كتاب الصلاة (13)

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يسأل يقول: ما توجيهكم تجاه الحملة الشنعاء على كُتب السُّنَّة النبوية وبخاصةٍ على صحيح البخاري، يقول: حيث صدر الأسبوع الماضي حكمٌ قضائي من المحكمة العُليا في إحدى الدول بإلزام الجهة الدينية العُليا في تلك الدولة بتنقية وتنقيح صحيح البخاري من الأحاديث المدسوسة، وعلَّق بعضهم بأن هذا إقرارٌ ضمني بأن البخاري كتابٌ به الكثير من الخرافات على حد زعمهم بل إفكهم.

ما واجب الأمة العلماء وطلاب العلم على وجه الخصوص تجاه هذه الحملة على صحيح البخاري لاسيما وأننا في هذا الدرس المبارك؟

هذه الحملات ليست وليدة اليوم، وليست جديدة، الحملة الشنعاء على صحيح البخاري وغيره من كُتب السُّنَّة قديمة بدأت من رؤوس البدع من المعتزلة وغيرهم، التركيز على صحيح البخاري؛ لأنه الرأس في هذه الكتب، فإذا قُطِع هذا الرأس سهل الباقي، وإذا تطاول الناس على البخاري فما دونه من كتب السُّنَّة يقبل.

كما تطاول المتقدمون من أهل الكلام لاسيما أهل الاعتزال على أبي هريرة، لماذا أبو هريرة بالذات؟

لأنه أكثر الصحابة رواية، فإذا طعنوا في أبي هريرة، وطعنوا في مروياته بسببه سهُل الأمر فيما بعد؛ لأنهم إذا ارتاحوا من أبي هريرة ارتاحوا من نصف السُّنَّة؛ ولذا أذنابهم من المتأخرين من الليبراليين ومن المستشرقين قبلهم ركَّزوا على أبي هريرة، ففرقٌ بين أن يُركَّز على من يروي الألوف المؤلفة من الأحاديث، ويُرتاح منها جملةً واحدة، وبين من يُركِّز على المُقلين من الصحابة، فهؤلاء لا يؤثرون، يعني إذا طعنوا في أبيض بن حمَّال يحتاجون إلى أن يطعنوا في خمسة آلاف راوٍ؛ ليعادلوا أبا هريرة، أو آبي اللحم الذي لا يروي إلا حديثًا واحدًا مثله.

فهي الحملة مدروسة، والهدف منها هدم السُّنَّة؛ لأنهم ما ينظرون بإنصاف، والدراسات من قِبل أهل الحديث تؤكِّد أن أبا هريرة مع ثقتنا به وبمروياته وبحفظه، حافظ الصحابة على الإطلاق، الرسول –عليه الصلاة والسلام- قال له: «ابْسُطْ رِدَاءَكَ» فبسطه، قال: «ضُمَّهُ»، فما نسي حديثًا قط.

يعني مثل هذا يتجه إليه طعون هؤلاء؟! لولا أنهم مغرضون، وهدفهم السُّنَّة لا الشخص؛ لأن أكثر الأحكام الشرعية إنما ثبتت في السُّنَّة، فإذا طعنوا في السُّنَّة، القرآن فيه أحكام، لكنها مُجملة، إذا طعنوا في السُّنَّة، وارتاحوا من حُجيتها، طعنوا في الدين كله؛ لأن المجملات في القرآن لا يُمكن فهمها، ولا العمل بها إلا ببيان النبي –عليه الصلاة والسلام- في سُنته.

فالأهداف معروفة، والنوايا واضحة مثل الشمس، لا يأتي شخص يطعن في البخاري، ويقول: أنا قصدي حسن، وأنقي السُّنَّة من... طيب عقلك الذي تزعم أنك تُنقح به البخاري لما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- في حديث البقرة التي ركبها الرجال، فقالت: إنَّا لم نُخلق لهذا، عادي من عوام المسلمين، ومن آحاد طلاب العلم أن يقول: هذا إسرائيلي، لكن الحديث في البخاري، ويقول الرسول –عليه الصلاة والسلام-: «آمنت بِهِذا أنا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»، ما العقل الذي يُقاوم مثل هذا الكلام؟

أما في الشريعة أمور تحتار فيها العقول؟ وفي الشرعية أمور تعبدية لا تصل إليها العقول؟ ماذا يقول الراسخون؟ وماذا يقول غيرهم؟

أهل المتشابه يتبعون أهل الزيغ، ويتبعون المتشابه أمثال هؤلاء {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران:7].

هذا الدين الحقيقي، والإسلام الذي هو الاستسلام لله والانقياد له، وقدم الإسلام –كما يقول أهل العلم- لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، مَن أنت يا مسكين لتتطاول وتقدح في أحكام الذي خلقك وهو أعلم بك؟!

هذه الطعون وهذا القدح أنا ما سمعت أحدًا يقدح في سُنن ابن ماجه؛ لأنه إذا قدح في سُنن ابن ماجه سيجد، صحيح، ونوافقه، ويحتاج إلى أن يطلع عليك إلى الكتاب الذي فوقه، ثم يطلع إلى أن يطول السُّنَّة كلها، لكن إذا قطع الرأس، وهدم البخاري ما يحتاج أن... بل لن يقف في وجهه أحد، لكن هذه وظيفة العلماء وطلاب العلم، وواجبهم البيان.

وأيضًا ولاة الأمر من المسلمين إذا حسوا بالخطر الداهم، وأن المراد القضاء على السُّنَّة، ومن ثَمَّ القضاء على الدين بالكلية، ولعل هذه الأمور تكون من أولويات المجمَّع الذي أمر به الملك سلمان –وفقه الله-، هذه من أولويات المجمَّع، لا أقول: طبع الكتب، وتحقيق الكتب، هذا شيء جيد، لكن كُتب السُّنَّة كلها موجودة ومتداولة، ومشت الناس عليها، ولا أقلل من أهمية المقارنة بين النُّسخ وجلب المخطوطات، لكن الأهم هو هذا الدفاع عن السُّنَّة، والله المستعان.

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الصَّلاَةِ فِي النِّعَالِ:

 حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ –رضي الله عنه-: أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فقد قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الصَّلاَةِ فِي النِّعَالِ" النعل معروف، النعال جمع نعل وهي معروفة تعرفها الناس كلهم عربهم وعجمهم، وإن لم يعرفوها بنفس اللفظ، لكنها معلومة ما يستغني عنها أحد.

والصلاة في النعال الظرفية مقصودة أم غير مقصودة؟ هل يكون المصلي في النعل؟

طالب: ............

المقصود يُصلي عليها يقف عليها أو من باب إطلاق الجزء على الكل، فتكون الظرفية للرجل لا لجميع البدن جميع بدن المصلي، ومن باب النكتة أنا قلت لواحد من المشايخ: أنت تصلي على كرسي؟ قال: أنا أجلس عليه، ما أصلي عليه، والآن أنا أجلس على الكرسي، ما أصلي عليه.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ".

وقلت لهذا الشيخ -وهو من شيوخنا الكبار- لما قال لي: أنا أصلي على الكرسي، قلت: المحاذاة هل هي لرجلك أو لرجل الكرسي؟ ظن أني أسخر، فقال: لا تسخر، فأنت على الجادة، يعني على الطريق، حفظه الله.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ".

طالب: ...........

معضلة هذه الصلاة على الكراسي مشكلة، وما توصلنا إلى حل في اللجنة.

طالب: ...........

هذه مشكلة.

طالب: ...........

الأصل صلاة الجالس على الأرض، هذا الأصل إنه ما فيه كراسي، لكن لما وُجِدت وصارت أعون لبعض المصلين في الحركة، وفيها فتاوى، وفيها رسائل صغيرة.

طالب: ...........

الأرفق بالمصلي وعدم أذية الآخرين.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

هو لا بُد من هذا إن كان يستطيع القيام ولا يستطيع السجود هذا له حكم، وإن كان العكس لا يستطيع القيام ويستطيع السجود له حكم، تحتاج إلى تفاصيل.

"قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" وهو ابن الحجاج، وكُنيته شبعة أبو بسطام؛ لأني رأيت واحدًا من أصحاب الدكتوراه في رسالته يقول: أبو سطَّام.

"قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ".    

"يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ" هذا من فعله –عليه الصلاة والسلام-، ويبقى هل الأفضل الصلاة في النعلين أو بدونهما؟ هل هذا كمال، ويزيد في الزينة، أو نقص ينقص من الزينة؟

طالب: .........

نعم.

طالب: .........

يعني في عُرف الناس كونك تدخل إلى مجالسهم في نعالك مثلًا مثلبة، والله –جلَّ وعلا- يقول: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه:12].

وبعض الناس أراهم في المسجد الحرام يقيسون، ويستدلون بهذه الآية على عدم الدخول في المسجد الحرام بالذات بالنعلين، ولكن هذا مع وجود النصوص التي تدل صراحةً أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يُصلي في نعليه، وأمر بالصلاة في النعال مخالفةً لليهود، فهل بهذا تثبت السُّنية أو يبقى أنه في حُكم الجواز، والكمال خلعهما؟

طالب: .........

لعل الشارح يُشير إلى هذا.

طالب: ...........

على كل حال فرق بين أن يكون المسجد مفروشًا كما هو الحال اليوم، فلا شك أنها تُلوِّث بما تحمله من الأتربة في الأسواق، في مقابل من تراب إلى تراب الأمر سهل.

طالب: .........

على كل حال لعل الشارح يُوضح هذه المسألة.

طالب: ...........

على خلاف بين علماء الشافعية والحنفية يقولون: لا يُطهرها إلا الماء.

طالب: ...........

لكن ما يُطيعونك، إذا تأكدت من نظافة النعل يتجه القول بالاستحباب مخالفةً لليهود، وأيضًا لدفع الضرر؛ لأن بعض الناس يتضرر إذا صلى على البلاط، وإذا كان البلاط باردًا فالضرر سيجده ولو بعد حين، سيجد غِبه ولو بعد حين إذا وقف على البلاط حافيًّا.

على كل حال بحث المسألة سيأتي في كلام الشارح.

قال –رحمه الله-: "قوله: "باب الصلاة في النعال" بكسر النون جمع نعل، وهي معروفة، ومناسبته لما قبله من جهة جواز تغطية بعض أعضاء السجود.

قوله: "يصلي في نعليه" قال ابن بطال: هو محمولٌ على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة، ثم هي من الرخص كما قال ابن دقيقٍ العيد: لا من المستحبات؛ لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة، وهو وإن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسته الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة".

يعني ينتابه أمران: جهة كمال، وجهة نقص.

فأيهما المرجَّح؟

طالب: ما غلب.

الذي عندك شيء كمال، ويُقابله نقص في هذا الشيء نفسه، فمن باب أن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح فالنقص أقوى، لكن الذي يُشكِل على هذا الأمر بمخالفة اليهود.

طالب: ...........

الكلام على الإطلاق وإلا فإذا قيدت انتهى الإشكال، التلويث عمومًا يعني نجاسة أم مجرد تلويث؟ الوسخ كمال أم نقص؟

نقص بلا شك، هذا الذي يذهبون إليه.

طالب: ...........

أقوى ما عندنا الأمر بمخالفة اليهود هذا أقوى ما عندنا، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يُصلي في نعليه، لكن لا شك أن للظروف أحوالها، فإذا كان الفرش يتأثر، ثم نحتاج إلى تغييره في كل مدة، والتأثر ما ينتقل بسرعة أو يُزال بسرعة ما هو بمثل التراب، التراب بسرعة تزيله.

طالب: ...........

لا، بلبس النعل «خَالِفُوا الْيَهُودَ وَصَلُّوا فِي نِعَالِكُمْ».

 كمِّل كمِّل.

طالب: ...........

فلينظر.

طالب: ...........

هذا ما فيه إشكال إذا تأكد من نظافة النعل ما يبقى فيما يُقابل الأمر، والاقتداء به –عليه الصلاة والسلام- معارض الكلام عند وجود المعارض.

"وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين، ومراعاة إزالة النجاسة قُدِّمت الثانية؛ لأنها من باب دفع المفاسد، والأخرى من باب جلب المصالح، قال: إلا أن يرد دليلٌ بإلحاقه بما يُتجمَّل به فيُرجع إليه، ويترك هذا النظر".

فيكون من الزينة المأمور بها.

"قلت: قد روى أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوسٍ مرفوعًا «خَالِفوا اليهود فإنَّهم لا يُصلُّون في نِعالِهم ولا خِفَافِهم»، فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة.

وورد في كون الصلاة في النعال من الزينة المأمور بأخذها في الآية حديثٌ ضعيفٌ جدًّا أورده ابن عدي في (الكامل)، وابن مردويه في تفسيره من حديث أبي هريرة، والعقيلي من حديث أنس".

هذا الحديث ضعيف، لا يُلتفت إليه؛ لأنه مروي عند ابن عدي في (الكامل) و(الضعفاء) للعقيلي، وابن مردويه، وهذه مظنة الأحاديث الضعيفة، ونص الحافظ على ضعفه.

المقصود أن مثل هذه الأمور التي يُتردد فيها هل هي من الزينة أو من عدمها؟ فيُرجَّح إذا كان العدم عدم الزينة الذي يُدعى مع التلويث، إذا كان التلويث مُحققًا، والزينة مختلفٌ فيها هل هو زينة أم ما هو بزينة؟

لا يقول قائل: إن هناك أحذية بالألوف جميلة جدًّا فنتجمل بها؛ لأن المقابل واحد سواءً كانت بريال أو بثلاثة آلاف وأربعة آلاف، وقد بِيعت بهذه الأثمان؛ لأن المقابل واحد هو التلوث سواءً كان بنجاسة أو بأوساخ وأقذار وغير نجاسة.

فالمسألة فيها إذا تأكدنا من نظافتها فالمتجه القول بالصلاة بالنعال؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- صلى في النعل، وأمر بمخالفة اليهود، والأمر بالمخالفة فرق الشعر أُمِرنا بمخالفة اليهود، كان النبي –عليه الصلاة والسلام- يُحب موافقة اليهود إلا فيما فيه أمر أو نهي، المقصود يُحب موافقة اليهود؛ تأليفًا لقلوبهم، لعلهم يُسلمون، فلما أيس من إسلامهم أمر بمخالفتهم، فهل يقول أحد: إن فرق الشعر سُنَّة؟

طالب: هو من العادات.

هو من العادات، لكن إذا فعله الإنسان مخالفةً لليهود لا شك... لكن إذا كان...

طالب: يتجه الاستحباب.

يتجه الاستحباب مثل ما هنا.    

طالب: ............

هذه الصلاة ينتابها الأمران: النقص والزينة، فما المُرجَّح منهما؟ قد يترجَّح في زيد الزينة، وقد يترجَّح في عمرو لعدم اهتمامه وعدم اكتراثه ضده النقص.

طالب: النقص.

 فهذه الأمور لا شك أن النظر فيها لا بُد أن يُنظر إليه بدقة؛ ولذا قال ابن بطال: "هو محمولٌ على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة" إذا كان فيهما نجاسة فالمسألة خارجة عن محل النزاع. 

طالب: ............

الجار، جارك المصلي، وبعض النعال خشنة، خشنة جدًّا، لاسيما إذا كانت من جلد، وتوالى عليها الدهر، وتوضأ فيها مرارًا، هو يتأذى، ما يقدر أن يصلي، هذه أمور خارجية لا شك أنها مرجِّحات.

طالب: ............

أولًا: الشُّراب لا يصل إليه أذى، فعندك الخُف والنعل، الشُّراب ليس بداخل؛ لأنه محفوظ عن الأذى، فلا ينتابه ما ينتاب النعال والخفاف.

طالب: كأنك ذكرت قاعدة ولا كملتها، قلت: إلا إذا...

والله ما أدري.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى: "بَابُ الصَّلاَةِ فِي الخِفَافِ:

 حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَسُئِلَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَنَعَ مِثْلَ هَذَا، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ.

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: وَضَّأْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى".

يقول الإمام –رحمه الله تعالى-:  "بَابُ الصَّلاَةِ فِي الخِفَافِ" الفرق بين النعل والخُف: أن النعل يكون قصيرًا، لا يُغطي الكعبين، والخُف يُغطي محل المفروض، ويستر الكعبين.

والخلاف في الخُف إذا قُطِع هل يكون نعلًا أو لا؟ معروف عند أهل العلم أنه من يقول: يلبسه ولو بلا حاجة إذا قُطِع يُلحقه بالنعلين، والذي يقول: لا يلبسه إلا إذا لم يجد النعلين يبقى على أنه خُف، لكنه لا يُمسح عليه؛ لأنه لا يستر المفروض.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا آدَمُ" وهو ابن أبي إياس.

"قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" ابن الحجاج.

"عَنِ الأَعْمَشِ" سليمان بن مهران.

"قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ" النخعي.

"يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى" هل صلى في الخُف أم لا؟

طالب: ظاهر الترجمة صلى فيه.

لكن ما الدليل من الحديث على الترجمة؟

طالب: المسح يمسح ويترك، مسح لا بُد من أن يُصلي عليهما.

لكن الذي يقول: ما تأثر الوضوء بخلع الخُف يتجه الكلام هذا؟

طالب: يتجه يا شيخ الإشكال الذي يُرد.

ما هو؟

طالب: قد يكون خلع قبل أن يصلي وبعدها مسح، وهذه الترجمة ترد.

ردًّا عليه، وهذا المرجَّح عند جماهير أهل العلم أنه إذا خلع الخُف الممسوح...

طالب: انتقضت الطهارة.

ما يُقال: انتقضت الطهارة، يُصلي بقدمٍ لا مغسولة ولا ممسوحة؛ لأنه إذا قلت: انتقضت الطهارة، قلت: أحضر دليلًا على النقض، مثل ما يُقال الآن ويُشاع، جماهير أهل العلم أنه لا طهارة إذا خُلِع الخُف.

طالب: القواعد الفقهية بعض القواعد تدل عليه الرخصة تُقدَّر بقدرها إذا...

لا ندري من قواعدك ولا شيء، الإنسان إذا أُشرِب عقله حُب إنسان وتقليد إنسان ما هو بناظرٍ لك؛ لأن من باب:

إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِقُوهَا
 

 

فَإِنَّ القَولَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
 

إذا قال شيخ الإسلام شيئًا انسَ الموضوع عند بعض الناس، وهو محل قدوة، وتبرأ الذمة بتقليده– رحمه الله-، وإذا روَّجه من يُقتَنع به من المعاصرين كذلك، لكن يبقى أن الحق هو الحق.

طالب: ............

عند المناوئين لشيخ الإسلام يرونه بعد، وبعض الطوائف كفَّرته، هذه مسألة أخرى. 

"بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى" وجه الاستدلال أنه صلى بعدما مسح، وترجمة البخاري تدل على ما يراه عامة أهل العلم أنه إذا مسح عليه لا يخلعه، فإذا خلعه فليُعد الطهارة، وهذا وجه الاستدلال من الحديث للترجمة.   

"ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَسُئِلَ" كيف تصلي تمسح وتصلي وآية المائدة صريحة؟!

طالب: ومن آخر ما نزل.

في المسح، وبعضهم يُنزِّل قراءة الجر على مسح الخفين، وقد يقول قائل: إن هذا قبل آية المائدة، وقد قيل: إن مسح جرير قبل آية المائدة، فالرد: أن جريرًا ما أسلم إلا بعد نزول المائدة "صَنَعَ مِثْلَ هَذَا، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ؛ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ" في آخر حياة النبي- عليه الصلاة والسلام-.

الحديث الثاني قال: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ" حمَّاد بن أسامة.

"عَنِ الأَعْمَشِ" سليمان بن مهران.

"عَنْ مُسْلِمٍ" ابن صُبيح أبو الضحى.

"عَنْ مَسْرُوقٍ" ابن الأجدع.

"عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: وَضَّأْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى".

"وَضَّأْتُ" يعني: صببت عليه الماء؛ ولهذا تجوز معونة المتوضئ، ويجوز تنشيف أعضائه، لكن كون الإنسان المستطيع القادر يتولى العبادة بنفسه هذا هو الأصل، وكونهم يخدمون النبي –عليه الصلاة والسلام- أمرٌ خارجٌ عن المراد، والنبي –عليه الصلاة والسلام- خدمته عبادة وشرف ليست بــ(ضعة) على إنسان، لكن إذا وُجِدت الحاجة فلا شك في الجواز، وإذا كان المعين غير مسلم الذي يصب الماء غير مسلم كما هو حال كثير من الناس الذين عندهم خدم كفار، فيوضؤنه، فهل الوضوء صحيح؟

طالب: لا يضره.

نعم، هذا قدر خارج عن المراد، فلا مانع من توضئته إياه، لكن الذي وضَّأ المتوضئ له نوع مباشرة لهذه العبادة، وصب الماء على المتوضئ لا شك أنه لا أثر له، وهو أمرٌ خارج كما لو توضأ من صنبور.

طالب: ............

لا أثر له.

"وَضَّأْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى" قد يقول قائل: إن المغيرة قبل المائدة {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة:6] هذا نص آية المائدة، فالمغيرة قبل آية المائدة، لكن جرير نص؛ لأنه ما أسلم إلا بعد المائدة.

نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب الصلاة في الخفاف" يحتمل أنه أراد الإشارة بإيراد هذه الترجمة هنا إلى حديث شداد بن أوسٍ المذكور لجمعه بين الأمرين.

قوله: "سمعت إبراهيم" هو النخعي، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون: إبراهيم، وشيخه، والراوي عنه.

قوله: "ثم قام فصلى" ظاهرٌ في أنه صلى في خفيه؛ لأنه لو نزعهما بعد المسح لوجب غسل رجليه ولو غسلهما لنُقِل.

قوله: "فسُئل" وللطبراني من طريق جعفر بن الحارث عن الأعمش أن السائل له عن ذلك هو همام المذكور، وله من طريق زائدة عن الأعمش فعاب عليه ذلك رجلٌ من القوم.

قوله: "قال إبراهيم" فكان يعجبهم، زاد مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش: كان يعجبهم هذا الحديث، ومن طريق عيسى بن يونس عنه فكان أصحاب عبد الله بن مسعود يعجبهم.

قوله: "من آخر من أسلم" ولمسلمٍ: لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.

ولأبي داود من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ في هذه القصة قالوا: إنما كان ذلك أي: مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- على الخفين قبل نزول المائدة، فقال جرير: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة.

وعند الطبراني من رواية محمد بن سيرين عن جرير: أن ذلك كان في حجة الوداع، وروى الترمذي من طريق شهر بن حوشب قال: رأيت جرير بن عبد الله فذكر نحو حديث الباب، قال: فقلت له: أقبل المائدة أم بعدها؟ قال: ما أسلمت إلا بعد المائدة، قال الترمذي: هذا حديثٌ مُفسَّر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأوَّل أن مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة، فيكون منسوخًا".

أن مسح النبي –صلى الله عليه وسلم- على الخفين.

طالب: "كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة".

عندك على الخفين؟

طالب: الأول يا شيخ.

أين؟

طالب: أعيد يا شيخ.

"قال الترمذي: هذا حديثٌ مُفسَّر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأوَّل أن مسح النبي- صلى الله عليه وسلم- كان قبل نزول آية الوضوء".

على الخفين كان قبل نزول آية... عندك؟

طالب: الخفين ليس عندي، الثاني ليس عندي.

طالب: ............

كان قبل نزول المائدة ليس بعد نزول المائدة.

طالب: كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة.

تأوَّل أن مسح النبي –صلى الله عليه وسلم- على الخُفين.

طالب: ما بعندي على الخفين.

ماذا أفعل بك قرأتها مرتين أو ثلاثًا؟

طالب: عندي الأول يا شيخ.

هذه موجودة.

طالب: لا ليست عندي.

ليست عندك اكتبها.

"قال الترمذي: هذا حديثٌ مُفسَّر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأوَّل أن مسح النبي- صلى الله عليه وسلم- على الخفين كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة، فيكون منسوخًا، فذكر جريرٌ في حديثه أنه رآه يمسح بعد نزول المائدة، فكان أصحاب ابن مسعود يعجبهم حديث جرير؛ لأن فيه ردًّا على أصحاب التأويل المذكور، وذكر بعض المحققين أن إحدى القراءتين في آية الوضوء وهي قراءة الخفض دالةٌ على المسح على الخفين، وقد تقدمت سائر مباحثه في كتاب الوضوء".

طالب: ............

لا، عند الشافعية من شروطه.

طالب: ............

نعم، من غير فاصل، مباشرةً.

طالب: ............

لا، ما فيه وضوء أصلًا، لو تتوضأ ولا تغسل رجليك تصير متوضئًا؟ 

طالب: ............

مسح وخلع الممسوح فيُصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة صح أم لا؟

طالب: ............

أصل هذا، وهذا فرع، ما تُقاس الفروع على الأصل، فرق بين أصل وفرع، بين طهارة أصلية وفرعية.

طالب: .........

محمولة على الاتصال ولو لم يقف عليه.

طالب: ............

في أول سطر "من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ" قبل نزول المائدة، ماذا عندك؟

طالب: قبل، صح يا شيخ مستقيم الكلام.

قبل نزول المائدة، فقال جرير: ما أسلمت...

طالب: إلا بعد نزول المائدة.

هذا قيل.

طالب: نعم.

"قوله: "حدثنا إسحاق بن نصر" هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر نُسب إلى جده، والإسناد كله كوفيون غيره، وفيه أيضًا ثلاثةٌ من التابعين: الأعمش، وشيخه مسلم وهو أبو الضحى، ومسروقٌ، وتردد الكرماني في أن مسلمًا هل هو أبو الضحى أو البطين؟ قصورٌ، فقد جزم الحُفاظ بأنه أبو الضحى، وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة، حيث أورده المصنف تامًّا في كتاب الوضوء.

نعم.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ:

أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: أَخْبَرَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رَأَى رَجُلًا لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ؟ قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ" إذا لم يتم السجود ما حكمه؟ الحديث دليلٌ على بطلان الصلاة.

طالب: بطلت صلاته.

 لأن السجود ركنٌ من أركانها، فإذا لم يتم السجود إذا لم يأتِ المصلي بالسجود بالقدر المجزئ من السجود، فلا شك أن صلاته باطلة؛ لأنه ركنٌ من أركانها.

قال: "أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: أَخْبَرَنَا مَهْدِيٌّ" وهو ابن ميمون.

"عَنْ وَاصِلٍ" الأحدب أو الأحول؟

طالب: .........

الأحدب؛ لأنه صُحِّف واصل الأحدب صُحِّف بعاصم الأحول.

طالب: .........

"عَنْ أَبِي وَائِلٍ" شقيق ابن سلمة وهو بالهمز وائل، وذكره ابن الأثير في (جامع الأصول) بالياء، قال: وايل.

"عَنْ حُذَيْفَة" ابن اليمان.

طالب: .........

"أنه رَأَى رَجُلًا لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ؟" لأن الصلاة الباطلة يصح نفيها؛ لأن وجودها كعدمها، والنبي –عليه الصلاة والسلام- قال للمسيء نحو هذا الكلام: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ».

"قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ؟ قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" الذي لا يُقيم الصلاة، ولا يؤدي الصلاة على وجهها لا شك أنه على خلاف السُّنَّة.

طالب: ............

سيأتي الكلام عليه، حتى إنه غير موجودٍ في كثيرٍ من النُّسخ من الروايات.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب إذا لم يتم السجود" كذا وقع عند أكثر الرواة هذه الترجمة، وحديث حذيفة فيها والترجمة التي بعدها، وحديث ابن بُحينة فيها موصولًا ومعلقًا، ووقعتا عند الأصيلي قبل باب الصلاة في النعال. ولم يقع عند المستملي شيءٌ من ذلك، وهو الصواب؛ لأن جميع ذلك سيأتي في مكانه اللائق به وهو أبواب صفة الصلاة، ولولا أنه ليس من عادة المصنف إعادة الترجمة وحديثها معًا لكان يمكن أن يقال: مناسبة الترجمة الأولى لأبواب ستر العورة الإشارة إلى أن من ترك شرطًا لا تصح صلاته كمن ترك ركنًا.

ومناسبة الترجمة الثانية: الإشارة إلى أن المجافاة في السجود لا تستلزم عدم ستر العورة، فلا تكون مبطلةً للصلاة وفي الجملة إعادة هاتين الترجمتين هنا وفي أبواب السجود الحمل فيه عندي على النُّساخ؛ بدليل سلامة رواية المستملي من ذلك، وهو أحفظهم".

والله مادام أمكن التوجيه، وأمكن التماس المناسبة على وجودهما لا شك أنه أولى؛ لأن مثل هذا الكلام مع وجاهته؛ لأنه اعتمد على أن رواية المستملي أقوى من غيرها؛ لأنه أحفظ الرواة، مع أنه يُرجِّح ويعتمد رواية أبي ذر.

طالب: .........

 وقال عن رواية الكشميهني مرةً عنه: أنه ليس من الحُفاظ، وقال عن فلان... الرواة كلهم تكلم عليهم في مواطن متفرقة، وهنا قال: إن المستملي أحفظ الرواة يعني في صحيح البخاري، ومادام ما وُجِدت عند أحفظ الرواة فوجودها مرجوح، ولا شك أن من حفظ حُجة على من لم يحفظ، يعني من ذكرها من الرواة الثقات لا شك أن من ذكرها مقدَّم على من تركها؛ لأن من حفظ حُجة على من لم يحفظ.

وعلى كل حال مادامت ستأتي الترجمة بأحاديثها في مواضعها المناسبة التي أبداها المرد إليها، إن كانت وجيهة فلا يمنع من تكراره، وهذه عادته وديدنه أنه يُكررها في موضعها أو في غير موضعها؛ لوجود المناسبة، والمناسبة موجودة.

طالب: ............

انظر "ولولا أنه ليس من عادة المصنف إعادة الترجمة وحديثها معًا لكان يمكن أن يقال: مناسبة الترجمة الأولى لأبواب ستر العورة الإشارة إلى أن من ترك شرطًا لا تصح صلاته كمن ترك ركنًا".      

طالب: ............

ترك شرطًا.

طالب: ............

"يمكن أن يقال: مناسبة الترجمة الأولى" أيهما؟

طالب: ............

هما بابان، الترجمة الأولى هذه، والترجمة الثانية "يُبدي"، هذه هي الترجمة الثانية، في الأولى إذا لم يتم السجود.

طالب: ............

قال: نُحرر الكلام، الترجمة الأولى أيهما؟ الترجمة الأولى: إذا لم يتم السجود، والثانية: يبدي ضبعيه ويُجافي في السجود.

طالب: .........

ثم دخل في المقاصد؛ ولذلك ختم الباب كعادته بالأعداد، نقرأ هذا الباب؟

طالب: ............

هذا ترجمة ثانية نقرأ هذه الترجمة؛ لنقف على الباب المتفق عليه، باب فضل استقبال القبلة.

طالب: نعم.

اقرأ.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-.

طالب: ............

إذا اطمأن راكعًا وقال الذكر ولو مرةً واحدة خلاص انتهى، وكذللك ساجد.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "بَابُ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ:

أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ، عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ".

هذه هي الترجمة الثانية التي وجودها فيه إشكال؛ لأنها سترد في موضعها من صفة الصلاة باللفظ، والحُكم الذي صدر من الحافظ ابن حجر بتوهيم من أثبتها، وأن الراجح صنيع من حذفها وهو المستملي فيه ما فيه في الجملة؛ لأنه يجعل الشخص يتطاول على الصحيح في مثل هذه المواضع، فيحكم بأنه تصرف من النُّسَّاخ.

وهذا مر مرارًا في شرح الكرماني، وإذا أشكل عليه شيء قال: من تصرف النُّسَّاخ، وإذا ثبت عند جميعهم ألحق الخلل بالبخاري، ولا توجد مناسبةٌ لهذا الكلام، ولا تُوجد أدنى مناسبة -قاله- لهذا الكلام، بل هو من الإمام تعجرف.

لا نرضى أن يُربى طلاب العلم على مثل هذا، بل يُبحث عن المناسبة؛ صيانةً للسنَّة، ما هو للبخاري فقط، صيانةً للسنَّة، فإذا حافظنا على أعظمها قطعنا الطريق على من يتطاول على السُّنَّة كما مضى في أول الدرس.

الحافظ ما شرح هذا الحديث ما شرحه، وإنما تكلم عن مناسبة وجوده، تقدم الكلام فيه قبل كما ترى، ثم بعد ذلك الخاتمة التي يذكرها في ختام الأبواب، الأصل في ختام الكُتب.

طالب: نهاية الأبواب.

نهاية الكتب يذكر الأعداد، العادة جرت في نهاية الكتب.

طالب: .........

هات.

"قوله: "بابٌ يبدي ضبعيه... إلى آخر" تقدم القول فيه قبل كما ترى.

خاتمة: اشتملت أبواب ستر العورة وما قبلها من ذكر ابتداء فرض الصلاة من الأحاديث المرفوعة على تسعةٍ وثلاثين حديثًا، فإن أضيفت إليها حديثي الترجمتين المذكورتين صارت أحدًا وأربعين".

فإن أضفت.

"فإن أضفت إليها حديثي الترجمتين المذكورتين صارت أحدًا وأربعين حديثًا، المكرر منها فيها وفيما تقدم خمسة عشر حديثًا، وفيها من المعلقات أربعة عشر حديثًا، وإن أضفت إليها المعلق في الترجمة الثانية صارت خمسة عشر حديثًا، عشرةٌ منها أو أحد عشر مكررة، وأربعةٌ لا توجد فيه إلا معلقة، وهي حديث سلمة بن الأكوع (يزره ولو بشوكة)، وأحاديث ابن عباسٍ، وجرهد، وابن جحشٍ في الفخذ، وافقه مسلمٌ على جميعها سوى هذه الأربعة، وسوى حديث أنس في قرامٍ لعائشة، وحديث عكرمة عن أبي هريرة في الأمر بمخالفة طرفي الثوب.

وفيه من الآثار الموقوفة أحد عشر أثرًا، كلها معلقةً إلا أثر عمر: (إذا وسع الله عليكم فوسعوا على أنفسكم)، فإنه موصول،ٌ والله أعلم".

إذا تعارض قول ابن حجر في عدة أحاديث البخاري مع غيره، فمن المقدم؟

طالب: نعم يا شيخ؟

إذا تعارض قول ابن حجر مع غيره في عدة أحاديث البخاري، فمن يُقدَّم؟

طالب: ابن حجر.

ابن حجر؛ لأنه له عناية بدقة في الرصد والحساب، يعني حينما يُقال: المكرر ثلاثة آلاف، يعني الصافي "وفي البخاري أربعة الألوف" هذا الصافي، كلام العراقي وهو تابعٌ في ذلك لابن الصلاح.

..........................والمكرر
 

 

فوق ثلاثةٍ ألوفًا ذكروا
 

أربعة آلاف الصافي.

وفي البخاري أربعة الآلاف والمكرر

 

 

............................................
 

إلى آخره.

ابن حجر يقول: عدة أحاديث البخاري بغير التكرار على التحرير ألفان وخمسمائة وحديثان، الفرق كبير، ألف وخمسمائة حديث، فهل نقول بقول ابن الصلاح، أو نقول بقول ابن حجر؟ عُرِفت عناية ابن حجر الفائقة في التعداد والتحرير، والموقوفات والمرفوعات، والمعلقات، فقوله مقدمٌ على غيره بلا شك.

 والله أعلم.