كتاب البيوع من عمدة الفقه - 01
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لسنا بحاجة إلى الكلام عن الفقه وأهمية الفقه في الدين، وشرح قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»؛ لأنا لو أردنا ذلك لاحتاج إلى دورة، بيان منزلة الفقه وشرح الحديث يحتاج إلى دورة كاملة، وكلام أهل العلم على الحديث طويل جدًّا حتى إن الإفصاح لابن هبيرة في مجلدين في شرح هذا الحديث، هذا بالنسبة للفقه. وكيفية التفقه ودراسة الفقه أيضًا مشروحة عند أهل العلم وفي جوادِّهم وطرائقهم المألوفة ومعرفة ذلك يغني عما نريد أن نقوله، وإن كان مهمًّا بالنسبة لمبتدئي الطلبة، بمعنى أن الطالب كيف يدرس الفقه؟ لاسيما وقد ظهرت بعض الدعاوى التي ظاهرها الحق، ولا يُظَن بأهلها إلا خير، وأن التفقه من الأصل من الكتاب والسنة.
هذا الكلام صحيح، فأصل العلوم كلها الكتاب والسنة، لكن كيف يتفقه طالب العلم من الكتاب والسنة؟ وهل يستفيد ويستعين مما كتبه أهل العلم في هذا الباب ومن أقوال أئمة الإسلام وفقهاء الأمصار أو ينكِّب عن ذلك كله جانبًا ويعنى بالكتاب والسنة، ويستنبط مباشرة من الكتاب والسنة؟
لا شك أن المبتدئ حكمه حكم العامي، والعامي فرضه التقليد وسؤال أهل العلم {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [سورة النحل:43] متى؟ {إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [سورة النحل:43] هذا غير المتعلم غير العالم يسأل أهل الذكر، ومن سؤال أهل العلم قراءة ما كتبوه ودونوه من أقوالهم؛ لأن أجوبتهم الناطقة قد لا تتيسر في كل وقت، فيُرجَع حينئذٍ إلى مدوناتهم الصامتة، فطالب العلم المبتدئ حكمه حكم العامي يتفقه على الجواد المعروفة عند أهل العلم بأن يعتمد متنًا يختاره له من ينصح له في الاختيار، وكل بلد عندهم ما يعتمد من المتون، ونحن في هذه البلاد المعتمَد عندنا في الغالب كتاب الزاد، إلا أن كتاب الزاد ينبغي أن يكون للطبقة الثانية من طبقات المتعلمين، ويقرأ قبله الكتاب الذي بين أيدينا العمدة؛ لأنه أوضح في العرض وأقل مسائل الزاد فيه شيء من الخفاء والغموض، لكن هذا أوضح منه وأيسر.
وقد ألفه مؤلفه الإمام الموفَّق، وهو على ما لُقِّب موفَّق في علمه وعمله، وظهرت البركة في آثاره ومؤلفاته، فألف للمبتدئين هذا الكتاب على رواية واحدة، وصدَّر كل باب من أبوابه بآية أو حديث صحيح، وبنى عليه مسائل الكتاب، ثم ألف للطبقة التي تلي هذه الطبقة كتاب المقنع على روايتين؛ ليتمرَّن الطالب الترجيح بين الروايات بالأدلة في إطار المذهب، ثم ألف الكافي وذكر فيه من الروايات أكثر من روايتين أحيانًا ثلاثًا وأحيانًا أربعًا، وأحيانًا يستوعب ما روي عن الإمام، ويذكر الدليل؛ ليتعلم الطالب كيف يستنبط من الدليل، وما وجه الاستدلال من الخبر، وألَّف للمنتهين كتاب المغني الذي ذكر فيه أقوال أهل العلم من يوافق المذهب ومن يخالف بالأدلة؛ لكي يتأهل الطالب للاجتهاد؛ لأن الطالب إذا اعتمد على متن وتصوَّر مسائله تصوُّرًا صحيحًا بمراجعة الشروح والحواشي ومزاحمة الشيوخ ومدارسة الأقران استدل لهذه المسائل، ونظر في أقوال أهل العلم الموافِق والمخالف، ووازن بين أدلتهم، وحينئذٍ يخرج بقول راجح، وبعد ذلك يتأهل للاجتهاد، ثم نقول له حينئذٍ إذا أنهى متنًا على هذه الطريقة: تفقَّه من الكتاب والسنة، أما قبل ذلك فتوجيهه إلى التفقه من الكتاب والسنة مباشرةً تضييع له، فالجوادّ المسلوكة عند أهل العلم المطروقة منذ قرون تواطأت عليها الأمة وتتابع عليها علماء الإسلام هي الوسيلة الناجحة لتحصيل الفقه وغيره من العلوم.
هذا الكتاب الذي بين أيدينا متن متين متوسط صالح للمبتدئين من الطلبة، نافع، ألفه مؤلفه؛ ليكون الدرجة الأولى في السلم سلم الصعود إلى قمة العلم، وعرفنا أن الدرجة الثانية عند مؤلفه المقنع ثم الكافي ثم المغني، قد يقول قائل: هل نكتفي بقراءة الكتب ولا نحتاج إلى أن نتردد على الشيوخ إما لبعدهم، ولكون البلد لا يوجد فيه من يتصدى لإقراء هذه العلوم، وهذا موجود في كثير من أقطار العالم الإسلامي، أو لبعد المسافات داخل هذه المدن، فإذا أراد الإنسان أن ينتقل من حي إلى حي في مدينة كبيرة مثل الرياض يحتاج إلى وقت؟ نقول: لا غنى عن مزاحمة الشيوخ وثني الركب أمامه لتعلم العلم والعمل معًا، فكثير من الشيوخ يستفاد من سمته وهيئته أكثر مما يستفاد من علمه، على طالب العلم أن يقرأ القسم الذي يراد شرحه قبل الحضور، وقلَّ أن يفلح من لا يعرف الكتاب إلا في الدرس، قلَّ أن يفلح، يقرأ القسم الذي يراد شرحه في الدرس، ثم يراجع عليه الشروح والحواشي، ويدارس الزملاء.
ذكر الشيخ عبد القادر بن بدران في المدخل طريقة سلكوها لدراسة العلم الشرعي، ويهمنا من ذلك الآن الفقه يقول: نقرأ المقطع مجموعة من الطلاب خمسة، ستة، عشرة، يقرؤون المقطع الذي يراد شرحه، ثم ينفرد كل واحد عن زميله ويشرح هذا المقطع حسب ما يفهمه منه، حسب فهمه، ثم يجتمعون فيقرأ الشرح الذي أُلِّف على الكتاب من قبل أهل العلم، وكل واحد منهم بيده ما شرحه فيصحح أخطاءه، يخطئ في الفهم، فإذا سمع الشرح صحح، وحينئذٍ يثبت الشرح بهذه الطريق ويجتث الخطأ من أساسه، ثم تقرأ الحواشي، ثم بعد ذلك يذهبون إلى الشيخ؛ ليأخذوا عنه مازاد عنده من علم، وما يفيده من تقريرات باطلاعه على الكتب في غير مظانها يعني الفوائد في غير مظانها كثير من أهل العلم عنده من العلوم والمعارف بسبب سعة اطلاعه ما لا يوجد في مظانه، يفيد في مسألة فقهية لمجرد قراءة في كتاب من كتب الأدب أو التاريخ يفيد في مسألة عقدية؛ لأنه قرأ في رحلة من الرحلات لأحد من أهل العلم، وكم من مثال أوردناه في أبواب توحيد الإلهية في شرح كتاب التوحيد، كم من مثال أوردناه من الرحلات.
على سبيل المثال رحلة ابن بطوطة فيها أمثلة كثيرة لما يخل بتوحيد الألوهية، فالاطلاع بهذه الطريقة، ونوصي طالب العلم بسعة الاطلاع، وحينئذٍ يتفتق ذهنه ويستعد لاستيعاب جميع العلوم، حينئذٍ يعني بعد تجاوز مرحلة التأصيل والتأسيس في بداية الأمر يقرأ في العلوم كلها، أقول: إذا طلب العلم على هذه الطريقة وذهب إلى القراءة على الشيخ وإفادة ما عند الشيخ فإنه حينئذٍ يثبت ما عنده من علم، ويستقر العلم مضبوطًا مؤصلاً متقنًا.
أما من يحضر الدرس عند الشيخ لا بأس ما عنده مشكلة، جالس ويسمع ويفهم، فإذا خرج ترك الكتاب، بعضهم يترك الكتاب في المسجد، وبعضهم يتركه في السيارة، وبعضهم يتركه في البيت ويأخذه إذا أراد أن يرجع ... هذا قلَّ أن يفلح كما يقول أهل العلم، مثل هذا قل أن يفلح؛ لأن العلم يحتاج إلى مدارسة أقول: لسنا بحاجة إلى مزيد البسط في مثل هذه المسائل، فهي بمفردها تحتاج إلى دورات كيف يطلب طالب العلم؟ كيف يقرأ؟ وماذا يقرأ؟ وماذا يدوِّن؟ وماذا يحفظ؟ المقصود أن هذا يحتاج إلى أوقات طويلة، فنبدأ بالمقصود.
"بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
قال المؤلف- رحمه الله تعالى- في كتاب البيوع:
"قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [سورة البقرة:275] والبيع معاوضة المال بالمال.
ويجوز بيع كل مملوك فيه نفع مباح إلا الكلب فإنه لا يجوز بيعه، ولا غرم على متلفه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب، وقال: "من اقتنى كلبًا إلا كلب ماشية أو صيد نقص من عمله كل يوم قيراطان.
ولا يجوز بيع ما ليس بمملوك لبائعه إلا بإذن مالكه أو ولاية عليه، ولا بيع ما لا نفع فيه كالحشرات، ولا ما نفعه محرم كالخمر والميتة، ولا بيع معلوم كالذي تحمل أمته أو شجرته، أو مجهول كالحمل والغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رؤيته، ولا معجوز عن تسليمه كالآبق والشارد والطير في الهواء والسمك في الماء، ولا بيع المغصوب إلا لغاصبه أو من يقدر على أخذه منه، ولا بيع غير معين كعبد من عبيده أو شاة من قطيعه إلا فيما تتساوى أجزاؤه كقفيز من صبرة."
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب البيع" الكتاب كما مر بكم مرارًا في كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب المناسك، كتاب البيع، الكتاب مصدر كتب يكتب كتابًا وكتابة وكَتْبًا، وأصل المادة يدل ويدور على الجمع، ومنه تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه قيل للخرازين: كاتبون كما جاء في قول صاحب المقامات الحريري:
وكاتبين وما خطت أناملهم |
|
حرفا ....................... |
وكاتبين وما خطت أناملهم |
|
حرفًا وما قرؤوا ما خط في الكتب |
الكاتبين يعني الخرازين قال لهم: كاتبين، سماهم كاتبين؛ لأنهم يجمعون بين صفائح الجلود فيخرزونها، ويخيطون بعضها ببعض، فهم من هذه الحيثية كاتبون؛ لأن الكتابة أصلها الجمع، والمراد هنا المكتوب، المراد هنا المكتوب الجامع لمسائل البيع، والبيع مصدر باع يبيع بيعًا، باع يبيع بيعًا ويقول أهل العلم: إن البيع مأخوذ من الباع، البيع مأخوذ من الباع؛ لأن كل واحد من المتبايعَين يمد باعه، كل واحد من المتبايعَين يمد باعه لماذا؟ المشتري يمد باعه؛ ليأخذ السلعة، والبائع يمد باعه؛ ليأخذ القيمة، البيع مصدر فكيف يؤخذ من غيره؟ والمصدر أصل لجميع المشتقات، وكونه أصلاً لهذين انتخب كما يقول ابن مالك- رحمه الله- كيف يكون مأخوذًا من الباع؟
الحضانة مأخوذة من الحضن حضن يحضن حضنًا وحضانة مصدر، والمصدر أصل يعني رأي الكوفيين، الكوفيون رأيهم أن الأصل الفعل وليس المصدر، رأي الكوفيين الأصل الفعل وليس المصدر، رأي البصريين، وهو المرجح، أن الأصل المصدر، لكن الباع في العلم هم ما يقولون إن البيع مأخوذ من باع، لا، لو قال: إن البيع مأخوذ من باع قلنا جارٍ على مذهب الكوفيين، لكنهم يقولون: البيع مأخوذ من الباع مأخوذ من الباع، هو يشبه الفعل في الصورة الباع «من تقرب إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا»، والباع هو عبارة عن اليدين معًا إذا مدتا هكذا، هذا هو الباع، فهذا ليس بفعل، لو كان يشبه في الصورة الفعل باع، لكن ليس المقصود الفعل.
على كل حال هم يأخذون الفعل من أدنى مناسبة، في بداية التسمية تؤخذ من أدنى مناسبة، ولا يلاحَظ فيها الاشتقاق الاصطلاحي، البيع عرفه المؤلف بأنه "معاوضة المال بالمال" معاوَضة المال بالمال هذا تعريفه الأصل في الترتيب، ترتيب التأليف أن يُبدأ بالتعريف أو بالدليل؟ المؤلف عندنا بدأ بالدليل، البيع جائز، يعني إن قلت بالكتاب والسنة والإجماع هذا دليله دليله الكتاب "{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}" [سورة البقرة:275] كما قال المؤلف: والسنة والأدلة مستفيضة، وأجمع العلماء على جوازه؛ لمسيس الحاجة إليه، فكل إنسان بحاجة إلى ما بيد أخيه، وقد لا يبذل من بيده الحاجة إلى أخيه دون معاوضة، فاحتيج إلى البيع حاجة ضرورية ضرورة وليست مجرد حاجة، فالكتاب والسنة والإجماع تضافرت على حل البيع، وقد أورد المؤلف قوله- جل وعلا-: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [سورة البقرة:275]، وعلى هذا من حرَّم البيع حكمه من قال البيع حرام يكفر لماذا؟ لأنه حرم ما علم حله بالضرورة من دين الإسلام، فحله معلوم بالضرورة {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [سورة البقرة:275].
ثم بعد ذلك عرفه بقوله: والبيع معاوضة المال بالمال، فهل الترتيب الطبيعي عند أهل العلم تقديم الدليل، أو تقديم التعريف؟ الدليل لبيان الحكم والحكم فرع عن التصوُّر، الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والتصور لا يكون إلا بالحد، التصوُّر لا يكون إلا بالحد الذي هو التعريف، لو قيل لك مثلاً، جيء لك باسم لا تدري ما حقيقته قال: يجوز أكله حيوان لا تعرفه أنت، فقال: يجوز أكله، أنا ما أعرفه حتى أُسأل عن حكمه، فأنت لا بد أن تتصور ما يراد حكمه قبل بيان حكمه، ولذا يبدؤون بالتعريف ثم بالدليل، وهنا المؤلف قدم الدليل لماذا؟
لئلا..
طالب: ............
هو بدأ بهذا، مشى على هذا؛ لئلا يقدِّم كلامه على كلام الله وكلام رسوله؛ لئلا يقدِّم كلامه على كلام الله وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- يفتتح الكتاب أو الباب بنص، وإن كان عندهم ترتيبهم الطبيعي أن يتصوَّر الشيء بوضوح، ثم بعد ذلك يبيَّن حكمه.
"والبيع معاوَضة المال بالمال" معاوَضة مفاعلة، والمفاعلة لا بد أن تكون من طرفين معاوَضة مفاعلة من العِوَض، فالمفاعلة من الطرفين من مشترٍ وبائع، من بائع ومشترٍ، فالبائع يدفع عِوَضًا وهو السلعة، والمشتري يدفع العوض وهو الثمن، فهي معاوَضة، وهي مبادلة، مبادلة مال بمال، فالبيع معاوَضة المال بالمال خاص بمعاوَضة المال بالمال، أو يُلحَق به ما في حكم المال من المنافع المباحة؟ ما هو في حكم المال من المنافع المباحة، يعني هو خاص بالمال؟
يعني كتب المتأخرين، متون المتأخرين تضيف المنفعة؛ لأن المنفعة في حكم المال مبادلة مال بمال ولو في الذمة أو منفعة مباحة يسمى بيعًا، ولذا أدخل أهل العلم في النهي عن بيع المسلم على بيع أخيه أدخلوا إجارته على إجارته، لو استأجر زيد من عمرو شقة بعشرة آلاف، فجاء شخص إلى صاحب الشقة فقال: أنا آخذها منك باثني عشر ألفًا، طلع رجل وقال: وأنا آخذها منك باثني عشر ألفًا أو جاء إلى المستأجر وقال: أنا عندي لك شقة أفضل منها بثمانية آلاف يجوز أم ما يجوز؟ هو ما اشترى شقة، اشترى منفعة، يدخل في النهي عن البيع على البيع أو لا يدخل؟ يدخل؛ لأن المنافع المباحة في حكم الأعيان من هذه الحيثية.
معاوضة المال بالمال، المؤلف ذكر صورًا كل صورة منها تدل على شرط من شروط البيع. شروط البيع كم؟ سبعة شروط، صحة البيع سبعة، وشروط صحة البيع غير الشروط في البيع؛ لأن عندك شروطًا لصحة البيع، ومعنى الصحة النفوذ وترتب الآثار على العقد يشترط لهذا سبعة شروط؛ الأول: أن يكون العاقد جائز التصرف، بمعنى أنه لا بد أن يكون رشيدًا، والرشد في المال معروف. الثاني: أن يكون مالكًا للسلعة أو مأذونًا له فيها. أن يكون الثمن معلومًا.. أن يكون المثمن معلومًا. أن تكون العين مباحة النفع بلا حاجة. أن يكون مقدورًا على تسليمه. بقي واحد، ذكرونا يا إخوان.
طالب: ..........
نعم، الرضا بين المتعاقدين. هذه الشروط السبعة، كل جملة من الجمل التي أوردها، كل حكم مما أورده المؤلف يعود إلى شرط من هذه الشروط. "يجوز بيع كل مملوك" أن يكون البائع مالكًا للسلعة. "بيع كل مملوك" مملوك بأن يكون الملك تامًّا مستقرًّا، عندك كتاب وقف يجوز أن تبيعه أم ما تبيعه؟ أنت مالك أم لا؟ ما أنت بمالك، نعم هذا يفيد الاختصاص، كونه بيدك يفيد اختصاصك به، لكن لا يعني أنك مالك له.
"فيه نفع مباح" فيه نفع مباح، لكن لو خلا عن النفع ما فيه نفع بالكلية يجوز بيعه أم ما يجوز بيعه؟ لا يجوز بيعه، لماذا؟ لأن شراءه من باب إضاعة المال؛ لأن شراءه من باب إضاعة المال، وبيعه على من يريد شراءه تعاون على هذا المحرَّم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن إضاعة المال، نفع مباح قد يكون هناك نفع، لكن هذا النفع ليس بمباح، ولذا قال: ولا ما نفعه محرَّم كالخمر والميتة، فلا يجوز بيعه على ما سيأتي.
"إلا الكلب" هنا الكلب فيه نفع ونفعه مباح الذي هو الصيد مثلاً أو حراسة الزرع أو الماشية فيه نفع، ونفعه مباح، أصحاب المتون المتأخرة ماذا يعبِّرون عن مثل هذا الكلام؟ يقولون: أن تكون العين مباحة النفع بلا حاجة، ما معنى مباحة النفع بلا حاجة؟ أن يكون النفع من طبعها وليست إباحة نفعها للحاجة، يعني من غير اقتران بحاجة، الكلب الآن مباح النفع، لكن نفعه للحاجة، لحاجة خارجة عنه وهي حراسة الزرع حراسة الماشية الاصطياد بواسطتها "إلا الكلب فإنه لا يجوز بيعه"؛ لأن نفعه وإن كان مباحًا إلا أنه مربوط بالحاجة.
"ولا غُرْم على متلفه" لماذا؟ لأنه ليس بمال، ليس بمال لماذا؟ لأنه لا يجوز بيعه، مباح النفع الآن بيع ما فيه نفع محرَّم، يعني نفع على حد زعم من ينتفع به وإلا فالمحرم ليس فيه نفع بالكلية، فيه نفع على حد زعم من ينتفع به، وهذا النفع المزعوم محرم كالأشرطة التي تحوي المواد المحرمة كالصور والأغاني وغير ذلك، هذه لا يجوز بيعها؛ لأنها وإن كان فيها على حد زعم مقتنيها نفع إلا أن النفع غير مباح، وعلى هذا لا يجوز بيعها، ولا غرم على متلفها، يعني من رأى صنمًا وكسره لا غرم عليه، من رأى شريط أغانٍ أو أشرطة أو شيئًا فكسرها لا غرم عليه؛ لأن النفع غير مباح، وإن كان ينازَع في كون هذه المواد مشتملة على نفع فالحرام ليس بنفع، ولذا قالوا في الخمر {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [سورة البقرة:219] وماذا؟ {وَمَنَافِعُ} [سورة البقرة:219] وهذا قبل تحريمها، أما بعد تحريمها فإنها قد سُلِبَت هذه المنافع، ولا يمنع أن يكون الشيء الواحد مشتملًا على نفع وضر، لكن إذا كان الضرر راجحًا فالحكم التحريم ولو اشتمل على نفع يسير.
"فإنه لا يجوز بيعه" يعني الكلب "ولا غرم على متلفه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن ثمن الكلب" نهى عن ثمن الكلب، طيب احتاج مريض لدم، وطلب من يتبرع فما وجد من يتبرع، فقال: اللتر بمائة ريـال، يجوز أو ما يجوز؟ نهى عن ثمن الكلب، ونهى عن ثمن الدم أيضًا، لا يجوز بيعه، يعني ما يأتي من غير مشارطة ولا معاوَضة كونك إذا تبرعت مرارًا من باب التشجيع لا من باب المعاوضة تأخذ جائزة أو هدية أو إذا تبرعت أعطوك شيئًا تشربه هذا ليست معاوضة، هذا لا يدخل في البيع، المعاوَضة أن تقول: اللتر بكذا أو يكون الدافع لك هذه الجائزة هذه معاوضة فلا يجوز أن تأخذ عليه عوضًا، فإنه لا يجوز بيعه ولا غرم على متلفه؛ "لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن ثمن الكلب وقال: «من اقتنى كلبًا إلا كلب ماشية أو صيد»" في حديث أبي هريرة: «أو زرع نقص من عمله كل يوم قيراطان».
«قيراط» الرواية صحيحة، وعند مسلم: «قيراطان» القيراط جاء تفسيره في الترغيب في صلاة الجنازة واتباع الجنازة والمشاركة في دفنها، الصلاة قيراط، ثم إذا تبع حتى تدفن كان له قيراطان، جاء تفسير القيراط بما يعادل جبل أحد، فهل القيراط هنا في باب اقتناء الكلب مثل القيراط في صلاة الجنازة؟ أولاً القيراط المتعارف عليه أنه جزء من أربعة وعشرين جزءًا مماذا؟
طالب: ..........
نعم، يعني شيء يسير، لكن في باب الفضل وفي باب الترغيب جاء تفسيره بما يزن جبل أحد، أو قيراطان أدناهما مثل جبل أحد كما جاء في بعض الروايات، وفضل الله واسع، فإن كان القيراط في باب اقتناء الكلب مثل القيراط في باب الصلاة على الجنازة فالأمر جد خطير، كل يوم قيراط، قيراطين لماذا؟ من أجل أخس المخلوقات، كلب، ومع ذلك كثير من المسلمين مع الأسف الشديد يقتني الكلب، والدافع لذلك تقليد الكفار لا أكثر ولا أقل، الدافع لذلك تقليد الكفار، إلا كلب ماشية، يعني محتاج إلى هذا الكلب؛ ليحرس هذه الماشية، أو صيد يتخذه آلة يصطاد بها ما يحتاج إليه مما يأكله، «أو زرع» في حديث أبي هريرة، ويقول ابن عمر: وكان أبو هريرة صاحب زرع، وماذا نفهم من قول ابن عمر: وكان أبو هريرة صاحب زرع، هل نفهم من هذا أنه يتهم أبا هريرة؟!
طالب: ..........
نعم، هو يؤكد أن أبا هريرة ضبط هذه اللفظة؛ لأن من يحتاج إلى الشيء يحرص عليه فيضبطه ويتقنه، من يحتاج إلى حكم من الأحكام يحرص، إذا كان أبو هريرة صاحب زرع فإنه يهتم بهذه الجملة يضبطها مع أنه يضبط ما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه، هو حافظ الإسلام على الإطلاق، لكن ابن عمر أراد أن يبين أن هذه اللفظة وإن تفرد بها أبو هريرة فإنه لا استدراك؛ لأنه سوف يضبط، هو محتاج إلى هذه الجملة وضبطها وإن نسيها غيره، وإن كان بعض المفتونين يظن أن ابن عمر يتهم أبا هريرة، حاشا وكلا أن يضع أبا هريرة شيئًا وينسبه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه محتاج إليه، لا، لا يقول هذا إلا رجل مفتون، وقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي هريرة أن يحببه إلى الناس، ويحبب الناس إليه، فالذي لا يحب أبا هريرة رجل متهم في دينه، رجل يتنقص أبا هريرة ويذكر أهل العلم، ذكر شيخ الإسلام وقبله جمع من أهل العلم أن شخصًا وقع في أبي هريرة، فنزلت حية من سقف المنزل فلسعته فمات من بينهم، وأعداء الإسلام يطعنون في أبي هريرة، لماذا أبو هريرة على وجه الخصوص؟ لماذا لم يطعنوا في أبيض بن حمال من الصحابة، لماذا؟
طالب: ..........
نعم، إذا طعن في أبي هريرة طعن في الدين كله، أبيض بن حمال ما يروي إلا حديثًا واحدًا، سهل، لكن لا يريدون مثل هذا؛ لأن بدل من أن يطعنوا في أبي هريرة لا بد أن يطعنوا في ألف من الصحابة في مقابل أبي هريرة، فلا يطعن في أبي هريرة إلا مغرض عدو للإسلام والمسلمين، يريد هدم الدين، فرضي الله عن أبي هريرة وأرضاه.
اختلاف الروايات بين قيراط وقيراطين مما قاله أهل العلم أنه كان في أول الأمر قيراط، ثم إن الله سبحانه وتعالى أخبر نبيه بأنه شدد في هذا الأمر، فزاد إلى قيراطين، ومنهم من قال: لا، قيراط بالنسبة لأهل البوادي، لمن اقتناه من أهل البوادي، وقيراطان لمن اقتناه من أهل الحاضرة، لماذا؟ لأن أثره وضرره في البوادي أقل من ضرره في الحواضر، في البوادي الناس ما يخافون من الكلاب، ولا يتأثرون منها مثل تأثر أهل الحواضر، فعلى كل حال كلما ازدادت الحاجة إلى الشيء خف حكمه، وهل يدخل القياس في مثل هذا الباب؟ نقول: حراسة ماشية أهم من حراسة ماذا؟
طالب: ..........
لا، قل أطفال المسلمين يجعل عند باب مدرسة مثلاً لا يدخلها ذئاب أو يدخل شيء مفترس أو.. أهم من الماشية الكلاب البوليسية التي بواسطتها يكتشف أصحاب الجرائم، هل يقاس عليها أو لا يقاس؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، مسألة خلافية بين أهل العلم.
"ولا يجوز بيع ما ليس بمملوك لبائعه إلا بإذن مالكه أو ولاية عليه" أن يكون البائع مالكًا للسلعة أو مأذونًا له بالتصرف فيها، هذا من شروط البيع، أن يكون مالكًا للسلعة أو مأذونًا له في بيعها كالوكيل هنا قال: ولا يجوز بيع ما ليس بمملوك لبائعه إلا بإذن مالكه أو ولاية عليه. لما جئت إلى بيتك من عملك أو من المسجد وجدت شخصًا يسوم على السيارة عشرة، عشرون، ثلاثون، نصيبك، طيب هذي سيارتي مثل هذا التصرف يسمى ماذا؟ التصرف الفضولي يجوز مثل هذا التصرف أو لا يجوز؟ هذا غير مالك ولا مأذون له، متى يجوز مثل هذا التصرف؟ إذا أجازه صاحب السلعة، إذا أجازه المالك صح وإلا فلا؛ لأنه اختل شرط، تصرف فضولي يبيع سلعة، سيارة، بيتًا من غير إذن صاحبها، إن أذن صاحبها بعد ذلك صح وإلا فلا؛ لتخلف شرط من شروط البيع، وهو أن يكون البائع مالكًا للسلعة أو مأذونًا له بالتصرف فيها، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك لا تبع ما ليس عندك».
كثير من المعاملات القائمة الآن في البنوك لاسيما في مسائل الديون يعتمد على هذا، يأتي المحتاج إلى التاجر أو البنك فيقول له: أنا محتاج مبلغ مائة ألف، محتاج إلى مبلغ مائة ألف، فقال: أنا أبيع عليك سيارة بمائة وعشرة آلاف، على أن تسدد خلال سنة، أبيع عليك سيارة، هو غير مالك للسيارة، البنك لا يملك السيارة الآن إن أبرم معه العقد ووقع عليه والتزم بلوازمه قبل أن يملك البنك السيارة وقع في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا تبع ما ليس عندك»، وحينئذٍ باع سلعة لا يملكها، إن كان مجرد وعد قال له: ابحث عن سيارة وأبيعها عليك بمبلغ كذا، أشتريها بمبلغ مائة، وأبيعها عليك.. هذا مجرد وعد، فإذا ملكها التاجر بناءً على هذا الوعد فهو غير ملزِم، ملكها ملك تام مستقر ثم باعها على الطرف الآخر، والطرف الآخر بالخيار، إن شاء أمضى البيع، إن شاء أمضى ما وعد عليه أو ترك، فالبيع صحيح؛ لأن مجرد الوعد لا يترتب عليه حكم، عرفنا الفرق؟
الفرق أن زيدًا من الناس جاء إلى تاجر وقال: أنا محتاج إلى مائة ألف فقال له: أنا أبحث عن سيارة بمائة ألف وأبيعها عليك بمائة وعشرة، تسددها خلال سنة، أو مائة وعشرين تسددها خلال سنتين، وهكذا، فما يبرم معه عقدًا، مجرد وعد بينهما، فيذهب التاجر ويبحث عن سيارة قيمتها مائة، ويشتريها يملكها ملكًا تامًّا مستقرًّا بإيجاب وقبول وقبض، ولا يلزم مع ذلك أن تحوَّل الاستمارة من اسم فلان أو فلان يشتريها ويدفع قيمتها ويملكها ملكًا تامًّا مستقرًّا، ثم بعد ذلك يستدعي المحتاج للدين فيقول له: الآن السيارة جاهزة، هذه تريد أن تشتري أم ما أنت بمشترٍ؟ لا يلزمه بالوعد السابق، إن ألزمه بالوعد السابق فقد باع ما ليس عنده، إن أبرموا العقد من جديد، ووقع عليه من جديد، والتزم به من جديد بعد ملك التاجر للسيارة فالبيع صحيح صار مالكًا لها، هو مجرد وعد لا أثر له.
وهذه يحصل السؤال عنه كثيرًا جدًّا، ونقول: كون التاجر يخرج الاستمارة باسمه أو يحولها من اسم صاحبها الأول إلى اسمه ثم ينقلها هذا قدر زائد على العقد الشرعي؛ لأن العقد الشرعي إيجاب وقبول، وكثيرًا ما يسأل عن مثل هذا، لماذا؟ لأنه إذا كان في الاستمارة أسماء كثيرة تنزل قيمتها، لكن لما يشتريها التاجر من الوكالة بدون اسم ومباشرة تخرج باسم المشتري الثاني لا شك أن قيمتها تكون أرفع، أو حتى لو أراد المشتري الثاني أن يبيعها ويستفيد من قيمتها بأوراق جمرك على ما يقولون أرفع لقيمتها، والبيع الشرعي عقد إيجاب وقبول، بعت واشتريت، هذا البيع الشرعي، أما تقييده في السجلات واستخراج استمارة.. هذا قدر زائد، هذا ما فيه شك أن فيه زيادة احتياط، لكنه لا يترتب عليه صحة ولا فساد العقد، يعني مثل لو شخص عقد على امرأة، زوجتك ابنتي قال: قبلت، بحضور الشهود، هذا العقد الشرعي صارت زوجته بجميع حقوقه وحقوقها، ترتبت عليه جميع الآثار. كونه يسجل في الدفتر الأخضر، أو ما يسجل هذا قدر زائد مثل استمارة السيارة وإلا فالأصل في العقود إيجاب وقبول.
ولا يجوز بيع ما ليس بمملوك لبائعه إلا بإذن مالكه أو ولاية عليه، طيب شخص باع ما ليس عنده «لا تبع ما ليس عندك» البيع بهذه الصورة لا شك في تحريمه، لا شك في تحريمه، هل العقد صحيح أو ليس بصحيح؟ باع السيارة قبل أن يشتريها وأبرم العقد ثم اشترى السيارة عقد صحيح أو ليس بصحيح؟ ليس بصحيح، هل هو ربا أو ليس بربا؟ ليس بربا، عقد محرَّم وباطل، لكنه ليس بربا، فلنفرق بين هذا وذاك.
"ولا بيع ما لا نفع فيه كالحشرات" لا نفع فيه كالحشرات؛ لأنه من شرط البيع أن تكون العين المباحة مباحة النفع، وهذا لا نفع فيه، الحشرات لا نفع فيها، لكن لو قُدِّر أنه حشرات فيها نفع هو ما فيه شك أنه يدخل في بعض العقاقير الطبية، يركب من بعض السموم، لكن هم يقولون بخلاف ما فيه نفع كعلق لمص دم فاسد، تأتي بعلق نوع من الحشرات تمصه هذا فيه نفع. المقصود أنه إذا لم يكن هناك نفع، فشراء مثل هذه العين إضاعة للمال، وقد جاء النهي عن إضاعة المال، هذا بالنسبة للمشتري ظاهر أضاع المال، البائع كيف نقول: لا يبيع وهو ما أضاع مالًا، جنى مالًا، تعاون؛ لأن القاعدة أن ما حرم أخذه حرم دفعه، والعكس، بعض الناس يشتري من غزا بلاد المسلمين من الأمور التي لا نفع فيها، هناك حدائق يسمونها أحياء جميلة وكثير منها قبيح تباع بأقيام مرتفعة أنواع من الحشرات ومن الحيوانات ومن.. لا نفع فيها بالكلية ألبتة، السنور يباع ما أدري بألوف، الهر، القط!!
طالب: ..........
تباع أشياء محنطة لا قيمة لها، تباع أمور كل هذا من إضاعة المال، تشتري منهم القط وتشترط عليهم أن يتولوا تنظيفه، تجيء به كل أسبوع أو كل عشرة أيام يغسل ويمسح وما أدري بكم بعد بتسعيره عندهم.
طالب: ..........
كيف؟
طالب: ..........
شيء.. ضياع ضياع ما هو فراغ فقط ضياع.. تصل إذا مسحوا السيارة أعطوك كرتون مناديل وأعطوك.. ما هذا الكلام الفاضي هذا؟! صحيح يعني والله خواء خواء عند كثير من المسلمين، يعني اهتمام، يعني ترى ناسًا كبارًا كأنهم أطفال، يعني شيء ما يخطر على البال، كان الناس إلى أجل قريب .. شخص يشتغل من طلوع الشمس إلى غروبها بأكله بدون مقابل إلا أن يأكل فقط، والآن تشترى هذه الأمور بألوف، هذا إضاعة المال، وقد نهى عن إضاعة المال.
"ولا بيع ما لا نفع فيه كالحشرات ولا ما نفعه محرم كالخمر والميتة" هذا إذا قلنا: إن فيها نفعًا، ولا يمنع أن يكون هناك أشياء مشتملة على نفع يسير وضرر كبير، وحينئذٍ تكون في حيز المحرم، من قسم المحرم، وإن كان فيها شيء من النفع اليسير فالعبرة بالغالب كالخمر والميتة؛ لأن الله سبحانه وتعالى إذا حرّم شيئًا حرم ثمنه، وقد نهى عن بيع الخمر والميتة والأصنام في حديث جابر- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام»، والحديث في الصحيحين، ما ودنا أن نستطرد يا إخوان وإلا فهناك أمور كانت مباحة ثم حُرمت كالحمر الأهلية، والله سبحانه وتعالى يقول عن نبيه -عليه الصلاة والسلام-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [سورة الأعراف:157] ماذا عن الحمر الأهلية؟ هل هي طيبة أو خبيثة؟
جاء في الحديث أنها ركس ورجس، فهي خبيثة، فهل نقول: إنها لما كانت حلالًا كانت طيبة ثم انقلبت إلى خبيثة بعد أن حُرِّمَت، أو نقول عينها ما تغيرت، والمسلم يجب أن يدور مع النصوص حيثما دارت، إن أباحت أباح، وإن حرمت حرم، بغض النظر عن كونها طيبة أو خبيثة؟ مسألة يطول بحثها.
"ولا بيع معدوم".
طالب: ..........
نعم هي مباحة من غير حاجة مثل السيارة هي مباحة النفع مطلقًا، منفعتها مباحة مطلقًا، ما هي مثل الكلب.
"ولا بيع معدوم كالذي تحمل أمته كالذي تحمل أمته أو شجرته" لماذا؟ لأنه هل نقول: لأنه معدوم؟ كالذي تحمل فهو معدوم ومجهول وغير مقدور على تسليمه، ففيه أكثر من علة كالذي تحمل يعني ما حملت بعد إلى الآن، لم تحمل بعد كالذي تحمل أمته أو شجرته فهو معدوم ومجهول وغير مقدور على تسليمه، لكن بيع الحمل، الحمل معدوم أم موجود؟ موجود، لكنه مجهول وغير مقدور عليه، ولذا جاء النهي عن بيع حبل الحبلة.
"أو مجهول كالحمل" أو مجهول كالحمل؛ لأنه لا يدرى أذكر أم أنثى، واحد أو اثنان، ماذا عن أوصافه؟ هل هو سوي أو غير سوي، تام الخلقة أو غير تام الخلقة؟ المقصود أنه مجهول، فلا يجوز بيعه؛ لأنه لا بد أن يكون المبيع معلومًا، لا بد أن يكون المبيع معلومًا برؤية أو صفة منضبطة.
طالب: ..........
نعم؛ لأنه يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالاً، الحمل بمفرده لا يجوز بيعه، لكن شاة حامل أو بقرة حاملة أو ناقة حاملة لا بأس أو جارية حامل؛ لأن الحمل تبع، وحينئذٍ يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالاً، ومثله نخلة فيها ثمر لم يبد صلاحه، الثمر الذي لم يبد صلاحه لا يجوز بيعه بمفرده، لكن إذا بيعت النخلة وبيع تبعًا لها يجوز؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً، وعرفنا أنه لا بد أن يكون المبيع معلومًا برؤية مقارِنة للبيع مقارنة للبيع أو متقدمة على البيع بمدة لا تتغير فيه، يعني أنت رأيت لك سلعة سيارة عند زيد من الناس قبل خمس سنوات، ثم رأيتها بعد خمس سنوات، قال: أريد أن أبيع عليك السيارة التي رأيتها قبل خمس سنوات، تغيرت الصفة أم ما تغيرت؟
تغيرت، المدة خمس سنوات كفيلة بتغيير السلعة، يعني ليس على الرؤية السابقة، لا بد أن تراها اليوم، لكن لو سيارة رأيتها أمس أو قبل أمس ما يضر؛ لأن هذا الزمن اليسير لا أثر له في تغيير السلعة، أما المدة التي لها أثر في التغير فلا تكفي، فلا بد أن تكون السلعة معلومة برؤية أو صفة منضبطة على أن المشتري له الخيار إذا تغيرت الصفة.
ومن أقسام الخيار خيار الخلف في الصفة، خيار الخلف في الصفة، إذا قال: عندي لك سيارة نوعها كذا، موديلها كذا، لونها كذا، صفتها كذا، وكذا محركاتها،ك ثم بعد ذلك إذا جاء دفعت قيمتها قلت له: بكم؟ قال: بعشرين ألفًا قلت: لا، بثمانية عشر.. إلى آخره، واتفقتم، ودفعت، جاء بها فإذا هي متغيرة، ما هي بنفس الوصف، فللمشتري خيار الخلف في الصفة.
"والغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رؤيته" لم يوصف بوصف منضبط ولم تتقدم رؤيته بزمن يسير لا تتغير لا يجوز بيعه حينئذه.
"ولا معجوز عن تسليمه" أن تكون العين المبيعة مقدورًا على تسليمها، فلا يجوز بيع ما لا يقدر على تسليمه "كالعبد الآبق" عبد هرب من سيده أو مال ضائع يوم أصبحت تشغل السيارة للدوام فلم تجد السيارة، مسروقة، وتساوى مائة ألف، جاء واحد من الجيران فقال: أعطيك خمسين إن جاءت؟ يصح هذا البيع والا ما يصح؟ لا يصح؛ لأنه غير مقدور على تسليمه فلا يجوز. ولا يصح بيع المعجوز عن تسليمه "كالعبد الآبق والشارد والطير في الهواء" تشتري هذا الطير، طير في الهواء يجوز بيعه أم ما يجوز؟ لا يجوز بيعه؛ لأنه غير مقدور على تسليمه، طائر في الهواء خارج المسجد، لكن طائر في الهواء في المسجد يجوز بيعه أم ما يجوز؟
طالب: ..........
يجوز بيعه أم ما يجوز؟
طالب: ..........
لماذا؟ مقدور على تسليمه؟
طالب: ..........
نعم، لكن ما فيه مراوح هنا وإلا كنا نقول على خطر عظيم، على كل حال لا يثبت البيع إلا بعد الرجوع، لكن لو مثلاً افترضنا طائرًا في هذا يطير قلنا: انظر أي لون تشتري، ثم بعد ذلك تعرض لمروحة وضربته المروحة، وسقط كسيرًا أو ميتًا فمن ضمان مَن؟ من ضمان البائع أم المشتري؟
من ضمان البائع؛ لأنه قبل القبض، يعني فرق بين أن يكون الطائر في هواء ممكن ضبطه أو هواء لا يمكن ضبطه. "وسمك في ماء" في بحر لا يمكن ضبطه، وسمك في ماء يمكن ضبطه، يختلف هذا عن هذا، وليس قولهم: الطير في الهواء على إطلاقه، ولا السمك في الماء على إطلاقه.
"ولا بيع المغصوب إلا لغاصبه" بيع المغصوب إلا لغاصبه، جاء واحد وأخذ منك كتابك يقول: هذا لي، لا يجوز أن تبيعه على غيره؛ لأنه غير مقدور على تسليمه، لكن لو جاءه غاصب وقال: أنا أشتريه منك بمبلغ كذا؛ لأنه في حكم المقدور على تسليمه هو مسلَّم؛ لأن المشتري استلمه وانتهى "إلا لغاصبه أو من يقدر على أخذه منه" أبو الغاصب مثلاً يقدر على أخذه، السلطان يقدر على أخذه منه، المقصود أن من يقدر على أخذه منه يجوز له أن يبيعه عليه.
"ولا بيع غير معيَّن كعبد من عبيده أو شاة من قطيع إلا فيما تتساوى أجزاؤه كقفيز من صبرة".
"ولا بيع غير معيَّن كعبد من عبيده" عنده مائة من العبيد قال: أبيع عليك واحدًا منهم بألف، هم متفاوتون، فيهم من يساوي ألفين وثلاثة، وفيهم من لا يستحق إلا مائة ومائتين، أنا أبيع عليك بألف عبدًا، حظك نصيبك الذي يطلع أولاً من العبيد أبيعه عليك بألف، لماذا لا يجوز بيع مثل هذا؟
طالب: ..........
نعم، الغرر والجهالة، احتمال أن يخرج العبد الذي يستحق ثلاثة أضعاف، واحتمال أن يخرج العبد الذي لا يستحق إلا ثلث القيمة، فلا يجوز بيع عبد من عبيده من غير "تعيين، أو شاة من قطيع" عنده قطيع من الغنم، أنا أبيع عليك شاة من هذه الشياة بخمسمائة، لا يجوز إلا أن يقول: هذه الشاة إلا إذا كانت الشياة متساوية لا مزية لبعضها على بعض، وكذلك العبيد إذا كانت أوصافهم واحدة وأقيامهم واحدة فإنه لا بأس بذلك، ويندر أن يوجَد في مثل العبيد أو مثل الحيوانات ما تتطابق أوصافه، نعم في المصنوعات يمكن في المصنوعات، يمكن في أجناس الحبوب وأجناس التمور.. يمكن، ولذا قال: لو أبيعك قفيزًا من هذه الصبرة ما يفرق سواء أخذ من أعلاها، أو من أسفلها، من يمين، من شمال، ما تفرق، مائة صاع، أو كيس من هذه الأكياس هذا تتساوى أجزاؤه فلا غرر ولا جهالة حينئذٍ.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.