به فيصلي في المسجد ليراه الناس ويرى الناس كيف يصلي ويصحح بعض الناس صلاته من خلال النظر إليه، وقد يتهم الإنسان بأنه مفرِّط ولا يصلي نوافل فيصلي أحيانًا في المسجد، المقصود أن مثل هذه الأمور مراعاة،"ولا تشد الرحال إلا إليه" يعني إلى مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: ...................
نعم المسافر هل يستغل هذا الفضل العظيم ويصلي النوافل؟ قلنا أنه يصلي في البيت أفضل لكن هل يصلي النوافل ليحصل له هذا الأجر عند من يقول به في البيوت أو يترك؛ لأن المسافر يكتب له ما كان يعمله مقيمًا؟ وجاء عن السلف مثل ابن عمر أنه قال لو كنت مسبحًا لأتممت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يحافظ على النوافل في السفر إلا ما كان من ركعتي الصبح والوتر هذا من فضل الله -جلَّ وعلا- هذه صدقة تصدق الله بها فاقبلوا منه صدقته هذا بالنسبة للرواتب، أما بالنسبة للنفل المطلق فلا حد له،"ولا تشد الرحال إلا إليه" يعني المسجد النبوي "وإلى المسجد الحرام" وهو أفضل منه،"وإلى المسجد الأقصى هكذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وهو مروي من طرق أخر" لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد والحديث في الصحيحين، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى، فالرحال لا يجوز شدها وقد تحدث الإنسان نفسه أن يصلي مع فلان صلاة التهجد أو التراويح أو في أي وقت من الأوقات لأن قراءته فيه مؤثرة لكنه يحتاج إلى شد رحل، فهل هو في هذه الصورة شد الرحل إلى القراءة أو إلى البقعة؟ نعم إلى القراءة فهل يقال بأن هذا لا يدخل في الحديث أو يدخل؟ ومثله طلب العلم والجهاد لكن هو ذهب إلى صلاة في بقعة في مسجد، يعني لو قدر أن شخصا من أهل العلم توفي في بلد بعيد وكان من حقه عليك أن تحضر صلاته وتشيعه وتحضر الدفن؛ لأن له حقا عليك أو على الأمة كأحد أبويك، هذا قالوا لا يدخل؛ لأنك ما شددت الرحل إلى البقعة ولا إلى مسجد بعينه؛ إنما شددت لأداء حق هذا الرجل كما تزوره في حياته أو تعوده في مرضه، قال:"وهو مروي من طرق أخر ومسجده كان أصغر مما هو عليه اليوم" المسجد الذي بناه النبي -عليه الصلاة والسلام- بيده ومعه أصحابه أصغر مما كن عليه اليوم فقد زيد في عهد عمر وفي عهد عثمان ثم زاده بعد ذلك الخلفاء فوصل إلى هذا الحد الذي نراه اليوم، والزيادة والتوسعة الجديدة لا شك أنها غرة في جبين الأمة يعني إلى قيام الساعة كان المسجد صغيرا وحدوده معروفة إن كانت مضبوطة، يعني حدوده في السواري هذا حد مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- والتوسعة الغربية ليست من المسجد في الأصل، والتي في جهة القبلة ليست من المسجد، فالذي يخص الفضل بمسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه يوقع حرجا عظيما؛ لأنه يلزم عليه أن تتأخر خمسة صفوف لتصلي في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء الحث على الصف الأول وعلى يمين الصف كله خارج المسجد النبوي -عليه الصلاة والسلام- يمين الصف خارج المسجد النبوي؛ لأن الزيادات صارت في اليمين من جهة القبلة ثم توسع من بقية الجهات؛ لأن جهة اليسار ببيوته -عليه الصلاة والسلام- والحجرة، فلا شك أن شيخ الإسلام يرى أن الزيادة لها حكم المزيد على ما سيأتي، لكن يشكل عليه قوله مسجدي هذا ، الإشارة تعني مما يرى أو رجح بعض أهل العلم أن الزيادة ليس لها حكم المزيد لكن شيخ الإسلام جرى على قول الأكثر وأن الزيادة لها حكم المزيد وأن المسجد مسجده ولو وصل إلى صنعاء أو غيره على ما جاء في بعض الآثار يعني من باب المبالغة.
طالب: .................
يبقى، ولو صار مزدحما مادام قال مسجدي هذا، وقلنا أن الإشارة لها معنى ودلالة أن مفهومها أن ما عداه لا، اللهم إلا إذا كان يراد بالإشارة هذه إلى المسجد بعمومه بمسمى مسجد، ومازال يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بزياداته فيقال هذا مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: .................
لا لا لا فيها فضل أقول فيها فضل لكن ليست كالمسجد.
طالب: .................
نعم، لكن في الصلاة لأنه قال مسجدي هذا.
طالب: .................
يعني ولو إلى آخر الزمان الإشارة مازالت، لا الدجال ولا غيره، كل يقول هذا مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- بزياداته الموجودة الآن التي هي أضعاف أضعاف ما كان عليه المسجد "ومسجده كان أصغر مما هو عليه اليوم مما هو اليوم وكذلك المسجد الحرام لكن زاد فيهما الخلفاء الراشدون ومن بعدهم وحكم الزيادة حكم المزيد في جميع الأحكام" هذا رأي شيخ الإسلام وهو الذي يكون أرفق لا سيما المسجد النبوي، أما المسجد الحرام فمعلوم أنه ما بلغ لأنه يضاف إلى الكعبة جميع الأحكام "ثم يسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-".
طالب: .................
ما دخل إلى الآن ليس فيه مصلى، وراءه الساحات، الكلام على حدود السور، الساحات ليست مسجد، كذلك فيها مضاعفة "ثم يسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-" إذا دخل المسجد وصلى فيه، سلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-"وعلى صاحبيه فإنه قد قال ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام"،فالقريب يسمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- والبعيد يبلَّغ فيرد عليه "رواه أبو داود وغيره وكان عبدالله بن عمر يقول إذا دخل المسجد السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتِ"اقتصارا على أدنى الحد يعني المشروع ولا يعني ذلك أن الزيادة من الأوصاف الصحيحة الثابتة له أو لصاحبيه ممنوعة؛ لأن هذا ليس بنقل ينقل عن غيره فيقال إنه لم يرد إنما هو يخبر عن واقع السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، يستقبل القبر ويسلم عليه، ثم ينتقل يمينًا قليلاً فيسلم على أبي بكر، ثم يمينًا قليلاً ثم يسلم على عمر، ومعلوم أن الذي يسلم يستقبل المسلَّم عليه، وكذا في السلام على الأموات في سائر البقاع عند السلام تستقبل وجهه وعند الدعاء له تستقبل القبلة ، يعني بالنسبة لسائر الأموات، أما أنت فلا تدعو لنفسك عند القبر تتحرى الدعاء عند هذا القبر؛ إنما تدعو للميت ليستفيد من زيارتك،"ثم ينصرف وهكذا كان الصحابة يسلمون" يسلمون عليه "يسلمون عليه مستقبلي الحجرة" كما هو الشأن فيما إذا سلمت على حي تستقبل وجهه "وتسلم عليه" "مستقبلي الحجرة مستدبري القبلة"، من لازم استقبال الحجرة استدبار القبلة، لا يعني أن هذا من متطلبات السلام أنك تستدبر القبلة لكنه من متطلبات استقبال الوجه استقبال الحجرة،"مستدبري القبلة عند أكثر العلماء كمالك والشافعي وأحمد" الجمهور وأكثر العلماء الأئمة الثلاثة على هذا،"وأبو حنيفة قال يستقبل القبلة"يستقبل القبلة ويسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا شك أن هذا قول مرجوح؛ لأن السلام إنما هو من أجل إكرام المسلَّم عليه، فكيف يلزم من ذلك أن تستدبره وتجعله على جانبك الأيسر كما قال بعض أصحابه، لكن الواقع من كثير من الحنيفة استقابله بالدعاء فضلاً عن السلام لأنهم يأتون من المشرق ويحصل منهم ما يحصل كغيرهم من سائر البقاع والأسقاع مما يحصل من غلو الذي حذر منه النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا إمامهم يقول:"أبو حنيفة قال: يستقبل القبلة فمن أصحابه من قال يستدبر الحجرة، ومنهم من قال يجعلها عن يساره"، ومنهم من يقال يجعلها عن يساره لئلا يحصل منه شيء من الامتهان أو عدم التقدير والاحترام، يجعله عن يساره وحينئذٍ يكون موضعه الروضة وعلى كل حال الأصل في السلام أن يستقبل به الوجه.
طالب: ..............
الذي يظهر أنه يسلم على ما ذهب إليه الجمهور، يستقبلهم، يستقبل الحجرة.
طالب: ..............
ليس من الروضة، رأي أبي حنيفة أنه قال يستقبل القبلة لازم ذلك أحد أمرين الاحتمال الثالث ليس بوارد يكون خارج المسجد فتكون الحجرة عن يمينه، هذا الوارد أنه في المسجد فإما أن يستدبر القبر الحجرة، أو يجعل الحجة عن يساره فيكون في الروضة لكن ليس هذا بسلام، يعني السلام الذي لا يواجه به ليس بسلام.
طالب: ..............
على كل حال ثبت هذا عن جمع من الصحابة ليس فيه إشكال.
طالب: ..............
"واتفقوا على أنه لا يستلم الحجرة، ولا يقبلها، ولا يطوف بها، ولا يصلي إليها، وإذا قال في سلامه: السلام عليك يارسول الله، يانبي الله، ياخيرة الله من خلقه، يا أكرم الخلق على ربه، يا إمام المتقين، فهذا كله من صفاته، بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-."
يصفه بما ثبت من أوصافه لا أنه يتعبد بنقل وذكر لم يرد به شرع.
"وكذلك إذا صلى عليه مع السلام عليه، فهذا مما أمر الله به".
إذا صلى عليه الأصل في هذا موضع السلام، جاء ليسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن إذا صلى عليه إضافة إلى السلام فهذا مما أمر به في آية الأحزاب وفي أحاديث كثيرة يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا.
"ولا يدعو هناك مستقبل الحجرة، فإن هذا كله منهي عنه باتفاق الأئمة، ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك، والحكاية المروية عنه: أنه أمر المنصور أن يستقبل الحجرة وقت الدعاء،كذب على مالك".
إذا أراد أن يدعو فإنه حينئذٍ يستقبل القبلة ولا يستقبل القبر والحجرة ويستدبر القبلة؛ لأن الصلاة الذي شُرع فيه الاستقبال انتهى الدعاء وتحري الدعاء في هذا الموضع عند قبره -عليه الصلاة والسلام- لامزية له لا أصل له، لكن إذا أراد أن يدعو بدعاء مطلق لا علاقة له بالسلام ولا بالمكان ينصرف إلى جهة القبلة ويدعو، وهذا كله باتفاق الأئمة أنه لا يدعو مستقبل الحجرة، ويوجد فئام من الناس الآن تستقبل الحجرة وتستدبر القبلة، بل وُجد من يسجد مستقبلاً الحجرة ومستدبرًا القبلة -نسأل الله السلامة والعافية-، قال "فإن هذا كله منهي عنه باتفاق الأئمة ومالك"-رحمه الله-"من أعظم الأئمة كراهية لذلك" من أعظم الأئمة كراهية لذلك؛ لأنه يرى المخالفات، وإمام دار الهجرة، ودروسها كلها في المسجد قرب الحجرة، ومع ذلك يرى هذه المخالفات فتجده يشدد في هذا الباب أكثر من غيره، بخلاف من لم ير المنكر كما هو الواقع ممن يشاهد المنكر يكون أشد إنكارًا له إذا بقيت فيه شيء من الغيرة على الدين وكان عنده حمية للدين وامتثال للأوامر الشرعية، وإلا فكثير من الناس إذا كثر إمساسه قل إحساسه، من كثرة ما يرى يضعف الإنكار عنده، لكن العالم يجب عليه أو الواجب في حقه أن يكون إنكاره كلما كثر المنكر وزاد وشاع أشد، يكون بقدر قوة انتشار المنكر ليقضى عليه وليدفع الله -جلَّ وعلا- بهذا الإنكار الأمور المرتبة على هذا الانتشار المعاصر.
"ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه، فإن هذا بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة، ويدعون في مسجده، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد»، وقال: «لا تجعلوا قبري عيدًا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني»، وقال: «أكثروا على من الصلاة يوم الجمعة، وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي»، فقالوا: كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرِمْت؟ أي بَلِيْت. قال: «إن اللّه حَرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء»، فأخبر أنه يسمع الصلاة والسلام من القريب، وأنه يبلغ ذلك من البعيد، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، يحذر ما فعلوا، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكنه كره أن يتخذ مسجدًا، أخرجاه في الصحيحين.فدفنته الصحابة في موضعه الذي مات فيه، من حجرة عائشة، وكانت هي وسائر الحُجَر خارج المسجد، من قِبْلِيِّه وشرقيه، لكن لما كان في زمن الوليد بن عبد الملك عمر هذا المسجد وغيره، وكان نائبه على المدينة عمر بن عبد العزيز، فأمر أن تشترى الحجر، ويزاد في المسجد، فدخلت الحجرة في المسجد من ذلك الزمان، وبنيت منحرفة عن القبلة مسنمة؛ لئلا يصلي أحد إليها، فإنه قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها» رواه مسلم عن أبي مَرْثَد الغَنَوي". واللّه أعلم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:"ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه" يعني يتحرى الدعاء في هذا المكان وأنه موطن من مواضع الإجابة، هذا لا أصل له، لا عند قبره -عليه الصلاة والسلام- ولا عند قبر غيره، وليست القبور مواضع عبادة، والدعاء عبادة لكن قد يدخل الإنسان المقبرة إما مشيعًا أو زائرًا وقد بدأ بذكره أو بورده ومما يشتمل على الأذكار والأدعية وبعض الآيات، هل نقول له إذا دخلت مع باب المقبرة اقطع الذكر والدعاء أو نقول استمر ولست قاصدا للعبادة في هذا الموضع؟
طالب: ................
لا شك أن الثاني وهو أن الإنسان يمسك عن هذا الذكر وهذا الدعاء إلا بما جرت العادة به، أو تكلم بما يوافق الذكر أو ما أشبه ذلك فحينئذٍ لا يكون مقصودًا، لكن يجعل ورده أو أذكاره يهلل مائة مثلاً في المقبرة، هو لم يقصد ولم يتحر ذلك هذا وقته العادي يقولها في كل يوم في مسجد في بيته في طريقه لكن وافق هذا اليوم أن شيع جنازة ودخل مقبرة، هل نقول يقطع أو لا يقطع؟ لاشك أن الأحوط ألا يذكر في هذا المكان وإن ذكر لا على سبيل التحري فيرجى ألا يكون به بأس.
طالب: ................
الشيء الذي لا يراد به أو لا يمكن يخطر على البال أنه في مقبرة أو في غيره هذا ليس فيه إشكال، يعني إذا رأى القبور قال: اللهم أحسن خاتمتنا اللهم توفنا مسلمين يعني هذه أمور ليست مقصودة بهذا المكان بالذات، لكن لما رأى تذكر، لكن كونه دعاء وذكر مرتب يقوله في كل يوم يقوله في هذا المكان هذا محل نظر، وإذا حسمت المادة بمنع الصلاة في القبور الصلاة التي قد يُخشى فواتها فغيرها من باب أولى.
طالب: ................
دعنا من الوارد، صلاة الجنازة واردة، والدعاء بذكر مخصوص ما يضر هذا الذكر الوارد، قال بعد ذلك:"ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه فإن هذا بدعة ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده فإنه -صلى الله عليه وسلم-" قال «كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده» يعني يستقبلون القبلة بمناسبة زيارتهم له والسلام عليه أو من غير نظر إلى هذه الزيارة؟ يقول كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده كان يدعو هو -عليه الصلاة والسلام- في مسجده إذا كان الدعاء لا علاقة له بالزيارة فإنه حينئذٍ يكون مشروعًا "ويدعون في مسجده فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد" يعني أداء العبادات حول القبر تصيره وثنًا، وفرق بين أن يدعى الله -جلَّ وعلا- عند القبر وبين أن يدعى صاحب القبر، الأول بدعة والثاني شرك، شرك أكبر -نسأل الله السلامة والعافية-، اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد قد يقول قائل أننا وجدنا من يسجد مستقبل القبر هل صار القبر بذلك وثنًا؟ وهل أجاب الله دعاءه أو لم يجبه؟
طالب: .............
كلام ابن القيم معروف، لكن اسمع الباقي يقول "قال اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد وقال لا تجعلوا قبري عيدًا ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا" أي لا تجعلوا قبري عيدًا تترددون عليه في أوقات محددة تتعبدون بذلك ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا يعني تشبهوها بالقبور فتصلوا فيها،"وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني،وقال «أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة»" نعود إلى قوله: لا تجعل قبري وثنًا يعبد، وإجابة الدعوة النبوية، شيخ الإسلام وابن القيم يقول لما أدخلت الحجرة بنوا عليها بناية تمنع من التوجه إليها صارت مسنمة كما يقول شيخ الإسلام أو أحيطت بثلاثة جدران بحيث لا يتمكن أحد من التوجه إليها.
ولقد أجاب رب العالمين دعاءه |
| فأحاطه بثلاثة الجدران
|
وحينئذٍ ما تمت العبادة لقبره -عليه الصلاة والسلام- ومن أهل العلم من يرى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا بدعوات ما أجيبت ويرى أن هذه منها وأن ما يفعل عند قبره -عليه الصلاة والسلام- من غلو ودعاء من دون الله وصرف بعض أنواع العبادة التي لا تصرفإلا لله صُرفت له، يرى أن هذه الدعوة لم تُجب وأنه صرف له شيء من حقوق الرب -جلَّ وعلا- لكن هذا القائل لا يخص هذا بهذا المكان كما يصرف له هذه الأمور عند قبره، تصرف له هذه الأمور في شرق الأرض وغربها وحينئذٍ ما صار للقبر خصيصة بأن يعبد من دون الله؛ إنما يعبد يعني يصرف للنبي -عليه الصلاة والسلام- من العبادات التي يكفر بها من صرفها سواء كان قريبًا أو بعيدًا.
طالب: ................
هذا استقبل القبر وإن كان قاصدًا ذلك فهو على خطر عظيم، المقصود أنه يعبد الله -جلَّ وعلا- ويصلي لله، لكنه مع ذلك جعل القبر واسطة ولا شك أن هذا إذا كان قاصدًا لذلك فهو على خطر عظيم، يعني الدَّكَّة التي خلف الحجرة ويقصدها بعض الناس، يقصدون الصلاة فيها ويرون أن فيها فضلا وأنهم يستقبلون الحجرة هؤلاء على خطر -نسأل الله العافية- والآن بعد الزيادة والتوسعة الجديدة صار القبر الحجرة في وسط المسجد بالنسبة للمصلين يوجد من يصلي خلفها ويوجد من يصلي عن يمينها وعن شمالها.
طالب: أحسن الله إليك لو أن شخصا......
لا، نقول كلامه ليس بصحيح، الفضل ثابت إلى قيام الساعة والروضة روضة إلى قيام الساعة، وإدخال الحجر سنة ثمان وثمانين والصحابة موجودون متوافرون وغيرهم من أئمة التابعين وسلف الأمة وأئمتهم كلهم يصلون في المسجد بعد إدخال الحجرة.
طالب: .................
لا يلزم أن يسلم عليه في كل ما يدخل المسجد لا ولا يشرع له؛ إنما يسلم إذا قدم وإذا مر به سلم عليه.
طالب: .................
لو تيسر إخراج الحجر كما كانت عليه في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وصدر هذه الأمة كان هو الأصل.
طالب: ...............
الطواف غير ممكن لأن الجهة التي هي الشرقية مسدودة، لا يمكن والا لو فتحت أمكن لكنها غير متاحة.
طالب: ...............
على كل حال الله يدلهم على الحق وهذه المسألة من كبار المسائل وصارت مستمسك لأهل الابتداع في أقطار الأرض كل من قيل له عن البناية على القبور أو قبر الأموات في المساجد قال هذا قبره -عليه الصلاة والسلام- وقبر صاحبيه، كل يتمسك بهذا ويتذرع به والله المستعان،"وقال: أكثروا علي من الصلاة ليلة الجمعة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي فقالوا كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت أي بليت قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، العرض على الجسد أو على الروح التي تعقل؟ إن صلاتكم معروضة علي وأجاب بأن الأرض ممنوعة من أكل أجساد الأنبياء نعم الذي فيه قابلية لأن تأكله الأرض حرم عليها فكيف بالذي لا توجد فيه هذه القابلية وعلى كل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- حي وحياته أكمل من حياة الشهداء، لكنه مع ذلك ثبت موته بالنصوص القطعية فحياته ليس كحياة من صاحبت روحه جسده ولم تفارق روحه جسده، هذا قطعًا روحه فارقت الجسد لكنه مع ذلك نقول حي حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء،"فأخبر أنه يسمع الصلاة والسلام من القريب وأنه يبلغ ذلك من البعيد وقال «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا"، اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لكن النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد؟ أولاً ليس لهم إلا نبي واحد وهذا النبي لم يقبر، نعم فيه رواية وصالحيهم، لكن يبقى أن هذه الرواية صحيحة لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم، وفي رواية اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم فيكون الأنبياء لليهود والصالحين للنصارى هذه ليس فيها إشكال، لكن الإشكال في هذه الرواية وهي صحيحة «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» أولاً الدين النصراني أو النصرانية مكملة لليهودية فيقول أهل العلم أن أنبياء اليهود أنبياء للنصارى، ومع ذلك الإخبار عن المجموع عن اليهود والنصارى لا على سبيل التفصيل، والنصارى فيهم غلو وغلوهم بعيسى عليه السلام، أمر معروف وتحدث به القرآن، اتخذوا إلهًا من دون الله، إن الله هو المسيح ابن مريم..، إن الله ثالث ثلاثة.. إلى آخره، فعبدوهم من دون الله ولا يبعد أن يعبدوا صالحيهم ولا يبعد أن يعبدوا أنبياء المتأخرين من اليهود الذين أدركوهم، على كل حال هم اتخذوا القبور مساجد سواء كان اليهود أو النصارى والحبشة من النصارى ومع ذلك رأوا فيها القبور والتصاوير وغيرها.
طالب: .................
وما أنت بمسمع من في القبور السماع خاص وليس هو الأصل يعني قرع النعال، وأهل القليب سمعوا وما عدا ذلك يبقى على النفي إلا ما دل الدليل على ثبوته.
طالب: ..................
هذا بدون تبليغ ترد عليه روحه فيرد.
طالب: .................
هذا الذي يظهر لأنه ميت -عليه الصلاة والسلام- بعض من يزعم أنه يعظم الرسول -عليه الصلاة والسلام- يرى أن في هذا انتقاصا للرسول، لكن تعظيمه باتباع شرعه ، وانتقاصه بمخالفة نهيه هذا الحاصل شرعًا، أما العواطف التي لا قيمت لها قدر لم يرد به شرع هذه لسنا مكلفين بها نعم الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحب إلينا من أنفسنا فضلاً عن غيرنا لكن مع ذلك لا نعبد الله إلا بما شرع "وقال لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا قالت عائشة ولولا ذلك لأبرز قبره -عليه الصلاة والسلام- ولكنه كره أن يتخذ مسجدًا" كره أن يتخذ مسجدا؛ لأنه لو أبرز لما دفن في الحجرة، دفن في مكان ثاني كما يدفن غيره مع أنه جاء أن الأنبياء يدفنون حيث ماتوا في المكان الذي ماتوا فيه، لكن لو أبرز قبره -عليه الصلاة والسلام- لاتخذ عليه مسجد، وهذه موجودة في أكثر العصور، يعني اتخاذ المساجد على القبور، في قصة أهل الكهف قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدًا وهذا أمر متوارث في الأمم، لكن الرسل جاؤوا بإنكاره والتحذير منه ولذلك قال "يحذر ما فعلوا، قالت عائشة ولولا ذلك لأبرز قبره ولكنه كره أن يتخذ مسجدًا أخرجاه في الصحيحين، فدفنته الصحابة في موضعه الذي مات فيه من حجرة عائشة وكانت هي وسائر الحجر خارج المسجد من قبليه وشرقيه" كانت الحجر خارج المسجد وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يناول عائشة رأسه فترجله وهو معتكف دل على أنها على حد المسجد،"لكن لما كان في زمن الوليد بن عبدالملك" يعني في سنة ثمان وثمانين -كما قال أهل العلم-بالتحديد "عمر هذا المسجد وغيره"يعني بناه وزاد فيه، وغيره من المساجد، يعني في مواقع كثيرة في دمشق وغيرها، عمر مساجد لكنه أخطأ خطئًا عظيمًا في إدخال الحجرة وتتابع الناس على هذا الخطأ كله خشية من الإنكار المثير -نسأل الله السلامة والعافية- ولو أبقاه في مكانه كما توارثه الخلفاء الراشدون من بعدهم إلى مجيء وقته، لكن يوجد من يزين هذه الأمور للولاة، والولاة في الغالب من باب قصد الخير مع خفاء الحكم يستجيبون، هم في الغالب يقصدون الخير، لكن يخفى عليهم الحكم فيستجيبون، وأنكر على الوليد صنيعه هذا من قبل جمع من سلف هذه الأمة، لكنه لم يستجب؛ لأن الإنسان يعجب ما المصلحة من إدخال القبر؛ قالوا خشية عليه من السرقة؛ لأنه وُجد محاولات في حفر خنادق وما أشبه ذلك، قالوا يدخل في المسجد يكون أضمن، لكن الحق أحق أن يتبع، وهذه العلة عليلة؛ لأن الذي يريد أن يسرق من جوار المسجد يسرق من المسجد، إذا كان المسألة خندقا فالخندق يصل إليه سواء كان في المسجد أو خارج المسجد ومع ذلك ما وُفق الوليد للاستجابة لأهل العلم والكف عن هذه المخالفة التي ارتكبها وهي مخالفة عظيمة في أصل التوحيد، ليست المسألة مسألة مخالفة فرعية في زخرفة وما أشبه ذلك لا، الأمر عظيم في أصل التوحيد، ونسأل الله -جلَّ وعلا- أن يوفق ولاة الأمر في هذه البلاد أن يعيدوا الحجرة إلى ما كانت عليه،"لكن لما كان في زمن الوليد بن عبدالملك عمر هذا المسجد وغيره وكان نائبه على المدينة عمر بن عبدالعزيز".
طالب: ....................
لا، ليست المشكلة هنا.
طالب: ....................
عمر بن عبدالعزيز في وقت ولايته على المدينة ليس مثل استقامته لما تولى الخلافة، ثم هو تحت ولاية الوليد واستجاب دعوته، كانت سيرة عمر بن عبدالعزيز غير سيرته لما ولي الخلافة فلا يقال أن هذا خليفة راشد وممن يقتدى به يفعل هذا لا، لا، هو ممتثل لأمر الوليد وما كان -رحمه الله- على الاستقامة بمستوى ما كان عليه بعد الخلافة،"فأمر أن تشترى الحجر ويزاد في المسجد فدخلت الحجرة في المسجد من ذلك الزمان".
وصلنا هذا في القراءة؟
طالب: ....................
نعم من ذلك الزمان يعني في سنة ثمان وثمانين، ثلاثة عشر قرنا وقريب من النصف على هذا والناس يتوارثون هذا ويتتابعون عليه، وهذه البدعة التي ابتدعها الوليد وسنها يعني يخشى أن يكون عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، أولئك الذين أقروا هذا المنكر يخشى أن تكون أوزارهم أو مثل أوزارهم على الوليد فالأمر ليس بالسهل،"من ذلك الزمان وبنيت منحرفة عن القبلة مسنمة لئلا يصلي أحد إليها فإنه قال -صلى الله عليه وسلم-«لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها»" لا تجسلوا على القبور ولا تصلوا إليها "رواه مسلم من حديث أبي مرثد الغنوي"،لا تجلسوا على القبور لا يجوز الجلوس على القبر «ولأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثوبه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر» وبهذا قال جمهور أهل العلم أنه لا يجوز الجلوس على القبور ولا المشي عليها، ويذكر عن مالك -رحمه الله- أنه قال لا بأس بالجلوس على القبر، وحمل الحديث على الجلوس لقضاء الحاجة، لكن هذا إبعاد إنجاع، هذا تكلُّف بعيد عن مفهوم الحديث، ويذكر عن ابن عمر أنه كان يجلس على القبر ويضطجع عليه، ومع ذلك المعول على ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا تصلوا إليها يعني لا تجعلوها بينكم وبين القبلة والآن الذي يصلي في الدكة وما والاها هو يصلي إلى الحجرة، فالصلاة إلى القبور والصلاة في المقبرة لا تجوز، وجمع من أهل العلم يرى بطلان الصلاة في المقبرة وما ذلكم إلا لنجاسة الشرك والوسائل المؤدية إليه؛لأن من أهل العلم من يقول أنه لو صلى في المقبرة النهي عن الصلاة في المقبرة لنجاستها؛ لأنها اختلطت بدماء الأموات وصديدهم وما أشبه ذلك فإذا زالت هذه العلة صحت الصلاة عندهم، ومنهم من يفرق بين المقبرة المنبوشة وغير المنبوشة، المقبرة المنبوشة تحرك التراب فيها فاختلط، وغير المنبوشة هذه باقية على أصلها لا إشكال في الصلاة فيها لكن ليس سبب المنع من الصلاة في المقبرة أو إلى القبور نجاسة البقعة وإنما هو سد الذرائع الموصلة إلى الشرك يستثنى من ذلك الصلاة على الميت في المقبرة أو على القبر ليس فيه إشكال لأنه جاء به النص.
طالب: ................
يصلون الفريضة داخل سور المقبرة ؟ لا ما يجوز هذا صلاة في المقبرة، ولو كان المقصود أنه في سور المقبرة لا تجوز الصلاة.
طالب: ................
هذا فهمهم، هذا فهم شيخ الإسلام وابن القيم وجمع من أهل العلم أنها مادامت مثلثة لا يمكن الاستقبال إليها أنت تستقبل زاوية لا تستوعب قبرا، أنت تستقبل زاوية لا تستقبل جدارا كاملا، لكن الطريقة التي بُنيت فيها ما أظنها تمنع من استقبال الحجرة.
طالب: ..................
لا، الناس يقصدونه، من الناس من يقصد الصلاة في هذا المكان ليستقبل الحجرة ويرى أن لهذا فضل ومزية، ومن عوام المسلمين من لا يفرق ولا يخطر على باله قبر ولا حجرة فهم مراتب، ومنهم من يقصد الانتقال إلى الجهة الأخرى ولو فاته شيء من الصلاة ليبتعد عن هذه الشبهة، المقصود أن الأمور بمقاصدها، رواه مسلم عن أبي مرثد الغنوي «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها».
طالب: .................
صلى إلى الزاوية لكن الزاوية تكفي سترة استتروا ولو بسهم، ولكن هذه الزاوية ما تستوعب قبرا الذي يصلي إليها هذا كلامهم وهذا فهمهم وأنا يعني أتعجب من هذا الفهم.
طالب: قصد المسجد لأجل السلام فقط.
إذا كان لا يحتاج إلى شد رحل فلا إشكال كما يسلم على سائر القبور، وهنا مسألة وهي أن السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- خارج الحجرة مثل السلام على القبور خارج السور فالذي يقول بعدم مشروعية السلام على القبور خارج المقبرة يلزمه أن يقول بعدم مشروعية السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- خارج الحجرة، واضح أو ليس بواضح؟ لأن من أهل العلم من أثار أنك لا تسلم على المقبرة إذا مريت بها، لا تسلم حتى تدخل وتسلم على المقبورين، نقول: يلزم منه أن السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- خارج الحجرة لا بد أن تدخل الحجرة وتقف على القبر فتسلم عليه، وإلا إذا سلمت من خارج الحجرة كأنك سلمت على المقبورين من خارج المقبرة.
"وزيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بدعية.
فالشرعية: المقصود بها السلام على الميت، والدعاء له، كما يقصد بالصلاة على جنازته".
هذا كلام طويل في الزيارة الشرعية والبدعية لعلنا نقف عليه.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
"