تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار (28)
من الكبائر إذا لم تصادف صغائر هذا يقول به بعض أهل العلم، كونها تكفر بعض الكبائر إذا لم تصادف صغائر هذا قد يقول به بعض أهل العلم، وهو معروف قول معروف يعني لكن يبقى أنه هل يتصور شخص عنده كبائر وليست عنده صغائر؟ ما يتصور هذا كلام نظري.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- في كتاب تنقيح الأنظار للوزير يقول التدليس، وزاد المحقق بين قوسين معقوفين "فصل في التدليس" قال- رحمه الله "قال في الجوهرة" الجوهرة هذا كتاب من كتب الزيدية مر بنا أكثر من مرة، والآن نسيت مؤلفه أحد يذكره؟ أحد يذكر المؤلف؟
معك الشرح؟
طالب: ............
أين؟
طالب: ............
ما الذي معك؟ توضيح الأفكار؟
طالب: ............
للصنعاني، ولا ذكره؟
طالب: ............
إيه تقدم هو تقدم؟ "قال في الجوهرة قد تُعُورف في غير معناه الأصلي وهو أن يروي عن شيخ شيخه موهما أنه سمع منه والذي عليه علماء الزيدية أن المدلس مقبول لأن التدليس ضرب من الإرسال وقد تقدم دليل أصحابنا على قبول المراسيل- يعني من الزيدية- هكذا ذكره المنصور بالله في الصفوة والشيخ في الجوهرة وهو قول عامة الزيدية والمعتزلة فيما أعلم" يعني المعتزلة والزيدية يوافقونهم في كثير من مسائل الأصول يردون خبر الواحد ولا يقبلون إلا ما تعددت رواته، وهنا يقبلون المراسيل، هذا تنافر وتناقض في القول، والتدليس نعم ضرب من الإرسال لأن فيه إسقاط لكنه إرسال مع حيلة فيه خفاء، الإرسال الظاهر يعرفه أوساط المتعلمين وآحاد المتعلمين لكن هذا الضرب من الإسقاط لا يعرفه إلا أهل الخبرة، ولا يبين إلا لآحاد الناس وأفرادهم؛ لأنه إسقاط خفي فيروي عن شيخ شيخه الذي لقيه أو سمع منه ما لم يسمعه منه هذا تدليس، أو لقيه ولم يسمع منه يروي عنه ما لم يسمعه منه هذا أيضا تدليس، فإن روى عمن عاصره ممن لم يلقه فإن هذا هو الإرسال الخفي على ما قررناه سابقا "قلت وهو أولى بالقبول من المرسل لأنه إن كان في الإسناد من لا يُقبل فمردود وإن كان عن ثقات عنده فقد أوهم المدلس أنه صحيح وقصد إيهام ذلك بخلاف المرسَل فهو وإن أوهم الصحة فلم تظهر منه قرينة تدل على أنه قصد الإيهام لكنه محتمل صحته عنده فإن كان يُعرف شرطه في الصحة قبل أيضا على مقتضى قواعد المحدثين المتأخرين كما مر في المرسل وإن لم يكن كالمرسل يقول أولى بالقبول من المرسل لماذا؟ لأنه في المرسل يروي عن شخص لم يلقه ولم يعاصره، بينما في المدلَّس يروي عن شخص لقيه وقد يكون سمع منه بعض الأحاديث لكن لم يروه عنه مباشرة، وإنما رواه عنه بواسطة وأسقط الواسطة، الإرسال الظاهر مردود على كل حال، وهذا فيه احتمال أنه أسقط واحتمال أنه لم يسقط؛ لأنه يرويه بصيغة محتمِلة لسماعه منه وعدم سماعه منه يقول أولى، لكن الإرسال ليس بجرح بينما التدليس جرح، التدليس جرح في الراوي، يعني إذا استثنينا الأئمة الذين وقع منهم شيء يسير من هذا فإنه جرح، ولا يقبل من راويه حتى يصرح بالتحديث إذا استثنينا الطبقة الأولى والثانية من طبقات المدلسين على ما بينا سابقا، قال "ولا يكفي في جرح المدلس أنه دلس حديثا ضعيفا" لا، هنا يقول "وإن دلس حديث ضعيفٍ" لأنه يقول لعل الصواب حديثًا صوابًا لا، صواب العبارة أنه "دلس حديثَ ضعيفٍ أو كذابٍ حتى يعرف أن الكذاب متعمد لا مخطئ" ما هذا الكلام ؟! هذا الكلام لا يجري على قواعد أهل العلم، مجرد ما يوصف بأنه كذاب عند أهل العلم سواء تعمد أو لم يتعمد فحديثه مردود، لكن الفرق بين المتعمد وغيره في الإثم "ويكون ما دلسه في الحلال والحرام" يعني معناه أن ما يدلسه في غير الحلال والحرام من الفضائل والمغازي والسير والتفسير وغيره هذا لا يدخل في الرد؟ هذا الكلام ليس بصحيح "ولا يكون يرويه من غير تلك الطريق" نعم إن وجد طريق أخرى تشهد له خلت من هذه الآفة فإن الحديث المدلَّس يقبل الانجبار "هذه أربعة شروط يعز وجود واحد منها ولا يغرنك قول المحدثين فلان كذاب فقد يطلقون على من يكذب متعمدا لا مخطئا لأن الحقيقة اللغوية تقتضي أنه كذاب لأنه خبر يخالف الواقع" فهو كذب سواء قصد صاحبه التعمد أو لم يقصد، هو كذب على كل حال عند أهل السنة، كذب؛ لأن الكلام إما صدق وإما كذب ولا واسطة بينهما عند أهل السنة، والمعتزلة يثبتون الواسطة وأن هناك كلام ليس بكذب ولا صدق ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﮊ سبأ: ٨ يعني أثبتوا قسيما للكذب غير الصدق، فدل على أن هناك كلاما ليس بصدق ولا كذب ولهذا وصفوه بذلك وصفوا "ولذلك وصفوا بذلك خلقا من أهل الصدق إذا وهموا" نعم إذا وهموا وكثر الوهم في حديثهم فلا شك أنه يرد، وإذا وقع منهم ما وقع مما يخالف الواقع قلنا كذب "والصواب أن لا يسمى من وهم كذابا لأن العرف في الكذاب أنهم المتعمد كما قال الجاحظ" ظلام على ظلام، ظلمات بعضها فوق بعض، يقرر كلاما فيه شيء من المغالطة ويقول كما قال الجاحظ؟! الجاحظ من رؤوس المعتزلة وليس من أهل العلم أصلا فكيف يقال مثل هذا، ماذا قال الشارح؟
طالب: ............
حقيقة مذهبه؛ لأن الجاحظ معتزلي "ولذا قالت عائشة في ابن عمر ما كذب ولكنه وهم" لكن ثبت أن من الصحابة من قال لبعض كذب؛ لأنه خالف الواقع، طيب ماذا يقولون في قوله -عليه الصلاة والسلام- «صدق الله وكذب بطن أخيك »؟ "وهذا ثابت في الصحيح وهي من أهل اللسان فلمثل هذا لم يجرح أئمتنا -عليهم السلام- من دلس على الإطلاق ولم يستثنوا من دلس عمن تُكلم فيه لأنه لا يكون مجروحا إلا بتلك الشروط وقد نهى الثوري عن الرواية عن محمد بن السائب الكلبي فقيل له فلم ترو عنه قال لأني لا أعرفه صدقه من كذبه" لا، العكس لأني أعرف صدقه من كذبه فلمَ تروي عنه؟ يعني هل المبرر أن يروي عنه ألا يعرف صدقه من كذبه؟ أو لأنه يعرف صدقه من كذبه؟ يعرف ويميز فيما وافق فيه الثقات وما خالف فيه الثقات، وإلا فليس بثقة، "قلت فمثل أن يتذكر بروايته أو بما في كتابه ما كان حافظا له أو يروى معه خط ثقة يعرفه مع قرائن ضرورية وقال زين الدين التدليس على ثلاثة أقسام ذكر ابن الصلاح منها قسمين القسم الأول تدليس الإسناد" ونقف على أقسام التدليس.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.