شرح رسالة أبي داود لأهل مكة (2)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا واحد من الإخوان: بالنسبة لابن البطي أبو فتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان المعروف بابن البطي، يقول الفيروزآبادي في القاموس: بطة أو بِطة بالكسر عين بالحبشة يعني موضع بالحبشة، وبالفتح أبو عبد الله بن بطة العكبري مصنف الإبانة، وبالضم أبو عبد الله بن بُطة الأصبهاني وبلديوه محمد بن موسى وعبد الوهاب بن أحمد، وبط قرية بطريق دقوقا وأبو الفتح البطي المحدث نسيب إنسان من هذه القرية فعرف به، أبو الفتح صاحبنا يقول: أبو الفتح البطي المحدث نسيب إنسان من هذه القرية فعرف به، وقال الزبيدي في تاج العروس بط قرية بدقوقا وقيل بالأهواز وتعرف بنهر بط، قيل لأنه كان عندهم مراح البط فقالوا نهر بط كما قالوا دار بطيخ، وقيل بل كان يسمى نهر نبط لأنه كان لامرأة نبطية فخفف وقيل نهر بط.
وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان بن البطي المحدث البغدادي من كبار المسندين كان نسيب إنسان من هذه القرية فعرف به نقله الحافظ وغيره، وقيل بأن أحد جدوده كان يبيع البط.
الأخ الباحث يقول: يؤيد هذا القول - يعني كان يبيع البط - ويقويه أن أخيه ينسب إلى هذه النسبة أيضاً كما ذكر صاحب التكملة فلو كان كما ذكر صاحب القاموس لم ينسب أخوه إلى ذلك أيضاً، والله تعالى أعلى وأعلم.
قال أبو الحسن الجزري ابن الأثير في تهذيب الأنساب البطي بفتح الباء الموحدة والطاء المشددة هذه نسبة إلى البطة وهو لقب لبعض أجداد المنتسب إليه وإلى بيع البط، أما الأول فهو ابن بطة العكبري البطي كان من فقهاء الحنابلة تكلموا فيه توفي في محرم سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وأبو الفتح صاحبنا محمد بن عبد الباقي وغيره وكان ثقة غير أنه كان يعتقد مذهب النجارية، نسأل الله العصمة، وتوفي في شعبان سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، يقول لعل هذا وهم أو خطأ مطبعي فالمطبوع لا يتوفر عندي.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: وكان توفي يوم الخميس سابع وعشرين جماد الأولى سنة أربع وستين وخمسمائة يعني الفرق قرنين من الزمان.
في تكملة الإكمال باب البطي والبطيء بالهمز، أما الأول بفتح الباء وتشديد الطاء والمهملة فهو أبو الفتح إلى آخره صاحبنا، وأخوه الثاني، الأول البطي والثاني البطيء ما ذكر منهم أحد، يعني ذكره لكن لا حاجة لنا به، يعني بهذا كله نعرف أنه بالتشديد.
سم.
أحسن الله إليك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف رحمه الله تعالى أما بعد عافانا الله وإياكم عافية لا مكروه معها ولا عقاب بعدها فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب السنن أهي أصح ما عرفت في الباب، ووقفت على جميع ما ذكرتم فاعلموا أنه كذلك كله إلا أن يكون قد روي من وجهين صحيحين فأحدهما أقوم إسناداً والآخر صاحبه أقدم في الحفظ فربما كتبت ذلك ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث ولم أكتب في الباب إلا حديثاً أو حديثين وإن كان في الباب أحاديث صحاح فإنه يكثر وإنما أردت قرب منفعته، وإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين أو ثلاثة فإنما هو من زيادة كلام فيه، وربما تكون فيه كلمة زيادة على الأحاديث، وربما اختصرت الحديث الطويل، لأني لو كتبته بطوله لم يعلم بعض من سمعه المرادَ منه، ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في مطلع هذه الرسالة يقول الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: فإني أحمد إليكم الله: يعني التعدية بـ إلى ذكر المحقق محقق طبعة من الطبعات قوله: أحمد إليكم الله أي أحمد معكم الله وأحال إلى كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، وهنا يجعل التقارض بين الحرفين إلى ومع، وهذا معروف عند كم من أهل العلم، إذا عدي الفعل بحرف وهو في الأصل يتعدى بدون حرف أو تعدى بحرف غير ما كان يتعدى به، فإما أن يقال أن الحرف معناه معنى حرف آخر لأصلبنكم في جذوع النخل، قالوا: في بمعنى على، وتقارب الحروف معروف عندهم، وبهذا يقول كثير من أهل العلم من العلماء من الفقهاء من المفسرين، من اللغويين وغيرهم.
فشيخ الإسلام رحمه الله تعالى يميل إلى تقارض الأفعال وتضمين الأفعال لا تضمين الحروف فكأنه على رأي شيخ الإسلام لا تكون كما قال الخليل إن إلى بمعنى مع وإنما فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو كأنه قال فإني أبعث إليكم أني أحمد الله جل وعلا الذي لا إله إلا الله، فيأتي بفعل يعدَّى بـ إلى" أبعث إليكم، أو أرسل إليكم، لا سيما وأن هذه رسالة، فلا نحتاج إلى أن نؤول حرف بحرف، نضمن الفعل بفعل آخر وهذا ترجيح شيخ الإسلام وله وجهه، ويوجد من يقول به من أهل العلم، والسبب في ذلك أن شيخ الإسلام يميل إلى تضمين الأفعال دون تضمين الحروف، قال لأن المبتدعة في كثير من تصرفاتهم ضمنوا الحروف معاني حروف أخرى، فيريد رحمه الله تعالى أن يتحاشى هذا لا سيما وأن له وجه، ويقول به جمع أهل العلم من اللغويين وغيرهم.
طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، قول ابن عباس أحمد إليكم... يدخل في نفس المدخل، أحمد إليكم....
لا بد من أن تأتي بفعل يتعدى بما عدي به هذا الفعل الذي عدي بحرف لا يتعدى به في الغالب، فإما أن يكون الفعل لازم ويعدى بحرف لكنه بغير الحرف المذكور أو يكون متعد يتعدى بنفسه فيعدى بحرف وحينئذ يضمن .... معناه كاللازم.
طالب: الخطابي في غير ..... قال: أرضاه لكم.
المقصود أنه إذا وجد حرف عدي به هذا الفعل والعادة أنه يعدى بغيره من الحروف أو يتعدى بنفسه لا بد أن نضمن الفعل معنى فعل يتعدى بنفس الحرف المذكور والذي معنا رسالة فكأنه قال: أرسل إليكم أو أبعث إليكم هذا ظاهر كأنه يبعث في هذه الرسالة إليهم أنه يحمد الله الذي لا إله إلا هو وهذا أقرب من كونه يحمد معهم لأنه ليس بينهم وليس عندهم، لأنه أرسل إليهم هذه الرسالة.
أما بعد: فأما حرف شرط، وبعد: قام مقام الشرط مبني على الضم لما ذكر سابقاً من أنها؛ لأن المضاف إليه محذوف مع نيته فيبنى على الضم، ويختلف أهل العلم في أول من قال أما بعد على ثمانية أقوال يجمعها قول الناظم:
جرى الخلف أما بعد من كان بادئًا *** بها عد أقوام وداود أقرب
ويعقوب وأيوب الصبور وآدم *** وقس وسحبان وكعب ويعرب
عافانا الله وإياكم: الأصل أن يكون جواب أما مقترناً بالفاء، ولذلك أنا على شك في موضع أما بعد هنا، فإما أن يقال: إنها قبل هذا الموضع بسطر، أما بعد: فإني أحمد إليكم، أو تكون الجملة التي بعدها مقترنة بالفاء؛ لأنها من لازمها أن تقترن بالفاء.
أما بعد: فقلنا أنها بهذه الصيغة أم بعد: جاء فيها أكثر من ثلاثين حديثاً عن النبي عليه السلام، وأنها لا تحتاج إلى ثم كما يقول بعضهم وهي موجودة ثم في تفسير الطبري، وفي أول القرن الرابع، والمحقق محمود شاكر وهو من أهل المعرفة بالأساليب العربية يقول: إن الطابع حضر ثم لجهله بالأساليب العربية، ونحن نقول ثم لا داعي لها، ولم تذكر ولا في حديث واحد عن النبي عليه الصلاة السلام، وقد صح عنه أكثر من ثلاثين حديثاً في أما بعد، فلا داعي لثم، ولو استعملها أبو جعفر بن جرير وهو إمام من أئمة اللغة؛ لأن لنا قدوة هو الرسول عليه الصلاة والسلام ما ذكر ثم، وأما إبدال أما بالواو كما يفعله المتأخرون وهذه حادثة إبدال أما بالواو حادثة في القرن العاشر يعني أول من وقفت عليه ممن استعمالها متأخر.
وفي شرح الزرقاني على المواهب قال: إن الواو تقوم مقام أما ولا داعي لما يقوم مقام مع إمكان الأصل والاقتداء إنما يتم بقولنا: أما بعد عافانا الله وإياكم عافية هكذا ينبغي للمسلم أن يدعو لنفسه ولإخوانه عافانا الله وإياكم عافية لا مكروه معها: يعني لا مكروه يصاحبها يعني مع هذه العافية لا تقترن بمكروه بل عافية صافية، لكن هذا لا يكون في الدنيا إنما العافية التي لا مكروه معها إنما هي في الجنة، أما الدنيا لا بد فيها من الكدر ولا بد فيها من المصائب ((ومن يرد الله به خيراً يصب منه)).
ومكلف الأيام رد طباعها *** متطلب في الماء جدوة نار
فالمكروه لا بد منه في هذه الدنيا وإلا لما كان للجنة مزية، لو كانت العافية في الدنيا التي لا مكروه فيها موجودة، ما كان للجنة مزية، ولا عقاب بعدها، يعني بعد هذه العافية وبعد تمام المدة وبعد قبض الروح لا عقاب بعدها.
فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب السنن أهي أصح ما عرفت في الباب؟: الكلام تام ولا ناقص؟ يكفي أن يقال: أهي أصح ما عرفت في الباب أو نحتاج أن نقول أم لا؟ السؤال: تام؟ نعم. المعنى واضح ما فيه إشكال لكن هل من لازم السؤال بالهمزة أن يؤتى بعدها بأم أم ليس من لازمها ذلك؟ أما إذا كانت همزة التسوية أو همزة قائمة مقام أي الأمرين كذا فلا بد من أمر والعطف بعدها بأمر.
وأم بها اعطف إثر همز التسوية *** أو همزة عن لفظ أي مغنية
وهنا همزة الاستفهام ليست للتسوية {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ} (6) سورة البقرة، فلا يحتاج إليها والكلام تام هنا.
أهي أصح ما عرفت في الباب ووقفت على جميع ما ذكرتم فاعلموا أنه كذلك: تأكيد كله، كذلك، الآن الكاف هذه جارة ولا ليست جارة؟ لو قال: فاعلموا أن ذلك كله صحيح، نعم والكاف هذه من أصل الكلمة ولا زائدة حرف جر.
طالب:........
نعم، يعني تجر الإشارة، نقول: إن ذلك كَلَه، أو نقول: كذلك كلِهِ؟ أو هي من أصل الكلمة كذلك كنتم، نعم، هل هي مثل كذا وكذا، من أصل الكلمة أو هي زائدة حرف جر يجر الإشارة، فنقول: كذلك كلِهِ.
طالب:......
نعم، يعني جارة داخلة على الإشارة، هذا الذي يظهر.
إلا أن يكون قد روي من وجهين صحيحين فأحدهما أقوم إسناداً والآخر صاحبه أقدم في الحفظ فربما كتبت ذلك: وهنا كلام كثير جداً في أقوم وأقدم وخلاف بين النسخ ويترتب عليه فهم المعنى، فأحدهما أقوم إسنادا والآخر صاحبه أقدم في الحفظ فربما كتبت ذلك: على هذه الكتابة على هذا المثبت يقول: إلا أن يكون يعني الحديث قد روي من وجهين صحيحين فأحدهما أقوم إسنادا يعني أرجح وأقوى إسناداً والآخر صاحبه أقدم، والقدم يترتب عليه العلو فعندنا إسناد راجح وإسناد صحيح لكنه مرجوح وهو أعلى من الإسناد الأول الراجح نازل والمرجوح عالي وكلاهما صحيح.
على هذا الفهم يستقيم الكلام إذا قال أقوم يعني أقوى إسنادا والآخر صاحبه أقدم يعني أعلى في الحفظ أقدم في الحفظ يعني صاحبه الراوي الذي اخترته وإن كان مرجوحاً إلا أنه أقدم في الحفظ فربما كتبت ذلك، كتبت الأعلى وأعرضت عن النازل وإن كان أقوى وأصح.
ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث: إذا نظرنا إلى أحاديث سنن أبي داود فأعلى ما فيها، أعلى ما فيها، أعلى ما في البخاري الثلاثيات، وفيه اثنان وعشرون حديثا ثلاثياً، ومسلم أعلى ما فيه الرباعيات ما فيه ثلاثيات عوالي مسلم كلها رباعيات، توجد ثلاثيات عند ابن ماجه لكن سنن أبي داود فيها ثلاثيات ولا لا؟
طالب: رباعيات.
فيها رباعيات لكن حديث أبي برزة في الحوض ظاهره أنه ثلاثي لأنه وصل إلى أبي برزة من طريق اثنين فهو إما ثلاثي أو في حكم الثلاثي؛ لأن أبا برزة دخل على الوالي دخل على الأمير وتحدث معه بحديث أساء فيه الأدب: إن محمديكم هذا الدحداح، يلمز الصحابي بصحبته للنبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك حدثه بحديث الحوض فلما خرجوا من المجلس من السماط كما قال في الحديث، ذكر رجل أن أبا برزة حدث بحديث الحوض، فصارت الواسطة بين أبي داود وبين النبي عليه الصلاة والسلام في حديث الحوض في القصة، القصة ثلاثية، ما فيها إشكال، لكن بالحديث الذي هو المقصود فيه أيضاً دخل هذه الواسطة الذي لم يسم، حدثني رجل كان معهم في السماط أنه قال كذا، فمن نظر إلى القصة بظاهرها قال: أنها ثلاثة، فهي ثلاثية، ولذلك قال بعضهم أن في سنن أبي داود حديث ثلاثي، ونفى آخرون أن فيه حديثاً ثلاثياً، وكلامهم كلهم يدور على هذا الحديث، وقد يقول قائل: كيف يختلف في حديث أنه ثلاثي أو رباعي والعدد موجودة؟ كل إنسان يستطيع يعد، فهذا السبب، القصة ثلاثية، والخبر المرفوع الذي هو المقصود حديث الحوض، دخل فيه هذا الرجل المبهم، فهو رباعي. وعلى هذا أعلى ما في سنن أبي داود الرباعيات.
يقول: ولا أرى في كتابي هذا عشرة أحاديث: هل يستطيع عالم أو طالب علم بارع، يستطيع أن يستخرج لنا هذه العشرة الأحاديث؟ تستطيع الآلات أن تخرج لنا هذه الأحاديث العشرة؟
طالب: وين نلقى الأقوى، ويش درينا، هذا جمع طرق.
عنده عنده.
طالب:....
قد يكون الأقوم عنده غير أقوم عند غيره، وأنت ما أنت تحاكمني إلى كلامه هو، فهذه لا يمكن الوصول إليها، بينما إذا قلنا أن في صحيح مسلم أربعة أحاديث يرويها الإمام البخاري أنزل من مسلم، يرويها الإمام مسلم عن طريق رجل، والبخاري يرويها عن طريق رجل عن ذلك الرجل، هذه نستطيع الحصول عليها؟ سهل، يعني الذي له عناية في الصحيحين ويقيد الفوائد يجدها. والذي بعد له خبرة بالآلات ويعرف كيف يستخدمها يمكن يستخرجها.
طالب:.......
لا في عوالي مسلم، عوالي مسلم تذكر. المقصود أن مثل هذه العشرة لا أكاد أجزم أنه لا يمكن ولا يستطاع ولو حفظت سنن أبي داود، لو شخص يستظهر سنن أبي داود لن يستطيع أن يستخرج هذه الأحاديث، لكن من له معرفة بالطرق وله معرفة خاصة بهذا الكتاب ويعرف أقوال أبي داود المنقولة عنه، نعم، يمكن أن يصل إلى شيء من ذلك، وإذا الآلات لا تخدم في مثل هذا.
طالب:........
إيه يرجع إلى القوة، لكن أنت تجمع طريق، تجمع طرق ذكرها أبو داود، وطرق لم يذكرها، وتوازن بين هذه وهذه فتنظر أيهما أقوم عنده، لا عند غيره.
طالب: على شرطه هو.
عنده هو.
قال رحمه الله: ولم أكتب في الباب إلا حديث، نعود إلى الطبعة الثانية من الكتاب في الجملة السابقة، يقول: فاعلموا أنه كذلك كله إلا أن يكون قد روي من وجهين صحيحين فأحدهما أقدم إسناداً، والآخر صاحبه أقوم في الحفظ.
طالب: انقلبت.
انقلبت المسألة.
طالب: العكس.
والآخر صاحبه أقوم في الحفظ فربما كتبت ذلك.
طالب: يعني نزول عن علو، عكس.
هنا يكتب إيش؟
طالب: الأعلى.
لا، هو على النسخة الأولى يكتب الأعلى، وهنا يكتب النازل هذا هو الأصل أن يكتب النازل إذا كان أقوم وأصح، هذا الأصل، فلماذا يقول فربما كتبت ذلك؟ ربما كتبت ذلك، ربما للتقليل فكونه يكتب النازل؛ لأنه أقوى وأصح هذا هو الأصل، وعند أهل العلم نظافة الأسانيد أولى من العلو، نظافة الأسانيد مع النزول أولى عندهم من العلو مع كون الأسانيد أقل.
فربما كتبت ذلك: لا داعي لأن يكتب ربما هنا، ولا داعي أن ينبه على مثل هذا لأن هذا هو الأصل.
طالب: الأرحج.
نعم.
طالب: الأرجح بين النصوص.
عندي أن الراجح هو الأول.
طالب: في النسخ.
نسخة الصباغ أرجح.
هنا يعلق المحقق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة يقول: في مخطوطة الظاهرية أقوم إسنادا والآخر صاحبه أقدم في الحفظ، هذا في نسخة الظاهرية وهو الذي اعتمده الصباغ، وفي نسخة الحافظ السيوطي أحدهما أقوم إسنادا والآخر صاحبه أقدم في الحفظ.
طالب:........
نفسه، وأثبته الكوثري تبعا لما جاء في فتح المغيث أقدم إسناداً والآخر صاحبه قدم في الحفظ.
وجاء في شروط الأئمة الخمسة للحازمي نقلاً عن رسالة أبي داود: أحدهما أقدم إسناداً والآخر صاحبه أقوم في الحفظ، وكذا هو في المخطوطة إلى آخره فأثبته كذلك. لكن المعنى يؤيد ما أثبته الصباغ؛ لأنه جاء بربما التي تدل على التقليل ولم يعدل عن الجادة المسلوكة عند أهل العلم إلا نادراً، ويريد أن يبين أنه على الجادة يقدم الأقوى وإن كان أنزل لكنه ربما خالف هذه الجادة، فربما إنما تأتي في المخالفة لا على ما كان على الجادة.
طالب:.......
إلا أن يكون قد روي من وجهين أحدهما أقوى إسناداً والآخر صاحبه أقدم في الحفظ فربما كتبت ذلك، توافق كلام الصباغ. توافق كلامه.
ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث، ثم قال بعد ذلك ولم أكتب في الباب إلا حديثا أو حديثين: أبو داود يحفظ أكثر من نصف مليون حديث وباستطاعته أن يكتب في كل باب عشرات الأحاديث؛ بإمكانه أن يكتب في كل باب عشرات الأحاديث؛ لأنه يحفظ أكثر من خمسمائة ألف حديث.
ولم أكتب في الباب إلا حديثا أو حدثين، وإن كان في الباب أحاديث صحاح فإنه يكثر: يعني الكتاب، يكثر تكثر أحاديثه، ويكبر حجمه ويصعب اقتناؤه ويصعب حفظه ومعانته.
وإنما أردت قرب منفعته: يعني هل معاناة طلاب العلم في لسنن أبي داود مثل معاناتهم لسنن البيهقي؟ لا؛ لأن هذا أخصر وأقل أحاديث وإمامة أبي داود ليست مثل إمامة البيهقي، وإن كان كل منهما إمام لكن هذا أقدم وهو أصل البيهقي ينقل كثير الأحاديث عن طريقه، وصرّح جمع من أهل العلم أن سنن أبي داود تكفي المجتهد، يعني إذا أراد أن يجتهد في الأحكام يكفيه سنن أبي داود، والغزالي في المستصفى قال: ويضم إليه سنن البيهقي، يعني بكل سهولة يقول: يضم إليه سنن البيهقي وهو أكثر من خمسة أضعافه.
اختصره واقتصر على حديث أو حديثين لئلا يطول الكتاب فيهجر طلاب العلم يصعب عليهم اقتناؤه وتصعب عليهم قراءته والإحاطة به، ولذا يوصى طالب العلم في البداية أن يتدرج فيقرأ في المختصرات التي يمكنه الإحاطة بها، ثم يتدرج إلى ما فوقها الأكبر فالأكبر.
فإنه يكثر، وإنما أردت قرب منفعته: هو اختصر من خمسمائة ألف حديث هذه الأحاديث الأربعة آلاف وثمانمائة يعني كم نسبتها إلى خمسمائة، الخمسة من خمسمائة؟
طالب: واحد بالمائة.
واحد بالمائة، يعني لو تصورنا أن هذا الكتاب المطبوع في مجلدات ثلاثة أو أربعة أو خمسة أحياناً يضرب في مائة كم يكون الحجم؟ يكون دون تحصيله خرط القتاد ودون الإحاطة ومطالعته العمر يفنى قبل تمامه، وأنتم تعرفون أن أعظم مشروع في الكمبيوتر يجمع السنة فيه قريب مما يحفظه أبو داود يعني قريب من خمسمائة ألف حديث بطرقها وألفاظها فشخص واحد يحفظ ما تحفظه هذه الآلات مع أنه شخص مع حفظه يتصرف ويوازن ويستنبط. وهذه الآلات جامدةٌ.
طالب:......
نعم، يستنبط، يستنبط، أهم شيء الاستنباط، ويوفق بين النصوص ويوازن بينها.
المؤذن يستأذن للأذان.
طالب:..........
لا، هذاك يقال في سنن الترمذي، ونقلت في سنن أبي داود، أنه من كانت في بيته سنن الترمذي فكأنما في بيته نبي يتكلم.
طالب: لا تقيهم....
حقت أبو داود قالوا: اقتصر على القرآن مع سنن أبي داود يكفيه عن كل شيء؛ مع أن هذا الكلام كله فيه ما فيه، وأبو زرعة لما عرض عليه سنن ابن ماجة قال: لو علم به محمد بن إسماعيل لأتلف كتابه، كل هذا من باب التشجيع، ومن باب التشجيع على التأليف، وإلا حتى أبو زرعة ما يعتقد ولا يدين الله بأن سنن ابن ماجة أفضل من صحيح البخاري، لكن يقال مثل هذا لطلاب العلم من أجل التشجيع.
قال رحمه الله: وإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين أو ثلاثة فإنما هو من زيادة كلام فيه، يعني يشتمل الحديث المكرر على زيادة في الفائدة، وقد تكون هذه الزيادة في المتن وهذا هو الكثير والغالب عند أبي داود، وقد تكون في الإسناد.
فإنما هو من زيادة كلام فيه، وربما تكون فيه كلمة زيادة على الأحاديث فيخرج الحديث كاملاً من أجل هذه الكلام، أنتم تلاحظون في أحاديث أبي داود أنه يسوقها كاملة، ولا يقتصر على جملة من الحديث؛ لأنه لا يحتاج إلى باقي الحديث كما يصنع الإمام البخاري رحمه الله، بل طريقة أبي داود قريبة من طريقة مسلم إنما يسوق الحديث بتمامه، ولا يقتصر على الجملة التي يريدها من الحديث كصنيع الإمام البخاري؛ لأن مسلمًا رحمه الله وأبا داود وجل من صنف في السنة، جلهم إذا كرر الحديث كرروه في موضعه ما يكرروه في موضع آخر، بخلاف الإمام البخاري رحمه الله تعالى فإن الحديث الواحد المشتمل على عشر جمل يترجم عليه رحمه الله تعالى بعشر تراجم تشمل جميع أبواب الدين أو جل أبواب الدين أو ما يدخل فيه الحديث من أبواب الدين، فتجده يورد الحديث في كتاب الإيمان ويقتصر منه على جملة، ويورده في كتاب الصلاة مثلا يقتصر على جملة منه، ويورده في البيوع ويقتصر على جملة منه، ويورده في المغازي ويقتصر على جملة وهكذا إلى آخر الكتاب... وقد يورد الكتاب في عشرين موضعاً لأنه استنبط منه عشرين حكماً، فلو كرر الحديث كاملاً في عشرين موضع لطال الكتاب، وقد ترك الإمام البخاري من الأحاديث الصحاح الشيء الكبير؛ لأنه يحفظ مائة ألف حديث صحيح، كما أنه يحفظ مائتي ألف غير صحيح فلو حشد جميع ما يحفظه لطال الكتاب.
يقول: ما تركت من الصحاح أكثر خشية أن يطول الكتاب، فطريقة أبي داود تقارب طريقة الإمام مسلم لكن الإمام مسلم قد يسوق الإسناد ولا يذكر المتن فيقول بمثله، بنحوه، يعني مثل المتن الذي تقدمه، ونحو المتن الذي تقدمه، ونستطيع أن نصل إلى اللفظ الذي طواه الإمام مسلم واقتصر على إسناده بمراجعة كتب السنة الأخرى.
طالب: تحفة الأشراف.
لا تحفة الأشراف قد هي تحيلنا على هذه الكتب.
طالب: المستخرجات.
المستخرجات يستفاد منها وكتب السنة الأخرى التي تروي الحديث من نفس الطريق الذي ذكره الإمام مسلم وطوى المتن، ويستفاد أيضاً من الكتب المتأخرة التي تروي الأحاديث بواسطة الأئمة كالبيهقي والبغوي؛ لأنه قد يروي الحديث من طريق مسلم ويذكر المتن فيكون وقف عليه ولو لم يذكره مسلم، وكفانا المؤونة وهذه لا شك أن البحث عنها أمر مهم في صحيح مسلم.
وربما تكون فيه كلمة زيادة على الأحاديث: زيادة وفي بعض النسخ زائدة على الأحاديث وربما اختصرت الحديث الطويل؛ لأني لو كتبت بطوله لم يعلم بعض من سمعه المراد منه، ولا يفهم الموضع الفقهي منه فاختصرته لذلك.
ربما اختصرت الحديث الطويل: يعني سمة سنن أبي داود يعني سوق الحديث وافي، لا أقل كامل بطوله وإنما يذكر الحديث لا يقتصر على جملة منه إنما يذكر منه ما يحتاج إليه، وقد يكون فيه زيادة على ما يحتاج إليه، لكن هو يختصر فالحديث الطويل جداً يختصره لماذا؟ لأنه يشتت القارئ، بعض الناس إذا سقت له حديثاً بطوله وهو يريد منه فائدة معينة أو ترجمت بترجمة بحكم شرعي وذكرت تحتها حديثًا طويلاً، فالطالب أحياناً تمر عليه هذه الفائدة من طول الخبر وهو لا يشعر فلا يستطيع الربط بين الحديث والترجمة.
فمثلا حديث بريرة بطوله أو حديث قصة الإفك بطوله أو أحاديث الطوال. العلماء يستنبطون من بعض الأحاديث أكثر من مائة فائدة، لكن طالب العلم قد لا يصل إلى المقصود أو محل الاستشهاد لهذه الفائدة من هذا الحديث بطوله بعض الناس يشتت ولا يستوعب، وقل مثل هذا في الدروس التي يحصل فيها استطرادات مثلا، بعض الطلاب لا يستطيع أن يلم أطراف الحديث فيستفيد منه الفائدة المرجوة، بينما إذا قيل له هذا الكلام بقدر الحاجة تجده يحصره ويضبطه ويتقنه، لذلك فأبو داود اختصر الأحاديث خشية أن يتشتت القارئ.
وربما اختصرت الحديث الطويل لأني لو كتبته بطوله لم يعلم ما سمعه المراد منه: لأنه لا بد أن يوقف على المراد من الخبر، فإذا كان الحديث مختصر بقدر الترجمة يعني الربط سهل، لكن إذا كانت الترجمة بحكم واحد ثم بعد ذلك سيق الحديث بطوله في عشر جمل أو عشرين جملة، فإن الطالب لا يدري الرابط بين هذه الترجمة وبين أي الجمل قد يفوته ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك، يعني تيسيراً على الطالب وعدم تشتيت ذهن الطالب مقصود لأبي داود -رحمه الله-.
وأما الكلام في المراسيل يأتي إن شاء الله لأنه يحتاج إلى شيء من البسط.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسولنا نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"لا شك أن كلامه هنا يذكر حديثاً أو حديثين يعني في الغالب وقد يزيد حسب الحاجة.
إذا علمت إن امرأة بلغت من العمر سبعين سنة، وهي أمية لا تقرأ ولا تكتب قد أكملت حفظ القرآن، فلا تيأس، لكن عليك أن تهتم لهذا الأمر وتفرض له وقتاً من سنام الوقت لا من أطرافه، ولا يكون ذلك في أوقات الفراغ، أو أوقات الانتظار، إنما تفرغ ولو ساعة هي أهم الساعات في عمرك، إما قبل صلاة الفجر، أو بعد صلاة الفجر، وحينئذٍ يتيسر لك الحفظ فإذا فرغت نفسك هذه الساعة، وعلم الله جل وعلا منك صدق النية فإنه يعينك على الحفظ.
نقول الطالب المبتدئ عليه أن يبدأ بصغار العلم قبل كباره، فيبدأ بالمتون الصغيرة فإذا حفظها وقرأ عليها الشروح وحضر فيها الدروس وسمع الأشرطة وفرغ عليها ينتقل إلى ما بعدها على الجادة المعروفة عند أهل العلم فإذا أتم الدرجات المقررة عند أهل العلم مبتدئين متوسطين منتهين متقدمين عليه أن يقرأ ما شاء بعد ذلك.
القافة: هم ممن يعرف الشبه بين الناس، فيلحق هذا بهذا ويعرف قرب هذا من هذا، وهي موجودة على عهد النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام، وقد فرح النبي عليه الصلاة والسلام فرحاً شديداً، لما قال مجزز المدلجي وهو منهم -من القافة-: إن هذه الأرجل -يعني أرجل أسامة بن زيد- من هذه الأرجل، يعني أرجل زيد بن حارثة، وبينهم من اللون من الاختلاف ما بينهم، حتى كان بعض الناس يتهمون فلما حكم مجزز بأن هذه الأرجل من هذه الأرجل فرح النبي عليه الصلاة والسلام فرحاً شديداً.
أما الاستفاضة: فهي الشيوع والانتشار، انتشار الأمر بين الناس وشيوعه بينهم بحيث يكون الإنسان ملزماً بقبوله، كما يشتهر أن فلان ولد فلان، الناس كلهم يشهدون أن فلان بن فلان، وإنما يشهدون بالاستفاضة؛ وإلا ما منهم واحد حضر لا وقت الوقاع ولا وقت الولادة، وإنما يشهدون بأن فلان بن فلان لأنه استفاض عند الناس من غير نكير ولم يدعيه غير أبيه، وتكفي في إثبات مثل هذا.
إذا كانت تتضرر وأخبرها الأطباء الثقات أهل الخبرة والدراية أن حياتها في خطر حياتها مهددة، احتمال أن يمكن أن تموت فلها أن تفعل ذلك، لأن حياتها أهم من حياة الولد.
يقول نحن عدة أشخاص قرأنا هذه العبارة واختلفنا في فهمها، فأرجوا منكم توضيحها لنا مأجورين وهي في كتاب الدر المنضود في ذم البخل ومدح الجود للمناوي في صفحة اثنتي عشر ومائة، ومائة ثلاثة عشر ومائة، قال: تنبيه أجمع على أن الجود محمود إلا في النساء؛ لأن المرأة إذا كان طبعها الجود بما يطلب منها، قد تجود بنفسها وقد قال الله تعالى {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (32) سورة الأحزاب.
لم يمدح أحد من العقلاء كرم المرأة؛ لأن المرأة في الغالب لا مال لها، وإذا جادت فإنما تجود بمال غيرها إما من مال أبيها أو من مال زوجها، ولذا يقول العرب: والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة، لكن هذا ليس بصحيح، فالنصوص التي جاءت في الرجال جاءت في النساء، فالنساء شقائق الرجال، فإذا مدح الجود والكرم بالنسبة للرجال، يمدح بالنسبة للنساء، على أن يكون جوداً بمعناه الشرعي مضبوطاً بضوابطه الشرعية حتى الجود من الرجل قد يجود بما لا يجوز أن يجود به ويمنع حينئذ.
ذكر أبيات هنا لكنها فيها أخطاء مطبعية
يمدح امرأة فيقول:
تنمى إلى القوم جادوا وهي باخلة *** والجود في الخود مثل الشح في الرجل
وقال ابن نباتة:
جادت بما جاد الرجال به *** ومن الغواني يحسن البخل
ماأدري، المقصود أن مثل هذا؛ لأن المرأة في الغالب إذا جادت فإنما تجود بمال غيرها، وإذا كثر مدحها قد تستدرج، فهو من هذه الحيثية له وجه، لكن إذا جادت بمالها بما اكتسبته من وجه حلال وأنفقته في المصارف الشرعية التي جاء الحث عليها فحكمها حكم الرجل.
المسألة تحتاج إلى تسديد ومقاربة، فاجعل وقتاً للحفظ، ووقت للتفقه، وبذلك تستفيد؛ لأن الطريقة التي شرحناها في كيفية التفقه من كتب السنة لا شك أنها تحتاج إلى وقت ولكنها في غاية الإفادة؛ يعني مجرد الحفظ لا يكفي، فعلى الإنسان أن يحفظ من المتون المجردة على طريقة الإخوان والدورات المكثفة نافعة جداً، هذه الدورات نافعة فعليه أن يحفظ، وعليه أيضاً أن يتفقه ويعاني الفقه من كتب الأئمة.
هذا من موريتانيا يقول: أنا شاب من موريتانيا أدرس في الجامعة وعندما تعرفت على هذه الإذاعة التزمت بالإسلام والحمد لله، ولكن لدي أصدقاء يزهدون في العلماء ويقولون لي أنت لا تفهم الجهاد، الجهاد إيش دخل الجهاد هنا؟ يعني مقحم،
فما نصيحتكم لي وجزاكم الله خيرا.
لي أيضا سؤال آخر: أنا لا أدرس في جامعة شرعية ولكني متابع لكل ما تقدمه إذاعة القرآن الكريم هل يكفيني ذلك، وأرجو منكم الدعاء لي حتى أدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة؟
نسأل الله جل وعلا أن ييسر لك الأمر ومع ذلك تابع الاستماع إلى لإذاعة القرآن الكريم فيها برامج نافعة وتلاوات طيبة، وقد انتفع بها كثيرا من العامة الذين لا يقرءون ولا يكتبون، فكيف بمن لديه أهلية للانتفاع.
هذه أم سلمة تقول: إنها تستمع للدروس عبر الإنترنت وتجد فيها فوائد ونفع، تقول: ذكرت في درسك قبل أسبوع تقريباً أن نظام الأكل حتى الشبع الذي في المطاعم وهو ما يسمى "البوفيه المفتوح" لا يجوز، فهل يدخل في ذلك مما يفعله الناس مما يعرف بالقطة إذا كانوا في مكان عمل واحد مثلا كالمعلمين في المدرسة يدفع كل واحد منهم مبلغاً شهرياً للفطور وجزاكم الله خيرا.
هذا الأمر يختلف في مسألة القطة التي هي في الأصل تسمى النهد، فالقوم يجتمعون فيتناهدون فيبذل كل واحد منهم مبلغ من المال ويجمع هذا المال ويشترى به نفقة للجميع، كل إنسان يأكل أكله العادي والناس عادة يتسامحون في مثل هذا، فلا يقال هذا يأكل وهو دفع عشرة فيأكل باثنى عشرة، وهذا دفع عشرة ما يأكل إلا بثمانية ما يجري هذا بينهم يتعافون هذا بينهم وهم قوم يعرف بعضهم بعضاً ويسامح بعضهم بعضاً، والمسألة مبنية على المسامحة، لكن في البوفيه المفتوحة إذا قيل تأكل حتى تشبع بعشرين ريال قد يأكل بخمسين؛ لأنه هذه الوجبة فقط، أما في النهد، لا هذا مستمر ولن يأكل أضعاف ما يحتمل، ولكن في البوفيه المفتوحة قد يأكل ويكثر ويتحرى الأكل من أغلى الأطعمة، فيكون هناك تفاوت كبير بين ما دفعه وبين ما أكل، والمدفوع معلوم والمأكول مجهول، والبون كبير، يعني له وقع في الثمن فالذي دفع عشرين لو أكل قبل الدفع لقيل له ادفع خمسين، فهذا له وقع في الثمن مؤثر في العقد.
يقول هذا سؤال: أم عبد الله هذه من السعودية سؤال هام جدا: ذكر أحد أن الشيخ ابن باز رحمه الله قال جميع الأعمال تحتاج إلى نية ما عدا الجلوس مع الصالحين واستشهد الأخ بالحديث الذي رواه البخاري فيقول: أشهدكم إني قد غفرت لهم، فيقول ملك من الملائكة إن فيهم فلان الخطاء لم يردهم إنما جاء لحاجة فيقول: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، فسألته أين قرأتم قول الشيخ هذا، فقال: أنا لم أسمع الشيخ ابن باز رحمه الله ولكن سمعته نقلاً عن أحد طلبة العلم.
تقول هل سمعتم هذا القول عن شيخنا ابن باز رحمه الله؟
لا ما سمعته، لكن الاستدلال ظاهر للمسألة.
إذا كان كل واحد من هؤلاء الأولاد السبعة يريد من هذه الأم ما أعطته ولدها ليتاجر به فلا بد من العدل لا سيما إذا كانت كفاءتهم واحدة في التجارة ومعرفتهم وخبرتهم بها واحدة، وإلا فإن لم تكن الخبرة واحدة ويغلب على ظنها أن هذا إذا تاجر عرف أسباب الكسب، والثاني إذا تاجر لم يوفق، وليست لديه الأهلية في المتاجرة فلا مانع من أن تشترك مع أحد أولادها.
على كل حال نحن نتأخر في الدرس مدة يستطيع بها إمام المسجد أن يصل إلى الدرس إن شاء الله تعالى، وأما بالنسبة لصلاة العشاء فلا بد أن ينيبك عنه من أو يخرج قبل الإقامة لغرض صحيح لأنه وراءه جماعة ممكن هذا، مع أن الخروج بعد الأذان معصية لكن إذا كان الخروج لهدف أو لقصد راجح لسبب راجح لا بأس إن شاء الله تعالى.
قلنا لكم في مسألة القص في درس مضى، في أي درس؟ نعم. في أي درس في هذا الدرس؟
طالب:........
نعم. أو في درس مسلم؟
قلنا: أن نساء النبي عليه الصلاة والسلام أخذن من شعورهم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام حتى صارت كالوفرة، وبعض الناس يمنع هذه القصة لحديث معاوية في الصحيح: ((إنما هلك بنو إسرائيل حينما اتخذ النساء القصة))، ويخطئ في هذا لأن المراد بالقص المذكور في الصحيح في حديث معاوية المراد بها الزيادة في الشعر، كما ترجم على ذلك الإمام البخاري باب ما جاء في وصل الشعر، وأما القص والأخذ من الشعر إذا سلم من التشبه بالكفار أو بالرجال، وقصد به التزين للزوج فلا مانع منه إن شاء الله تعالى.
أما حلية طالب العلم فالطلب عليه كثير وملح، ولكني أحيل على شرح مسجل للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
هذا يريد تعليق على هذا الكلام: يقول أحد المحدثين فهذا العالم بالحديث المبدع فيه وبالأخص كالإمام البخاري وأحمد، والسفيانين، وشعبة، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، ومسلم، والنسائي، وأبي داود، والترمذي، والدارقطني، وأمثال هؤلاء يدركون ما لا يدركه غيرهم، وكلما كان طالب العلم أكثر قراءة لكلام هؤلاء وأحفظ لكلام هؤلاء كان علمه وتعليله وفهمه ألصق بهم من غيره، والذين يقرءون الآن في المصطلحات المتأخرة كمقدمة ابن الصلاح أو بعض مؤلفات الحافظ ابن حجر أو كتب العراقي كالألفية أو ألفية السيوطي هؤلاء يحصل عندهم من الخلل في التطبيق العملي والنظري ما لا يحصل عند من لا يدمن القراءة مثلا في كتب ابن رجب أو كتب ابن عبد الهادي أو كتب الأئمة المتقدمين، وليس معنى هذا أن مؤلفات هؤلاء الأئمة كابن الحجر وابن الصلاح لا تقرأ، كلا. فهي تقرأ ويستفاد منها فهم أئمة لهم قدرهم ومكانتهم ولا خير في رجل لا يعرف فضل هؤلاء، ولكن هؤلاء الأئمة لهم تفردات في علم المصطلح لم يقل بها أحد من أئمة السلف، ولهم آراء نقلها بعضهم عن بعض دون تحقيق ودون تمحيص تؤثر على الأمور العملية للتصحيح والتضعيف وليست مأخوذة عن أئمة السلف.
هذا الكلام يمكن أن يوجه إلى فئة من طلاب العلم، لكن لا يوجه إلى الجميع، طالب العلم المبتدئ لا بد أن يتخرج على قواعد المتأخرين، ولا يمكن أن يلحق بالمتقدمين وعلم المتقدمين وإن كانوا هم الأصل والمتأخرون عالة حالهم، فإذا تخرج طالب العلم على قواعد المتأخرين وعرف كيف يجمع الطرق ويدرس الأسانيد ويوازن بينها بعد معرفة القواعد النظرية التي قررها المتأخرون، إذا أكثر من ذلك عليه أن يديم النظر في أحكام الأئمة ويحصل له من الملكة ما حصل لهم، فلا خلاف بيننا وبين الإخوة مثل هذا الكاتب ما بيننا وبينهم خلاف إلا أن المبتدئ إلحاقه بالمتقدمين وإدامة النظر في كلام المتقدمين أشبه ما يكون بالتضييع، تضييع له، لا بد أن يتخرج على قواعد المتأخرين على الطرق المعروفة المعتبرة وعلى الجواد التي سلكها أهل العلم، ثم إذا تأهل بعد إدامة النظر في القواعد والتطبيق العملي من خلال جمع الطرق وتخريج الأحاديث ودراسة الأسانيد إذا تأهل لذلك هذا فرض؛ لأن المتأخرين عالة على المتقدمين، وسبق أن نضرنا مراراً مثل هذا العمل بالتفقه، في بداية الأمر يتفقه طالب العلم إذا كان مبتدئا يتفقه على طريقة إمام من الأئمة في مذهب معين على متن معين ثم بعد ذلك يخرج عن ربقة التقليد بالتدريج يستدل لهذه المسائل، يوازن بين أقوال الأئمة وينظر في أدلتهم وينظر في الراجح والمرجوح ثم بعد ذلك يخلع ربقة التقليد ويكون فرضه الاجتهاد، أما إذا طولب بالاجتهاد والتفقه من الكتاب والسنة في أول الأمر من أول وهلة فلا شك أن هذا تضييع له لا يدرك شيئًا، وقلنا إن بعضهم حاول أن يجتهد من الكتاب والسنة قبل أن يعرف الفقه عن طريق الأئمة فمر به باب الأمر بقتل الكلاب فأخذ المسدس وكل كلب يعطيه رصاصة هذا درس اليوم، درس الغد باب ما جاء في نسخ الأمر بقتل الكلاب، مثل هذا يصلح أن يكون هذا يصلح أن يتفقه من الكتاب والسنة؟
طالب:.........
هذا يصلح أن يتفقه من الكتاب والسنة؟ نعم، إذا أحاط أو تفقه على الجادة المعروفة عند أهل العلم، فرضه الاجتهاد ولا يجوز تقليد الرجال، لكن هو في بداية الأمر في بداية الطريق حكمه حكم العامي فرضه التقليد وسؤال أهل العلم.
طالب: نقول طريقة المتقدمين مبنية على السبر، لم يقصد السبر.
إذا وازن المتقدمين في النظرة الشاملة لأحاديث الباب وتأهل لذلك وتكون لديه من القرائن ما يستطيع به أن يحكم على الأحاديث هذا فرضه.
أنا قراءاتي كلها في الطباعات القديمة إما المنيرية أو بولاق، وهناك طبعة حديثة للشيخ طارق عوض الله صدرت مؤخراً ولم أقتنيها بعد، وهو مظنة للتجويد.