التعليق على تفسير سورة ق من تفسير الجلالين (03)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في قوله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [(16) سورة ق].

يقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ} [(16) سورة ق]، والمراد به الجنس، جنس الإنسان من لدن آدم إلى قيام الساعة، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ} [(16) سورة ق] الواو هذه واو الحال، ونعلم: خبر لمبتدأ مقدر تقديره نحن، ولذا قال: "حال بتقدير نحن" الآن إذا قلت: جاء زيد قارئاً، أو راكباً، يعني حال كونه قارئاً أو راكباً، وإذا قلت: رأيت زيداً يضحك حال، لا نحتاج إلى تقدير نحن كما هنا، يقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ} [(16) سورة ق] "حال بتقدير نحن" لماذا نحتاج إلى تقدير نحن؟ لأن الحال إذا جاء مبدوءاً بمضارع لا بد أن يخلو عن الواو.

وذات بدءٍ بمضارعٍ ثبت

 

حوت ضميراً ومن الواو خلت

...... جملة الحال المبدوءة بمضارع لا بد أن تخلو من الواو، هنا في واو، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ} [(16) سورة ق] هل نقول: إن القاعدة غلط لأن القرآن جاء بخلافها؟ أن جملة المضارع تقترن بالواو لا ما قرروه.

وذات بدءٍ بمضارعٍ ثبت

 

حوت ضميراً ومن الواو خلت

وهنا يقول: "حال بتقدير نحن" لأن جملة المضارع إذا وقعت حالاً لا بد أن تخلو من الواو، لكن إذا اقترنت بالواو لا بد من التقدير لتكون الجملة اسمية.

وذات واو بعدها انو مبتدأ

 

له المضارع اجعلن مسنداً

اجعل خبره الفعل المضارع، اجعل خبر هذا الذي قدرته الفعل المضارع، من أجل أن يجري على قواعدهم، قواعد العربية عندهم لا بد أن نقدر نحن كما قال المؤلف، يقول: "حال بتقدير نحن" قد يقول قائل: لماذا نحتاج التقدير؟ هل نخضع القرآن لقواعد العربية أو نخضع قواعد العربية للقرآن؟ القرآن هو أفصح الكلام، هم قعدوا القاعدة فاحتاجوا إلى التقدير، كما قال ابن مالك:

وذات بدءٍ بمضارعٍ ثبت
وذات واو بعدها انو مبتدأ

 

حوت ضميراً ومن الواو خلت
له المضارع اجعلن مسنداً

يعني خبر، فهذه مسألة عظيمة يعني يجب أن يهتم لها طالب العلم، وهو أننا نجد في كتب أهل العلم من المفسرين وغيرهم من يضبط القواعد في أول الأمر ويسيرها على كل كلام، يمشي هذه القواعد على كل كلام ولو كان كلام الله -جل وعلا-، فهنا احتاجوا إلى التقدير لتصحيح القاعدة، وتمشية القاعدة، لماذا لا نقول: إن جملة المضارع تقترن بالواو؟ ومن المعلوم المقطوع به المجزوم به أن القرآن يستشهد به في قواعد العربية بخلاف السنة التي وقع فيها الخلاف الكبير هل يستشهد بها لتصحيح القواعد أو لا؟ القرآن محفوظ بحروفه من الزيادة والنقصان، أما بالنسبة للحديث فجمهور أهل العلم يجوزون الرواية بالمعنى، وإذا جازت الرواية بالمعنى للصحابي جازت للتابعي، جازت لمن بعده، جازت للمتأخر من الرواة من شيوخ الأئمة، وشيوخ الأئمة معروف أنهم جاءوا بعد عصر انقطاع الاحتجاج بكلام العرب على القواعد؛ لأنهم اختلطوا بغيرهم فلا يحتج بهم، وإذا كان شيخ البخاري مثلاً يجوز له أن يروي الحديث بالمعنى، وهو ممن لا يحتج بقوله في العربية، إذن الحديث لا يحتج به في العربية، وهذا قول كثير من أهل العلم، قول معتمد عندهم، يعني قول أئمة، وله وجهة، ومنهم من يقول: أبداً الحديث يحتج به، وإذا لم يحتج بالحديث هو أفضل من الاحتجاج بكلام العرب؛ لأنه كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أفصح العرب، لكن ليس الإشكال أو الدخل أتانا من كونه كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما الدخل جاءنا من تجويز العلماء الرواية بالمعنى، فلا يمنع أن يكون الراوي المتأخر أبدل كلمة بكلمة، أو زاد حرف أو نقص حرف مما لا يتغير به المعنى مما يجوزه أهل العلم، ولذلك لما جاء في حديث جابر: ((هل تزوجت بكراً أم ثيباً؟)) حاس الشراح وداسوا من أجل إيش؟ لأن (أم) لا تأتي بعد (هل)، (أم) لا تأتي بعد (هل) فقالوا: هذا من تصرف الرواة، وإلا فالأصل أن يقول: (أو) وهناك قول أيضاً نصره كثير من النحويين أن الحديث يحتج به؛ لأن شيوخ الأئمة جلهم على رأس المائتين، جلهم على رأس المائتين إلى مائتين وعشرين، وهذا محل يعني محل حفظ للغة، وتلقي للغة من العرب في البوادي والقرى، يعني ما تغيرت لهجات الناس تغيراً شديداً، على كل حال الآن نحن بين يدي كتاب الله -جل وعلا-، بين أيدينا كتاب الله -جل وعلا-، وقدروا المبتدأ: نحن من أجل تمشية وتمرير القاعدة.

{إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ} [(1) سورة الإنفطار] نقول: لا بد أن نقدر: إذا انفطرت السماء انفطرت، فالسماء فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور إذا انفطرت السماء انفطرت، إذا انشقت السماء انشقت وهكذا من أجل إيش؟ تمرير القواعد، لكن ما المانع أن تبنى القواعد على كتاب الله -جل وعلا-، ويكون هذا جائز بل أولى من الاستشهاد بكلام العرب؛ لأنه كلام الله -جل وعلا-.

فلهذا نعرف قولهم، معنى قوله: "حال بتقدير نحن" (ما) {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ} [ (16) سورة ق] (ما) هذه مصدرية، ونحن نعلم وسوستهم، أو وسوسة نفوسهم، فتكون (ما) مصدرية، ويجوز أن تكون موصولة، ولقد خلقنا الإنسان ونعلم الذي توسوس به نفسه، توسوس: تحدث، والوسوسة: هي تكرار الحديث في النفس وترديده فيه، وحديث النفس يقول: توسوس تحدث حديث النفس معفو عنه ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت بها أنفسها)) أو نفوسهم، على الخلاف في النفس هل هي منصوبة وإلا مرفوعة؟ ((ما لم يتكلم أو يعمل)) يعني ما لم يرتب على حديث النفس كلام؛ لأن هذا يؤاخذ به، أو يعمل، فهو مؤاخذ بعمله، وأما مجرد حديث النفس فليس فيه مؤاخذة، وهو المرتبة الثالثة من مراتب القصد الخمس.

مراتب القصد خمس: هاجس ذكروا
يليه هم فعزم كلها رفعت

 

فخاطر فحديث النفس فاستمعا
إلا الأخير ففيه الأخذ قد وقعا

يعني المراتب الأربعة ما فيها مؤاخذة، لكن الأخير الذي هو العزم يؤاخذ عليه، العزم يؤاخذ عليه، {تُوَسْوِسُ} [(16) سورة ق] "تحدث به" الباء زائدة أو للتعدية، زائدة أو للتعدية، يعني هل الفعل لازم أو متعدي؟ إذا قلنا: لازم قلنا: الباء للتعدية، إذا قلنا: الفعل لازم "توسوس"، قلنا: الباء للتعدية، وإذا قلنا: متعدي قلنا: الباء زائدة، طيب كيف نقول: الباء زائدة والقرآن محفوظ من الزيادة والنقصان؟ يعني لو حذفناها ما تأثر الكلام؟ يعني زائدة من حيث الإعراب، لا يتأثر الكلام وأما بالنسبة للمعنى لا شك أنها تعطيه قوة، يعني مثل ما قالوا في قوله -جل وعلا-: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [(72) سورة الكهف] وفي الآية الثانية: {أَلَمْ أَقُل لَّكَ} [(75) سورة الكهف] يعني هل الآية الثانية تختلف عن الآية الأولى؟ الأولى ما فيها (لك)، والثانية فيها (لك) قالوا: لك زائدة، وقالوا: إن هذا مجاز بالزيادة، واسترسلوا في مثل هذا الكلام، لكن المقطوع به المجزوم به أن القرآن مصون من الزيادة والنقصان، ليس معنى هذا أنه جاء من زادها بالكلام، لا، هذا ما يقول به أحد لأن الذي يقول بمثل هذا يكفر، لو قال مثلاً، قرأ الباء زائدة، ثم جاء بالقلم ومسحها، ما دام زائدة ما لنا بها لازم، وأنكرها، ما دامت زائدة ليست من القرآن، لا، هذا خطر عظيم، هذا كفر، إذا أنكرت حرفاً من بين الدفتين أو زدت حرفاً يعني الأمة أجمعت عليه، أجمعوا عليه من الصحابة إلى يومنا هذا، فهو مصون من الزيادة والنقصان، وهذا في زيادة حرف أو نقصه، فكيف بمن يقول: إن القرآن ناقص والموجود بأيدي الناس ما يعادل ولا الثلث؟ هذا نسأل الله العافية كفر بواح، مقصودهم بالزائد هنا يعني من حيث الإعراب، ومن حيث المعنى باعتبار أن الفعل يتعدى بنفسه، وقد يزاد الحرف للتقوية، ما جاءني من أحد، نقول: هذه من زائدة، والأصل: ما جاءني أحد، لكنها جيء بها لتأكيد النفي، لتأكيد النفي وتمحضه، فمن حيث المعنى تفيد الكلام قوة، وإن كانت من حيث الإعراب يجوز حذفها في الكلام العادي لا في كلام الله -جل وعلا-.

كثيراً ما يعبرون عن الحرف الزائد يقولون: صلة، صلة، وهذا موجود حتى في هذا التفسير، الباء صلة، إيش معنى صلة؟ لا محل لها من الإعراب مثل صلة الموصول، ولا شك أن في مثل هذا أدب، تأدب مع القرآن المصون من الزيادة والنقصان، المحفوظ، المقصود أن مثل هذا يتنبه له؛ لأنه يمر على طلاب العلم المبتدئ قد يوجد عنده ريبة، شيء من الشك، يعني القرآن فيه زيادة؟ فيه نقصان؟ لا، لا زيادة ولا نقصان، ما بين الدفتين محفوظ، فمثل هذا ينتبه له، الباء زائدة أو للتعدية، زائدة إذا قلنا: إن الفعل يتعدى بنفسه، وللتعدية إذا كان..، إذا قلنا: إن الفعل وسوس يوسوس هذا فعل لازم، والضمير للإنسان، ما توسوس به، الضمير في (به) يقول: الضمير للإنسان، أولاً: نفسه هو فاعل توسوس، والضمير للإنسان وليت معنا تفسير الجلالين لكن ما..، الأصل أننا نتفق مع الإخوان على هذا التفسير وينبه عليه في الإعلان، ويكون بأيدي الإخوان، لأن هذا مهم وجوده باليد مهم أثناء الشرح؛ لأن مثل هذه يقول: والضمير للإنسان، الضمير في (به) أو نفسه؟ مقتضى صنيع المؤلف أن الضمير للإنسان في (به) لأنه هو الذي تقدم الحديث عنه، (به) الباء زائدة أو للتعدية والضمير للإنسان، الضمير في (به) للإنسان؟ لا، أبداً ما يقول هذا أحد، توسوس به أي بحديث النفس، نفسه فاعل توسوس، والضمير في نفسه هذه يعود للإنسان، والأصل أن يقول: الباء زائدة أو للتعدية، نفسه، الضمير يعود إلى الإنسان، أما في (به) الضمير في به هل يعود للإنسان؟ {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ} [(16) سورة ق] أي بالإنسان أو بحديث النفس؟ بحديث النفس، يبقى أن الضمير العائد للإنسان ما في قوله: {نَفْسُهُ} [(16) سورة ق] هذا نفسه نفس الإنسان، ونحن أقرب من حبل الوريد {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [(16) سورة ق] ونحن أقرب يقول المؤلف: "بالعلم" من حبل الوريد، يقول المؤلف: "بالعلم"، المعية، المعية فسرها جمهور السلف بالعلم حذراً مما يظن من حلول الله -جل وعلا- في كل مكان، نفياً لمقالة الحلولية، وأن الله حال في كل مكان، وهنا يقول: نحن أقرب فيقول: "بالعلم" الأصل المتكلم ولقد خلقنا الإنسان ونحن السياق واحد، من الذي خلق الإنسان؟ نعم هو الله -جل وعلا-، ونحن أقرب إليه السياق على نسق واحد، فظاهر السياق يدل على أن الضمير ضمير متكلم يعود إلى الله -جل وعلا-، والعرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع، كما قال ذلك الإمام البخاري في صحيحه في تفسيره سورة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} [(1) سورة القدر] في تفسيره سورة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} [(1) سورة القدر] من صحيح البخاري يقول: "العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع"، السياق في قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ} [(16) سورة ق] يدل على أن المراد المتكلم هو الله -جل وعلا-، أقرب وصفة القرب ثابتة لله -جل وعلا-، صفة القرب ثابتة لله -جل وعلا-، مع أنه مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، ولا تعارض ولا تناقض كما في حديث النزول، الرب -جل وعلا- ينزل في آخر كل ليلة إلى السماء الدنيا، مع أنه مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، حتى قرر شيخ الإسلام أنه لا يخلو منه العرش، لا يخلو منه العرش مع نزوله -جل وعلا- نزولاً يليق بجلاله وعظمته، هؤلاء الذين أولوا القرب وهو ثابت لله -جل وعلا- بالعلم فراراً من اللازم وهو الحلول، تعالى الله عما يقوله الظالمون علواً كبيراً يقولون: حل في كل مكان، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} [(16) سورة ق] لا شك أن من يؤوله بالعلم كما أول السلف المعية بالعلم درءاً لما يفهمه اللفظ من الحلول له وجه، وقال بهذا أئمة، شيخ الإسلام -رحمه الله- ويؤيده ابن القيم وابن كثير في قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ} [(16) سورة ق] قال: الملائكة، وقرب الشيء، قرب الشيء يعني في المحسوسات بقرب أعوانه ملحوظ، والملائكة لا شك أن الله -جل وعلا- يوكلهم ببعض الأعمال، يوكلهم ببعض الأعمال، فقربهم هنا..، شيخ الإسلام هل نقول: شيخ الإسلام ينفي صفة القرب أو ابن القيم وابن كثير؟ لا، يعني لو قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} [(16) سورة ق] ما عرف لا عن شيخ الإسلام ولا ابن القيم ولا ابن كثير قاله أي مفسر من المفسرين الذين التأويل متعمد عندهم، قلنا: قالوا هذا فراراً من صفة القرب، لكن يقول هذا الكلام من يثبت صفة القرب هل يتهم بأنه يفر من إثباتها؟ لا، وهذا ملحظ ينبغي أن يلاحظه طلاب العلم، أحياناً تجد في كلام شيخ الإسلام أو ابن القيم أو غيرهم من أئمة التحقيق ما ظاهره التأويل، فمثلاً لو جاءنا قال ابن القيم في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الذي نفسي بيده)) قال: "روحي في تصرفه" هل نقول: إن ابن القيم يفر من إثبات صفة اليد؟ لا، ما يمكن أن نقول هذا، لكن لو قالها النووي أو ابن حجر أو غيره؛ لأننا نعرف من مذهبهم التأويل، ونعرف من مذهب ابن القيم الإثبات قلنا: إنه فسر باللازم فراراً من إثبات الصفة.

وعلى كل حال شيخ الإسلام في هذه الآية ومثله كلام ابن القيم وابن كثير في كون المتكلم هنا بضمير (نحن) الملائكة، بدليل ما يليه، فمن فسره بأن المتكلم هو الله -جل وعلا-، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل وريده، قرباً يليق بجلاله وعظمته كسائر صفاته الثابتة عنه وعن نبيه هذا هو الأصل، من فسره بالعلم لا سيما وأن المسألة ليست من المسائل المتفق عليها بين سلف هذه الأمة، المسائل المتفق عليها لا يسوغ لأحد الخلاف، وليست محل نظر ولا جدال، لكن ما يحصل فيه خلاف ما يحصل فيه خلاف إذن الخلاف سائغ، ما دام اختلف السلف في هذا للخلف أن يختلفوا، فمثل هذا التأويل (نحن) يعني الملائكة، أو نحن أقرب بالعلم كما يقول المؤلف، ويقول به جمع من أهل العلم، أو يكون المتحدث كما هو الأصل {وَلَقَدْ خَلَقْنَا} [(16) سورة ق] المتكلم هو الله -سبحانه وتعالى-، هو الذي خلق الإنسان وهو الذي أقرب إليه من حبل الوريد، والسياق يدل على هذا، {مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [(16) سورة ق] يقول: "الإضافة للبيان" الإضافة للبيان، حبل الوريد: الإضافة بيانية، وفيها شوب تبعيض، يعني مثل ما تقول: خاتمُ حديدٍ، خاتم حديد، خاتم حديد إضافة بيانية؛ لأننا بينا الخاتم بكونه من الحديد، وفيها شوب تبعيض كما يقول أهل العلم لأن الخاتم بعض من هذا الحديد، والحبل هنا بُين بكونه حبل الوريد، فهو يقول: "الإضافة للبيان، والوريدان عرقان بصفحتي العنق" بصفحتي العنق، عرقان بصفحتي العنق، هذه قريبة من روح الإنسان، بحيث إذا قطعا تعرضت حياته للزوال، وهما أيضاً قريبان وارتباطهما بالقلب ارتباطاً وثيقاً، فالله -جل وعلا- على ما يدل عليه السياق أقرب من هذين الحبلين، من هذين الوريدين في صفحتي العنق، ومنهم من يقول: الوريد عرق يتخلل جميع جسد الإنسان، وهو عرق خطر بحيث لو انفجر صارت الحياة مهددة، يقول: "والوريدان: عرقان بصفحتي العنق" لماذا ما قال: من حبلي الوريد؟ قال: حبل الوريد وهما عرقان؟ قد يذكر المفرد ويراد به الجنس، يعني مثل حديث: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) عاتقه: المراد جنس العاتق، فيدخل العاتق الثاني، فهما العاتقان، بدليل الرواية الأخرى: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) فيطلق المفرد ويراد به التثنية.

{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} [(17) سورة ق] يقول..، وهذا كثير جداً في هذا التفسير وغيره من التفاسير يجعلون (إذ) منصوبة بفعل مقدر تقديره: اذكر، "(إذ) ناصبه اذكر مقدراً" هو منصوب، وناصبه على هذا الكلام فعل أمر مقدر تقديره: اذكر إذ يتلقى المتلقيان، وكثيراً ما تقدر (اذكر) قبل (إذ) في مواضع كثيرة من القرآن، هل يصح أن تتعلق (إذ) بما قبلها من الكلام؟ هل يصح أن نقول: ولقد خلقنا الإنسان إذ يتلقى؟ ولقد خلقنا الإنسان إذ يتلقى؟ أو يقول: ونعلم ما توسوس به إذ يتلقى المتلقيان، أو يقال: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان؟ هل يجوز أن تتعلق (إذ) بالجملة السابقة؟ أو نأتي بمقدر لأنه لا يصلح تعلق (إذ) هذه بالجمل السابقة؟ كأنه على رأي المؤلف أنها لا تصلح أن تتعلق بشيء مما تقدم، فقدر (اذكر).

أولاً: ولقد خلقنا الإنسان إذ يتلقى المتلقيان هذا لا يمكن تعلقه بخلقنا، ونعلم إذ يتلقى ما يصلح أيضاً، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى، هل يمكن أن يعلق هذا {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [(17) سورة ق] ونحن أقرب إليه من حبل الوريد؟ هذا الكلام يمكن على رأي شيخ الإسلام، وهو أن ضمير المتكلم الجمع يعود إلى..، أو يفسر بالملائكة إذ يتلقى نحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى، فمتعلق بهذا القرب من قبل هؤلاء الملائكة.

{إِذْ يَتَلَقَّى} [(17) سورة ق] يعني: "يأخذ ويثبت" {الْمُتَلَقِّيَانِ} [(17) سورة ق] "الملكان الموكلان بالإنسان ما يعمله" يعني على رأي شيخ الإسلام يصح أن يكون متعلق الظرف (إذ) هو ما تقدم {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [(16) سورة ق] يتلقى: "يأخذ ويثبت"، {الْمُتَلَقِّيَانِ} [(17) سورة ق] "الملكان... بالإنسان ما يعمله" أحدهما عن يمينه، عن اليمين، والثاني عن الشمال...، من هذا الإنسان وأحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، أحدهما يكتب الحسنات، والثاني يكتب السيئات، فهما موكلان بالإنسان بما يعمله، أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال، وهذا مقطوع به، {قَعِيدٌ} [(17) سورة ق] فعيل، أي قاعدان، يعني واحد قاعد عن اليمين والثاني قاعد عن الشمال، هل المراد بالقعود هنا بصفته المعروفة قعيد بمعنى قاعد أو أن قعيد بمعنى ملازم؟ ملازم، فرق بين الأمرين، يعني إذا قلت: زيد قاعد مع عمرو، يعني يتم هذا ولو قعد عنده لحظة واحدة قلنا: أنه قاعد عنده، لكن إذا قلنا: قعيد ملازم للقعود عنده، إذا قيل: زيد قعيد الملك يعني أنه ملازم، لكن قاعد عند الملك ولو مرة واحدة، فتفسيره بقوله: "قعيد أي: قاعدان" هذا لا يفيد المطلوب، وإنما المراد بالفعيل صيغة المبالغة، صيغة المبالغة تدل على الملازمة، ملازمة هذا القعود، قعيد، هما متلقيان، وهما ملكان، وأخبر عنهما بقعيد، قعيد: فعيل، تصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث، تقول: زيد قعيد عمرو، وهند قعيد فاطمة، والزيدان قعيد عمرو، والرجال أو العلماء قعيد الملك مثلاً، فيصلح أن يخبر بفعيل عن الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث، ولذا ما قال: قعيدان، عن اليمين وعن الشمال قعيدان، كما في قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ} [(56) سورة الأعراف] ما قال: قريبة، قريب من المحسنين ما قال: قريبة من المحسنين، وهنا قال: قعيد، ففعيل يصح أن يخبر بها عن الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث، وهذا ظاهر وواضح مثل: قريب، {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [(56) سورة الأعراف] منهم من يقول: هما قاعدان، ولكنه قول فيه ما فيه، أوضح الأقوال أن يقال: فعيل..، صيغة فعيل يخبر بها عما تقدم، ونظيرها في القرآن: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ} [(56) سورة الأعراف] وهذا واضح، لكن ماذا قال المؤلف؟ "أي قاعدان، وهو مبتدأ خبره ما قبله" مبتدأ خبره ما قبله، الجملة التي قبله هي الخبر، لماذا أخر المبتدأ؟ {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [(17) سورة ق] هنا يجوز تأخير المبتدأ أو لا يجوز؟ أو يجب؟ لأنه قال: "وهو مبتدأ خبره ما قبله" يعني مبتدأ مؤخر، وخبره ما قبله، فهل تأخير المبتدأ هنا جائز أو ممنوع أو واجب؟ نعم؟ واجب، لماذا؟ لأنه نكرة.

ونحو عندي درهم ولي وطر

 

ملتزم فيه تقدم الخبر

ملتزم فيه تقدم الخبر، هذان الملكان المتلقيان الموكلان بالإنسان، أحدهما يكتب الحسنات والثاني يكتب السيئات، {مَا يَلْفِظُ} [(18) سورة ق] الإنسان {مِن قَوْلٍ} [(18) سورة ق] من قول: نكرة في سياق النفي فتعم كل قول، {إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ} [(18) سورة ق] "حافظ" {عَتِيدٌ} "حاضر وكل منهما بمعنى المثنى" ما يلفظ من قول المكلف ما يلفظ من قول، وقول نكرة في سياق النفي فتعم كل قول، ما يؤجر عليه ويثاب عليه، وما يؤاخذ به، وما لا يؤاخذ به، وما لا يؤجر عليه، كل كلام ينطق به، كـ(قمت وقعدت وكذا وكذا) يسجل، وما يؤاخذ به كقول الزور والبهت والقذف وما أشبه ذلك يؤاخذ عليه، وما يؤجر به من تلاوة القرآن، ومن الذكر، وقول الحق، والدعوة إلى الخير هذا أيضاً يكتب، فكل شيء يكتب، وهذا قول من أقوال أهل العلم يدل له: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(18) سورة ق] فهما يكتبان كل شيء، طيب إذا كان الذي عن اليمين يكتب الحسنات واللي عن الشمال يكتب السيئات فمن الذي يكتب الكلام المباح؟ يعني إذا قال: قمت وقعدت وكذا، من الذي يكتب الكلام المباح على هذا القول؟ هل يعد هذا الكلام مما يحفظ له ويثاب عليه فيكتبه الملك الذي عن يمينه أو يكتب في كفة سيئاته فيكتبها الملك الذي عن شماله؟ هو لا هذا ولا هذا، مباح، إلا أنه باعتبار أنه يشغل عما يثاب عليه فهو مذموم به من هذه الحيثية، ثم بعد ذلك يمحى لأنه لا ثواب ولا عقاب، ومنهم من يقول: إنه لا يكتب إلا ما يثاب عليه وما يعاقب به، ما يثاب عليه وما يعاقب به، يعني لو افترضنا أن شيخ من الشيوخ يملي على طلابه يشرح كتاب ووجدنا طالب نبيه لا يكتب إلا ما يفيد، وطالب آخر يكتب كل شيء، لو عطس الشيخ كتب: عطس الشيخ، لو يكح قال: كح الشيخ، ويكتب الكلمة مرتين ثلاث حسب تكرارها في كلام الشيخ أيهما أفضل؟ لا شك أن اللي يقتصر على المفيد بحيث لا يفرط بشيء منه، ويترك ما لا فائدة فيه أصلاً هذا لا شك أنه أكمل، لكن هل يتسنى لكل أحد مثل هذا؛ لأن هذا يعاني منه كثير من الطلاب، بعض الطلاب يقول: أنا ما أكتب إلا ما يفيد، ثم بعد ذلك يفرط في فوائد كثيرة، يظنها غير مفيدة، وغيره يظنها مفيدة، ولذلك لو استعرضتم كتب الطلاب التي يحضرون بها الدروس لوجدت التفاوت العجيب، تجد هذا الكلام مفيد عند فلان، والكلام غير مفيد عند فلان لكنه كتب غيره، وحينئذ تعليق الشيخ على الكتاب ينبغي أن ينظر في جميع الكتب الموجودة، ما ينظر إلى تعليق واحد، هذا مجرد استطراد وإلا فالذي عندنا المسألة خلافية، هل يكتب الملكان كل شيء حتى ما لا ثواب فيه ولا عقاب ثم بعد ذلك يمحو الله ما يشاء ويثبت؟ أو يقال: إنه لا يكتب إلا ما يثاب عليه أو يعاقب به لأنه هو محل الجزاء؟ وهما قولان معروفان عند أهل العلم، والآية مخيفة بالنسبة لمن يطلق لسانه بالقيل والقال، من يطلق لسانه بالقيل والقال {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(18) سورة ق] فعلى الإنسان أن يتحرى، ولذا لما قال معاذ -رضي الله عنه-: "وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) أنت مؤاخذ بالكلام، بالقيل والقال، والإنسان الذي عود نفسه على كثرة الكلام لا شك أن من كثر كلامه كثر سقطه، وقد يتحرى في المجلس الأول ولا يقول إلا المباح، لكنه قد يضطر بعد ذلك إلى المفضول والفضول من الكلام، ثم إلى المحرم منه، وهذا شيء مشاهد.

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ} [(18) سورة ق]  "حافظ" {عَتِيدٌ} "حاضر وكل منهما بمعنى المثنى" رقيب وعتيد مثل قعيد، يخبر بهما عن الاثنين، الأصل أن يقال: رقيبان، عتيدان، لأنهما ملكان، لكن يخبر بفعيل كما قال: قعيد مثل {رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ} [(56) سورة الأعراف] قال: أيضاً رقيب وعتيد وهما اثنان، ولذا قال المفسر: "وكل منهما بمعنى المثنى".

{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} [(19) سورة ق] سكرة الموت: "غمرته وشدته" غمرته وشدته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يعالج من الموت شدة، ويقول: ((إن للموت لسكرات)) ولا شك أن مثل هذه الشدة مما يكفر بها عن الإنسان، {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} [(19) سورة ق] "غمرته وشدته" {بِالْحَقِّ} [(19) سورة ق] "من أمر الآخرة" الآن إذا بدأ النزع واطلع الإنسان على ما كان يخفى عليه، ووصل إلى حد الغرغرة قبيل خروج الروح هذا لا ينفعه ندم، ولا يقبل منه توبة، لماذا؟ لأنه عاين الآن انتهى، الآن وصل إلى مرحلة المعاينة، والإيمان والعمل الصالح إنما ينفع في حال الغيب، {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [(3) سورة البقرة] الآن صار شهادة، ولذا جاء في الحديث الصحيح أن التوبة مقبولة ما لم يغرغر، ما لم تطلع الشمس من مغربها، ما لم يأت الدجال أو الدابة، كل هذه معاينة، انكشف الغطاء، فلا ينفع الإيمان، فلا ينفع نفس إيمانها.

{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} [(19) سورة ق] "غمرته وشدته" {بِالْحَقِّ} [(19) سورة ق] "من أمر الآخرة حتى يراه المنكر لها عياناً" عياناً فالمخالف يبشر بالنار، والعذاب، والذين قالوا: ربنا الله ثم استقاموا يبشرون بالجنة، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [(30) سورة فصلت] الآن صار عيان الآن ما فيه، ما ينفع الإيمان في هذا الوقت، "حتى يراه المنكر لها عياناً، وهو نفس الشدة" وهو نفس الشدة، جاءت سكرة الموت بالحق، خلاص هذه المقدمة التي ينكشف له فيها ما لم يره قبل ذلك، جاءته بالحق، الآن حق اليقين؛ لأن عندك اليقين مراتب: علم اليقين، وحق اليقين، وعين اليقين، فعلم اليقين إذا أخبرك من تثق به وتجزم بصحة خبره بأمر من الأمور، إذا قال لك: جاء العسل، الآن يباع في الأسواق، وهذا صادق، وجاءك ثاني وثالث ورابع، بحيث تجزم بأن العسل يباع في الأسواق، أو غيره من المأكولات التي انقطعت، هذا علم اليقين، فإذا رأيته إذا رأيته صار عين اليقين، وإذا لعقت منه صار حق اليقين، حق اليقين الذي لا مراء فيه، أحد يبي ينكر شيء وهو بيأكل منه؟ نعم، أحد ينكر شيء إلا في حال غفلة وإلا ذهول وإلا اختلال عقل، وإلا ما يمكن يأكل منه ويقول: ما هو بموجود، هذا إيش؟ حق اليقين، جاءت سكرة الموت بالحق خلاص ما عاد في مجال للإنكار.

{ذَلِكَ} [(19) سورة ق] "الموت" {مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} ما كنت منه تحيد: "تهرب وتفزع" تحيد عن أسباب الموت، لكن إذا جاء وقته لا مفر ولا مهرب ولا مفزع، قد يقال لك مثلاً: إن الحج في هذه السنة فيه وباء وافد من بعض الحجاج، تقول: والله السنة هذه ما أنا بحاج، أخشى من هذا الوباء، تهرب من الموت وتفزع منه، لكن {إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [(49) سورة يونس] والراكب في القصة التي عرفها الناس كلهم، الطائرة التي احترقت قبل سنين كان واحد من ركابها رأت أمه في النوم أن هذه الطائرة سوف تحترق، فبينما ولده نائماً وقال لها: أيقظيني في الساعة الفلانية مثلاً الساعة السابعة؛ لأن الحضور الساعة ثمان مثلاً صباحاً، أمه بعد هذه الرؤيا ما أيقظته، انتبه في الساعة الثامنة ولا ما يمديه، غضب غضباً شديداً وصار يتحدث ويتكلم بألفاظ بذيئة على أمه ويذم ويشتم، ما صارت الساعة تسعة ونصف إلا الطائرة وقد حصل لها ما حصل، رجع الولد فنام، لما أيس نام، الساعة التاسعة والنصف حصل للطائر ما حصل، فجاءت الأم لتبشر ابنها أنه ما مات معهم، فإذا به ميت في فراشه، ما في مفر ولا مهرب ولا مفزع، {إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [(49) سورة يونس] والله المستعان.

{ذَلِكَ} [(19) سورة ق] يعني "الموت" {مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} "تهرب وتفزع" {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [(20) سورة ق] البوق الذي ينفخ فيه ملك الموت النفخات المعروفة نفخة الصعق، والفزع والبعث على خلاف بين أهل العلم هل النفخات اثنتان أو ثلاث؟ كلام معروف لأهل العلم، وهل الفزع نفخة مستقلة أو هي مقدمة للصعق؟ على كل حال بسط هذا له موضعه، ونفخ في الصور وكيف ينعم الإنسان وملك الموت الموكل بالنفخ قد حنا ظهره والتقم البوق –الصور- لينفخ فيه؟ {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر] {فَذَلِكَ} إيش؟ {يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} [(9) سورة المدثر] هل يدرك الإنسان معنى هذا الكلام وعظمة هذا الكلام؟ لكن القلوب غطى عليها ما غطى وإلا فزرارة بن أوفى سمع الإمام يقرأ {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر] ففاضت نفسه وهو في الصلاة، وهذه الآية لا تحرك ساكن، بل قد يتجاوزها الإنسان وما شعر بها، وهنا {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [(20) سورة ق] يعني: "للبعث"  {ذَلِكَ} يعني "يوم النفخ" {يَوْمُ الْوَعِيد} "للكفار بالعذاب" يوم الوعيد للكفار بالعذاب، وهو أيضاً يوم الوعد بالنسبة للمؤمنين بالنعيم كما أنه إذا قبر الميت وجاءه الملكان وسألاه، معروف وضعهم كما جاءت به السنة الذي لا يجيب، الذي يقول: هاه هاه لا أدري، هذا يعذب ويضيق عليه قبره، ويفتح له باب إلى النار، ويقول: رب لا تقم الساعة، بينما الذي يجيب بالأجوبة السديدة الصحيحة يفتح له باب إلى الجنة، ويوسع له في قبره، ويأتيه من روح الجنة، ثم يقول: يا رب أقم الساعة، لماذا؟ لأن الأول: ما وراءه أعظم مما هو فيه، والثاني: ما وراءه أعظم مما هو فيه.

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [(20) سورة ق] "للبعث" {ذَلِكَ} "يوم النفخ" {يَوْمُ الْوَعِيد} "للكفار بالعذاب" {وَجَاءتْ} [(21) سورة ق] "فيه" يعني في هذا اليوم {كُلُّ نَفْسٍ} [(21) سورة ق] "إلى المحشر" موضع الحشر الذي يحشر فيه الناس، {مَّعَهَا سَائِقٌ} [(21) سورة ق] معها "ملك يسوقها إليه" {وَشَهِيدٌ} [(21) سورة ق] "يشهد عليها" وشهيد: "يشهد عليها بعملها" يقول: "وهو الأيدي والأرجل وغيرها" الشاهد يحتمل أن يكون الملك أو الملكان اللذان وكلا به في حال حياته يكتبان ما يعمل وما ينطق به يشهدان عليه، ويحتمل ما ذكره من الأيدي والأرجل وغيرها، والمواضع التي عبد الله فيها تشهد له، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} [(65) سورة يــس] اليد تتكلم تنافح وتدافع باعتبار أنها كالجزء من الإنسان؛ لقربها من قلبه، وأما الرجل فكأنها بعيدة عنه كما قال بعض أهل العلم فاليد تتكلم والرجل تشهد، فتشهد عليه، وإذا أعطي المخالف كتابه بشماله ونظر فيه قال: لا أقبل إلا شاهداً من نفسي، هؤلاء زادوا علي، لا بد من شاهد علي من نفسي، فتنطق الأيدي، وتشهد الأرجل، ويقول: بعداً بعداً، سحقاً سحقاً، كنت عنكن أنافس وأنافح، وهذا من باب قيام الحجة، والله -جل وعلا- عالم بما يعملون، وعالم بما تؤول إليه أمورهم، وليس بحاجة إلى من يشهد، لكنه من باب إقامة الحجة، ولذا يقول أهل العلم: أن القاضي لا يحكم بعلمه، بل لا بد من المقدمات الشرعية، قاضي يعلم من فلان من الناس أنه يشرب الخمر؛ لأنه من جيرانه، ومطلع على أحواله، لا يقضي عليه القاضي ويحكم عليه بالجلد بعلمه، لا بد أن يشهد عليه ببينة أو يعترف، فالقاضي لا يحكم بعلمه، وهذا أمر مقرر معروف، وإن كان بعض قدماء القضاة يحكمون بالعلم كشريح القاضي والله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، يعلم ما تكنه الضمائر، ويعلم ما تخونه الأبصار، لكنه من باب قطع الحجة أتي بالصحف ووضعت في الميزان،  وشهد على الإنسان أقرب الناس إليه وهو أبعاضه وأجزاؤه، "ويقال للكافر" يقول المؤلف: "ويقال للكافر: {لَقَدْ كُنتَ} [(22) سورة ق] "في الدنيا" -لقد كنت يعني فيما مضى في الدنيا- {فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا} [(22) سورة ق] "من هذا النازل بك اليوم" كنت غافلاً عنه، {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ} [(22) سورة ق] "أزلنا غفلتك بما تشاهده اليوم" {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [(22) سورة ق] "حاد تدرك به ما أنكرته في الدنيا" {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [(22) سورة ق] يعني: حاد {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا} [(22) سورة ق] غفلة في الدنيا، من هذا "النازل بك في هذا اليوم" يعني مثل الطالب -مثال تقريبي- الطالب طول العام وهو في غفلة، يلهو ويلعب ويسرح ويمرح، يجتمع بالناس، ويغدو ويروح ثم بعد ذلك إذا جاءت أيام الامتحانات كان في غفلة، فالآن تبدأ ثم إذا اختبر وطلعت النتائج أين أنت أيام الغفلة؟ فعلى الإنسان أن يعد العدة.

{فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ} [(22) سورة ق] "أزلنا غفلتك بما تشاهده اليوم" {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} "حاد تدرك به ما أنكرته في الدنيا" وهذا على أساس أن الخطاب للكافر كما قال المؤلف.

منهم من يقول: إن المخاطب الجنس جنس الإنسان، الجنس المؤمن والكافر، كان في غفلة من هذا، من هذا الذي سيحصل، حتى المؤمن المستعد المؤمن بالله -جل وعلا- المؤتمر للأوامر، المنتهي عن النواهي عنده شيء من الغفلة، ولولا هذه الغفلة لعمر وقته كله بطاعة الله، ولما ترك لحظة تفوت من عمره إلا فيما يرضي الله -جل وعلا-، هذه غفلة.

ومنهم من يقول: الخطاب للنبي -عليه الصلاة والسلام-، {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا} [(22) سورة ق] الخطاب للنبي -عليه الصلاة والسلام- الأسلوب أسلوب مدح وإلا ذم؟ السياق سياق مدح وإلا ذم؟ سياق ذم، لقد كنت -والخطاب للنبي -عليه الصلاة والسلام- يا محمد في غفلة من هذا، يعني قبل البعثة {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ} [(22) سورة ق] ببعثتك إلى أمتك، وإرسال جبرائيل إليك بالوحي كشفنا عنك الغطاء، {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [(22) سورة ق] حاد تدرك به ما في المستقبل، ولا شك أن الناس يتفاوتون حتى المسلمون والمؤمنون والعلماء والعباد يتفاوتون في هذا تفاوت شديد، منهم من يرى ما سيجري في الآخرة نظر العيان، كما قال الصحابي -رضي الله عنه-: "أصبحت مؤمناً حقاً" قال: ((اعلم ما تقول، فإن لكل حق حقيقة)) ثم شرح يقول: "كأني أرى عياناً ما يدور في القيامة" يرى كذا ويرى كذا ويرى كذا، فالناس لا شك أنهم يتفاوتون، والاثنان من العلماء، أو من العباد، أو من العوام، أو من طلاب العلم بينهما تفاوت كبير، تجد هذا يدرك ما لا يدركه هذا، وهذا يتصور ما لا يتصوره هذا، تجد بعض الناس عند أدنى شيء يشك، وأدنى نص تجده يقف عنده قد يحتار، وتجد بعض الناس ما يقف في وجهه شيء، حتى أعقد الأمور بمسائل القضاء والقدر تنكشف له مثل الشمس، وهذا كلما رسخ القدم في العلم ووقر الإيمان في القلب تكشفت له الأمور، فإذا كان الخطاب هذا للنبي -عليه الصلاة والسلام- {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا} [(22) سورة ق] يعني قبل بعثتك {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ} [(22) سورة ق] الذي غطى عليك قبل الرسالة، انكشف بالرسالة {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [(22) سورة ق] يعني تجد بعض الناس يأتي إلى عالم يقول: والله أنا هذا النص حيرني، كأني أحس أن فيه شيء من التناقض، تجد هذا ما عنده أدنى تردد في مثل هذا النص، بصره حديد حاد في مثل هذه الأمور، وتجد النصوص اللي فيها شيء من الاختلاف، اللي يعرف بمختلف الحديث تجد عند بعض أهل العلم من أسهل الأشياء، ولذا يقول ابن خزيمة: "من كان عنده خبران متضادان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليأتِ إليّ لأؤلف بينهما" يعني هناك أخبار فيها تعارض في الظاهر تشكل على بعض طلاب العلم لكنها عند الراسخين في العلم لا إشكال فيها.

{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [(22) سورة ق] يعني حاد تدرك به ما أنكرته في الدنيا.

{وَقَالَ قَرِينُهُ} [(23) سورة ق] الملك الموكل به، هذا أي الذي لدي عتيد، اعتدته وأعددته لهذا اليوم، هذه الصحف التي فيها حسناته، وهذه الصحف التي فيها سيئاته، انتظاراً لهذا اليوم، {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [(31) سورة يوسف] فهذا معد وهو عتيد، يقول: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} [(23) سورة ق] أي: "حاضر" معد جاهز، فيقال لمالك خازن النار: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [(24) سورة ق] إذا كان القول متجه لمالك يعني كون الضمير مثنى ويعود للسائق والشهيد وهما اثنان واضح أو يعود للملكين الموكلين به، فيقال: أنتم اللذان رصدتما أعماله فألقياه في العذاب الشديد، أو للسائق والشهيد على خلاف بين أهل العلم هل هما الذي عن اليمين وعن الشمال أو غيرهما؟ المقصود أن عود الضمير إلى ما تقدم من التثنية ظاهر، {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [(24) سورة ق] والمفسر يرى أنه يعود لمالك خازن النار، {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [(24) سورة ق] والتثنية هنا ليست من باب تثنية المسند إليه، وإنما هو من باب تثنية المسند، إيش معنى هذا الكلام؟ أنه تكرار للفعل، ألق، ألق ولذا قال: "أي: ألق ألق" فكرر الفعل للتأكيد، وثني الفعل المكرر لفظاً، فكأن ألقيا: ألق ألق، وهذا له شواهده، ومنهم من يقول: إن الألف هذه ليست ألف تثنية، وإنما هي ألف منقلبة عن نون التوكيد ألقين، يا مالك ألقين، مثل لنسفعاً تكتب بالألف، وهنا ألقيا "أو ألقين، وبه قرأ الحسن فأبدلت النون ألفاً" {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [(24) سورة ق] "معاند للحق" معاند للحق، الآيات السابقات دلالة ظاهرة على أن واحد عن اليمين والثاني عن الشمال، لكن من أهل العلم من يرى أنه إذا كان جالساً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، إذا كان ماشياً فواحد من أمامه والآخر من خلفه، وإذا كان نائماً مضطجعاً فواحد عند رأسه وواحد عند رجليه، لكن هنا النص صريح في أن أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال، {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [(24) سورة ق] يعني: "معاند للحق" مخالف للحق مع عناد، والكفار: صيغة مبالغة فعال، وهل هذا الأمر {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [(24) سورة ق] خاص بالكفار العنيد؟ وإذا عرفنا أن كفار صيغة مبالغة فالكافر دونه، هناك كافر غير معاند، أو أن كل كافر كفار، وكل كافر معاند فيدخل الجميع في هذا الوعيد، لا شك أن كل كافر مآله إلى النار، وهو خالد مخلد فيها، فهل نقول: إنهم كلهم كل كافر كفار باعتبار أنه يزاول الكفر باستمرار وينوي الاستمرار عليه، فيستحق الوصف بالمبالغة، وهو أيضاً عنيد جاءته النصوص، وركب فيه من الاختيار ما يجعله يختار، الصراط المستقيم ومع ذلك خالفه وجانبه، فيصدق كل كفار عنيد، على كل كافر.

{مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} [(25) سورة ق] مناع: صيغة مبالغة للمنع للخير الواجب عليه كالزكاة والنفقات، أو مناع لمن أراد أن يدخل في الإسلام كما قيل في شأن الوليد أنه منع أبناء أخيه من الدخول في الإسلام، هذا مناع للخير -نسأل الله العافية-، وهذا أعظم من منع المال، و يدخل في ذلك أيضاً من يمنع ما وجب عليه.

{مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} [(25) سورة ق] "كالزكاة"، {مُعْتَدٍ} "ظالم"، يعني يتعدى على غيره، ظالم معتدٍ {مُّرِيبٍ} "شاك في دينه" والريب: هو الشك، والمريب: اسم الفاعل هو الذي يغشى مواطن الريب، شاك في دينه، {الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [(26) سورة ق] مبتدأ، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، الذي: مبتدأ ضمن معنى الشرط، ضمن معنى الشرط، خبره {فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} [(26) سورة ق] ولما ضمن معنى الشرط اقترن جوابه وخبره بالفاء، كأنه قال: من جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد، الذي جعل مع الله إلهاً آخر: مبتدأ ضمن معنى الشرط، فاقترن خبره بالفاء،  {فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} [(26) سورة ق] تفسيره مثل ما تقدم، فألقياه تفسره مثل ما تقدم، فـ(من) ضمير التثنية يعود على من؟ يعني كونه يعود على المذكور في الآيات قبلها واضح، السائق والشهيد، الملكان عن اليمين وعن الشمال، ألقياه، هذا وضوحه ما يحتاج إلى استدلال؛ لأن ضمير التثنية يعود على الاثنين، لكن إذا قلنا: إنه يعود إلى مالك خازن النار واحد، فإما أن نقول: إن الفعل بمعنى: ألق ألق، الفعل مكرر وثني بسبب هذا التكرار، أو نقول: إن الألف ألقياه منقلبة عن نون التوكيد على ما تقدم، ولذلك قال: "تفسيره مثل ما تقدم".

{قَالَ قَرِينُهُ} [(27) سورة ق] "الشيطان" وكل إنسان له قرين كما جاء في الحديث الصحيح، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا إلا أن الله -جل وعلا- أعانني عليه فأسلم)) يعني فلا يأمر إلا بخير.

{قَالَ قَرِينُهُ} [(27) سورة ق] "الشيطان"، {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} [(27) سورة ق] لأنه لما قيل: {فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} [(26) سورة ق] أراد أن يحتج، قال: ليست العهدة علي العهدة على هذا الشيطان الذي أغواني، العهدة على هذا الشيطان الذي أغواني.

{قَالَ قَرِينُهُ} [(27) سورة ق] "الشيطان"، {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} [(27) سورة ق] "أضللته" {وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [(27) سورة ق] "فدعوته فاستجاب لي"، هو قابل نفسياً لهذه الدعوة فاستجاب، وليس بمجبر على أن يتبعني، هو عنده شيء من التخيير، وعنده شيء من الإرادة، بطوعه واختياره أطاع القرين، أطاع الشيطان، {وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [(27) سورة ق] "فدعوته فاستجاب لي، وقال: هو أطغاني بدعائه لي"، وقال: هو أطغاني بدعائه لي.

قال الله تعالى: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} [(28) سورة ق] لأنها خصومة هذه، هذا الكافر يقول: الشيطان أغواني وأطغاني، الشيطان قال: أبداً، {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} [(27) سورة ق] لكن هو قابل دعوته فاستجاب، وهذه وظيفة الشيطان الأكبر إبليس، وذريته من شياطين الجن.

{قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} [(28) سورة ق] الآن ينفع الخصام وإلا ما ينفع؟ "ما ينفع الخصام"، وقد قدمت إليكم،   {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم} [(28) سورة ق] يعني: "في الدنيا" بالوعيد "بالعذاب في الآخرة لو لم يؤمنوا ولا بد منه" يعني ليس لأحد عذر، ليس لأحد عذر، هديناه النجدين، بين له طريق الحق، الطريق المستقيم الصراط المستقيم وطريق الضلال، فاختار طريق الضلال ما الحيلة ما دام بطوعه واختياره؟ ولم يجبر على اختياره بل فيه حرية واختيار وله مشيئة، وله إرادة، نعم حريته واختياره، ومشيئته وإرادته كلها تابعة لإرادة الله -جل وعلا- ومشيئته، لكنه فيه اختيار، يعني أحد يمنع إنسان لو أراد أن يسلم يقول له..، هل حاول إنسان أن يسلم وما استطاع؟ في أحد حاول يسلم وما استطاع؟ في أحد حاول أن يقوم وما استطاع القيام؟ إرادته للقيام موجودة، قدرته على القيام موجودة، لكن الله لو أراد ألا يقوم ما قام، وكل إنسان يجرب من نفسه يحاول يقوم يقوم، مما يدل على أنه له شيء من الاختيار، يعني ليس بمجبور كما تقول الجبرية، وليست إرادته وحريته واختياره مما يستقل به عن إرادة الله -جل وعلا- كما تقوله المعتزلة القدرية.

{مَا يُبَدَّلُ} [(29) سورة ق] ما يبدل يعني: يغير، {الْقَوْلُ لَدَيَّ} [(29) سورة ق] ما يبدل القول لدي في ذلك، في الحكم، في الوعيد، ما يبدل، وهذا بالنسبة للكافر المشرك ما فيه تبديل، ما يمكن بحال من الأحوال أن يبدل القول فيدخل المشرك الجنة، {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] هذا وعيد، والوعيد تعارف الناس على أن إخلافه كرم.

وإني وإن أوعدته ووعدته

 

لمنجز إيعادي ومخلف موعدي

وإخلاف الإيعاد كرم، ويمدح به الإنسان، لكن الله -جل وعلا- حكم بأن الشرك لا يغفر، فهل يخلف مثل هذا الإيعاد؟ لا يمكن أن يخلف، لكن يغفر ما دون ذلك لمن يشاء، يعني ما دون الشرك تحت المشيئة، أما بالنسبة للشرك فإنه لا يغفر، ما يبدل، يعني لا يغير القول لدي في ذلك، يعني ما يقال: والله لما اختصموا قال: ظلمني هذا الشيطان وأغواني، قال: أجل أدخلوه الجنة، ما يمكن هذا.

{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [(29) سورة ق] وما أنا بظلام للعبيد: "فأعذبهم بغير جرم" وظلام: "بمعنى: ذي ظلم، لقوله: {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [(17) سورة غافر]" لماذا احتجنا أن نقول: بظلام ذي ظلم يعني: ظالم؟ لماذا؟ لأنه أيهما أبلغ ظلام وإلا ظالم؟ ظلام: صيغة مبالغة وظالم؟ نعم؟ اسم فاعل، ليس فيها شيء من المبالغة لو وقع الظلم مرة واحدة قلنا: ظالم، لكن من تكرر منه الظلم قلنا: ظلام، وهنا أيهما أبلغ أن يؤتى بصيغة المبالغة أو باسم الفاعل؟ لأنه قال: "بظلام: بمعنى: ذي ظلم" يعني ظالم، يعني ظلام صيغة مبالغة صيغة المبالغة في حال النفي لا تفيد إفادة غير المبالغة، إذا قيل: فلان يسفك الدماء مثلاً، ثم قال: والله ما أنا بسفاك للدماء هل نفى عن نفسه التهمة كاملة وإلا نفى المبالغة في هذه التهمة؟ إذا قال: والله ما أنا بسفاك ولا سفاح، ما نفى عن نفسه التهمة من أصلها -انتبهوا يا الإخوان- إذا قال: والله ما أنا بسفاك هل ينفي أن يكون قتل واحد أو اثنين أو ثلاثة؟ هو ينفي صيغة المبالغة أن يكون قتل عشرات أو مئات أو ألوف ليس بسفاك، لكن لا ينفي أن يكون سافك للدماء، قاتل ولو مرة أو مرتين؛ لأن نفي المبالغة لا ينفي ما دونها، يعني من ضرب شخص هل يستحق أن يقال: ضراب للرجال؟ هل يستحق ذلك؟ ضرب مرة واحدة يستحق مبالغة؟ لا، لكن لو قيل له: أنت ضربت فلاناً، قال: والله ما أنا بضراب للرجال، هل ينفي أن يكون ضرب مرة واحدة إذا نفى المبالغة؟ ما ينفي، ولذلك اضطر أن يجعل ظلام بمعنى ذي ظلم لينتفي الظلم كله عن الله -جل وعلا-، "لقوله: {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [(17) سورة غافر]" لا ظلم نافية للجنس، لجنس الظلم، الظلم كله منفي، فعندنا ظلام، ولا يظلم، ولا يريد ظلماً للعالمين، ليس بظلام، ولا يظلم ربك أحداً، ولا يريد الظلم، أبلغها إيش؟ لا يريد؛ لأن نفي إرادة الشيء أبلغ من نفي الشيء، يليها ما جاء بدون مبالغة ثم آخرها المبالغة، وتؤول المبالغة بمجرد حصول الظلم، كما قال المؤلف، لا ظلم اليوم.

{يَوْمَ} [(30) سورة ق] "ناصبه ظلام"، وما أنا بظلام للعبيد يومَ نقول لجهنم؛ لأن الآية الأخرى: {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [(17) سورة غافر] وهو اليوم الذي يقال فيه لجهنم: هل امتلأت، يومَ منصوب، ناصبه ظلام، {نَقُولُ} [(30) سورة ق] "بالنون والياء" يعني: نقول ويقول، {لِجَهَنَّمَ} [(30) سورة ق] اسم من أسماء النار -نسأل الله تعالى السلامة- منها.

{هَلِ امْتَلَأْتِ} [(30) سورة ق] استفهام وتحقيق هل امتلأت؟ "استفهام وتحقيق لوعده بملئها" {لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [(119) سورة هود] "استفهام وتحقيق" هل امتلأت؟ "استفهام وتحقيق لوعده بملئها" {وَتَقُولُ} [(30) سورة ق] "بصورة الاستفهام كالسؤال" {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [(30) سورة ق] "أي لا أسع غير ما امتلأت به، أي قد امتلأت" هذا قال به كثير من المفسرين، أنها لما يقال لها: هل امتلأت؟ تقول: هل من مزيد؟ يعني: لا أستوعب غير ما بي، خلاص امتلأت، تقول: هل من مزيد؟ أي لا أسع غير ما امتلأت به، أي قد امتلأت، هذا قال به كثير من المفسرين، لكن ما الذي يدل عليه الحديث المتفق عليه؟ ((لا تزال جهنم يلقى فيها {وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [(30) سورة ق] حتى يضع فيها رب العزة قدمه فتقول: قطٍ قطٍ)) ما الذي يدل عليه هذا الحديث؟ هل من مزيد أنها تطلب المزيد، هات، بدليل أنها ما امتلأت، لو كانت امتلأت ما احتيج إلى أن يضع فيها رب العزة قدمه، فتقول: قط، قط، يعني قد امتلأت.

ننظر في كلام المؤلف: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ} [(30) سورة ق] يقول: "استفهام تحقيق لوعده بملئها"، {وَتَقُولُ} [(30) سورة ق] "بصورة الاستفهام كالسؤال" {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [(30) سورة ق] "أي لا أسع غير ما امتلأت به، أي قد امتلأت" خلاص، ما..، كيف هل من مزيد وأنا مليانة؟ ما يمكن، وهذا قال به جمع غفير من أهل التفسير، لكن الذي يدل عليه الحديث الصحيح: ((لا تزال جهنم يلقى فيها {وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [(30) سورة ق])) يعني هل تقول: امتلأت؟ في الحديث: (({هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [(30) سورة ق])) هل معناه امتلأت؟ لا، بدليل: ((حتى يضع فيها رب العزة قدمه فتقول: قطٍ قطٍ)) يعني يكفي، حسبي حسبي امتلأت، فكانت قبل ذلك حينما تقول: "هل من مزيد" لم تمتلئ بعد، وأولى ما يفسر به القرآن القرآن ثم السنة.

{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} [(31) سورة ق] أزلفت يعني: "قربت" الجنة {لِلْمُتَّقِينَ} جمع: متقي، والتقي هو فاعل الواجبات، مجتنب المحرمات، لا يترك واجباً ولا يرتكب محرماً إلا إذا غفلت نفسه وهفت في منكر بادرت للاستغفار منه والتوبة النصوح، فهذا وجوده مثل عدمه، وإلا فليس المتقي معناه المعصوم الذي لا يفعل المنكرات ولا يترك الواجبات، قد يترك واجباً ثم يعود إلى رشده ويعود ويستغفر ويتوب، ولذا قال بعد ذلك: {لِكُلِّ أَوَّابٍ} [(32) سورة ق] {لِلْمُتَّقِينَ} "مكاناً" {غَيْرَ بَعِيدٍ} [(31) سورة ق] أزلفت: قربت لهم؛ لئلا ينالهم في الذهاب إليها عناء ولا تعب ولا مشقة، "أزلفت: قربت لهم مكاناً (غير بعيد) منهم فيرونها، ويقال لهم: (هذا) المرئي -هذه الذي ترونه- ما توعدون، بالتاء والياء -توعدون ويوعدون- في الدنيا" يعني هذا الذي وعدناكم في الدنيا، هذا الذي جاءت به الرسل، هذه هي الجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، "ويبدل من {لِلْمُتَّقِينَ} قوله: {لِكُلِّ أَوَّابٍ} [(32) سورة ق]" وأزلفت الجنة لكل أواب، بدلاً من للمتقين، فكل أواب بدل من المتقين، والمراد بالأواب الرجاع إلى طاعة الله تعالى، صيغة مبالغة، الأواب من الأوبة وهي الرجوع فيما إذا حصل منه غفلة أو هفوة أو زلة فإنه يبادر فيرجع، وكلما غفل رجع وتاب وأناب إلى الله -جل وعلا-، فاستحق المبالغة فقيل: {أَوَّابٍ} "رجاع إلى طاعة الله تعالى، {حَفِيظٍ} [(32) سورة ق] حافظ لحدود الله -جل وعلا-" حافظ لحدود الله، فلا يتعدى ولا يتجاوز فيرتكب المحرمات، {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [(187) سورة البقرة] {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} [(229) سورة البقرة] لا يتجاوز ولا يقصر دونها، لا يقصر دون الواجبات، ولا يتجاوز إلى المحرمات، فهو حافظ لحدوده.

{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [(33) سورة ق] الخشية المحمودة والإيمان المحمود، والعمل الصالح المحمود إنما هو في حال الغيب، لا في حال الشهادة، لا في حال الشهادة، يعني في حال الصحة، في حال الفراغ، في حال الشباب، في حال القوة، في حال النشاط، أما إذا أقبل الإنسان على آخرته في آخر عمره، وغلب على ظنه أنه ينتهي، هذا لا شك أنه ينفعه إيمانه، تنفعه صدقاته، تنفعه أعماله الصالحة ما لم يغرغر، لكن التعرف على الله في الرخاء قبل هذه الشدة لا شك أنه يعين على التعرف على الله في هذه الشدة، أما إذا انكشف الغطاء كما تقدم فلا فائدة.

{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [(33) سورة ق] {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [(3) سورة البقرة] هذا محل المدح، هذا محل المدح، يعني لو قال لك شخص: إن العسل جاء، قلت: والله يا أخي ما أظنه........ وما أشبه ذلك، فجاء تقول: والله يا أخي ما أظنه جاي، ثم ذهبت أنت وياه إلى السوق فرأيته بعينك قلت: صدقت، ينفعك هذا التصديق؟ ما ينفع هذا التصديق، خلاص رأيته بعينك، ما يحتاج إلى خبر.

{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [(33) سورة ق] "خافه ولم يره"، {وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} [(33) سورة ق] وجاء بقلب منيب: "مقبل على طاعة الله -جل وعلا-" جاء بقلب منيب، وهو القلب السليم الذي لا ينفع من القلوب سواه،   {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88-89) سورة الشعراء] سالم سلامة تامة من شوائب الشرك، من شوائب البدع، من شوائب المعاصي، من شوائب الشبهات، من شوائب الشهوات، هذا القلب الذي ينفع، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88-89) سورة الشعراء] وهنا قال: {وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} [(33) سورة ق] "مقبل على طاعته".

"ويقال للمتقين أيضاً: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} [(34) سورة ق] "أي سالمين من كل مخوف"، ادخلوها مصاحبين بسلام، ادخلوها مصاحبين بسلام، "أي سالمين من كل مخوف، أو مع سلام"، مقترناً بالسلام الذي هو تحية أهل الجنة، وتحية المسلمين، "أي سلموا وادخلوا"، أي سلموا وادخلوا الجنة.

{ذَلِكَ} [(34) سورة ق] "اليوم الذي حصل فيه الدخول" {يَوْمُ الْخُلُودِ} [(34) سورة ق] "الدوام في الجنة" الخلود ذلك يوم الخلود بالنسبة لهؤلاء الذين دخلوا الجنة، وهو أيضاً يوم الخلود بالنسبة لأولئك الذين دخلوا النار من الكفار والمشركين والمنافقين وغيرهم ممن حكمه الخلود في النار، بخلاف العصاة فإنهم لا يخلدون فيها وإن دخلوها، فإنما يعذبون على قدر ذنوبهم.

{يَوْمُ الْخُلُودِ} [(34) سورة ق] "الدوام في الجنة" {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [(35) سورة ق] ولدينا مزيد: "زيادة على ما عملوا وطلبوا" فهم يكافئون على أعمالهم، ويزاد لهم في هذه المكافئة، التي من أعظم النعيم في الجنة النظر إلى وجه الله -جل وعلا-، {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [(35) سورة ق] قال جمع من أهل العلم: إن المراد به النظر إلى وجه الله -جل وعلا-، وهو أعظم نعيم، وأعظم لذة في الجنة، لهم الحسنى وزيادة، {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [(26) سورة يونس] {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [(35) سورة ق] ((إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تُضَامُون في رؤيته، أو لا تُضَامُّون في رؤيته)) حديث متواتر قطعي الثبوت، فالرؤية لله -جل وعلا- يوم القيامة يراه المؤمنون، ويثبتها سلف هذه الأمة وأئمتها بإجماع، ولا يخالف فيها إلا المبتدعة.

الآن بقي عندنا هذا المقطع ولو جعلناه درساً في المغرب واستغنينا به عن الأسئلة أتممنا إكمال السورة، أو يكون درس المغرب على ما أعلن لقاء وأسئلة وأجوبة ونترك بقية السورة لفرصة أخرى؟ الأمر إليكم.

أما الآن الساعة ست ما عاد بقي، إيش ترجحون؟

طالب:......

مهمة؟ إذن يبقى الإعلان على ما هو عليه، وتترك بقية السورة، فيها مقدار محاضرة كاملة، يعني درس كامل، لعله يتيسر له مناسبة، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"