شرح العقيدة الطحاوية (39)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:

فويل لمن ضاع له في القدر قلبًا سقيمًا وفي نسخة فويل لمن صار قلبه في القدر قلبًا سقيمًا، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرًا كتيمًا، وعاد بما قال فيه أفاكًا أثيمًا."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فتختلف نسخ الطحاوية في هذه الجملة حيث يوجد في كثير منها: فويل لمن ضاع له في القدر قلبًا سقيمًا، كيف ضاع له في القدر قلبًا سقيمًا ضياع القلب السقيم..

طالب: ..........

إلى أين؟ على أين؟

طالب: ..........

يعني فويل لمن ضاع له في القدر قلبًا سقيمًا.. الثانية: فويل لمن صار قلبه في القدر قلبا سقيما، هذه الجملة أوضح يمكن توجيه الجملة الأولى؟

طالب: ..........

ضاع يعني ضل له في القدر.

طالب: ..........

ما هو؟

طالب: ..........

هي صار.. لا بد أن تكون صار لتنصب، أو صار له في القدر قلبٌ، ليس قلبًا حتى صار.

طالب: ..........

هذا صحيح أي نسخة؟

طالب: ..........

إيه هذا الصواب.

طالب: ..........

أعد..

طالب: ..........

لحظة.. فويل لمن صار..

طالب: ..........

تعالى..

طالب: ..........

خصيما..

طالب: ..........

نعم..

طالب: ..........

وأحضر.. نعم انتهينا من أحضر..

طالب: ..........

للنظر.. قولا سقيما.. طيب.

فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيمًا، الجملة مستقيمة، وأحضر للنظر فيه قلبًا سقيمًا.

هذا أصح وأوضح.. الشرح.

"قال الشارح رحمه الله تعالى:

القلب له حياة وموت ومرض وشفاء وذلك أعظم من مال البدن قال تعالى {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} [سورة الأنعام:122]."

مرض القلب لا شك أن أثره أعظم من مرض البدن؛ لأن الخلل الكائن بسبب مرض القلب مرده إلى الدين، والخلل الناتج عن مرض البدن مرده إلى أمور الدنيا والدنيا لا تعدل شيئًا بالنسبة للدين، الدنيا كلا شيء بالنسبة للدين؛ ولذا صار مرض القلب أعظم من مرض البدن.

"أي كان ميتًا بالكفر فأحييناه بالإيمان، فالقلب الصحيح الحي إذا عرض عليه الباطل والقبائح نفر منها بطبعه وأبغضها ولم يلتفت إليها بخلاف القلب الميت فإنه لا يفرّق بين الحسن والقبيح، كما قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر."

لأنه يترتب عليه ألا ينكر المنكر ولا يأمر بالمعروف، بل قد لا يفعل المعروف؛ لأنه لا يدري ولا يعرف أنه معروف، وقد يرتكب المنكر لأنه لا يعرف أنه منكر وهذا أمره خطير، تلتبس عليه الأمور لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا كيف يعمل؟ قد يعمل المنكر يظنه معروفًا وقد يترك المعروف يظنه منكرًا، فضلاً عن كونه ينكر أو يأمر غيره بذلك والله المستعان.

"وكذلك القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضَعفه."

يعني كما تقدم في قوله جل وعلا {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} [سورة البقرة:10] هذا مرض القلوب وفي قوله {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [سورة الأحزاب:32] هذا مرض الشهوة وهذا علاجه أيسر من الأول وأثره أسهل من أثر الأول وإن كان الكل له أثر سيء في حياة المسلم.

"ومرض القلب نوعان كما تقدم: مرض شهوة ومرض شبهة وأردأهما مرض الشبهة وأردأ الشبه ما كان من أمر القدر وقد يمرض القلب ويشتد مرضه."

لأن الشبه في باب القدر أمرها أشد من الشبه في غيره؛ لأن جلاء هذه الشبه فيه صعوبة شديدة؛ لأن الأدلة من النصوص قد توقع من لم ترسخ قدمه في شيء من الاضطراب، والقدرية لهم أدلة والجبرية لهم أدلة لكنهم عملوا بجانب وتركوا الجانب الآخر، والآخرون بعكسهم، ووفق الله- جل وعلا- أهل السنة بأن نظروا إلى الجانبين ونزلوهما منازلهما بواسطة النصوص- نصوص الكتاب والسنة- فاستقامت أحوالهم، فالقدري لا شك أنه مضطرب في حياته؛ لأن أثر القدر سواء كان إيجابًا أو سلبًا أثره كبير على النفس وعلى الفعل، يعني شخص يظن أنه يخلق فعله وأن الله- جل وعلا- لا يتدخل في فعل العبد والعبد خالق فعله كيف يتعامل مع الجزاء والثواب من الله- جل وعلا- في عمل يعمله بنفسه، لا سلطان لله عليه؟ كيف يتعامل؟ وينظر إلى الثواب والعقاب من هذه الحيثية، الثاني: الجبري الذي يرى أنه مثل ورق الشجر يتصرف بقدر الله- جل وعلا- ولا علاقة له بفعله كالميت بين يدي الغاسل كيف ينظر إلى الثواب والعقاب؟ هذا يجزم بأنه مظلوم إذا عذب وحوسب كيف يعذب على شيء لا يملكه؟ لكن النصوص أثبتت أن الله خالق العباد وخالق أفعالهم وأيضًا أعطاهم من الحرية ما يختارون به ما ينجيهم أو يكبهم في النار- نسأل الله العافية- أعطاهم من الحرية والاختيار والقدرة ما يختارون به الحسن وينحازون به عن القبيح.

"وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يعرف به صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها.."

وأسباب أمراض القلوب كثيرة جدًا منها ما يُدرَك ومنها ما هو خفي، يعني في مثل قول سفيان بن عيينة فُتِح لي أبواب في فهم القرآن فقبلت الصرة من أبي جعفر فأغلِقت، هل هذا يدركه كثير من الناس ممن أوغل في الحياة الدنيا ولهث وراءها يدرك مثل هذا؟! ما يدرك، مثل هذا تجده ينسى من المسائل ومن العلوم ويتطلب الأشياء في وقتها فلم يجدها ما يرجع ذلك إلى خلل في نفسه ما يعيد النظر في نفسه وفي أفعاله وفي تصرفاته والله المستعان.

"بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته وعلامة ذلك أنه لا.."

يموت القلب الذي اتجهت إليه النصوص وصار مناطًا للتكليف وقد يكون قلبه المحسوس المضغة الموجودة في بدنه من أسلم القلوب، يعني يذهب إلى الأطباء يقال ما شاء الله ما عليك أدنى إشكال في قلبك وهو من أشد الناس مرضًا والعكس، قد يكون مرضه عضالا في قلبه، عند الأطباء يحتاج إلى قيصريات ويحتاج إلى عمليات كثيرة ومع ذلك تجده من أحيا الناس قلبًا فيما هو بالنسبة لما يقربه  إلى الله- جل وعلا- ولذلك يمرض وهو لا يشعر.

"وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة."

يعني يسمع مما يجري للمسلمين ويسمع ما يجري في مجتمعات المسلمين من المنكرات والشرور وعظائم الأمور ولا يحرّك ساكنا هذا قلبه حي؟! لا والله ليس بحي.

"فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم بورود القبيح عليه وتألم بجهله بالحق بحسب حياته وما لجرح بميت إيلام."

نعم بعض الأموات تقتضي المصلحة من أجل معرفة سبب موته هل هو جناية أو موت طبيعي أن يشرّح هل يحس بهذا التشريح؟ ما لجرح بميت إيلام، لكن تعال إلى البدن الحي الذي روحه في الجسد لا شك أنه يتألم ويعطى مسكنات ومخدر البنج وغيره لأنه حي وهذا هو الفرق بين الحياة الحسية والحياة المعنوية والموت بضدهما.

"وقد يشعر بمرضه ولكن.."

هذا فيه نوع حياة قد يشعر بمرضه لكن يحول دونه ودون العلاج عدم تحمل هذا العلاج، يعني كثير من المرضى حتى في الأمراض المحسوسة تجده يعطى حمية لا تأكل كذا ولا تأكل كذا، بعض الناس يصبر ويحزم نفسه ويستفيد، وبعض الناس ما يصبر وتجد نفسه تنازعه وفي كثير من الأحيان تغالبه وهذا يتضرر بلا شك.

"ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء والصبر عليها فيؤْثِر بقاء ألمه على مشقة الدواء فإن دواءه في مخالفة الهوى وذلك أصعب شيء على النفس وليس له أنفع منه."

بعض المرضى ينهى عن أنواع من الأكل فإذا قدمت أمامه ضعف صبره فأكل منها فبقي طول ليلته يتقلب في فراشه من الآلام ويعاهد نفسه العهود والمواثيق الغليظة ألا يعود ثم يعود وذلك لعدم صبره على العلاج.

"وتارة يوطِّن نفسه على الصبر ثم ينفسخ عزمه ولا يستمر معه لضعف علمه وبصيرته وصبره كمن دخل في طريق مخوف مفضٍ إلى غاية الأمن وهو يعلم أنه إن صبر عليه انقضى الخوف وأعقبه الأمن فهو محتاج إلى قوة صبر وقوة يقين بما يصير إليه ومتى ضَعُف صبره ويقينه رجع من الطريق ولم يتحمل مشقتها ولاسيما إن عدم الرفيق واستوحش من الوحدة وجعل يقول أين ذهب الناس فلي أسوة بهم وهذه حال أكثر الخلق وهي التي أهلكتهم فالبصير الصادق لا يستوحش.."

يعني من أمثال الناس الدارجة قولهم الموت مع الناس رحمة، المهم أنه يصير مع الناس على خير أو على شر وهو تحقيق لكلام المؤلف أين ذهب الناس؟ فلي بهم أسوة، هل الأسوة بالغوغاء وعامة الناس أو الأسوة بمحمد -عليه الصلاة والسلام- وما جاء به ومن تبعه؟ ولذلكم تجدون في بعض العصور وفي بعض الأمصار الذين على الحق ندرة، قد يكون واحد اثنان، أو قريب من ذلك، وعموم الناس على ضلال سواء كان في العقائد أو في الأعمال {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة الأنعام:116].

"وهذه حال أكثر الخلق وهي التي أهلكتهم فالبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق ولا من فقده إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول {الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً} [سورة النساء:69] وما أحسن ما قال أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة في كتاب الحوادث والبدع قال حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالِف له كثيرًا؛ لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه- رضي الله عنهم- ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم، وعن الحسن البصري- رحمه الله- أنه قال السنة والذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي فاصبروا عليها رحمكم الله فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى وهم أقل الناس فيما بقي الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا مع أهل البدع في بدعهم وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم فكذلك فكونوا.."

وكتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة في جزء صغير مطبوع ومتداول وفيه فوائد نافعة جدًا في هذا الباب، في باب البدع، وهناك الحوادث والبدع للطرطوشي وبينهما اتفاق كبير وأظن أحدهما مختصر من الآخر لكني الآن نسيت من المتقدم من المتأخر.

"وعلامة مرض القلب عدوله عن الإغذية النافعة الموافقة.."

يقول فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، قلة والسواد الأعظم تبعوا من دعاهم إلى هذه البدع والقلوب تسرع إليها، وهم أقل الناس فيما بقي، يعني في بعض العصور تجد بعض البلدان كلها على مذهب معيّن أشعرية أو ما تريدية أو معتزلة ومن دعاهم إلى الحق أنكروا عليه ورموه بالعظائم كما كان في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمة الله عليه- السواد الأعظم على المذاهب الأخرى، على مذهب الأشعرية أو غيره، ثم بعد ذلك في عهد الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رموه بالعظائم وأنه من الخوارج وأنه يُكفر الناس؛ لأنه دعا إلى الحق الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، الترف مذموم في جميع النصوص..

طالب: ..........

نعم.. من السائل؟

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

هو إذا نظر إلى الصحابة في مقابل غيرهم لا يلزم أن يكون في الملة، حتى الصحابة بالنسبة للأمم الأخرى أقل الناس وهو محمول على هذا.

"وعلامة مرض القلب عدوله عن الأغذية النافعة الموافقة له إلى الأغذية الضارة وعدوله عن دوائه النافع إلى دوائه الضار."

يعني تجد من في قلبه مرض ومن في بدنه مرض أو قد يكون المرضان في شخص واحد مرض قلب ومرض بدن، فإذا نصحه الطبيب بادر وامتثل وطبَّق ما يقوله بحذافيره وإذا ذكرت له بعض الأدوية الناجعة النافعة لأمراض القلوب تجده ما يلقي لها بالاً، فهذا إما لزيادة في مرض قلبه أو موت قلبه أو أن أمر الدين لا يهمه، تجد بعض العلاجات التي جاءت في كتب ابن القيم المبنية على النصوص، يعني في أمراض القلب في أوائل كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي علاج عملي للقلوب وأمره يسير وتطبيقه ممكن، لكن تقرأ وتترك الكتاب كأنك ما قرأت شيئا، والأمر سهل يعني لمن يسره الله عليه، ونحن نقرأ وما كأننا نقرأ، نتلذذ ونطرب أثناء القراءة ثم إذا أغلقنا الكتاب ما كأن شيئا صار، والله المستعان.

"فهناك أربعة أشياء غذاء نافع ودواء شافٍ وغذاء ضار ودواء مهلك فالقلب الصحيح يؤْثِر النافع الشافي على الضار المؤذي والقلب المريض بضد ذلك، وأنفع الأغذية غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية دواء القرآن وكل منهما.."

وغذاء الإيمان الذي ينتفع به القلب إنما يزداد ويتأكد ويرسخ بإدامة النظر في آيات الله المقروءة في كتابه وفي آياته الكونية فإذا أدام المسلم النظر في آيات القرآن.

فتدبر القرآن إن رمت الهدى

 

فالعلم تحت تدبر القرآن

وشيخ الإسلام يقول: قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورِث القلب من الإيمان واليقين والطمأنينة شيء لا يدركه إلا من فعله، وابن القيم وهو يتدبر سورة الفاتحة في مكة يقول حصل له أشياء ما كان يحلم بها والله المستعان، ونحن نقرأ القرآن أو نسمع الأخبار أو نقرأ في صحيفة كأنه لا فرق، مثل شخص يقول والله إني بدأت أتردد على المقبرة وأنظر في القبور وفي النهاية صار لا فرق بين القبر وحفرة الزيت التي يغير بها زيت السيارة هذا موت القلوب والله المستعان.

"وأنفع الأغذية غذاء الإيمان وأنفع الأدوية دواء القرآن وكل منهما فيه الغذاء والدواء فمن طلب الشفاء في غير الكتاب والسنة."

يوجد كتاب اسمه الغذاء والدواء أو الغذاء لا الدواء أو شيء من هذا طبع بالمئات، طبعت منه مئات الطبعات وبالألوف المؤلفة وينفد من الأسواق؛ لأن أثره على ماذا؟ على البدن الناس يهتمون بصحتهم، تجده يجوب الأسواق يمينا وشمالا ويجري وعنده أجهزة طبية من أجل ماذا؟ من أجل المحافظة على الصحة وهذا شيء طيب، هذا مطلوب لئلا تنقطع لتؤدي ما طلب منك وما خلقت من أجله إنما هو وسيلة ليس هو الغاية لكن أين الغاية؟ فرطنا في الغاية، الآن الغاية فرطنا فيها واهتممنا بالوسيلة هذا لا شك أنه خلل في العقل قبل أن يكون خللاً في الدين.

"فمن طلب الشفاء في غير الكتاب والسنة فهو من أجهل الجاهلين وأضل الضالين فإن الله تعالى يقول: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [سورة فصلت:44].."

الغالب أن الذي يستفيد ويهتدي وينتفع بالقرآن هو المؤمن وأما من عداه من كُتب له الإيمان يدركه والغالب أن غير المؤمن لا يستفيد، لكن من كتب له الإيمان وكتبت له السعادة ينتفع ولو لم يكن مؤمنا كما جاء في الصحيح من حديث جبير بن مطعم أنه سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور قبل أن يسلم قال كاد أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي والله- جل وعلا- يقول عن النصارى: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [سورة المائدة:83] ومع الأسف أن كثيرًا من المسلمين يسمعون كلام الله ولا يحرك فيهم ساكنا وذلك لتمكن واستحكام أمراض القلوب.

"وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} [سورة الإسراء:82] ومِن في قوله {مِنَ الْقُرْآنِ} [سورة الإسراء:82] لبيان الجنس لا للتبعيض.."

لبيان الجنس وعلى هذا جميع القرآن شفاء، والشفاء أعم من أن يكون في أمراض الأبدان شفاء الأمراض، الأبدان، والقلوب، والأعمال، وإلا فقد يقول قائل أنه لو جيء براقٍ لشخص مريض فقرأ عليه {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [سورة المسد:1] قد ينتقد، من بيانية والقرآن كله شفاء، بعضهم يقول أنه كما تكون الأدوية بالتجربة تكون الرقية بالتجربة، وكأن الشيخ ابن القيم يميل إلى شيء من هذا، ويذكر أشياء وآيات مخصوصة لبعض الأمراض، وعلى كل حال إذا قارنّا ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في الرقية لنفسه ولغيره مع ما جاء في القرآن وطبقنا هذا على هذا عرفنا ما يقرأ على المرضى ويبقى أن القرآن كله شفاء {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [سورة فصلت:44] والشفاء أعم من أن يكون لأمراض الأبدان وأمراض القلوب، المقصود أن من أهل العلم أيضًا من يقول إن مِن للتبعيض {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} [سورة الإسراء:82] للتبعيض منه ما هو شفاء لأمراض الأبدان، يعني بعضه شفاء لأمراض الأبدان وبعضه لأبواب أخرى من أبواب الدين، بعضه للعقائد، وبعضه للأحكام، وبعضه للآداب، وبعضه لكذا وكذا، فمن هنا للتبعيض وقال به بعض أهل العلم، لكن الجمهور على أن من هنا لبيان الجنس فالقرآن كله شفاء.

"وقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [سورة يونس:57] فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة وما كل أحد يؤهَّل للاستشفاء به وإذا.."

يقول ابن القيم- رحمه الله- السيف بضاربه لا بحده يعني القرآن قوي ونفَّاذ وثقيل ومؤَثِّر؛ لأنه كلام الله، كالسيف الصقيل لكن هل السيف الصقيل في يد زيد مثله في يد عمرو؟ أو يختلف باختلاف القوة، قوة هذا عن قوة الآخر؟ وكذلك القرآن تأتي إلى راقٍ عُرِف بعلمه وعمله واستقامته وصدقه مع الله- جل وعلا- وطيب مطعمه وهذا مهم جدًّا فيؤَثِّر، ويأتي آخر يرقي الناس وهو مخلِّط وحكم الرقية حكمة الدعاء تحتاج إلى آداب الدعاء وتحتاج إلى شروط الدعاء إلى آخره، أحد المشايخ الذين ماتوا قبل بضع سنين جيء له بماء ليقرأ فيه وهذا قد يعدّه بعض الناس- لأنه ما يدرك مثل هذه الأمور- ضربا من الخيال، فقرأ الفاتحة، قال صاحب الماء يا شيخ ما تكفي الفاتحة كلنا نقرأ الفاتحة، قال تكفي، أصرَّ عليه فقرأ المعوذتين فانكسر الكأس، كما يقول السيف بضاربه لا بحدِّه، فالقرآن بتاليه القرآن هو القرآن وهو شفاء وكله شفاء لكن من يقرأ القرآن زيد أو عمرو أو فلان أو علّان، مخلِّط يأكل ما يتورّع عن الشبهات وقد يغشى المحرمات مثل هذا أنى يستجاب له والله المستعان.

"وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاوم الداء أبدًا وكيف.."

الداء لا يستطيع مقاومة هذا الدواء.

"وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدَّعها أو على الأرض لقطَّعها فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهمًا في كتابه وقوله.."

يعني تظن من يجيز ويسهِّل أمر الأموال المختلِطة والمشتبِهة وغيرها، ثم بعد ذلك من يُفتى بهذا قد يتجرأ ويتجاوز ويأكل ما حرَّم الله عليه مثل من قاء أجرة رقيقه الذي تكهَّن بها في الجاهلية؟! هو لا يعرف غيرها، أبو بكر-رضي الله عنه-لما جاء له بالطعام فأكل قال هذه أجرة تكهَّنت بها في الجاهلية فقاءه ما قال إثمك عليك ولا علينا منك، هذا يقوله كثير من الناس الآن، يقول لابأس، يأتي بالعامل يقول: نحن متفقون معه على أن يأتي لنا كل شهر بكذا، يعمل ما شاء، أو من يؤجر أو يستعمل المحلات من البيوت والشقق والدكاكين فيما حرم الله-جل وعلا- يقول: لا، الإجارة متعددة الأغراض ولا علي أن أبحث من وراء ذلك «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة».

"وقوله لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرًّا كتيمًا أي طلب بوهمه.."

فعيل بمعنى مفعول يعني مكتوم، سر مكتوم عن الخلق.

"أي طلب بوهمه في البحث عن الغيب سرًّا مكتوما إذ القدر سر الله في خلقه فهو يروم ببحثه الاطلاع على الغيب وقد قال تعالى {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} [سورة الجن:26] إلى آخر السورة، وقوله وعاد بما قال فيه أي في القدر أفَّاكًا كذَّابًا أثيمًا أي مأثومًا."

لا شك أن الإيغال في مسائل القضاء والقدر مزلة قدم وضاع بسببها كثير من أصحاب العقول والأفهام من الأذكياء والعباقرة كل هذا لأنهم لم يتورعوا عن الإيغال في هذه المسائل.

"قوله والعرش والكرسي حق كما بين تعالى في كتابه قال تعالى {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [سورة البروج:15] وقال تعالى {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [سورة غافر:15] وقال تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طـه:5] وقال تعالى {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [سورة الأعراف:54] في غير ما آية من القرآن.."

آيات الاستواء هي سبع في القرآن كما هو معلوم.

"في غير ما آية من القرآن {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [سورة المؤمنون:116] {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [سورة النمل:26] {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} [سورة غافر:7] {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [سورة الحاقة:17] {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [سورة الزمر:75] وفي دعاء الكرب المروي في الصحيح «لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم» وروى الإمام أحمد في حديث الأوعال عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «هل تدرون كم بين السماء والأرض؟» قال قلنا الله ورسوله أعلم قال «بينهما مسيرة خمسمائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض والله فوق ذلك ليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء» ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وروى أبو داود وغيره بسنده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حديث الأطيط أنه -صلى الله عليه وسلم- قال «إن عرشه على سماواته كهكذا» وقال بأصابعه مثل القبة الحديث، وفي صحيح البخاري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-."

حديث الأطيط مضعَّف عند أهل الحديث، وشيخ الإسلام له كلام فيه في مجموع الفتاوى الجزء الخامس والعشرون من الفتاوى صفحة خمسمائة  وست وخمسين..

طالب: ..........

لا، ليس فيه خمسمائة أين خمسمائة! هو يقول خمسمائة، هنا نقل عن شيخ الإسلام

 يقول: أورد الشيخ حديث جبير بن مطعم مرفوعا وفيه: إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سمواته فقال بأصبعه أو بأصابعه مثل القبة وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد بالراكب، يقول: ذبّ شيخ الإسلام عن هذا الحديث فكان مما قاله: وهذا الحديث قد يطعن فيه بعض المشتغلين بالحديث انتصارًا للجهمية وإن كان لا يفقه حقيقة قولهم وما فيه من التعطيل أو شاع لما فيه من ذكر الأطيط كما فعل أبو القاسم المؤرخ يعني ابن عساكر مع أن هذا الحديث وأمثاله وفيما يشبهه في اللفظ والمعنى لم يزل متداولاً بين أهل العلم خالفًا عن سالف، ولم يزل سلف الأمة وأئمتها يروون ذلك رواية مصدِّق به رادّ به على من خالفهم من الجهمية متلقين ذلك بالقبول، يقول نقض التأسيس، انظر مجموع الفتاوى الجزء السادس عشر، صفحة أربعمائة  وخمسة وثلاثين، وفيه: قال إن عرشه وكرسيه وسع السموات والأرض وإنه يجلس عليه فما يفضل منه قدر أربعة أصابع، أو فما يفضل منه إلا قدر أربعة أصابع وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه ولفظ الأطيط يعني هذا غير حديث «أطت السماء وحق لها أن تئط» لأن ذلك هو المشهور بالحديث وهو الذي عليه كلام أهل العلم، وأكثرهم على الكلام على أطت السماء وهذا أيضًا فيه.. قال: ولفظ الأطيط قد جاء في حديث جبير بن مطعم الذي رواه أبو داود في السنن وابن عساكر عمل فيه جزءًا وجعل عمدة الطعن في ابن إسحاق، والحديث رواه علماء السنة كأحمد وأبي داود وغيرهما وليس فيه إلا ما له شاهد من رواية أخرى، ولفظ الأطيط قد جاء في غيره لكن كثير ممن رواه رووه بقوله إنه ما يفضل منه إلا أربعة أصابع فجعل العرش يفضل منه أربعة أصابع، واعتقد القاضي وابن الزاغوني ونحوهما صحة هذا اللفظ فأمرُّوه وتكلموا على معناه بأن ذلك القدر لا يحصل عليه الاستواء، وذكر عن ابن العائذ قال هو موضع جلوس محمد -صلى الله عليه وسلم- على كل حال من حيث الصناعة الحديثية متكلم فيه، وكلام الأئمة الذين تكلموا فيه يعني يربأ بهم أن يكونوا طعنوا موافقة للجهمية أو غيرهم، أدلة العلو وأدلة الاستواء هذه أدلة قطعية في نصوص الكتاب والسنة ما نحتاج إلى أن ندعمها بحديث متكلَّم فيه وإذا استروحنا وملنا إلى ثبوته لا نطعن في الأئمة الذين تكلموا عنه، وشيخ الإسلام إمام حتى في الحديث، قيل فيه: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث يعني لا يتكلم- رحمة الله عليه-من فراغ لكن نظره إلى المعاني أكثر من نظره إلى الأسانيد، ونظره إلى المتون أكثر من النظر إلى الأسانيد، وبعض الأئمة الذين يضعفون مثل ما ضعف هذا الحديث وغيره نظرهم هو نظر أئمة الحديث إلى الصناعة.

طالب: ..........

كذلك ضعيف حتى ذا ضعيف.

طالب: ..........

{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ} [سورة الحاقة:17] هذا ابن كثير في تفسير سورة الحاقة دعونا نرى حديث الأوعال مذكور، انظر ابن كثير الجزء الأخير..

طالب: ..........

الأكثر الأئمة على تضعيفه لكن من حيث المعنى شيخ الإسلام لا يرى فيه إشكالا.

طالب: ..........

وش هو؟

طالب: ..........

انظر الشعب التي هنا.. الشعب تجدها هنا.. افتح الثاني الذي وراءه ستجده.. هذا حديث الأوعال «هل أتدرون كم بين السماء والأرض» نعم، مابه؟

طالب: ..........

الأخير؟

طالب: ..........

{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ} [سورة الحاقة:17]..

طالب: ..........

ماهو؟

طالب: ..........

هذا الثامن؟

طالب: ..........

لا، الثامن أوله في أثنائه في أوائله.

طالب: ..........

وجدته؟

طالب: ..........

{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ} [سورة الحاقة:17].

وقوله {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ} [سورة الحاقة:17]..

انظر الحديث على طول.

أذن لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه مخفق الطير سبعمائة عام.. هذا هو؟

لا، هذا الحديث سيأتي.

ما ذكر حديث الأوعال يا شيخ.

حديث الأوعال ما ذكر؟! لا، هو مذكور إلا إذا كان في هذه الطبعة ما ذكر.

نعم، الظاهر أنه ما ذكر في هذه الطبعة؛ لأنه تكلم بعدها عن {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ} [سورة الحاقة:18]..

المقصود أن الحافظ ابن كثير تكلم عليه فليراجع، هناك شيخ من شيوخ الإسماعيلية بل شيخهم قاطبة جاء من الهند إلى بعض الدول المنتسبة إلى الإسلام مع الأسف الشديد فغلا به قومه فحملوه على سرير، وحمل السرير ثمانية وهم يرددون هذه الآية- نسأل الله العافية-.

"وفي صحيح البخاري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «إذا سألتم الله الجنة فسلوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن» يروى وفوقه بالنصب على الظرفية وبالرفع على الابتداء أي وسقفه، وذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة وربما سموه الفلك الأطلس والفلك التاسع وهذا ليس بصحيح لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة كما قال -صلى الله عليه وسلم- «فإن الناس يُصعقون فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور»."

وفي الرواية «أم هو مما استثنى الله أم هو ممن استثنى الله» يعني في قوله {إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ} [سورة النمل:87] يعني ما صعق أصلاً.

"والعرش في اللغة عبارة عن السرير الذي للملِك.."

للملِك أحسن الله إليك؟

إيه إيه.

عندنا مكتوب للملَك.

{وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [سورة النمل:23].

"عبارة عن السرير الذي للملِك كما قال تعالى عن بلقيس {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [سورة النمل:23] وليس هو فلكًا ولا تَفهم منه العرب ذلك، والقرآن إنما نزل بلغة العرب فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة وهو كالقبة على العالَم وهو سقف المخلوقات فمن شعر أمية بن أبي الصلت:

مجدوا الله فهو للمجد أهل

 

 ربنا في السماء أمسى كبيرا

بالبناء العالي الذي بهر النـ

 

ـاس وسوى فوق السماء سريرا

شرجعا لا يناله بصر العـ

 

ـين ترى حوله الملائك صورا

الصور هنا جمع أصور هو المائل العنق لنظره إلى العلو، والشرجع هو العالي المنيف والسرير هو العرش في اللغة ومن شعر عبد الله بن رواحة رضي الله عنه."

أمية بن أبي الصلت جاهلي وكاد أن يسلم وأسلم شعره وكفر قلبه كما قال أهل العلم في ترجمته قد يروى  هذا مرفوعا.

"ومن شعر عبد الله بن رواحة- رضي الله عنه- الذي عرَض به.."

عرَّض.

"الذي عرَّض به عن القراءة لامرأته حين اتهمته بجاريته شهدت بأن وعد.."

هي رأته بعينها فوق الجارية يطؤها فأنكر، قالت اقرأ القرآن فقرأ هذه الأبيات على أنها قرآن يعرِّض، والزوجة من إيمانها ويقينها صدَّقت سمعها وكذبت بصرها، والله المستعان يعني ليست متوقعة أن مسلما يقرأ القرآن وعليه جنابة.

"

شهدت بأن وعد الله حق

 

وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء طافٍ

 

وفوق العرش رب العالمين

وتحمله ملائكة شداد

 

ملائكة الإله مسوِّمينا

ذكره ابن عبد البر وغيره من الأئمة."

وغيرُه.

"ذكره ابن عبد البر وغيرُه من الأئمة وروى أبو داود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «أُذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش إن ما بين أذنيه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام."

أو ما بين شحمة أذنه..

"إن ما بين شحمة أذنيه.."

لا، أنت اقرأ كما عندك لكن الذي في سنن أبي داود شحمة أذنه ونبه عليها في الحاشية.

"ورواه ابن أبي حاتم «ولفظه مخفق الطير سبعمائة عام» وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك كيف يصنع بقوله تعالى {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [سورة الحاقة:17]."

يعني يحملون ملكه، يعني إذا يحمل عرش ربك يعني ملكه على هذا التأويل الباطل الفاسد يومئذ ثمانية.

"وقوله {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [سورة هود:7] أيقول ويحمل ملكه يومئذ ثمانية وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذًا بقائمة من قوائم الملك هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول؟! وأما الكرسي فقال تعالى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} [سورة البقرة:255] وقد قيل: هو العرش، والصحيح أنه غيره نقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره روى ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش والحاكمِ في مستدركه.."

والحاكمُ والحاكمُ.

"أحسن الله إليك.

والحاكمُ في مستدركه وقال إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} [سورة البقرة:255] أنه قال الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى وقد روي مرفوعًا والصواب أنه موقوف على ابن عباس وقال السدي السموات والأرض في جوف.."

لكن مثل هذا لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع.

"وقال السدي السموات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش."

طالب: ..........

لكن لو كان عبد الله بن عمرو صحيح.

طالب: ..........

لا، هو ما ينتفي الإيراد لكن يبقى أن مثل هذا الصحابة متفاوتون بعضهم عرف بالأخذ من الإسرائيليات والإكثار من ذلك، وابن عباس يفسِّر القرآن، تفسير القرآن جاء فيه من الوعيد الشديد ما يجعل ابن عباس يحتاط، وتفسير ابن عباس معتبر عند أهل العلم.

"وقال ابن جرير قال أبو ذر رضي الله عنه سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض» وقيل كرسيه علمه.."

كل هذا يدل على عظمة هذه المخلوقات فكيف بعظمة الخالق؟

كمِّل..

"وقيل كرسيه علمه ويُنسب إلى ابن عباس والمحفوظ ما رواه ابن أبي شيبة كما تقدم، ومن قال غير ذلك فليس له دليل إلا مجرد الظن والظاهر أنه من جراب الكلام المذموم كما قيل في العرش وإنما هو كما قال.."

كما قيل في العرش الذي تقدم نقله وأنه الملك.

"وإنما هو كما قال غير واحد من السلف بين يدي العرش كالمرقاة إليه."

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

 

اللهم صل وسلم على البشير النذير...

"