الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (17)

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

أما بعد:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:

"وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه، وضيعوا أمره ونهيه، ونسوا أنه شديد العقاب، وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند. قال معروف: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق. وقال بعض العلماء: من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم، لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا. وقيل للحسن: نراك طويل البكاء، فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي. وكان يقول: إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: لأني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل. وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: والله لأن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنا خير من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف. وقد ثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه فيدور في النار كما يدور الحمار برحاه، فيطوف به أهل النار، فيقولون: يا فلان: ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه»."

يكفي.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يبين في هذا الكتاب ويذكر الدواء الشافي لمن سأله عن الذنوب وعلاج الذنوب وأثر الذنوب على العبد ويذكر أن من الناس من يغتر برحمة الله ويعتمد على عفوه ومغفرته ولا شك ولا ريب ولا مراء أن الله جل وعلا عفو كريم غفور رحيم رؤوف رحيم لكنه مع ذلك شديد العقاب شديد العقاب وأنه حكم على بعض الناس وقضى عليهم بدخول النار وقضى على آخرين بالخلود فيها كما أنه خلق للجنة أقوامًا ووفقهم للعمل بما يرضيه فكثير من المسلمين يوجد الآن من يزاول المنكرات ويعتمد على عفو الله ومغفرته ويسوِّف ويقول أتوب إذا بلغت من العمر كذا أتوب وما الذي يؤمِّنك وما الذي يضمن لك أن تعيش إلى أن توفَّق للتوبة ومثل ما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن الذي يعصي الله جل وعلا ويعتمد على عفوه ومغفرته هذا معانِد ولا يأس ولا قنوط لكن لا أمن من مكر الله لا أمن من مكر الله {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ} [سورة الأعراف:99] هاه يا سليمان.

طالب: ........

نعم.

فالأمن من مكر الله واليأس من رحمة الله كل هذه كلها من كبائر الذنوب وعظائمها وضلت طوائف بسبب اعتماد أحد الأمرين دون الآخر فضلت الخوارج لأنهم قنطوا ويئسوا ورجحوا جانب الخوف وضلت المرجئة أيضًا لأنهم أمنوا من مكر الله واسترسلوا في معاصيه وزعموا أنه لا يضر مع الإيمان ذنب ووفق الله جل وعلا أهل السنة والجماعة إلى أن توسطوا ونظروا إلى النصوص كلها نظروا إلى النصوص كلها وتوسطوا ونصوص الكتاب والسنة علاج لأدواء القلوب وهي أيضًا شفاء لأمراض الأبدان {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ} [سورة الإسراء:82] للجميع للقلب والبدن فعلى الإنسان أن يعالج داءه بكتاب الله جل وعلا فإن كان عنده نوع من التساهل نظر في نصوص الوعيد ليورثه ذلك الانكفاف عن المعاصي والازدجار عنها ويحثه على العمل بما يرضي الله جل وعلا وإن رأى على نفسه شيئا من الاندفاع والغلو يعالج ذلك بنصوص الوعد وأن رحمة الله جل وعلا وسعت كل شيء لكن تكتب لمَن؟ {فَسَأَكْتُبُهَا} [سورة الأعراف:156] هل يكتبها للذين يزنون هل يكتبها للذين يسرقون هل يكتبها للذين يقتلون الناس بغير حق؟ لا، إنما يوفَّق لها من عمل الأعمال الصالحة والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسارعون ويبادرون الأعمال الصالحة ومع ذلك يخافون من أن ترد عليهم {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [سورة المؤمنون:60] خائفة لا بد من هذا أما الذي يقول والله إني توي شباب أبستانس وأنبسط وإذا قرب الموت تبت وما يدريك أن الموت بعد لحظة وما يدريك هل أنت مؤمَّن أن تعيش إلى الغد إلى أن تمكن من التوبة شخص وقر الإيمان في قلبه وذهب إلى عالم ليلقنه الشهادة من أجل أن يدخل لأنه لا يدخل في الدين إلا إذا نطق بالشهادة أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فقال الشيخ بعد الصلاة يكون خير خرج من عند الشيخ وفيه تبادل إطلاق نار وقتل هذا مات على كفره ظاهرًا والباطن الله جل وعلا يتولاه ما الذي يؤمنه إلى أن يعيش إلى أن يتوب وشخص في الستين من عمره في الستين من العمر لم يتزوج والله أعلم بما كان السبب ولا يصلي فذهب إليه قريب من أقربائه في بلده وقال يا فلان تزوج لترزق ولد صالح يدعو لك وحافظ على الصلاة لا يأتيك الموت بغتة ثم تندم ندامة لا ينفعك الندم فيها ولات ساعة مندم فقال يا فلان يكلم الذي جاء يدعوه وينصحه ويوجهه كم عمر والدي يوم مات؟ هذا عمره ستين قال عمره مائة وعشرين وكم عمر عمي قال مائة وخمسة عشر كم عمر خالي قال مائة وخمسة وعشرين قال لا، حنا ناس ما نموت إلا بعد أعمار طويلة وريضين على كلامه هو قال له أنت لا علاقة لك بأبيك ولا عمك ولا خالك أنت أجلك مرتبط بك بغض النظر عن غيرك ابن عمك كم عمره يوم مات قال ثلاثين ابن خالك كم عمره قال بحادث عمره عشرين وهكذا قال ولو أنا لا أسوق السيارة.. لو ما يسوق السيارة ما جاه الحادث يقول هذا الكلام في يوم الجمعة.. رجعت إلى بلدي وفي الجمعة التي تليها جاءني خبره أنه مات على فراشه فما الذي يؤمِّن الإنسان من مثل هذا يسترسل في المعاصي.. لو ذهبنا إلى المقبرة ونظرنا إلى الصغار الأفراط وعددناهم وجدنا العدد مقارب للكبار الشباب بين العشرين إلى الأربعين الآن معترك المنايا هنا في السيارات حوادث السيارات والإحصائيات مهولة في هذا السن الأمراض المستعصية بدأت بالصغار والشبان والكهول والشيوخ على حد سواء فما الذي يؤمِّنك أن تعيش إلى أن تتوب لا بد من إعادة النظر.

 في الخبر الذي في الصحيحين يقول يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه أمعاؤه فيدور في النار كما يدور الحمار برحاه فيمر به أهل النار فيقولون يا فلان ما أصابك أمر مخوف ما أصابك ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه أمر مخوف أن تنهى عن الحرام وترتكب الحرام أن تأمر بالواجب وتترك الواجب أما بالنسبة للأمر بالمستحب والنهي عن المكروه وأنه يجر إلى الحرام مع ارتكابه وما قرر أهل العلم أنه في ترك المنكر لا ضير عليه ولا ذنب وكذلك في ترك في فعل المكروه هذا أمره أوسع لكن الإشكال فيمن يأمر الناس بالواجبات ويترك وينهى الناس عن المحرمات ويرتكب هذا أمره خطير {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ} [سورة هود:88] {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [سورة البقرة:44] إنكار استفهام إنكاري لكن هل يشترط في الآمر والناهي أن يكون مؤتمرا منتهيا أهل العلم يقررون أن الجهة منفكة الجهة منفكة ما معنى منفكة يعني أنك مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولست مطالب بأن تكون معصوما من الذنوب فعليك أن تأمر وعليك أن تنهى وذنبك له حسابه أنت مأجور على الأمر والنهي وأيضًا آثم بترك الأوامر وارتكاب النواهي يبقى أن مثل هذا الكلام لا يتجه حينما يكون الأمر والنهي يشبه الاستهزاء شخص على كرسي الحلاق يحلق لحيته يلتفت إلى جاره يقول حرام عليك تحلق اللحية؟ على قولهم ممكن لكن ما نبالغ في انفكاك الجهة إلى حد يوقعنا في شيء من الاستهزاء.

 يبالغ الأشعرية في انفكاك الجهة حتى قالوا أنه يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها الجهة منفكة الزنا له ذنبه وغض البصر له امتثال الأمر بغض البصر له ثوابه وذاك عليه وزره لكن يا أخي الأمر بغض البصر من أجل ماذا؟ هذه وسيلة هذه وسيلة من أجل الزنا فإذا حصلت الغاية الوسائل هانت فعلى الإنسان أن يلاحظ نفسه وأن يبادر بالتوبة النصوح وأن يتخلص مما ينطوي عليه من مخالفات سواء كانت متعلقة بالقلب من حسد وغل وخداع أو متعلقة بأعمال البدن أو ترك لواجبات وتفريط في هذه الواجبات عليه أن يسعى لخلاص نفسه.

 كثير من الناس إذا جلس على كرسي الوعظ أو كرسي التعليم تجده إذا سمعت كلامه قلت هذا من من نظراء الفضيل أو سفيان أو أمثالهما لكن إذا سبرت حاله وجدته أقل من هذا هل يضيره هذا أو لا يضيره يعني يحث على التبكير لصلاة الجماعة ويجي مع الإقامة مثلا يحث على إدامة النظر في القرآن وكذا وهو الله المستعان أقل من هذا هو عليه أن.. يأمر به لكن إذا كانت المسألة في دائرة المستحبات فالأمر أخف من ترك واجبات أو ارتكاب محرمات لكن عليه أيضا ألا يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه وإذا أمر بأمر أن يبادر كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل لأنه القدوة لما حرَّم الأموال والأعراض والدماء قال «أول دم أضعه دمنا دم ابن ربيعة بن عبد المطلب وأول ربا أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب» فيبدأ الإنسان بنفسه ويبدأ بمن تحت يده ليكون كلامه مقبولا ولا يتصور في الإنسان مهما كانت منزلته أنه يريد أنه يأتي بكل شيء ويترك كل شيء العصمة ليست واردة لكن على الإنسان أن يسدد ويقارب ومع ذلك لا يعدم أن يكتب له أجر من استفاد من كلامه ولو كان عنده شيء من التراخي في بعض الأحيان والميزان له كفتان {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [سورة الكهف:49] {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} [سورة فصلت:46] أمرك بالدعوة أمرك بالتوجيه أمرك بالنصح والإرشاد عليك أن تقدم وتسعى في إصلاح نفسك.

طالب: ...........

المخالفة لا بد أن تقع المخالفة لا بد أن تقع لأنه ليس مفترض الكلام ما هو موجَّه إلى معصوم موجه إلى رجل خطاء وإن كان من أهل العلم وإن كان من أهل الفضل لكن مع ذلك إذا كان في دائرة المستحبات والمكروهات الأمر أوسع منه في دائرة وإذا كان نفرق بين شخص يأمر بشيء لا يستطيع الإتيان به أو ينهى عن شيء لا يستطيع الانكفاف عنه مدخِّن مثلا ينصح شخص يستطيع الإقلاع عن التدخين ويقول أنا عجزت حاولت مرارا وعجزت ومن باب النصيحة يا أخي أنا أقول الدخان ويذكر عن نفسه أنه جربه وأنه مضر وأنه أصيب بكذا وكذا من أجله لكن لا يستطيع الإقلاع عنه فينصح كما أنه يكف أولاده ومن تحت يده عن التدخين وهو يدخن وينصح جيرانه عن التدخين وأبلغ نصيحة عن التدخين سمعتها في برنامج في الإذاعة ما اسمه؟ أظن سلامات أو ما أدري كان يأتي قديما لكن هو إلى الآن والا لا؟ برنامج سلامات أجروا مقابلة مع مدخن يقول كنت إذا سعلت يخرج الدم بسبب الدخان وهذه مرحلة انتهت الآن يقول يخرج الدم مع النفس بسبب الدخان فيه أبلغ من هذا يا إخوان ومع ذلك يأتي الإنسان ليحرق نفسه ويحرق ماله ويقضي على صحته ويخالف لأن الفتوى عند أهل العلم على تحريمه ويرتكب مثل هذا المحظور والنتيجة ماذا؟ لا شيء يعني إذا وجد في المعاصي ما يدفع إليه الغريزة فإن مثل هذا أي غريزة تدفع إليه؟!

طالب: ...........

ماتوا نعم والإحصائيات تقول خمسة ملايين شخص يموت سنويا بسبب التدخين.

طالب: ...........

تسبب تسبب لم يباشِر وهو متسبب والمتسبب غير المباشر.

طالب: ...........

هو يعذَّب على معصيته وعذابه عند الله جل وعلا لكن الكلام الكلام في مثل هذا يعني شخص يقول أنه مع النفَس يخرج الدم بسبب الدخان يعني هل يمكن أن يسمع هذا الكلام يسمعه شخص عنده أدنى مسكة من عقل ويستمر على التدخين؟! فضلا عن دين يمنع من هذا فعلى الإنسان أن يسعى لخلاص نفسه ويأتمر ما أمر به وينتهي عما نهي عنه.

يكفي؟

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.