كتاب الصلاة (18)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

هذا سائل يقول: هل صحيح أن قول الترمذي –رحمه الله- عن حديثٍ هذا حديثٌ حسن يعني بأن هذا الحديث ضعيفٌ عنده أو فيه ضعف عنده؟

هذا ليس بمطَّرد، وإن كان حد الحسن يدخل فيه بعض أنواع الضعيف، حد الحسن عند الترمذي.

وَقَالَ التّرمِذِيُّ: مَا سَلِمْ
 

 

مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ
 

بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ
 

 

قُلْتُ: وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ
 

فقوله: للمتهم راويه بالكذب لا ينفي أن يُتهَم بما هو دون الكذب، فيدخل في ذلك أنواع من الضعيف، ولم ينص الترمذي على اتصال الأسانيد، فيدخل فيه أيضًا أنواع أخرى، لكن هذا ليس بمطَّرد أن يُقال: كل ما قال فيه: حسن، فهو ضعيف، لكن قد يدخل فيه بعض أنواع الضعيف؛ لدخوله في الحد الذي حدَّه لتعريف الحسن.

ثم يقول السائل: فإن صح هذا القول، فهل يكون مرجِّحًا لقول القائلين: بأن ما قال فيه الترمذي: هذا حديثٌ حسن وصحيح مرتبة بين ما قال فيه: هذا حديثٌ حسن، وما قال فيه: هذا حديثٌ صحيح، فهو أعلى من الأول وأدنى من الثاني؟

ما قال فيه الترمذي حسنٌ صحيح اختُلف في مراد الترمذي –رحمه الله- بهذا الاصطلاح على ما يقرب من ثلاثة عشر قولًا، فالذي رجَّحه ابن حجر أن الحديث إذا كان له طُرق، فيُحمل على أن الترمذي صححه من طريق، وحسَّنه من طريق إن كان له طُرق، وغاية ما فيه أن يُقال: هذا حديثٌ حسنٌ وصحيح، وحينئذٍ يكون أعلى مما قيل فيه: صحيح فقط.

وإن كان له طريقٌ واحد؛ لأن الترمذي حَكم على بعض المفردات المنفردات بأنها حسنة.

....................................
 

 

قُلْتُ: وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ
 

وقد يُضيف إليه لفظ الصحة، وقد وُجِد، فإن كان له طريقٌ واحد، فقد قال ابن حجر: أن مرد ذِكر الحُكمين التردد هل بلغ مرتبة الصحيح أو قصر دونها إلى مرتبة الحسن، فيكون غاية العبارة أن يُقال: حسنٌ أو صحيح، وسبب ذلك التردد هل بلغ أو لم يبلغه؟

وقال بعضهم: أن الترمذي يرمز إلى أنه صحيحٌ عند قوم، وحسنٌ عند آخرين، إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة التي استُوعِبت في كُتب المصطلح المطوَّلة.

طالب: ..............

حسنٌ غريب نفس الشيء، الغريب له اصطلاح له عنده، فإذا كان حسنًا ودخل فيه بعض أنواع الضعيف، فإذا قال عنه: غريب، قالوا: إن في هذا نوع تنافر، كيف يكون حسنًا، والحسن يشترط فيه أن يُروى من غير وجه، يُروى من غير وجه عند الترمذي مع أنه حسَّن بعض الأحاديث التي انفرد بها بعض الرواة؟ فقوله: يُروى من غير وجه لا يطَّرد عنده.

فإذا كان حسنًا ويُروى من غير وجه على اصطلاحه، وغريبًا فلا بُد أن يُعرَف معنى الغرابة عنده، وأنها ليست الغرابة المطلقة التي تفرَّد بها الراوي؛ لأنه اشترط أن يُروى هذا الحديث من غير وجه، وإلا فيكون متناقضًا.

على كل حال الترمذي إمام من أئمة المسلمين لا أحد يستطيع أن يتطاول عليه، كونه يختلف مع غيره في بعض الاصطلاحات فهذا خلاف موجود من الأصل، الأئمة الكبار بينهم اختلاف في بعض الأحكام على بعض الأحاديث.

لكن الترمذي توسَّع في التساهل، ورُمي به؛ ولذلك يقول الذهبي: إنه لا يُعتد بتصحيح الترمذي، ولكن يبقى أن الترمذي إمام من الأئمة، وله اطلاعه، وله معرفته بالطرق والأسانيد وأحكام الأئمة السابقين، وهو ينقل عنهم، ينقل عن أحمد، وينقل عن البخاري، وعن غيرهما، هذا ما أحد يستطيع أن يتطاول عليه، وإن وُصِف بشيءٍ من التساهل، فالأئمة كلهم على ثلاث طبقات: فيهم المتشدد، فيهم المتوسط، فيهم المتساهل، ولا يقدح فيه ذلك؛ لأن طِباع الناس تختلف، حتى في تعاملاتهم في أمور الدنيا تجد هذا من أشد الناس على هذه الأمور، وهذا من أسهلهم، وهذا متوسط، والتوسط كله خير، «وَخَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَطُهَا».

يبقى أحمد شاكر –رحمه الله- وهو الآخر المرمي بالتساهل الشديد، أشد وأوسع خطوًا من الترمذي في التصحيح وتوثيق الرواة أحمد شاكر، ويبقى إمام له اطلاع، وله طريقة ومنهج وتحقيقاته على المُسند والرسالة والطبري في الأحاديث في الطبري، يعني مناهج تُحتذى عند طلاب العلم، أشياء دقيقة، لكنه اتخذ هذا المنهج الذي فيه هذا التساهل، ووثَّق أكثر من عشرين راويًا جمهور الأئمة على تضعيفهم وعندي بالأسماء.

أحمد شاكر ماذا يقول عن الترمذي؟ يقول: تصحيح الترمذي مُعتبر -ويزيد على ذلك ويقول-: تصحيحه توثيقٌ لرواته، إذا صحح حديثًا فرواته كلهم ثقات عند الترمذي.

هذا الكلام ما هو بصحيح؛ لأن التصحيح لا يقتصر على معرفة السند فقط، يعني يُصحح بالشواهد بالمتابعات، وبغير ذلك هو بالطرق الأخرى يُصحح، وإن كان هذا الطريق لا يسلم يُوجد طريق يجبره ويُرقيه إلى الصحة، وهذه طريقة الترمذي؛ لأنه إذا انتهى من الحديث قال: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان وفلان. كل هذه شواهد يُرقي بها الحديث، فإذا حكم على حديث بأنه حسنٌ صحيح لا يعني أنه بهذا الطريق، بالطرق التي أشار إليها بقوله: وفي الباب.  

طالب: ..............

هو النسائي من حيث التقعيد والتنظير شرطه قوي، شرط النسائي في الرجال قوي جدًّا، لكن إذا نظرت إلى تطبيقه في كتابه وجدت فيه ما يُلاحظ عليه.

طالب: ..............

أقل أقل بلا شك، لكن مع ذلك كونه يتشدد ويُقال: إنه يوازي مسلمًا في الشرط، لا، هو تكلم بكلامٍ قوي على الرواة، وعلى الأحاديث، لكن يبقى أنه إذا قارنت بين أحكامه أو ما خرَّجه في كتابه وبين ما قعَّدته، وجدت البون الواسع فيه شُقة كبيرة، النسائي لاسيما الكبرى فيها أحاديث ضعيفة جدًّا، لكن لما يروي عن المصلوب متهم بالوضع أو وضَّاع، وغيرهم مجموعة من الرواة ما هو بالضعف يعني الذي يُحتمل عند الأئمة ويقبل الانجبار، عن رواةٍ لا يقبلون الانجبار.

الترمذي عنده سعة في الاصطلاح العبرة بالتطبيق إذا اصطلحوا، ثم ماذا إذا اصطلح؟ أنه ما يدخل إلا صحيح ولا موضوعات مثل المستدرك.

طالب: ..............

الحاكم يشترط وروى موضوعات، ماذا تفعل به؟ نقيض ابن الجوزي الذي صنَّف في الموضوعات، وأدخل فيها أحاديث صحيحة.

فيبقى أن طالب العلم إن كان متأهلًا، ولديه أهلية النظر، ويُميز بين الأسانيد والمتون، ويستطيع أن يحكم على الأحاديث هذا فرضه، ولا بُد أن ينظر في كل حديثٍ حديث؛ ليحكم عليه، ما يكفي أن يُقال: خرَّجه أبو داود وسكت عنه؛ لأنه سكت عن أحاديث كثيرة جدًّا فيها ضعف ظاهر، ويتردد النظر هي مما يلزمه بيانه أو لا يلزمه؟ وما كان فيه وهنٌ شديدٌ بيَّنته.

معناه أن الوهن الشديد الضعف الذي ما هو بشديد جدًّا أنه لا يلزمه بيانه، والضعف مستلزمٌ للتضعيف.

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ»، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا».

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ القِبْلَةِ، فَحَكَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى». 

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى فِي جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطًا أَوْ بُصَاقًا أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ".

يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ" البزاق والبصاق ما يُخرَج من الفم، ويُقال بالزاي كما هنا، ويُقال بالصاد، ويُقال بالسين، كنظائره مما يُقال بالحروف الثلاث كالصراط.

وحكُّه: الحك لليابس، والمسح يكون للرطب باليد، يشمل ما إذا كان باليد مباشرةً أو ما كان بواسطة آلة: كحجرٍ وعودٍ ونحوه.

"مِنَ المَسْجِدِ" يعني إذا كان في المسجد يُحَك قد جاءت فيه الأحاديث؛ لأن المساجد تُنزَّه، وتنظَّف، وتُطيَّب، وتُكنس، وتُزال منها القاذورات، أي شيءٍ يُستقذر يجب إخراجه من المسجد.

وجاء التنصيص على القِبلة، وليس معنى هذا أن الجهات الأخرى يجوز امتهانها بمثل هذه الأمور، ولكن القبلة أشرف الجهات، والله –جلَّ وعلا- إذا قام المصلي بين يديه كان الله قِبل وجهه يعني إلى جهة القبلة.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ" وهو ابن سعيد.

"قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ" النخامة بالميم، وبالعين النخاعة معناهما واحد، وفُرِّق بينهما بأن النخامة بالميم من الرأس، والنخاعة بالعين من الصدر، هذا عند من يُفرِّق، وكثير يقول: لا فرق بينهما كله نُخام.

ومن باب الاستطراد يقول العلماء من الحنابلة: ويحرم بلع النخامة؛ لأنه لو قيل بالجواز ففيه حل عندنا هي مستقذرة بلا شك، لكن أهون من النصوص التي ... الله –سبحانه وتعالى- وأنت تُصلي قِبل وجهك، يكون فيه حل لو كان جائزًا، لكن الحنابلة وجمعٌ من أهل العلم ينصون على تحريم بلع النخامة على أي حالٍ كان، ويُفطر بها الصائم إن وصلت إلى حلقِه أو فمه، يعني نزلت من الرأس ووصلت إلى فمه، ثم ابتلعها، من كُتب الحنابلة من يقول: إلى حلقه، وبعضها يقول: إلى فمه، ونُسخ الزاد تختلف في هذا.

على كل حال مستقذرة مُستقبحة، وهذا سبب القول بتحريمها؛ لأن من المحرمات ما يُستقذَر؛ لأنه قد يقول قائل: بدلًا من أن أتحمَّل هذا التحريم وأحك وأمسح، هو الأصل ألا يقع، الحل قد جاء في الحديث الثاني في آخر الحديث كما سيأتي "ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ" يقول: ماذا أفعل؟ قال: امسك طرف ردائك فابصق فيه، ثم رُدَّ بعضه على بعض، يعني حُك بعضه ببعض، فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا».

طالب: ..............

إذا وصلت إلى فمه سواءً كان من الجوف أو من الرأس إذا وصلت إلى الفم، ثم ابتلعها خلاص الحُكم واحد.

طالب: ..............

على كل حال المرد في ذلك إذا وصلت إلى الفم، أنت لو تُدخل أدنى شيء إلى الفم ثم تبتلعه أفطرت أيًّا كان من أي جهةٍ ورد إذا عسُر إخراجه وغلب عليه كما لو طار إلى حلقه غُبارٌ أو ذباب.

طالب: ..............

يعني في الصيام؟

على كل حال المشقة تجلب التيسير، فإذا كان يصعب عليه صعوبة بيِّنة واضحة، ويشق عليه فهذا يُعفا عنه.

"فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ" عليه الصلاة والسلام، "حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ" تلك المشقة تغيُّر استنكار.

"فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ" نص أهل العلم على أنه لا يلزم أن يُباشر هذا القذر بيده –عليه الصلاة والسلام- لو باشره بيده صح أنه حكّه بيده، وإذا باشره بعودٍ بيده صح أنه باشره بيده بواسطة العود أو الحصاة أو ما أشبه ذلك. 

"فَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ»" يُناجي الله -جلَّ وعلا-.

«أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» يعني بين قدميه، وفي روايةٍ: «أو تحت قدمه» المقصود أنه إلى جهة الأرض، هذا إذا لم يكن في المسجد، لا يجوز أن يبصق عن يساره في المسجد، وقد يكون عن يساره مصلٍّ، ولا عن تحت قدمه يُلوث المسجد، خطيئة كفارتها كما جاء دفنها.

وعلى كل حال الأمر واضح.

 قوله: «أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» لا بينه وبين القبلة، ولا عن يمينه؛ لأن هذه جهات مُشرَّفة محترمة شرعًا، وأما اليسار وتحت القدم فلا، لكن مع ذلك إذا كان في المسجد يفعل كما جاء في آخر الحديث "ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ" يعني حك بعضه ببعض.

"فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا»" الآن فيه أمور ترفع مثل هذه الأمور مثل المناديل، وكان الناس معهم مناديل من خِرق يستعملونها عند الحاجة، ومضى الناس على هذا الفعل إلى أن جاءت هذه المناديل.

وتبقى ملاحظة وهي: أن المناديل النظيفة غير المستعملة غير المناديل المستعملة.

طالب: ..............

لا لا، الذي تضعه في جيبك، أين تضعهم بالمسجد؟ خلِّ النفايات هذه، لكن أنت صاف، ولا عندك شيء، وحصل لك شيء من هذا، فالأصل على قياس ما جاء في الأحاديث أن تضع النظيف في جيبك اليمين، والمستعمل في جيبك اليسار، نظير البصاق عن جهة اليسار.

طالب: ..............

لا تُوضع في القبلة.

طالب: ..............

لا، هي وُضِعت لهذا، وغير ملامسة للمسجد، فإذا كانت في مكانٍ ليس في القبلة فالأمر سهل.

طالب: ..............

يُخرجونها.

طالب: ..............

يصعب أن إنسانًا مُعتكفًا أو جالسًا في المسجد يقرأ أو كذا.

طالب: ..............

على كل حال احترام ما يمُت إلى الدين بأي صلة واجب، ولا بُد من احترامه.

نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب حك البزاق باليد من المسجد" أي: سواءً كان بآلةٍ أم لا، ونازع الإسماعيلي في ذلك، فقال: قوله: "فحكه بيده" أي: تولى ذلك بنفسه لا أنه باشر بيده النخامة، ويؤيد ذلك الحديث الآخر أنه حكَّها بعرجون. انتهى.

والمصنِّف مشى على ما يحتمله اللفظ مع أنه لا مانع في القصة من التعدد، وحديث العرجون رواه مسلمٌ من حديث جابر".

رواه أبو داود.

طالب: لا، رواه مسلم يا شيخ، وعند التحشية يا شيخ هكذا في ألِف وفي عين وسين رواه أبو داود، وهو مُخرَّجٌ أيضًا عند أبي داود.

في نسخة: في مسلم؟

طالب: نعم.

لا يمنع أن يكون الأصل عند الحافظ أبي داود.

طالب: هذا صحيح، لكن يقولون: في عين وسين رواه أبو داود، أو في ألِف رواه مسلم.

يعني في نسخة عند مسلم، وهو عندهما، في الواقع أنه عندهما.

"قوله: "عن حُميدٍ، عن أنس" كذا في جميع ما وقفت عليه من الطرق بالعنعنة، ولكن أخرجه عبد الرزاق، فصرَّح بسماع حُميدٍ من أنس، فأُمِن تدليسه".

مع أنه لو لم يرد في طريقٍ من الطرق، لو لم يرد بالتصريح لما ضر؛ لأن معنعنات المدلسين في الصحيحين محمولة على الاتصال، ومنهم من يقول: موصولة قطعًا وفعلًا، تتبعها فوجدها موصولة.

"قوله: "نخامةً" قيل: هي ما يخرج من الصدر، وقيل: النخاعة بالعين من الصدر، وبالميم من الرأس.

قوله: "في القبلة" أي: الحائط الذي من جهة القبلة.

قوله: "حتى رؤي" أي: شوهِد في وجهه أثر المشقة، وللنسائي فغضب حتى احمر وجهه، وللمصنِّف في الأدب من حديث ابن عمر فتغيظ على أهل المسجد.

قوله: "إذا قام في صلاته" أي: بعد شروعه فيها.

قوله: "«أَوْ إِنَّ رَبَّهُ»".

أو أن.

إن أحدكم؟

طالب: «أَوْ إِنَّ رَبَّهُ».

إن أحدكم فإنه يُناجي أو إن، بكسر الهمزة.

"قوله: "«أَوْ إِنَّ رَبَّهُ» كذا للأكثر بالشك كما سيأتي في الرواية الأخرى بعد خمسة أبواب، وللمستملي والحموي: «وإن ربه» بواو العطف، والمراد بالمناجاة من قِبل العبد حقيقة النجوى، ومن قِبل الرب لازم ذلك، فيكون مجازًا، والمعنى إقباله عليه بالرحمة والرضوان".

المناداة والمناجاة مما ثبت لله وصفه به {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم:52].

طالب: ..............

المناداة واضحة، والمناجاة كذلك، وكلها ثابتةٌ لله –جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته.

طالب: ..............

نعم تأويل. 

طالب: ..............

تأويل.

طالب: ..............

من الرحمة والرضوان؟

طالب: ..............

أنت، الذي ما يحمله الخبر لا تتعرض له، فتقع في إشكال.

طالب: ..............

إذا كان الراوي...

طالب: ..............

لكن ما موقعه الذي صرَّح بالسماع؟ ثقة؟

طالب: ..............

لا بُد.

"وأما قوله: «أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ»، وكذا في الحديث الذي بعده، «فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ» فقال: الخطابي: معناه أن توجهه إلى القبلة مفضٍ بالقصد منه إلى ربه، فصار في التقدير فإن مقصوده بينه وبين قبلته، وقيل: هو على حذف مضافٍ أي: عظمة الله أو ثواب الله.

وقال ابن عبد البر: هو كلامٌ خرج على التعظيم لشأن القبلة، وقد نزع به بعض المعتزلة القائلين: بأن الله في كل مكان وهو جهلٌ واضح؛ لأن في الحديث أنه يبزق تحت قدمه، وفيه نقض ما أصَّلوه".

إذا كان في كل مكان فيُمنَع أيضًا أن يبصق تحت قدمه؛ لأن هذه من الأمكنة ومن الجهات.

"وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته".

اقرأ التعليق.

طالب: ..............

تعليق ابن باز؟

طالب: فيه موجود. ليس في الحديث المذكور ردٌّ على من أثبت استواء الرب سبحانه على العرش بذاته؛ لأن النصوص من الأحاديث والآيات في إثبات استواء الرب سبحانه على العرش بذاته محكمةٌ قطعيةٌ واضحةٌ لا تحتمل أدنى تأويل، وقد أجمع أهل السُّنَّة على الأخذ بها والإيمان بما دلت عليه على الوجه الذي يليق بالله سبحانه من غير أن يُشابه خلقه في شيءٍ من صفاته.

وأما قوله في هذا الحديث: «فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى»، وفي لفظٍ «فَإِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ» فهذا لفظٌ محتملٌ يجب أن يُفسَّر بما يوافق النصوص المُحكمة، كما قد أشار الإمام ابن عبد البر إلى ذلك، ولا يجوز حمل هذا اللفظ وأشباهه على ما يناقض نصوص الاستواء الذي أثبتته النصوص القطعية المُحكمة الصريحة. والله أعلم.

النصوص لا يُضرَب بعضها ببعض، ولكن يُحمل بعضها على بعض.

"وفيه الرد على من زعم".

طالب: خلنا نترك يا شيخ هذه العبارة إلى التي بعدها.

طالب: ما هي مستفادة.

كلام المعتزلة؟

طالب: كلام الشارح.

طالب: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته، ومهما تؤوِّل به هذا جاز أن يُتأوَّل به ذاك، والله أعلم.

معروف مذهبه في التأويل، ابن حجر معروف، وسمعنا ونسمع منه ومن غيره مثل هذا الكلام بكثرة.

طالب: ..............

ابن عبد البر معروف كلامه في الاستواء سواءً كان هنا أو في غيره.

طالب: ..............

هو كونه يدل على كذا يدل، وكونه يؤخَذ منه أو مفهومه أو من عمومه تعظيم القبلة هذا ما فيه إشكال؛ لأنه فرقٌ بين أن يؤوَّل النص باللازم فقط أو يُقر على ما جاء عن الله وعن رسوله ما الاعتراف باللازم مثل ما قلنا في مراتٍ عديدة وفي أحاديث كثيرة «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» يقول كثيرٌ من الشراح: روحي في تصرفه.

إذا نظرت إلى الكلام هل صحيح أم خطأ؟ صحيح، لكن إذا قاله من ينفي اليد لله –جلَّ وعلا- من ينفي اليد، قلنا: لا سمع ولا طاعة أنت فارٌّ من إثبات الصفة، وإذا قاله من يُثبت الصفة فهو مقبول؛ لأن معناه صحيح ما فيه أحد روحه ليست في تصرف الله، لكن لا بُد أن ننظر بين هذا وهذا.

طالب: ..............

خرج على التعظيم لشأن الكعبة، يعني مفهوم ما دلت عليه الأحاديث هو هذا، أما كونه يُثبت الاستواء، وأنه بذاته على عرشه بائنٌ من خَلقه، هذا يقوله ابن عبد البر وغيره من أئمة الإسلام.

"وهذا التعليل يدل على أن البزاق في القبلة حرام سواءٌ كان في المسجد أم لا، ولاسيما من المصلي، فلا يجري فيه الخلاف في أن كراهية البزاق في المسجد هل هي للتنزيه أو للتحريم؟ وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان من حديث حذيفة مرفوعًا: «مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَفْلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ»، وفي روايةٍ لابن خزيمة من حديث ابن عمر مرفوعًا: «يُبْعَث صَاحب النُّخامة فِي الْقبْلَة يَوْم الْقِيَامَة وَهِي فِي وَجهه»".

في القبلة أعم من أن تكون في المسجد أو في غير المسجد، يعني في جهة القبلة، فجهة القبلة كما أن المسجد مُعظَّم فالجهة مُعظَّمة أيضًا.

طالب: ..............

في الصلاة وغيرها أعم.

"ولأبي داود وابن حبان من حديث السائب بن خلاد أن رجلًا أمَّ قومًا، فبصق في القبلة، فلما فرغ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يُصلي لكم» الحديث، وفيه أنه قال له: «إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»".

عندك ياء في «لا يُصلي»؟

طالب: ..............

«لا يُصلي» بالياء؟

طالب: ..............

ما هو بنهي؟ هل يمكن حملها على أنها نافية؟ من حيث المعنى بعيد، إنما ينهاهم أن يُصلي بهم هذا.

طالب: ..............

النفي؟ هذا يأتي بمعنى النهي، ويكون أبلغ من النهي الصريح، لكن في مثل هذا السياق؛ لأنه إذا قال: لا يُصلِّي معناه أن ينفي أن يُصلي بهم، ويتضمن معنى أن هذا الشخص الأصل فيه ألا يُصلي، وليس بأهلٍ ولا بكفءٍ أن يُصلي بكم، فينفي صلاته بهم، وجاء له نظائر كثيرة، لكن كأن النهي أوضح يواجههم بذلك في هذه المسألة.

وعلى كل حال يُمكن توجيهه.

طالب: ..............

نعم، يقول: فبصق في القبلة، أن رجلًا أمَّ قومًا «يُبْعَث صَاحب النُّخامة فِي الْقبْلَة» إلا إذا قلت: إننا نحمل هذه النصوص المطلقة المقيدة في القبلة في المسجد ليست بأشد من البول بلا شك، لكن النصوص المطلقة مُحتملة لذلك. 

طالب: ..............

النصوص المطلقة تشمل غير المصلي في خارج المسجد، أنت إذا أردت البصاق تنحرف عن القبلة، كما تنحرف في البول والغائط.

طالب: ..............

ماذا؟

طالب: ..............

يعني بدون ياء، وعندنا بياء.

"وفيه أنه قال له: «إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».

قوله: «قِبَلَ» قبلته بكسر القاف وفتح الموحدة أي: جهة قبلته.

قوله: «أو تحت قدمه» أي: اليسرى كما في حديث أبي هريرة في الباب الذي بعده، وزاد أيضًا من طريق همام عن أبي هريرة «فيدفنها» كما سيأتي ذلك بعد أربعة أبواب.

قوله: "ثم أخذ طرف ردائه" إلى آخره فيه البيان بالفعل؛ ليكون أوقع في نفس السامع، وظاهر قوله أو يفعل هكذا أنه مُخيَّرٌ بين ما ذُكِر، لكن سيأتي بعد أربعة أبواب أن المصنِّف حمل هذا الأخير على ما إذا بدره البزاق فــ(أو) على هذا في الحديث للتنويع، والله أعلم".

لأن (أو) كما تأتي للشك وللتخيير تأتي أيضًا للتنويع.

خَيِّرْ أبِحْ قَسِّمْ بِأوْ وأَبْهِمِ
 

 

.............................................
 

قسِّم هو التنويع التقسيم هو التنويع.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ القِبْلَةِ، فَحَكَّهُ" وهناك فحكَّه بيده.

"ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ»" قيَّد الحال بالصلاة.

«فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ» وهذا أعم من أن تكون الصلاة في المسجد أو خارج المسجد.

«فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى» «قِبَل» يعني: مواجهًا. 

طالب: ..............

معروف عند البخاري.

طالب: ..............

هي أغلبية، ومالك معروف عند الأئمة وضعه، وقالوا: هو نجم السُّنن، سمَّاه الشافعي نجم السُّنن.

طالب: ..............

لعل له ملحظًا.

طالب: ..............

هذا وضعه –عليه الصلاة والسلام- تغيَّظ عليهم، وكلمهم بهذا الكلام الشديد، قال للذي أمَّهم: «لا يُصلي بكم» الذي يغلب على الظن أنه في صلاته، وإن كان عموم وإطلاق الأحاديث يشمل خارج الصلاة، فالجهة ينبغي أن تُحترم، أما في المسجد فيجب، وأما خارج المسجد فينبغي.

طالب: ..............

على خلاف بين أهل العلم، هذا خلاف عند من يقول: إن النهي في الخلاء لا في البنيان في الصحراء لا في البنيان، يقول: ما فيه إشكال، والصحابة لما أتوا الشام وجدوا مراحيض بُنيَّت قِبل القبلة، قال: فننحرف يسيرًا، ونستغفر الله.

طالب: ..............

ماذا؟

طالب: ..............

ما الذي بوجه القبلة؟

طالب: ..............

معه منديل يبصق فيه، لكن ينحرف يسيرًا عن القبلة إلى جهة اليسار، ويضع المنديل إن لم يكن هناك موضع يُمكن أن يُوضَع عن جهة شماله أو تحت قدمه يضعه في جيبه الأيسر؛ لئلا يُلوث المسجد؛ لأن النخاعة طاهرة، وحملها لا يؤثر في الصلاة.  

"قوله: "في حديث ابن عمر رأى بصاقًا في جدار القبلة" وفي رواية المستملي (في جدار المسجد) وللمصنِّف في أواخر الصلاة من طريق أيوب عن نافع في (قبلة المسجد) وزاد فيه (ثم نزل فحكها بيده) وهو مطابقٌ للترجمة، وفيه إشعارٌ بأنه كان في حال الخطبة.

وصرَّح الإسماعيلي بذلك في روايته من طريق شيخ البخاري فيه، وزاد فيه أيضًا قال: وأحسبه دعا بزعفران فلطَّخه به، زاد عبد الرزاق عن معمر عن أيوب: فلذلك صنع الزعفران في المساجد".

صُنِع يعني وُضِع.

ثم بعد ذلك قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى فِي جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطًا أَوْ بُصَاقًا أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ" كذا وفي الموطأ بالشك، يعني هل هو بصاق أو مخاط أو نخام؟ على سبيل التردد، رأى كذا أو كذا أو كذا، والحكم والمعنى واحد.

وهذا في جدار القِبلة فحكَّه –عليه الصلاة والسلام- كما فعل في الأحاديث السابقة.

"كذا هو في الموطأ بالشك، وللإسماعيلي من طريق معنٍ عن خالد أو نخاعًا بدل مخاطًا، وهو أشبه".

طالب: ..............

معن.

طالب: من طريق معنٍ عن خالد.

عن مالك.

طالب: نعم عن مالك.

معن من رواة الموطأ لا عن خالد.

"من طريق معنٍ عن مالك أو نخاعًا بدل مخاطًا وهو أشبه".

معن هو: القزاز، له موطأ معروف عند أهل العلم، وهو أحد الموطآت السبعة عشر المعروفة، وإن كانت هذه الموطآت تتفاوت كثرةً وانتشارًا وزيادةً في الأحاديث وقِلة، وأشهرها رواية يحيى بن يحيى، ورواية أبي مصعب، وفيها زيادات، ورواية محمد بن الحسن.

من أغرب ما رأينا موطأ المهدي بن تومرت، رأيته أنت؟

طالب: أخيرًا.

أخيرًا، تدري سنة كم مطبوع بالجزائر؟ ألف وثلاثمائة وتسعة في جزأين، وهو نادر جدًّا، يعني الذي يبحث عن نسخة ما يلقى إلا أن يُصوِّر.

طالب: ..............

الذي صار هناك، وهو على ضلالٍ مُبين، يعني في ترجمته شيء ما يخطر على البال، ادعى المهدية، ثم ادعى ما هو أعظم من ذلك، نسأل الله العافية.

ومع ذلك يُعتنى في موطئه وفي كُتبه ومؤلفاته. 

طالب: ..............

اليوم ما له أتباع وإلا فقد كان له أتباع كُثر ادعوا له العصمة، نسأل الله العافية.

طالب: ..............

(أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ) يعني: هذا المُنزَل في الكُتب المقروءة المتلوة، وذاك على لسان حملة الوحي مما لم يُسطَّر.

طالب: ..............

تنوع نعم.

طالب: ..............

مما يدل على أن هناك أسماء لم يطلع عليها أحد.

طالب: ..............

لا، يُحمل على نوعٍ لم يرد في هذه الأمور (سمَّيت به نفسك) مما لم يبلغ خَلقك.

طالب: ..............

ما يدخل في هذه الثلاثة.

طالب: ..............

بل؟

تجيء؛ ولذلك قال ابن مالك:

...........................................
 

 

وَإِضْرَابٌ بِهَا نُمِى
 

يعني بمعنى: بل.

وَرُبَّمَـا عَاقَبَـتِ الـوَاوَ إِذَا
 

 

.............................................

كمِّلوا، ألفية ابن مالك هذه ساعدونا –جزاكم الله خيرًا- شجعونا، حفظنا على... أكثر من خمسين سنة عُرضة للنسيان.

طالب: ..............

وهذا الذي نذكره من محفوظنا السابق من بركة هذه المؤسسة الصالحة، المؤسسة على تقوى ونيةٍ صالحة التي هي مؤسسة المعاهد العلمية، رحم الله من ساهم في إنشائها، مع أنها ضعفت، وأُضعِفت الآن، لكن كانت تُخرِّج علماء، ويُعين القضاة من خريجي المعاهد في ذلك الوقت، والآن يأتيني من كليةٍ شرعية يقول: ما حُكم المسح على القُلتين؟ تصور الفرق!

المسح على القلتين، تصور الفرق بين طُلاب ذلك الوقت، وطلاب هذا الوقت، الله المستعان.

وأما بالنسبة للقراءة والكتابة فحدِّث ولا حرج.   

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ حَكِّ المُخَاطِ بِالحَصَى مِنَ المَسْجِدِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما-: إِنْ وَطِئْتَ عَلَى قَذَرٍ رَطْبٍ، فَاغْسِلْهُ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَلاَ.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ–رضي الله عنهما- حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا، فَقَالَ: «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى».

يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ حَكِّ المُخَاطِ" وهو في معنى ما تقدم إلا أنه غاير الترجمة؛ لاختلاف اللفظ هذاك بُزاق، وهذا مُخاط.

"بِالحَصَى مِنَ المَسْجِدِ" وفي حُكمه حكَّه بأي شيءٍ جامد، وجاء في الأحاديث السابقة باليد، وهو محمولٌ على أنه بواسطة آلة، ويصح أنه حُك باليد.

تقول: هذا الكتاب كتبته بيدي {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت:48] أنت تخطه بأصبعك أم بآلة بقلم أو بشيء؟

فوجود الآلة لا يؤثر في النِّسبة.

"وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-" وهذا تعليق "إِنْ وَطِئْتَ عَلَى قَذَرٍ رَطْبٍ، فَاغْسِلْهُ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا" فيكفي حكَّه «إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ الأَذَى بِخُفَّيْهِ؛ فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ»، لكن إذا كان رطبًا يُغسَل؛ لأن التراب يُبقي من الرطب ما يُبقي بخلاف اليابس.

"حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً"، وهذا الشاهد من الحديث للترجمة.

"فَحَكَّهَا، فَقَالَ: «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ» والعلة ما تقدم.

«وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى» في السابق «تحت قدميه»، ومر بنا لهذا نظائر في الصلاة، في ستر العورة؛ «لا يُصَلِّين أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» والرواية الأخرى: «لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ» فقالوا: لا منافة بين رواية الإفراد والتثنية؛ لأن الإفراد يُراد به الجنس.

طالب: ..............

قدمه اليسرى، وإذا كانت اليمنى يصير بجهة يمينه أو تحت قدميه، قدميه يعني بينهما إلى جهة الأرض، أما المسجد فيزيده تلويثًا، فيكون المتعين فيما كان في المسجد الثوب، طرف الثوب.

طالب: ..............

في المسجد رأى نخامةً في جدار المسجد.

طالب: ..............

لا، الفرق بين مسجد مفروش وبين تراب، تكون من باب كفارتها دفنها بين هذا وذاك.

طالب: ..............

اليمين مُكرَّم، جهة اليمين مُكرَّمة في الجُملة.

طالب: ..............

ماذا؟

طالب: ..............

كلاهما مكرَّم، كلاهما محترم.

طالب: ..............

ماذا يقول؟

طالب: ..............

لا، ما له علاقة بمسألة فإن الله تلقاء وجهه، فهي مطلقة في الصلاة وغيرها في المسجد إذا كان في المسجد.

طالب: ..............

طيب المسجد لا شك أنه محترم ومُعظَّم، ويجب العناية به، والحفاوة به، وتنظيفه، وتطييبه هذا شيء، لكن خارج المسجد إذا كان يؤذي الناس بمرآه في أي جهةٍ كان، إذا كان يؤذي الناس بمرآه فيُدفن على أقل الأحوال.

طالب: ..............

أين هي في المسجد أو في خارج المسجد؟

طالب: ..............

في الطريق؟

طالب: ..............

هذا من باب إماطة الأذى؛ لأن هذا يؤذي.

طالب: ..............

على الأسفلت أو البلاط، الحمد الله، وُجِدت البدائل، وقِلَّت القاذورات بقدر الإمكان، والحمد لله، نعم.

قوله: "باب حك المخاط بالحصى من المسجد" وجه المغايرة بين هذه الترجمة والتي قبلها من طريق الغالب، وذلك أن المخاط غالبًا يكون له جرمٌ لزجٌ فيحتاج في نزعه إلى معالجة".

ولذلك احتيج للحصى.

"والبصاق لا يكون له ذلك، فيُمكن نزعه بغير آلة إلا إن خالطه بلغمٌ فيلتحق بالمخاط هذا الذي يظهر من مراده.

قوله: "وقال ابن عباس" هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ، وقال في آخره: وإن كان يابسًا لم يضره".

إذا وطئ اليابس فاليابس لا يُلوِّث، ولا يُنجِّس اليابس كما هو معلوم.

طالب: فيه خطأ عندهم يا شيخ.

ماذا؟

طالب: وإن كان –مكتوب عندهم- ناسيًا، خطأ.

"ومطابقته للترجمة الإشارة إلى أن العلة العظمى في النهي احترام القبلة لا مجرد التأذي بالبزاق ونحوه، فإنه وإن كان علةً فيه أيضًا، لكن احترام القبلة فيه آكد".

تكون العلة مركَّبة من الأمرين.

"فلهذا لم يفرق فيه بين رطبٍ ويابس بخلاف ما علة النهي فيه مجرد الاستقذار، فلا يضر وطء اليابس منه، والله أعلم.

قوله: "فتناول حصاةً" هذا موضع الترجمة، ولا فرق في المعنى بين النخامة والمخاط؛ فلذلك استدل بأحدهما على الآخر.

قوله: "فحكَّها"، وللكشميهني (فحتَّها) بمثناةٍ من فوق، وهما بمعنىً".

يعني بمعنىً واحد.

"قوله: «وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ» يأتي الكلام عليه قريبًا".

طالب: ..............

معروف أنه عن اليمين ملك، وعن الشمال ملك، هذه التي تكتب الأعمال.

طالب: ..............

ما يمنع أنه ملك محترم.

طالب: ..............

طيب والملك الثاني؟

طالب: ..............

الذي على اليمين لا شك أنه أشرف؛ لأن هذا يُزاول كتابة الحسنات، وذاك يُزاول كتابة السيئات.