شرح مقدمة تحفة الأحوذي (05)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد، فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
"الفصل الخامس: في إثبات حجية الأحاديث النبوية، الفصل الخامس في إثبات حجية الأحاديث النبوية ووجوب العمل بها بكتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:7]، قال الرازي: يعني ما أعطاكم الرسول من الفئ فخذوه فهو لكم حلالاً".
فهو لكم؟
"فهو لكم حلال، وما نهاكم عن أخذه فانتهوا واتقوا الله في أمر واتقوا الله في أمر الفئ إن الله شديد العقاب على ما نهاكم عنه الرسول، والأجود أن تكون هذه الآية عامة في كل ما أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل ما أتى الرسول في كل ما أتى الرسول في كل ما أتى الرسول".
به به.
"في كل ما أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونهى عنه، وأمر الفئ داخل في عمومه. انتهى كلامه".
فرد من أفراده.
"قلت: بل الحق والصواب أن الآية عامةٌ في كل شيء يأتي به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أمرٍ أو نهي أو قول أو فعل، وإن الله، وإن وإن وإن السببُ خاصًا فالاعتبار بعموم".
وإن كان السبب خاصًا.
"وإن كان السبب خاصًا فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".
طالب:...
نعم، إلا إذا عورض عموم اللفظ بعمومٍ آخر فحينئذٍ يُلجأ إلى السبب.
طالب: قلتم يا شيخ إن اللفظة هذه تقال وتلاك بالألسنة.
نُقِل عليها الاتفاق لكن ليس على إطلاقها، إذا عورض العموم بعموم آخر أو بما هو أخص منه يُلجأ إلى السبب.
طالب:...
فيها أمثلة منها صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم، لفظه لفظ العموم، مقتضاه أنه لو صلى الفريضة وهو قاعد صلاته صحيحة، لكن ليس له من أجر إلا النصف لكن هذا معارض بحديث: «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا» فلجأنا حينئذٍ إلى السبب، والسبب يدل على أنه خاصٌ بالنافلة، لمن يستطيع القيام. نعم.
"وكل شيء أتانا من الشرع فقد أعطانا إياه وأوصله إلينا فهذه الآية الكريمة نصٌ نصٌ فهذه الآية الكريمة نص حديث في أن كل ما أتانا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبلغه إلينا من الأوامر وغيرها سواءٌ كانت مذكورة في الكتاب أي القرآن المجيد أو السُّنَّة أي الأحاديث النبوية الثابتة المحكمة واجب واجبٌ علينا امتثاله والعمل به، وكذا كل ما نهانا عنه من المنهيات من المنهيات والمنكرات المبيَّنة في كتاب الله أو السُّنَّة واجب علينا اجتناب واجب علينا الاجتناب منه والانتهاء عنه، فإن قلت: قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[الحشر:7]،ولم يقل: وما آتاكم محمد فلفظ الرسول يدل على أن كل ما آتاكم الرسول من حيث أنه رسول الله".
طالب: ما فهمت هذه العبارة يا شيخ؟
الوصف معتبر، آتاكم الرسول يعني به من مرسله، بموضوع الرسالة، لا أنه في جميع ما أتانا به من من من أموره العادية والعبادية وغيرها، لا باعتبار أنه رسول.
طالب:...
ماذا؟
طالب: ما الفرق يعني ما الذي يريد أن يصل إليه؟
يصل أن المأمور به هو امتثال ما أُمر ببلاغه.
طالب: هذه ما إذا قال وما آتاكم محمد أو ما آتاكم الرسول يجب علينا.
الرسول لنعتبر بوصف الرسالة وأنه مأمور بالتبليغ من مرسله.
طالب: يعني هو يريد أن يقول إن قوله رسول أبلغ في التعبير يا شيخ؟
نعم. يريد أن يقول إن وصف الرسول لفظٌ دقيق يستفاد منه أن أن الامتثال خاص في موضوع الرسالة، أي إنه جاءنا من الرب -سبحانه وتعالى- بأوامر ونواهي، علينا أن نمتثل هذه الأوامر والنواهي، لكنه فعل أشياء لا تخص الرسالة.
طالب: هل نمتثلها؟
لا لا نمتثلها.
طالب: مثل.
أموره العادية قام قعد، هل نجلس مثل قيامه ونجلس مثل قعوده؟ لا، جلس في المكان الفلاني من غير تعبد نجلس؟ نعم؟ أموره العادية.
طالب: طب يا شيخ لو حصل اتباعه في الأمور العادية بمعنى يا شيخ أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جلس في مكان معين علمنا بالسند الصحيح أنه جلس في هذا المكان.
هذا فعل ابن عمر وما وافقه عليه الصحابة. اقرأ اقرأ الوقت ما معنا.
"فنحن مأمورون بأخذ ما آتاناه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قِبَل الله تعالى، أي مما أوحى الله إليه من الكتاب، ولسنا مأمورين بأخذ ما آتانا من قِبل نفسه أي مما لم يوحى إليه من الأحاديث، قلنا كل ما آتانا قلنا: كل ما آتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قِبل نفسه من أمر الدين فهو مما أوحى الله فهو مما أوحى، فهو مما أوحى الله تعالى إليه، كما قال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم3 :4] وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[آل عمران:31] أمر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية كل من يدعي محبته أن يتبع".
ما الذي معك؟
"كل من يدعي محبته أن يتبع محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، وما معنى اتباعه إلا اتباع اتباع وما معنى اتباعه إلى اتباعه -صلى الله عليه وسلم- في جميع أقواله وأفعاله وأحواله وهديه، ومجموع أقواله وأفعاله وأحواله وهديه هو المعني بالأحاديث النبوية، فثبت أن من لم يتبع فثبت أن من لم يتبع الأحاديث النبوية ولم ولم ير العمل بها واجبًا فهو في دعوى فهو في دعوى محبته لله تعالى كاذب، ومن كان في هذه الدعوى كاذبًا فهو في دعوى إيمانه بالله تعالى كاذبٌ بلا بلا مرية، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:59]، قال الحافظ ابن جرير: اختلف أهل التأويل في اختلف أهل التأويل في معنى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء:59] فقال بعضهم".
لا ليس من هذا لا.
"فقال بعضهم: ذلك أمر الله فقال بعضهم: ذلك أمرٌ من الله باتباع سنته، وقال آخرون: ذلك أمر من الله بطاعة الرسول في حياته".
طالب: شيخ ما الفرق بين القولين أحسن الله إليك؟
"قال بعضهم".
طالب:...
نعم.
"ذلك أمر من الله باتباع سنته، وقال آخرون: ذلك أمر من الله بطاعة الرسول في حياته".
في حياته بطاعته، وفي بعد مماته باتباع سنته.
طالب:...
نعم. لكن بعد وفاته باتباع سنته معروف.
"والصواب من القول في ذلك".
من القولين. ماذا؟ واحد؟
"والصواب من القول في ذلك أن يقال: هو أمر هو أمر من الله بطاعة رسوله في حياته فيما أمر فيما أمر ونهى، وبعد وفاته باتباع سنته، وذلك أن الله عمَّ بالأمر، وذلك أن الله عمَّ بالأمر وذلك أن الله عمَّ بالأمر باتباعه ولم يخصِّص في ذلك حالاً دون حال فهو على العموم حتى يُخصَّص ذلك ما يجب التسليم له. قال: قوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء:59] إلى آخره يعني بذلك جلّ ثناؤه: فإن اختلفتم أيها المؤمنون في شيء أيها المؤمنون في شيء من أمر دينكم أنتم فيما بينكم أو أنتم وولاة أو أنتم وولاة أمركم فاشتجرتم فردوه إلى الله".
إذا اختلفتم مع أحد كائنًا من كان فإذا وُجِد الخلاف بين شخص مع أي أحد فالمرد إلى إلى الله والرسول.
"يعني بذلك فارتادوا معرفة".
فارتادوا.
"يعني بذلك فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم أنتم بينكم أو أنتم وأولي أمركم فيه من عند الله يعني بذلك في يعني بذلك من كتاب الله فاتبعوا ما وجدتم وأما قوله: {وَالرَّسُولِ}[النساء:59] فإنه يقول: فإن تجدوا إلى علم فإنه يقول: فإن لم" عندك لم؟
نعم.
"فإن لم تجدوا إلى علم ذلك في كتاب الله سبيل فارتدوا مع، فارتدوا معرفة ذلك أيضًا من عند الرسول إن كان حيًا، وإن كان ميتًا فمن سنته. انتهى، وقال الحافظ في الفتح: والنكتة في إعادة العامل في الرسول".
طالب: التي هي يا شيخ العامل فأطيعوا. أليس كذلك؟
نعم. بلى.
"دون أولي الأمر مع أن المطاع في الحقيقة هو الله تعالى كون ذلك يعرَف به يُعرَف به ما يقع به، كون ذلك يعرَف به ما يقع به التكليف".
طالب:...
"كون الذي يُعرَف به ما يقع به" صح؟
نعم.
"كون الذي يعرَف به ما يقع به التكليف هما القرآن والسُّنَّة". ما فهمت.
المراد أن السُّنَّة مصدر مستقل، والأصل أن المشرِّع هو الله -سبحانه وتعالى-، نعم؟ لكن لو جاء من غير إعادة العامل لوجب أن نرد ما جاء في السُّنَّة إلى ما جاء عن الله -سبحانه وتعالى-.
"فإن كان التقدير: أطيعوا الله فيما نصّ عليكم في القرآن وأطيعوا الرسول فيما بيّن لكم من القرآن وما ينصه عليكم من السُّنَّة أو المعنى: أطيعوا الله فيما يأمركم به من الوحي المتعبَّد بتلاوته وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بالقرآن. انتهى، وقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:44] دلّت هذه الآية على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان مبيِّنًا لمجملات القرآن ومفسرًا لمشكلاته وليس وليس وليس بيانه وتفسيره -صلى الله عليه وسلم- إلا في أحاديثه".