تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار (02)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم..
بسم الله الرحمن الرحيم.
ما هو بشغال؟!
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فنقف نكمل ما بدأنا أمس أقسام الحديث قسْمه..
قسّمه قسّمه.
"قسّمه الخطابي في المعالم إلى صحيح وحسن وسقيم وعرّف الصحيح بأنه عندهم ما اتصل ما اتصل سنده وعَدلت..
وعُدِّلت وعُدِّلت.
وعُدِّلت نقْلته.
نَقَلتُه.
وعُدِّلت نَقَلتُه ولم يُشترط الضبط.
ولم يَشترط.
ولم يَشترط الضبط ولا سلامة الحديث من الشذوذ والعلة ولا بد من اشتراط الضبط لأن من كثر خطؤه عند المحدثين استحق الترك وإن كان عدلا وكذلك عند الأصوليين إذا كان خطؤه أكثر من صوابه واختلفوا إذا استويا والأكثر منهم على رده ومنْع ردِّه.
ومنَعَ ردَّه.
ومنَعَ ردَّه.
جماعةٌ.
جماعةٌ منهم المنصور بالله عليه السلام ولكنه قال طريق قبوله الاجتهاد كما هو قول عيسى بن أبان ذكره في الصفوة وحكاه عنه في الجوهرة وكذلك الفقيه عبد الله بن زيد، ذهب إلى قبوله وادعى الإجماع على قبوله إن كان صوابه أكثر من خطئه ذكر ذلك كله في الدرر وفي دعوى الإجماع نظرا لمخالفة المحدثين إلا أن يعنى إجماع غيرهم أو إجماع الصحابة كما أشار إليه، وأما السلامة من الشذوذ والعلة فقال الشيخ تقي الدين في الاقتراح في هذين الشرطين نظر على مقتضى.
في هذين الشرطين نظرٌ..
في هذين الشرطين نظرٌ على مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء، قال ابن الصلاح وزين الدين فالصحيح ما اتصل إسناده بنقل عدل ضابط على مثله من غير شذوذ ولا على قادحة قال الشيخ تقي الدين لو قيل هذا الحديث الصحيح المجمع على صحته لكان حسنا لأن من لا يشترط على هذه الشروط.
يشترِط هذه من.. لأن من لا يشترِط هذه الشروط.
لأن من لا يشترط هذه الشروط لا يحصر الصحيح في هذه الأوصاف ومن شرَط الحد.
ومن شرْط الحد.
ومن شرْط الحد عفا الله عنك ومن شرْط الحد الجمع والمنع قال ابن الصلاح هذا صحيح باتفاق أهل الحديث قال زين الدين وإنما قيد نفي الخلاف بأهل الحديث لأن في المعتزلة من لا من يشترط العدد حكاه الحازمي في شروط الأمة.
نعم قلت.
قلت بل مذهب البغدادية من المعتزلة اشتراط التواتر وعندي أنه لو لم يقيد في نفي لو لم يقيد نفي الخلاف بذلك كما فعل الشيخ تقي الدين لكان صحيحا ويحمل على إجماع الصحابة ومن بعدهم حتى حدث هذا الخلاف وسوف يأتي تعريف الحسن والضعيف وغيرهما إن شاء الله تعالى".
يكفي بركة.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- "أقسام الحديث" الأقسام والأنواع والأصناف والضروب معانيها متقاربة، والتقسيم من أجل التيسير على طلاب العلم، وذكر العدد مجملا ثم تفصيله كذلك تيسيرا للحفظ والمراجعة عند عدم التمكن من تمام العدة، فأهل الحديث قسموا السنن كما قال الحافظ العراقي:
وأهل هذا الشأن قسموا السنن
|
|
إلى صحيح وضعيف وحسن
|
يستدرك بعضهم على هذه القسمة الثلاثية صحيح وضعيف وحسن إن كان إن كانت القسمة مردها إلى ما في نفس الأمر، إذا كانت القسمة إلى ما في نفس الأمر وحقيقة الحال فلا ثَم إلا صحيح أو ضعيف، إما مقبول وإما مردود، وإن كان إذا كان بالنظر إلى استعمالهم وتسمياتهم فالقسمة أكثر من هذا بكثير، إن كانت المسألة ينظر فيها إلى الواقع فالواقع ليس فيه إلا مقبول أو مردود، وإن كانت القسمة بالنظر إلى استعمال أهل العلم للأقسام فاستعمالهم لأقسام كثر، بحيث بلغت الأنواع والأقسام عند ابن الصلاح إلى خمسة وستين نوعا، وإذا كان الضعيف فقط نوّع أنواعا كثيرة حتى وصلت للبسط عندهم إلى أكثر من خمسمائة نوع فما معنى الحصر في الثلاثة؟ أولا أول من حصر هذه القسمة في الثلاثة هو الخطابي، يعني هذه الأقسام موجودة في كلام الأئمة المتقدمين لكن من نص على أن القسمة ثلاثية الخطابي، من قبله من الأئمة يذكرون هذه الأقسام ويحكمون بها على الأحاديث من غير حصر، والحصر منظور فيه إلى اصطلاح أهل العلم، لم ينظر فيه إلى واقع الأحاديث لأن الأحاديث والأخبار عموما إما صدق وإما كذب فهي نوعان، لكن نُظر في هذا التقسيم إلى اصطلاحهم وجميع الأنواع التي ذكروها التي تكاثرت جدا عند بعضهم ترجع إلى الأنواع الثلاثة، ترجع إلى الأنواع الثلاثة التي ذكرها الخطابي، فالقسمة حاصرة ومعولها على الاستقراء، "قسمها الخطابي في المعالم إلى صحيح وحسن وسقيم، وعرف الصحيح بأنه عندهم ما اتصل سنده وعُدِّلت نَقَلته"، اتصل سنده بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمل الخبر عمن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل، هذا اتصال الإسناد، بأن يكون كل راوٍ من الرواة قد تحمل الخبر عمن فوقه مباشرة بدون واسطة، بطريق معتبر من طرق التحمل "وعُدِّلت نَقَلته" يعني رواته قال عنهم أهل العلم بأنهم عدول، "ما اتصل سنده وعُدِّلت نقلته" هذا هو الصحيح عند الخطابي فيما نقله عن أهل الحديث، الصحيح عندهم: "ما اتصل سنده وعُدِّلت نَقَلته"، لكن هل هذا الحد جامع مانع، بمعنى أنه لا يدخل فيه غير المحدود ولا يخرج منه فرد من أفراد المحدود؟ قال المؤلف: "ولم يشترط الضبط ولا سلامة الحديث من الشذوذ والعلة" لم يشترط الضبط هل في تعريف الخطابي ما يوحي باشتراط الضبط؟ وهل فيه ما يوحي بانتفاء الشذوذ والعلة؟
طالب: ............
عُدِّلت نقَلته يوحي بالضبط؟ يعني التعديل يُشم منه رائحة الضبط أو لا يُشم؟ أولا شرط القبول أن يكون ضابطا معدَّلا كما قال الحافظ العراقي:
أجمع جمهور أئمة الأثر
|
|
والفقه في قبول ناقل الأثر
|
بأن يكون ضابطا معدلا
|
|
.........................
|
ضابطا معدلا ما اكتفى بمعدل فقط، نص على الضبط، والعدالة مردها إلى الدين والضبط مرده إلى الحفظ، فقد يكون الشخص عدلا لكنه ليس بضابط العدل، من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة، ملازم في التقوى، يفعل الواجبات ويترك المحرمات وهو عدل بهذا، لكن هل يلزم من هذا أن يكون ضابطا ولو عُدِّل، يعني نُظر فيه إلى عدالته من ناحية الدين، هل يلزم من ذلك أن يكون ضابطا؟ لا يلزم، لكن من أراد أن يدفع عن الخطابي هذا الانتقاد قال: إن أئمة الحديث لا يمكن أن يحكموا على شخص بأنه عدل وفي ضبطه شيء، لكن إذا عرفنا انفكاك الجهة وأن العدالة شيء تتعلق بالديانة وأنه قد يكون من أدين الناس وأعبدهم لكن لا يحفظ، يوجد من الصالحين من لا يستطيع الحفظ، يوجد أو لا يوجد؟ هو عدل في دينه لكنه ليس بضابط كما أنه بالعكس يوجد من أحفظ الناس وأضبطهم من ليس من الصالحين، فلا تلازم بين العدالة والضبط، وعلى كل حال تعريف الخطابي منتقد ليس فيه ما يوحي بالعدالة، الأمر الثاني أنه لو أخذنا العدالة أو أخذنا الضبط من تعديل الأئمة لهذا الراوي فإن من شرط الحد أن يكون جامعا مانعا واضحا، يعني تؤخذ المحترزات من لفظه لا تلتمس من بعد بحيث يكون موقف المتعلم موقف المدافع عن صاحب الحد، الآن الذي يقول هذا الكلام هذا موقف مدافع وإلا لو لم تثر هذه القضية ولم يشترط الضبط ثم بعد ذلك دافع عنه من دافع هل نفهم الضبط من مجرد العدالة؟ لا تلازم بين الضبط والعدالة ولذا يقول:
أجمع جمهور أئمة الأثر
|
|
والفقه في قبول ناقل الأثر
|
بأن يكون ضابطا معدلا
|
|
..........................
|
يعني نص على الضبط مع التعديل، وعلى كل حال تعريفه منتقد ولم يشترط الضبط ولا سلامة الحديث من الشذوذ والعلة، يعني –للمخالفة- مخالفة المرجوح للراجح، فإن كان هذا المرجوح ثقة صار حديثه شاذا وحديث من أحفظ منه هو المحفوظ، وإن كان المخالف ضعيفا صار حديثه منكرا ومخالفه هو المعروف، أو يتفرد بروايته من لا يحتمل الأئمة تفرده، وحينئذ يحكم عليه بالنكارة، يقول: "ولا بد من اشتراط الضبط" لا شك أن المعول في الرواية على الصدق مع الضبط، فلا بد من اشتراط الضبط؛ "لأن من كثر خطؤه عند المحدثين استحق الترك وإن كان عدلا، وكذلك عند الأصوليين إذا كان خطؤه أكثر من صوابه"، اشتراط الضبط لا بد منه، لكن متى يحكم على الراوي بأنه ضابط أو ليس بضابط؟ إذا عُرضت مروياته على روايات الثقات فوُجد موافقا لهم فهو ضابط، إن وجد مخالفا لهم فهو غير ضابط، ومن يوافق غالبا في الضبط فضابط أو نادرا فمخطئ، فطريق اختبار الضبط بعرض مرويات الراوي على روايات الثقات فإن وافقهم فهو ضابط، وإن خالفهم فهو غير ضابط، في كلام المؤلف ما يشير إلى الاختلاف بين المحدثين والفقهاء، يقول: "لأن من كثر خطؤه عند المحدثين استحق الترك وإن كان عدلا" وكذلك عند الأصوليين إذا كان خطؤه أكثر من صوابه، واختلفوا إذا استويا والأكثر منهم على رده" شخص يروي ألف حديث مثلا أخطأ منها في مائة وخمسين حديث يقبل أو يرد؟
طالب: ............
هذا عند مَن؟ عندك انظر الكتاب؛ لأن من كثر خطؤه عند المحدثين استحق الترك وإن كان عدلا وكذلك عند الأصوليين إذا كان خطؤه أكثر من صوابه، المحدثون لا ينظرون إلى الصواب ألبتة إنما ينظرون إلى الخطأ فقط بغض النظر عن الصواب، الفقهاء يوازنون ويحكمون للغالب فإن كان الصواب الأكثر قُبِل خبره، وإن كان الخطأ هو الأكثر رد خبره، يعني شخص يروي ألف حديث يخطئ في مائة وخمسين حديثا هذا كثير جدا فاحش ومردود عند المحدثين، إلا أنهم يختلفون في القدر الذي يرد به؟ هل يرد بالعشر أو يرد بالسبع أو يرد بالثمن أو يرد بشيء المقصود أنه حينما يقال كثير الخطأ فإنما هذا مرادهم، المائة وخمسون من ألف كثيرة ليست باليسيرة، يعني لو أخطأ في حديث أو حديثين أو ثلاثة أو عشرة هذا خطأ مغمور ولا يسلم منه أحد، لكن يخطئ في مائة وخمسين حديثا؟ لا تظنون أن المسألة في ميزان المحدثين مثل مسألة النجاح والرسوب، عندنا إذا حصل على نصف الدرجة نجح وإلا رسب لا، عندهم موازين دقيقة لأنهم يحتاطون للسنة فإنهم من أخطأ في سبع حديثه هذا لا تردد في رده، وكذلك من أخطأ ولو لم يكثر الخطأ في حديثه لكنه ذُكر له الصواب فأصرّ على الخطأ هذا يرد حديثه، يصر على الخطأ هذا يرد حديثه ولو لم يكثر خطؤه، فأهل الحديث لهم عناية بهذا الشأن ولهم شفافية ودقة نظر في هذا يقول: "لأن من كثر خطؤه عند المحدثين استحق الترك" ولا ينظرون إلى الصواب بينما الفقهاء والأصوليون ينظرون إلى الموازنة بين الخطأ والصواب، الكفة الراجحة الحكم لها، "وكذلك عند الأصوليين إذا كان خطؤه أكثر من صوابه" يعني إذا كان ممن يروي ألف حديث فأخطأ في أربعمائة وخمسين حديثا وأصاب في خمسمائة وخمسين مقبول عند الأصوليين والفقهاء لكنه مردود عند المحدثين بلا ريب، ماذا عن الراوي الذي يروي ألفا فأخطأ في خمسمائة وأصاب في خمسمائة قال: "واختلفوا إذا استويا" الصواب والخطأ خمسمائة وخمسمائة "والأكثر على رده" يعني الرد من باب الاحتياط للسنة، "والأكثر على رده، ومنع رده جماعة منهم المنصور بالله" والمنصور بالله مترجَم عندكم في الصفحة السابقة خطأ، يعني في الترقيم عند المحقق أخطأ ترجمة المنصور بالله هي في الصفحة السابقة رقم ثلاث، الصحيح عندهم هو عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة اليمني المنصور بالله من أئمة الزيدية في اليمن إلى آخره توفي سنة أربع عشرة وستمائة، "ومنع رده جماعة منهم المنصور بالله" وقلنا إن الزيدية ممن لا يعتد بقوله لا في الاتفاق ولا في الخلاف، لكن باعتباره عاش في هذه البيئة لا بد من ذكر أقوالهم ليروج الكتاب في بلده، "ومنع رده جماعة منهم المنصور بالله" قال: "عليه السلام" وهذا أيضا من تأثير البيئة؛ لأن الصلاة والسلام إنما يختص به النبي -عليه الصلاة والسلام- وسائر الأنبياء، والعرف عند أهل العلم أنه لا يقال أبو بكر صلى الله عليه وسلم، ولا عمر عليه السلام، ولا عليه الصلاة والسلام، ولا علي ولا غيرهم، لكن اعتادوا في بيئتهم أن يقولوا عليه السلام بدءا من علي- رضي الله تعالى عنه وأرضاه- إلى من بعده ولا تجدهم يقولون أبو بكر عليه السلام، ولا عمر عليه السلام، يعني إن جادوا برضي الله عنه فطيب، ولا شك أن البيئة مؤثرة والإنسان ابن بيئته، ونحن في بيئتنا المحافظة ولله الحمد والمنة نرى من عظائم الأمور ما يراه غيرنا أمورا هينة، وعندنا أيضا نقع في مخالفات نتساهل فيها وهي عند غيرنا يرونها عظيمة، فلا شك أن البيئة مؤثرة، "منهم المنصور بالله" يعني العرف عند أهل العلم تخصيص مثل هذه الأدعية فيقولون قال الله- عز وجل- ولا يقال قال محمد عز وجل، وإن كان عزيزا جليلا، ويقولون: قال محمد -عليه الصلاة والسلام- أو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا يقال قال أبو بكر -صلى الله عليه وسلم- إلا تبعا للنبي -عليه الصلاة والسلام- ويخصون الصحابة بالترضي ومن دونهم بالترحم، "ولكنه قال طريق قبوله الاجتهاد" يعني ننظر في حديث من تساوى خطؤه وصوابه ننظر فيه، فإن اجتهدنا وملنا إلى ترجيحه نظرا لقرائن أو أمور خفية اقتضت هذا الترجيح رجحنا وإلا فلا، "ولكنه قال طريق قبوله الاجتهاد كما هو قول عيسى بن أبان ذكره في الصفوة وحكاه عنه في الجوهرة وكذلك الفقيه عبد الله بن زيد" عبد الله بن زيد يقول هو عبد الله بن زيد بن أحمد العنسي زيدي أيضا، أدرك مدة الإمام المهدي وشهد بإمامته وله مؤلفات، على كل حال تجدون ما تنكرون في هذا الكتاب وفي التعليقات أيضا لا بد أن تجدوا ما تنكرون وذكرنا هذا في درس الأمس أن فيه نقول عن أناس لا نرتضيهم لمخالفتهم لنا في معتقدنا، لكن مع ذلك الاطلاع على أقوالهم لا يضرنا- إن شاء الله تعالى- "وكذلك الفقيه عبد الله بن زيد ذهب إلى قبوله وادعى الإجماع على قبوله إذا كان صوابه أكثر من خطئه" فإن كان يريد بذلك إجماع المحدثين فقوله مردود، إن كان يريد إجماع أهل الشأن فقوله مردود بلا شك، وإن كان يريد إجماع أهل النظر من الفقهاء والأصوليين وغيرهم فقد وإلا من الفقهاء والأصوليين من يرد ويوافق أهل الحديث على قوله، "وادعى الإجماع على قبوله خبره إن كان صوابه أكثر من خطئه ذكر ذلك كله في الدرر" والدرر لعبد الله بن زيد العنسي وهذا في أصول الفقه وفي دعوى الإجماع نظر، قال المؤلف: "وفي دعوى الإجماع نظر لمخالفة المحدثين إلا أن يعني إجماع غيرهم" يعني غير المحدثين من الفقهاء والأصوليين فممكن، "أو إجماع الصحابة" كما أشار إليه هل الصحابة يقتنعون بمن زاد صوابه على خطئه شيئا يسيرا؟ لا يمكن والمحدثون قدوتهم سلف هذه الأمة وأئمتها من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، لا يمكن أن يرد أبو حاتم أو ابن معين أو أحمد بن حنبل أو غيرهم من أئمة الهدى أئمة الحديث حديث من أخطأ في ثلث أحاديثه من رأيه وهواه لا بد أن يكون له أسوة وقدوة ممن سلف من الصحابة والتابعين قال" "إلا أن يعني إجماع غيرهم أو إجماع الصحابة" كما أشار إليه فإن كان يريد إجماع الجميع فهذا مردود، وإن كان يريد إجماع الصحابة أيضا فهذا مردود، وإن كان يريد إجماع غيرهم من الفقهاء والأصوليين فيمكن أن يقبل، إلا أن من الفقهاء من يوافق المحدثين على قوله، وعلى كل حال إجماعه الذي نقله مردود "وأما السلامة من الشذوذ والعلة فقال الشيخ تقي الدين" وهو ابن دقيق العيد محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري ابن دقيق العيد المولود على ثبج البحر في ينبع سنة خمس وعشرين وستمائة، وتوفي سنة اثنتين وسبعمائة، "فقال الشيخ تقي الدين في الاقتراح" في بيان الاصطلاح كتاب مطبوع ومشهور "في هذين الشرطين نظر على مقتضى نظر الفقهاء" السلامة من الشذوذ والعلة، "في هذين الشرطين نظر على مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء" لكن هل يعتد بالفقهاء إذا قرر أهل الحديث مسألة في اصطلاح الحديث، يعني تجري على أصولهم أو لا تجري على أصولهم يختلف الأمر؟! العبرة بأهل الشأن الذين هم أهل الحديث، فكونها لا تجري على مقتضى نظرهم أو على قواعدهم لا يضير القاعدة شيئا، فالمعول في هذا الشأن على أهل الحديث، عُرف على لسان كثير من الفقهاء أن الفقهاء هم الأطباء وأما المحدثون فهم صيادلة، المحدثون صيادلة والفقهاء هم الأطباء بمعنى أن المحدثين يركبون هذه الأدوية والأطباء يعالجون بها المرضى ينزلونها منازلها، والتنظير لا شك أن فيه شيء من وجه الشبه، المحدث يحكم على هذا الحديث يجمع الطرق وينظر في سنده ومتنه ثم بعد ذلك يعطي الفقيه الحكم جاهزا، الدواء مركب وخالص فالفقيه يعالج به هذا المريض، فالمحدثون يجهزون الأحاديث الصحيحة فيسلمونها على مقتضى هذا القول للفقهاء يستنبطون منها الأحكام وهذا لا شك أن له حظا من النظر بالنسبة للمحدثين حديثا صرفا، يعني أهل رواية فقط لا نظر لهم في الدراية، ويوجد هذا النوع في صفوف المحدثين، محدثون ليسوا بفقهاء موجود، كما أنه يوجد بكثرة بل أكثر فقهاء ليسوا بمحدثين يأخذون الحكم من المحدثين ويستنبطون منه هذا موجود وهذا موجود، لكن يوجد بكثرة في صفوف المحدثين الفقهاء المحدثون، يوجد الفقهاء المحدثون، هم في الوقت نفسه هم الأطباء وهم الصيادلة مَن مِن الفقهاء من يعادل البخاري في فقهه فهو يجمع بين الأمرين، وإذا وجدت هذه الصفة وهذه وهذا التكامل في العالِم فعض عليه بالنواجذ، لا فقيها صرفا لا يعرف من الحديث شيئا، ولا محدثا صرفا لا يستطيع أن يستنبط، لكن إذا جمع بينهما فعض عليه بالنواجذ، وهذه صفة كثير من أهل الحديث، يعني من يوازي البخاري في فقهه؟ أحمد بن حنبل محسوب على من؟ على الفقهاء المحدثين، مالك كذلك نجم السنن، الشافعي، أئمة الفقهاء أئمة الاجتهاد كلهم محدثون، يعني لا يوجد فيهم من لا يعرف من الحديث شيئا كما وجد في الفقهاء المتأخرين، كما أنه يندر أن يوجد في المحدثين لا يعرف من الفقه شيء كما يوجد في بعض النقلة ممن تأخر بهم الزمن، يعني وجد في القرن السادس فما دونه صحيح صيادلة ليس عندهم من الفقه شيء، بل كثير منهم شأنه شأن العوام، إنما عنده مرويات يتلقاها الطلبة عنه فقط فلا يستطيع أن يقدم أو يؤخر، يعني بمثابة كتاب هذا موجود، لكن هل هذه صفة أهل الحديث؟ أبدًا ليست هذه صفة أهل الحديث، فكون-القواعد- قواعد المحدثين فيها نظر على مقتضى نظر الفقهاء لا يضيرها أبدا، والقول بأن الفقهاء هم الأطباء والمحدثون هم الصيادلة هذا يتصور في من؟ في أهل الحديث الصرف يعني أهل الرواية المجردة عن الدراية يوجد، نعم يثبتون لنا الحديث ثم بعد ذلك نحن نستنبط، والآن يوجد دعاوى على طرفي نقيض، من الناس من يقول انصرف إلى الحديث ولا تنظر في الفقه ألبتة، ومن الناس من يقول عليك أن تعتني بما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا تبحث في طرقه ولا في أسانيده ولا في رواياته استنبط منه مباشرة وأنت مرتاح من هذا العناء وهذا التعب، لكن ما المانع أن يعتني الإنسان بالحديث ويثبت الحديث على مقتضى اجتهاده ثم يستنبط منه؟ لا شك أنه بهذه الطريقة يحصل عنده التصور التام وإلا فقد يتخلف عنه الدليل في كثير من المسائل إذا كان فقيها صرفا، أو يتخلف عنه كيفية الاستنباط على مقتضى نظر أهل الفقه الذين جاء مدحهم إذا كان محدثا صرفا، فلا بد من الجمع بين الأمرين، وقد يقول قائل: إن العمر يفنى قبل أن نستطيع أن نوفق بين الأمرين: فإما أن نكون فقهاء ونأخذ الأحكام الجاهزة من أهل العلم ونقلدهم ونستنبط، وإما أن نكون محدثين ونشتغل بالحديث ونترك الفقه لأهله، نعم العمر لا يستوعب جميع هذا لكن على الإنسان أن يسدد ويقارب، فإذا ثبت عنده الخبر نظر فيه وفيما يدل عليه من الأحكام، قد يقول: إن كثيرا من طلاب العلم الذين لهم العناية بالحديث ليست لديهم الأهلية للاستنباط؛ لأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع النصوص المتعارضة، نقول لا بد من معرفة كيفية التعامل مع هذه النصوص المتعارضة وذلك بالنظر في علوم الحديث، في أصول الفقه، في قواعد التفسير، في علوم اللغة بجميع فروعها، أيضا في النظر في التفاسير، والنظر في شروح الحديث، الذي عنده خبرة بالشروح وله معاناة لهذه الشروح لا شك أنه تتولد لديه ملكة في الاستنباط والفهم والنصوص، "وأما السلامة من الشذوذ والعلة فقال الشيخ تقي الدين في الاقتراح في هذين الشرطين نظر وعلى مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء" نقول مع ذلك لا يضيرها كونها تجري أو لا تجري، العبرة بأهل الشأن وأهل الفن، وكلام ابن دقيق العيد هو له مشاركة في الحديث، لكن خبرته بالفقه والأصول أعظم، من قرأ كتابه شرح العمدة عرف أنه محسوب على الفقهاء والأصوليين أكثر من ميله إلى الحديث وإن كان له مشاركة في الحديث، "قال ابن الصلاح وزين الدين فالصحيح ما اتصل إسناده بنقل عدل ضابط عن مثله من غير شذوذ ولا علة قادحة" هذا تعريف ابن الصلاح وتبعه عليه زين الدين الحافظ العراقي في ألفيته يقول:
فالأول المتصل الإسناد
|
|
بنقل عدل ضابط الفؤاد
|
عن مثله من غير ما شذوذ
|
|
وعلة قادحة فتوذي
|
هذا تعريفه والأصل أنه لابن الصلاح، فالصحيح عندهما ما اجتمعت فيه الشروط الخمسة اتصال السند، عدالة الرواة، تمام الضبط، انتفاء الشذوذ، انتفاء العلة القادحة، فإذا توافرت هذه الشروط الخمسة فإن الخبر يكون صحيحا ومجمعا على قبوله، ولا علة قادحة، ولسنا بحاجة إلى معرفة العدل والضابط وشرح التعريف والمحترزات هذه شرحت في مناسبات كثيرة ويأتي بعضها في تعريف الضبط، ويأتي تعريف الشذوذ والعلة والقادح منها وما لا يقدح في أبواب- إن شاء الله تعالى- "قال الشيخ تقي الدين- وهو ابن دقيق العيد- لو قيل هذا الحديث الصحيح المجمع على صحته لكان حسنا" لو قيل هذا الحديث يعني هذا الحديث المحدود بكلام ابن الصلاح والحافظ العراقي، لو قيل هذا الحديث المذكور في هذا الحد في هذا التعريف الصحيح المجمع على صحته لكان حسنا؛ "لأن من لا يشترط هذه الشروط لا يحصر الصحيح في هذه الأوصاف ومن شرط الحد الجمع والمنع" نقول كلام ابن دقيق العيد وإن كان له وجه لكنه مسبوق، ابن الصلاح نص عليه، وأن هذا هو الصحيح المجمع عليه ومن شرط الحد الجمع والمنع "قال ابن الصلاح هذا صحيح باتفاق أهل الحديث" يعني هذا الصحيح المتفق على قبوله عندهم "قال زين الدين وإنما قيد نفي الخلاف بأهل الحديث- يعني ابن الصلاح- قيد نفي الخلاف بأهل الحديث لأن في المعتزلة من يشترط العدد حكاه الحازمي في شروط الأئمة" لأن الحد عند ابن الصلاح ما اتصل إسناده بنقل عدل ضابط يعني ولو بواحد من المعتزلة من اشترط التعدد لصحة الخبر، ويستدلون لهم أدلة عمر- رضي الله عنه- رد خبر أبي موسى في الاستدلال حتى انضم وانضاف إليه أبو سعيد، يستدلون بمثل هذا لكن قولهم مردود، فقبول خبر الواحد الذي يتفرد به هو الذي عليه العمل وعليه الأدلة المتظافرة المتكاثرة، كون المعتزلة يشترطون العدد لا عبرة بخلافهم ولا التفات إلى قولهم وعندنا أعظم كتاب بعد كتاب الله جل وعلا صحيح البخاري أول حديث فرد وآخر حديث فرد، والإشكال ليس في مخالفة المعتزلة، الإشكال من مثل الكرماني مثلا وقبله الحاكم وابن العربي وإليه يومئ كلام البيهقي في بعض المواضع، الإشكال من هؤلاء كيف يزعمون أن التعدد شرط البخاري؟! التعدد في الرواة أنه لا يخرج حديثا من طريق واحد، وأول حديث في البخاري وآخر حديث في البخاري يردان هذه الدعوى، حديث «الأعمال بالنيات» فرد مطلق حديث «كلمتان خفيفتان على اللسان» أيضا فرد مطلق كما بين ووضح في مناسبات كثيرة، هذا رد على الكرماني وجهل صارخ بالكتاب الذي يشرحه، كيف يزعم أن شرط البخاري لا يخرج حديثا إلا من أكثر من طريق، وأول حديث في الصحيح من طريق واحد ولا يصح عن غيره، وكرر هذا الكلام في أكثر من موضع من شرح البخاري، أيضا يومئ إليه كلام الحاكم وأن البخاري لا يخرج أو يصح الخبر عموما إلا أن يرويه اثنان عن اثنين، والبيهقي أيضا يُفهم من كلامه شيء من ذلك، ابن العربي في حديث البحر «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» يقول لم يخرجه البخاري لأنه ليس على شرطه لأنه من رواية أبي هريرة فقط، ماذا عن حديث الأعمال بالنيات وهو من رواية عمر فقط، وحديث كلمتان خفيفتان على اللسان من حديث أبي هريرة فقط، ولم يصح عن غيره ماذا يقول ابن العربي في هذين الحديثين وغيرهما من غرائب الصحيح؟ على كل حال كلامهم ضعيف ومردود ولا عبرة به ولذا يقول الصنعاني في نظم النخبة لما ذكر العزيز وأنه ما روي من طريق اثنين عن اثنين:
قال وليس شرطا للصحيح فاعلم
|
|
..........................
|
في نسخة:
..........................
|
|
وقيل شرط وهو قول الحاكم
|
وفي نسخة أخرى قال:
وليس شرطا للصحيح فاعلم
|
|
وقد رمي من قال بالتوهم
|
وقد رمي من قال بالتوهم، يعني واهم الذي يقول بهذا الاشتراط.
يقول المؤلف- رحمه الله تعالى- "قلت بل مذهب البغدادية من المعتزلة اشتراط التواتر" ولا شك أن هذا المذهب الهدف منه والغرض منه إلغاء السنة إلغاء السنة، إن كانوا يشترطون التواتر في كل أبواب الدين فلا شك أن هذا إلغاء للسنة؛ لأن من أهل العلم من نفى وجود المتواتر أصلا وإنما كلها آحاد ولا يعني أنها آحاد أنها من رواية واحد لا، إنما لم تبلغ حد التواتر، ومن أثبت المتواتر حكم بأنه قليل وليس بكثير، فعلى هذا السنة بكاملها إلا الشيء اليسير ملغى عند هؤلاء المعتزلة، نعم من المبتدعة المعتزلة ويوافقهم الأشعرية أن خبر الآحاد لا يقبل في العقائد ولا شك أن هذا قول مردود؛ لأن الدين متساوي الأقدام فما يقبل في العبادات يقبل في المعاملات، وما يقبل في المعاملات يقبل في العقائد وهكذا، فالصحيح يقبل وكذلك الحسن يقبل في جميع أبواب الدين يعني في العبادات في المعاملات في العقائد في غيرها، "بل مذهب البغدادية من المعتزلة اشتراط التواتر وعندي أنه لو لم يقيد نفي الخلاف بذلك كما فعل الشيخ تقي الدين لكان صحيحا ويحمل على إجماع الصحابة ومن بعدهم حتى حدث هذا الخلاف" نعم يحمل الاتفاق والإجماع الذي حكاه على إجماع الأمة قاطبة من الصحابة والتابعين حتى وجد المخالف الذي يقول بالتعدد ولا عبرة به بعد إجماع من قبله، ولا عبرة بالمخالف بعد أن ثبت الإجماع ممن قبله حتى حدث هذا الخلاف "وسوف يأتي تعريف الحسن والضعيف وغيرهما" إن شاء الله تعالى.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.