الدروس المهمة لعامة الأمة (2)

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعملنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، وأمينه على وحيه وصفيه من خلقه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

الدرس الثامن: واجبات الصلاة:

يقول الشيخ -رحمه الله تعالى-: "الدرس الثامن: واجبات الصلاة، وهي ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام"، تكبيرة الإحرام ليست واجبة؟ هنا يقول: "واجبات الصلاة: جميع التكبيرات واجبة غير تكبيرة الإحرام" غير واجبة تكبيرة الإحرام؟ الأمر أعظم من ذلك هي ركن من أركان الصلاة على ما تقدم.

"وقول: سمع الله لما حمده للإمام والمنفرد" سمع الله لما حمده للإمام والمنفرد، يعني دون المأموم، بدليل قوله –عليه الصلاة والسلام-: ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)) ما قال: قولوا: سمع الله لمن حمده، فدل على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، الإمام والمنفرد يقول: سمع الله لمن حمده وأما المأموم فيقول: ربنا ولك الحمد، ومثله الإمام والمنفرد، فقول: ربنا ولك الحمد، أو ربنا لك الحمد بدون واو، أو اللهم ربنا لك الحمد، أو اللهم ربنا ولك الحمد، أربع صيغ يقولها كل مصلٍّ، يقتصر على إحداها، إن شاء قال: ربنا ولك الحمد الإمام والمأموم والمنفرد، وإن شاء قال: ربنا لك الحمد بدون واو، وإن شاء زاد: اللهم و واو، أو اللهم دون الواو، للكل، لكل مصلٍّ، فالإمام إذا قال: سمع الله لمن حمده يقول: ربنا ولك الحمد والمأموم إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فإنه يقول: ربنا ولك الحمد، وكذلك المنفرد.

وقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول: سبحان ربي الأعلى في السجود كل هذه واجبات من واجبات الصلاة تجبر بسجود السهو، وإن كان جمع من أهل العلم يرى أنها سنن لا تؤثر في الصلاة، لكن على المسلم أن يحافظ عليها، ومثله الدعاء بين السجدتين: ربِّ اغفر لي، وارحمني، وارزقني، واجبرني، إلى آخره.

والتشهد الأول: قلنا: في التشهد الثاني -أو الأخير- ركن، والتشهد الأول واجب، والجلوس له واجب، لماذا لا نقول: ركن مثل التشهد الأخير؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تركه ولم يرجع إليه، بل جبره بسجود السهو.

الدرس التاسع : بيان التشهد

ثم بين -رحمه الله تعالى- في الدرس التاسع: بيان التشهد، والتشهد جاء على صيغ متعددة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، جاء تشهد ابن مسعود، وتشهد ابن عباس، وتشهد عمر، يعني من رواية ابن مسعود، من رواية ابن عباس، من رواية عمر، من رواية غيرهم من الصحابة، وكله مضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ليس معنى هذا أنه موقوف على عمر، أو على ابن عباس، أو على ابن مسعود، لا، هو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن أضيف إلى راويه، وكل واحد من الأئمة اختار تشهداً من هذه التشهدات، تشهد عمر اختاره جمع من أهل العلم، وتشهد ابن مسعود الذي هو معنا الآن اختاره جمع من أهل العلم كالحنابلة وغيرهم، واعتمده الشيخ، وتشهد ابن عباس أيضاً اختاره الشافعية، وبعض أهل العلم، وعلى كل حال من حفظ هذه التشهدات كلها جميع الصيغ، وراوح بينها، بأن جاء مرة بتشهد ابن مسعود، ومرة بتشهد عمر، ومرة بتشهد ابن عباس كان أولى؛ لأنها كلها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والاختلاف بينها اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد ليرجح بينها، كما يقال مثل ذلك في الاستفتاح، كما يقال ذلك في الاستفتاح، جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في الاستفتاح أكثر من ذكر، فعلى الإنسان أن يعتني بجميع ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول "وهو: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله"، ولا نحتاج أن نقول: وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وإن كان يقوله بعض عوام المسلمين من باب الاحترام للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن من أراد أن يحترم النبي حق الاحترام فليقتدِ به، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- علمنا هذه الصيغة في ذكر متعبد به في عبادة، فكيف نزيد على ما أرشدنا إليه -عليه الصلاة والسلام-، نعم إذا كانت خارج الصلاة أنت في سعة تقول: سيدنا، وهو الذي يقول: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) لكن في الأذكار التي تعبدت بتلاوتها وبقراءتها وبحفظها لا تزيد على ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، فالمحبة هي الاتباع.

لو كان حبك صادقاً لأطعته

 

 

إن المحب لمن يحب مطيعُ 

"اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد"، هذا يقال في التشهد الأول والثاني، وإن اقتصر على قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، ولم يصلِّ على النبي في التشهد الأول فلا بأس، وإن صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا بأس أيضاً، وبكلٍّ قال جمع من أهل العلم، ثم في التشهد الأخير بعد نهاية الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- يستعيذ بالله من أربع، والاستعاذة بالله من هذه الأربع سنة: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وهي سنة عند جمهور العلماء، وإن قال طاووس بأنها واجبة، الاستعاذة بالله من أربع واجبة، بل أمر ابنه عبد الله أن يعيد الصلاة لما لم يستعذْ بالله من هذه الأربع، لكن هي سنة مؤكدة، ينبغي المحافظة عليها والمداومة عليها.

ثم يتخيًر من الدعاء ما شاء، ولا سميا المأثور بعد أن ينتهي من التشهد والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأخير، ويستعيذ بالله من أربع يختار من المسألة ما شاء، يختار من الدعاء ما شاء، ويعتني بالمأثور، ومن ذلك: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" في حديث معاذ: ((إني أحبك فلا تدع أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) دبر الصلاة يحتمل أن يكون قبل السلام، ويحتمل أن يكون بعدها، فلو قال قبل السلام: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، كما اختاره الشيخ هنا فلا بأس، وإن أخّره إلى ما بعد السلام أيضاً فلا بأس؛ لأن اللفظ محتمل، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً أيضاً هذا وارد، وسمع منه -عليه الصلاة والسلام-، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وهذا علمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا بكر، لما سأله ذكراً أو دعاء يقوله في صلاته، قال: ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) في رواية: ((كبيراً)) ((ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)) وإذا قال بعد الصلاة وبعد التسبيح  أو قبله: رب قني عذابك يوم  تبعث عبادك فهذا وارد ثابت عنه عليه الصلاة والسلام  .

الدرس العاشر: في سنن الصلاة:

"الدرس العاشر: سنن الصلاة"

من هذه السنن "الاستفتاح" والاستفتاح جاء على صيغ عنه -عليه الصلاة والسلام-، ففي الصحيحان من حديث أبي هريرة: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب)).. إلى آخره، وهذا من أصح ما يذكر به هنا، أو يدعى به في مثل هذا الموضع؛ لأنه في الصحيحين، متفق عليه، وجاء من حديث عمر: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك".. إلى آخره، هذا استفتاح ثابت عن عمر موقوف عليه، ويروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرفوع.

هناك استفتاحات خاصة بدعاء الليل: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة)).. إلى آخره، على كلٍّ الاستفتاحات عنه -عليه الصلاة والسلام- متنوعة، والاختلاف بينها اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد، يعني ينبغي للمسلم أن يحفظ جميع هذه الأنواع، ويراوح بينها، أحياناً يقول كذا، وأحياناً يقول كذا؛ ليعمل بجميع ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-.

من السنن: "جعل كف اليد اليمنى على كف اليد اليسرى فوق الصدر حين القيام" ويشمل القيام ما قبل الركوع وما بعده، القيام يشمل ما قبل الركوع أثناء القراءة وما بعد الركوع إذا رفع من الركوع واعتدل قائماً يضع يديه، يده اليمنى على اليسرى فوق الصدر.

ومن السنن: "رفع اليدين مضمومتي الأصابع حذو المنكبين -يعني كتفيه- أو الأذنين" لأنه صح هذا وذاك عنه -عليه الصلاة والسلام-، يرفع إلى فروع أذنيه، أو حذو منكبيه، وكل ذلك ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- فلو فعل هذا أو ذاك لا بأس، ومنهم من يقول: إن رؤوس الأصابع حذو فروع الأذنين، وظهور الأكف حذو المنكبين، وعلى كل حال تحصل السنة إذا حاذى بذلك المنكبين أو فروع الأذنين.

"عند التكبير الأول" يعني مع تكبيرة الإحرام، يرفع اليدين في مواضع في الصلاة، لا على سبيل الوجوب، إنما هو سنة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من الركعتين بعد التشهد الأول، يقول الشيخ: "رفع اليدين مضمومتي الأصابع حذو المنكبين أو الأذنين عند التكبير الأول -عند التكبيرة الإحرام- وعند الركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة" فالمواضع أربعة، وهذا الموضع الرابع ثابت في صحيح البخاري، كلها في الصحيحين، لكن الموضع الرابع ثابت في صحيح البخاري، من حديث ابن عمر، قد يقول القائل: نحن ندرس في المختصرات على المذهب لا سيما (الزاد) في المعاهد العلمية أن مواضع الرافع ثلاثة، كيف يخفى على الأصحاب مثل حديث ابن عمر وهو في الصحيحين؟ كيف يخفى عليهم مثل هذا؟ نقول: حديث ابن عمر وإن ثبت في صحيح البخاري -وهو في صحيح البخاري وليس لأحد كلام مادام الحديث في الصحيح- لكن البخاري لا يلزم الإمام أحمد بقوله؛ لأنه إمام مثله، فحديث ابن عمر لم يثبت عند الإمام أحمد مرفوعاً، بل الإمام أحمد يرى أنه موقوف على ابن عمر، وعلى هذا لا نقول: الحنابلة وش عندهم؟ لأن بعض الناس يجرؤ يقول: حديث في البخاري ولا يذكر في زاد المستقنع ويش يعني؟ نقول: زاد المستقنع معتمد مذهب، وهو مذهب الإمام أحمد، والإمام أحمد لا يثبت الخبر مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل هو من قول ابن عمر عنده، والثابت والمرجح عند الإمام البخاري أنه مرفوع، وعلى كل حال هذه هي أقوال الأئمة، وهذه اجتهاداتهم، ولا يلزم بعضهم بقول بعض، لكن على المتعبد وطالب الحق وناشد الحق أن يطلبه من مظانه، ولا يقلد في دينه الرجال، مادام الخبر ثابتًا وفي صحيح البخاري فلا مندوحة لنا من الأخذ به، لكن هذا مجرد اعتذار لمن لم يقل به من الأصحاب، من السنن: "ما زاد عن واحدة في تسبيح في الركوع والسجود" عرفنا أن التسبيح في السجود والركوع مرة واحدة واجب، لكن ما زاد على ذلك إلى ثلاثة إلى سبعة سنة مستحب، لا يأثم بتركه، ولا يسجد من أجله، لكن إن فعله رتب عليه الثواب.

قال: "ما زاد عن واحدة في الدعاء بالمغفرة بين السجدتين" سنة، ولو قال: "ربّ اغفر لي" مرة واحدة خلاص كفى، تأدى به الواجب، وإن زاد على ذلك فحسن.

"جعل الرأس حيال الظهر في الركوع" يعني إذا ركع يستوي راكعاً، لا يشخص رأسه ولا يصوبه، لا يرفع الرأس حال الركوع ولا ينزله، بل يجعل الرأس في مستوى الظهر، وجاء في وصف ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه لو صب الماء على ظهره لاستقر، ونشاهد بعض الناس أما ينحي كثيراً فيطأطئ رأسه، أو يرفع رأسه، وجاء في حديث أبي حميد وغيره في صفة ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، يشخص رأسه: يرفعه، يصوبه: يطأطئه إلى الأرض، ينزله إلى أسفل، ومنه سمي المطر صيبًا؛ لأنه ينزل.

"مجافاة العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين... في السجود" المجافاة سنة، لكن بحيث لا يؤذي أحداً، ما هو معناه أنه يجافي ويؤذي من في جواره، أو يلزم عليه وجود فرج في الصفوف، لا، مع الإمكان، لكن هذه سنن، ليس معنى أنك تخل بواجب الذي هو التراص في الصف من أجل المجافاة، أو تؤذي، إذا ترتب على فعل السنة أذى لغيرك فالسنة في ترك هذه السنة كما هو معروف.

"والبطن عن الفخذين في السجود" بعض الناس إذا سجد اجتمع، أنظم بعضه إلى بعض، والسنة المجافاة، يرفع بطنه عن فخذيه، ويجافي بين عضديه عن جنبيه.

"رفع الذراعين عن الأرض حين السجود" جاء النهي عن مشابهة الكلب، والنهي عن الافتراش كافتراش السبع، فرفع الذراعين عن الأرض حين السجود يقول الشيخ: إنه سنة، ولو قيل: بوجوبه، لكن لا يلزم عليه سجود سهو هذا الأشكال، لا ينضبط باعتبار لو أدخلناه في الواجبات لقلنا: من فعله يلزمه سجود سهو، لكن فعل المحظور -هذا محظور وليس بترك واجب- فعل المحظور يعفى عن السهو والجهل وما أشبه ذلك، لكن من خالف النص نهي عن افتراش كافتراش السبع ويفعله لا شك أنه معرض نفسه للإثم.

"جلوس المصلي على رجله اليسرى، ونصب اليمنى في التشهد الأول وبين السجدتين" يفترش، يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى في التشهد الأول وبين السجدتين، وفي الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد، كالثنائية مثلاً، وأما إذا كان في الصلاة أكثر من تشهد، فيها تشهد أول وثاني ففي التشهد الأخير يتورك، بمعنى أنه يقدم رجله اليسرى ويجلس على مقعدته وينصب اليمنى.

ومن السنن التي ذكرها الشيخ: "الصلاة والتبريك على محمد وعلى آل محمد وعلى إبراهيم وآل إبراهيم في التشهد الأول" وأما في التشهد الثاني فهو على ما تقدم، ركن من أركان الصلاة، الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأخير ركن، وأما في التشهد الأول فأثبته الشيخ -رحمه الله- مع السنن.

من السنن أيضاً: "الدعاء في التشهد الأخير" ثم يتخير من المسألة ما شاء، والاستعاذة بالله من الأربع كلها سنن.

"والجهر بالقراءة في صلاة الفجر.." وفي الركعتين الأولين من صلاة المغرب والعشاء، يعني الجهر في صلاة الفجر والمغرب والعشاء سنة، والإسرار في صلاة الظهر والعصر والركعة الثلاثة في صلاة المغرب والركعتين الثالثة والرابعة من صلاة العشاء سنة، إيش معنى هذا؟ إنه لو جهر أحياناً صلاته صحيحة في صلاة الظهر، لو أسر في صلاة المغرب أو العشاء أو الفجر صلاته صحيحة، لكن خالف السنة، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسمعهم الآية أحياناً في صلاة الظهر أو العصر، فدل على أن الإسرار أو الجهر في هذه المواضع سنة، وفعله لهذا الجهر لبيان الجواز، لكن لو قدر أن شخصًا طول عمره في صلاة الصبح إمام يسر، ثم إذا جاء يصلي الظهر جهر، سنة وإلا لا؟ نقول: هذا مبتدع، لا يكفي أن نقول: إنه ترك سنة نقول: هذا مبتدع، لا ينبغي أن يتقدم إمامًا للمسلمين؛ لأنه خالف الثابت عنه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الإصرار على ترك السنن والمعاندة لا يكفي أن يقال: إنه ترك المشروع وعدل عنه إلى المكروه، لا، إذا تعمد ترك السنة وأصر عليه يذم، يعرض نفسه للعقاب؛ ولذا جاء عن الإمام أحمد -رحمه الله- وهو يقول بسنية الوتر، يقول: "من ترك الوتر -يعني وواظب على تركه- فهو رجل سوء، ينبغي ألا تقبل شهادته" لكن لو فعله أحياناً وتركه أحياناً لا ضير عليه، لكنه من السنن المؤكدة.

"الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر، والثالثة في المغرب، والأخيرتين من العشاء" على ما تقدم.

"قراءة ما زاد عن الفاتحة من القرآن" الركن قراءة الفاتحة، لكن ما زاد على ذلك فهو سنة، "مع مراعاة بقية ما ورد من السنن سواء ما ذكرنا" من السنن ما يسمى بجلسة الاستراحة سنة ثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث مالك بن الحويرث، النبي إذا أراد أن ينهض إلى الثانية جلس، وإذا أراد أن ينهض إلى الرابعة جلس، هذه الجلسة وإن سماها أهل العلم استراحة إلا أنها سنة، وهي جلسة خفيفة جداً، لا تعوق عن متابعة الإمام ولو لم يفعلها، مادامت ثابتة عنه -عليه الصلاة والسلام- ففعلها سنة، علينا أن نقتدي به -عليه الصلاة والسلام-.

الدرس الحادي عشر: مبطلات الصلاة:

"الدرس الحادي عشر: مبطلات الصلاة"

إذا عرفنا شروط الصلاة، وأركان الصلاة، وواجبات الصلاة، وسنن الصلاة، فما الذي يبطلها؟ ما الذي يبطل الصلاة؟ يبطلها ثمانية أشياء: "الكلام العمد مع الذكر"، ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها كلام الناس)) فمن تكلم وبان من كلامه ما يفهم، وما يؤدي إلى معنى، عالماً عامداً صلاته باطلة، وأهل العلم يعلقون البطلان ببيان حرفين، يقول: "فبان حرفان بطلت" لو قال: (لن) (لا) (لم) متعمد للكلام، ذاكراً لصلاته صلاته تبطل، "أما الناسي والجاهل لا تبطل صلاته بذلك" المضطر أو الذي تكلم بغير قصد، شخص يصلي فوقع عليه شيء سقط عليه شيء آلامه فقال: أح، بان حرفين نقول: صلاته باطلة؟ لا هذا مجبر على هذا الكلام، لاشعوري يقول هذا الكلام، لكن الكلام على من اختار، تعمد الكلام وكان ذاكراً لصلاته، وهو يعرف أنه في صلاة، لكن إذا تكلم وهو يغلب على ظنه أنه انتهت صلاته، عنده أن الصلاة انتهت، صلى الظهر ثلاث ركعات وسلم  وسولف مع جاره، أو قال له جاره: أنت ما صليت إلا ثلاث، قال: لا أنا صليت أربع، ثم دار بينهما نقاش، ثم ترجح عنده أنه صلى ثلاث يأتي بالرابعة ولا يضره مثل هذا الكلام، وهذا جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في حديث ذي اليدين، صلى في إحدى صلاتي العشي فسلم من ركعتين، وحاور الصحابة، قالوا له: أقصرت الصلاة أما نسيت؟ قال: ((لم أنسَ ولم تقصر)) فتكلم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وكلمه الصحابة، بناء على غلبة الظن أن الصلاة قد تمت.

"الضحك" أيضاً يبطل الصلاة؛ لأنه يخالف مقصود الصلاة، الصلاة المقصود منها المثول بين يدي الرب، مع الخشوع والاستكانة والتضرع، فالضحك ينافي روح الصلاة ولبها، وإذا قلنا: إنه يبطل الصلاة لا يعني أنه يبطل الوضوء كما يقول الحنفية، الحنفية يقولون: إذا قهقه في الصلاة بطل وضوؤه فضلاً عن صلاته ويعتمدون في ذلك على حديث ضعيف، ضعفه معلوم عند جمهور العلماء.

"الأكل" أيضاً يبطل الصلاة، تسامح بعض السلف في الشرب في النافلة، لكن ينبغي أن يعتني المسلم في صلاته سواء كانت نافلة أو فريضة؛ لأنه لا فرق بين الفريضة والنافلة إلا ما خصه الدليل، الإنسان واقف بين يدي ربه، يناجي ربه سواء كان في الفريضة أو النافلة، فينبغي أن يعتني بصلاته، ويقبل بكُليته على ربه، وينكسر بين يديه ويتذلل، "الأكل والشرب".

"انكشاف العورة" ستر العورة قلنا فيما تقدم شرط لصحة الصلاة، تقدم تحديد العورة فإذا انكشف من هذه العورة شيء فإن كان من العورة المغلظة السوءتين فتبطل الصلاة مباشرة، وإذا كان مما خف مما دون السوءتين، فإن طال بطلت الصلاة، وإن غطاه فلا.

"الانحراف الكثير عن جهة القبلة" قلنا: إن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، والانحراف اليسير لا يضر؛ لأن المطلوب في الاستقبال هو جهة الكعبة لا عين الكعبة، خلاف للشافعية الذين يقولون: إنه لا بد من إصابة عين الكعبة بغلبة الظن، يعني إذا غلب على ظنك أنك إلى عين الكعبة تصلي يكفي، أما الجمهور فيقولون: يكفي أن تتجه إلى جهة الكعبة، ويستدلون بحديث: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) إذا وضعت إحدى الجهات عن يمينك والأخرى عن يسارك والقبلة تجاه وجهك ولو ملت يميناً أو شمالاً ما لم تقصد، والمقصود بهذا البعيد عن الكعبة، أما من يشاهد الكعبة ففرضه استقبال عينها، لا يجوز له أن يحيد قيد أنملة عن الكعبة. "العبث الكثير المتوالي في الصلاة" عرفاً، فإذا عده الناس كثيرًا فهو كثير، وإلا فهو قليل، وجمع من أهل العلم يحدونه بثلاث حركات في الركن الواحد؛ يعني إذا اجتمع في ركن واحد ثلاث حركات صار كثيرًا.

"وانتقاض الطهارة" انتقاض الطهارة مبطل للصلاة بلا شك؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ، ولا بد أن تستمر الطهارة إلى تمام الصلاة .

الدرس الثاني عشر: شروط الوضوء:

"الدرس الثاني عشر: شروط الوضوء" معلوم أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، والصلاة لها شروط تقدم ذكرها، منها: الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) والوضوء المراد به رفع الحدث الأصغر، ويراد برفع الحدث الأكبر الغسل، وعندنا في هذا الدرس شروط رفع الحدث الأصغر، فشروط الوضوء عشرة :

"الإسلام" يعني لو توضأ الكافر يصح وضوؤه وإلا لا؟ لا يصح؛ لأن الأعمال بالنيات، النية شرط لصحة الوضوء، والكافر ليس من أهل النية ولا من أهل القصد، ليس من أهل قصد التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بهذه العبادة، فلا تصح هذه العبادة منه.

"والعقل" لو توضأ مجنون أو وُضئ المجنون لا يجزئ مثل هذا الوضوء، بحيث لو أفاق لزمه إعادة الوضوء من أجل الصلاة؛ لأنه لا قصد له، ولا نية له، والقلم مرفوع عنه.

"والتمييز" من شروط الوضوء: التمييز بأن يكمل سبع سنوات حتى يطالب بالصلاة التي من أجلها يطلب رفع الحدث، فالذي لا يميز لا يصح منه وضوء، كما أنها لا تصح صلاته، ولا يطالب بها، ولذا جاء في الحديث: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)) والسبع مظنة لأن يميز فيها الطفل، غالب الأطفال يميز لسبع، وكثير منهم يميز قبل ذلك، والقليل النادر من يجاوز السابعة ولم يميز، والشرع إذا أراد أن يثبت حكماً نظر إلى غالب الناس؛ لأن الحكم للغالب، وإلا فلو ميز قبل السبع لا يطلب بالصلاة، ولا يؤمر بها، لكنه يُبدأ بتعليمه؛ لأنه يفهم، فينبغي أن يبادر بتعليمه ولو لم يكمل السبع، كما هو معمول به الآن.

"والنية" شرط من شروط الوضوء لحديث عمر المتفق عليه في الصحيحين وغيرهما: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) ((فلا عمل إلا بنية)) كما جاء في بعض الأحاديث، لا عمل شرعي إلا بنية، فلا تصح الأعمال الشرعية إلا بالنيات، فإذا لم يقصد الإنسان ولم يخطر على باله هذا العمل فإنه لا يصح منه، ولو كان عملاً عادياً، فإنه لا يؤجر عليه إلا إذا قصد به التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى-، والاستعانة به على طاعة الله -عز وجل-.

"واستصحاب حكمها" حكم النية، عندنا حكم وعندنا ذكر، استصحاب حكم النية شرط لصحة الوضوء، بأن لا ينوى قطع الطهارة حتى تتم، وأما استصحاب ذكرها بمعنى أنها لا تعزب عن باله من بدء الوضوء إلى نهايته هذا ليس بشرط، نعم هو مستحب، إذا قصد الإنسان إلى المغسلة -مثلاً- مغسلة اليدين، وغسل يديه وكفيه ووجهه وذراعيه ومسح رأسه وغسل رجليه هذا وضوء، لكن بعض الناس عنده الوضوء روتين، قد ينتهي من غدائه أو عشائه من أكله ثم يذهب إلى المغسلة فلا يشعر إلا وقد أكمل الوضوء، وهو ما قصد أن يتوضأ، قصد يغسل يديه فقط مثل هذا الوضوء يصح وإلا ما يصح؟ لا يصح؛ لأنه غير منوي.

شخص قصد المغسلة، وهو قاصد أنه يغسل يديه، ويتوضأ بعد ذلك لصلاة العصر مثلاً، نوى أن يتوضأ، ولا يحتاج أن يقول: نويت أن أتوضأ، أو نويت أن..، لا ما يحتاج، بل النطق بالنية بدعة، قصد الوضوء، قصد أن يغسل يديه من الغداء ويتوضأ لصلاة العصر، نقول: النية المشترطة لصحة هذه العبادة موجودة، لكن يشترط لذلك أمر آخر ألا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، وهو يتوضأ بعد أن غسل يديه وكفيه ووجهه وتمضمض واستنشق، وغسل ذراعيه تحرك بطنه، وجد حركة في بطنه، فقال: أعرض نفسي على الدورة لعله يخرج شيء، ذهب إلى الدورة ما خرج شيء، يكمل وإلا يستأنف؟ لا بد من الاستئناف؛ لأنه نوى قطع الطهارة قبل تمامها، نوى قطع الطهارة قبل تمامها، لكن لو تمت الطهارة، غسل كفيه ووجهه وتمضمض واستنشق وغسل ذراعيه إلى المرفقين، ومسح رأسه وغسل رجليه، فوجد هذه الحركة في بطنه، فقال: أعرض نفسي على الدورة فلعله يخرج مني شيء بدل ما إذا ذهبت إلى المسجد يمكن أحتاج إلى الدورة، عرض نفسه على الدورة ما خرج شيء، يعني نوى قطع الطهارة قبل كمالها، ما تصح الطهارة، لا بد أن يستأنف، نوى قطع الطهارة بعد كمالها ما يؤثر، ولذا المشترط استصحاب الحكم، ومعنى استصحاب الحكم ألا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، أما استصحاب الذكر هذا مستحب، يعني تستحضر أنك تتوضأ وتتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بهذا الوضوء، بهذه العبادة التي افترضها الله عليك، هذه سنة، استصحاب الذكر، ذكر النية واستصحاب القصد إلى الوضوء.

"وانقطاع موجب الوضوء" الموجب للوضوء الحدث الأصغر، لا بد أن ينقطع فلا بد أن ينقطع الموجب للوضوء، بول، غائط، ريح، سلس، مذي، وغير ذلك، كل هذا لا بد أن ينقطع قبل أن تشرع بالطهارة، ولا بد أن تستنجي بعده، أن تغسل فرجك وتنظفه من هذا الخارج، ثم بعد ذلك تتوضأ.

"واستنجاء أو استجمار قبله" لأنه لا يصح قبل الاستنجاء أو الاستجمار وضوء ولا تيمم، لا بد أن يسبق الوضوء أو التيمم الاستنجاء أو الاستجمار، ولنعلم أن الاستنجاء والاستجمار ليس من فروض الوضوء، بعض الناس إذا أراد أن يتوضأ دخل الدورة وغسل ولو ما خرج منه شيء، ظاناً منه أن الاستنجاء من فروض الوضوء، وهو ليس من فروض الوضوء، إذا أنت ما أنت محتاج للدورة ما يحتاج تدخل، إذا أنت حاقن ادخل الدورة وانقض الوضوء واغسل فرجك، عليك الاستنجاء، لكن ما أنت محتاج للدورة، بعض الناس يظن أن الدخول للدورة وغسل الفرجين من فرائض الوضوء، وهذا ليس بصحيح، إذا لم يحتج الدورة يعمد إلى مكان الوضوء، الميضأة ويغسل كفيه ووجهه وذراعيه، ويمسح رأسه ورجليه، وهذا هو الوضوء.

"طهورية ماء وإباحته" لا بد أن يكون الماء الذي يتوضأ به طاهراً، مباحاً، طاهراً: لم تقع فيه نجاسة، ومباحاً: ليس بمغصوب ولا مسروق، يعني شخص أراد أن يتوضأ بحث عن ماء ما وجد، فإذا بجواره بقالة ذهب إلى هذه البقالة فسرق قارورة ماء ووضعها في جيبه، قال: السرقة أهون من أن أصلي بدون وضوء، نعم، الصلاة لا تصح إلا بوضوء، والسرقة معصية، وسرقة ريال ريالين أهون من كوني أصلي بدون طهارة، نقول: لا، تيمم، أنت غير قادر، والمسألة المفترضة ما هو في مسجد ما وجد فيه ماء والمسجد الثاني بجواره أو بإمكانه أن يطرق باب ويأخذ ماء ليتوضأ به، المسألة المفترضة أنه ما يوجد في البلد  إلا هذه القارورة، قارورة الماء التي في البقالة، بمعنى أنه إذا فقد هذه القارورة التي سرقها يكون عادماً للماء يعدل إلى التيمم، فالماء غير المباح لا يرفع الحدث، لا بد أن يكون مباحاً، طيب بحث عن ماء في دورة المياه التي حول المسجد ما وجد، وجد برادة الماء، هذه البرادة موقوفة للوضوء أو للشرب؟ للشرب، يجوز أن يتوضأ منها وإلا ما يجوز؟ نعم، يجوز أن يتوضأ منها وإلا ما يجوز؟ الأصل أنه ما يجوز؛ لأن الواقف الذي وقف هذه الماء عين المصرف، وجعله للشرب لا للوضوء، لكن مثل هذا ما يقال بأن الطهارة باطلة، والصلاة غير صحيحة، لا، لكنه أساء، تصرف في غير مصرف الوقف، قد يقول قائل: هذه الكراسي التي يوضع عليها المصاحف، وقفت من أجل المصاحف، يوضع عليها مصحف وتقرأ، الواقف وضعها لهذا الأمر، هل يجوز أن تسفطها وتجعلها وراء ظهرك تستند إليها؟ لأن الناس ما يرتاح للشيء الواقف مثل الجدار ذا، فلا بد أن يضع شيء منبسط من أجل أن يرتاح في جلوسه، يصح وإلا ما يصح؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ الواقف إنما وقفها لأي شيء؟ للمصاحف وللقراءة، لكن هذا أمره أيسر من الماء؛ لأن العين ما تتأثر، العين الموقوفة ما تتأثر ولا تنقص؛ شريطة ألا يحتاج إليها للقراءة، إذا وُجد عدد وقدر زائد، فلا مانع أن تستعملها لتعينك على طاعة الله، لكن الأصل أنها موقوفة للمصحف، لو جاء شخص يريد أن يقرأ فهو أحق بها منك.

"وإزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة" شرط، بويا، على اليد بويا، البويا فيها مادة دهنية ينبو عنها الماء، أو دهن مثلاً، أو فكس أو فازلين ينبو الماء ما يصل إلى البشرة، لا بد من إزالته ليصل الماء إلى البشرة، عجين مثلاً، ما يسمى المناكير اللي يحط على الأظفار، كل هذا لا بد من إزالته، لا بد من إزالته، كي يصل الماء إلى البشرة.

"دخول وقت الصلاة في حق من حدثه دائم" من حدثه دائم، شخص به سلس ما يقف، أراد أن يتوضأ قبل دخول الوقت، نقول: لا انتظر، لا بد أن يدخل عليك الوقت؛ لأن طهارتك ضرورة، وليست طهارة تامة، تستبيح بها الصلاة، فانتظر حتى تقرب الصلاة، ولذا قالوا: دخول وقت الصلاة في حق من حدثه دائم مثل من به سلس، المرأة المستحاضة التي يأيتها النزيف باستمرار مثل هذه تنتظر حتى يدخل وقت الصلاة، من به سلس ريح، هذا موجود من بعض الناس، نسأل الله العافية، نعم، من به سلس ريح، يخرج منه الريح من غير اختياره، مثل هذا ينتظر؛ لأن طهارته ضرورة.

الدرس الثالث عشر: فروض الوضوء:

"فروض الوضوء" فروض الوضوء ستة، يقول الشيخ -رحمه الله تعالى-: "فروض الوضوء –في الدرس الثالث عشر–.... ستة: غسل الوجه ومنه المضمضة والاستنشاق" طيب غسل اليدين قبل الوجه، غسل الكفين هذا من فروض الوضوء؟ لا هذا سنة ليس فرض، إن غسلت فبها ونعمت، وإن لم تغسل فلا بأس، تغسل وجهك مباشرة، لكن إذا كنت مستيقظاً من النوم فلا يجوز لك أن تدخل يديك في الإناء الذي فيه الماء حتى تغسلهما ثلاثاً ((إذا قام أحدكم من النوم فليغسل يديه ثلاثاً قبل أن يغمسها في الماء، فإنه لا يدري أين باتت يده؟)) لا بد من غسلها، لكن لو غمسها قبل أن يغسلها، الماء ما يتأثر، ولكنه آثم لمخالفته هذا النهي، وغسل الكفين عرفنا أنه سنة وليس بواجب، وليس من فروض الوضوء.

قوله: ((أين باتت يده؟)) المبيت غالباً في الليل، ولذا خص بعض أهل العلم القيام من نوم الليل دون النهار، ومنهم من يقول: إن المبيت الأصل فيه الليل، ويلحق به ما كان في حكمه من النوم الطويل ولو في النهار.

"غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق" {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] هذا فرض اتفاقاً، منصوص عليه في الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، لا يصح الوضوء إلا بغسل الوجه.

المضمضة والاستنشاق: جاء فيهما أخبار وأحاديث ((إذا توضأت فمضمض)) و((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) ((إذا قام أحدكم من النوم فليجعل في منخريه من الماء ثم لينتثر)) كل هذا يدل على وجوب المضمضة والاستنشاق، وأن المضمضة والاستنشاق والفم والأنف داخلان في مسمى الوجه، ولا يتم غسل الوجه إلا مع المضمضة والاستنشاق، بخلاف داخل العين، فإنه ليس داخلاً في مسمى الوجه، فلا يلزم الإنسان أن يغسل داخل عيونه، لا يلزمه هذا.

وحد الوجه الواجب غسله والمفترض غسله: من منابت شعر الرأس إلى الذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً.

"وغسل اليدين إلى المرفقين" إلى المرفقين، يعني من أطراف الأصابع إلى المرفق، بعض الناس إذا غسل يديه قبل غسل الوجه يكتفي بغسل الذراعين فقط، اليد يطلق عليها يد من أطراف الأصابع إلى المرفق، إلى المرفقين، فلا بد من الانتباه لذلك، والمرفق داخل، لأنه -عليه الصلاة والسلام- إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه، والمراد بالمرفق: المفصل، المفصل هذا، بعض الناس يسميه إيش؟ كوع، يسميه كوع، هذا خطأ، نعم  خطأ، ليس هذا هو الكوع، هذا هو المرفق، أين الكوع؟ "فعظم يلي الإبهام" هذا العظم الذي يلي الإبهام.

فعظم يلي الإبهام وكوع وما يلي

 

 

لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط

الرسغ هو الوسط، فالعظم الذي يلي الإبهام هو الكوع، والذي يلي الخنصر هو الكرسوع، وكثير من الناس ما يعرف كوعه من كرسوعه، وبعض الناس يقول: ما يعرف كوعه من بوعه.

"ومسح جميع الرأس ومنه الأذنان" مسح جميع الرأس، لا يكفي أن يمسح البعض من البعض، وإن قال بالاكتفاء ببعضه بعض أهل العلم، لكن الرأس إنما يطلق على جميعه {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [(6) سورة المائدة] فالمفترض مسح جميع الرأس ((والأذنان من الرأس)) كما جاء في بعض الأحاديث ((الأذنان من الرأس)) ولا بد في مسح الرأس أن يأخذ له ماء جديدًا، غير ما فضل بيديه، أما الأذنان فباعتبار أنهما تبعاً للرأس فيمسحان بما فضل من الماء الذي مسح به الرأس.

"وغسل الرجلين إلى الكعبين" وهما العظمان الناتئان في جانبي القدم، وكل رجل فيها كعبان، وليس المراد بالكعب العظم الناتئ في ظهر القدم الذي هو معقد الشراك –كما يقوله بعض المبتدعة- لأن لكل رجل كعبين، الأمر الثاني مما يدل على ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويل للأعقاب من النار)) ((أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار)) وإذا قلنا: إن المراد بالكعبين هما العظمان الناتئان على ظهر القدم عند معقد الشراك، ما يلزم غسل العقبين، لكن لا بد من غسل العقبين إلى الكعبين، وهما العظمان الناتئان في جانبي القدم.

"والترتيب" الترتيب لا بد منه، فرض من فرائض الوضوء، لو مسح رأسه قبل غسل وجهه يكفي وإلا ما يكفي؟ ما يكفي، لو غسل رجليه قبل يديه؟ ما يكفي، لا بد من أن يرتب كما أمر الله -سبحانه وتعالى- {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [(6) سورة المائدة] على الترتيب، كما ذكر الله، ((توضأ كما أمرك الله)) الواو الأصل فيها أنها لمقتضى التشريك، ولا تفيد الترتيب، لكن إدخال المسموح بين المغسولات لحكمة، ولا حكمة هنا سوى إرادة الترتيب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتباً، ولم يؤثر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه خالف هذا الترتيب.

"والموالاة" الموالاة بين الأعضاء، بحيث لا يترك عضوًا حتى ينشف قبل غسل العضو الآخر، بل لا بد من الموالاة بينها، غسل وجهه، ثم ذهب تقهوى رجع غسل يديه، يصح وإلا ما يصح؟ ما يصح، لا بد من الموالاة، يغسل وجهه، ثم يديه، ثم يمسح رأسه، ثم رجليه، لا بد من الموالاة بين أعضاء الوضوء.

الدرس الرابع عشر: نواقض الوضوء:

"الدرس الرابع عشر: نواقض الوضوء" إذا تم الوضوء توافرت شروطه، ووجدت صورته المشروحة في الكتاب والسنة، فما الذي ينقضه؟ ينقضه ستة  أشياء:

"الخارج من السبيلين" والخارج من السبيلين يشمل المعتاد وغير المعتاد، مقتضى قوله: "الخارج من السبيلين" كغيره من أهل العلم أنه يشمل المعتاد يشمل البول والغائط وغير المعتاد لو خرج منه دود مثلاً، أو خرج منه شيء يابس حصاة وإلا شبهها، هذا خارج من السبيل، هذا موجب أو ناقض من نواقض الوضوء.

"الخارج الفاحش النجس من الجسد" القيء مثلاً، القيء نجس، فإذا كثر فإنه ناقض للوضوء، والدم عند جمهور العلماء إذا كثر فإنه ينقض الوضوء؛ لأنه نجس عند الجمهور وهو فاحش، وعلى كلام الشيخ يكون ناقضاً من نواقض الوضوء.

"زوال العقل بنوم أو غيره" النوم إذا كان مستغرقًا بحيث لا يحس بما حوله، فإنه ينقض الوضوء؛ لأنه لا يدري لعله أحدث ((العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ)) ((إذا نامت العينان استطلق الوكاء)) بغيره، زال عقله بسكر ينتقض وضوؤه من باب أولى، زال عقله ببنج، كل هذا ناقض للوضوء، ولذا يقولون: من نواقض الوضوء زوال العقل بنوم أو غيره.

"مس الفرج باليد قبلاً كان أو دبراً، بغير حائل" حديث بسرة في السنن ((من مس ذكره فليتوضأ)) وهو حديث لا بأس به مقبول في مثل هذا، يعارضه حديث طلق بن عدي ((إنما هو بضعة منك)) لكن حديث بسرة أصح.

وشيخ الإسلام يحاول الجمع بين الحديثين ليقول: إن نقض الوضوء من باب الاستحباب ((من مس ذكره فليتوضأ)) استحباباً؛ لأنه مظنة إذا مسه وعبث به أن يخرج منه شيء، فالأولى والأحوط أن يتوضأ.

"وأكل لحم الإبل" للأمر به، وثبت به حديثان صحيحان، في صحيح مسلم أكل لحم الإبل، ويدخل في ذلك جميع ما حواه الجلد، فمن أكل لحم الإبل فعليه أن يتوضأ، "أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) أنتوضأ من لحم الإبل؟ قال: ((نعم))، جاء في الحديث الآخر: ((كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار)) ولحم الإبل تمسه النار، لا شك أن هذا عام مخصص بما جاء في لحم الإبل على وجه الخصوص، فهو مقدم عليه.

"الردة عن الإسلام" أعاذنا الله والمسلمين من ذلك، الردة تنقض الوضوء؛ لأنه بردته –نسأل الله العافية– حبط عمله، فإذا حبط العمل ومنه –من العمل– الوضوء، يعني بطل عمله، نسأل الله العافية، كثير من الناس يتصور الردة إما يصير يهودي وإلا نصراني وإلا مشرك يلتحق بالمشركين، قد يرتد بكلمة –نسأل الله العافية– يستهزأ بما جاء عن الله، يستهزئ بالرسول، أو بما جاء عن الرسول، يكون مرتد -نسأل الله العافية-.

يقول الشيخ: "تنبيه هام: أما غسل الميت فالصحيح أنه لا ينقض الوضوء، وهو قول أكثر أهل العلم لعدم الدليل على ذلك، لكن لو أصابت يد الغاسل فرج الميت من غير حائل وجب عليه الوضوء" الحديث الوارد في ((من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) ضعيف، فمن غسل الميت لا شيء عليه، وضوؤه صحيح، ولا ينتقض وضوؤه، لكن لو أصابت يد الغاسل فرج الميت من غير حائل وجب عليه الوضوء، كما لو مس فرجه هو، لو مس فرج نفسه ينتقض وضوؤه على ما اختاره الشيخ -رحمه الله تعالى-، وعرفنا أن ذلك عند شيخ الإسلام ابن تيمية على سبيل الاستحباب لا على سبيل اللزوم.

"والواجب عليه ألا يمس فرج الميت إلا من وراء حائل" لا يجوز للغاسل أن يباشر عورات الأموات، بل لا بد أن يوضع عليها حائل، ويمكن غسلها من وراء ذلك الحائل "وهكذا مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً سواء كان ذلك عن شهوة أو غير شهوة في أصح قولي العلماء" لأنه ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل، فيخرج إلى الصلاة ولا يعيد الوضوء، "ما لم يخرج منه شيء" إذا خرج منه شيء انتقض وضوؤه من أجل ذلك الخارج، لا من أجل مس المرأة، ولو كان بشهوة "لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ".

"أما قوله -سبحانه وتعالى- في آيتي النساء والمائدة {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء][(6) سورة المائدة] فالمراد به الجماع في الأصح من قولي العلماء، وهو قول ابن عباس -رضي الله عنهما- و جماعة.." مع أن من أهل العلم من يرى أن مس المرأة بشهوة أو بغير شهوة مجرد مس المرأة ناقض للوضوء، لقوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] ينقض الوضوء، عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يقيد ذلك بالشهوة، فإذا وجدت الشهوة انتقض الوضوء؛ لأنه مظنة لأن يخرج منه شيء، والشيخ -رحمه الله- رجح أن المراد بالآية {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] المراد به الجماع، ومجرد المس ولو كان بشهوة فإنه لا ينقض الوضوء.

الدرس الخامس عشر: الأخلاق المشروعة لكل مسلم:

"الدرس الخامس عشر: الأخلاق المشروعة لكل مسلم" يشرع لكل مسلم أخلاق وآداب وصفات ينبغي أن يتحلى بها، "منها: الصدق" الصدق كما جاء في الحديث: ((يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة...، والكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار)) فالصدق خصلة حميدة على الإنسان أن يلتزم بها، ولا يقول: إن الظروف اقتضت علي، أو ألزمتني أن أجانب الصدق؛ لأن الصدق منجاة، من صدق ولو في أحلك الظروف نجا، وهذا شيء مجرب، قصة كعب بن مالك، الثلاثة الذين خلفوا، صريحة في هذا، فالكذب حرام اتفاقاً، يباح منه بعض الصور، للإصلاح بين الناس، والكذب على الزوجة في حدود ما يؤلف القلوب، وما أشبه ذلك، وأما ما عدا ذلك فالكذب حرام، والكذب درجات، الكذب على الناس محرم بلا شك، وأعظم منه الكذب على الله وعلى رسوله، ومن الكذب على الله الفتيا بغير علم، نسأل الله العافية، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] "كذبوا على الله" من أولى من يدخل في هذا الباب من يفتي ويقول على الله بغير علم.

"الأمانة" الأمانة خلق واجب، والخيانة حرام، والخديعة مخادعة المسلمين وغشهم، وجحد الأمانات والعواري كل هذا محرم بالكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ} [(72) سورة الأحزاب] لا بد من أداء هذه الأمانة، ومن الأمانات ما كلف به المسلم من الشرائع، الصلاة أمانة، الصيام أمانة، الغسل من الجنابة أمانة، فلا يجوز له أن يخون هذه الأمانة بحال.

"العفاف" لا بد أن يكون الإنسان عفيفاً بجميع ما تحتمله هذه الكلمة من صور، ومعانٍ يكون عفيف القلب، فلا يحقد ولا يحسد، عفيف اللسان، لا يتكلم بأحد إلا بحق، ولا يستطيل في أعراض المسلمين، ولا يكون صخاباً في الأسواق، ولا غضوباً لجلاجاً، ويكون عفيفاً عن المحارم كلها، ومن أظهر صور العفة عفة الإزار بأن لا يحل إزاره إلا على ما أحله الله له وأباحه له.

"والحياء" والحياء لا يأت إلا بخير، وجاء في الحديث الصحيح: ((إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)) ((إنما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)) فالحياء لا يأتي إلا بخير، وهو خلق ينبغي أن يتجمل به المسلم، ويكمل به نفسه، والمراد بالحياء: الحياء الذي يمنع من ارتكاب ما منع منه شرعاً أو عرفاً، لكن الحياء الذي يمنع من إقامة الواجبات أو يمنع من ترك المحظورات، يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يمنع من إرشاد الجاهل، هذا يسمى حياء، هذا خجل مذموم هذا، نسأل الله العافية.

"الشجاعة" الجبن خلق ذميم، تعوذ منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى كل مسلم أن يتعوذ منه، فالشجاعة خلق ينبغي أن يتحلى به المسلم، فيشرع لكل مسلم أن يكون شجاعاً، قوالاً للحق عاملاً به، شجاعاً في مواطن الشجاعة، في الحروب، في الكلمة، الصدع بالحق عند الحاجة إليه وهكذا.

"الكرم" البخل أيضاً خلق ذميم، فعلى المسلم أن يكون كريماً باذلاً لما يطلب منه فيما لا يضر به ويشق عليه.

"الوفاء" الوفاء بالعهود، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [(1) سورة المائدة] فلا بد من أن يكون المسلم وفياً لمن له عليه حق، ولمن عاهده وعاقده على شيء، لا بد أن يفي له بما التزم.

"النـزاهة عن كل ما حرم الله" النـزاهة عن كل ما حرم الله، فكل ما حرم عليه ينبغي أن يبتعد عنه ويتنزه منه، لا يزاول شيئاً مما حرمه الله عليه سواء كان خالياً بمفرده أو كان بمجمع من الناس، ولا شك أن العلانية أشد، ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين)) لكن أيضاً ارتكاب المحرمات، ولو كان الإنسان خالياً هذا أمر رتب عليه العقاب، وهو تحت المشيئة، لكن أشد من ذلك المجاهرة.

"حسن الجوار" فالجار له حقوق، له حق الإخوة في الدين، له حق الجوار، وإذا كان قريبًا زاد حق ثالث، وهو حق القرابة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) ((والله لا يؤمن... من لا يأمن جاره بوائقه)) فلا بد من حسن الجوار، وعدم التعرض للجار بأي أذى.

"مساعدة ذوي الحاجات حسب الطاقة" تعين صانع أو تصنع لأخرق هذا من أفضل الأعمال، ذوي الحاجات، الأعمى الذي يحتاج من يقوده، وبحاجة إلى من يقوده، تمسك بيديه فتقوده، توصله إلى المسجد، إلى بقالة، إلى عمله، إلى ما يريد، لكن بما لا يشق عليك ولا يعطل مصالحك، أنت عندك دوام ووجدت أعمى دوامه في جهة غير جهتك تترك دوامك وتروح توديه؟ لا، بما لا يشق عليك ولا يعطل مصالحك.

"مساعدة ذوي الحاجة حسب الطاقة" حسب الجهد، حسب المستطاع، وغير ذلك من الأخلاق التي دل عليها الكتاب والسنة على مشروعيتها.

  والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.