كتاب الزكاة من سبل السلام (4)
طالب: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب قسمة الصدقات، أي قسمة الله للصدقات بين مصاريفها".
الله -سبحانه وتعالى- قسم الزكاة على الأصناف الثمانية ولم يترك ذلك لأحد، لا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا لغيره، بل تولى قسمتها بنفسه، ولذا لا يجوز صرف الزكاة إلى غير المصارف الثمانية، وإن اختلف العلماء في المراد بكل قسم من هذه الأقسام كالخلاف بين الجمهور، والحنفية في الفقير والمسكين أيهم أشد حاجة، والخلاف أيضًا بينهم في سبيل الله هل يشمل الحج، والدعوة، وطلب العلم، أو لا. المقصود أن الأصناف الثمانية تولى الله -سبحانه وتعالى- قسمة الزكاة بينهم، ولم يكل ذلك إلى أحد.
طالب: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غاز في سبيل الله أو مسكين تُصدق عليه منها فأهدى لغني منها»، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم، وأعل بالإرسال".
نعم، الأصل أن الزكاة للفقراء والمساكين والمحاويج، ولا تحل لغني إلا لمن استثني بهؤلاء الخمسة، فهؤلاء يعطون ولو لم تكن بهم حاجة إلى الزكاة مقابل أعمالهم، وإلا فالأصل أن الزكاة للفقراء والمساكين، ثم العامل عليها إنما يعطى أجرته إذا كلفه ولي الأمر، فيفرض له من الزكاة ما يقابل عمله؛ أجرة له، مثله الغارم، وفي سبيل الله، وابن السبيل المنقطع يعطى منها ما يوصله إلى بلده، وإن كان في بلده غنيًّا.
طالب: "ظاهره إعلال ما أخرجه المذكورون جميعًا".
لا، المعل رواية الحاكم فقط.
طالب: "وفي الشرح أن التي أُعلت بالإرسال رواية الحاكم التي حكم بصحتها".
نعم وإن حكم بصحتها، الحاكم لأنه متساهل في التصحيح.
طالب: "وقوله: «لغني» قد اختلفت الأقوال في حد الغنى الذي يحرم به قبض الصدقة على أقوال، وليس عليها ما تسكن له النفس من الاستدلال؛ لأن المبحث ليس لغويًّا حتى يُرجع فيه إلى تفسير لغة".
نعم بل حقيقته شرعية، حقيقة الغنى شرعية، فيرجع فيه إلى الشرع، فإن لم يوجد يُرجع إلى العرف، فجاء في النصوص ما يدل على أن ملك خمسين درهمًا أنه لا تحل له المسألة، فدل على أن هذا هو الحد الفاصل بين الغنى والفقر، ومنهم من حد الغني ممن لا تجب عليه الزكاة ممن لا يملك النصاب بدليل: «تؤخذ من أغنيائهم»، فسمى من تؤخذ منه الزكاة غنيًّا، «فترد في فقرائهم»، فقابل الغني بالفقير.
طالب: "ولأنه في اللغة أمر نسبي لا يتعين فيه قدر".
لا يتعين فيه قدر محدد، بل هو أمر نسبي يختلف من شخص إلى آخر، ومن زمان إلى غيره، ومن مكان إلى آخر، فقد يكون من يملك الخمسين غنيًّا في بعض البلدان، لكنه فقير في بعضها، قد يؤدي الزكاة؛ لأنه ملك نصابًا من الفضة مائتا درهم، أو من الذهب عشرين مثقالاً، لكنه لا يُخرجه ذلك عن حد الفقر وحد المسكنة، فالفقير الذي لا يجد شيئًا، والمسكين الذي يجد دون الكفاية، فإذا افترضنا أن النصاب من الفضة ستة وخمسون ريالاً عربيًّا فضة، قدرنا أن الريال بعشرة، خمسمائة وستين ريالًا تجب عليها الزكاة هذا النصاب، وإذا قلنا: بعشرين قلنا: ألف ومائة وعشرون، هذا النصاب الذي تجب فيه الزكاة على حسب قيمة الريال العربي الفضة، فالذي يملك ألف ريال هذا يكفيه شهرًا له ولعياله، والذي راتبه ألف وعنده عائلة هل يسمى غني وإن وجبت عليه الزكاة في هذا المبلغ إذا حال عليه الحول هذا ليس بغني في عرفنا وفي بلدنا ليس بغني؛ لأن العائلة لو افترضنا أنها من ذكر وأنثى فقط ليس لهم أولاد ولا لهم... نقول: هذا ما تكفي الكهرباء والهاتف وغيره من الضروريات، من الحاجات الأصلية.
طالب: .......
ماذا فيه؟
الجمهور على أن الفقير أشد حاجة من المسكين، الفقير عندهم من لا يجد شيئًا، والمسكين الذي يجد دون الكفاية، نعم عكس الحنفية.
طالب: ....... في عرفنا لا تكفي .......
نعم، مسكين؛ لأن عنده ما يجد، لكنه لا يكفيه.
طالب: يا شيخ هل بعض الدول .......
الذي عنده ألف جنيه مصري وهو من مصر تكفيه.
طالب: لا ....... بمصر في مصر مثلاً فيه حوائج أصلية أخرى مثل تدريس الأطفال يحتاجون دروسًا خصوصية، الحاجة الأصلية .......
لا لا، ليست بأصلية، لا لا، ليست بأصلية، التدريس الأصلي الدروس الخصوصية، لكن الأبواب مشرعة لطلب العلم، هل من الضروري أن كل طالب ينجح ويأخذ من الزكاة؟ ما هو بصحيح، نعم.
طالب: أقصد يعني ما ضابط الحوائج الأصلية؟
ما لا تقوم الحياة إلا بها.
طالب: الهاتف ليس حاجة أصلية.
لكنه في وقت من الأوقات حاجة أصلية، في وقت من الأوقات، المكيف ما هو بحاجة أصلية.
.......
طالب: "النسائي «من سأل وله أوقية فقد ألحف» وعند أبي داود «من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافًا» وأخرج أيضًا «من سأل وله ما يغنيه»".
الأوقية أربعون درهمًا.
.......
نعم.
طالب: "وقد بيناه في رسالة جواب سؤال، وأفاد حديث الباب حِلَّها للعامل عليها وإن كان غنيًّا؛ لأنه يأخذ أجره على عمله لا لفقره، وكذلك من اشتراها بماله فإنها قد وافقت مصرفها، وصارت ملكًا له، فإذا باعها فقد باع ما ليس بزكاة حين البيع".
لأنها تستحيل، إذا ملكها الفقير استحالت ملكًا له فيهدي منها إلى الغني، ويبيع منها ما زاد عن حاجته؛ ليشتري بثمنها حوائج أخرى.
طالب: "بل ما هو ملك له، وكذلك الغارم تحل له، وإن كان غنيًّا".
ملك له؛ لأن اللام في آية الصدقات للملك: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} يعني يلزمون التمليك {وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] أيضًا يلزم تمليكهم.
طالب: "وكذلك الغازي يحل له أن يتجهز من الزكاة وإن كان غنيًّا؛ لأنه ساع في سبيل الله. قال الشارح: ويلحق به من كان قائمًا بمصلحة عامة من مصالح المسلمين كالقضاء والإفتاء والتدريس وإن كان غنيًّا".
هل المصالح العامة في سبيل الله؟
طالب: .............
جمهور العلماء من المفسرين والمحدثين والفقهاء على أن المراد بـ{سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] الجهاد فقط، حتى الحج ما أدخلوه في سبيل الله، وإن جاء في الحديث: «الحج سبيل الله»، فالجمهور على أن سبيل الله خاص بالغزو بالجهاد، ومنهم لكنهم نذر يسير من أهل العلم من أدخل المصالح العامة للأمة كالتعليم والإفتاء والقضاء والدعوة في سبيل الله، فجعل من مصرفها أن تُصرف في أمور المسلمين العامة كمن يتولى تعليم الناس وإمامتهم وإفتاءهم والقضاء بينهم وحل منازعاتهم والدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى-، لكن هذا قول مرجوح.
طالب: .......
والمتزوج هذا فقير ما يجد؟
طالب: ....... فقير.
ويفترض بأنه يأخذ من الزكاة.
طالب: "وأدخل أبو عبيد من كان في مصلحة عامة في العاملين".
لأن الزواج ضرورة، حاجة أصلية، وإن كان الأحوط على ما يقول بعضهم أن يقترض لهذا الزواج، ثم يأخذ ليصير غارمًا ليدخل دخولاً ظاهرًا في الآية.
طالب: "وأدخل أبو عبيد من كان في مصلحة عامة في العاملين، وأشار إليه البخاري حيث قال: باب رزق الحاكم والعاملين عليها".
وجعل الحاكم يأخذ من الزكاة.
طالب: "وأراد بالرزق ما يُرزَقه الإمام من بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين".
لكن لنعلم أنه لا يأخذ أكثر من حاجته، وقد فُرض لأبي بكر -رضي الله عنه- أول ما تولى الخلافة وانقطع عن التجارة صار بحاجة إلى أن يأخذ من بيت المال؛ لأنه انقطع لمصالح المسلمين، وفرض له مبلغ يسير يكفيه يومه وليلته، وكان في بعض الروايات أنه فُرض له نصف شاة يوميًّا.
طالب: "لمن يقوم بمصالح المسلمين كالقضاء والفتيا والتدريس فله الأخذ من الزكاة فيما يقوم به مدة القيام بالمصلحة وإن كان غنيًّا. قال الطبري إنه ذهب الجمهور إلى جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم؛ لأنه يشغله الحكم عن القيام بمصالحه، غير أن طائفةً من السلف كرهوا ذلك، ولم يحرموه".
ومسألة جواز أخذ الأجرة غير كون هذه الأجرة من الزكاة، جواز أخذ الأجرة نعم الجمهور على جواز أخذ الأجرة وإن كان الورع ترك أخذ الأجرة على تعليم أمور الدين، وعلى الفصل بين الناس وحل منازعاتهم، وعلى إمامتهم، فجاء في الحديث الصحيح: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» يدل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وفي حكمه: تعليم الحديث وتعليم الفقه وتعليم سائر العلوم، يعني من باب أولى، لكن مسألة كون هذا الرّزق من الزكاة هذه المسألة التي فيها كلام.
طالب: "وقالت طائفة: أخذ الرّزق على القضاء إن كانت جهة الأخذ من الحلال كان جائزًا إجماعًا، ومن تركه فإنما تركه تورعًا، وأما إذا كانت هناك شبهة فالأولى الترك، ويحرم إذا كان المال يؤخذ لبيت المال من غير وجهه".
إذا كان بيت المال يأخذ من أموال الناس ما لا يحل أخذه، كأن يأخذ في مقابل الحدود مثلاً، يعني ميزانية بيت المال مبناها على الأخذ في مقابل الحدود، هذا لا يجوز، حينئذٍ يكون سحتًا، فلا يجوز رَزق العلماء والقضاء والمعلمين وغيرهم منه، فلا يجوز أخذه، وإن كان ما يؤخذ من المصارف التي لا تجوز شيء يسير، والغالب فيه أنه حلال فحينئذٍ الأمر فيه سعة.
طالب: "واختلف إذا كان الغالب حرامًا. وأما الأخذ من المتحاكمين ففي جوازه خلاف، ومن جوزه فقد شرط له شرائط، ويأتي ذكر ذلك في باب القضاء".
نعم من شرائطه أن يستويا في الدفع، إذا حكَّما رجلاً قالا: نريد أن تحكم بيننا في هذه المسألة، قال: نعم، لكن عليك درهم، وعلى فلان درهم، ما يأخذ من أحدهما دون الآخر، أو يأخذ من هذا درهمين، وهذا درهمًا، لماذا؟ لأنه يخشى أن يجور في القضية مع من زاد.
طالب: "وإنما لما تعرض له الشارح هنا تعرضنا له".
بلا شك، نعم.
طالب: "وعن عبد الله بن عدي بن الخيار -رضي الله عنه- بكسر الخاء المعجمة".
طالب: عبيد الله.
عبيد الله، نعم هذا من كبار التابعين، وُلد في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، من كبار التابعين.
طالب: "وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار بكسر الخاء المعجمة فمثناة تحتية، آخره راء، وعبيد الله يقال: إنه وُلد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعد في التابعين".
يعني من كبارهم من كبار التابعين، لما ولد وحشي بن حرب كان عندهم، كأنه مستخدم عندهم، عند عدي بن الخيار وهو في المهد عبيد الله وله أمه على الدابة على البعير، فلما طعن عبيد الله في السن، وكان وحشي قد بلغ من الكبر مبلغًا بحيث صار يقصد ليرى من هذا الرجل الذي قتل حمزة وقتل مسيلمة وفعل وترك، كبير السن جدًّا، فلما رأى عبيد الله متلثمًا جاء عبيد الله لينظر إلى وحشي وهو متلثم فقال: أنت ابن عدي بن الخيار؟ قال: نعم، قال: وما يدريك؟ قال: ناولت أمك وأنت في المهد، وعرفت رِجلك! الكلام هذا صار له سبعون سنة، وعرف رِجله من أول ما كان في المهد، والله المستعان.
طالب: "أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألانه من الصدقة فقلب فيهما النظر".
«رجلين» هذا مبهم، عبيد الله بن عدي بن الخيار يروي عن هذين المبهمين، والإبهام جهالة، بل أشد أنواع الجهالة، وهنا هما من الصحابة، وجهالة الصحابي لا تضر؛ لأنهما أتيا النبي -عليه الصلاة والسلام- فهما صحابيان.
طالب: "«فقلب فيهما النظر» فسرت ذلك الرواية الأخرى بلفظ: «فرفع فينا النظر وخفضه»، «فرآهما جلدين فقال: إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها»".
رآهما جلدين يعني قويين قادرين على العمل وعلى الارتزاق.
طالب: "«فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيهما لغني ولا لقوي مكتسب»، رواه أحمد، وقواه أبو داود والنسائي".
نعم «إن شئتما أعطيتكما» الحكم إليكما «إن شئتما أعطيتكما» مع أن هذا الواقع وهذا الحكم أنها «لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب» إن شئتما فخذا وإن شئتما فدعا، لما بين لهما الحكم ترك الأمر إليهما، ولا شك أن مثلهما لن يأخذ بعد حكمه -عليه الصلاة والسلام- أنها لا تحل لهما.
طالب: "قال أحمد بن حنبل: ما أجوده من حديث، وقوله: «إن شئتما» أي أن أخذ الصدقة ذلة، فإن رضيتما بها أعطيتكما، أو أنها حرام على الجلد، فإن شئتما تناول الحرام أعطيتكما، قاله توبيخًا وتغليظًا. والحديث من أدلة تحريم الصدقة على الغني، وهو تصريح بمفهوم الآية".
بمفهوم الآية؛ لأن منطوق الآية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] فمفهومها أنها ليست للأغنياء.
طالب: "وهو تصريح بمفهوم الآية، وإن اختلف في تحقيق الغني كما سلف، وعلى القوي المكتسب؛ لأن حرفته صيرته في حكم الغني، ومن أجاز له تأول الحديث بما لا يقبل".
القوي المكتسب، كثير من الموظفين في منتصف الشهر أو في يوم عشرة من الشهر في حكم الفقير، لكنه قوي مكتسب، يداوم، ولا عنده إشكال، وفي نهاية الشهر يأخذ أجره، هل نقول في يوم عشرة في يوم اثني عشر تأخذ الزكاة؛ لأنه ما عندك ما تنفق؟ لا، أنت قوي مكتسب في حكم الواجد.
طالب: "وعن قَبيصة بفتح القاف فموحدة مكسورة فمثناة تحتية فصاد مهملة، ابن مخارق بضم الميم فخاء معجمة فراء مكسورة بعد الألف فقاف، الهلالي، وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- عداده في أهل البصرة، روى عنه ابنه قَطِن"؟
قَطَن، نعم.
طالب: "روى عنه ابنه قَطَن وغيره قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل» بالكسر بدلاً من ثلاثة".
بدل بعض من كل، ويصح رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هم رجل ورجل إلى آخره، نعم.
طالب: "ويصح رفعه بتقدير أحدهم، «تحمل حمالةً» بفتح الحاء المهملة: وهو المال يتحمله الإنسان عن غيره، «فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة»".
إذا تحمل حمالة بأن استدان لإصلاح ذات البين مثلاً، فإنه يجوز له أن يأخذ الزكاة؛ ليسدد هذا الدين، فهذا غارم، لكنه لحظ غيره، وكما أنها تجوز الزكاة للغارم لحظ نفسه إذا استدان لزواج، لشراء بيت، أو ما أشبه ذلك، يأخذ من الزكاة.
طالب: "«ورجل أصابته جائحة» أي آفة «اجتاحت» أي أهلكت «ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قِوامًا» بكسر القاف، «ما يقوم بحاجته وسد خلته من عيش» قوامًا من عيش، «ورجل أصابته فاقة» أي حاجة «حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا» بكسر المهملة والجيم مقصور".
من ذوي العقل، أصابته فاقة، حاجة، فلا بد أن يُحضر البينة التي تشهد له، البينة نصابها في هذا الحديث ثلاثة، ولا يكفي اثنان ولا واحد، وهذا فيمن ادعى خلاف ظاهره، الذي ظاهره الغني أو عُرف بغنى سابق، ثم ادعى أنه أصابته جائحة، أصابته فاقة، فإذا عُرف على خلاف دعواه فإنه لا بد من أن يُحضر البينة، وهم ثلاثة أن يكونوا من ذوي الحجا، من ذوي العقل، أما إذا ادعى الفقر وهو لم يُعرف بغنى يُصدق ولا يُلزم ببينة.
طالب: .......
إن احتاج المحتاج نعم.
طالب: .......
نعم، «ثلاثة من ذوي الحجا» يعني العقول، المرأة ناقصة في هذا الباب فلا تكفي.
طالب: "«ثلاثة من ذوي الحجا» بكسر المهملة والجيم مقصور العقل «من قومه» لأنهم أخبر بحاله «يقولون أو قائلين لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا» بكسر القاف «من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سُحت» بضم السين المهملة «يأكلها» أي الصدقة أُنث".
«يأكلها» ما قال: سحت يأكله، إنما قال: «سحت يأكلها» يعني الصدقة، ولو قال: يأكله أي يأكل هذا السحت فلا بأس.
طالب: "أُنث؛ لأنه جعل السحت عبارةً عنها، وإلا فالضمير له".
الضمير للسحت، نعم.
طالب: "«من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سُحت يأكلها سحتًا» السحت الحرام الذي لا يحل كسبه؛ لأنه يسحت البركة أي: يذهبها. رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان، الحديث دليل على أنها تحرم المسألة إلا لثلاثة: الأول لمن تحمل حمالةً، وذلك أن يتحمل الإنسان عن غيره دينًا أو ديةً، أو يصالح بمال بين طائفتين فإنها تحل له المسألة".
إذا تحمل دينًا عن غيره يأتي فيقول: أنا أتحمل الدين عن فلان، هل للغني أن يقول: لماذا تتحمل عن فلان؟
طالب: ....... أسباب الدين ....
كيف؟
يسأل عن أسباب الدين يقول: أنت تحملت عن فلان، ما الذي أدخلك؟ هذا من باب التكافل والتعاون بين المسلمين، ولا سيما إذا كان فلان المتحمل عنه لا يستطيع السداد بحال من الأحوال، أو والد مثلاً أو توفي وعليه دين فتحمله غيره، كل هذا من باب الإصلاح.
طالب: .......
كيف؟
طالب: .............
يعني هل للضامن أو الكفيل أن يعطي المضمون من زكاته أو يسأل له الزكاة؟
لا، لماذا؟
لأنه يحمي بها ماله.
طالب: .......
المكفول يتسبب.
طالب: .......
طالب: الصورة يا شيخ الذي دفع هو من مال .......
هو يحمي ماله بلا شك، لكن لو صار غارمًا له، لزيد عند عمرو مبلغ من المال، صار زيد يسأل الزكاة لعمرو؛ من أجل أن يسدد له المبلغ، يصلح أم ما يصلح؟
طالب: ....... الكفيل يسأل للمكفول.
يسأل للمكفول.
طالب: الصورة .......
هو يحفظ ماله من الضياع، يقي بها ماله.
طالب: هو ليس محتاجًا لزكاة بصرف النظر هو للكفيل أو غيره، هو مدين، عليه دين بدون ....... يأخذ من الزكاة.
لماذا لا يدفع زكاته إليه؟
يسعه أن تعطيه زكاتك حتى يسدد لك؟
طالب: هو ما سدد لي سدد لنفسه.
لا افترض أنه يسدد لك، أنت تطلبه فقلت: فرصة من أجل إبراء ذمته.
طالب: .......
لا، من أجل إبراء ذمته نفس الصورة وتلك حيلة.
طالب: .......
من أجل الضمان عن نفسك.
طالب: ....... وأنا كفيله الذي تطلبه الوكالة لست أنا، صح أنه إذا ما دفع أنا سأدفع .......
لا أنت الغارم في النهاية.
طالب: يا شيخ حتى معاونته على أخذ الزكاة أو .......
حتى تفك نفسك، هو إذا سلمت المسألة من التحايل فلا بأس.
طالب: "وظاهره وإن كان غنيًّا فإنه لا يلزمه تسليمه من ماله، وهذا هو أحد الخمسة الذين يحل لهم أخذ الصدقة، وإن كانوا أغنياء كما سلف في حديث أبي سعيد".
نعم.
طالب: "والثاني من أصاب ماله آفة سماوية أو أرضية".
يعني جائحة.
طالب: "كالبرد والغرق ونحوه بحيث لم يبق له ما يقوم بعيشه حلت له المسألة حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلته.
والثالث من أصابته فاقة، ولكن لا تحل له المسألة إلا بشرط أن يشهد له من أهل بلده؛ لأنهم أخبر بحاله ثلاثة من ذوي العقول لا من غلب عليه الغباوة والتغفيل، وإلى كونهم ثلاثةً ذهبت الشافعية للنص، فقالوا: لا يقبل في الإعسار أقل من ثلاثة. وذهب غيرهم إلى كفاية الاثنين قياسًا على سائر الشهادات، وحملوا الحديث على الندب".
يعني الحديث نص في أنه لا يقبل إلا ثلاثة: «حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا».
طالب: .......
تدري أنت؟
طالب: لا أنا أسأل.
ماذا؟
طالب: .......
هذا معمول به؟
طالب: .......
ثلاثة، نعم.
طالب: "ثم هذا محمول على من كان معروفًا بالغنى ثم افتقر".
نعم إذا كان حاله أو ظاهره خلاف دعواه أو عُرف عنه ما يخالف دعواه.
طالب: "أما إذا لم يكن كذلك فإنه يحل له السؤال وإن لم يشهدوا له بالفاقة يقبل قوله، وقد ذهب إلى تحريم السؤال ابن أبي ليلى وأنها تسقط به العدالة، والظاهر من الأحاديث تحريم السؤال إلا للثلاثة المذكورين أو أن يكون المسئول السلطان كما سلف".
نعم، السلطان لا بأس أن يُسأل من بيت المال؛ لأن السائل له شبهة حق في بيت المال، والسلطان لا يعطي من ماله، إنما يعطي من المال المشاع عنده في بيت المال.
طالب: .......
إذا كان من ماله فهو كغيره، إذا كان من ماله الخاص فهو كغيره.
طالب: "وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم سكن المدينة، ثم تحول عنها إلى دمشق ومات بها سنة اثنتين وستين".
عبد المطلب هذا صحابي، هكذا اسمه، أو المطلب؟
طالب: .............
نعم.
طالب: .............
أقول: اسمه عبد المطلب أو المطلب؟ روايته في مسلم، حديثه في مسلم.
طالب: عبد المطلب.
نعم.
طالب: .............
لكن الصواب في اسمه؟
طالب: .............
لأنه إذا كان اسمه عبد المطلب فلقائل أن يقول: لماذا لم يغير النبي -عليه الصلاة والسلام- اسمه كما غير غيره؟
طالب: .......
لا لا، ما فيه إلا قول ابن حزم، أبدًا ما فيه إلا قول ابن حزم، ولا استدل بهذا، استدل بقول النبي- عليه الصلاة والسلام-: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب»، كونه انتسب إليه فتجوز التسمية بعبد المطلب، هذا لا يمكن تغييره إذا مات، أو ترتب عليه آثار إذا مات، لكن هذا موجود في حياته، فلم لم يغيره النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
التهذيب موجود، الأول، الأول، نريد التهذيب.
طالب: .............
ماذا؟
طالب: .............
أنا أقول لك التهذيب، لكن هذا التقريب هاته الأول، ما هو؟
عبد المطلب بن ربيعة صحابي سكن الشام ومات سنة اثنتين وستين، ويقال: اسمه المطلب. ننتقل إلى التهذيب كان يذكر الأقوال. هو الظاهر أن اسمه المطلب، وليس عبد المطلب؛ لأنه لو كان كذلك لغيره النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: .......
الإصابة، الإصابة.
طالب: .............
لا موجود موجود كله والتهذيب بالدرج السفلى؟
طالب: .......
لا، يؤتى به.
طالب: "وكان قد أتى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطلب منه أن يجعله عاملاً على بعض الزكاة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث وفيه قصة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس»".
وهو من الآل.
طالب: "هو بيان لعلة التحريم، وفي رواية أي لمسلم عن عبد المطلب «وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد»، رواه مسلم، فأفاد أن لفظ لا تنبغي أراد به لا تحل فيفيد التحريم أيضًا، وليس لعبد المطلب المذكور في الكتب الستة غير هذا الحديث، وهو دليل على تحريم الزكاة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله، فأما عليه".
إجماع عليه، بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- أنه لا تحل له الصدقة هذا محل إجماع بين أهل العلم، والجمهور على تحريمها على الآل، وهو الصواب، وإن اختلفوا في المراد بالآل، هل هم بنو المطلب وبنو هاشم، أو بنو هاشم فقط.
طالب: "فأما عليه -صلى الله عليه وسلم- فإنه إجماع، وكذا ادعى الإجماع على حرمتها على آله أبو طالب وابن قدامة".
أبو طالب من الزيدية، وابن قدامة صاحب المغني كما هو معروف، نعم.
طالب: "ونُقل الجواز عن أبي حنيفة، وقيل: إن مُنعوا خمس الخمس والتحريم هو الذي دلت عليه الأحاديث".
إن مُنعوا خمس الخمس، واضطروا إلى الزكاة، فحينئذٍ يكون حكمه حكم المضطر كأكل الميتة، نعم.
طالب: "والتحريم هو الذي دلت عليه الأحاديث ومن قال بخلافها قال متأولاً لها ولا حاجة للتأويل، وإنما يجب التأويل إذا قام على الحاجة إليه دليل، والتعليل بأنها أوساخ الناس قاض بتحريم الصدقة الواجبة عليهم لا النافلة؛ لأنها هي التي يطهر بها من يخرجها".
نعم بالنسبة للزكاة المفروضة هي التي يتطهر بها مُخرجها؛ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ}، فدل على أن الممنوع هو الصدقة الواجبة دون المندوبة، وإن قال جمع من أهل العلم بأن المندوبة تدخل أيضًا.
طالب: "كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103]، إلا أن الآية نزلت في صدقة النفل، كما هو معروف في كتب التفسير. وقد ذهب طائفة إلى تحريم صدقة النفل أيضًا على الآل، واخترناه في حواشي ضوء النهار؛ لعموم الأدلة".
النص يشمل، نعم.
طالب: "وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- كرم آله عن أن يكونوا محلاً للغسالة وشرفهم عنها، وهذه هي العلة المنصوصة، وقد ورد التعليل عند أبي نعيم مرفوعًا بأن لهم في خمس الخمس ما يكفيهم ويغنيهم، فهما علتان منصوصتان، ولا يلزم من منعهم عن الخمس أن تحل لهم".
لأنه انتفت علة، وبقيت علة أخرى؛ لكون العلة أن لهم في الخمس ما يكفيهم إذا وُجد من الخمس ما يكفيهم بقيت العلة الأخرى التي لم تنتف، وهي أنها أوساخ الناس، لكن يبقى أن الضرورة تقدر بقدرها.
طالب: "فإن من منع الإنسان عن ماله وحقه لا يكون منعه له محللاً ما حرم عليه، وقد بسطنا القول في رسالة مستقلة. وفي المراد بالآل خلاف، والأقرب ما فسرهم به الراوي وهو زيد بن أرقم بأنهم آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل. انتهى".
هذا هو الصواب يا شيخ .......؟
هذا عنده، لكن الصواب تعميمها في بني هاشم وبني المطلب، بنو هاشم وبنو المطلب لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام.
طالب: "قلت: ويريد وآل الحارث بن عبد المطلب لهذا الحديث".
نعم؛ لأن عبد المطلب هذا المذكور الراوي منهم، وهو نفسه في الموضوع.
طالب: ويريد أو يزيد؟
ويزيد، يزيد نعم.
طالب: "قلت: ويزيد وآل الحارث بن عبد المطلب لهذا الحديث، فهذا تفسير الراوي وهو مقدم على تفسير غيره، فالرجوع إليه في تفسير آل محمد هنا هو الظاهر؛ لأن لفظ الآل مشترك وتفسير راويه دليل على المراد من معانيه".
قد يقول قائل: إن تفسير الراوي من باب التمثيل، ولا يريد بذلك الحصر، وحينئذٍ يكون المراد بالآل أعم مما ذكره الراوي، علمًا بأن الآل يختلف المراد بهم من نص إلى آخر، يعني في التشهد مثلاً جاء تفسيره بأنهم أزواجه وذريته، والآل آل محمد عند الإطلاق أتباعه على دينه في بعض المواضع، فالمقصود أن المراد بالآل يختلف من نص لآخر، وهنا المراد بهم في قول الأكثر بنو هاشم وبنو المطلب.
طالب: "فهؤلاء الذين فسّرهم به زيد بن أرقم وهو في صحيح مسلم، وإنما تفسيرهم هنا ببني هاشم اللازم منه دخول من أسلم من أولاد أبي لهب".
لكن التفسير ليس بمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما هذا رأيه، رأي زيد بن أرقم، نعم.
طالب: "وإنما تفسيرهم هنا ببني هاشم اللازم منه دخول من أسلم من أولاد أبي لهب ونحوهم فهو تفسير الراوي، وكذلك يدخل في تحريم الزكاة عليهم بنو المطلب بن عبد مناف كما يدخلون معهم في قسمة الخمس كما يفيده، وهو قوله: وعن جبير- بضم الجيم وفتح الباء الموحدة وسكون الياء التحتية- ابن مطعم -بضم الميم وسكون الطاء وكسر العين المهملة- ابن نوفل بن عبد مناف القرشي أسلم قبل الفتح، ونزل المدينة، ومات بها سنة أربع وخمسين، وقيل: غير ذلك، قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة؟".
لأنهم من أبناء عبد مناف.
طالب: "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما بنو المطلب وبنو هاشم» المراد ببني هاشم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس وآل الحارث، ولم يُدخل آل أبي لهب في ذلك".
في وقته لم يكن أسلم منهم أحد.
طالب: "لأنه لم يسلم منها في عصره -صلى الله عليه وسلم- أحد، وقيل: بل أسلم منهم عتبة ومُعَتِّب أبناء أبي لهب".
ابنا ابنا، اثنان، نعم.
طالب: "ابنا أبي لهب وثبتا معه -صلى الله عليه وسلم- في خيبر «إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد»، رواه البخاري. الحديث دليل على أن بني المطلب يشاركون بني هاشم في سهم ذوي القربى وتحريم الزكاة أيضًا دون من عداهم، وإن كانوا في النسب سواءً، وعلَّله -صلى الله عليه وسلم- باستمرارهم على الموالاة كما في لفظ آخر تعليله: «بأنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام»، فصاروا كالشيء الواحد في الأحكام، وهو دليل واضح في ذلك، وذهب إليه الشافعي، وخالفه الجمهور وقالوا: إنه -صلى الله عليه وسلم- أعطاهم على جهة التفضل لا الاستحقاق، وهو خلاف الظاهر، بل قوله: «شيء واحد» دليل على أنهم يشاركونهم في استحقاق الخمس وتحريم الزكاة.
واعلم أن بني المطلب هم أولاد المطلب بن عبد مناف، وجبير بن مطعم من أولاد نوفل بن عبد مناف، وعثمان من أولاد عبد شمس بن عبد مناف، فبنو المطلب وبنو عبد شمس وبنو نوفل".
درجة واحدة، نعم.
طالب: "أولاد عم في درجة واحدة، فلذا قال عثمان وجبير بن مطعم للنبي -صلى الله عليه وسلم- إنهم وبنو المطلب بمنزلة واحدة؛ لأن الكل أبناء عم".
درجة واحدة نعم، جدهم واحد.
طالب: .......
هذا الأصل بنو هاشم وبنو المطلب كلهم.
طالب: "وعن أبي رافع، وأبو رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قيل: اسمه إبراهيم، وقيل: هرمز، وقيل: كان للعباس فوهبه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما أسلم العباس بشر أبو رافع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسلامه فأعتقه، مات في خلافة علي كما قاله ابن عبد البر. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلاً على الصدقة أي على قبضها من بني مخزوم اسمه الأرقم فقال لأبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها فقال: حتى آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله فأتاه فسأله فقال: «مولى القوم من أنفسهم»".
وهو مولى لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- فالزكاة لا تحل له.
طالب: "«وإنها لا تحل لنا الصدقة»، رواه أحمد والثلاثة وابن خزيمة وابن حبان. الحديث دليل على أن حكم مولى آل محمد -صلى الله عليه وسلم- حكمهم في تحريم الصدقة، قال ابن عبد البر في التمهيد: إنه لا خلاف بين المسلمين في عدم حل الصدقة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولبني هاشم ولمواليهم، انتهى".
والخلاف في بني المطلب، نعم.
طالب: "وذهبت جماعة إلى عدم تحريمها عليهم لعدم المشاركة في النسب".
على الموالي يعني قصده الموالي، نعم.
طالب: "ولأنه ليس لهم في الخمس سهم، وأجيب بأن النص لا تُقدم عليه هذه العلل فهي مردودة فإنها ترفع النص".
فإنها؟
طالب: تدفع؟ هنا "ترفع".
لا لا، كمل.
طالب: .......
نعم.
طالب: ....... ترفع النص.
ترفع عندك؟ كيف ترفع النص؟ ما معنى ترفع النص؟ يعني مضمونها يقضي برفع النص، نعم ماذا فيه؟
طالب: .......
ترفع النص؟
الذي بعده.
طالب: "فإنها ترفع النص، قال ابن عبد البر: هذا خلاف الثابت من النص، ثم هذا نص على تحريم العمالة على الموالي، وبالأولى على آل محمد -صلى الله عليه وسلم-".
لأنه إذا مُنع المولى؛ لأنه منهم فمنعهم من باب أولى.
طالب: العمالة يعني ما يكون عاملًا عليها؟
ولا يكون عاملًا لا.
طالب: "لأنه أراد الرجل الذي عرض على أبي رافع أن يوليه على بعض عمله الذي ولاه النبي- صلى الله عليه وسلم- فينال عمالةً، لا أنه أراد أن يعطيه من أجرته، فإنه جائز لأبي رافع أخذُه إذ هو داخل تحت الخمس الذين تحل لهم؛ لأنه قد ملك ذلك الرجل أجرته فيعطيه من ملكه، فهو حلال لأبي رافع".
نعم وليس أخذه من الزكاة وإنما أخذه من الأجرة.
طالب: "فهو نظير قوله فيما سلف: «ورجل تُصدق عليه منها فأهدى منها»".
يعني استحالت بملك المستحق لها استحالت من كونها زكاة.
طالب: "وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعطي عمر العطاء فيقول: «أعطه أفقر مني، فيقول: خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف» بالشين المعجمة والراء والفاء من الإشراف وهو التعرض للشيء والحرص عليه".
نعم، الاستشراف للشيء والتطلع إليه هذا هو الممنوع، لكن إذا جاء المال وأنت غير متطلع إليه فخذه بالشرط المعروف عند أهل العلم أن لا يكون ثمنًا لشيء مقصود للباذل ولو لم يصرح به؛ لأن الباذل قد يكون له هدف من دفع هذا المال من غير طلب ولا استشراف، ولو لم يصرح به إذا عُرف من خلال القرائن أن هذا المال يريد به شيئًا، يريد له أن تشهد له شهادة زور مثلاً، أو يكون من أهل العلم، ويريد أن تتنازل عن بعض الأشياء وتداهن هذا المعطي، أو يكون قاضيًا فيعطيه الخصم ولو لم يكن مصرحًا بأن له خصومة، وما أشبه ذلك.
على كلٍّ إذا دلت القرائن على أن المعطي الباذل له قصد، وله هدف من هذا العطاء فإنه حينئذٍ يتوقف، ولذا قال أبو ذر كما في صحيح مسلم: وأما إذا كان ثمنًا لدينك فلا. ولو كان من غير استشراف.
طالب: "«وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك» أي لا تعلقها بطلبه، رواه مسلم، الحديث أفاد أن العامل ينبغي له أن يأخذ العمالة ولا يردها، فإن الحديث في العمالة كما صرح به في رواية مسلم".
يعني هذا الحديث مختص بالعاملين؟
نعم
طالب: كذا يا شيخ؟
اللفظ صحيح نعم.
طالب: "والأكثر على أن الأمر في قوله: «فخذه» للندب، وقيل: للوجوب".
وليس للوجوب، الأصل في الأمر الوجوب، لكن هذا للندب، ولو قيل بأنه للإباحة لما بعد؛ لأنه أمر بعد حظر.
طالب: "وقيل: للوجوب، قيل: وهو مندوب في كل عطية يعطاها الإنسان فإنه يُندب له قبولها بالشرطين المذكورين في الحديث. هذا إذا كان المال الذي يعطيه منه حلالاً. وأما عطية السلطان الجائر وغيره ممن ماله حلال وحرام".
في الغالب، نعم.
طالب: "والأكثر على أن الأمر في قوله: «فخذه» للندب، وقيل: للوجوب".
لأن الأصل في الأمر الوجوب، والجماهير على أنه للندب، لا يلزم من بُذل له مال من غير طلب ولا استشراف أن يقبله، ولو قيل بأنه للإباحة؛ لأنه بعد الحظر، بعد المنع من الأخذ من أموال الناس فلا يبعد.
طالب: "قيل: وهو مندوب في كل عطية يُعطاها الإنسان فإنه يُندب له قبولها بالشرطين المذكورين في الحديث. هذا إذا كان المال الذي يعطيه منه حلالاً. وأما عطية السلطان الجائر وغيره ممن ماله حلال وحرام فقال ابن المنذر".
نعم، مثل السلطان الجائر الذي يفرض الضرائب على الناس والمكوس إذا كان غالب بيت المال من هذا الدخل فإنه لا يؤخذ منه شيء؛ لأن الحكم للغالب، مثله لو كان شخص من آحاد الناس وغالب تجارته من المحرمات من ربا بيع خمور ومسكرات ومخدرات فإنه لا يجوز الأخذ منه، نعم.
طالب: "فقال ابن المنذر: إن أخذها جائز مرخص فيه، قال: وحجة ذلك أنه تعالى قال في اليهود: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42]، وقد رهن -صلى الله عليه وسلم- درعه من يهودي مع علمه بذلك، وكذا أخذ الجزية منهم مع علمه بذلك، وإن كثيرًا من أموالهم من ثمن الخنزير والمعاملات الباطلة. انتهى".
ما علاقة رهن النبي -عليه الصلاة والسلام- درعه عند يهودي وهو أكال للسحت كما وصف الله بقبول الهبة والهدية والصلة والعطاء ممن هذه صفته؟
المعاملة، البيع والشراء له حكم، والأكل من ماله وقبول هديته له حكم آخر، تشتري وتبيع مع اليهودي والنصراني ومن يرابي، يعني لو قدر أن شخصًا جالبًا سيارته للسوق، وأنت تعرف أنه في بنك يكتب العقود ويأخذ الفوائد تقول: لا، هذا أكثر كسبه حرام، ما أشتري سيارته، الرسول -عليه الصلاة والسلام- رهن درعه؛ لأنه اشترى منه حاجة، فالبيع والشراء غير قبول الهبة والعطية وإجابة الدعوة، كل هذا إذا كان من غير مقابل فله حكم، لا تجوز إجابة دعوته وغالب ماله حرام، ولا تقبل هديته وحاله كذلك ولو كان سلطانًا، إذا كان غالب ماله من المحرمات، نعم إذا كان مخلطًا فيه وفيه فلا شك أن مثل هذا الورع تركه، ترك صلته، وترك إجابة دعوته، ولا تقبل هديته؛ ردعًا له، ولكن الحكم بالتحريم مع أن الحرام أقل من الحلال مسألة أخرى.
طالب: "وفي الجامع الكافي إن عطية السلطان الجائر لا ترد؛ لأنه".
مُعرف الجامع الكافي هذا، فيه تعريف له هنا؟
طالب: "إن عطية السلطان الجائر لا ترد؛ لأنه إن علم أن ذلك عين مال المسلم وجب قبوله وتسليمه إلى مالكه".
نعم، لو قدرنا أن السطان صادر سيارة شخص بغير حق، ثم أهداها لزيد من الناس، نقول: يلزمه قبولها، يأخذ هذه الهدية من السلطان، ويقبلها منه، لماذا؟ ليستعملها، لا ليردها إلى صاحبها، نعم.
طالب: "وإن كان ملتبسًا فهو مظلمة يصرفها على مستحقها، وإن كان ذلك عين مال الجائر ففيه تقليل لباطله وأخذ ما يستعين بإنفاقه على معصيته، وهو كلام حسن جارٍ على قواعد الشريعة، إلا أنه يشترط في ذلك أن يأمن القابض على نفسه من محبة المحسن الذي جبلت النفوس".
لكن متى يرتدع هذا الجائر إذا أجيبت دعوته، وقبلت هديته؟ متى يرتدع لا سيما إذا كان يقبلها أشراف الناس وساداتهم؟ لا يرتدع، ولا يرعوي، إذا كان يظلم الناس ويأخذ من أموالهم ويهديها على رءوس القوم، لا، مثل هذا يُردع برد هديته، ويردع برد هبته، ولا تجاب دعوته؛ ردعًا له، نعم إن لم يُخف شره، إن خيف شره هذه مسألة أخرى.
طالب: .......
نعم، يقول: يلزم قبولها؛ من أجل أن ترد على صاحبها، كأنه قبلها ليخلصها من يد السلطان فيردها إلى صاحبها.
طالب: "وهو كلام حسن جارٍ على قواعد الشريعة، إلا أنه يشترط في ذلك أن يأمن القابض على نفسه من محبة المحسن الذي جُبلت النفوس على حب من أحسن إليها".
لا شك أن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، ولذا جاء في الأثر: «اللهم لا تجعل حاجتي عند فاسق فيوده قلبي»، فإذا هذا الظالم وهذا الجائر إذا أحسن إلى شخص أو أشخاص فلا بد أن يميل إليه قلبه.
طالب: "وأن لا يوهم الغير أن السلطان على الحق حيث قبض ما أعطاه، وقد بسطنا في حواشي ضوء النهار".
نعم، لا شك أن قبول هبته وقبول هديته وإجابة دعوته توهم الناس أنه على حق، ولو كان على باطل هُجر في الله -سبحانه وتعالى- أو هجر ولم تُجب دعوته، ولم تُقبل هديته إلى غيره ذلك، نعم.
طالب: "وقد بسطنا في حواشي ضوء النهار في كتاب البيع ما هو أوسع من هذا".
كتاب الصيام..
نبدأ في الصيام أم ..؟
طالب: .......