كتاب التيمم (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 هذا سؤال يقول السائل: إذا أطلق أهل الحديث وصف صالح على بعض الرواة، فهل المقصود صالح في ديانته أم صالح الحديث؟

 يقول الحافظ ابن حجر في النكت: ذكر أن أهل الحديث إذا أطلقوا كلمة صالح فمقصودهم في الديانة، وإذا أرادوا في الحديث قيدوا ذلك، قيدوه بذلك يعني صالح الحديث، وابن قطان الفاسي في كتابه: بيان الوهم والإيهام، ذكر أنهم إذا أطلقوا كلمة صالح فمرادهم في الحديث، كما هو المشهور عند إطلاق هذا الوصف دون تقييد، في الجملة إذا قالوا أو أطلقوا الصلاحية سواء كانت في حديث أو في راوٍ فالصلاحية كما يقولون أعم من أن تكون للاحتجاج أو للاستشهاد، أعم من أن تكون للاحتجاج أو للاستشهاد، فتشمل هذا وذاك، فعلى كل حال يُنظَر في المُطلِق، قد يطلقها إمام وله مراد، وله اصطلاح، ويطلقها آخر، وله اصطلاح آخر، فينظَر في اصطلاح كل عالم على حدة، ولها نظائر من ألفاظ الجرح وألفاظ التعديل.

 فعلى كل حال إذا أطلقها من يعتمد اصطلاحًا بحيث يوفق بين أقوال الأئمة، ويخرج بهذا الاصطلاح بشكل عام، يعني من المتأخرين كالحافظ ابن حجر أو الذهبي أو غيرهما، هذا يُجرى على قواعدهم، أما الأئمة فلا يمكن أن تعامِل الإمام أحمد بما تعامل به علي بن المديني أو يحيى بن معين، كلٌّ له اصطلاحه، ولا بد أن تُدرَس هذه الاصطلاحات عند هؤلاء الأئمة ويُخرَج بنتائج، والعلماء الذين تقدمونا وبحثوا ألفاظ الجرح والتعديل وقعّدوها لم يتفقوا على شيء بيّن.

 لكن مع ذلك نقول: الأحكام على الرواة أو على الأحاديث لا تأتي بالعمل النظري فقط، بل لا بد من اقتران العمل مع النظر، فيكون الراوي إذا قيل: صالح إذا جُمعَت مروياته مع النظر في ديانته وثقته ينظَر في مستواه العلمي، ويعرَف مقدار هذا الاصطلاح، فقد يصل إلى درجة الاحتجاج، فيكون حديثه من باب الصحيح، أو الحسن على الأقل، وقد لا يصل إلى درجة الاحتجاج إذا نُظِر في مجموع مروياته وموافقته للرواة ومخالفته لهم، فيكون دون ذلك، تكون صلاحيته في الديانة دون الضبط، فيصلح للاعتبار، ولا يصلح للاحتجاج، فيحتاج إلى متابِع، أو شاهد.

نعم، التوثيق النسبي يختلف عن الكُلي، يختلف عن الكُلي، وقد يختلف هو في حديث يكون له من يوافقه ولا يُظهَر ولا يظهَر فيه اختلاف مع أحد، فيُوثَّق من هذه الحيثية، وفيه أحاديث قد يظهر له فيها اختلاف مع الرواة الآخرين، فيضعف فيه، ولذا نجد مثلًا أشهر الرواة ابن لهيعة من أشهر الرواة، وتجد مع وضوح أمره، وكلام الأئمة فيه وثَّقه جمع منهم، ووثَّقه بعضهم بتقييد من رواية العبادلة، وثلاثة عشر أطلقوا عليه الضعف، فكيف يُتعامل مع مثل هذا؟ ابن حجر قال: صدوق يهم، وفي مواضع من الفتح قال: ضعيف الحديث، وحسّن حديثًا رواه الإمام أحمد من طريقه، ماذا نقول عن ابن حجر؟ كيف؟

طالب:...

يبني على الحديث الذي أمامه، وهو من شواهد أحاديث البخاري له وضع، وإذا روى حديثًا تفرّد به ابن ماجه مثلاً تعامله بمثل هذا؟ لا، فهذه الأمور من أدق الأشياء، ونجد صغار الطلاب أو بعض المبتدئين يجرأ على التصحيح والتضعيف؛ لأنه قرأ أو حفظ بعض الأشياء، وغابت عنه أشياء، فالطالب لا يتأهل للحكم على الأحاديث حتى ينظر في أقوال العلماء النظرية في علوم الحديث، وفي الجمع بين الروايات وتطبيق كلام أهل العلم ومقارنة العلم بالتخريج العملي، كذا يتخرج طالب العلم ويكثر ويديم النظر في أحكام الأئمة، وينظر إلى مواقع استعمالهم، هذه أمور ترى تحتاج إلى شيء ما يجرأ عليه كل أحد.

طالب:...

هو معروف إذا قالوا: جيد نعم، إذا قالوا جيد، قال ابن حجر: جيد تعني صحيح، واستدل بثلاثة أحاديث أو أربعة خرجها الترمذي وقال: حديث جيد حسن، فقال: إنها مثل حسن صحيح عنده، ولكن العدول من صحيح إلى جيد ما يحصل من الإمام الجهبذ الذي يجزم بما يقول إلا لنكتة، فوصيتي لطلاب العلم أن يديموا النظر في كلام الأئمة وفي تخريجهم للأحاديث وفي أحكامهم على الرواة وعلى الأحاديث، وينظروا في مواقع الاستعمال، في مواقع الاستعمال قد يستعمل هذا اللفظ لهذا الراوي في موضع ولا يستعمل له في موضع، فالمسألة ليست بالسهلة، وننظر في شباب ينسفون أحكام الأئمة وعمل الأئمة بمجرد أنهم حفظوا قواعد نظرية، أو قلدوا المتقدمين في بعض الأمور وبينهم وبينهم مفاوز في حفظ الأحاديث؛ لأن الحديث إذا لم تجمع طرقه لا يتبين خطؤه، فتجيء لي بشخص ما يحفظ شيئًا، أو يحفظ الشيء اليسير ويقول: والله أنا أحاكي المتقدمين، والمتقدمون هم الأصل! نعم هم الأصل، لكن أنت مثلهم؟ إذا صرت مثلهم الله يقويك.

طالب:...

القوة قد تكون مطلقة، وقد تكون نسبية، قوي بالنسبة لما ورد في هذا الباب، وقد تكون مطلقة فلا شك أن الإسناد القوي قوة مطلقة هذا من المقبول، من المعمول به، والشيخ أشار إلى مقبول، مقبول هذا اللفظ أورده ابن حجر في المرتبة الخامسة من مراتب التعديل، قال: قوم ليس لهم من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيهم ما يترَك حديثهم من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فليّن. فإن توبع فمقبول وإلا فليّن.

تجد الباحث من الباحثين المبتدئين الذي يخرجون الكتب ويبيعونها في الأسواق إذا قال ابن حجر: مقبول قال: خلاص، من غير نظر في القاعدة نفسها، القاعدة فيها إشكال كبير، إن توبع فمقبول، وإن لم يتابع فليّن، هذا الراوي الواحد أحيانًا يحكَم على حديثه بأنه مقبول؛ لأنه توبع ويحكم على حديث له نفسه إنه ليّن يعني ضعيف، وأنا استشكلت هذه القاعدة، وأوردت عليها إيرادات، وبحثناها مع الشيوخ، وما وصلنا إلى نتيجة، وقلت في التقريب ثلاثة رواة اسمهم الضحاك، الضحاك بن نبراس، والضحاك المعافري، والضحاك بن حمرة، واحد مقبول، وواحد ليّن، وواحد ضعيف، ما الفرق بينهم؟

ارجع للقاعدة وطبِّقها عليهم، المقبول إذا ما توبع ما صار مثل أخوه الليّن؟ والضعيف إذا توبع ما يقبل حديثه؟ ضعف منجبر ماذا صار الفرق بينهم؟ ماذا صار الفرق بينهم؟ مشكلة، أكثر من ألف راوٍ مقبول، كيف يتعامل معهم آحاد الطلاب؟ المتمكن يتخلص ويعرف، لكن آحاد الطلاب الذين يطبقون قواعد مجردة وما في أذهانهم شيء، لا يستندون إليه، ولا علم يؤون إليه، لكن مجرد أن قرؤوا هذه القواعد ويطبقونها ليس بصحيح.

 ابن حجر في راوٍ قال فيه في التقريب: صدوق يخطئ، عبيد الله بن الأخنس من رواة البخاري صدوق يخطئ، وقال في فتح الباري: عبيد الله بن الأخنس ثقة، وشذّ ابن حبان فقال: يخطئ، فماذا تقول؟  ماذا يفعل الطالب الصغير الذي يتعامل مع هذه الأمور؟

طالب: ...

 ماذا؟

طالب: ...

المسألة تحتاج يعني ليست مسألة قيادة سيارة، اسرق للمفتاح من مخبأ أبيك وقُد، صحيح علم علم، هذا علم بحار، علم الحديث، ولذلك ما يبرع فيه إلا واحد من الألوف.

 يقول: لو تكرمتم نرجو رفع الصوت قليلاً كي يصلنا.

 شف عدنان خبِّره.

طالب: ...

 نعم، لعل معه التباس هذا الشيخ موجود.

طالب:...

نعم، عالجه.

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: بابٌ: المتيمم هل ينفخ فيهما؟ حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة".

الفاء، ماذا عليها؟

طالب: نعم.

الفاء ماذا عليها؟

طالب: الفاء؟

ينفَخ؟ هكذا؟

طالب: نعم، ينفَخ.

ينفُخ من باب نصر.

طالب: نعم الفعل الأول.

نعم.

"بابٌ: المتيمم هل ينفُخ فيهما؟ حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا الحكم عن ذِرٍ".

ذَر ذَر.

"عن ذَر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبتُ فلم أصب الماء، فقال: عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصلِّ، وأما أنا فتمعكتُ فصليت، فذكرت للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنما كان يكفيك هكذا، فضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: بابٌ: المتيمم هل ينفخ فيهما؟ أو بابُ المتيمم هل ينفخ فيهما؟

ماذا عندك؟

طالب:...

المتيممِ؟ إضافة باب أم بابٌ المتيمم؟

طالب: بابٌ المتيمم.

في بولاق الضم، وفي الفتح المتيممِ، على كل حال إذا أضيف الباب فيجرُّ ما بعده: باب المتيممِ، وإذا قُطع عن الإضافة وقيل: بابٌ، وجُعلت جملة مستقلة، المتيممُ هل ينفخ فيهما؟ وجاء بلفظ: النفخ، وأيضًا أدناهما من أنفه، وهذا فيه من النفخ لكنه شيء يسير، وفي رواية ستأتي: ثم أدناهما من فيه، وقال: تفل فيهما، والمقصود أن تخفيف التراب الذي علق باليد؛ من أجل أن يحصل القدر الكافي المجزي، ولا يتلوث الوجه بالتراب، والإمام البخاري -رحمه الله- أورد الحكم على سبيل الاستفهام، ما قال: المتيمم ينفخ فيهما، بل قال: هل ينفخ فيهما؟ لعدم جزمه بذلك، لعدم جزمه بذلك، أو لتردده في الداعي لهذا النفخ.

 قال الإمام -رحمه الله تعالى-: حدثنا آدم ابن؟

طالب: أبي إياس.

 أبي إياس، قال: حدثنا شعبة؟

طالب: بن الحجاج.

 بن الحجاج الإمام المعروف، قال: حدثنا الحكم بن عتيبة، بن عتيبة، ويرد في الشروح كثيرًا مُصحفًا إلى عيينة، وهو الحكم بن عتيبة، عن ذَر هو ابن عبد الله المرهبي؟

طالب: الهمداني.

المرهبي، ذر بن عبد الله المرهبي.

طالب:...

عن ذرٍ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه عبد الرحمن بن أبزى قال: جاء رجلٌ إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبتُ فلم أصب الماء، يعني لم أجد الماء، فقال عمار بن ياسر، كان موجودًا أثناء السؤال، لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر، في رواية: في سرية، أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل؛ لأنك لم تجد الماء؛ لأنه لا يعرف، كأنهما يعرفان أن هناك بديلًا للوضوء، ولا يعرفان الصفة، بدليل أن عمارًا تمعَّك، ورآه بديلاً عن الغُسل، وعمر لم يصنع شيئًا، ما صلى، توقف حتى يعرف الصفة الشرعية؛ لئلا يتعبد لله بغير ما شرعه الله. وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كان يكفيك هكذا» يعني بدل التمعك، التقلب والتمرغ في التراب كما تتمرغ الدابة كما جاء في بعض الروايات: «يكفيك أن تقول هكذا» ضربتين، وقد يكتفى بضربة على ما سيأتي.

 «كان يكفيك هكذا»، فضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض ونفخ فيهما، كأنه علق بهما تراب كثير، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. مسح بهما وجهه وكفيه. وسيأتي مسألة الخلاف في مسح اليدين في التيمم هل يكفي الكفان؟ أو معهما الذراعان؟ أو إلى الآباط، وهذه مسألة مختلف فيها، لكن ما جاء في هذا الحديث أصحُّ شيء.

طالب: ...

ماذا؟

طالب:...

الترتيب، إذا كان إذا كان الحدث أصغر فلا بد من الترتيب، والوجه قبل اليدين في الوضوء، وأما بالنسبة للغسل فما يحتاج إلى ترتيب.

طالب:...

الذي ما يرى الترتيب في الوضوء ما يرى الترتيب في البدل.

نعم.

قال -رحمه الله تعالى-: "قوله: (باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟) أي في يديه، وزعم الكرماني أن في بعض النسخ".

فيهما، يعني ما فيه شيء يرجع إليه الضمير، ما تقدَّم شيء يرجع إليه الضمير، لكنه من المعلوم، يعني حتى توارت بالحجاب ما التي توارت بالحجاب؟ تقدَّم ذكرها؟ ما تقدَّم ذكرها، لكن ما يختلف أحد أنه المقصود اليدين هنا نعم.

طالب:...

ماذا؟ هل ينفخ فيهما تقصد؟

طالب: ...

ماذا فيها؟

طالب:...

أين الكفان؟ له ذكر؟

طالب:...

سبحان الله! في الترجمة ينفخ فيهما.

"وزعم الكرماني أن في بعض النسخ: باب هل ينفخ في يديه بعدما يضرب بهما الصعيد للتيمم؟ وإنما ترجم بلفظ الاستفهام؛ لينبه على أن فيه احتمالاً كعادته".

وإنما ترجم البخاري بلفظ الاستفهام، وأما زعم الكرماني فقد يقف على بعض النسخ، وحصل له ذلك، لكنها لو كانت من النسخ المعتمدة المعول عليها لوقف عليها ابن حجر وهو من أحرص الناس على النسخ الصحيحة الموثَّقة.

"لأن النفخ يحتمل أن يكون لشيء علق بيده خشي أن يصيب وجهه الكريم، أو علق بيده من التراب شيء له كثرة، فأراد تخفيفه؛ لئلا يبقى له أثر في وجهه، ويحتمل أن يكون لبيان التشريع، ومن ثمَّ تمسك به من أجاز التيمم بغير التراب، زاعمًا أن نفخه يدل على أن المشترط في التيمم الضرب من غير زيادة على ذلك، فلما كان هذا الفعل محتملاً لما ذكر أورده بلفظ الاستفهام؛ ليعرف الناظر أن للبحث فيه مجالاً".

الاحتمال الثاني يحتمل أن يكون ذلك لبيان التشريع أنه يجوز هذا بيان الجواز، ومن ثمّ تمسك به من أجاز التيمم بغير التراب، يعني يتصور أنه نفخ فيهما وزال التراب، زال التراب كله من النفخ، ما بقي شيء، ماذا يمسح؟ ما فيه شيء يمسح به، وإنما يبقى أن التيمم ضرب فقط، ومن ثمّ تمسك به من أجاز التيمم بغير التراب زاعمًا أن نفخه يدل على أن المشترط في التيمم الضرب، من غير زيادة على ذلك.

" قوله: (حدثنا الحكم) هو ابن عتيبة الفقيه الكوفي، وذر بالمعجمة هو ابن عبد الله المرهبي.  

قوله: (جاء رجل) لم أقف على تسميته، وفي رواية الطبراني أنه من أهل البادية، وفي رواية سليمان بن حرب الآتية أن عبد الرحمن بن أبزى شهد ذلك".

يعني حضر السؤال.

"قوله: (فلم أصب الماء، فقال عمار) هذه الرواية اختُصر فيه جواب عمر، وليس ذلك من المصنف".

فيها اختصر فيها.

"اختُصر فيها جواب عمر، وليس ذلك من المصنف، فقد أخرجه البيهقي من طريق آدم أيضًا بدونها، وقد أورد المصنف الحديث المذكور في الباب الذي يليه من رواية ستة أنفس أيضًا عن شعبة بالإسناد المذكور، ولم يَسُقه تامًّا من رواية واحد منهم".

الحديث مخرج في الصحيح في كم موضع؟

في تسعة مواضع.

"نعم ذكر جواب عمر مسلم من طريق يحيى بن سعيد، والنسائي من طريق حجاج بن محمد كلاهما عن شعبة ولفظهما: فقال: لا تصل، زاد السرَّاج: حتى يجد الماء".

تجد تجد.

طالب: عندي: يجد. عندي يجد.

حتى تجد الماء، هو يخاطب شخص قدامه. لا تصل قال عمر يعني لعمار: لا تصل حتى تجد الماء.

"وللنسائي نحوه. وهذا مذهب مشهور عن عمر، ووافقه عليه عبد الله بن مسعود، وجرت فيه مناظرة بين أبي موسى وابن مسعود كما سيأتي في "باب التيمم ضربة"، وقيل: إن ابن مسعود رجع عن ذلك، وسنذكر هناك توجيه ما ذهب إليه عمر في ذلك والجواب عنه.

 قوله: في سفر".

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

محتمل؛ لأن عمارًا تمعك وصلى، يحتمل أن عمر قال له: لا تصلِّ مثلي يعني، أو للسائل، لا تصلِّ حتى تجد الماء.

طالب:...

لا، قد يعرف لكن لا يعرف الكيفية، فلا يريد أن يتعبد بشيء لا يتحققه. كونه ما صلى ماذا تحمله عليه؟ ما صلى، فذكرتُ ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، القصة في عصر النبي- عليه الصلاة والسلام-، والسؤال الله أعلم، ولو بعيد يصير بعد النبي.

طالب:...

يعني على الحدث الأكبر، والله أعلم سيجيء، سيذكره هناك.

طالب:...

سيأتي في باب التيمم ضربة.

"قوله: (في سفر) ولمسلم "في سرية" وزاد: "فأجنبنا" وسيأتي للمصنف مثله في الباب الذي بعده من رواية سليمان بن حرب عن شعبة.

قوله: (فتمعكت) وفي الرواية الآتية بعد: "فتمرغت" بالغين المعجمة أي تقلبت، وكأن عمارًا استعمل القياس في هذه المسألة؛ لأنه لما رأى أن التيمم إذا وقع بدل الوضوء وقع على هيئة الوضوء رأى أن التيمم عن الغسل يقع على هيئة الغسل".

والقياس ليس بتام، يعني هل التيمم عن الوضوء على هيئة الوضوء؟ لا.

"ويستفاد من هذا الحديث وقوع اجتهاد الصحابة في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن المجتهد لا لوم عليه إذا بذل وسعه، وإن لم يصب الحق، وأنه إذا عمل بالاجتهاد لا تجب عليه الإعادة، وفي تركه أمر عمر أيضًا بقضائها متمسَّك لمن قال: إن فاقد الطهورين..".

وفي تركه، ترك من؟

طالب: عمر.

طالب:...

أيضًا بقضائها.

"وفي تركه أمر عمر أيضًا بقضائها متمسَّكٌ لمن قال: إن فاقد الطهورين لا يصلي ولا قضاء عليه كما تقدَّم".

طالب: المالكية؟

نعم؟

طالب: المالكية؟

نعم، تقدَّم هذا، والخلاف فيه معروف.

"قوله: (إنما كان يكفيك) فيه دليل على أن الواجب في التيمم هي الصفة المشروحة في هذا الحديث، والزيادة على ذلك لو ثبتت بالأمر دلت على النسخ ولزم قبولها، لكن إنما وردت بالفعل فتحمل على الأكمل، وهذا هو الأظهر من حيث الدليل كما سيأتي".

نعم والزيادات ليست في الصحيح، ما زاد على ذلك ليس في الصحيح.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم، لكن هل ورد بعدها دليل في التيمم يكون ناسخًا له؟ سيأتي الكلام في مسح اليدين إلى المرفقين، والمسح إلى الآباط، ودليل كل قول، وما يجاب به عنه إن شاء الله تعالى.

"قوله: (وضرب بكفيه الأرض)، في رواية غير أبي ذر فضرب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذا للبيهقي من طريق آدم.

قوله: (ونفخ فيهما) وفي رواية حجاج الآتية: "ثم أدناهما من فيه" وهي كناية عن النفخ، وفيها إشارة إلى أنه كان نفخًا خفيفًا، وفي رواية سليمان بن حرب: "تفل فيهما" والتفل قال أهل اللغة: هو دون البزق، والنفث دونه، وسياق هؤلاء يدل على أن التعليم وقع بالفعل. ولمسلم من طريق يحيى بن سعيد، وللإسماعيلي من طريق يزيد بن هارون وغيره -كلهم عن شعبة- أن التعليم وقع بالقول، ولفظهم: إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، زاد يحيى: "ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك"، واستدل بالنفخ على استحباب تخفيف التراب كما تقدَّم، وعلى سقوط استحباب التكرار في التيمم؛ لأن التكرار يستلزم عدم التخفيف، وعلى أن من غسل رأسه بدل المسح في الوضوء أجزأه، أخذًا من كون عمار تمرغ في التراب للتيمم وأجزأه ذلك".

لأنه جاء بقدر زائد على المطلوب، صحّ تيممه، والذي يغسل الرأس جاء بقدر زائد على المطلوب على المشروع فليصحّ غسله.

طالب:...

مجتهد، لكن هل هو مصيب أم مخطئ؟ قد يكون مخطئًا.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

معذور في اجتهاده، لكنه مصيب ليكون فعله أصلًا أو مخطئًا فلا يكون أصلاً؟

طالب:...

ماذا؟ بدعة، بدعة بعد ما عرف الحكم من النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون بدعة فعله.

طالب:...

فيه ما فيه.

"ومن هنا يؤخذ جواز الزيادة على الضربتين في التيمم، وسقوط إيجاب الترتيب في التيمم عن الجنابة".

نعم.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب التيمم للوجه والكفين: حدثنا حجاج قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرني الحكم عن ذرٍ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه: قال عمارٌ بهذا، وضرب شعبة بيديه الأرض، ثم أدناهما من فيه، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. وقال النضر: أخبرنا شعبة عن الحكم قال: سمعت ذرًّا يقول عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، قال الحكم: وقد سمعته من ابن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عمار.

 حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أنه شهد عمر، وقال له عمار: كنا في سرية فأجنبنا وقال: تفل فيهما.

 حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن عبد الرحمن بن أبزى قال: قال عمار لعمر: تمعكت فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يكفيك الوجه والكفين»".

ماذا؟

طالب: نعم يا شيخ!

يكفيك الوجه؟

طالب: الوجه والكفين.

يصلح هذا، ومعاملة الفعل يكفيك تقتضي أن يكون الوجهُ والكفان، ورُويت بالنصب، فإن الأصل يكفيك مسح الوجهِ والكفين، وحُذِف المضاف، ونُصِب ما بعده على نزع الخافض على ما يقولون، وسيأتي هذا إن شاء الله.

حدثنا مسلم حدثنا شعبة عن الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن عن عبد الرحمن قال: شهدت عمر فقال له عمار: وساق الحديث. حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا غندر حدثنا شعبة عن الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: قال عمار: فضرب النبي- صلى الله عليه وسلم- بيده الأرض فمسح وجهه وكفيه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب التيمم للوجه والكفين. يعني فقط، فلا يزاد على الوجه، ولا يزاد على الكفين، قال: حدثنا حجاج بن منهال قال: أخبرنا شعبة وهو ابن الحجاج، قال: أخبرني الحكم السابق ابن عتيبة، عن ذر بن عبد الله، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه، قال عمار بهذا. قال عمار وهو ابن ياسر بهذا، يعني بالإسناد باللفظ المتقدِّم، وضرب شعبة بيديه الأرض، ثم أدناهما من فيه، أدناهما من فيه، ويكون وصلها شيء من النفس أو النفث الخفيف، ليخفَّ التراب، ثم مسح وجهه وكفيه.

 وقال النضر: أخبرنا شعبة عن الحكم قال: سمعت ذرًّا يقول عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، قال الحكم: وقد سمعته من ابن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عمار. قال الحكم، قال النضر: أخبرنا شعبة عن الحكم، قال: سمعت ذرًّا يقول عن ابن عبد الرحمن بن أبزى قال الحكم، تعليق ذا أم ماذا؟ أم بالسند المتقدِّم؟

طالب: نفس السند.

نعم، لكن من أجل أي شيء جاء بهذا التعليق؟ وقد سمعته من ابن عبد الرحمن بن أبزى قال: قال عمار.

طالب:...

قال: قال عمار، عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبزى وقد سمعته من ابن عبد الرحمن عن أبيه، ما الفرق؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

بدون واسطة.

طالب: وأثبت السماع.

فكأنه سمع بالواسطة ثم سمع منه بغير واسطة.

طالب: والأسانيد كلها بالعنعنة ما أثبت السماع.

نعم، التعليق يكون له فوائد وإلا فالإسناد واحد في جميع الطرق، والإمام البخاري لا يكرِّر الخبر بسنده ومتنه في موضعين إلا مع زيادة فائدة، إما متنية أو إسنادية. يستثنى من ذلك نحو...

طالب: عشرين.

عشرين موضعًا، نحو عشرين موضعًا، كذا قال ابن حجر بالتقريب نحوه. من يذكر الصفحة؟ ما ندري، سنختبر. كانت صفحة ستة عشر.

طالب: ستة عشر أو ستة وثلاثين؟

قال: ولا يوجد، صفحة ستة عشر.

طالب:...

تقول أو ستة وثلاثين؟

طالب:...

نعم، أنت ختمت على.. جزاك الله خير.

طالب:...

يقول: لأنه عُرِف بالاستقراء من صنيعه أنه لا يذكر الحديث الواحد في موضعين من وجه على وجهين، بل...

 قال، بل إن كان له أكثر من سند على شرطه ذكره في الموضع الثاني بالسند الثاني وهكذا ما بعده، وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارة بالجزم إن كان صحيحًا وتارة بغيره إن كان فيه شيء، وما ليس له إلا إسناد واحد يتصرف في متنه بالاقتصار على بعض من على بعضه بحسب ما يتفق، ولا يوجد فيه حديث واحد مذكورٌ بتمامه سندًا ومتنًا في موضعين أو أكثر إلا نادرًا، فقد عُني بعض من لقيته بتتبع ذلك، فحصل منه نحو عشرين موضعًا. فحصل منه نحو عشرين موضعًا.

هذه المواضع أكثر مكرر في موضعين، وفي بعضها مكرر في ثلاثة مواضع، وقد بيّنها بالتفصيل، من الذي بيّنها؟

طالب:...

القسطلاني نعم، القسطلاني في مقدمة إرشاد الساري بيّن الأحاديث كلها.

حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن ذرٍّ عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أنه شهد عمر قال له عمار: كنا في سريةٍ. الرواية الأولى: في سفر. فأجنبنا وقال: تفل فيهما. والتفل يصاحبه الريح الذي يفرِّق الغبار والتراب.

"قوله: (باب التيمم للوجه والكفين) أي هو الواجب المجزئ، وأتى بذلك بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه؛ لقوة دليله، فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه، فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر اليدين مجملاً، وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين، وبذكر المرفقين في السنن، وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط.

قوله".

فأما.

"فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيهما مقال، وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكل تيمم صحّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعده فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به. ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وراوي الحديث أعرفُ بالمراد به من غيره ولا سيما الصحابي المجتهد، وسيأتي الكلام على مسألة الاقتصار على ضربة واحدة في بابه إن شاء الله تعالى. قوله: (حدثنا حجاج بن منهال) هو ابن منهال".

يعني مما يستدل به من يقول بأن التيمم إلى المرفقين إطلاق الآية مع تقييدها بآية الوضوء، مع تقييدها بآية الوضوء، فآية الوضوء اليد مقيدة إلى المرافق، وفي آية التيمم مطلقة، فهل يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة، أو يبقى على إطلاقه؟ يحمل أم ما يحمل؟

طالب:...

عند الشافعية يحملون في هذه الصورة التي هي إيش؟

طالب:...

نعم. الاتفاق في السبب والاختلاف في الحكم، الاختلاف الاتحاد في السبب والاختلاف في الحكم؛ لأن السبب واحد وهو الحدث في التيمم والوضوء والحكم هذا غسل وهذا مسح يختلف، والجمهور لا يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة، لماذا لا نحمل آية التيمم على آية قطع السارق.

طالب:...

اختلف الحكم والسبب، فالاتفاق على أنه لا يحمل المطلق على المقيد.

واحد وتسعين من الجزء الثالث يقول: قال ابن حجر -رحمه الله- عند باب واحد وتسعين باب التعجيل إلى الموقف، في نسخة الصاغاني لا يدخل في الباب حديث مالك عن ابن شهاب، ولكني أريد أن أدخل فيه غير معاد، يعني حديث لا يكون تكرارًا كله سندًا ومتنًا.

 يُراجَع.

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم، لكن تيمم النبي -عليه الصلاة والسلام- بعده مرارًا، إن كان وقع إنه قال، التيمم على الصفة الآباط، تيمم إلى الآباط إن كان وقع فكل تيمم وقع منه -عليه الصلاة والسلام- ناسخ لهذا القول، ولا يكفينا أنه لم يصحّ، وانتهى الإشكال ما نحتاج لمثل هذا الكلام.

"قوله: (حدثنا حجاج بن منهال) هو ابن منهال وقد روى النسائي هذا الحديث من طريق حجاج بن محمد عن شعبة بغير هذا السياق، ولم يسمع البخاري من حجاج بن محمد، وتابعه على هذا السياق عن حجاج بن منهال علي بن عبد العزيز البغوي، أخرجه ابن المنذر والطبراني عنه، وخالفهما محمد بن خزيمة البصري عنه فقال: "عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه" أخرجه الطحاوي عنه، وأشار إلى أنه وهم فيه.

قلتُ: سقطت من روايته لفظة "ابن" ولا بد منها؛ لأن أبزى والدَ عبد الرحمن لا رواية له في هذا الحديث. والله أعلم.

 قوله: (عن الحكم) في رواية كريمة والأصيلي "أخبرني الحكم" وهي رواية ابن المنذر أيضًا. قوله: (عن ابن عبد الرحمن) في رواية أبي ذر وأبي الوقت: "عن سعيد بن عبد الرحمن". قوله: (بهذا) أشار إلى سياق المتن الذي قبله من رواية آدم عن شعبة وهو كذلك، إلا أنه ليس في رواية حجاج قصة عمر".

يعني مقتصرًا فيها على قصة عمار دون قصة عمر.

"قوله: (وقال النضر) هو ابن شميل، وهذا التعليق موصول عند مسلم عن إسحاق بن منصور عن النضر، وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق إسحاق بن راهويه عنه، وأفاد النضر في هذه الرواية أن الحكم سمعه من شيخ شيخه سعيد بن عبد الرحمن، والظاهر أنه سمعه من ذر عن سعيد، ثم لقي سعيدًا فأخذه عنه، وكأن سماعه له من ذر كان أتقن، ولهذا أكثر ما يجيء في الروايات بإثباته".

يعني وإن كان نازلاً؛ لأن الأصل تقديم السند العالي، وقد يقدَّم النازل؛ لنظافته وقوة رجاله، وإن كان نازلاً؛ لأن العلو والنزول ليسا من متين علم الأسانيد، وإنما هو من مليحه، فالعبرة بثقة الرواة، واتصال الإسناد، بأن يكون كل راوٍ سمعه من شيخه، وقد يُلجَأ إلى الأسانيد العالية لهذه النكتة، والعلماء يحبون العلو، حتى قال علي بن المديني في وقت موته: ماذا تشتهي؟ قال: بيت خالٍ وسند عالٍ، بيت خالٍ وسند عالٍ، أنتم تتمنون البيت الخالي؟ تدخلون البيت ما فيه أحد؟ الله المستعان.

"وأفادت رواية سليمان بن حرب أن عمر أيضًا كان قد أجنب، فلهذا خالف اجتهاده اجتهاد عمار".

يقول الإمام البخاري: حدثنا محمد بن كثير محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن عبد الرحمن قال: قال عمار لعمر: تمعكت فأتيت النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: «يكفيك الوجه والكفان»، «يكفيك الوجه والكفان» الوجه فاعل يكفي والكفان معطوف عليه، وفي بعض النسخ: «يكفيك الوجهَ والكفين» يعني يكفيك مسح الوجه والكفين، أو أن تمسح الوجه والكفين، يكفيك أن تمسح الوجه والكفين.

"قوله: في رواية محمد بن كثير: «يكفيك الوجه والكفان» كذا في رواية الأصيلي وغيره بالرفع فيهما على الفاعلية وهو واضح، وفي رواية أبي ذر وكريمة: «يكفيك الوجه والكفين» بالنصب فيهما على المفعولية؛ إما بإضمار أعني أو التقدير يكفيك أن تمسح الوجه والكفين، أو بالرفع في الوجه على الفاعلية، وبالنصب في الكفين على أنه مفعول معه، وقيل: إنه روي بالجر فيهما، ووَجَّهه ابن مالك بأن الأصل: يكفيك مسح الوجه والكفين فحذف المضاف وبقي المجرور به على ما كان، ويستفاد من هذا اللفظ أن ما زاد على الكفين".

وجَّهه ابن مالك، أين وجهه ابن مالك؟

طالب: شواهد التوضيح.

ماذا؟

طالب: الشواهد.

نعم، في الشواهد، شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، لابن مالك صاحب الألفية؛ لأن اليونيني قرأ البخاري على ابن مالك؛ لأن فيه إشكالات من حيث العربية وجهها ابن مالك في مثل هذا الموضع، وابن مالك استفاد الرواية من اليونيني.

"ويستفاد"..

الرواية مثل غيره، يحرصون على السند.

طالب:...

ما أدري والله، هو إمام في العربية، أما الحديث فكان ما عنده إلا هذا، فطلب الرواية موجود من عوام أيضًا. كما يصنع الآن بتتبع الإجازات والأسانيد من شباب لا يفقهون في علم الحديث شيئًا. ويحرصون عليها من أناس لا خلاق لهم وموجود.

"ويستفاد من هذا اللفظ أن ما زاد على الكفين ليس بفرض كما تقدَّم، وإليه ذهب أحمد وإسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن خزيمة، ونقله ابن الجهم وغيره عن مالك، ونقله الخطابي عن أصحاب الحديث".

طالب: لكن من هذا الكلام أنه يُسَن.

ماذا؟

طالب:...

أنه لا يجب.

طالب: أنه ليس بفرض، لكنه يدخل تحت المشروعية. إذًا والصواب أنه ليس بواجب.

لكن الآن لك أن تناقش إذا كان ليس بواجب ولا دليل عليه، فما الحكم؟ تقلبه عليه.

"وقال النووي: رواه أبو ثور وغيره عن الشافعي في القديم، وأنكر ذلك الماوردي وغيره. قال: وهو إنكار مردود؛ لأن أبا ثور إمام ثقة. قال: وهذا القول وإن كان مرجوحًا فهو القوي في الدليل. انتهى كلامه في شرح المهذب. وقال في شرح مسلم في الجواب عن هذا الحديث: إن المراد به بيان صورة الضرب للتعليم، وليس المراد به بيان جميع ما يحصل به التيمم".

يعني الضرب حصل بالكفين، لا المسح، الضرب حصل بالكفين، وهذا يتفق عليه الجميع، ولكن اقتران الكفين بالوجه يدل على الممسوح.

"وتُعُقِّبَ بأن سياق القصة يدل على أن المراد به جميع ذلك".

بيان.

طالب: نعم.

أن المراد به بيان جميع ذلك.

"وتُعُقِّبَ بأن سياق القصة يدل على أن المراد به بيان جميع ذلك؛ لأن ذلك هو الظاهر من قوله: «إنما يكفيك»، وأما ما استُدِلَّ به من اشتراط بلوغ المسح إلى المرفقين من أن ذلك مشترط في الوضوء فجوابه أنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد الاعتبار، وقد عارضه من لم يشترط ذلك بقياس آخر، وهو الإطلاق في آية السرقة، ولا حاجة لذلك مع وجود هذا النص".

لكن آية الوضوء أقرب من آية السرقة، آية الوضوء يعني التقييد بما جاء في آية الوضوء أقرب من التقييد بما جاء في آية السرقة، يعني في آية الوضوء مع آية التيمم الاشتراك في السبب، بينما آية السرقة مع آية التيمم لا اشتراك، لا في حكم ولا في سبب.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

كلامه السابق أنه لا يدل على الوجوب، يتعاطف مع مذهبه.

طالب:...

على كل حال ما يقدر، هو محدِّث والنصوص مثل الشمس.

"وقوله: (حدثنا مسلم) هو ابن إبراهيم، ولم يسق المتن في هذه الرواية بل قال: "وساق الحديث" وظاهره أن لفظه يوافق اللفظ الذي قبله. ثم ساقه نازلاً من طريق غندر عن شعبة، وأظنه قصد بإيراد هذه الطرق الإشارة إلى أن النضر تفرد بزيادته، وأن الحكم سمعه من سعيد بلا واسطة، واختصر المصنف سياق غندر، وقد أخرجه أحمد عنه، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن محمد بن بشار شيخ البخاري، وسياقه أتم، ذكر فيه قصة عمر وذكر فيه النفخ أيضًا. والله أعلم".

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

طالب:...

نعم، هو كونه لا يجزم ويورد الترجمة على سبيل الاستفهام لأدنى سبب، ولو لم يتجه إليه ويقول به. لكن لوجود أدنى سبب ولو لم يكن مؤثرًا يتردد.

"