شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (01)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
قال الإمام الخرقي -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الصلاة
باب: المواقيت
وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر، وإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، فإذا زاد شيئاً وجبت العصر.
مثله.
أحسن الله إليك.
وإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، فإذا زاد شيئاً وجبت العصر، فإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار، ومن أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها مع الضرورة.
ما عندك وهذا مع الضرورة؟
لا، فقد أدركها مع الضرورة.
يقول: وهذا مع الضرورة، في بعض النسخ دون بعض، نعم.
أحسن الله إليك.
فقد أدركها وهذا مع الضرورة، وإذا غابت الشمس وجبت المغرب، ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق، فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر وفي الحضر البياض؛ لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران، فيظن أنها قد غابت، فإذا غاب البياض فقد تُيقن ووجبت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل، فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار، ووقت الضرورة مبقى إلى أن يطلق الفجر الثاني، وهو البياض الذي يرى من قبل المشرق، فينتشر ولا ظلمة بعده، فإذا طلع الفجر الثاني وجبت صلاة الصبح، والوقت مبقى إلى ما قبل أن تطلع الشمس، ومن أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها، وهذا مع الضرورة، والصلاة في.
بدون "وهذا" في هذا الموضع بدون "وهذا".
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
أي شرح؟
طالب:.......
بتحقيق؟
طالب:.......
نعم.
والصلاة في أول الوقت أفضل إلا عشاء الآخرة، وفي شدة الحر الظهر، وإذا تطهرت الحائض وأسلم الكافر وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر فالعصر، وإن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر صلوا المغرب وعشاء الآخرة، والمغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه، والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الصلاة
الكتاب مر تعريفه في كتاب الطهارة، والصلاة في اللغة الدعاء {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] يعني يدعو لهم ((إذا دعا أحدَكم أخوه فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل)) أي: فليدعو ثم ينصرف، وإن حمله بعضهم على الصلاة الشرعية، قال: يصلي ركعتين وينصرف، لكن الأكثر على أنها الصلاة اللغوية، ولا شك أن الصلاة الشرعية متضمنة للصلاة اللغوية التي هي الدعاء، والحقائق الشرعية لا تلغي الحقيقة اللغوية، كما قرر شيخ الإسلام -رحمه الله- في كتاب الإيمان، إنما تبقي على الحقيقة اللغوية، وتزيد عليها.
وأما بالنسبة للصلاة في الاصطلاح فإنها هي الأقوال والأفعال المعروفة المفتتحة بالتكبير تكبيرة الإحرام، والمختتمة بالتسليم.
ومثل هذه الألفاظ الشرعية تعريفها وحدها حادث، لا تجد سلف هذه الأمة يعرفون الصلاة، ولا يعرفون الأذان، ولا يعرفون الزكاة، ولا يعرفون الحقائق المعروفة عند الناس كلها، لكنها من باب تتميم الترتيب، ترتيب التأليف عند أهل العلم تجدهم يمشون على هذه الأمور، فيبدؤون بالتعريف، وإلا ما تجد في كتب الأئمة تعاريف وحدود إلا ما يخفى على المتعلمين، نعم؟
طالب:.......
يعني بعد الاصطلاحات الحادثة، وخشية أن يخفى على الطلاب بعض الحقائق الشرعية لا مانع من التأليف لأنه ما يضر؛ لأنه تصوير للأمر عند الطالب، يعني بعد تطاول الزمان حصل لطلاب العلم ما يجعلهم يخفى عليهم بعض الحقائق، وأيضاً تعريف الصلاة مثلاً بالتعريف الاصطلاحي الشرعي المعروف لا شك أنه يرد عليك في النصوص ما يحتاج إلى مثل هذا التعريف؛ لئلا تقف حائراً أمام بعض النصوص، إذا قلنا: الصلاة المعروفة المفتتحة بالتسليم ذات الركوع والسجود وكذا... إلى آخره، وجاءنا حديث أبي هريرة أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة في الصلاة ما تقول؟ ما يراد بالصلاة؟
طالب:.......
والنافلة ما تحتاج دعاء استفتاح؟ طيب ما الذي يخرج هذا؟
طالب:.......
نعم؟ كيف؟
طالب:.......
لا لا، في الصلاة، هل نقول: إن الدعاء يحتاج إلى دعاء استفتاح لأنه صلاة؟ هل نقول: إن صلاة الجنازة تحتاج إلى استفتاح لأنها صلاة؟ نعم؟ إذاً ما الذي يحدد لنا الصلاة المرادة في مثل هذا الحديث؟ الاصطلاح، نعم، طيب.
باب: المواقيت
المواقيت: جمع ميقات، والمواقيت معروف أنها تطلق على الشيء المحدد زماناً كان أو مكاناً، والمراد به هنا الزمان، والمراد مواقيت الصلاة لا مواقيت الزكاة، ولا مواقيت الصيام، ولا مواقيت الحج، إنما هي مواقيت الصلاة؛ لأنها ترجمة فرعية تحت ترجمة أصلية كبرى تندرج فيها، كما سيأتي في مواقيت الحج، معروف أنه لا يحتاج أن يقال: مواقيت الحج، يقال: باب المواقيت، والكتاب كتاب الحج، مثل هذا لا يحتاج إلى تنصيص.
قال -رحمه الله-: "وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر" بدأ بصلاة الظهر لأنها هي الصلاة الأولى، واستحقت هذا الوصف لأن جبريل لما نزل يؤم النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعلمه المواقيت بدأ بها، فهي الأولى.
"إذا زالت الشمس" يعني مالت عن كبد السماء، وهو الدلوك الذي جاء في سورة الإسراء {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] نعم، هو الدلوك، سمي الزوال دلوكاً كما قال الزمخشري في الأساس لماذا؟ نعم؟
طالب:.......
نعم؛ لأن الرائي أو الناظر إلى الشمس في هذا الوقت تؤلمه عينه فيحتاج إلى دلكها.
"إذا زالت الشمس" مالت إلى جهة المغرب "وجبت صلاة الظهر" ما معنى وجبت؟ حلت، يعني حان وقتها، صلاة الظهر وقتها يبدأ من الزوال إلى مصير ظل الشيء مثله، فإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، وهذا يدل عليه حديث إمامة جبريل، ويدل عليه أيضاً حديث عبد الله بن عمرو في الصحيح ((وقت الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ما لم يحضر وقت العصر)) ((ما لم يحضر وقت العصر)) ونحتاج إلى هذه الجملة.
"فإذا زاد شيئاً وجبت العصر" زاد شيء يعني بعد مصير ظل الشيء مثله تجب صلاة العصر، يحين وقت صلاة العصر.
قوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أنه لا اشتراك بين الوقتين، لا اشتراك بين الصلاتين في وقت واحد، وإن كان يفهم من حديث إمامة جبريل أن هناك وقتاً يصلح لصلاة الظهر أداءً ويصلح لصلاة العصر أداءً؛ لأنه أمه في اليوم الثاني في صلاة الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وأمه في اليوم الأول لصلاة العصر حينما صار ظل كل شيء مثله، فكأنه أمه في اليوم الثاني في صلاة الظهر في الوقت الذي صلى به صلاة العصر بالأمس، فدل على الاشتراك، وبهذا قال بعض أهل العلم أن هناك وقتاً مشتركاً بين الظهر والعصر يصلح لأداء أربع ركعات، يصلح أن تكون ظهرا وأن تكون عصرا في وقت واحد.
وقوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أنه لا اشتراك بين الوقتين، ويراد بقوله: "صلى الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وصلى العصر حينما صار ظل كل شيء مثله" أنه فرغ من صلاة الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وشرع في صلاة العصر حينما صار ظل كل شيء مثله.
يعني لو افترضنا أن هذا الوقت هو مصير ظل كل شيء مثله، هذا هو، فيكون فرغ هنا من صلاة الظهر، وشرع هنا في صلاة العصر، يعني بدون فاصل، وبدون اشتراك، والدليل على هذا قوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أنه لا اشتراك، وهذا نص مفسر وذاك محتمل، وعلى كل حال القول بعدم الاشتراك هو قول جمهور أهل العلم وهو الراجح، وأن لكل صلاة وقت يخصها، لا تشترك معها غيرها من الصلوات، ما لم يكن ثم عذر، على ما سيأتي.
"فإذا زاد شيئاً وجبت العصر" القول بأن آخر وقت صلاة الظهر هو مصير ظل كل شيء مثله هذا قول الجمهور، قول الأئمة الثلاثة، وعند الحنفية أنه يستمر وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل الشيء مثليه، ثم يتلوه وقت صلاة العصر إلى الغروب، ومن الحنفية من يقول: إن وقت صلاة الظهر ينتهي عند مصير ظل كل شيء مثله، ووقت العصر يبدأ من مصير ظل كل شيء مثليه، وما بينهما بين المثل والمثلين وقت لا يصلح للظهر ولا للعصر كالضحى مثلاً، الحنفية يرون أن وقت صلاة العصر لا يبدأ من مصير ظل كل شيء مثله، وإنما يبدأ من مصير ظل كل شيء مثليه إلى الغروب.
الجمهور لهم أدلة منها: حديث إمامة جبريل وهو مخرج في السنن، حديث عبد الله بن عمرو أيضاً في الصحيح، كلها تدل على أنه بنهاية وقت صلاة الظهر يبدأ وقت صلاة العصر من غير فاصل، وأن وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله.
الحنفية يقولون: من مثليه، ويتمسكون بالحديث الصحيح: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمن استأجر أجيراً من أول النهار إلى الزوال بدينار، ثم قال: من يعمل لي إلى وقت العصر بدينار، ثم قال: من يعمل لي إلى الغروب بدينارين، فعملت اليهود إلى الزوال، وعملت النصارى إلى وقت العصر، وعملتم إلى غروب الشمس بدينارين، فاحتجت اليهود والنصارى فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) احتجاج اليهود ليس فيه إشكال؛ لأن الوقت من طلوع الشمس أو من أول النهار إلى الزوال طويل جداً، يعني نصف النهار، أما احتجاج النصارى وأنهم أكثر عملاً وأقل أجراً عند الحنفية لا يتم إلا إذا قلنا: إن وقت الظهر يستمر إلى مصير ظل الشيء مثليه.
وهل هذا الحديث بدلالته التبعية لا الأصلية يقضى به على نصوص صحيحة مفسرة صريحة في الموضوع؟! نعم؟ هذا أولاً؛ لأن الدلالة التبعية مختلف في الاحتجاج بها، يعني الحديث سيق لبيان المواقيت؟ حديث: ((إنما مثلكم)) سيق لبيان المواقيت؟ لا، إنما سيق لبيان فضل هذه الأمة، إلغاء الدلالة التبعية مطلقاً هذا ليس بصحيح، يعني رجحه الشاطبي في الموافقات، لكن ليس بصحيح؛ لأن الشارع حينما يطلق لفظاً لا يخفى عليه ما يترتب على هذا اللفظ من لوازم، ليس مثل المخلوق حينما يطلق لفظاً يغفل عما يلزم على هذا اللفظ، ولذا عند أهل العلم لازم المذهب ليس بمذهب، والدليل الواحد يستنبط منه أهل العلم مسائل كثيرة، لكن في حالة ما إذا عورض بما هو أصرح منه، يقدم الأصرح بلا شك.
الأمر الثاني: أن وقت صلاة الظهر أطول في كل زمان وفي كل مكان من وقت صلاة العصر حتى على القول أنه ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله، والتقويم شاهد على هذا، الآن لو حسبنا الزوال متى؟ الساعة الثانية عشرة وخمس، نعم؟ كم؟
طالب:.......
ثلاث دقائق، العصر؟ ثلاث وثمان وعشرين، المغرب؟
طالب:.......
الآن عندنا وقت الظهر ثلاث ساعات وخمسة وعشرين دقيقة، ووقت العصر كم؟ ساعتين وستة وثلاثين دقيقة أيهما أكثر؟ حتى على مصير ظل كل شيء مثله، يعني على سبيل التنزل أولاً: هي مسألة دلالة تبعية ليست دلالة أصلية، الأمر الثاني: أنه حتى على القول قول الجمهور بأن وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله هو أطول، نعم؟
طالب:.......
لا، هو الجواب الثاني قال بعض أهل العلم: إن الجواب جواب الطائفتين معاً، يعني من طلوع احتجت اليهود والنصارى، كلهم احتجوا بالوقتين بالأجرين على الوقت الواحد بالدينارين، هذا قيل به، لكن حتى على سبيل الانفراد ليس فيه إشكال يعني.
"فإذا زاد شيئاً" يعني عن مصير ظل الشيء مثله مع ظل الزوال "وجبت العصر، فإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار".
في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم تصفر الشمس)) هذا وقت الاختيار، وأما وقت الاضطرار ووقت أداء إنما ينتهي بغروب الشمس، بدليل: ((من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) يعني أداءً، فلا ينتهي وقت العصر وقت أداء العصر إلا بغروب الشمس، وفي الحديث ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من أخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى، وإن كان هذا عمومه مخصوص على ما سيأتي.
يقول: "ومن أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها" وهذا وقت ضرورة لكنه أداء، ومع ذلك عليه أن يضيف ثلاث ركعات، أدركها كاملة بركعة، كما جاء في البيهقي وغيره: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها أخرى، ومن أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى)) وهنا يضيف إليها ثلاث ركعات، وهل تكون الصلاة أداء أو قضاء؟ لأن الغالب حصل بعد أن خرج الوقت، أو ما في الوقت أداء، وما بعده قضاء؟ أقوال لأهل العلم، لكن المرجح أنها أداء كاملة، أداء لمفهوم الإدراك؛ لأنه يقول: أدرك العصر، وليس له إلا هذا المعنى.
طالب:.......
كيف الاستفتاح؟
طالب: يعني ابتداء الصلاة...
نراجعه الآن.
"من أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها وهذا مع الضرورة" في الحديث الصحيح المخرج في مسلم وغيره: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) وفي رواية: ((سجدة)) ((من أدرك سجدة)) وهي أيضاً في الصحيح في مسلم، وقال: والسجدة إنما هي الركعة، فهل يشترط إدراك ركعة كاملة بسجدتيها لنقول: إنه أدرك الوقت؟ أو يدرك الوقت بإدراك أي جزء؟ وهناك إدراكات: منها ما تدرك به الركعة، ومنها ما تدرك به تكبيرة الإحرام، ومنها ما يدرك به الوقت، ومنها ما تدرك به الجمعة إلى غير ذلك، إدراكات كثيرة، لكن الذي يهمنا ما الذي يدرك به الوقت؟ منها ما تدرك به الجماعة، هل يحتاج إلى ركعة كاملة، أو أي جزء من الصلاة؟ المذهب على ما سيأتي عند الحنابلة أن من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس، فدل على أن الركعة تدرك بأدنى جزء منها ولو بتكبيرة الإحرام، فهل يقولون به في مثل هذا؟ نعم الأكثر على أنه تدرك الصلاة بإدراك أي جزء منها، ورواية: ((من أدرك سجدة)) قد يستدل بها لهذا؛ لأنه مرة قال: ((ركعة)) ومرة قال: ((سجدة)) فالمراد أي جزء من الصلاة، لكنه عند التأمل سجدة لا تخالف الركعة، بل نقول: إن من أدرك سجدة فقد أدرك الركعة قطعاً؛ لأن السجود إنما يقع بعد الركوع، والركوع كما يطلق على السجود، السجود أيضاً يطلق على الركوع {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] ما المراد؟ رُكَّعاً، نعم، نعم؟
طالب:.......
لا، هذه غير {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] لا يدخل مع الباب ساجدا؟ {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص:24] العكس، المراد به ساجداً، فيطلق هذا على هذا وهذا على هذا، فالمراد أنها –كما قال أكثر أهل العلم- المراد بإدراك جزء منها.
طالب:.......
ماذا يقول؟
طالب:.......
الصحابي راوي الحديث والسجدة إنما هي الركعة، وذكر كلام الصحابي؟
طالب:.......
إيه، هم أعرف بالحقائق، وفي الحقائق الشرعية أيضاً وردت الركعة ويراد بها السجدة والعكس {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] يعني ممكن أن يدخل شخص وهو ساجد؟ ما يمكن، مستحيل، لكن يدخل راكعا {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص:24] نعم حينما نقتدي به نركع فقط أو نسجد؟ نعم المراد سجد، فيطلق هذا على هذا وهذا على ذاك في حقائق شرعية بنصوص شرعية، نعم؟
طالب:.......
يعني لا بد أن يركع، ما تطلق ركعة أبداً إلا إذا كانت بسجدتيها وإلا ما تسمى ركعة.
يقول: "فإذا غابت الشمس فقد وجبت المغرب" يعني وجبت صلاة المغرب، دخل وقتها "ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق" لأن جبريل أم النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليومين بعدما وجبت الشمس، وبعدما غابت الشمس، سقطت، بعدما غابت صلى به في اليوم الأول وفي اليوم الثاني، ولذا يذهب الشافعية إلى أنها ليس لها إلا وقت واحد يتسع لأدائها، لأداء ثلاث ركعات، ويتسع أيضاً للوضوء والاشتغال بشرطها كستر العورة ونحوه، يعني مدة ربع ساعة وقت المغرب، ثم يخرج، والجمهور على أن لها وقتين كغيرها من الصلوات؛ لأنه في حديث عبد الله بن عمرو وهو في الصحيح: ((فإذا غابت الشمس دخل وقت صلاة المغرب إلى أن يغيب الشفق)) فدل على أن الوقت يمتد لمدة ساعة وثلث أحياناً، وقد يصل إلى ساعة ونصف في بعض الأوقات، إلى أن يغيب الشفق، وصلاة العصر التي تقدمت على صلاة المغرب هي الصلاة الوسطى في قول أكثر العلماء، وعليها الأدلة الصحيحة الصريحة: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) والحديث صحيح، ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) وأما الاستدلال لغيرها من الصلوات الباقية فهو كله إنما هو مجرد استنباط، وليس فيه شيء مرفوع، منهم من قال: الوسطى المغرب لأن قبلها صلاتين: الأولى الظهر، والثانية العصر، وبعدها صلاتين، وهي أيضاً وسطى بالنسبة لعدد الركعات ثلاث ليست باثنتين ولا أربع، ومنهم من يقول: إن الصلاة الوسطى هي الصبح، ومنهم من يقول: الظهر، ومنهم من يقول: العشاء، ولكل قول مأخذ، لكن الصواب من هذه الأقوال أنها العصر.
"ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق" نعم الوقت يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر، ولا يستحب تأخيرها إليه؛ لأن جبريل أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليومين في وقت واحد، فدل على استحباب تقديمها في أول وقتها إلى أن يغيب الشفق.
"فإذا غاب الشفق وهو الحمرة" الشفق يطلق ويراد به الحمرة، وجاء هذا عن عبد الله بن عمر، وهو عربي قح، والحنفية يرون أنه البياض الذي يعقب الحمرة، والجمهور على أن الشفق هو الأحمر، والمؤلف جاء بكلام فيه شيء من التفصيل.
يقول: "فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر، وفي الحضر البياض" الآن الاحتياط في هذا التفصيل من المؤلف هل هو احتياط لصلاة المغرب أو لصلاة العشاء؟ لصلاة العشاء؛ لأنه لا يمكن الاحتياط للصلاتين معاً إلا إذا قلنا: إن صلاة المغرب تنتهي بمغيب الشفق الأحمر، وصلاة العشاء بالنسبة لصلاة العشاء الشفق الأبيض.
المقصود أنه يقول:
"فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر، وفي الحضر البياض" ثم بين ذلك بقوله: "لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران" يعني ما يغيب الشفق الأحمر، لكن إذا نزلت الحمرة، واختفت وراء الجدران سارع الناس إلى صلاة العشاء، فصلوها قبل دخول وقتها، فلا بد من البياض، إذا خرج البياض جزمنا بأن الأحمر انتهى، فتواريها الجدران، "فيظن أنها قد غابت" يعني الحمرة "فإذا غاب البياض فقد تيقن" مغيب الأحمر من باب أولى؛ لأنه قبله "فقد تيقن، ووجبت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل" نعم؟
طالب:.......
هو بياض يلي الشفق الأحمر، يعني قبل أن يسود الليل، قبل أن يأتي الظلام، نعم؟
طالب:.......
ويش فيه؟
طالب:.......
إلى أن تصفر الشمس؟
طالب:.......
هذا على ما جاء في النصوص يأثم، لكنها أداء، أداء نعم إلى أن تغرب الشمس.
فإذا غاب الشفق وجبت صلاة العشاء إلى ثلث الليل، في حديث إمامة جبريل وهو مخرج في السنن، صلى بالنبي -عليه الصلاة والسلام-اليوم الأول حينما غاب الشفق، وفي اليوم الثاني في ثلث الليل، فالمذهب على أن وقت الاختيار ينتهي بثلث الليل، وفي المذهب أيضاً رواية إلى النصف، وهو الذي يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو صراحة: ((ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط)) وهذا في الصحيح، كيف نصف الليل الأوسط؟ الاثنين فيهم أوسط، الثلاثة فيها أوسط، الخمسة فيها أوسط، السبعة فيها أوسط، لكن الاثنين فيها أوسط؟ الأربعة فيها أوسط؟ يقول: ((إلى نصف الليل الأوسط)) نعم؟
طالب:.......
يعني صارت ثلاثة أنصاف، ثلاثة أنصاف يجي؟ يجي ثلاثة أنصاف؟
طالب:.......
لا لا، نصف الليل الأوسط الذي تكون نهايته وسط الليل.
"فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار، ووقت الضرورة إلى أن يطلق الفجر الثاني" يعني على المذهب وقت الاختيار إلى ثلث الليل، ثم بعد ذلك يبقى وقت الضرورة وهو وقت أداء إلى أن يطلع الفجر الثاني، وعلى حديث عبد الله بن عمرو إلى نصف الليل الأوسط ينتهي الوقت، ويكون ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر فعلها فيه قضاء مثل الضحى، وقت لا يصلح لأي صلاة أداء، وعلى كلام المؤلف -رحمه الله- أنه يستمر الوقت، وتكون أداءً إلى أن يطلع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو، ماذا عندك؟
طالب:.......
أو يبدو من قبل المشرق لا إشكال، نعم.
على كلامه لو أخر الصلاة إلى آخر الليل، لم يبق على طلوع الفجر إلا ربع ساعة، وقام وصلى العشاء، يكون قضاء أو أداء؟ على كلامه أداء، لكن على حديث عبد الله بن عمرو قضاء.
يدل لما ذهب إليه المؤلف حديث: ((ليس في النوم تفريط، إنما التفريط من يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى)) عموم هذا يدل لقوله لكنه مخصوص، نعم دخله تخصيص، فيما بين طلوع الشمس إلى زوالها، هذا لا يمكن أن يقول أحد: إن صلاة الصبح تمتد إلى زوال الشمس، وما دام دخله التخصيص ضعفت دلالته على جميع الأوقات، فيبقى النص المفسر وهو حديث عبد الله بن عمرو أصح ما في الباب.
"إلى أن يطلع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق" يظهر من قبل المشرق "فينتشر" يميناً وشمالاً، بخلاف البياض الذي يسبقه وهو المعترض طولاً كذنب السرحان، هذا الفجر الكاذب، والذي ينتشر ينفجر في السماء هذا هو الفجر الصادق، ويحصل خلط واضطراب في معرفته ترتب عليه كلام طويل، وتشويش وتشكيك في دخول وقت صلاة الصبح، وتعاش آثاره في الأيام الأخيرة مما جعل بعض طلاب العلم يوجد في هذه المسألة إشكالاً واضطرابًا، وبعضهم يتخذ تقويماً لنفسه، وبعضهم لا يصلي مع المساجد التي تبادر بصلاة الصبح فيتأخر، وبعضهم يجعلها نافلة يصلي مع الناس، ثم يعيدها إلى كلام فيه اضطراب، وسببه الاختلاف في تحديد الصبح، وتحديد الفجر، ولعلنا نقف عليه، بعض الإخوان لعله يُحضِّر في المسألة ما يتيسر له من بحث يبين فيه حقيقة الأمر.
تشوف يا شيخ..... تشوف لنا المسألة؟
طالب:.......
نعم جزاكم الله خيراً؛ لأن المسألة لغوية مع كونها شرعية هي لغوية.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...
فأشكل علي هل هذا الضعيف هو المقرر في كتب المصطلح، فيكون إطلاق الضعيف عند أحمد باصطلاح خاص للإمام على خلاف ما قعده المتأخرون، ولا مشاحة في الاصطلاح، ويؤيد هذا وجود أحاديث ضعيفة في المسند، واحتجاج الإمام أحمد بالضعيف؟
أولاً: شيخ الإسلام -رحمه الله- هو الذي قرر أن مراد الإمام أحمد بقوله: إنه يحتج بالضعيف في فضائل الأعمال، بخلاف الأحكام، شيخ الإسلام ما يرى الاحتجاج بالضعيف في الفضائل كالأحكام، وكذلك ابن القيم، فأرادوا أن يوجهوا كلام الإمام -رحمه الله- بما يناسب ما اختاروه، فقال شيخ الإسلام: إن مراد الإمام أحمد بالضعيف هو ما اصطلح عليه المتأخرون بكونه حسنا، وذكرنا أن لنا على هذا الكلام ملحظين؛ لأن شيخ الإسلام يقول: إن الحسن لا يعرف قبل الترمذي، وهو معروف قبل الترمذي، ومعروف في اصطلاح الإمام أحمد، وأيضاً في طبقة شيوخ الإمام أحمد معروف، يعني قبل الإمام أحمد، وهو في عصر الإمام أحمد، نعم الترمذي أول من شهره، وأكثر من ذكره، وأما كونه معروفا فهو معروف.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
مسألة الحسن إطلاقه عند المتقدمين والمتأخرين فيه إشكال كبير جداً، حتى قال الحافظ الذهبي: إنه لا مطمع في تمييزه لا عند المتقدمين ولا عند المتأخرين، الحسن، فيه وعورة، وفيه صعوبة، يعني تطبيقه على الواقع من خلال تنظير الأئمة فيه صعوبة شديدة، والسبب أنه في مرتبة متأرجحة بين الأمرين، فالناظر قد يستروح إلى أنه يقرب من الصحيح، أو يقرب من الضعيف فهذا فيه مسافة بعيدة، المقصود أن قول شيخ الإسلام في توجيه كلام الإمام أحمد في كونه لا يعرف قبل الترمذي هو معروف قبل الترمذي، وكونه -رحمه الله- يريد بالضعيف الحسن في اصطلاح الترمذي ومن جاء بعده، نقول: هذا كلام ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه يترتب عليه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، إذا قلنا: إن الحسن هو الضعيف، وقال: أنا لا أحتج بالضعيف الذي هو الحسن في الأحكام يترتب عليه أنه لا يحتج بالحديث الحسن في الأحكام، وهذا ما قال به أحد، يعني بالنسبة لمذهب الإمام، وإلا وجد من لا يحتج بالحسن مطلقاً، كأبي حاتم وأبي زرعة، وهو المعروف من منهج البخاري ومسلم يعني على طريق الإلزام من دون نص، وهو أيضاً اختيار ابن العربي وجمع من أهل العلم، عدم الاحتجاج بالحسن مطلقاً، لكن يبقى أننا لو قلنا: إن الضعيف عند الإمام أحمد هو الحسن، وهو لا يحتج بالضعيف في الأحكام، إذاً لا يحتج بالحسن في الأحكام، وهذا ليس معروفا في مذهب الإمام -رحمه الله-.
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
ماذا يفعل؟
طالب:.......
إيه نعم، الاستقراء التام لا شك أنه يوضح المقصود إذا اطرد، لكن إذا رأيته مرة يقول: لا أحتج به، ومرة قال: أحتج به، ماذا تفعل؟ ماذا تصنع؟ سئل عن فلان قال: حسن الحديث، أتحتج به؟ قال: لا، ترى علم الحديث ليس من السهولة بحيث يتطاول عليه صغار المتعلمين، يحتاج إلى عُمْر، يحتاج إلى تعب شديد، يعني ابن أبي حاتم سأل أباه عن أربعين راوٍ في الجرح والتعديل، فقال: أدخله البخاري في الضعفاء، فقال: ينبغي أن يحول، قلت: أتحتج به؟ قال: لا، إلى أين يحول؟ يحوله عن الضعفاء ولا يحتج به، وين يصير؟ نعم؟
طالب:.......
من إيش؟
طالب:.......
لا، هو أخف من الضعيف، الضعيف يمشي في المتابعات، إذا كان الضعف غير شديد، لا، هناك قواعد ما تلوح للمتوسط، ولا لكثير من طلاب العلم، تحتاج إلى عناء وتعب، وكثرة مزاولة، وتطبيق ونظر في كلام أهل العلم، ومقارنة بين التقعيد والتطبيق، يعني النظر إلى القواعد مع مواقع الاستعمال، فهذا هو الذي يحل الإشكال، نعم؟
طالب:.......
نعم، عند الترمذي هذا حديث جيد حسن.
طالب:.......
لا، ما أخص تعريف.
أولاً: مثل هذه المصطلحات التي أوقعت في إشكال كبير لا سيما عند الترمذي، يعني قول الترمذي حسن صحيح هل تعلم أن فيه بعضة عشر قولاً لأهل العلم ؟ من يحتاج إلى تتبع مثل هذا الكلام؟ يحتاجه من أراد أن يقلد الترمذي، والذي يريد أن ينظر في الأسانيد ولديه الأهلية، ويحكم بما يليق بها، ما يحتاج إلى أن يقف عند هذه الاصطلاحات، ظاهر أو ليس بظاهر؟
طالب:.......
نعم، ظاهر أو ليس بظاهر؟
طالب:.......
ما انتبهت؟ أنت صاحب الشأن ولا تنتبه.
أقول: هذه الاصطلاحات إنما يقف عندها ويستشكلها من أراد أن يقلد الترمذي ويأخذ قوله، من أجل أن يفهم كلامه ويقلده، لكن افترض أن كتاب الترمذي مثل كتاب ابن ماجه، ليس فيه شيء يسرد الأحاديث فقط، ليس فيه أحكام، ننتظر الترمذي حتى يحكم أو ننظر في الأسانيد بالطرق المتبعة عند أهل العلم ونقارن بين قوله وقول غيره من أهل العلم، ونحكم على كل حديث بما يليق به؟ فقد يصححه ونضعفه أو العكس، أقول: من يحتاج إلى تتبع مثل هذه الاصطلاحات التي أوقعت في إشكالات كثيرة؟ الترمذي إمام على العين والرأس، لا أحد يقدح في إمامته، لكن مع ذلك غير الصحيحين لا شك أن للنظر فيه مجالا، وكم من حديث صححه الترمذي وضعفه غيره والعكس، وإن كان العكس قليل ونادر، لكن يبقى أن للنظر فيه مجالا، وأقول: ليس هذا الكلام لآحاد طلاب العلم أن يتطاولوا على الأئمة وعلى أحكامهم، بل هذا للمتمكن، وأما والله يقول: صححه البخاري وأبو حاتم وفلان وفلان والدارقطني، وهو عندي ضعيف، من يقول هذا الكلام أو العكس؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
قول من أقوال الأئمة قوي، صححه الإمام الترمذي، سأل الترمذي البخاري وقال: ضعيف، حسنه أحمد ننظر بين هذه الأقوال، كلهم أئمة، ويبقى الحكم لما أمامنا من الإسناد، وما يشهد له وما يعارضه كلها محل اعتبار، الذي يوافقه ويشهد له ويقويه والذي يعارضه ويضعفه، يعني قول الترمذي: هذا جيد حسن، يعني أطلقها في مرات يسيرة مرتين أو ثلاث، يعني في كتاب الطب مرة، ومرة في كتاب نسيت والله، لكن قالوا: إنها تعني تقوية للحديث، إلا أنها أنزل من كلمة صحيح، جيد حسن أنزل، كما قال الحافظ ابن حجر: إلا أنها عند الجهبذ بعد النظر أنزل من كلمة صحيح، وإن كانت تفيد قوة الحديث.
معروف شرح الحافظ المؤلف، ولا شك أن صاحب الدار أعرف بما فيها، فشرح المؤلف مقدم على غيره، وعليه حواشي، منها: شرح الملا علي قاري، ومنها أيضاً حاشية للمناوي، وحاشية أيضاً لعبد الله خاطر السمين، وكلها حواشي نافعة، هناك أيضاً شروح لقاسم قطلوبغا، وأكثرها استدراكات على المؤلف، ومنها أيضاً شروح معاصرة متأخرة لمشايخ تفيد في الباب، منها المطبوع، ومنها المسجل يستفيد منها طالب العلم.
هذه المقولة ظاهرة، يعني أنك إذا وقفت على حكم صدر من إمام فإنك لا تأخذه تحتج به على غيرك حينما يُطرح مسألة تقول: قال الإمام أحمد، الدليل على ذلك قول الإمام أحمد، والدليل على ذلك قول الإمام الشافعي، لا، لا يحتج بها، وإنما يحتج لها بالأدلة الشرعية، نعم قال الإمام أحمد كذا لقوله -عليه الصلاة والسلام- كذا، أو لقول الله -جل وعلا- كذا، هذا الأصل، لكن بعض الناس ليست لديه أهلية الاستدلال لأقوال أهل العلم والترجيح بينها، مثل هذا يقلد من الأئمة من تبرأ الذمة بتقليده، ولا يكون مثل بعض المتعصبة الذين يؤتى لهم بالدليل الصحيح الصريح في المسألة، ثم يقال: لكن المذهب كذا، لكن قول الإمام كذا، لكن الذي عليه العمل كذا، ومع الأٍسف أنه يوجد من بعض طلاب العلم مثل هذا، وإذا جيء له بالدليل قال: ولو، الإمام أحمد أعرف منا، ولا يخفى عليه مثل هذا الدليل، نقول: نعم، هو أعرف بلا شك، لكن ليس بالمعصوم، قد يخفى عليه الدليل، وقد يفهم من الدليل غير ما فهمت، وغير ما فهمه غيره، المقصود أن أقوال أهل العلم لا شك أن لها قيمة عند طالب العلم، وكثرتهم وتضافرهم على القول الواحد تورث هيبة لدى طالب العلم، لكن مع ذلك إذا وجد الدليل الصحيح الصريح لا يعارض به أي قول لكائن من كان.
يبقى أن المسألة التي يجبن الإنسان عنها في حالة ما إذا اتفق الأئمة الأربعة على قول، وهذه مسألة ذكرناها مراراً، وخالفهم الظاهرية مثلاً، وما بين يديك مما يتعلق بالمسألة يؤيد قول الظاهرية، والأئمة الأربعة كلهم على خلاف هذا القول، والدليل الظاهر الذي بين يديك مما يؤيد قول الظاهرية، فهل تقول: العبرة بالدليل ولو خالفه من خالفه كائناً من كان كما هو الأصل؟ وهذا هو الأصل، وترجح حينئذٍ قول الظاهرية ولو لم يقل به أحد من الأئمة المعتبرين، أو تقول: هؤلاء الأئمة اتفاقهم مع اتفاق أتباعهم على مر القرون يدل على أن لهم دليلاً لم أقف عليه، فيكون في هذا اتهام للنفس بالتقصير، وليس اتهاماً للأئمة بمخالفة الدليل، هذا لا شك أن اتفاق الأربعة يورث عند طالب العلم هيبة لا سيما وأن لهم أتباع حرروا مذاهبهم ونقحوها، وفيهم من له عناية بالسنة من هؤلاء الأتباع، ولذلك لا يترددون في ترجيح الأقوال الأخرى على قول إمامهم، يعني عُرف هذا في الشافعية كثير، ترجيح أقوال الأئمة الآخرين على قول الشافعي لظهور الدليل في هذه المسائل، ومع ذلك اتفقوا مع إمامهم مع الأئمة الثلاثة الآخرين على ترجيح هذا القول، وتواطئوا عليه، ولا يعرف لهم مخالف إلا أهل الظاهر، فهل نرجح قول أهل الظاهر لأن الدليل معهم الذي بين أيدينا الذي وقفنا عليه، أو نقول: إن تواطؤ هؤلاء الأئمة لا يمكن أن يحصل من غير دليل؟ بل لهم دليل علنا لم نقف عليه، ونتهم أنفسنا بالتقصير؟ لا شك أن تضافر الأئمة مع أتباعهم إلى يومنا هذا يورث للقول هيبة، أما لو وجد قول لواحد من هؤلاء الأئمة الأربعة ومعه ظاهر الدليل فلا نتردد في ترجيحه على غيره، اتفاق الأئمة الأربعة على قول مع أتباعهم، ما يعرف ولا واحد من الأتباع خالفهم، يعني الحنابلة فيهم أئمة محققون، يعني لو أن قول الإمام أحمد ومشى عليه شيخ الإسلام وابن القيم، وأئمة التحقيق ممن جاء بعدهم، والإمام الشافعي أيد قوله الحافظ البيهقي والذهبي والنووي، وابن المنذر وغيره ممن يعتني بالدليل، لا شك أن مثل هذا له هيبة، وأبو حنيفة ووافقه صاحباه، ومالك وافقه أهل بلده عليه، مثل هذا لا شك أنه يجعل الإنسان يراجع نفسه، ويزيد في البحث.
وذكرت أني سألت الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن هذه المسألة وقال: يرجح قول الظاهرية ولو لم يوافقهم أحد، إذا كان قولهم هو الموافق للدليل، وبسطت له المسألة، وقلت له: لعل للأئمة أدلة ما اطلعنا عليها، من تقصيرنا وقصورنا، قال: ولو كان ما دام الدليل معهم قولهم هو الراجح، وهذا هو الأصل الذي لا ينبغي أن يحاد عنه، لكن المسألة ليست اتهام للأئمة أنهم رجحوا قولاً بغير دليل بقدر ما هو اتهام للنفس في التقصير في البحث، والله المستعان.
طالب:......
نحن ما عندنا إشكال، لكن افترض أن هذه المسألة وجدت، يعني الدليل ظاهر في الوجوب أمر صريح، وعامة أهل العلم على الاستحباب، ولم نجد صارفا، لم يقل به إلا أهل الظاهر، ما قال بالوجوب إلا أهل الظاهر، ما الذي ترجح؟ ما وجدنا صارفا، نعم؟
طالب: الدليل.
هذا الأصل نرجح الدليل، لكن هل هذا مجرد اتباع للدليل بقدر ما هو استرواح وميل إلى قول الأئمة؛ لأنه لا يمكن أن يتواطئوا على مثل هذا بغير صارف، وقد يكون الصارف خفيا بالنسبة لطالب العلم، يعني على ما قرروه في قواعدهم، لكنه يخفى، أحياناً في بعض الأبواب يوجد الصارف لكن لا يلوح لكل باحث.
طالب:.......
ما يمكن، مستحيل، قد يقفون على الدليل ويفهمونه غير ما فهمه غيرهم، وهذا أمر كثير في كتب الخلاف، يعني تجد الدليل صريحا في الأمر، صريحا في النهي، ومع ذلك لا يقول بالوجوب إلا الظاهرية أو لا يقول بالتحريم إلا الظاهرية، وعامة أهل العلم على أنه للاستحباب أو للكراهة، ما الصارف؟ ما وجدنا صارفا، دعنا ممن يؤتى له بالحديث الصحيح الصريح من صحيح البخاري، ويقال له: هذا الدليل يدل على المسألة، المسألة وقعت عند قاضي من القضاة، فيقول: لا، أبداً، هذا المذهب وعليه العمل، وعليه أئمة الدعوة، وعليه كذا، ما يكفي يا أخي، أنت ملزم بنص، نحن نتعبد الله -جل وعلا- بما جاء عنه في كتابه أو على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، أو بالعمومات والقواعد التي تستند إلى ما جاء عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، نعم؟
طالب:.......
كلهم يتمسكون بدليل واحد، هؤلاء يقولون بالاستحباب، وهؤلاء يقولون بالوجوب.
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
كلاهما، إيه.
طالب:.......
لا، هذا هو الصواب عند عامة أهل العلم، وهو الصحيح عند الجمهور.
طالب:.......
لا، نقول: معهم، ما دام قرر أهل العلم الذين يخالفونهم قرروا أن الأصل في الأمر الوجوب فالدليل معهم، لماذا خالفوا ما قرروه؟
طالب:.......
نعم هات الصارف.
طالب: بدون صارف.
لا لا، بدون صارف لا، الأصل الوجوب.
طالب:.......
لا، نحن ماشين على قولهم، ما خالفناهم في أصل تقعيدهم، على ما قعدوه، وعلى ما قرروه، أنت تناقش شخصا قرر هذا الأمر أن الأصل الوجوب، وقال: الأمر للاستحباب، وما عنده صارف، ماذا تقول؟
طالب:.......
دعنا من كلمة اتفقوا أو ما اتفقوا، نحن نناقش شخصا يقول: الأصل في الأمر الوجوب، وقال بالاستحباب، وبحثنا عن صارف ما وجدنا، ماذا تقول؟
طالب:.......
لا، قد يكون عنده صارف لم نطلع عليه؛ لأن الصوارف لا يلزم أن يكون وضوحها مثل وضوح الشمس لا، عندهم صوارف يستروحون إليها، ويميلون إليها، بشم ما جاء في الباب؛ لأن الأئمة ما ينظرون إلى المسائل بمفرداتها بقدر ما ينظرون إلى ما جاء في جميع الباب، أهل الاطلاع وأهل الاستقراء لهم طريقة في الاستدلال تختلف عن طلاب العلم والمبتدئين أو أناس ليسوا من أهل الاطلاع الواسع.
طالب: لو جاء إمام من الأئمة وقال: إن هذا الأمر يحمل على الندب وليس له صارف، نقول له: أنت نقضت القاعدة التي قعدتها، فمن الممكن أن نرد عليه أن لكل قاعدة شواذ ففعلاً الأصل في الأمر الوجوب لكن في هذه المسألة بعينها....
نعم، لا بد أن يوجد صارف، كي نقول: إنه في هذه المسألة بعينها لا نحمله على الوجوب وإلا صار تحكما.
وإنما ذلك وصف حادث بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-وليس يسلكه إلا من لم يكن عالماً بالأدلة الشرعية في نفس الأمر لطلب الاحتياط.
يعني حينما يقال: الحكم الاستحباب خروجاً من خلاف من أوجبه فقط، أو الحكم الكراهة، خروجاً من خلاف من حرم، وإلا فالأصل أن المسألة عارية عن الدليل، يكفي هذا أو ما يكفي؟ يعني كون الإنسان يتورع غير كونه يصدر حكمًا يزعم أنه حكم الله في هذه المسألة، أهل العلم يقولون: إذا وجد تحريم من أهل العلم فإن هذا يورث انكفافًا عن الفعل، ولا يكون ذلك حكما شرعيا، فالإنسان من باب الاستبراء للدين وترك الشبهات يترك هذا العمل الذي قيل بتحريمه.
ليست المسألة باختلاف وجهات نظر، يعني إذا كان الاختلاف بين المقيس والمقيس عليه إذا لم يكن هناك علة تجمع بينهما وجد الاختلاف بين المقيس والمقيس عليه.
على كل حال التخريج على المسائل المنصوصة معروف في المذاهب كلها، وفرق بين أن يقال: نص عليه أو ذكره، أو قال الإمام أحمد، وبين أن يقال: هذا المذهب، نعم يعني يكون من باب التخريج لا من باب النص.