شرح مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (09)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: فرض الطهارة
"وفرض الطهارة"
عندنا يا شيخ هنا كلمة مقحمة.
إيه.
إيه مقحمة.
"وفرض الطهارة ماء طاهر، وإزالة الحدث، والنية للطهارة، وغسل الوجه، وهو من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، وإلى أصول الأذنين، ويتعاهد المفصل، وهو ما بين اللحية والأذن والفم والأنف من الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين...
كذلك هنا سقط "ويدخل المرفقين" ساقطة.
ويدخل المرفقين في الغسل.
عندك قال: "وغسل اليدين إلى المرفقين في الغسل" فسقط من الطبعة الجديدة "ويدخل المرفقين".
ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، وهما العظمان الناتئان، ويأتي بالطهارة عضواً بعد عضو، كما أمر الله تعالى، والوضوء مرة يجزئ، والثلاث أفضل، وإذا توضأ لنافلة صلى بها فريضة، ولا يقرأ القرآن جنب ولا حائض ولا نفساء، ولا يمس المصحف إلا طاهر، والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: فرض الطهارة
المؤلف -رحمه الله تعالى- أدخل هنا الفروض الأربعة المنصوص عليها في القرآن، والتي جاء بيانها بالسنة قولاً وفعلاً، وأدخل معها بعض الشروط، بجامع أن الوضوء لا يصح إلا بها، فلو ترك فرضاً لم يصح، ولو ترك شرطاً لم يصح، وهذا الذي يجمع الشرط والركن، الذي يجمع الشرط والركن أن ما اشترط له، أو ما طلب هذا الركن لا يصح إلا بتوافر الشروط، واجتماع الأركان، لكن الفرق بين الشروط والأركان أن الشروط خارج الماهية، والأركان داخل الماهية، فهناك فرق، لو نظرنا إلى شيء واحد اختلف فيه بين أهل العلم هل هو شرط أو ركن؟ ثم ذكرنا الآثار المترتبة على هذا الخلاف اتضح لنا أنه لا بد من فصل الشروط عن الأركان، وعذر المؤلف أنه متقدم، يعني قبل استقرار الاصطلاحات الدقيقة التي اعتمدها المتأخرون، فهذا المتن من أوائل المتون التي صنفت في هذا الفن، ولا بد أن يحصل مثل هذا، وما دام الجامع بين الشرط والركن عدم الصحة فلا فرق من هذه الحيثية، لكن مثل ما ذكرت، شيء واحد اختلف فيه هل هو شرط أو ركن؟ وذكر على هذا الخلاف آثار مترتبة مثل تكبيرة الإحرام عند عامة أهل العلم والجمهور أنها ركن من أركان الصلاة، والحنفية يرون أنها شرط، قد يقول قائل: لا فرق بين هذا وهذا؛ لأن الصلاة لا تصح بدون نية، سواء قلنا: شرط أو ركن، لكن ذكروا من آثار الخلاف بعد تصور حقيقية الشرط وحقيقة الركن، أن الشرط يكون خارج الماهية، والركن داخل، وعلى هذا لو كبر وهو حامل النجاسة، ثم وضعها عند آخر التكبير، أو مع آخر التكبير، صلاته صحيحة أو باطلة؟ عند الحنفية صحيحة لأنه حملها خارج الصلاة، وعند الجمهور باطلة؛ لأنه حملها داخل الصلاة، ما معنى خارج الصلاة؟ هل تكبيرة الإحرام منفصلة عن الصلاة كسائر الشروط؟ هل معنى هذا أن له أن يكبر في بيته ثم يأتي ليصلي في المسجد، كما أن له أن يتوضأ في بيته ثم يأتي ليصلي في المسجد؟ لا ليس هذا مرادهم، إنما هو شرط ملاصق، مباشر للعبادة، على كل حال عذره -عذر المؤلف- هنا في الخلط بين الشروط والأركان التي يعبرون عنها بالفروض، وهناك مناقشات حول تسمية هذه الأمور المطلوبة وأجزاء الوضوء حول تسميتها فروضا، وحقيقتها أركان أو فروض، أركان؛ لأن الوضوء لا يصح بحال من الأحوال إلا بها، الركن غير الفرض، نعم الركن مفروض الإتيان به، لكن حقيقة الركن غير حقيقة الفرض، لا سيما وأن المؤلف حنبلي، والحنابلة لا يفرقون بين الفرض والواجب، هم يفرقون بين الواجب والركن، لكن لا يفرقون بين الواجب والفرض، وإذا قلنا على اصطلاحهم: باب واجبات الطهارة، يستقيم؟ لأن الواجب غير الركن، وفي الصلاة يقولون في الواجب: تبطل الصلاة بتركه عمداً، ويجبر بسجود السهو، وأما الركن فلا يجبر بسجود السهو لا بد من الإتيان به، إن ذكر في محله وإلا تبطل الركعة التي هو فيها أو منها، ففرق بين الواجب والركن عندهم ولا فرق بين الفرض والواجب عندهم، لكن هم يتتابعون على تسمية هذه الأجزاء -أجزاء الطهارة- فروض الطهارة، لو ترك غسل يد أو رجل، تصح طهارته أو ما تصح؟ ما تصح، وإذا قلنا: إنه واجب تصح أو ما تصح؟ لأنه هنا لا يجبر بسجود السهو مثل الصلاة، يعني في الصلاة إذا ترك واجبا جبر بسجود السهو، لكن لو ترك واجبا في الطهارة يجبر أو ما يجبر؟ ما يجبر، إذا قلنا الأركان الأربعة التي لا يجبرها شيء بل لا بد من الإتيان بها، هناك واجبات في الطهارة دون الأركان الأربعة، بمعنى أن الطهارة قد تصح وهي واجبة، شخص نسي المضمضة والاستنشاق مثلاً هل هو مثل ما لو نسي غسل الوجه؟ لا؛ لأن الخلاف قوي في مثل هذا، غسل الجمعة عند من يقول بوجوبه هل هو مثل غسل الجنابة؟ لا، يأثم بتركه لكن العبادات صحيحة، وفرق بين هذا وهذا، لا بد من التفريق بدقة بين هذه الأمور؛ لأن كلام أهل العلم لا بد أن يكون مطرداً منعكساً، لا يكفي أن يكون في باب الاصطلاح يمشي، وفي باب آخر لا؛ لا بد أن يكون على وتيرة واحدة، وعلى هذا إذا قلنا: إن الفرض والواجب بمعنىً عندهم، عند الحنابلة والجمهور عموماً خلافاً للحنفية، قلنا: نستطيع أن نرفع كلمة فرض ونضع مكانها واجب، إذاً نقول: باب واجبات الطهارة، أو باب واجب الطهارة، قد يجاب عن التفريق بين الواجبات والأركان في الصلاة بأن الواجبات في الصلاة تجبر، إذا تركت سهواً، وأما هنا فلا جبر، إذاً حقيقة الفرض والركن في هذا الباب الذي لا جبران فيه متقاربة، ويبقى أن الاصطلاح لا بد أن يكون شاملاً لجميع الأبواب بقدر الإمكان، ولذلك هم إذا جعلوا الباطل بمعنى الفاسد استثنوا بعض الأبواب، والفرض والواجب يستثنون أو لا يستثنون؟ هنا لا بد أن يستثنى، ما نقول: بمعنى الواجب؛ لأنه بمعنى الركن، لا بد أن نستثني، فنقول: إن الواجب هنا بمعنى الركن؛ لأن ما ذكر أركان وشروط، واعتذرنا للمؤلف في خلطه بين الأركان والشروط.
فرض مفرد، والطهارة مضاف إليه، والمفرد إذا أضيف اقتضى العموم، وإلا لو قلنا: إنه فرض واحد فتكون الطهارة فرضا واحدا، وليس فيها فروض أكثر من واحد، لكن المفرد المضاف يعم، مثل سنة الوضوء -على ما تقدم- مفرد مضاف، والطهارة المراد بها هنا الصغرى، لا الطهارة الكبرى، وإن كان اللفظ يشمل الطهارتين الكبرى والصغرى، لكن الباب مخصص للطهارة الصغرى، لرفع الحدث الأصغر، وأما ما يتعلق بالحدث الأكبر فسيأتي -إن شاء الله تعالى-.
قال -رحمه الله-: "وفرض الطهارة ماء طاهر" ومراده بالطاهر هنا الطهور، يعني طاهر مطهر، يرفع الحدث، وهناك ماء طاهر لكنه غير مطهر، أي لا يرفع الحدث، فمراده بالماء الطاهر هنا الطهور الذي يرفع الحدث، والماء الطاهر فرض أو ركن أو شرط؟ وهل المراد بقوله: "ماء طاهر" وجود الماء أو طهارة الماء؟
الطالب:.......
كيف؟
الطالب:.......
نعم؟
الطالب:.......
طهارة الماء، يعني لو قلنا: فرض الطهارة طهارة الماء، على هذا نقصر الطهارة بالماء الموصوف بالطهارة، لكن الآن الباب المذكور هنا وإن كانت الترجمة أعم فالطهارة تشمل الوضوء، وتشمل البدل وهو التيمم وتشمل الغسل، وتشمل أيضاً بدله وهو التيمم، لكن هذا العموم في الترجمة يخصصه التفصيل المذكور، فالمراد هنا بالطهارة في هذه الترجمة طهارة الماء من الحدث الأصغر فقط، وأما طهارة البدل فستأتي، ومن الحدث الأكبر ستأتي أيضاً، فالباب وإن كان في ترجمته عموم فيخصص هذا العموم بما ذكره في أثناء الباب، فتكون (أل) هنا جنسية أو عهدية؟
الطالب:.......
نعم عهدية لا جنسية، وحينئذٍ الكلام يستقيم.
"فرض الطهارة ماء طاهر" ماء طاهر هل هو ركن أو شرط؟ شرط "وإزالة الحدث" وعرفنا أن المراد بالطاهر هو الطهور الذي يرفع الحدث، جريان على مذهب الحنابلة الذين يقسمون الماء إلى ثلاثة أقسام، وإلا عند من يقول بأن الماء قسمان ما نحتاج هذا الكلام، وتقدم الكلام فيه، في الباب الأول.
"ماء طاهر، وإزالة الحدث" إزالة الحدث شرط، ما المراد بإزالة الحدث؟ هل المراد به -أعني الحدث- الوصف القائم بالبدن الذي يمنع من الصلاة وما في حكمها، أو المراد به ما يخرج من البدن مما يبطل الطهارة؟ لأنه يطلق على هذا ويطلق على هذا، فهل المراد بالحدث لأن الحدث يطلق ويراد به الوصف المعنوي القائم بالبدن، ويطلق ويراد به ما يخرج من البدن مما يبطل الطهارة؟ ويترتب عليه تنجيس المحل، إزالة الحدث: المراد به إزالة الأثر، أثر الخارج من السبيلين، أثر البول وأثر الغائط، لا بد من إزالته، وهذا شرط لصحة الطهارة، إزالته تكون بالاستنجاء بالماء أو بالاستجمار بالأحجار، ولهذا يقول أهل العلم: ولا يصح قبل الاستنجاء أو الاستجمار وضوء ولا تيمم، وهذا الذي مشى عليه المؤلف، وهو قول أكثر العلماء، أنها لا تصح الطهارة إلا بعد الاستنجاء أو الاستجمار، منهم من يرى أن الأثر -أثر النجاسة على السبيلين- لا يختلف عن النجاسة على سائر البدن، يعني لو كان في ظهره أو على فخذه أو كتفه نجاسة يتوضأ أما يتوضأ ثم يزيلها، أو يزيلها ثم يتوضأ؟
الطالب: سيان.
لا يختلف الحكم يتوضأ ثم يزيلها أو العكس لا فرق، فالقول الثاني في المسألة أنه لا فرق بين أن تكون النجاسة على محل الخارج على السبيلين أو على غيرهما، في أي جزء من أجزاء البدن، نعم؟
الطالب:.......
لا ما يلزم، بحائل أو بشيء، بالأحجار لن يمس.
الطالب:.......
أظن مثل هذا بعيد، هم يمرون بأشياء تحتاج إلى احتياط أكثر من هذا.
الطالب:.......
لا لا هم يشترطون، ولا يصح قبلهما وضوء ولا تيمم، وهذا القول المرجح عند أهل العلم، عند عامة أهل العلم وهو مرجح، إزالة الحدث يعني عند الحاجة إليه عند وجوده، ولا يحتاج إلى غسل السبيلين من غير حاجة إليه، وليس من فروض الوضوء غسل السبيلين، كما يظن عامة الناس، العوام يتصورون أن غسل السبيلين من فروض الوضوء، وأنه لا بد أن يغسل السبيلين قبل الوضوء، ويظنونه من فروضه، وهذا ليس بصحيح، فإن احتيج إلى غسلهما لوجود الأثر النجاسة فهذا أمر لا بد منه، وإن لم يوجد فلا، نعم؟
الطالب:.......
هو على القول بنجاسته يكون حكمه حكم البول، نعم وعلى القول بطهارته وقيل بذلك، لا، وأيضاً هو مبطل للوضوء بلا شك، وهو نجس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر علياً أن يغسل ذكره، في رواية: "وأنثييه" فهو نجس، وإن لم يكن كنجاسة البول، يعني هو نجس لكن نجاسة مخففة، ولذا جاء فيه: ((أنضح فرجك)) فإذا قلنا بهذا لا بد أن يبدأ به، مثل أثر الخارج، الحدث نقول: لا يغسل السبيل إلا عند الحاجة إليه، يعني وجود نجاسة من أثر الخارج، ولا حاجة لغسله دون ذلك، والريح لا تضر، ولا يلزم غسل السبيل منها، وجاء في خبر -لكنه ضعيف-: ((من استنجى من الريح فليس منا)) الحديث ضعيف، لكن الإجماع قائم على أنه لا يستنجى من الريح، خلافاً لبعض طوائف المبتدعة كالزيدية، يغسلون ويخلعون سراويلهم عند الصلاة؛ لأنها تنجست بالريح، المقصود أن مثل هذه الخلافات تذكر لمجرد العلم بها، وإلا لا عبرة بأصحابها وأربابها، ولا أثر لها وجوداً ولا عدماً، يعني ما تخرق الإجماع.
"وإزالة الحدث والنية" النية شرط لصحة الطهارة، سواء كانت الطهارة أصلية أو بدل، يعني سواء كانت بالماء أو بالتيمم بالتراب بالصعيد، لا بد منها، وهذا قول جماهير أهل العلم ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وهذا حصر، وجاء في رواية: ((لا عمل إلا بنية)) و((إنما الأعمال بالنية)) فالمسألة التي هي النية شرط لكل عبادة، شرط لصحة كل عبادة، فلا بد من توافر شرطين لصحة كل عبادة؛ لتكون العبادة مقبولة أن يقصد بها وجه الله -جل وعلا-، وأن يتبع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، فلا بد من الإخلاص والمتابعة لتكون العبادة صحيحة، فهما شرطان، ومنهم من يقول: شرط واحد، النية إخلاص العمل لله -جل وعلا- كافي، لماذا؟ لأنه من لازم الإخلاص أن يكون العمل على هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالعمل الذي ليس فيه إخلاص ليس من هديه -عليه الصلاة والسلام-، والعمل الذي فيه الإخلاص لا بد أن يكون مطابقاً، فالعمل الذي ليس عليه أمره ولا عمله -عليه الصلاة والسلام- هذا ليس بخالص، لكن عامة أهل العلم يذكرون الشرطين، ومنهم من يعكس من يقول: يكفي شرط الإتباع؛ لأن العمل الخالص هو الذي يتحقق فيه الإتباع، ولكن التنصيص على الشرطين للعناية بهما والاهتمام بهما وتذكرهما؛ لأن الإنسان قد يغفل عن هذا الشرط، وهو شرط في غاية الأهمية فلا تصح العبادة إلا أن يكون المراد بها وجه الله -جل وعلا-، وأن تكون على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-.
والنية هي مجرد القصد، ويقول أهل العلم في كتب اللغة وأيضاً كتب الشريعة يقولون: النية لغة: القصد، يقال: نواك الله بكذا أي قصدك، ونعرف أن ما يضاف إلى الله -جل وعلا- لا بد أن يكون فيه خبر توقيف، فلا يضاف إلى الله -جل وعلا- شيء إلا وقد ثبت به الخبر، أما ما يضاف إليه من أسماء وصفات فهذا مفروغ منه، وأنه لا بد أن يكون عن توقيف، لا بد من دليل السمع فيه، وأما الإخبار عن الله -جل وعلا- بمثل هذا فيتوسعون في مثله.
فالنية لغة القصد، وهي باب ابتلاء عظيم لكثير من الناس، يقولون: النية شرط، ومقتضى كونها شرطا أن يهتم المسلم بها؛ لئلا تبطل عبادته، ومقتضى هذا الاهتمام أن يزيد بعض الناس في الاحتياط لهذا الشرط؛ لئلا يتطرق الخلل إلى عبادته وهو لا يشعر؛ لأنه ليس بشرط مرئي، الشروط المرئية والأركان يراها الإنسان بنفسه غسل يده وانتهى، لكن هذا عمل قلبي قد يحضر وقد يعزب، ثم يحصل التردد من قبل المكلف ثم يدخل في الوسواس، وهو فرصة الشيطان، فإذا توضأ قال: أنا ما أدري أنا نويت أو ما نويت؟ ثم يسترسل في ذلك، وبدلاً من أن يحتاج الوضوء إلى نية واحدة، والنية هي مجرد القصد إلى مكان الوضوء، وغسل الأطراف هذه النية، يعني كونك تقف أمام صنبور الماء، وتفتحه وتغسل يديك ووجهك ويديك... إلى آخره، هذه النية، لكن أحياناً بعض الناس أعتاد أنه كل ما دخل الدورة يتوضأ تلقائياً، مثل هذا لا بد أن يستحضر؛ لأنه قد يتوضأ من غير شعور، وبعض الناس يسترسل به الشيطان في هذا الباب إلى أن يدخله في حيز الجنون، يسأل سائل يقول: كل عقدة من عقد الأصابع لها نية خاصة، تحتاج إلى نية خاصة، لا عقل ولا نقل، كيف يحتاج إلى نية خاصة؟ شخص في الساعة الثامنة صباحاً في أيام الشتاء، الآن صلاة العشاء لها ثلاثة عشر ساعة، يقول: عجزت أن أتوضأ لصلاة العشاء، ترتب على هذا أنه ترك العمل وترك...، ..... ما باقي إلا خيط ويقال لك: لا تصل، عذاب هذا ما صار تكليفا، امتحان من الله -جل وعلا-، لكن تعدى، والشيطان يفرح بمثل هذا، من أجل أن يترك الصلاة، فعلى الإنسان أن يقطع الطريق على الشيطان في أول الأمر، إذا أحس من نفسه أنه في بدايات الطريق يقطع الطريق على الشيطان، قال: ما نويت بلى نويت يا أخي، ما معنى النية؟ قال: الصلاة تحتاج إلى نية، والنية شرط لصحة الصلاة أو لا؟ قلت: شرط، لكن بالنسبة لك أنت ليست بشرط، ما معنى النية؟ يجيء بعضهم إلى المسجد يقول: أنا لا أستطيع أن أصلي منفردا، ما أستحضر شيئا من صلاتي، هذه أمثلة كلها من أجل التحذير؛ لأن المسألة مسألة تطول، نقول: طيب نصلي بك، تصف ثم يجلس، ثم تكمل ركعتين وتسلم وتسأل لماذا جلست؟ قال: أنا أصلي المغرب، صلاة المغرب، وأمامي العُشر الأخير، الثلاثة الأجزاء الأخيرة من القرآن مكتوب العشر الأخير، فالتبس عليه صلاة المغرب أو صلاة الأخير أو صلاة..، شيء ما يخطر على البال من الأسئلة تأتي في هذا الباب، فعلى الإنسان أن يقطع الطريق على قاطع الطريق، فإذا حس بمبادئ هذا عليه أن يقطع الطريق، ويكتفي بالوضوء مرة مرة، ويعقد العزم على عدم الالتفات إلى هذه الوساوس؛ لأنها في البداية تكون أوهاما، ثم يسترسل فتكون عزائم، إلى أن تنقلب إلى أمراض حسية بعد أن كانت معنوية يمكن أن تعالج، لكن إذا انقلبت إلى أمراض حسية يحتاج إلى النفسيين، ويأخذ علاجات يمكن تؤثر عليه، فعليه أن يقطع الطريق من أوله.
النية شرط لصحة الوضوء كما أنها شرط لصحة التيمم ولسائر العبادات، عند الحنفية النية ليست بشرط لصحة الوضوء، وهي شرط لصحة التيمم، لماذا قالوا: بأنها شرط لصحة التيمم وليست بشرط لصحة الوضوء؟ التيمم بدل، طهارة ضعيفة تحتاج إلى قصد، والوضوء طهارة أصلية محسوسة فيكتفى بتوافر ما أمر الله به -جل وعلا-، فإذا توافرت الأركان الأربعة يكفي عنده، وأما التيمم طهارة ضعيفة تحتاج إلى أن تقوى بمثل هذا، وهذا تفريق بين متماثلين، ولذلك قولهم ضعيف غير مطرد، أبو ثور يطرد المسألة ويقول: لا يحتاج إلى نية لا الوضوء ولا التيمم أيضاً، ومقتضى الحديث المجمع على صحته المتلقى بالقبول ((إنما الأعمال بالنيات)) أن النية شرط لكل عبادة، ومنها الوضوء والتيمم.
"والنية للطهارة، وغسل الوجه" يعني عطف الركن –الفرض- على الشرط "وغسل الوجه" وهذا هو الفرض الأول {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] في آية المائدة، {وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] هذا الأول، ومعنى {إِذَا قُمْتُمْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، كما في قول الله -جل وعلا- {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] والأصل في الفعل الماضي أنه للفراغ، وهذا مقتضى كونه ماضياً، يعني فرغ منه، يطلق ويراد به الإرادة، كما هنا يطلق ويراد به الشروع، كما في أمثلة تأتي -إن شاء الله تعالى-.
الأصل في هذا الفعل أنه للفراغ، والذي جعلنا أو جعل أهل العلم يحملونه على الإرادة أنه لا قائل بمقتضاه، فالصارف الإجماع، الصارف عن المعنى الأصلي الإجماع، ويستدلون على هذا بصحة قول: إذا ضربت غلامك فأرفق به، ما معنى هذا؟ يعني إذا فرغت أرفق به أولا؟ نعم إذا أردت ضربه فأرفق به، غسل الوجه إذا قمتم إلى الصلاة (إذا) تقتضي التكرار، ومقتضاها أنه كل ما قام إلى الصلاة يغسل يعني يتوضأ، {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة]... إلى آخره، مقتضاه فتوضئوا، وعلى هذا يلزم الوضوء كل من قام إلى الصلاة، من أهل العلم من يرى أن هذا كان في أول الأمر ثم نسخ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى يوم الفتح الصلوات كلها بوضوء واحد، وقال: ((عمداً فعلت)) لكن إذا نظرنا إلى أن المائدة التي فيها الآية من آخر ما نزل من القرآن بعد الفتح، هل يتجه القول بالنسخ؟ لا يتجه القول بالنسخ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] إذا أردتم القيام، وعرفنا أن هذا الأسلوب يقتضي التكرار، منهم من يحمل القيام هنا على القيام من النوم، وهو أن كل من قام من النوم يلزمه الوضوء، ومنهم من يقدر: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين فاغسلوا، والتقدير لا مانع منه عند الحاجة إليه؛ لأن غير المحدث لا يطالب بالوضوء إجماعاً، ابن عمر -رضي الله عنه- يعمل بظاهر الآية، ويتوضأ لكل صلاة، ويذكرون حديثاً: كان الوضوء لكل صلاة، فلما شق أمر بالسواك عند كل صلاة، وابن عمر يذكرون عنه أن الوضوء لكل صلاة لا يشق عليه، فهو يتوضأ لكل صلاة امتثالاً للآية، على كل حال القول المعتمد أنه لا يلزم الوضوء إلا بالنسبة لمن أحدث، هذا الوضوء الواجب، أما الوضوء المستحب فالتجديد مستحب، التجديد لمن كان على طهارة، عند أهل العلم يقيدون ذلك بأن يكون قد فعل بها عبادة، طهارة فعل بها عبادة، ويتحرزون بذلك من طهارة تلي طهارة دون إحداث عبادة، بمعنى أنه لو توضأ وضوءاً كاملاً ثلاثاً ثلاثاً، ثم عاد فتوضأ ثانية نقول: هذا تجديد، أو هذا اعتداء وزيادة على القدر المشروع؟
الطالب:.......
كيف؟
الطالب:.......
اعتداء، ولذلك يتحرزون من مثل هذا بأن يكون على طهارة سابقة فعل بها عبادة، طهارة صلى بها، طهارة قرأ فيها القرآن، طهارة طاف بها ثم جدد الوضوء هذا سنة.
{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] الأمر هنا لا شك أن الأصل فيه الوجوب، فمن كان محدثاً فأمره ظاهر، ومن كان على طهارة فالندب، تجديد الوضوء مندوب.
الطالب:.......
إن كان فعل بها بهذا القيد، معروف هذا، الأمر الواحد بلفظ واحد يتجه إلى ما يحتمله من معاني أو لا بد أن يوجه إلى معنى واحد؟ يعني اللفظ المشترك يحمل على جميع معانيه أو لا بد أن يحمل على واحد من معانيه؟
الطالب:.......
كيف؟
الطالب:.......
لا بد من ماذا؟
الطالب:.......
الآن عندنا {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] أنت على طهارة وزميلك محدث، وكلكم قمتم إلى الصلاة هل يتجه هذا الأمر إليكما أو إلى زميلك فقط؟ الآن كلاكما مطالب بالطهارة، أنت مطالب على سبيل الاستحباب، وزميلك مطالب على سبيل الوجوب، فهل نقول: اغسلوا وما يتبعها بمعنى توضئوا يتجه إليكما، يعني لو اثنين مدبران يريدان الخروج من المسجد، وقلت: يا محمد، التفتا، لماذا؟ لأنه كلاً منهما اسمه محمد، هل أنت تريد الاثنين أو أنت تريد واحدا منهم؟ يعني هل المتكلم حينما يتكلم باللفظ المشترك يريد جميع المعاني أو يريد واحدا؟
الطالب:.......
وين؟
الطالب:.......
الآن لما تقول: يا محمد وأنت تريد واحد منهما ظاهر هذا، لكن إذا أردت الاثنين تقول: يا محمد أو يا محمدان؟ تقول: يا محمدان ما تقول: يا محمد، فالمسألة في مثل هذا خلاف، إرادة أكثر من معنى بلفظ واحد الجمهور لا يجيزونه، وعند الشافعية جائز لا إشكال فيه عندهم، إرادة أكثر من معنى بلفظ واحد وهو المعبر عنه بالمشترك، نعم؟
الطالب:.......
لا لا كل له ما يخصه، إذا قمتم فاغسلوا غسل إيجاب بالنسبة للمحدث وغسل استحباب بالنسبة لغيره، "فاغسلوا" يتجه إلى الاثنين عند من يقول بجوازه كالشافعية، ولا يتجه إلا إلى أحدهما، وهو الأصل الوجوب عند الجمهور، كون من كان على طهارة، يطالب بتجديدها استحباباً يُعرف من أدلة أخرى ولا يعرف من هذه الآية، يعني ما نستدل بهذه الآية على استحباب التجديد.
الطالب:.......
كيف اغسلوا؟
الطالب:.......
اللفظ مشترك بين الوجوب والاستحباب، مشترك، كما أن اللفظ المحتمل للحقيقة والمجاز كذلك، هو أمر والأمر يحتمل الوجوب ويحتمل الاستحباب، وما دام الاحتمالان قائمان فهو متجه إلى من يجب عليه وإلى من يستحب له، هذا عندهم، حتى يتوضأ، الكلام على هذا الأمر أليس يحتمل معنيين؟ ظاهر اللفظ يحتمل معنيين، هو بالنسبة لمن أحدث على الأصل للوجوب، وبالنسبة لمن لم يحدث مصروف عن الوجوب بأدلة أخرى، فهو يتناول هذا وهذا، أمر وجوب وأمر استحباب في آن واحد، وأما الجمهور فلا يرون مثل هذا. لماذا فرق أكثر أهل العلم بين النجاسة على السبيل والنجاسة على غيره؟ فاشترطوا لصحة الوضوء والتيمم إزالة ما على السبيل من نجاسة، ولم يشترطوا ذلك فيما على غيره من النجاسات وسائر أعضائه؟ نعم؟
الطالب:.......
هذا مصدر، يعني هو الأصل في النجاسة، يعني واردة، يفرقون بين الوارد والمورود، نعم؟
الطالب:.......
لا لا التحرز منها وارد وواجب، ولا بد منه، والاحتياط لها أكثر وأشد، نعم؟
الطالب: لأن هذا هو المنقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم-....
يعني مجرد فعل.
الطالب: إذا قضى حاجته -عليه الصلاة والسلام- بدأ بغسل موضع النجاسة ثم توضأ -عليه الصلاة والسلام- يتبع بأداوة فيقضي حاجته ثم يغسل موضع الحاجة، أو يستجمر -عليه الصلاة والسلام- ثم يتوضأ بعد ذلك.
لكن هل يجوز إبقاء النجاسة؟ تركها حتى يتوضأ، لا يستنزه من بوله، لا يستبرئ من بوله، يجوز أو ما يجوز.
الطالب: القضية هل يتقدم عليها الوضوء أو يتأخر......؟
لا معناه أنه يتوضأ وترك.
الطالب:.......
ما يدل دلالة ظاهرة إذا قلنا: إنه مباشرة توضأ ثم استنجى، لكن ماذا عما لو ترك؟ قال: لست بمتوضئ حتى يأتي وقت الصلاة، وما دام يصح الوضوء قبل نترك.
الطالب:.......
لا ما يلزم مس الفرج بحائل، بحائل ليس فيه إشكال.
الطالب:.......
لا مزاولة النجاسة في الجملة مع إمكان الانفكاك منها ما يجوز هذا، نعم لا يجوز مع إمكان الفكاك منها، نعم؟
الطالب:.......
إذا قلنا: إن الخارج هو الحدث نفسه الواجب رفعه، يعني إذا قلنا: إن الحدث يتناول الأمرين تناولاً واحداً مثل ما قلنا عن الشافعية، وأنه لا ينفك هذا من هذا، لفظ الحدث يتناول الوصف القائم مع ما يوجب الوضوء، وهو الخارج من السبيلين، قلنا: إنه لا بد من رفعه نعم؟
الطالب:.......
((اغسل ذكرك)) حديث علي.
الطالب:.......
وين؟
الطالب:.......
لا ليس بنص، نعم؟
الطالب:.......
((لا يقبل الله صلاة من أحدث)) هو محدث، فجعلوا الحدث يشمل الأمرين.
الطالب:.......
نعم يقول: ما زال في وصف الحدث، لكن أنا أرفعه بعد الوضوء، أما بالنسبة للكلام العام الذي يمكن أن يتصور ذهنياً وإن لم يكن ملزما شرعاً، فالتخلية قبل التحلية، هذا أمر واضح ، وأنه لا بد من الفراغ من النجاسة ثم بعد ذلك يتوضأ، لكن يرد عليه النجس على غير السبيل، نعم؟
الطالب:.......
إذا فرغ مما يخرج منه يأمن أن يخرج بعد ذلك، نعم؟
الطالب:.......
كيف؟
الطالب:.......
غير مسألتنا؟
الطالب:.......
يأتي ذكرها مع الفروض -إن شاء الله تعالى-، فإن علمها ثم جهلها أو نسيها أعاد عند الحنابلة، والصحيح أنه لا يعيد وسيأتي هذا، لكن الكلام في تقدم الوضوء والتيمم على إزالة النجاسة، هذا هو محل الإشكال، والجمهور على أنه لا يصح قبل إزالة النجاسة وضوء ولا تيمم، فما عمدتهم في هذا؟ المسألة تدور حول هذا، وتبحث الدرس القادم -إن شاء الله تعالى-.
الطالب:.......
هاه؟
الطالب:.......
كيف؟
الطالب:.......
هو لا يوجد إلا أن الحدث الحسي هو سبب الحدث المعنوي، فلا يرتفع المعنوي مع وجود الحسي الذي هو السبب الأصلي، ومع ذلك ينظر للمسألة -إن شاء الله-.
الطالب:.......
ليس بحسي، هذا ليس بحدث.
الطالب:.......
لا لا ليس بسبب، حدث هذا، لا لا، يعني لو فرضنا أنه متوضئ وطاهر ثم وقع على يديه نجاسة يتأثر وضوؤه؟ ما يتأثر، الخلاف ما لو خرج من السبيلين تأثر، فلا شك أن الفرق ظاهر بينهما، لكن نحتاج إلى شيء من الأدلة على هذا، نعم؟
الطالب:.......
محدث نعم.
الطالب:.......
خفف، ما ارتفع الحدث الأصغر هذا، وهو محل البحث في الباب، الآن وهو يريد الوضوء ما يشترط له نية؟ يشترط له نية، نية ماذا؟ نية رفع الحدث، ليستبيح به كل ما يباح بالوضوء، نعم نية رفع الحدث، والحدث المراد رفعه هو الوصف، هل المراد بالحدث المراد رفعه الوصف القائم بالبدن، أو الحدث الذي هو الخارج؟ لأنه يطلق ويراد به هذا ويراد به هذا، فعلى قول الشافعية أنه يمكن أن يراد المعنيين لا مانع من أن يكون شرطا، لكن مسألة التقدم والتأخر مسألة أخرى، فلا يوجد فيما يظهر لي من الفروق إلا أن هذا ناقض هو سبب الحدث الحسي، هذا الحدث الحسي هو سبب الحدث المعنوي، فلا يتصور ارتفاع المسبب قبل ارتفاع السبب؛ لأنه في الأصل متقدم عليه، هذا كلام الفقهاء الذين نحتاج أن نستدل له لا نستدل به، هذا الكلام الذي كررناه مراراً، لكن مثل هذا الكلام يحتاج أن نستدل له، الآن الذي يرجحه ابن قدامه صاحب المغني أنه يصح يعني كغيره من النجاسات، فمثل هذا يحتاج إلى مزيد عناية.
قال -رحمه الله-: "وغسل الوجه وهو -يعني تحديده- من منابت شعر الرأس إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن، وإلى أصول الأذنيين" يعني طولاً من منابت شعر الرأس إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن، والأصل فيه ما تحصل به المواجهة، وحده طولاً من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما أنحدر من اللحين والذقن، ويخرج بالمعتاد من نبت على جبهته شعر، نقول: يغسل ما دونه أو يغسل ما يوازي المعتاد؟، وقل مثل هذا فيما لو انحسر شعره إلى نصف رأسه يلزمه أن يغسل من رأسه إلى أن يصل إلى الشعر أو ما يلزم؟ لا، يلزم إلاَّ المعتاد، ولا بد من غسل جزء من الرأس لنجزم بأننا استوعبنا الوجه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولذلك يقولون تمثيلاً لهذا: كغسل جزء من الرأس تبعاً للوجه، وإمساك جزء من الليل؛ لأن هذا لا يتم الواجب إلا به فيكون حينئذٍ واجباً.
"من منابت شعر الرأس إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن" ما انحدر عرفنا فيما تقدم أن اللحية الكثيفة تخلل، تقدم تخليل اللحية، وحكمه وكيفيته، لكن ما استرسل من اللحية يغسل تبعاً للوجه؛ لأنها تحصل بها المواجهة أو لا؟ أو نقول: هو مثل ما استرسل من شعر الرأس، وأنه لا يتبع الرأس، يعني لو كان للإنسان شعر طويل من خلفه يلزم مسحه أو ما يلزم؟ عند من يقول: بمسح جميع الرأس؟ إذاً اللحية إذا استرسلت وطالت يلزم غسلها إلى آخرها أو ما تحصل به المواجهة؟ ولذلك يقول: "إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن" ما أدخل اللحية التي هي الشعر، ما أدخلها إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، فما استرسل من اللحية منهم من يقول: إنه تحصل به المواجهة كما لو كان الشعر في حدود الوجه، وفي داخله يجب غسله؛ لأنه تحصل به المواجهة، ومنهم من يقول: هو في حكم ما استرسل من شعر الرأس فلا يجب غسله، وعلى كل حال.... نعم؟
الطالب:.......
غسل الوجه، {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] الوجه ما تحصل به المواجهة، المقصود الوجه، وكل من الشعر الذي في الوجه، وما استرسل من شعر الرأس كلاهما شيء طارئ على المفروض لا أصلي، فإذا قلنا: إنه ما تحصل به المواجهة فهو ما في حيز الوجه الأصلي، فيكون ما استرسل من الوجه، ولذلك تحديدهم هنا اللحيين والذقن ما يدخل اللحية، بناء على أن هذا قدر زائد على المفروض، ويدخلون تخليل اللحية في السنن وليس من الواجبات، بينما لو كانت اللحية خفيفة وجب إيصال الماء إلى ما تحتها من البشرة؛ لأن ما خرج أو ما ظهر فرضه الغسل، وعلى كل حال المسألة خلافية، والاحتياط أن تغسل اللحية مع الوجه.
الطالب:.......
يعني هذا ثابت وذاك يطرأ عليه ما يطرأ، على كل حال المسألة لغوية، هل تدخل اللحية في الوجه أو ما تدخل؟ إذا قلنا: الأصل المواجهة، أو أن نقول: هذا شيء طارئ على الوجه، والوجه حددوه بأنه إلى الذقن، إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن الذي هو الوسط.
الطالب:.......
العيون تحصل بهما المواجهة.
الطالب:.......
أما كونه تحصل به المواجهة، لكن هل كل ما تحصل به المواجهة طرداً وعكساً، أو لا تحصل به المواجهة يجب أو لا يجب؟ يأتينا في المضمضة والاستنشاق هل هي داخلة فيما تحصل به المواجهة؟ بمعنى أن الإنسان يواجه غيره فاغراً فاه؟ يلزم أو ما يلزم؟ ما يلزم، يأتي هذا في المضمضة والاستنشاق حتى....
الطالب:.......
لا لو قلت: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً يمكن، نكمل -إن شاء الله- فيما بعد.
اللهم صل على محمد....