شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب صلاة التراويح وفضل ليلة القدر (عام 1428 هـ) - 29
المُقَدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه أجمعين. أيُّها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في شرح كتاب الصوم، من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح. في بداية هذه الحلقة نرحّب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.
حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المُقَدِّم: لازال الحديث مستمرًّا عن ليلة القدر وأقوال أهل العلم في المسألة، أحسن الله إليكم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أمَّا بعد:
فذكرنا ما قاله، أو ما نقله ابن بطال عن الطبري من أقوال أهل العلم في تحديد ليلة القدر، ثم بدأنا في كلام الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف، فذكرنا من قوله أنَّه حُكِيَ عن بعضهم أنَّها رفعت لكن هذا القول مردود، ورُوي عن محمد بن الحنفية أنَّها في كل سبع سنين مرة، لكنه لا يثبت عنه؛ لأنَّ في إسناده ضعفًا، وعن بعضهم أنَّها في كل السنة، يعني في الأشهر الاثني عشر، ولا تختص برمضان، وهذا حُكي عن ابن مسعود وطائفة من الكوفيين. يقول: ورُوي عن أبي حنيفة، وقال الجمهور: هي في رمضان في كل سنة، وهذا نقض للأقوال الثلاثة الماضية، هي في رمضان في كل سنة، ثم منهم من قال: هي في الشهر كله يعني من واحد إلى
المُقَدِّم: ثلاثين.
الثلاثين إلى آخره، وحُكي عن بعض المتقدمين: أنَّها أول ليلة منه في الشهر كله، حُكي عن بعض المتقدمين أنَّها في أول ليلة منه، وقالت طائفة: هي في النصف الثاني منه، وقد حُكِي عن أبي يوسف ومحمد، يعني احتمال أن تكون ليلة السادس عشر، السابع عشر، الثامن عشر، التاسع عشر، يعني قيل بعض هذا القول المجمل، السابع عشر، والتاسع عشر فيما مضى، وقد حُكِيَ عن أبي يوسف ومحمد، وقد تقدم قول من قال: إنَّها ليلة بدر، على اختلافهم هي ليلة سبع عشرة أو تسع عشرة.
وقال الجمهور: هي منحصرة في العشر الأواخر، واختلفوا في أي ليالي العشر أرجى، فحُكِي عن الحسن ومالك أنَّها تُطلب في جميع ليال العشر أشفاعه وأوتاره، ورجَّحه بعض أصحابنا، من؟ الكلام مازال.
المُقَدِّم: لمن؟
لابن رجب.
المُقَدِّم: الحنابلة.
نعم، حُكِي عن الحسن ومالك أنَّها تُطلب في جميع ليال العشر أشفاعه وأوتاره، ورجَّحه بعض أصحابنا، وقال: لأنَّ قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «التمسوها في تاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو خامسة تبقى» إنْ حملناه على تقدير كمال الشهر كانت أشفاعًا، وإن حملناه على ما بقي منه حقيقة كان الأمر موقوفًا على كمال الشهر، فلا يعلم قبله فإن كان تامًّا كانت الليالي المأمور بها بطلبها أشفاعًا، وإن كان ناقصًا كانت أوتارًا، فيوجب ذلك الاجتهاد في القيام في كلا الليلتين الشفع منها والوتر، وقال الأكثرون: بل بعض لياليه أرجى من بعض؛ لأنَّ القول الأول: تُطلب في جميع ليالي العشر من غير ترجيح لليلة على غيرها، يعني ما في فرق بين ليلة إحدى وعشرين وثنتين وعشرين، ولا بين سبع وعشرين وليلة ثمانٍ وعشرين.
قال الأكثرون: بل بعض لياليه أرجى من بعض، وقال: الأوتار أرجى في الجملة. بعض لياليه أرجى من بعض بالجزم، بالجزم على الإبهام، ثم قال: وقال: الأوتار أرجى في الجملة، قال: في الجملة لا على سبيل الجزم، نعم؛ للاختلاف في الأوتار على ما تقدم. ثم اختلفوا أي أوتاره أرجى، فمنهم من قال: ليلة إحدى وعشرين وهو المشهور عن الشافعي لحديث أبي سعيد، وقد ذكرناه فيما سبق، وحُكي عنه- عن الشافعي- أنَّها تُطلب ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، قال في القديم: من الذي قال؟ الشافعي، في القديم يعني في مذهبه القديم؛ لأنَّ عند الشافعية القديم والجديد، يعني ما كان في العراق وما كان في مصر، والفتوى على.
المُقَدِّم: الجديد.
الجديد، إلا في مسائل، مسائل ذكرها النووي في مقدمة المجموع، وذكرها السيوطي في آخر الأشباه والنظائر، هذه الفتوى فيها على القديم، يعني هناك أحمد عنده روايات، ومالك روايات، أبو حنيفة أيضًا، لكن الإمام الشافعي- رحمه الله- عنده القولان القديم والجديد، وحُكِيَ عنه أنَّها تُطلب ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، قال في القديم: كأني رأيت- والله أعلم- أقوى الأحاديث فيه ليلة إحدى وعشرين، دليله، يقول: كأني رأيت- والله أعلم- أقوى الأحاديث فيه ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وهي التي مات فيها علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-. يعني مصادفة أو موافقة وفاة علي- رضي الله عنه- هل هذا مرجح لأن تكون ليلة القدر؟
المُقَدِّم: أبدًا.
لا يُمكن، يعني إذا قلنا إنَّ ليلة بدر ليلة النصر.
المُقَدِّم: الفرقان.
نعم، ففيها يعني وجه لأهل العلم، لكن كونه مات فيها علي بن أبي طالب- رضي الله عنه وأرضاه- إمام لا يُماري أحد في إمامته، أمير المؤمنين، مناقبه لا تُعد ولا تُحصى، ولا يُمكن أن تُحصر، لكن مع ذلك نربط ليلة القدر بوفاة علي بن أبي طالب؟ أو نقول إنَّ أهل العلم جروا على ذكر النظير في الجملة؛ ليكون طالب العلم ليضبط هذه الليلة؛ لأنَّه يتحدث مع أناس يعرفون الليلة التي قُتل فيها علي بن أبي طالب مثلًا، فيريد أن تُضبط، دائمًا يقرنون المعنويات بشيء من المحسوسات؛ من أجل الضبط، أو يقول ليلة ثلاث وعشرين ويركز عليها من باب المصادفة، مات فيها علي بن أبي طالب، كما يُضم النظائر مع أنَّها لا أثر لها.
المُقَدِّم: صحيح.
في كونها ليلة القدر، وقد جاء في ليلة السابع عشرة.. يعني في حلقة سبقت، في حلقة ماضية، قلنا، ذُكر أنَّه يُستحب الاكتحال في يوم عاشوراء، وذكر ابن رجب أنَّ هذا وضعه قتلة الحسين، يعني من أجل أن نصحح ما تقدم، قال: وضعه قتلة الحسين، واستغربنا كون قتلة الحسين.
المُقَدِّم: المفروض يضعه أصحاب الحسين.
نعم.
المُقَدِّم: هذا قلناه.
هذا قلناه، لكن جاءني رسالة من بعض الأفاضل قال: إنَّ الاكتحال فرح، وليس بحزن، الاكتحال دليل على الفرح فهو مناسب لأن يضعه قتلة الحسين، هذا كلام طيب.
المُقَدِّم: صحيح.
وهي التي مات فيها علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-، وقد جاء في ليلة سبع عشرة وليلة أربع وعشرين وليلة سبع وعشرين، انتهى كلام الشافعي- رحمه الله-. وقد روي عن علي وابن مسعود- رضي الله عنهما-: أنَّها تطلب ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين. وحُكى للشافعي قولان آخران: القول الأول: إحدى وعشرين، والثاني: اثنتين وعشرين، وحُكي للشافعي قولان آخران: أرجاها ليلة ثلاث وعشرين، وهذا سبق في القول الثاني، إلا إذا كان قصده قولان آخران يُضافان إلى الأول الذي هو ليلة إحدى وعشرين، أرجاها ليلة ثلاث وعشرين، وهذا قول أهل المدينة، وحكاه سفيان الثوري عن أهل مكة والمدينة، وممن رُوي عنه أنه كان يوقظ أهله فيها ابن عباس وعائشة، وهو قول مكحول، يعني لكثرة ما ورد في «سابعة تبقى».
ورجحت طائفة ليلة أربع وعشرين، وأيضًا عمدته «سابعة تبقى» ليلة أربع وعشرين، رجحت طائفة ليلة أربع وعشرين وهم: الحسن وأهل البصرة، وقد رُوي عن أنس، وكان حُميد وأيوب وثابت يحتاطون فيجمعون بين الليلتين، أعني ليلة ثلاث وأربع؛ لأنَّ مما يدل على ليلة ثلاث وأربع «سابعة تبقى» على الاحتمالين، وابن عباس يرجح ليلة سبع وعشرين، وهؤلاء يرجحون «سابعة تبقى» ثلاث وعشرين أو أربع وعشرين، كلها لِما في السبع.
المُقَدِّم: من خصوصية.
من خصوصية جاءت بها نصوص كثيرة، وجاء ما يدل على أنَّ ابن عباس استدل عليها بما جاء في أنَّ السماوات سبع، والأراضين سبع، والطواف سبع، وكذا سبع، إلى آخره، لكن مثل هذا ما يُمكن أن يكون مرجحًا بين نصوص كلها صحيحة وثابتة يرجّح بمثل هذا، فضلًا عن كون.
المُقَدِّم: الحساب، يثبت عنه الحساب- رضي الله عنه-، أو عن.
سيأتي، رجحت طائفة ليلة أربع وعشرين وهم: الحسن وأهل البصرة، وقد روي عن أنس، وكان حميد وأيوب وثابت يحتاطون فيجمعون بين الليلتين، أعني ليلة ثلاث وأربع، ورجحت طائفة ليلة سبع وعشرين، وحكاه الثوري عن أهل الكوفة قال: ونحن نقول هي ليلة سبع وعشرين؛ لما جاءنا عن أُبي بن كعب، وممن قال بهذا أبي بن كعب، وكان يحلف عنه ولا يستثني أنَّها ليلة سبع وعشرين، وزر بن حبيش وقال: كان عمر وحذيفة وأناس من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- لا يشكون أنَّها ليلة سبع وعشرين خرّجه ابن أبي شيبة، وهو قول أحمد وإسحاق، وذهب أبو قلابة إلى أنَّها تنتقل في ليالي العشر، ورُوي عنه أنَّها تنتقل في أوتاره خاصة، وممن قال بانتقالها في الليالي العشر: المزني وابن خزيمة، وحكاه ابن عبد البر عن مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، كيف الانتقال مع أنَّهم رجحوا ليالي بعينها؟ وممن قال بانتقالها في ليالي العشر: المزني وابن خزيمة وحكاه ابن عبد البر عن مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور.
يقول ابن رجب- رحمه الله-: وفي صحة ذلك عنهم بُعد، وإنَّما قال هؤلاء إنَّها في العشر وتُطلب في لياليه كله، واختلفوا في أرجى ليلة كما سبق، وهذا لا يعني أنَّهم يقولون إنَّها تنتقل كل سنة في ليلة، اختلفوا في أرجى لياليه في جميع السنوات ليلة بعينها، وهذا يختلف عن قول أبي قلابة. استدل من رجح ليلة سبع وعشرين بأنَّ أبي بن كعب كان يحلف على ذلك ويقول بالآية أو بالعلامة التي أخبر بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «أنَّ الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها» خرجه مسلم، وخرجه أيضًا بلفظ آخر عن أبي بن كعب- رضي الله عنه- قال: والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقيامها هي ليلة سبع وعشرين.
ثم قال- ابن رجب-: وقد استنبط طائفة من المتأخرين من القرآن أنَّها ليلة سبع وعشرين من موضعين:
أحدهما: أنَّ الله تعالى كرر ذكر ليلة القدر في سورة القدر في ثلاثة مواضع. عدَّها.
المُقَدِّم: ثلاثة مواضع وهي سبعة أو تسعة، ثلاثة في سبعة، يضرب يعني يجعلها عملية حسابية.
الشيخ: يعني عدَّ الثلاث مواضع.
المُقَدِّم: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [سورة القدر:1-3].
نعم، استنبط طائفة من المتأخرين من القرآن أنَّها ليلة سبع وعشرين من موضعين:
أحدهما: أنَّ الله تعالى كرر ذكر ليلة القدر في سورة القدر في ثلاثة مواضع منها، وليلة القدر حروفها.
المُقَدِّم: تسع. ثلاثة في تسع بسبع وعشرين.
والتسع إذا ضربت في ثلاثة فهي سبع وعشرون. هذا موضع.
والثاني: أنه قال: {سَلَامٌ هِيَ} [سورة القدر:5] فكلمة {هِيَ} هي الكلمة السابعة والعشرون في السورة، فإنَّ كلمات هذه السورة ثلاثون كلمة. ظاهر؟
المُقَدِّم: نعم.
قال ابن عطية.
المُقَدِّم: هو ظاهر لكن هل يصح أم ما يصح؟
الآن الكلام واضح.
المُقَدِّم: واضح.
طيب، لكن رجحانه هل هو ظاهر أم لا، هذا محل الإشكال. قال ابن عطية: هذا من مُلح التفسير لا من متين العلم. قال ابن رجب: وهو كما قال. يعني يُمكن أن يُذكر هذا مع حشد الأدلة في آخرها في ذيلها إذا انتهت الأدلة يُمكن أن يُقال مثل هذا، إمَّا أن يُرجح به بين نصوص صحيحة متساوية فلا، حكاه أيضًا ابن حزم عن ابن بكير المالكي وبالغ في إنكاره وقال: إنَّه من طوائف الوسواس، ولو لم يكن فيه أكثر من دعواه أنَّه وقف على ما غاب من ذلك عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، كلام متجه أم غير متجه؟
المُقَدِّم: بلى.
لكن حديث «ربَّ مبلغ أوعى من سامع» هذا يترك المجال للمتأخر المجتهد المتأخر المعتني بالنصوص المقتفي لآثارها أنَّه قد يلوح له من المرجحات في مسألة من المسائل، إضافة إلى ما ذكره المتقدمون شيء لم يتعرض له المتقدمون، وهل نقول: إنَّ هذا غاب عن النبي- عليه الصلاة والسلام-، أو غاب عمن تقدم؟ يعني في قوله: «ربَّ مبلغ أوعى من سامع» تأتي إلى مسألة راجحة عند جمع من أهل العلم، وهناك قول آخر وللقولين من الأدلة ما ينهض على أنَّ هذا القول معتبر عند أهل العلم، ثم يرجح هذا قوم، ويرجح هذا قوم، فتُذكر الأدلة، وتُذكر المرجحات، ثم يأتي فقيه نابغة يلوح له من خلال مجموع النصوص أمور لا هو ترجيح في أحد القولين.
المُقَدِّم: دلائل.
ترجيح قول رُجِّح سابقًا وأدلته قائمة ومرجحاته قائمة يلوح له مرجح ما ذكره المتقدمون، هذا يحتمل قوله- عليه الصلاة والسلام-: «ربَّ مبلغ أوعى من سامع»، وكم ترك الأول للآخر، لكن ما يأتي بقول جديد، يأتي بدليل جديد لم يُسبق إليه أبدًا.
ومما استدل به من رجح ليلة سبع وعشرين بالآيات والعلامات التي رأيت فيها قديمًا وحديثًا، وبما وقع فيها من إجابة للدعوات، وذكر ابن رجب- رحمه الله- قصص وحوادث يُستدل بها على أنَّ ليلة القدر سبع وعشرين، ومن أراد استيعاب الأقوال فليرجع إلى طرح التثريب، في الجزء الرابع من مائة وخمسين إلى مائة وتسع وخمسين، وفي فتح الباري في الجزء الرابع من مائتين واثنين وستين، إلى مائتين وست وستين وقال ابن العربي بعد أن ذكر ثلاثة عشرة قولًا فيها، والصحيح منها أنَّها لا تُعلم، والصحيح منها- يعني من هذه الأقوال- أنَّها لا تُعلم، هذا كلام ابن العربي. وقال العراقي في طرح التثريب: هو معنى قول بعض أهل العلم أخفى الله تعالى هذه الليلة عن عباده؛ لئلا يتكلوا على فضلها ويقصروا في غيرها، فأراد منهم الجد في العمل أبدًا. طيب ما الحكمة من هذا الإخفاء؟
المُقَدِّم: الاجتهاد.
نعم، يقول العلماء كما في فتح الباري: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة، وهذه الحكمة مطردة عند من يقول إنها في جميع السنة، من أجل أن يجتهد الناس في جميع السنة، وفي جميع رمضان أيضًا مطردة.
المُقَدِّم: نعم.
أو في جميع العشر مطردة، أو في أوتاره خاصة إلا أن الأول ثم الثاني أليق به. الأول الذي هي في.
المُقَدِّم: جميع السنة.
جميع السنة، والثاني.
المُقَدِّم: جميع رمضان.
جميع رمضان، لماذا؟
المُقَدِّم: لئن يجتهد الناس.
لأنَّ المساحة تكون أوسع للاجتهاد. اختلف العلماء أيضًا هل لها علامات، علامة تظهر لمن وفقت له أم لا؟ تفترض شخصًا قام ليلة القدر وفي مكان لا يتمكن فيه من معرفة العلامات التي تقدمت، في مسجد مثلًا.
المُقَدِّم: منشغل وما خرج.
محاط من جميع الجهات.
المُقَدِّم: وما خرج.
وفيه مكيفات، لا يُقال حر ولا برد، وأيضًا ما خرج ولا رأى العلامات التي ذكرها أهل العلم بما فيها المرفوع والموقوف، يعني بين الناس يصلي، هل يحس بهذه الليلة أو لا؟ اختلفوا هل لها علامة تظهر لمن وفّقت له أم لا، يقولون: لمن وفّقت له، أو الأفضل أن يُقال: لمن وفِّق لها؟ هل لها علامة تظهر لمن وفّقت له؟ يعني حصل له الاتفاق، نعم، أمَّا من قامها فقد وُفِّق لها، فقيل: يرى كل شيء ساجدًا، يعني وإن كان في مكان مغلق يرى كل شيء ساجد، وقيل: الأنوار في كل مكان ساطعة، وهذا متجه يعني في وقتهم قبل انتشار الأنوار الساطعة الآن، لا شك أنَّها قد تغطي هذه الأنوار، حتى في المواضع المظلمة، وقيل يسمع كلامًا أو خطابًا من الملائكة، وهذا كله بناءً على حديث عائشة، اعتمادا على حديث عائشة، وحديث أو أخبار جاءت عن بعض السلف أنَّهم أحسوا بها، نعم، وقيل: يسمع سلامًا أو خطابًا من الملائكة، وقيل: علامتها استجابة دعاء من وفقت له، واختار الطبري أنَّ جميع ذلك غير لازم، يعني لو أنَّ شخصًا صلى مع الناس وانتهى من الصلاة، ولا يعلم أنَّ هذه ليلة القدر، واختار الطبري أنَّ جميع ذلك غير لازم، وأنَّه لا يشترط لحصولها رؤية شيء ولا سماعه، واختلفوا أيضًا هل يحصل الثواب المرتب عليها لمن اتفق له أنَّه قامها وإن لم يظهر له شيء، أو يتوقف ذلك على كشفها له، إلى الأول ذهب الطبري أنَّه يحصل له أجرها وإن لم يظهر له شيء، إلى الأول ذهب الطبري والمهلب وابن العربي وجماعة، وإلى الثاني ذهب الأكثر- كلام ابن حجر-، ويدل له ما وقع عند مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: «من يقم ليلة القدر فيوافقها» أو يوافقها. «من يقم ليلة القدر فيوافقها» منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية المسبوقة بالشرط. وفي حديث عبادة عند أحمد: «من قامها إيمانًا واحتسابًا ثم وفقت له»، ثم قال النووي: معنى يوافقها أي يعلم أنَّها ليلة القدر فيوافقها، ويحتمل أن يكون المراد يوافقها في نفس الأمر وإن لم يعلم هو ذلك.
قلت: فضل الله أليق بالاحتمال الثاني.
المُقَدِّم: ونحن نسأل الله- تبارك وتعالى- من فضله وكرمه وجوده أن يجعلنا وإيَّاكم جميعًا ممن وفّق لقيام ليلة القدر، فننال فيها عظيم الثواب والأجر، نسأله- سبحانه- أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، ويجعلنا وإيَّاكم من المقبولين، وأن يغفر لنا ولكم الزلل والخطأ، إنَّه جواد كريم. أيُّها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإيَّاكم إلى ختام هذه الحلقة، نلقاكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة وأنتم على خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.