التعليق على تفسير سورة الواقعة من تفسير الجلالين (01)
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فتمنيت لو أن الشيخ عبد الله -وفقه الله- كشف اللبس الحاصل بين فهمنا وفهمه لموضوع الدورة، الخطاب جاء في أول الأمر بما أُعلن يعني أنه شرح بلوغ المرام، ولما كان البلوغ مشروحاً، ولم يبق فيه إلا الشيء اليسير وهو موجود ومتداول في التسجيلات اعتذرنا عن هذا الموضوع في وقته، وقلنا: إننا جرينا على تفسير المفصل، معتمدين في ذلك على الله -جل وعلا-، وبين أيدينا تفسير الجلالين، هذه الطريقة اتبعناها وسلكناها في بعض الدورات، فقبلوا ذلك لكنهم كأنهم عند الإعلان أو عند ..... هذا الإعلان رجعوا إلى خطابهم الأول ونسوا ما اتفقنا عليه فحصل فيه لبس، أنا فوجئت لما قرأت الإعلان بعد أذان المغرب اليوم، .... شرح بلوغ المرام، فتمنيت لو أن الشيخ عبد الله كشف هذا اللبس، وأراحني منه لئلا يظن أن هناك شيء من الاختلاف، والله ما بيننا اختلاف، ولو كان الإخوان مصرين على بلوغ المرام فأنا على أتم استعداد في شرحه، ما عندي أدنى مانع وهو أسهل علي من التفسير؛ لأن التفسير أمره خطير، وهو ليس السهل أن يتصدى الإنسان لكلام الله -جل وعلا- والآلة ناقصة، نسأل الله العون والتسديد، أيضاً كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- ليس بالسهل، ونسمع كثيراً من يخطئ في كلام الرسول ممن ليست لديه الأهلية، ويكتب في الصحف، ويتكلم من خلال وسائل الإعلام بما هو بمنأ بعيد عن مراد الرسول -عليه الصلاة والسلام-، يتكلمون في النصوص من خلال الحقائق العرفية التي تداولوها وما تعارفوه من إطلاقاتهم سواء كان في ذلك الكتاب أو السنة ثم بعد ذلك يتصدون لشرح الحقائق الشرعية من غير أن يرجعوا إلى أصل ويأوون إلى أصل يعينهم على ذلك. تجد الإنسان من أبعد الناس من كتاب الله وسنة رسوله يتكلم في القرآن والسنة ويهرف بما لا يعرف؛ مع أنه جاءت النصوص الكثيرة المتضافرة والوعيد الشديد على من قال في القرآن برأيه، وكذلك السنة أمرها شديد، كما بين ذلك الإمام أحمد وغيره؛ فالسنة جديرة بالتحري، حرية بالتوقي من طالب العلم. الصحابة لما بين النبي -عليه الصلاة والسلام- أن من أمته من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب وهم سبعون ألفاً بات الصحابة يلوكون لعلهم، ما قالوا: هم كذا وهم كذا، أو هم كذا هم كذا، ترجوا، قالوا: لعلهم كذا، لعلهم كذا، لعلهم كذا؛ لأنه لا يجوز الجزم لا في نصوص الكتاب ولا في نصوص السنة إلا معتمداً فيه على أصل صحيح وعلى جادة مطروقة عند أهل العلم، يعني فسرت الآيات والأحاديث بما لم يسبق إليه هذه المفسر، ووجدنا من تصدر للتفسير وألف في التفسير مجلدات كثيرة تزيد على العشرين بل على الثلاثين وهي لا تستند في ذلك إلى الأصول المعتمدة في تفسير القرآن التي كما بينها أهل العلم الاعتماد على القرآن في تفسير القرآن؛ لأنه قد يأتي اللفظ مجملاً، أو جملة مجملة أو القصة مجملة في موضع، توضح في موضع أخر من القرآن أو من السنة، التي هي في الأصل إنما هي لبيان ما أنزل الله، النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما وظيفته البيان عن الله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك عن الصحابة الذين هم أعرف الناس بالحقائق الشرعية التي .... فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى قال بعضهم: إن تفسير الصحابي له حكم الرفع.
الحاكم بن أبي عبد الله يقول: إن تفسير الصحابي مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنه لم يوافق على هذا بل حملوا قوله على أسباب النزول؛ لأن أسباب النزول؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- لا بد أن يكون طرفاً فيها.
يعد ما فسره الصحابي |
|
رفعاً فمحمول على الأسباب |
ثم بعد ذلك ما جاء عن التابعي؛ لأنهم لزموا الصحابة لا سيما مشاهيرهم كمجاهد، وقتادة، والحسن، وابن سيرين وغيرهم، ممن له العناية بكتاب الله -جل وعلا-، ثم يأتي من لا عناية له بل لا يحسن قراءة القرآن، ويقول: إن الآية معناها كذا، أو يرد على من يستدل على مسألة بآية لا يفهم معناها، أو بحديث لا يدري ما دلالته، ولا يعرف ما يوافقه وما يعارضه، ومع ذلك يتصدون وهم الذين يتبعون المتشابه تبعاً لأهوائهم وأمزجتهم والله المستعان.
على كل حال التفسير يحتاج إلى وقت طويل، والدورة لا تكفي لتفسير الواقعة، لكن على ما يقتضيه المقام في الوقت الذي فسرنا به السورة السابقة، وعلقنا فيه على الجلالين في السور الماضية من الحجرات إلى أن وقفنا على الواقعة تفصيل أو تعليق متوسط، توضيح كلام الجلالين وهما جلال الدين المحلي، وجلال الدين السيوطي، حيث بدأ المحلي بتفسير القرآن من سورة الكهف إلى آخر القرآن، ثم فسر الفاتحة، ثم أكمله الجلال السيوطي بأن فسر من سورة البقرة إلى آخر الإسراء، والتفسير لا يلحظ فيه أدنى اختلاف، مع أنه من مؤلفين، مع أنه من مؤلفين، يعني سار السيوطي على نهج المحلي، حرف بحرف، اختلف معه في أحرف يسيرة لكنها لا تؤثر وبينها، بينها في خاتمة كلامه على سورة الإسراء، أنه خالف الجلال المحلي في آيات أو حروف، بل كلمات يسيرة جداً؛ مع أن الصواب في غير ما اختاره، وعلى كل حال تفسير الجلالين كما معروف ومتداول ومشهور تفسيرٌ متين مختصر، وأشبه ما يكون بالمتون، وعناية أهل العلم به كبيرة ولهم عليه حواشي كثيرة، وهو ينبغي أن يعول عليه طالب العلم؛ إلا إنه يستدرك عليه ما يستدرك من مسائل الاعتقاد؛ لأن كلاً من المفسرين المحلي والسيوطي هما على مذهب الأشاعرة كما هو معلوم، وكلامه في الاستواء سوف يمر -إن شاء الله تعالى- ويبين في موضعه؛ لأنهم أشبه ما يكون بالتفويض في بعض المسائل، على كل حال نشرع اغتناماً للوقت.
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: والمفصل من نصيب الجلال المحلي، كما ذكرنا أنه فسر من الكهف إلى آخر القرآن، ثم شرع في أوله ففسر سورة الفاتحة، فالواقعة من نصيبه.
يقول -رحمه الله- تعالى: سورة الواقعة مكية إلا آيتي واحد وثمانين واثنين وثمانين فمدنية، وآياتها ست وتسعون، أو سبعٌ وتسعون، أو تسع وتسعون، الاختلاف في هل هذه الآية مكية أو مدنية سهل، لكن يرد الإشكال في الاختلاف في عد الآيات؛ لأن بعض من يسمع أن آيات هذه السورة ست وتسعون، أو سبع وتسعون، أو تسع وتسعون، يظن أن هذه الآيات عند من يعدها ست وتسعين أن في المصحف زيادة على ما زاد عن ست وتسعين أو سبع وتسعين أو تسع وتسعين، ومن يقول هي تسع وتسعون يقول: المصحف فيه نقص عن عدده، والخلاف لا يرجع إلى زيادة في آيات ولا نقص في حروف ولا شيء من هذا، القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان، {إِنّا نحْنُ نزّلْنا الذِّكْر وإِنّا لهُ لحافِظُون} [(9) سورة الحجر]، وهناك قصة ذكرها الحافظ البيهقي في دلائل النبوة قال: إن يحيى بن أكثم القاضي دعا يهودياً إلى الإسلام فما استجاب، ما استجاب، بعد مضي سنة كاملة جاء مسلماً على يد القاضي يحيى بن أكثم، فسأله ما الذي جعله يتأخر في إسلامه سنة كاملة، قال: عمدت إلى التوراة فنسخت منها نسخاً قدمت فيها وأخرت في كثير من المواطن وزدت ونقصت نسخ، فذهب بها إلى سوقهم، -سوق اليهود- فباعها ما تأخر في بيعها تلقفوها واعتمدوها وأخذوا يقرؤونها ويعملون بما فيها، ثم عمد كذلك إلى نسخ نسخها من الإنجيل، وفعل فيها مثل ما فعل في التوراة قدم وأخر وزاد ونقص، فذهب بها إلى سوق النصارى فتلقفوها ما مكثت في يده ولا لحظة واعتمدوها وقرؤوها، وعملوا بما فيها وقد تصرف فيها، يقول: فعمدت إلى المصاحف نسختها، فغيرت فيها تغيير لا يكاد يطلع عليه يسير جداً، فذهبت بها إلى سوق المسلمين مريداً بيعها، فكل من رآها رماها في وجهي، قال: هذه نسخ محرفة؛ فعلمت أن هذا الدين محفوظ، وأنه من عند الله حقاً، فلما ذكر ذلك للقاضي يحيى بن أكثم حج بعد ذلك القاضي فالتقى بسفيان بن عيينة، فذكر له القصة، قال: ما نحتاج في هذا إلى أحد، هذا في كتابنا بالنسبة للقرآن {إِنّا نحْنُ نزّلْنا الذِّكْر وإِنّا لهُ لحافِظُون} [(9) سورة الحجر] تكفل الله بحفظه لم يكل حفظه إلى أحد، وأما بالنسبة للكتب السابقة قال: {بِما اسْتُحْفِظُواْ} [(44) سورة المائدة] ووكل إليهم حفظها فما حفظوها؛ فالقرآن لا زيادة فيه ولا نقصان، ولا يستطيع أحد أن يتجرأ أن يزيد عليه أو ينقص، يعني إذا وجد الوضع والكلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان، ولذا قوله: "وآيتها ست وتسعون أو سبع وتسعون أو تسع وتسعون" الخلاف في ذلك مرده إلى اعتبار البسملة، هل آية أو ليست بآية، وبعض الآيات قد تكون آيتين عند بعض القراء، وبعض الآيات الثنتين تكون واحدة إما بالجمع أو بالتفريق، وهذا لا يؤثر في القرآن بزيادة ولا نقصان، القرآن كما هو من غير زيادة ولا نقصان، ومثلاً في آخرة سورة آل عمران فقرأ العشر آيات من آخر سورة آل عمران لما قام النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى التهجد بدءاً من: {إِنّ فِي خلْقِ السّماواتِ والأرْضِ....} [(190) سورة آل عمران]، إلى آخر السورة، وإذا نظرنا إليها في المصحف الذي بين أيدينا وجدناها، كم؟ إحدى عشرة، نعم، {إِنّ فِي خلْقِ السّماواتِ والأرْضِ....} الآية مائة وتسعين إلى مائتين كم؟ إحدى عشرة؛ لأن {إِنّ فِي خلْقِ السّماواتِ والأرْضِ....} الآية يعني خارجة عن العشر، المقصود أنه لا يظن أن الآية زيدت أو نقصت، أبداً القرآن كما هو محفوظ من الزيادة والنقصان ولو أتينا بالنسخ التي أرسلها عثمان إلى الأمصار، طبقناها على ما في أيدي الناس في آخر الزمان الذي نعيشه الآن ما وجدنا فرقاً، فبعض الناس يشكل عليه مثل هذا الأمر؛ لكن العدد هذا اعتبر فيه بعض القراء يجمع الآيتين، وبعضهم يفرق الآية يجعلها آيتين، ويختلفون في العدد من هذه الحيثية، أما بالنسبة لحروف الكلمات والآيات فلم يحصل فيه اختلاف قط حتى بين القراء، ما في اختلاف إنما اختلافه فيما يعود إلى رسم الكلمة، فيما يعود إلى رسم الكلمة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الآن الترجمة التي هي سورة الواقعة ومكية إلا آيتين إلى أخره، هذه لا توجد في المصحف التي اتفق عليه الصحابة، إنما البدء بالبسملة، لكن هذه في التفسير، هذا في التفسير ليس من القرآن، لكن في القرآن يجعلون سورة الواقعة وترتبيها وآياتها، هذا قدر زائد على ما في القرآن مما اتفق عليه الصحابة وكتبه عثمان في المصاحف التي وزعها على الأمصار، هذه متميزة ولا يمكن أن تختلف في القرآن، أما إذا خشي من اختلاط غير القرآن بالقرآن فلا يجوز البتة أن يكتب في القرآن شيء غير القرآن، ولذا جاء حديث أبي سيعيد في صحيح مسلم: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن ومن كتب شيئاً غير القرآن فليمحه)) فليمحه، حتى السنة لا تكتب خشية أن تختلط بالقرآن فضلاً عن أن تكون هذه المكتوبات وهذه التعليقات في المصحف نفسه، ونجد مصاحف تأتي من المشرق تجد فيها تعليقات بين الأسطر على الكلمات، لا شك أن هذا خطأ من أراد أن يكتب شيئاً للتوضيح سواء كان في المعاني أو في الإعراب وما أشبه ذلك يكتبه خارج الإطار أو البرواز الذي وضع على المصحف، لئلا يختلط بالقرآن؛ مع أن القرآن حقيقة متميز بنفسه، ومحفوظ في الصدور والسطور، يعني لو تقرأ على عامي ....بكلمة نفر منها، نفر منها.
بعض الدعاة جرب جاءه شخص أعجمي، فقرأ عليه آيات من القرآن، بصوت ندي يتغني به فأسلم هو لا يفهم شيء من القرآن فجاء بقصة سبكها وحبكها وأداها على نفس الأداء الذي أدى به القرآن، فقال إيش هذا، يعني في كلامه، هذا لا شيء، وحينما يقرأ القرآن تدمع عيناه وهو لا يفهم شيئاً ليس من العرب، ثم أعلن إسلامه هذا القرآن مؤثر بذاته؛ لأنه كلام الله.
هو الكلام الذي من قام يقرأه |
|
كأنما خاطب الرحمن بالكلم |
كلام لا تثبت له الجبال، لا تثبت له الجبال، ومع ذلك يسمع بها المسلم ولا يحرك فيه ساكناً، يعني هذه الصورة التي معنا سورة الواقعة، لو أن الإنسان تأملها وتدبرها بقلب حي يمكن لا يستطيع إكمالها، لا يستطيع إكمالها، جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((شيبتني هود وأخواتها)) وذكر من أخواتها الواقعة، والحديث مختلف فيه منهم من حكم عليه بالاضطراب، وابن حجر استطاع أن يرجح بعض الطرق على بعض فانتفى الاضطراب.
يقول -رحمه الله-: بسم الله الرحمن الرحيم، وهي ثابتة في القرآن في جميع صوره عدا براءة، اتفاق الصحابة على كتابتها، ولذا يختلف أهل العلم هل هي من القرآن؟ لأن الصحابة أجمعوا على كتابتها، ولم يجمعوا على شيء سوى القرآن، ومنهم من قال ليست بآية من القرآن مع إجماعهم على أنها بعض آية من صورة النمل، وأنها ليست بآية من سورة التوبة، هذا محل إجماع، لكن الخلاف فيما عدا ذلك، في مائة وثلاثة عشر موضعاً، هل هي من القرآن؟ هل هي آيات؟ أو ليست من القرآن أصلاً أو آية واحدة نزلت للفصل بين السور؟ فمن قال: إنها من القرآن، قال: إن الصحابة اتفقوا وأجمعوا على كتابتها، ولم يكتبوا في المصحف في الإمام إلا القرآن، ومنهم من قال: ليست بآية مطلقاً، لماذا؟ لأن الناس اختلفوا فيها، والقرآن لا يختلف فيه، من خالف في حرف من حروف القرآن المجمع عليه يكفر، ولو كانت البسملة من القرآن في المواضع في أوائل السور من أوائل القرآن لما جاز الاختلاف فيه، ومنهم من يقول: هي آية واحدة نزلت للفصل بين السور، نزلت للفصل بين السور، ويوجد ما يدل على هذه الأقوال من السنة، وهي محمولة عند أهل العلم على أوجه، لكن الاستدلال لهذه الأقوال يحتاج إلى وقت قد يخرجنا من موضوع الدرس وقد بسط في مناسبات.
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
{إِذا وقعتِ الْواقِعةُ} [(1) سورة الواقعة]، "قامت القيامة"، وقعت الواقعة، قامت القيامة، قامت تفسير لوقعت، والقيامة تفسير للواقعة، والفعل والفاعل من مادة واحدة، والتفسير من مادتين، قامت القيامة، وقعت الواقعة، إذا وقعت الواقعة، "إذا" هذه منهم من يقول إنها ظرفية، ومنهم من يقول إنها شرط، وجوابها سيأتي، "وقعت" يعني قامت، وقعت يعني قامت، والواقعة: هي القيامة؛ فالواقعة من أسماء يوم القيامة، ولها أسماء كثيرة، وأسماؤها قوية ومؤثرة تهز القلوب؛ فالقيامة، والواقعة، والطامة، والصاخة، والقارعة، والحاقة؛ كلها أسماء لهذا اليوم العظيم، كلها تهز القلب الحي، أما القلب الميت ما فيه حيلة، {إِذا وقعتِ الْواقِعةُ} منه من يقول: "إذا" هذه زائدة، ويتأدب بعضهم ويقول: صلة، إيش معنى زائدة؟ ما هي من حيث المحل الإعرابي لا محل لها، ويصح الاستغناء عنها من حيث المعنى، فإذا قلت: {وقعتِ الْواقِعةُ} كما في قوله: {أتى أمْرُ اللّهِ} {أتى أمْرُ اللّهِ فلا تسْتعْجِلُوهُ} [(1) سورة النحل] فهنا إذا قلنا: إذا شرطية فهي للمستقبل، إذا وقعت مستقبلاً، وهذا مطابق للواقع، لكن: {أتى أمْرُ اللّهِ فلا تسْتعْجِلُوهُ} "أتى": عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه، لتحقق وقوعه، وهنا إذا وقعت الواقعة، "إذا": ظرف لما يستقبل من الزمان وهو مطابق للواقع؛ لأنها لم تقع بعد، وإنما تقع مستقبلاً، ومن يقول: إن "إذا" زائدة فنقول: إذن الكلام ليس بصحيح؛ لأن ثبوتها وكونها للاستقبال هذا هو الواقع للاستقبال هذا هو الواقع، وكونها مما يتحقق وقوعه كما في قوله: {أتى أمْرُ اللّهِ فلا تسْتعْجِلُوهُ} هذا يحتاج إليه إذا حذفت "إذا" على خلاف الأصل، فنحتاج إلى أن نقول: عبر بالماضي لتحقق الوقوع فنزيد عنه، أما ما عندنا فهو المطابق للواقع فلا يحتاج إلى أن يجاب عنه.
قامت القيامة {ليْس لِوقْعتِها كاذِبةٌ} [(2) سورة الواقعة] نفس تكذب: بأن تنفيها كما نفتها في الدنيا.
كثير من الناس في الدنيا يكذبون بيوم القيامة، كثير من الناس يكذبون بيوم القيامة، هذه في الدنيا وبإمكانهم ذلك؛ لأن لهم شيء من الاختيار الذي من أجله يؤاخذون على تكذيبهم، وليسوا مجبورين على ما يقولون خلافاً لما يقوله الجبرية، هم مختارون، ولهم مشيئة، ولهم إرادة لكنها تابعة لإرادة الله -جل وعلا-، تابعة لمشيئته الكونية، في الدنيا يوجد من يكذب، لكن إذا قامت هل يستطيع أحد أن يكذب بالشيء إذا وقع؟ لا يستطيع أن يكذب في أحد ينكر الموت؟ لأنه يراه بأم عينه، ما ينكره؛ لأن من الطوائف الشركية من يرى أن الموت من مفارقة الحياة يحصل لكنه موت مؤقت حتى تنتقل الروح إلى بدن آخر، وهذا كلام لا قيمة له؛ لأنه قول من يقول بالتناسخ وهو قول لا أثارة عليه لا من عقل ولا من علم، حتى العقل يرده؛ لأنه لو انتظروا ميتهم سنين هل يعود إليهم؟ لا يمكن أن يعود إليهم، إذا رأى الإنسان القيامة بعينه هل يستطيع أن ينفيها؟ لا يستطيع ولذا قال: {ليْس لِوقْعتِها كاذِبةٌ}؛ لأنه إذا وقعت الواقعة وقامت القيامة لا يستطيع أن يكذب، كاذبة، كاذب: اسم فاعل أُنث، باعتبار النفس وهي مؤنثة كاذبة، ومعنى كاذبة يعني مكذبة تكذب، وكاذب ومكذب اسم فاعل، إما من كذب وإما من كذّب، لكن اسم الفاعل من كذب الثلاثي كاذب، وهو الذي يكذب فيما يصدر عنه، واسم الفاعل من كذّب يعني غيره، فهو مكذب، فكيف قال كاذبه وهو الأصل مكذبه؛ ولذا جاء في التفسير نفس تكذب، ممكن أن تقرأ نفس تكذب، نفس تكذب، والكذب الإخبار على خلاف الواقع، الإخبار عن الشيء على خلاف الواقع، فإذا أخبر عن القيامة أنها لا تكون سواء كان في الدنيا أو في الآخرة فهو كاذب في خبره، وإذا وجد هذا في الدنيا الكذب وهو عدم مطابقة الواقع في الخبر، إذا أمكن وجوده في الدنيا فإنه لا يمكن وجوده في الآخرة، فصح أن يقال عن المكذِّبة بأنها كاذبة لماذا؟ لأنها أخبرت عن الواقع على خلاف ما هو عليه، فهي كاذبة، وإن كان الأوضح في تعبير المتداول مكذبة، لكن كاذبة اسم فاعل من كذب، ومن أخبر عن الشيء بخلاف الواقع فهو كاذب، فهو كاذب، فلا يوجد من يكذب فيخبر عن القيامة من خلال الواقع إذا قامت؛ لأنها تكون حينئذ محسوسة، والمحسوس لا يمكن أن يكذب به، لا يمكن أن يكذب به حتى السمنية الذين ينكرون الأخبار القطعية لا يمكن أن ينكروا ما ثبت بالحواس، لا يمكن أن ينكروا ما ثبت بالحواس، وإن أنكروا الأخبار القطعية المتواترة فإنهم لن يستطيعوا أن ينكروا ما ثبت بالحواس، وإلا كان وجودهم في هذه الحياة عند أنفسهم كذب، كان وجودهم عند أنفسهم كذب؛ لأنهم ينكرون الحواس، لكنهم لا ينكرون ما يدرك بالحواس، هم ينكرون ما يدرك بالأخبار، ولو كانت قطعية ما يؤمنون بشيء اسمه خبر.
{خافِضةٌ رّافِعةٌ} [(3) سورة الواقعة] هذه القيامة وهذه الواقعة إذا قامت ترتب على ذلك أن يرتفع أقوام وأن ينخفض آخرون، بعض الناس في هذه الدنيا له شأن من علية القوم، من الملأ في هذه الدنيا، لكن إذا قامت القيامة ووقعت الواقعة ذهب هذا كله هباء، لأنه يعتمد في جاهه وأبهته على ما لا ينفعه في الآخرة، وبعض الناس تجده ليس من أهل الشأن في الدنيا، لا يلتفت إليه الناس، كما جاء في الحديث: ((إن شفع لم يشفع، وإن خطب لم يزوج))، ومع ذلك شأنه عظيم عند الله. وجاء في الحديث: "لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن شخص قالوا: هذا حري بأن إن شفع أن يشفع، وإن خطب أن يزوج"، ثم سأل عن آخر فقالوا: هو بالعكس، فقال: ((إن هذا خير من ملئ الأرض من هذا))؛ فالميزان الحقيقي هو الميزان الشرعي، الميزان الحقيقي هو الميزان الشرعي فهذا الذي ارتفع في أعين الناس في الدنيا في موازين الناس في دنياهم؛ تجده عند الله لا يزن عند الله جناح بعوضة، لا يزن جناح بعوضة، وهذا الرجل الذي يزدريه الناس، ولا يرونه شيئاً تجده أثقل من جبل أحد، كما جاء في ساقي ابن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه-، فالمقصود أن الشخص المسلم عليه أن يزن بالميزان الشرعي، نعم عموم الناس ينظرون إلى أهل الدنيا بموازينهم، فيجعلون هذا له شأن عظيم باعتبار أنه من أهل الدنيا وأهل الجاه وأهل المال، ثم بعد ذلك عند الامتحان إذا قامت القيامة ووقعت الواقعة ذهب كله سراب، بينما هذا الشخص الخفي الحفي تجد الناس لا ينظرون إليه في الدنيا، ثم بعد ذلك إذا انكشف الغبار، وقامت القيامة عرف الميزان، وعرف أن هذا يزن عند الله من الصنف الآخر أكثر من ملئ الأرض؛ لأن هذا لا شيء في الميزان الشرعي، وهذا وزنه عند الله عظيم.
يقول: "مظهرة" {خافِضةٌ رّافِعةٌ} "مظهرة لخفض أقوام" يعني كانوا ارتفعوا في الدنيا "بدخولهم النار"، وأي جاه مع دخول النار، "ولرفع آخرين بدخولهم الجنة"؛لأنه يؤتى بأنعم الناس في الدنيا فيغمس غمسة واحدة في النار، ثم يسأل عن نعيمه الذي تنعمه سبعين ثمانين مائة سنة؟ يقول: ما رأيت شيء، ثم يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا و..... لكن كان يعيش سبعمائة سنة في شقاء وتعاسة، ثم بعد ذلك يغمس في الجنة، ثم يقال له: هل رأيت بؤساً قط، قال: لا والله ما رأيت لماذا؟؛ لأن هذه الدنيا لا تعادل شيء، لا شيء في الميزان الشرعي، لا تزن عند الله جناح بعوضة، لكن من يدرك حقيقة هذا الأمر؟، من يدرك؟، يدرك أمثال سعيد بن المسيب الذي جاءه السفير الواسطة الذي يخطب ابنته لابن الخلفية لابن الخلفية يقول: جاءتك الدنيا بحذافيرها يا سعيد، ابن الخليفة يطلب بنتك، جاءتك الدنيا بحذافيرها قال: إذا كانت الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة فماذا أن يقص لي من هذا الجناح؟، فيزوجها تلميذاً له من أفقر الناس لا يجد شيئاً، وكثير من الناس في غفلة من هذا، إذا رأى صاحب الدنيا ارتعد وخاف ووجل، مع أنه لن يناله بسوء حتى ولو كان سلطان جائر، لن يناله إلا بما كتب له، واعلم أن الناس أو الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك فلن يضروك، والعكس، وتجد بعض الناس إذا قيل له أن فلاناً من الناس من النوع الذي ..... والعلم عند الله -جل وعلا- يوم القيامة، إذا قيل له ذكرك البارح في مجلسه وأثنى عليك، يمكن لا يكاد أن ينام من الفرح، وبعد هذا المدح ينفعه بشيء؟لا ينفعه بشيء، ويغفل عن مثل قوله -عليه الصلاة والسلام- عن ربه -عز وجل-: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)) أي ذكر هذا الإنسان، ولو كان من خيار الناس، ولو كان من عبادهم إلا أن الشهادة من مثل هذا يعني لها دلالتها يعني من عاجل بشرى المؤمن، لكن شهادة من لا تنفع شهادة ممن يطير به كثير من الناس فرحاً، هذه لا تزيد شيئاً، ولا تعدل شيئاً، بل العكس إن شهادة الناقص نقص، بخلاف شهادة الخيِّر الصالح؛ مع أن المدح من الطرفين لا شك أنه إذا كان مترقباً متشوفاً إليه خدش في الإخلاص حتى يستوي عنده المادح والذام.
يقول ابن القيم -رحمه الله- في الفوائد: "إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكينك علمك أنه لا أحد ينفع مدحه أو يضره ذمه إلا الله -جل وعلا-"، وجاء في حديث الأعرابي الذي قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "أعطيني يا محمد فإني مدحي زين وذمي شين، قال: ((ذاك الله -جل وعلا-)) هو الذي ينفع مدحه ويضر ذمه، أما أنت فلا تضر ولا تنفع، مع الأسف أنه شاع من غير نكير مسألة المدح والذم ولأدنى شيء تجد الإنسان يرفع فوق منزلته أو ينزل إلى الحضيض بأدنى شيء أو بدون شيء بدون سبب، وتجد نفوس كثير من الناس من المسلمين بل من طلاب العلم من يستشرف إلى المدح، وتعالمنا على هذا النمط من غير نكير، وأدركنا شيوخنا ومن في طبقتهم وشيوخ لا يرضون بأدنى شيء من المدح؛ لأن هذا يضر كثير من الناس، بعض الناس يتأثر بالمدح ويصاب بعجب وغرور وهذا يقتل.
والعجب فحذره إن العجب مجترفٌ |
|
أعمال صاحبه في سيله العرم |
فمن يدخل الناس ولو كان من أشراف الناس، وعلية القوم فإنه مخفوض في هذا اليوم، ومن يدخل الجنة ولو كان من أحط الناس قدراً، وأقلهم شأناً في الدنيا فإنه مرتفع، {خافِضةٌ رّافِعةٌ} [(3) سورة الواقعة]؛ مع أن هذا الخفض والرفع بالنسبة للدنيا، وإن كان في الظاهر، إلا أنه في الباطن لا حقيقة له، في الباطن لا حقيقة له، فهل الذي خفض إذا وقعت الواقعة بدخوله النار، وهو مرتفع عند الناس في دنياهم وعند نفسه، تجد هذا في الظاهر لا في الباطن، فقد يكون من أشقى الناس، وإن كان ممن رآه الناس خافوا ووجلوا ورعبوا، وقبلت أطرافه تجده في نفسه يتمنى أن لو كان مثل فلان، الذي يحقره الناس وهو في سعادة ونعيم، شخص من أصحاب الأموال الطائلة، من أصحاب المليارات، رأى شخص نائم على كرتون ثلاجة في الشارع، نائم يغط وتمنى أن يكون في مقامه ومكانه، يقول: أنا لا أستطيع أن أنام رغم ما عندي من الأموال الطائلة ما ينام إلا بالمهدئات، لن تنفعه دنياه، تنفعه شيء؟ ما تنفعه شيء فيجد مجموعة من التجار من رآهم خاف ووجل من عموم الناس من السذج وهم يسهرون الليل إلى الصبح، ينظرون ويطالعون الشاشات في البنوك، في أماكن خاصة يعني لا تتاح لكثير من الناس، في أماكن خاصة وينظرون إلى الشاشات إذا ارتفع شيء تناول حبة، ارتفع عنده الضغط، إذا انخفض شيء تناول حبة، نزل السكر إذا كذا هكذا يعيش، هذه حاله، هم من علية القوم في الدنيا ممن يطلب الناس ودهم، لكن هل هذه حياة؟، وتجد أفقر الناس يعيش، لو نظرنا في الحكمة الإلهية وجدنا أن أفقر الناس أكثر الناس ضحكاً، وأغنى الناس أكثرهم عبوس، حكمة إلهية؛ لأن هذا اللي يضحك ما في قلبه شيء من أمور الدنيا يخشى عليه ويش يفيد، وهذا أيضاً في أمور الدنيا، إذا دعي هذا بادر إلى الصلاة؛ لأنه ما في شيء ينشغل به، وإذا أقيمت الصلاة أقبل على الله -عز وجل-؛ لأن ما في قلبه شيء يشغله بخلاف الثاني، يعني والله المستعان، مو قصد هذا الدعوة إلى بطالة وترك عمل ولا تنس نصيبك من الدنيا، لكن المسألة الخشية من أن يقال للمسلم لا تنس نصيبك من الآخرة، لانشغاله بكليته في الدنيا، كما هو واقع كثير من الناس، يعني سُمع من يجهر بصلاة الظهر والجماعة يؤمنون، لماذا؟ انشغلت قلوبهم ما يدورن ويش يصلون، وواحد يشير بأصبعه وهو ساجد ما يدري يتشهد وإلا شيء يسلم ويقول: آمين، وهذا أيام ثورة الأسهم قبل ثلاث سنوات أو أربع سنوات؛ كل هذا من الانصراف إلى الدنيا عن الآخرة، هذا الذي ارتفع في أعين الناس، إذا غمس في النار انتهى كل ما مضى صار لا شيء، وهذا الذي عاش بين الناس كل يزدريه، رفع إذا قامت القيامة ووقعت الواقعة إذا دخل الجنة.
{إِذا رُجّتِ الْأرْضُ رجًّا} [(4) سورة الواقعة] "حركت حركة شديدة"، وهو بمعنى إذا زلزلت {إِذا رُجّتِ الْأرْضُ رجًّا} حركت حركة شديدة، طيب ما الذي يحصل، ننظر إلى الزلازل في الدنيا ثانية واحدة ثانية ترج الأرض ثم النتيجة؟ الملايين من البشر يهلكون، والأموال تنتهي، تدمر ويعقبها ما يعقبها من فيضانات وغيرها، فهل من مدكر، إذا كانت هزة واحدة ثانية أو ثانيتين أو ثلاث ثواني على الكثير تدمر بلدان كثيرة فما رأيكم بقوله تعالى: {إِذا رُجّتِ الْأرْضُ رجًّا} تأكيد يدل على قوة هذه الحركة وهذه الرجة، {إِذا زُلْزِلتِ الْأرْضُ زِلْزالها} [(1) سورة الزلزلة].
{إِذا رُجّتِ الْأرْضُ رجًّا} "حركت حركة شديدة"، {وبُسّتِ الْجِبالُ بسًّا} [(5) سورة الواقعة] "فتتت"، جبال تكون مثل الرمل، أو أقل من الرمل مثل الهباء، الغبار أنت إذا فتحت النافذة ودخلت الشمس ونضرت إلى الشمس الداخلة من هذه النافذة تجد يتحرك فيها، شيء ما يمكن أن يمسك، مهما حاولت تمسك ما تمسك شيء، هباء تكون الجبال هكذا، التي جعلها الله -جل وعلا- لتثبيت الأرض وإرسائها، {إِذا رُجّتِ الْأرْضُ رجًّا} حركت حركة شديدة {وبُسّتِ الْجِبالُ بسًّا} يعني "فتتت"، فتت فكانت -يعني الجبال- هباء يعني غباراً مبنثا يعني منتشراٍ في الهواء، ينتشر بنفسه ما يحتاج إلى ريح تنشره، ينتشر بنفسه فيكون كالهباء الذي يدخل مع النوافذ وتوضحه وتبينه الشمس، والجو مملوء بمثله ونحن لا نشعر به ولا نراه إلا إذا كان في شمس في ظلام، يمكن أن يراه قوي البصر، وأما إذا كنا في شمس دون ظلام أو في ظلام دون شمس، فإننا لا نراه مهما وضعنا من الأجهزة، والجو مملوء من مثل هذا مما لا يحس به، فإذا كان لا يحس به فما جرمه وما زنته لا هذا ولا هذا لا يزن شيء، يعني تجد كفة الميزان فيها الملايين من هذا الهباء، لكن هل ترجح هذه الكفة بالهباء؟، ما ترجح؛ لذا في قوله: {إِذا رُجّتِ} يقول المؤلف: الثانية بدلاً من الأولى، بدل، بدل من الأولى، "وإذا" الأولى والثانية، مثل ما قلنا أولاً إما ظفر وإما شرط أو منصوبة بفعل مقدر تقديره اذكر يا محمد لقومك {إِذا وقعتِ الْواقِعةُ} و {إِذا رُجّتِ الْأرْضُ رجًّا}.
يقول -رحمه الله- تعالى: {وبُسّتِ الْجِبالُ بسًّا} [(5) سورة الواقعة] اختار المؤلف أن معنى {بُسّتِ} "فتتت" من بين أقوال لأهل العلم منها "سيرت"، وفي الحديث الصحيح: "لما فتحت الأمصار كما هو في صحيح مسلم فذهب الناس يبثون يعني إن هذه الأمصار كمصر والشام والعراق واليمن، يعني يسيرون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" فالبث بمعنى السير ...... لأنهم يسيرون بأهليهم وأموالهم ودوابهم سيراً بطيئاً، {وترى الْجِبال تحْسبُها جامِدةً وهِي تمُرُّ مرّ السّحابِ} [(88) سورة النمل] يعني تسير مثل السحاب، وهذه مما قيل في تفسير هذه الآية، لكن اختيار المؤلف أن {بُسّتِ} معناها "فتتت" فكانت هباء أي غباراً منبثاً يعني منتشراً، منتشراً في الجو، و"إذا" الثانية بدل من الأولى، بدل من الأولى كما ذكرنا في أول الأمر، أن "إذا" سواء كانت الأولى أو الثانية، موقعها واحد إما شرطية أو ظرفية أو منصوبة بالفعل المقدر أذكر كما يقدره العلماء في جميع المواضع من التفسير، {وَكُنتُمْ} في يوم القيامة إذا وقعت الواقعة، {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا} [(7) سورة الواقعة] أصنافاً، يعني كل صنف يسمى زوج؛ لأنه يشابهه، فيميل إليه كما يميل الزوج إلى زوجته للمشابهة، وأنت تجد إذا كان بين اثنين نوع تشابه وجدت بينهما نوع ميل، فهم أصناف وأزواج متشابهون، وكل صنف يشبه بعضه بعضاً من هذه الأصناف والأزواج الثلاثة، {وَكُنتُمْ} في القيامة {أَزْوَاجًا} أصنافاً {ثَلاثَة}، ثم جاء التبيين والتفصيل، ثم يجيء النشر بعد اللف، يعن ذكر العدد إجمالاً ثم بين، وفائدة ذكر العدد المجمل كما قرر أهل العلم أنه ينفع للتذكر، ينفع في التذكر، يعني لو قال: كنت أصنافاً أو أزواجاً ما قال ثلاثة، أو قال: اجتنبوا الموبقات، أو قال أهل العلم أركان الصلاة ثم عددوها، إذا أراد الإنسان أن يستذكر حفظه يراجع حفظه، ويستذكر المعلومات التي حفظها أركان الصلاة أربعة عشر يفترض أنه ما قال أربعة عشر، ثم حفظها فأخذ يراجعها، عدد منها أحد عشر وترك ثلاثة، قد يظن أنه أتى عليها جمعياً لكن لما يقال أركان الصلاة أربعة عشر، ثم يأتي يعدد بأصابعه فإذ عدد أحد عشر قال: باقي ثلاثة أين الثلاثة؟ ثم يراجعها مرة ثانية حتى يضبطها وهنا {وكُنتُمْ أزْواجًا ثلاثةً} [(7) سورة الواقعة].
((اجتنبوا السبع الموبقات))، حفظها الإنسان؛ لأنها من الأوامر الشرعية فيحفظها ليجتنبها، لو لم سبع اجتنبوا الموبقات، حفظ الحديث ثم ذكر ست ما الذي يدريه أنه ترك واحدة؟، لكن لما يقال: اجتنبوا السبع الموبقات، ثم يعددها واحدة اثنتان ثلاث أربع خمس ست، بقيت واحدة، فيرجع إلى الحديث ليتذكر هذه الواحدة التي نسيها وهذه فائدة جاءت بها النصوص من الكتاب والسنة كما هنا وفي الأحاديث، لكن قد يرد مثل حديث: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة))، ثم إذا عددنا في النصوص وجدنا أكثر من ثلاثة، وأوصلها بعض الشراح إلى سبعة، سبعة! كيف الرسول -عليه الصلاة والسلام- يحصر العدد في ثلاثة وتصل إلى سبعة، اعتماداً على نصوص ليس من فراغ أو اجتهاد أو قياس لا، اعتماداً على نصوص؛ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر بالثلاث ثم أخبر بالزيادة، بما زاد على، وهذا أيضاً جاءت به بعض النصوص، وأساء الأدب من الشراح من قال: في هذا الحصر نظر، ينظر في كلام من؟ ينظر في كلام من لا ينطق عن الهواء، هذه إساءة أدب وغفلة من هذا القائل، وإن كان عن عمد وتيقن فالأمر أعظم، {وكُنتُمْ أزْواجًا} يعني في ذلك اليوم، إِذا وقعتِ الْواقِعةُ، أزواجاً يعني أصنافاً ثلاثة، يأتي بينها إن شاء الله في الدرس اللاحق.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا فيه كلام لأهل العلم، وإن قواه الشيخ الألباني -رحمه الله-.
ومثله حديث: الجلوس إلى طلوع الشمس وارتفاعها من حيث الأجر المحدد بحجة تامة، هذا في كلام أيضاً لأهل العلم، لكن منهم من حسنه بمجموع طرقه، وأما مجرد الجلوس إلى ارتفاع الشمس فهو صحيح ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-؟
حديث: دخول السوق، أيضاً ضعفه بعضهم مما اشتمل عليه من الأجر العظيم على العمل اليسير، وقواه آخرون؛ فليحرص الإنسان على ما جاء في هذه الأحاديث، وإن قيل فيها ما قيل.
هذا الحديث حسن.
الأولى أن لا تقرأ، يعني قراءة السورة التي فيها سجدة في الصلاة السرية، الأولى أن لا تقرأها لئلا تلبس على المأمومين، وإن قرأتها وجهرت بآية السجدة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسمعهم الآية أحياناً وسجدت حصل المقصود.
لا، لا هذا خطأ، هذا سبق لسان، هذا ليس بصحيح، سبق لسان مني.
عورة المرأة أمام المحارم هي ما يظهر غالباً، من الذراعين والقدمين، والرأس والشعر، والعنق، وما تحتاج إليه في الوضوء، هذه تحتاج إليها، وهي غالباً تخرج؛ لأنها لو كلفت أن تستر جميع بدنها أمام المحارم لشق عليها ذلك، وهي عورتها أمام النساء؛ لأن النساء عطفن على المحارم في آيتي النور والأحزاب، وإن كان قول جمع من أهل العلم، وينسبه بعضهم إلى الجمهور أن عورتها أمام النساء كعورة الرجل أمام الرجال، من السرة إلى الركبة، لكن هذا القول لا يدل عليه دليل، وإن كان قول الجمهور، والآيتان في سورة النور والأحزاب تردان هذا القول، فعورتها عند النساء مثل عورتها أمام المحارم، وترتب على إفتائها بقول الجمهور أنه تنازل كثير من النساء وتساهلوا في أمر الحجاب، وأُظهرت العورات، بل العورات يعني شيء يندى له الجبين. يذكر بعض النساء أنه في بعض المناسبات ترى العورات المغلظة، يلبس عليها أشياء رقيقة لا تسترها، ويذكرون أشياء لا يمكن الجهر بها، كل هذا من آثار هذه الفتوى التي لم تدرس آثارها، مع أن الآية في سورة النور وفي سورة الأحزاب عطفت النساء على المحارم، فيبقى أن ما تظهر لأخيها ولأبيها ولعمها ولوالد زوجها وابن زوجها مثل ما تظهره للنساء، وتظهر للنساء ما تظهره لهؤلاء المحارم، وإذا وجد فتنة وافتتان حتى من النساء، يعني لو وجد فتنة بالنسبة للأخ مع أخيه لا تجد لا يجوز لها أن تبدي شيئاً من بدنها، وإذا وجد فتنة وأهل العلم يركزون على ولد الزوج، على ولد الزوج، والفتنة تحصل به كثيراً مع أنه محرم، فإذا وجد مثل هذه الفتنة، فإنه لا بد من سد هذه الذريعة، وأيضاً النساء وجد منهم وبينهن ما يوجد بين الرجال والنساء وعثر على ممارسات لا يمكن أن تذكر في هذا المكان وبين هذه الوجوه، والأخوان المتتبعون لهذه الأمور يذكرون صوراً عديدة من هذا النوع.
لا شك أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف الواقع، فإذا استطاع بما أوتي من حرية أن يكذب ويخبر عن القيامة بخلاف الواقع حال الحياة فإنه لن يستطيع أن يخبر بخلاف الواقع إذا قامت القيامة، ووقعت الواقعة؛ لأنها تكون محسوسة، ولا يستطيع أن يكذب أو يكذِّب في المحسوسات، لو أن شخصاً قال: إن الشمس طالعة الآن، إن الشمس طالعة، نقول: كاذب؛ لأنه يخبر عن الشيء بخلاف الواقع، وهل يمكن أن يقول إنسان سوي الشمس طالعة في الليل يستطيع؟ سوي لا يستطيع، لا يمكن، وإذا قامت القيامة ووقعت الواقعة، هل يستطيع إنسان أن يكذب في خبر، فهو كاذب إذا قال: إنها ليست قائمة أو واقعة فهو كاذب، وحينئذ لا يوجد كاذب في ذلك الوقت؛ لأنه لا يستطيع إنكار ما يُرى بالعين المجردة، ولو أخبره مخبر يعني في الدنيا يمكن أن يكون مكذب، ويمكن أن يكون كاذب، وفي الآخرة يختار الكاذب؛ لأنه يخبر عن الشيء بخلاف الواقع؛ لأنه إذا وقع ما يحتاج أن يخبر به، هو في الدنيا أُخبر بأن القيامة ستقع، وحينئذ يكون مكذباً إذا نفى وقوعها، لكن في القيامة هل يخبر بأنها قامت، فيقال مكذب، لا إنما يقال: كاذب؛ لأنه أخبر عنها بخلاف الواقع.
طالب:.......
أي مجنون إذا قال الشمس طالعة في الليل فهو مجنون.
... هذا المكان الذي نام فيه النبي عله الصلاة والسلام، نام النبي -عليه الصلاة والسلام- عن صلاة الصبح فما أيقضهم إلا حر الشمس فأمر بالانتقال منه، وقال: إن هذا المكان حضر فيه الشيطان، هل يلزم كل من نام في مكان وفاتته الصلاة أن ينتقل من هذا المكان؟ أو إذا انتقل من هذا المكان هل يعود إليه مرة ثانية يعني حضر في هذا الوقت فقط، ثم خرج منه، مسائل تحتاج إلى النظر في معنى الحديث، والهدف والسبب في إيراده. قد يقع مثل هذا الكلام، قد تعزر هذه المرأة؛ لأنها لعنت هذه الدابة، ويؤدب الجميع وتصير عبرة للأمة كلها، لكن هل هذا التأديب يصل إلى هذا الحد عند جميع من لعن، اللعن أمره عظيم وشأنه خطير، الطرد من رحمة الله، و ((لعن المؤمن كقتله)) كما جاء في الحديث ولا يبعد أن يعزر الإنسان بمثل هذا، نفوت عليه شيئاً من أمر الدنيا لئلا يعود مرة ثانية إلى اللعن؛ لأن أمر اللعن عظيم وشأنه خطير، وكثير من الناس يعني يسهل عليه أن يلعن حتى نفسه، ويعلن والديه، يعني يجري على لسانه، ومعاشرة قرناء السوء تدعو على مثل هذا، بعضهم يقلد بعض بحيث يشعر أو لا يشعر، لكن مع ذلك كونها تؤمر، كون الإنسان إذا لعن السيارة مثلاً يقال اتركها، وإذا ذكرك هل هي طيبة أو خبيثة بمعنى أنها وتصدق بها أو تصرف إلى جهة شرعية هي خبيثة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((دعيها فإنها ملعونة))، ومع ذلك كان الصحابة يرونها ولا يتعرضون لها، وقد تموت ولا يستفاد منها، فهل مثل هذه الأموال تهدر، يعني هناك ما يعارض المفهوم الظاهر من هذا الحديث من النهي عن إضاعة المال.
وعلى كل حال المسألة تقدر بقدرها، فإذا وجد إنسان مستهتر باللعن، فمثل هذا يعزر بمثل هذا، وإذا وجد إنسان لم يعرف بهذا الأمر، وحصل منه زلة أو غفوة أو سبقت لسان أو غلب على أمره، فقال على كلمة لم تخطر على باله، هذا حكمه آخر.
هناك أشرطة خمسة أشرطة سميت: (كيف يبني طالب العلم مكتبته)، ذكرت فيها كتب التفسير التي تصلح لجميع طبقات المتعلمين، فليرجع إليها.
الخاتم إذا كان المقصود منه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في خاتمه أنه لم يلبسه حتى قيل له: إن فارس لا يقرؤون الكتاب إلا مختوماً فاتخذ الخاتم، فمن اقتدى به وهو يحتاج إليه كان من قبيل المشروع المسنون، وإن كان لا يحتاج إليه فهو من المباح.
حديث صحيح من حديث عائشة، وجاء فيه أيضاً في المسند: ((إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة)).
نعم عليه أن يصوم شهرين متتابعين إلا إذا استطاع أن يعتق رقبة.
الجمهور على أن حد الإقامة أربعة أيام، فما زاد عنها فهو في حكم المقيم.
إذا كانت آية مستقلة وليست بآية من كل سورة فليست من هذه السورة، وإذا جهر بهذا السورة، فإنه لا يجهر بها، هي من القرآن، لكن ليست من هذه السورة، كما لو قرأ آية من السورة التي قبلها، يعني لا يجهر بها، إنما إذا قرأ الفاتحة، وجهر بها، ونظر لوجود الخلاف بين أهل العلم في هذه الآية في هذه الجمل يعني البسملة، فإنه لا يجهر بها لا سيما وأن الجمهور على أنها ليست بآية، وأما الشافعية الذين يرون أنها آية على قول عندهم من كل سورة أو من الفاتحة فقط فإنه يجهرون بها، فإنهم يجهرون بها، ومن يرى أنها ليست بآية فإنه لا يجهر بها.
هذا مروي من حديث ابن مسعود عند الترمذي وغيره لكنه ضعيف، لكنه ضعيف.
عثمان بن عفان الخليفة المعروف الراشد الثالث زار ابن مسعود في مرض موته، فقال له: "ألا نعطيك من هذا العطاء"، فقال له: لا يريد، وسأله عما يشتكي؟ قال: "أشتكي ذنوبي" وماذا تشتهي؟ قال: "أشتهي رحمة ربي"، يشتكي ذنوبه، ويشتهي رحمة ربه، فقال: "ألا نعطيك" قال: في بعض الروايات منعتني بالحياة وتعطيني بعد الممات قال: يكون لبناتك من بعدك، قال: "بناتي أوصيتهن بقراءة سورة الواقعة، فإن من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة"، لكن الخبر ضعيف، الخبر ضعيف.
هل تأذن بالتصرف بداخل المصحف وبين أسطره وآياته لا ينبغي، ينبغي الحذر من ذلك، ونرى في المصاحف التي كانت للطلاب يدرسون فيها أشياء، تصرفات لا تليق بالقرآن، فعلى المعلمين أن ينتبهوا لهؤلاء الطلاب، ورأينا فيها أرقام وعبارات بذيئة، بل رأينا فيها صور، فعلى المعلم أن ينتبه لهؤلاء الطلاب، وعلى الأب إذا أراد أن يضع مصحف ابنه في المسجد أن يفحصه ويفرده قبل ذلك، فما كان فيه من عبارات تمسح تطمس، وإذا كان فيه شيء زائد يمحى ويزال؛ لأن هذا يؤثر في كلام الله، هذا أثره سيئ حتى من يقرأ في هذا المصحف ويطلع على رقم، ويجد مكتوب عليه اسم بنت مثلاً، هذا خطر على هذه البنت، ويجد فيه صورة مثلاً يعني سوف يجد بمبالغات يعني كلكم رأى هذا، يعني ..... في المصاحف التي توضع في المساجد بعد أن يفرغ منها الطلاب نجد هذه الأشياء، يعني الصورة رأيناها مرة، لكن الأرقام كثيرة، والأسماء من بنين وبنات كثيرة أيضاً، وبعضهم جمل بذيئة موجودة، فمثل هذا لا بد أن يفرز ويفحص قبل أن يدخل في المسجد.
هناك أشياء مؤثرة لا يمكن إزالتها ويوجد مشاريع، يوجد مشاريع، سنها بعض أهل الفضل، بأن يوجد معامل تجليد خاصة بالمصحف، فتجمع هذه المصاحف ويؤخذ من هذه المصحف هذه الملزمة نظيفة، ومن هذا المصحف مثلاً هذه الملزمة، ويلصق من عدة مصاحف مصحف متكامل نظيف، ويتلف ما فيه ما فيه، فهذه سنة حسنة، سنها بعض الأخيار، فيرجى أن يكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا عمل طيب وخير، ينبغي أن يحتذى في جميع البلدان؛ لأننا وجدنا كتابات على المصاحف حقيقة إساءة بالغة إلى المصاحف.
طالب:........
تحرق، تحرق القدر الزائد الذي لا يمكن تصفيته وتنقيته يحرق ما في إشكال.
طالب:.......
لا، تحرق ما في إشكال، هذه صيانة لها، إحراقها صيانة لها، وليس امتهاناً لها.
بارك الله فيك يا شيخ.
جزاكم الله خيراً، والله أعلم.
في بعض العبارات لتي تصدر بها الأسئلة أجيب عنها أنا سراً، يعني ما يحتاج إلى أن أذكرها.
ما أفضل مختصرات ابن كثير -رحمه الله-؟
من مختصراته: تفسير الشيخ أحمد شاكر، عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير، صدر منه خمسة أجزاء في حياة الشيخ أحمد -رحمه الله-، هذه الخمسة لا نظير لها في المختصرات؛ لأنه تولها الشيخ بنفسه وصححها وأشرف عليها، وصاغها بأسلوبه، ثم بعد ذلك بعد زمن طويل كُمِّل الكتاب ونسب إلى الشيخ، الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- اعتناء بالخمسة الأجزاء إلى سورة الأنفال، الأجزاء من مطبوعه، والشيخ يطبع بحجم صغير، يعني لو طبعت في مجلدين متوسطين، لكن ميزة هذه الأشياء أن الشيخ صاغها بأسلوبه، والشيخ بارع في هذا الباب، وأشرف عليها بنفسه حتى في الطباعة هو الذي صححها، أما بقية الكتاب فأكمل من نسخته من تفسير ابن كثير؛ لأن الشيخ -رحمه الله- قرأ في تفسير ابن كثير، وشطب على التكرار، وأبقى ما ليس فيه تكرار، فطبع هذا القسم الذي أبقاه وترك ما شطبه من ابن كثير، وسمي بمختصر الشيخ أحمد شاكر، نعم باعتباره هو الذي ألغى، وهو الذي أثبت، ينسب إليه لكن ليس مقامه وقدره مثل ما تولاه بنفسه وصاغه بأسلوبه.
ابن مسعود فوق السبعين من العمر، وعثمان بن عفان -رضي الله عنه- خليفة المسلمين يقول: "ألا نزوجك بكراً تعيد لك ما مضى من شبابك"، ابن مسعود فقير، وهذا الخليفة، يقول له الخليفة: "ألا نزوجك بكراً تعيد لك ما مضى من شبابك"؟ يعني ما بينهم خلاف، فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب)) ما قال يا معشر الشيوخ ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج))، قال: ((يا معشر الشباب))؛ لأن في تزويج الصغيرة للكبير ظلم، اللهم إذا رضيت، وكان في هذا الكبير ما يجبر هذا النقص، وفيه قوة وقدرة على الباءة؛ فالأمثلة كثيرة من هذا النوع، لكن في الغالب أن الشيخ مآله إلى ظلم هذه الصغيرة، وعلى كل حال الحديث ضعيف عند أهل العلم.
جزاه الله خيراً، وعوضه خير من ذلك في دنياه وأخراه.