شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (260)
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.
مع مطلع حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.
حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعنه -رضي الله عنه- «أن رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يلبس المُحرم؟ قال: لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا البُرنُس ولا ثوبًا مسه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكون تحت الكعبين».
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
هذا الحديث هو خاتمة كتاب "العلم"، راويه عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي كنّى عنه بقوله: وعنه كعادة أهل المختصرات حينما يكون الحديث الثاني من رواية راوي الحديث الأول يُكنون عنه بالضمير، ولا يصرحون باسمه؛ طلبًا للاختصار، عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- راوي الحديث مر ذكره مرارًا في آخر شيء في الحديث الذي قبله.
والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله، يقول العيني: وجه المناسبة بين البابين هذا الباب باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله، والباب الذي قبله باب ذكر العلم والفُتيا في المسجد، يقول: من حيث اشتمال كل منهما على السؤال والجواب، الأول فيه..
المقدم: السؤال.
«من أين تأمرنا أن نهل؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يهل أهل المدينة ...» سؤال وجواب، والثاني «أن رجلًا سأله ما يلبس المُحرم؟ قال: لا يلبس القميص ولا العمامة ... » كل منهما مشتمل على سؤال وجواب، يقول ابن المنير فيما نقله الحافظ ابن حجر: موقع هذه الترجمة التنبيه على أن مطابقة الجواب للسؤال غير لازم، بل إذا كان السبب خاصًّا، والجواب عامًّا جاز، وحُمل الحكم على عموم اللفظ، لا على خصوص السبب؛ لأنه جواب وزيادة فائدة، لما سئل النبي-عليه الصلاة والسلام- عن البحر، عن مائه...
المقدم: قال توضأ من ماء البحر قال: «الطهور ماؤه الحل ميتته»
«الحل ميتته» نعم، أجاب بأكثر مما سُئل، وهم يشترطون المطابقة..
المقدم: في السؤال والجواب.
بين السؤال والجواب، لكن مفاد شرطهم أن لا ينقص الجواب عن السؤال، لا أن يزيد عليه، أما الزيادة فلا شك أنها في نفع السائل.
قوله: «أن رجلًا» قال ابن حجر: لم أقف على اسمه «سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: ما يلبس المُحرم؟» يلبس مضارع لبِس بكسر الباء، والمحرم من دخل في النُّسك، يقول ابن دقيق العيد في شرح العمدة: المحرم يتناول من أحرم بالحج أو العمرة أو هما معًا، والإحرام الدخول في أحد النُّسكين والتشاغل بأعمالهما، وسيأتي استشكال في إطلاق المحرم على من أحرم، وهل المراد بالإحرام النية، نية الدخول أو الهيئة المجتمعة من نية ولبس وإهلال وغير ذلك على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب "الحج"؟
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- مجيبًا السؤال: «لا يلبس» من اللُّبس بضم اللام، يقال: لبس الثوب يلبس من باب علم يعلم، وأما اللَّبس بالفتح فهو من باب ضرب يضرب، لبس يلبس.
المقدم: لبس يلبسُ.
نعم، من باب ضرب، اللبس الذي هو الخلط، وأما اللَّبس بالفتح فهو من باب ضرب يضرب، ويقال: لبست عليه الأمر، ألبس بالفتح في الماضي، والكسر في المستقبل إذا خلطت عليه، ومنه التباس الأمر، وهو اشتباهه {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}[الأنعام:82] أي لم يخلطوا، ويقول القسطلاني: يجوز ضم السين لا يلبسُ على أن لا نافية، ويجوز كسرها على أنها ناهية، والأول لأبي ذر، وكسرها إنما هو لالتقاء الساكنين، وإلا فالمعروف أن لا الناهية تجزم، القميص الذي يُلبس في القاموس وشرحه يذكر، وقد يؤنث إذا عُني به الدرع، وقد أنَّثه جرير حينما أراد به الدرع:
تدعو هوازن والقميص مفاضة |
تحـت النـطـاق تُشـد بالأزرار |
فإنه أراد: وقميصه درعٌ مفاضةٌ، ميم هذه من رموز القاموس، ويشير بها إلى أنه معروف، القميص معروف، إذا تكلم عن شيء..
المقدم: يضع ميمًا؟
يضع ميمًا بين القوسين، يعني معروف، ويضع أحيانًا جيمًا للجمع، وجيم جيم لجمع الجمع، فيه رموز القاموس معروف.
المقدم: لكن معروف يقصد حتى لا يلتبس الناس هل هو العمامة أم القميص أم السروال..
هو المقصود أن القميص معروف، كل الناس تعرف القميص.
يقول في شرحه والنقل من القاموس وشرحه تاج العروس للزبيدي الذي هو أطول معجم لغوي، يقولون: فيه مائة وعشرون ألف مادة، بينما أصله ما فيه إلا النصف ستون ألفًا، واللسان فيه ثمانون ألفًا، والصحاح فيه أربعون ألفًا.
لما قال صاحب القاموس: ميم قال شارحه: معروف يترجم هذا الرمز، وذكر الشيخ ابن الجزري وغيره: أن القميص ثوب مخيط بكمين غير مفرج يُلبس تحت الثياب، أو لا يكون إلا من قطن، وهذا من كلام صاحب القاموس، يقول الشارح: أو كتان، وأما من الصوف فلا، نقله الصاغاني، وفي المصباح: جمعه قمصان وقُمُص بضمتين، وقمصّته قميصًا بالتشديد: ألبسته فتقمصه، انتهى.
«ولا العمامة» بكسر العين، يقول الجوهري: العمامة واحدة العمائم، وعممته: ألبسته العمامة، وفي المصباح: العمامة جمعها عمائم وتعممت: كورت العمامة على الرأس، وعُمم الرجل بالبناء للمفعول: سوّد، والعمائم تيجان العرب، انتهى.
المقدم: عفوًا يا شيخ، يعني ولا العمامةَ المقصود به ولا يلبس العمامة، بالنصب وليس بالضم؟
نعم ولا العمامةَ.
«ولا السراويل» يقول الكرماني: السراويل أعجمية عُربت، وجاء على لفظ الجمع وهي واحدة تُذكر وتُؤنث، السراويل مفرد.
المقدم: السراويل ولا السروال؟
لا، السراويل هذا مفرد جاء على لفظ الجمع، يقول: السراويل أعجمية عُربت، وجاء على لفظ الجمع، وهي واحدة تُذكر وتُؤنث، ولم يعرف الأصمعي فيها إلا التأنيث، وتُجمع على السراويلات، وقد يُقال: هو جمع ومفرده سروالة، يقول الشاعر:
عليه من اللؤم سروالةٌ |
فليس يرق لمستضعف |
وهو غير منصرف على الأكثر؛ لأنه أعجمي، وفي المعرّب للجواليقي: والسيابجة أعجمي معرب، وكذلك السراويل، المعرب للجواليقي هذا من أنفع الكتب في معرفة الكلمات الأعجمية التي استعملتها العرب، يقول الجواليقي: والسيابجة أعجميٌّ معرب، وكذلك السراويل، وقال: الجواليقي في أوائل الكتاب في الصفحة السابعة، وقالوا: سراويل وإسماعيل وأصلهما شروال وإشماويل؛ وذلك لقرب السين من الشين في الهمس.
«ولا البرْنُس» بضم الموحدة وسكون الراء وضم النون، ثوب رأسه منه ملتزق به، وقيل: قلنسوة طويلة، وكان النُّسّاك يلبسونها في صدر الإسلام، هذا موجود عند الكرماني، وموجود أيضًا عند ابن دقيق العيد في شرح العمدة، وما زال يستعمله المغاربه أيضًا.
المقدم: مثل الثوب المغربي، والمقصود رأسه منه يعني فيه وصلة في الثوب يغطى بها الرأس؟
نعم، مخيطٌ به، وفي شرح العيني: هو من البِرس بكسر الباء وهو القطن والنون زائدة، وقيل: غير عربي، ويقول ابن حزم: كل ما جُبَ فيه موضع لإخراج الرأس منه فهو جُبة في لغة العرب، وكل ما خيط أو نسج في طرفيه ليتمسك على اللابسين فهو برنس كالغفارة ونحوها، ويقال: وثوب رأسه متصل به من ذراعةٍ أو جُبةٍ أو ممطرٍ أو غيره، انتهى كلام ابن حزم، وعلى كل حال هم يتفقون على أنه الملبوس الذي رأسه منه.
«ولا ثوبًا» يقول: «لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا البُرنُس ولا ثوبًا» بالنصب، وروي: ولا ثوبٌ بالرفع، فوجهه أن يكون مرفوعًا بتقدير فعل لم يسم فاعله، أي ولا يُلبس ثوبٌ، قاله الكرماني وقال: فإن قلت: لما عدل به عن طريق أخواته؟
المقدم: لما لم يقل: ولا الثوب؟
ولا الثوب، فإن قلت: لما عدل به عن طريق أخواته؟ قلت: لأن الطيب حرام على الرجل والمرأة، فأراد أن يعمم الحكم للمحرم والمحرمة بخلاف الثياب المذكورة، فإنها حرام على الرجال فقط، يعني عدل عن قوله: ولا الثوب، الثوب الذي مسه الورس والزعفران؛ لأنه محرمٌ على الجميع، بينما ما تقدم...
المقدم: محرم على الرجال فقط.
فقط، ولا يحرم على النساء إلا لعارض آخر لعلة أخرى؛ لمشابهة الرجال مثلًا كالعمامة، وأما المنع من أجل النسك فهو خاص بالرجال.
«مسه الوَرْس» بفتح الواو وسكون الراء وبالمهملة: نبتٌ أصفر يكون باليمن تُصبغ به الثياب، وتُتخذ منه الغُمرة للوجه، كذا في الكرماني، وفي المصباح: الورس نبتٌ أصفر يُزرع باليمن ويُصبغ به، وقيل: صنف من الكركم، الكركم معروف، وقيل: يشبهه، وملحفةٌ ورسية مصبوغةٌ بالورث، وقد يقال: مورسة، انتهى.
«أو الزعفران» في عمدة القاري يقول: الزعفران بفتح الزاي والفاء جمعه زعافر، وهو اسم أعجمي، وقد صرفته العرب يقال: ثوب مزعفر، وقد زعفر ثوبه يزعفره زعفرةً، وقال أبو حنيفة الدينوري، مَن أبو حنيفة الدينوري؟
المقدم: هو لغوي.
نعم هو لغوي، ولكن من أشهر كتبه المتداولة (الأخبار الطوال)، وقال أبو حنيفة الدينوري: لا أعلمه ينبت بشيء من أرض العرب، يعني الزعفران، وفي كتاب الطب للمفضل بن سلمة يقال: إن الكركم عروق الزعفران، وقال المؤرج: يقال لورق الزعفران: الفيد، ومنه يسمى مؤرج أبا فيد، ما الرابط بينهما؟ المؤرج السدوسي مصنف، ومن كتبه المطبوعة كتاب "الأمثال"، وكنيته أبو فيد، وهنا يقول: يقال لورق الزعفران الفيد، ومنه يسمى مؤرج أبا فيد.
المقدم: لأنه يمكن أن عنده زعفرانًا.
يعني استعمل الزعفران بكثرة؛ لأن منهم من يستعمل الزعفران في صبغ العمامة.
يحجون سب الزبرقانة المزعفرا
سِب العمامة، قد يشتهر الإنسان بلون أو صبغ معين، وابن عمر صبغ بالصفرة، صبغ بها الشيب، فإذا لزم لونًا أو أي شيء يلزمه من الأقوال أو الأفعال قد ينسب إليه، وقد يُعرف به، مثلًا الكافيجي، ينسب إلى ماذا؟
المقدم: الكافيجي أكل؟
لا، ينسب إلى كافية ابن الحاجب؛ لأنه لزم يقرؤها الناس، فإذا لزم الإنسان شيئًا عُرف به..
المقدم: كافيج.
لا، هي كافية نحت الاسم ما هو....
المقدم: مركب تركيبًا.
مركبة من كافية ابن الحاجب.
المقدم: كافيجي.
نعم.
«فإن لم يجد النعلين» تثنية النعل، وهي مؤنثة وهي الحذاء معروف.
المقدم: لكن يا شيخ ما ورد عند أهل اللغة إلا بهذا والذي ينطقه الزُّعفران خطأ.
بفتح الزاي والفاء زَعفران.
«فإن لم يجد النعلين» تثنية النعل، وهي مؤنثة، وهو الحذاء معروف. «فليلبس الخفين» تثنية الخف، وهو أيضًا معروف، يقول الكرماني: فإن قلت: فإذا فقد النعل فهل يجب لبس الخف المقطوع؛ لأن ظاهر الأمر الوجوب؟ «فإن لم يجد النعلين فليلبس» اللام لام الأمر، طيب إذا لم يجد واحتفى يجوز أو لا يجوز؟
المقدم: يجوز.
يقول: فإن قلت: فإذا فقد النعل، فهل يجب لبس الخف المقطوع؛ لأن ظاهر الأمر الوجوب؟
المقدم: هنا للإباحة.
قلت: لا، إذ هو شُرع للتسهيل فلا يناسب التثقيل، لأن اللام لام الأمر والأصل في الأمر الوجوب، وقد يقول قائل: أن الأمر هنا بعد الحظر، والأمر بعض الحظر للإباحة عند جمع من أهل العلم، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}
[سورة المائدة 2]، {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [سورة اﻷحزاب 53].
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا}[سورة الجمعة 10].
المقدم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ}[البقرة:187] بعد حظر الأكل في رمضان.
نعم، على أن الأكل سنة، والأمر بعض الحظر من أهل العلم من يقول: إنه للإباحة، ومنهم من يقول: إن الأمر يعود إلى ما كان عليه حكمه قبل الحظر، وهل من هذا قوله: إنما هو شُرع للتسهيل؛ لأن الاحتفاء لا شك أنه مؤذٍ بالنسبة للماشي، الأمر هنا شُرع للتسهيل، فلا يناسب التثقيل، من أجل المكلف، هذا الأمر رفقًا به، فلا يمكن أن يُقال: يجب عليه، وقد أُمر به رفقًا به، يعني وهل من هذا قول النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو: «اقرأ القرآن في سبع، ولا تزد»؛ لأنه إنما أُمر بهذا للتسهيل عليه، فلا يناسب التثقيل الذي هو التأثيم بترك هذا الأمر، من أهل العلم من يقول هذا.
«وليقطعهما» بكسر اللام وسكونه عطفٌ على فليلبس حتى يكونا أي غاية قطعهما «تحت الكعبين» تثنية كعب، وهما العظمان الناتئان في جانبي القدم كما في الغسل، غسل الرجلين في الوضوء، وسيأتي في الحج بيان هذه المسائل بالتفصيل، إن شاء الله تعالى.
في شرح ابن بطال: يقول المُهلب: فيه من الفقه أنه يجوز للعالم إذا سُئل عن الشيء أن يجيب بخلافه في جوابه، يعني مثل ما يسمى في البلاغة بأسلوب الحكيم، إيش معنى أسلوب الحكيم؟ يسأل السائل فيتبين للمسؤول أن هذا السائل ليس بحاجة إلى جواب هذا السؤال بقدر ما هو بحاجة إلى ما هو أهم منه، يسمونه أسلوب الحكيم، فيُعدل إلى جواب السؤال إلى ما هو أهم منه.
المقدم: لأنه لو أجاب على مجرد السؤال يا شيخ ما كفاه؟ لو قال له: يلبس الإزار والرداء؟!
بقي إشكالات كثيرة؛ لأن ما يلبس الذي يلبسه غير محدود، والممنوع منه محدود، يقول ابن بطال: قال المهلب: فيه من الفقه أنه يجوز للعالم إذا سُئل عن الشيء أن يجيب بخلافه إذا كان في جوابه بيان ما سئُل عنه وتحديده، ألا ترى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عما يلبس المحرم فأجاب بما لا يلبس؛ إذ معلوم أن ما سوى ذلك مباح للمحرم، فأما الزيادة على سؤال السائل فقوله -عليه الصلاة والسلام-: «فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين»، ألا يمكن أن يقال: إن هذا ليس بزائد؟
المقدم: ليس بزائد.
نعم، ليس بزائد، بل هو مندرج في الجواب السابق، ليس بزائد، الرجل سأل عما يلبس المحرم.
المقدم: ومن ضمن ما يلبس النعلين والخفين وحكم لبسهما.
نعم، يعني مندرج، وهنا يقول: فأما الزيادة على سؤال السائل فقوله -عليه الصلاة والسلام-: «فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين» هذه الزيادة، وإنما زاده؛ لعلمه بمشقة السفر وقلة وجود ما يُحتاج إليه من الثياب فيه، ولما يلحق الناس من الحفي بالمشي رحمة لهم وتنبيهًا على منافعهم، وكذلك يجب على العالم أن ينبه الناس في المسائل على ما ينتفعون به ويتسعون فيه ما لم يكن ذريعة إلى ترخيص شيء من حدود الله، التوسعة على الناس مطلوبة.
المقدم: لكن ما تُتخذ ذريعة للمعاصي.
نعم، يعني لا يتجاوز حد الله -جل وعلا- لا أصالة ولا تذرعًا وتوسلًا، لا يكون ما حرم الله -جل وعلا- غاية يُرتكب بسببها الوسائل وإن كانت مباحة، المفضية إلى محرم، ونهيه له عن الورس والزعفران قطعٌ للذريعة إلى الطيب للمحرم؛ لما فيهما من دواعي النساء وتحريك اللذة، والله الموفق.
المقدم: أحسن الله إليكم، لعلنا نكتفي بهذا يا شيخ هل بقى من ألفاظ الحديث شيء أم ندخل في الأحكام في الحلقة القادمة حتى يتابعنا إن شاء الله الإخوة؟
لا الألفاظ انتهت، ولكن بقي ما يتعلق بالحديث وأطراف الحديث.
المقدم: نستكمل بإذن الله ما يتعلق بالحديث من أحكام وفوائد في حلقة قادمة بالإضافة إلى أطراف الحديث وهي طويلة جدًّا معنا إن شاء الله لمتابعة الإخوة والأخوات.
لتذكير الإخوة، هذا آخر حديث في كتاب العلم، الحديث رقم مائة وتسعة في المختصر، ومائة وأربعة وثلاثين في الأصل، وهو آخر حديث في كتاب العلم.
في نهاية هذه الحلقة نتقدم بالشكر الجزيل بعد الشكر لله سبحانه وتعالى لضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، ونشكر لكم أنتم أيها الإخوة والأخوات طيب المتابعة والمواصلة في هذا البرنامج، نلقاكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة، وأنتم على خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.