شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (41)

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح ألفية الحافظ العراقي (41)

(تخريج الساقط - التصحيح والتمريض وهو التضبيب - الكشط والمحو والضرب)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال -رحمه الله-:

تخريج الساقط

ويكتب الساقط وهو اللحق
ما لم يكن آخر سطر وليكن
وخرجنَّ للسقط من حيث سقط
وبعده اكتب صح أو زد رجعا
وفيه لبس ولغير الأصل
ولعياض: لا تخرِّج ضبب

 

 

حاشية إلى اليمين يلحق
لفوق والسطور أعلى فحسُن
منعطفًا له وقيل: صل بخط
أو كرر الكلمة لم تسقط معا
خرج بوسط كلمة المحل
أو صححن لخوف لبس وأُبي

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

لما ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- آداب الكتابة، كتابة الحديث، وضبط الحديث ذكر –أيضًا- المقابلة بعد الكتابة، وفي أثناء هذه المقابلة يتضح أمور للناسخ إما نقص كلمات، أو أسطر، أو زيادة، فالنقص يسمى سقطًا، وكتابته تسمى لحقًا.

يقول: كيف يخرج الساقط؟

كتاب لما كتب قوبل، وعورض على أصله وجد فيه أسقاط لكلمات، أو جمل، أو أسطر، قال -رحمه الله تعالى-:

ويكتب الساقط وهو اللحق
 

 

حاشية إلى اليمين يلحق
 

يعني تخرج لهذا الساقط كلمة سقطت، أو جملة سقطت، أو سطر سقط، أو أسطر سقطت تخرج لها، بمعنى أن تجعل في موضعها من السطر بين الكلمتين التي هذا السَّقَط يوجد بينهما، سواءً كان مثلما قلنا: كلمة، أو جملة، أو سطر، أو أسطر، تخرج لها بأن تنشئ خطًّا من أسفل بين الكلمتين يرتفع إلى أعلى ثم ينعطف يمينًا لتكتب هذا الساقط في الجهة اليمنى من الصفحة، يقول:

ويكتب الساقط وهو اللحق
 

 

حاشية إلى اليمين يلحق
 

يعني تبدأ باليمين ما تبدأ بالشمال؛ لأن الصفحة فيها بياض، وفراغ من جهة اليمني، وفراغ من جهة اليسار، تكتب إلى اليمين لماذا؟ لاحتمال أن يوجد سقط آخر، فتضطر إلى كتابته في جهة اليسار، لماذا لا يكون اللحق الأول -السقط الأول- يكتب في جهة اليسار، ثم بعد ذلك إن تبين سقط آخر يكتب إلى جهة اليمين؟ يعني لو كان هذا السقط في السطر في موضعين الأصل أن تكتب إلى جهة اليمين سواءٌ سقط ثان، أو لم يسقط، لماذا؟ لأن اليسار عرضة، عرضة للتجليد مثلًا، فيضيع بين الأوراق، الأمر الثاني أنه إذا وجد سقط ثانٍ فإن كتبت الأول في اليمين، والثاني في الشمال ما فيه إشكال، يعني لن تلتقي هذه التخريجات لكن إن كتبت الأول في الشمال خرجت له، والمنعطف إلى جهة الشمال، ثم الثاني إلى جهة اليمين، فإذا كانا متقاربين التقت رؤوسهما، فيظن أنه تضبيب على هاتين الكلمتين، تضبيب على ما سيأتي في التصحيح والتمريض إلى آخره، على حسب اختلاف المقاصد منه، على كل حال هذا هو الأصل أن تكتب الحاشية في الجهة اليمين سواءً وجدت الثانية، أو لم توجد، إن وجدت حاشية ثانية لسقط، تخريج ثان لسقط آخر يكتب إلى جهة اليسار.

يقول:

...................................

ما لم يكن آخر سطر ...........
 

 

حاشية إلى اليمين يلحق
...................................

إذا كان هذا السقط في آخر السطر أمنا أن يكون فيه سقط آخر، وكل ما قرب كتابة اللحق والسقط من موضعه فهو أولى، إذا كان آخر السطر، وخرجنا له إلى جهة اليسار صار قريبًا منه، بينما لو خرجنا له إلى جهة اليمين صار بعيدًا عنه.

ما لم يكن آخر سطر وليكن
 

 

لفوق ......................
 

تكون الكتابة لفوق، أنت الآن خرَّجت أتيت بخط بين الكلمتين موضع السقط، ارتفعت به إلى جهة العلو بحيث يتجاوز الحرف الأخير من الكلمة ثم تعطفه إلى جهة اليمين، أو إلى جهة الشمال على حسب ما يراد كتابته إما يمينًا، وإما شمالًا "وليكن لفوق" قد يكون السقط سطرًا كاملًا، والحاشية أصبعًا، أو أصبعين، فإن كتبته إلى أسفل وصل إلى آخر الصفحة، احتمال أن يورد في السطر الذي يليه، أو الذي يليه سقطًا آخرًا، فأين تكتبه إذا كنت استوعبت حاشية الصفحة اليمنى؟ فاكتب إلى فوق صاعدًا، وإذا وجد سقط آخر فاكتبه نازلًا بحيث لا تلتقي الأسقاط، وتجدون الأمثلة على هذا كثيرة في كتب أهل العلم المخطوطة، يعني عندهم تفنن في الكتابات، والعجم حينما يطبعون الكتب يطبعونها على طرق، يعني غاية في التفنن لكنها متعبة في القراءة، متعبة في القراءة جدًّا، فالمقصود الوضوح بحيث لا يلتبس على القارئ، وإذا وجد مع الوضوح شيء مما يشجع القارئ على قراءة هذا المكتوب من جودة خط، أو جودة تنظيم وترتيب هذا طيب؛ ولذا تجدون الكتب المطبوعة بالمطابع التي تعتني بالتنظيم والترتيب، وعلامات الترقيم، وجودة الورق، وحسن الحروف تجدونها تقرأ أكثر من الكتب التي لا عناية لها بذلك، يعني مثل طبعة بولاق هي أصح المطابع على الإطلاق، لكن ما طبع فيها، يعني القراء من طلاب العلم المعاصرين قد لا يطيقون القراءة فيها؛ لأنها مرصوصة رصًّا، بحيث لا تجعل فرصة لطالب العلم، بل بعضهم لا يستطيع أن يقرأ بها إلا ومعه مسطرة؛ لأنه إذا رفع رأسه ضاع المقروء ما يدري أين وقف عليه، يأخذ مسطرة ويقرأ، بينما الكتب التي طبعت في مطبعة دار الكتب المصرية، أو مطبعة منير، أو مطبعة المنار، أو غيرها من المطابع التي لها عناية في جودة الحرف، والترتيب، والتنظيم، والتلوين، يعني يسهل على طالب العلم أن يقرأ في تفسير القرطبي، لكن يصعب عليه أن يقرأ في تفسير الطبري، أو تفسير ابن كثير، دعونا من الطبعات الجديدة، لكن الكلام على الطبعات المعتمدة الأصلية، الطبري طبع في بولاق، لكن طبعة يعني متعبة لطلاب العلم المعاصرين؛ لأنهم ما عانوا ما هو أشد منها، لكن طلاب العلم قبل نصف قرن، أو قبل ستين، أو سبعين، أو ثمانين سنة الآن صار فتح عندهم مطبعة بولاق؛ لأنها بالنسبة للمخطوطات ممتازة، لكن لما زوقت الكتابة والطباعة، ونظمت، ورتبت صار طلاب العلم ما يطيقون القراءة في الكتب من الطبعات القديمة سواءً كانت بولاق، أو الميمنية، أو الكستلية، أو غيرها من المطابع القديمة.

هنا يقول: "لفوق" تجد بعض الطباعات عليها حواش، يعني يصعب تخريص بعضها من بعض، يعني لو رجعت إلى شرح فتح ابن القدير لابن الهمام وجدت عليه أربعة كتب، أو خمسة، يعني يصعب على طالب العلم الذي ما له عناية بالطبعات القديمة أن يتخلص، ويعرف هذا الكتاب من هذا الكتاب، أما الكتب المطبوعة عند العجم قبل مائة سنة، أو أكثر، أو ما قرب منها تجدون الشيء العجب في التفنن تجد سطرًا كأنه حية، وسطرًا كأنه نخلة، هذه موجودة يعني، ولو واحد يحضر لنا كتابًا من الموجود عندنا، شيء، قراءة صعبة، أسطر متداخلة، وطالعة من اليمين واليسار، صحيح أنه تفنن هذا، لكن يبقى أن مثل هذا يشتت ذهن القارئ، يعني بقدر ما يجذبه من حيث هذا التفنن لكنه يشتت الذهن.

هنا يقول: "وليكن لفوق"، السقط الأول يكتب لفوق، لماذا؟ لأنه قد تحتاج الحاشية مرة ثانية فتكتب إلى أسفل، لكن لو كتبت من أول الأمر إلى أسفل، واحتجت مرة ثانية؛ أين تضع الحاشية؟

.......................... وليكن
وخرجن للسقط من حيث سقط

 

 

لفوق والسطور أعلى فحسن
...................................

يعني في موضعه، ضع التخريج في موضعه، وقلنا: إن التخريج أن تنشئ خطًّا إلى جهة الأعلى بين الكلمتين الذي هو موضع السقط، ثم بعد ذلك ينعطف قليلًا إما يمينًا إن كانت الكتابة في جهة اليمين، وإما شمالًا إن كانت الكتابة في جهة الشمال "من حيث سقط منعطفًا له" مجرد انعطافة يسيرة، يعني مثل ما ترون في إشارات المرور إذا كان الخط ينعطف يمينًا ترون الإشارة..، وما كانوا يستعملون سهمًا، فقط، مجرد انعطاف.

...................................

 

منعطفًا له وقيل: صل بخط
ج

وقيل: صل بخط، يعني من موضع السقط أوجد هذا الخط الصاعد ثم بعد ذلك مل به إلى جهة اليمين إن أردت الكتابة في جهة اليمين لا مجرد انعطاف، إنما استمر في هذا الخط إلى موضع السقط، يعني خُط خطًّا طويلًا إلى أن تصل إلى موضع الكتابة، وعلى هذا لو امتلأت الحواشي اليمين والشمال، وأردت أن تكتب فوق السطر في الصفحة، فوق في أعلى الصفحة تأتي بالخط المنعطف هكذا، وتستمر به إلى أن تصل "وقيل: صل بخط" لكن مثل هذا لا شك أنه يشوه بالكتب، وإذا كثرت الأسقاط تشوه الكتاب، وتشتت القارئ، إنما يكفي بالانعطاف، والآن استبدل بهذا كله الأرقام "وقيل: صل بخط، وبعده اكتب صح" يعني إذا انتهيت من كتابة السقط اكتب كلمة صح، ولا تكتبها كاملة "صح" حاء كاملة، لماذا؟ لأنه يخشى أن تقرأ مع الكلام، وقد تكون في موضعها مناسبة، يعني لها معنى في هذا الموضع كلمة صح، فلا يدرى هل هي تصحيح، أو تتميم للكلام، وعلى هذا لا تكمل الحاء، اكتب صح (صـحـ) واقطع الحاء،

وبعده الكتب صح أو زد رجعا
 

 

...................................

يعني مع صح رجع؛ لأن هذا تصحيح ناشئ عن مراجعة، فهو تصحيح ومراجعة في الوقت نفسه.

................... أو زد رجعا
 

 

أو كرر الكلمة لم تسقط معا
 

أنت افترض في السطر الذي معنا: رقم خمسمائة وسبع وثمانين (587)،

وبعده اكتب صح أو زد رجعا
 

 

...................................

سقط من هذا البيت صح، أو اكتب، سقطت هذه الكلمة، خرج لها، وقل: اكتب "صح"، وإن كتبت رجع معها فهو أكمل "أو كرر الكلمة" يعني كما سقط عندنا اكتب، يقول: اكتب، في الحاشية إذا خرجت كرر الكلمة التي لم تسقط، وبعده اكتب، خرج لها بعده، وقبل صح لتكتب في الحاشية السقط اكتب، وتكتب معها الكلمة التي لم تسقط "وبعده اكتب" تكتبه معًا، التي قبلها إيه "وبعده اكتب" تكتب الكلمتين،

...................................

 

أو كرر الكلمة لم تسقط معا
 

يعني كرر الكلمة التي لم تسقط "وفيه لبس" لماذا؟ نعم لأن بعض الكلمات يقصد تكرارها، وقد تكرر الكلمة مرتين كما جاء في بعض النصوص، بعض الأحاديث، وبعض الكلمات مكررة مرتين، فإذا كررتها، وهي في كتاب حديث ظننته من النص أنها مكررة ثلاثًا، أو مكتوبة مرة واحدة ظننتها مكررة مرتين، لا شك أن هذا فيه لبس:

وفيه لبس ولغير الأصل
 

 

خرِّج بوسط كلمة المحل
 

الآن السقط ساقط من الأصل، والإلحاق له يكون بين الكلمتين، الإشارة تبدأ بين الكلمتين، لكن أنت أردت أن تفسر كلمة، هل تخرج لها بعدها، أو قبلها؟ يقول:

.................. ولغير الأصل
 

 

خرج بوسط كلمة المحل
 

أنت تريد أن تفسر "ضبِّب":

ولعياض: لا تخرج ضبِّب
 

 

...................................

هنا الكلمة التي في البيت تسعة وثمانين وخمسمائة، تريد أن تشرح كلمة ضبب، هل تخرج لها قبلها بينها وبين "لا تخرج ضبب" أو تخرج لها بعدها؟ من وسطها، من الباء الأولى، تخرج لها، التخريج عرفناه، أنه إنشاء خط صاعد يميل إلى جهة اليمين، أو لجهة الشمال الذي هو موضع اللحق، في وسطها خرج، لا تخرج قبلها؛ لئلا يظن أن المكتوب ساقط، ولا تخرج بعدها كذلك، إنما خرج من وسطها:

...................................

 

خرج بوسط كلمة المحل
 

هذا إذا كان تعليقًا على هذه الكلمة، أو لبيان فرق نسخ مثلًا، تبغي تكتب نسخة ثانية اللفظة كذا بدل هذا؛ لأنك لو خرجت قبلها ظن أن هذا سقط،، وكذلك لو خرجت بعدها، لكن إذا خرجت من وسطها عرفنا أنك تريد أن تعلق على هذه الكلمة.

ولعياض: لا تخرج ضبب
 

 

أو صححن لخوف لبس وأُبِي
 

هذه الكلمة تريد أن تشرحها لا تخرِّج منها؛ لئلا يظن أن هناك سقط، يلتبس بتخريج السقط، ضبب عليها، والضبة إنما هي عبارة عن رأس صاد، رأس صاد، هذه ضبة يشبهونها بالضبة التي تكون على، في القدح إذا انكسر, أو على القدم, أو اليد إذا انكسرت تضبب يعني تجبر، هذه ضبة، رأس صاد، ضع عليها ضبة، واكتب قبالتها ما تريد،

...................................

 

أو صححن لخوف لبس وأُبِي
 

هذه الكلمة أنت الآن شككت فيها، هل هي صحيحة، أو ليست بصحيحة؟ ضع عليها ضبة، أو خرج من أثنائها، واكتب كذا، يعني هكذا الموجود، واكتب ما يبدو لك، هذا الأصل، لكن إذا غلب على ظنك أن هذه الكلمة خطأ، يقول: صححن لخوف لبس يقول: الآن هذه الكلمة التي غلب على ظنك أنها خطأ صححها في صلب المتن "وأُبي" يعني رفض مثل هذا، قاله بعض أهل العلم، كيف تصحح؟ وهجم بعضهم على التصحيح، لا سيما من عنده حذق بالأساليب، ومعرفة العربية تجده يصحح، يهجم على الكلمة يظنها خطأ فيصححها، وهي في حقيقة الأمر ليست بخطأ.

وكم من إنسان هجم، وصحح، ثم بعد ذلك ظهر أن الكلام صحيح مستقيم، وهذه عجلة منه، ولذلك قال: "وأبي" يعني رفض مثل هذا التصرف تُبقي الكلمة على ما هي عليه، وتعلق عليها بما تراه، وسيأتي في كيفية الرواية أنك إذا وجدت خطًّا في الرواية، خطأ مجزوم بكونه خطأ، أما بالنسبة لما يقع خطأ في القرآن، لا بد من تصحيحه، هذا ما يروى على الخطأ، ما يروى على الخطأ، أما في غيره من الكلام، فقالوا: ترويه على الخطأ، وتبين الصواب، ومنهم من يقول: إذا كان الخطأ مجزومًا به يصحح، ويشار في حاشية الكتاب أن الصواب كذا، كذا في الأصل، أو يقال: التصويب، الصواب ما أثبتناه، وفي الأصل كذا، مع أن العجلة في مثل هذه الأمور أوقعت كثيرًا من المحققين في أوهام كثيرة؛ لذلك تجدون في الكتب المحققة بعد مقابلتها على النسخ يقول لك: كذا في الأصل، والصواب كذا، ثم يتبين أن الذي في الأصل هو الصواب، وأحيانًا يصحح ويقول: أثبتنا الصواب، والذي في الأصل كذا، ثم بعد ذلك يتبين أن الذي في الحاشية هو الصواب، وهذا كثير سببه العجلة، والإقدام على التصرف في الكتب، نعم.

التصحيح والتمريض وهو التضبيب

وكتبوا صح على المعرض
ومرضوا فضببوا صادًا تمد
وضببوا في القطع والإرسال
يَكْتبُ صادًا عند عطف الأسما
يختصر التصحيح بعض يوهم

 

 

للشك إن نقلًا ومعنًى ارتضي
فوق الذي صح ورودًا وفسد
وبعضهم في الأعصر الخوالي
توهم تضبيبًا كذاك إذ ما
وإنما يميزه من يفهم

 

يقول -رحمه الله تعالى- في مسألة التصحيح، عند تصحيح الخطأ: والتمريض كذلك، وهو التضبيب، التصحيح إذا وجد خطأ يصحح، على خلاف بينهم على ما سيأتي، هل يصحح في الأصل، ويشار إلى الخطأ في الحاشية، أو العكس، والأصل أنَّ الأمانة تقتضي أن يبقى ما في الأصل على ما هو عليه، كما هو، ثم بعد ذلك يشار في الحاشية إلى التصويب، لكن قد يكون النسخ كلها تتفق على هذا الخطأ، بما فيها النسخة التي بخط المؤلف، أو نسخة مقابلة على نسخة المؤلف، في نقل حديث ما، ثم بعد ذلك في الأصول كلها التي خرج منها هذا الحديث وجد أن هذا الحديث المنقول فيه خطأ، فمثلًا تقرأ أنت في المغني، ونسخ المغني حتى الذي بخط ابن قدامة، وبخط من نسخ من خطه حديث معزو إلى الصحيحين، والسنن، فتبحث عن هذا الحديث في الصحيحين، والسنن في المصادر التي عزي إليها فتجد فيه كلمة خطًّا، وهي بخط المؤلف، هل نقول: إن هذا خطأ من النساخ؟ ما يمكن، هذا خطأ من المؤلف، فهل يصحح الخطأ اعتمادًا على المصادر التي نقل منها الحديث؟ أو يبقى الخطأ كما هو ويشار بالحاشية أنه كذا في الأصول بما فيها أصل المؤلف، والصواب كذا كما في المصادر التي أحال إليها المؤلف؟ يُبقى الخطأ كما هو، المؤلف أراده هكذا، وينبه عليه بالحاشية، وقل مثل هذا في الأوهام، يعني الصحابي، وهم في رواية هذا الحديث، هل نصحح وهم الصحابي في الكتب؟ نصحح، وإلا ما نصحح؟ ما نصحح، نبقيها كما هي، يعني هل نصحح وهم ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب؟ لا يجوز، أو نصحح وهم ابن عباس في أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم؟ لا نستطيع، مع أننا نجزم أن الصواب خلافه، نبقيه كما هو ونشير إلى أن الصواب كذا، وأن عائشة استدركت على ابن عمر، وأن ميمونة وأبا رافع استدركوا على ابن عباس.

طالب: هل هذا يا شيخ وهم في النقل والكتابة؟

لا.

طالب: النقل والكتابة سليمة.

نعم، لكن كذلك الكتابة إذا كانت بخط المصنف، استثنوا من ذلك القرآن، هو الذي لا يحتمل، أنت الآن رجعت إلى البخاري الذي بين يديك، ووجدت الكلمة ليست صحيحة، ورجعت إلى مسلم، وجدت الكلمة غير صحيحة، رجعت إلى السنن الأربع وجدت الكلمة غير صحيحة، وما يدريك أنه في رواية في البخاري غير التي بيدك صحيح: "كانت الكلاب تغدو، وتروح، وتبول في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-"، أتيت أنت ورجعت إلى النسخة التي بيدك ما فيها تبول، وأيضًا استروحت إلى أنه من حيث الحكم ما يمكن تترك الكلاب تبول، ثم جئت بالقلم ومسحته؛ لأنه لا يوجد في البخاري عندك، وهو موجود في كثير من الأصول، فلعلك تهجم على ما تجزم بقطعه، ثم بعد ذلك تبين أن الصواب خلافه، في مثل هذا لا تستعجل، كم من شخص هجم على كلمة وندم؟! يعني أنت لو تأملتها في وقت آخر غير الوقت الذي انقدح في ذهنك هذا تبين لك وجهه، أحيانًا يكون تجزم بأنها خطأ؛ لأنك قرأتها خطأ؛ لأنك قرأتها خطأ.

وكتبوا "صح" على المعرض
 

 

للشك ..........................
 

يعني أنت نقلت من كتاب أصل، وقابلته عليه مرة ثانية، لكن شككت فيه، أو ظننت أن أحدًا من قراء الكتاب يشك في هذه الكلمة، اكتب عليها صح؛ لتبين أنك واثق من هذه الكلمة، وأنها كذلك في الأصل.

"إن نقلًا ومعنًى ارتضي" يعني من حيث النقل من الأصل من المقابلة، ومعناها أيضًا مرتضى، يعني محتمل.

"ومرضوا فضببوا" مرضوا يعني ضعفوا هذه الكلمة "فضببوا صادًا تمد" تمد على الكلمة،

...................................

 

فوق الذي صح ورودًا وفسد
 

يعني الآن هذه الكلمة ثابتة في الأصل الذي نسخ منه الكتاب، وقوبل عليه، وأيضًا ثابتة في الأصول التي نقل منها هذا النص، الذي نقل المؤلف منه هذا النص، هذا من حيث الورود صحيح، ما فيها أدنى إشكال، لكن من حيث المعنى فاسد، ألا يمكن أن يوجد مثل هذا؟ الآن في صحيح البخاري كلمات من حيث العربية مشكلة، لكنها ثابتة من حيث الرواية، لكنها من حيث العربية مشكلة، يعني أشكلت على العلماء من أهل الحديث وغيرهم، لذلك اليونيني لما جمع روايات الصحيح، ووفق بينها، وذكر الفروق وجد هناك ألفاظًا لا يمكن أن تمشي على قواعد العربية من وجهة نظره هو، قرأ الكتاب على ابن مالك صاحب الألفية، وخرَّج له هذه الألفاظ إما على لغات أخرى، يعني على لغة تميم، على لغة قريش، يعني على سبيل المثال في كتاب الأدب: باب: "إذا لم تستح.."، كسرة، حاء مكسورة، "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، المتن، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي..)) بالياء، ((فاصنع ما شئت)) القارئ الذي ما عنده معرفة بلغات العرب يبغي يقول: لم هذه تجزم، ولماذا ما جزمت تستحي؟ جزم البخاري في الترجمة، لكن في المتن ما جزم، لماذا؟ أنت لا بد أن تصحح، يا هذه يا هذه، ما يمكن تمشي على الأمرين، فالترجمة على لغة تميم، فيستحي عنده بياء واحدة عندهم، والحديث جاء على لغة قريش، "يستحيي" أصلها بياءين فحذفت "لم" إحدى الياءين، وأبقت واحدة، أنت الآن إذا لم يكن عندك معرفة بهذه الأمور لا بد أن تهجم على هذا فتصحح، إما الترجمة، وإما الحديث؛ هذا ما يمكن تأتي بـ"لم" مرة تعمل، ومرة ما تعمل، ما هو بصحيح، فابن مالك حل إشكالات كثيرة في كتاب أسماه "شواهد التصحيح والتوضيح على مشكلات الجامع الصحيح" وهو مطبوع، موجود، ويحتاجه كل طالب علم؛ لأن فيه ألفاظ بالفعل من حيث العربية تشكل، يعني على ما درج عليه عموم الناس، ألفاظ مشكلة لكن مع ذلك ابن مالك خرجها.

طالب: من نفسه يا شيخ هو الذي ابتدأ التأليف، وإلا الذي عرض عليه اليونيني؟

هو عرض عليه اليونيني، وصار يدوِّن، "شواهد التصحيح والتوضيح" ويأتي لكل كلمة بشاهد من العربية.

ومرضوا فضببوا صادًا تمد
 

 

فوق الذي صح ...............
 

من حيث الرواية "صح ورودًا وفسد" من حيث المعنى، تأتي أحيانًا كلمات تجزم بأنها ليست بصحيحة، ثم مع البحث والتحري تجدها لها معنى.

وضببوا في القطع والإرسال
 

 

...................................

يعني تقرأ السند، السند فيه سقط، إما بانقطاع في أثنائه، أو بإسقاط الصحابي، والاقتصار على التابعي، فيكون مرسلًا، يضعون في موضع الإسقاط -سواءً كان قطعًا أو إرسالا- يضعون ضبة، عرفنا الضبة رأس صاد، وقد يحتاج إلى تطويلها إذا كان ما يضبب عليه أكثر من كلمة، أو جملة "ضببوا في القطع والإرسال" لينتبه القارئ إلى أن في هذا الموضع خلل فيبحث عنه، ليعرف أن في هذا الكلام خلل، ما هذا الخلل، هل هو ناتج من الناسخ، أو من أصل الرواية من أجل أن يتأكد يعني، ويبحث عن هذا السقط.

وضببوا في القطع والإرسال
 

 

وبعضهم في الأعصر الخوالي
 

يعني في الزمان المتقدم، وعند المتقدمين.

يكتب صادًا عند عطف الأسما
 

 

توهم تضبيبًا كذاك إذ ما
 

"عند عطف الأسماء" إذا قال: حدثنا فلان وفلان، وفلان وفلان، ثلاثة، أربعة، كما هي عادة مسلم، وغيره، يكتب ثلاثة من الشيوخ، وقد يكتبه في أثناء الإسناد، هؤلاء الثلاثة يكتب عليهم صادًا، لماذا؟ ليعرف القارئ أن الكاتب متيقن من عطف الثلاثة بعضهم على بعض؛ لأن بعض الناس درج لسانه: حدثنا فلان عن فلان عن فلان، فيقول لك: إذن هذه الواو أصلها عن، فيصحح، فإذا كتب عليها صاد عرف أنها صحيحة، وهذا هو الموجود صحيح.

يكتب صادًا عند عطف الأسما
 

 

توهم تضبيبًا ..................
 

القارئ قد يظنها ضبَّة، فيظنها خلل في الكلام، فتعود على الكلام بنقيض قصد الذي وضعها، هو وضعها كأنها تصحيح، الأصل أن يكتب "صح"، إذا خشي أن يصحح كتب "صح"، لكنه كتب صاد، فيظنها القارئ تضبيبًا، فيبحث عن هذا الخلل ليصححه، على كل حال إذا بحث سيصل إلى الحقيقة لا سيما إذا كانت لديه الأهلية، ولن يغير من الواقع شيئًا "كذاك إذ ما"

يختصر التصحيح بعض يوهم
 

 

وإنما يميزه من يفهم
 

التصحيح كتابة "صح"، وبعضهم يختصره، ويقتصر على صاد، وهذه الصاد توهم أنه تضبيب، ما هو بتصحيح، تضبيب؛ لأن الضبَّة عبارة عن رأس صاد "كذاك إذ ما"

يختصر التصحيح بعض يوهم
 

 

...................................

بعض الناس يختصر التصحيح فيوقع في إيهام، هل هو تصحيح أو تضبيب؟ التضبيب في الغالب يكون في محل خلل، والتصحيح عكسه، فيقع الوهم،

...................................

 

وإنما يميزه من يفهم
 

"يميزه من يفهم" الذي يفهم هو الإشكال من الشخص الذي لا يفهم، أما الذي يفهم فلا يمشي عليه مثل هذا، الصحيح صحيح، وما يحتاج إلى تصحيح واضح عنده، لكن الإشكال فيمن لا يفهم، بحيث يلتبس عليه التصحيح بالتضبيب، وأما الذي يفهم ما يلتبس عليه مثل هذا، سم.

الكشط والمحو والضرب

وما يزيد في الكتاب يُبعد
وصله بالحروف خطًا أو لا
أو نصف دارة وإلا صفرًا
سطرًا إذا ما كثرت سطوره
فأبق ما أول سطر ثم ما
أو استَجِد قولان ما لم يضف

 

 

كشطًا ومحوًا وبضربٍ أجود
مع عطفه أو كتب لا ثم إلى
في كل جانب وعلم سطرًا
أو لا وإن حرف أتى تكريره
آخر سطر ثم ما تقدما
أو يوصف أو نحوهما فألف

 

نعم يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: الكشط الساقط نقص يجده الناسخ بعد المقابلة، الساقط، السَّقط، هذا نقص، والكشط والمحو والضرب للزائد من الكلام؛ لأنه إذا نسخ الكتاب ثم قابله على أصله يجد –أحيانًا- نقص كلمات، أو جمل، أو أسطر، وأحيانًا يجد كلمات مكررة زائدة، الساقط يخرج له على ما تقدم، والزائد يكشط، أو يمحى، ويضرب عليه، فالكشط الحك إما بالظفر، أو بسكين، أو ما أشبه ذلك، والمحو والضرب بالقلم.

يقول:

ما يزيد في الكتاب يُبعد
 

 

...................................

يعني إذا وجدت زيادة بعد المقابلة..، أحيانًا يكرر سطرًا كاملًا، يكتب مرتين، وأحيانًا تكرر كلمة، تكتب مرتين، وأحيانًا يكرر جملة، وهذا موجود يعني، حتى في المطبوعات يوجد، تجد سقطًا، وتجد زيادة.

وما يزيد في الكتاب يبعد
 

 

...................................

لأنه ليس منه، ما يزيد، يعني يزيد الناسخ في الكتاب الذي ينسخه إذا تبين بعد المقابلة زيادته يُبعد، بالمسح، بالمحو، تمسحه بالقلم، أو يكشط بظفر، أو بسكين، أو ما أشبه ذلك.

........................... يُبعد
 

 

كشطًا ومحوًا وبضرب أجود
 

الكشط عرفنا أنه هو الحك، والحك يكرهه كثير من أهل العلم؛ لأنه يورث تهمة، يعني كأنها كلمة ليست في صالحه، أو لا تخدم مذهبه، أو ما أشبه ذلك فيتخلص منها، وهذا يوجد كثيرًا في الكتب المسروقة، تجد كتابًا عليه ختم رسمي، يكشط يحك هذا الختم، ويباع في الأسواق، وهذا يورث تهمة، يعني إذا وجدت كتابًا يعرض في السوق مكشوطًا اتهم البائع، فإما أن يكون مسروقًا من مكتبة عامة، وهذا كثير، ويوجد في الكتاب المستعمل هذا بكثرة، أو يكون وقفًا، والوقف لا يجوز بيعه، فيأتي من يريد بيعه فيكشط، يزيل الختم، وهذا هو التبديل الذي يبوء بإثمه المبدِّل، هذا في عموم الكتاب، يعني الكتاب مسروق يكشط الختم، كثيرًا ما يعثر على كتب مكشوطة مثلًا في صفحة العنوان، أو التي تليها، ثم تجد ختمًا في أثناء الكتاب، ما فطن له هذا، ما موقف طالب العلم إذا وجد كتابًا، وهو بأمس الحاجة إليه، يباع في الأسواق، وهو مكشوط، وإرجاعه إلى مكانه مستحيل، يعني كتاب جيء به من مكتبة عامة بالهند، أو من مصر، أو من المغرب يشتري؟ وإلا ما يشتري؟ محتاج لهذا الكتاب، وإرجاعه إلى محله مستحيل، إن ما شريته أنت شراه غيرك، تشتري؟ وإلا ما تشتري؟

طالب: ذمته يا شيخ الذي سرقه، والذي باعه، وأنا يا شيخ ممن أوقف الكتاب لأجلهم، لكن؟

لا، الكتاب وقفه على مكان معين.

طالب: من أجل يستفاد منه، ويقرأ، ويبحث فيه، وينشر.

وقف على مكتبة بمصر، أو على مسجد بمصر، أو بالهند، يعني سهل عند سماسرة الكتب، ولهم –أيضًا- مندوبين يعني إذا وجد كتاب كامل، وناقص مجلد، قال: سهل نحضره لك، ويروح يأخذ من المكتبة، ويكشط الختم، ويبيعه، أما شراؤه في موضعه لا شك أن هذا حرام، وتعاون على انتشار مثل هذه الجريمة، إذًا انتقل بعيدًا من يرجع هذا الكتاب إلى الهند؟! وصاحبه لن يرجعه قطعًا، يعني لو ترك بدون بيع، لو يحرق ما رُجع إلى مكانه، ويوجد شبهة الآن تجعل طالب العلم قد يستروح يميل إلى أنه يشتريه، ويستفيد منه، ويوجد شبهة، وهي مسألة التحديث في المكتبات، مكتبة التحديث، مكتبة –مثلًا- في مصر قديمة موقوفة من مائة سنة، وينتابها طلاب، وشباب، وعوام، ويراجعون، ويطالعون، كتب ما تناسبهم، طبعات قديمة، ويتلفونها مع الاستعمال، فيجتمع المجلس مثلًا مجلس البلد، ويقررون بيعها، واستبدالها بكتب جديدة، ومناسبة لشباب العصر، وهذا موجود يعني رسمي هذا ما هو بسرقة.

طالب: مثله يا شيخ أو قريب منه يا شيخ الآن توقف على المكتبات العامة طبعات نادرة يا شيخ وبقيمة مرتفعة، ثم يباع يرى إمام المسجد، أو الواقف الناظر أنه يباع هذا بالقيمة التي يستحقها الكتاب، ويشترى بدله يا شيخ.

هو مادام صالحًا للاستعمال لا يجوز تأخذه؛ لأنه وقف، والوقف لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه.

طالب: الآن ما يقرأ.

إذا تعطلت منافعه شيء، إذا تعطلت منافعه لا إشكال أنه يباع.

على كل حال مسألة التحديث هذه التي تحدثنا عنها موجودة في الأقطار، وقد توجد شبهة لمن أراد أن يشتري، لكن الغالب أنها كتب مسروقة.

طالب: ويشتري.

هاه؟

طالب: لو وجد مثل هذا يشتري؟

هو أحيانًا تشتري مجموعة، وتركة، وتجد في هذه التركة بعض هذه الكتب من غير قصد، وجودها من غير قصد هذا سهل، الإشكال أنه كتاب واحد مثلًا موقوف على جهة معينة، قد يكون الوقف باطلاً، وقف على قبر، كتاب موقوف على قبر على ضريح، نعم؟ مشكلة هذه، أيضًا كتاب موقوف على الزاوية كذا التيجانية في بلد كذا، تشتري، وإلا ما تشتري؟ هل نقول: إن الوقف باطل؛ لأنه لا يحقق الهدف الشرعي كما قرر شيخ الإسلام من الوقف، أو نقول: يصرف إلى أقرب مصرف له؟ يعني وقف على ضريح نوقفه على مسجد، ننقله للمسجد، وقف على زاوية تيجانية، نوقفه على محل فيه سنة يستفيدون منه، لا سيما وأن الكتاب مثل البخاري مثلًا، نسخ كثيرة موقوفة على أضرحة، وعلى زوايا، وتكايا صوفية ما يستفيدون منها، هل نقول: إن الوقف من أصله باطل، فيمسح هذا، ولا أثر له، أو نقول: إنه ينقل إلى مكان يُنتفع به، وهذا أقرب مصرف له؟ ولا شك أن الورع مثل هذا، لكن الوقف من أصله فيه خلل.

اللهم صلّ وسلم.

طالب: يا شيخ لو أحد الناس أوقف له كتابًا، أو أي أمر من أمور الوقف، ثم تعطلت منفعته، أنا الذي كنت أتولى مثلًا تصريف الوقف، لي الحق أني الآن أنا صاحب الكتاب، تعطلت منفعته في المسجد هذا، أنقله إلى مكتبة عامة، أو مسجد آخر، أو طالب علم.

العلماء نصوا على أن الوقف إذا تعطلت منافعه ينقل، ينقل بحيث ينتفع منه.

طالب: ما يستأذن؟

خلاص انتهى الحكم، شرعي هذا منته، مفروغ منه، لكن تقدير هذا الأمر قد يختلف فيه، تعطلت منافعه؛ لأنك ما تفتح الباب، ما تفتحه للناس، مغلقين المسجد ما يدخله أحد، هذا ما هو بصحيح، هذا لا ينقل من أجل هذا، وييسر الوصول إليه، لكن إذا طرأ شيء خارج عن إرادتك، يعني جاء أمر من ولي الأمر أن المساجد تغلق، ولا تفتح، ولا يمكن طلاب العلم من دخولها إلا في أوقات الصلاة، حينئذٍ ينقل إلى مكان تتاح فيه القراءة.

"وما يزيد.."، "محوًا وبضرب أجود" أيضًا يكون الضرب ليس بطمس كامل للكلمة، وإنما بحيث تمكن قراءتها، يضرب عليها بخط، أو خطين؛ ليعرف أنها زائدة، والقارئ يعرف أنها زائدة بنفسه، يعني ما يكتفي باجتهادك أنك أيها الناسخ؛ لأنه قد يشك، قد يقول لك: هي ليست زائدة، فإذا عرفها ورآها، واستطاع قراءتها عرف أنها زائدة، وأنَّ هذا الضرب لزيادتها.

وصله بالحروف خطًا أو لا
 

 

مع عطفه .....................
 

يعني إما أن تكشط، تمحو، أو تضرب، نعم "وصله بالحرف خطًّا" يعني من أوله إلى آخره، انفذ فيه حرف خط.

"أو لا مع عطفه" يعني إما أن تجعل الخط من أول الزائد إلى آخره، أو تجعل عليه شبه قوسين أن هذا زائد.

"أو اكتب لا ثم إلى" يعني عندك وجدت في السطر هذا الذي نقرأه.

"وصله أو لا" الأصل وصله أو لا، و"بالحرف خطًّا" هذا زائد.

اكتب فوق الباء "لا"، وفوق الألف "إلى"، "لا" يعني لا يوجد بالأصل، يعني أنه زائد، و"إلى" هذا الموضع انتهى الزائد، وبعضهم يكتب بدل "لا" "من"، يعني من هذا إلى هذا، من هذه البداية إلى تلك الغاية كله لا يوجد في الأصل، أحيانًا الكاتب يقدم جملة على جملة، جملة مقدمة، وجملة مؤخرة جرت عادتهم على أن يكتبوا مقدمًا ومؤخرًا، أو يكتفون بالميم، ميم فوق الجملة الأولى، وميم فوق الجملة الثانية، يعني أن هذه مقدمة، وهذه مؤخرة، يعني إذا كتبت في أول..، لو الإخوان يحضرون الصحيح، صحيح البخاري الذي عليه الفروق، طبعة السلطانية، وغيرها، صورت الآن، وانتشرت فيها أمثلة كثيرة لمثل هذا، فيها أمثلة للسقَط، فيها أمثلة للحك، فيها أمثلة للزائد، وفيها أمثلة كثيرة، يكتبون؛ ولذلك تجد هذه الترجمة يكتب عليها "لا"، وفي آخرها "إلى"، وبينهما رموز، يعني هذه الترجمة لا توجد عند أصحاب هذه الرموز، ثم إلى، يعني في النهاية تكتب إلى، يعني إلى هذا الموضع انتهى الزائد.

"أو نصف دارة" يعني قوس "وإلا صفرًا" الصفر صورته "وإلا صفرًا" يعني تكتب في أول الجملة الزائدة صفرًا، وفي آخرها صفرًا، ما معنى صفر؟ هل هو النقطة؟ الدائرة، الصفر هو الدائرة، لماذا قالوا صفرًا؟ لأنها خالية، ليس في جوفها شيء، خالية، هذا هو الصفر الأصلي، وأما الصفر الذي نستعمله، وهو النقطة والحروف التي نستعملها على هذه الكيفية هذه هي الأرقام الهندية، ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية كتب أرقامًا هي عبارة عن أعمار، انظر البداية والنهاية، هات لي المجلد الأول.

كتب على هذه الهيئة الموجودة عندنا، والمستعملة قال: كتبت الأرقام الهندية للدلالة على أعمار هؤلاء من الأنبياء وغيرهم، يقول: كتبتها بالأرقام الهندية، ما الأرقام الهندية؟ هي المستعملة عندنا. نعم.

قال –هو- في قصة إبراهيم خليل الرحمن -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- قال: هو إبراهيم بن تارخ، يعني في القرآن: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ} [(74) سورة الأنعام]، آزر، كتب مائتين وخمسين بالأرقام التي نستعملها، بأرقامنا، ابن ناحور 148، ابن ساروغ 230، بن راغو 239، ابن فالغ 439، ابن عابر 464، ابن شالخ 433، ابن أرفخشذ 438، ابن سام 600، ابن نوح -عليه السلام-، يقول: هذا نص أهل الكتاب في كتابهم، وقد أعلمت على أعمارهم تحت أسمائهم بالهندي.

فهذه الحروف، أو هذه الأرقام بالهندي، هي التي تستعملوها الآن هندية، ليست هي العربية، والصفر الذي يساوي الخمسة بالهندي هو الصفر الحقيقي العربي، والمغاربة يقولون: إن الحروف المستعملة عندهم التي نسميها حروف أرقام إنجليزية هي العربية في الأصل، ومازال المغاربة يستعملونها، والمشارقة يستعملون الأرقام الهندية، وهنا قال ابن كثير: "وقد أعلمت على أعمارهم تحت أسمائهم بالهندي" يعني بالأرقام الهندية وهي التي نستعملها الآن.

طالب: نكتب يا شيخ أجل.

ماذا تكتب؟

طالب: الأرقام بالإنجليزية.

العلماء يقولون: إن الخطأ المشهور خير من الصحيح المغمور.

أو نصف دارة وإلا صفرًا
 

 

...................................

يعني تضع في أول الكلام صفرًا، وفي آخره صفرًا "في كل جانب" يعني من البداية والنهاية "وعلِّم سطرًا"

سطرًا إذا ما كثرت سطوره

 

أو لا...............................

يعني افترض أن الساقط عشرة أسطر، ليس بكلمة، ولا كلمتين، ولا سطر، الساقط الزائد عشرة أسطر، افترض أن الزائد عشرة أسطر، هل تكون هذه العلامات "من"، "إلى"، أو نصف دائرة، ونصف دائرة، أو صفر وصفر، في أول الكلام، وفي آخره، في أول السطر الأول من الزائد، وفي آخره، أو في أول السطر، وآخره، أما لو كتبت في أول الكلام، وفي آخره، وكلام كثير قد تنسى، قد ينسى القارئ أن هذا زائد، لكن إذا علمت على كل سطر سطر، ذكرته.

قال: "وعلم سطرًا"

سطرًا إذا ما كثرت سطوره

 

أو لا..............................

يعني علم على أول الكلام، وعلى آخره.

طالب: أو ضع يا شيخ إشارة.

ما هو؟

طالب: أنه إذا وجد عند كل سطر صح فما بين النقطتين خطأ.

هذا اصطلاح خاص إذا بينه انتهى من عهدته.

"وإن حرف أتى تكريره فأبق ما أول سطر" كرر كلمة واحدة فكتبها مرتين، المصحح بعد المقابلة يحتاج إلى أن يمسح واحدة من الكلمتين، ويبقي واحدة، فما الذي يمسح، وما الذي يبقى؟

طالب: الأولى.

هو إن كانت الأولى في آخر سطر، والثانية في أول سطر امسح الأولى، لماذا؟ لأن المحافظة على نظافة أوائل الأسطر أولى من المحافظة على نظافة نهاية الأسطر، إذا كانت الثانية في نهاية السطر، والأولى قبلها امسح الأولى؛ لأن البدايات والنهايات يطلب نظافتها، عندهم، عند الكتاب.

"وإن حرف أتى تكريره"

فأبق ما أول سطر ثم ما
ج

 

آخر سطر .....................
 

يعني حافظ على أول السطر، إن كانتا في آخر السطر فامسح الأولى ليكون آخر السطر نظيفًا، نعم "ثم ما"

...................................

 

آخر سطر ثم ما تقدما
 

توجد الكلمتان متجاورتان في أثناء السطر "ثم ما"

...................................
 

 

آخر سطر ثم ما تقدما
 

"ثم ما تقدما" يعني لأنه يقول: فأبق، أبق "ما أول سطر" محافظة على أوائل الأسطر "ثم ما آخر سطر" محافظة على أواخرها "ثم ما تقدما" أبق ما تقدم، لماذا؟ لأنه صحيح، يعني في مكانها الطبيعي، يعني الخطأ الأولى، وإلا الثانية؟ الخطأ الثانية فتمسح، أو تمحو، أو تكشط الثانية.

"ثم ما تقدما أو استجد" ما معنى استجد؟ يعني أبق الجيد منهما؛ لأن الكاتب قد يكتب هذه الكلمة يتأنق في كتابتها، والثانية لا يهتم لها، فتبقي أجودهما في الصورة، والوضوح للقارئ تختار منهما الأجود.

أو استجد قولان ما لم يضف
 

 

...................................

"ما لم يضفِ" يعني وجدت متضايفين، مثلًا: غلام زيد، غلام مضاف، وزيد مضاف إليه، وكررت زيد مرتين تمسح الأولى لتفصل بين المضاف والمضاف إليه؟ ما يصلح، ولو كررت "غلام"، غلام غلام زيد، فتمسح واحدة من غلام مكرر، تمسح الثانية، تفصيل بين المتضايفين؟ امسح الأولى ليبقى المتضايفان متلاصقين.

"قولان ما لم يضف أو يوصف" يعني تبقى الموصوف تليه مباشرةً صفته، يعني ما لم يقصد في الكلام الفصل بين المتضايفين، كما في قول الشاعر:

...................................

 

من ابن أبي شيخ الأباطح طالب
 

بعض الناس لو كُرر مثل هذا، هذا مقصود أن يفصل بين المضاف والمضاف إليه.

"أو يوصف" فتجعل الصفة ملاصقة للموصوف، ولو اقتضى الأمر مسح الكلمة الأولى التي هي الأصل "أو نحوهما فألف" يعني اجمع بين المتضايفين، واجمع بين الموصوف مع صفته، وكل ما له علقة بالكلمة الأخرى لا تفرق بينهما، نعم؟

طالب:......

لا، هذه إذا، مثل ما قلنا في التصحيح، يعني غلب على ظنه أنه خطأ من غير مراجعة أصل، يكتب عليها كما قالوا كذا، يعني كذا في الأصل، كذا، ووجدت هذه الكلمة في الكتب يعني يقرأها عالم بارع، ويغلب على ظنه أن هذه الكلمة زائدة، أو ليس لها معنى، أو في غير موضعها يكتب عليها كذا، يعني كذا في الأصل، وإن وضع عليها علامة، أو رقم، وعلق عليها تعليقًا بما يراه أيضًا مخرج.

طالب:......

لا، ما يضرب على زيادة، ولا شيء يقول كذا، والذي يظهر أن الثانية زائدة.

طالب:......

إلا بإذنهم، لا يتعرض له بشيء، لا يجوز أن يتصرف في كتب الناس إلا إذا عرف أن صاحبه يفرح بمثل هذا، يعني شيخ استعار كتابك، وأنت تتمنى أن يوجد خط هذا الشيخ في كتابك؛ لأن بعض الخطوط تزيد الكتب قيمة، يعني الآن في أسواق الكتب لو وجد مثلًا خط الشيخ أحمد شاكر على كتاب، ولو كلمة واحدة، تضاعفت قيمة الكتاب، أو وجد خط الألباني، أو ما أشبه ذلك، أو واحد من المعروفين المشهورين، لا شك أنها هذا نور للكتاب عند الوراقين، يزيده قيمة.

طالب:......

ما هو؟

طالب:......

لا، هذا أكتبه في ورقة، وإما أن يلصق على كتاب، أو يسلم للمسئولين؛ لأنه لو ترك مثل هذا المجال؛ لهجم على الكتب الأهل، وغير الأهل، فسد الباب بالكلية هذا هو الأصل.

والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.