شرح الموطأ - كتاب الجامع (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء واغفر للسامعين يا حي يا قيوم قال المصنف رحمه الله تعالى كتاب الجامع باب الدعاء للمدينة وأهلها حدثني يحيى بن يحيى قال حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في صاعهم ومدهم يعني أهل المدينة» وحدثني يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاؤوا به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا أخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مُدنا اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه» ثم يدعو أصغر وليد يراه فيعطيه فيعطيه ذلك الثمر.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم يعني جرت عادته كغيره رحمه الله من افتتاح الكتب بالبسملة وذكرنا مرارًا أنه قد يضعون البسملة في مطلع الكلام وأحيانًا يجعلونه تحت الترجمة كتاب الجامع بسم الله الرحمن الرحيم ووجه صنيعهم هذا أنهم بتقديمهم البسملة تقديمًا مطلقًا وما يقتضيه الحال في الأمر بالبداءة بالبسملة والحث على ذلك وإن كان الخبر الوارد فيها فيه ما فيه من الضعف لكن أهل العلم جروا على ذلك ورأوا أن البداءة بالبسملة كما في الكتب والمراسلات إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم وأما من قدم الترجمة على البسملة فقال كتاب الجامع بسم الله الرحمن الرحيم فجعلوا الترجمة بمنزلة اسم السورة واسم السورة يكتب قبل البسملة في القرآن وهذا معروف عند أهل العلم كتاب الجامع الكتاب مضى تعريفه مرارًا في هذا الكتاب وفي غيره من الكتب والجامع الذي يجمع مسائل شتى لا تدخل تحت ترجمة تجمعها أو تجمع أكثرها وغالبها بينما تجمع تراجم كثيرة لا تنطوي تحت كتاب واحد يجمع هذه التراجم فتجد الكتاب الجامع يرد فيه من الأبواب وفيه من الأحاديث ما لا يرتبط بعضها ببعض واقتدى المصنفون بالإمام مالك رحمه الله تعالى فرتبوا الكتب على الأبواب على الكتب والأبواب فيما يجمعه كتاب واحد كالصلاة والزكاة والصيام والحج والبيوع أفردوها أفردوا كتبها بهذه العناوين وهذا أمر مطروق ومعروف عند أهل العلم وما لا يمكن أن ينضوي تحت عنوان يجمع شتات هذه المسائل سموه كتاب الجامع باب الدعاء للمدينة وأهلها الدعاء للمدينة وأهلها، المدينة يراد بها المدينة النبوية وإن كان الأصل في المدينة يطلق المصر الجامع لجمع من الناس من مدن بالمكان أي أقام به والمدينة اسم علم بالغلبة على مدينة النبي -عليه الصلاة والسلام- كما غلب بعض الألفاظ على بعض الأمور على بعض الأشياء فالكتاب يطلق على كتاب سيبويه اسم بالغلبة مع أنه لو كان إطلاقه على القرآن لكان أولا {ذَلِكَ الْكِتَابُ}[البقرة:2]  لكنه شاع بين أهل النحو إطلاق الكتاب على كتاب سيبويه وهذا علم بالغَلبة كما جاء ذلك في كثير من الأمور باب الدعاء للمدينة يعني النبوية وكثر إطلاق أو وصف المدينة بأنها منورة يعني كثير في على ألسنة الناس المدينة المنورة حتى في التعاملات الرسمية ويوجد في بعض تواريخ المدينة المتأخرة وصفها بأنها منورة لكنه لا يعرف عند المتقدمين هذا الوصف لا يعرف عند المتقدمين فإما أن يقال المدينة أو تضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنها مدينته -عليه الصلاة والسلام- باب الدعاء للمدينة وأهلها الدعاء للمدينة المراد به بما ينفع أهلها بما ينفع أهلها والمدينة كما تطلق على المكان تطلق على أهلها كما يقال في القرية أنها كما تطلق على المكان تطلق على أهل القرية ولذلك سؤالهم أول الأمر بسؤالهم فاسأل القرية والمراد أهلها والقرية تطلق على القرية ومن سكنها على المكان ومن سكنه والمدينة أيضًا تطلق على المكان ومن سكنه ومن مدن به واستقر به فالدعاء للمدينة هو في الحقيقة دعاء لأهلها قال وحدثني يحيى بن يحيى قال.

طالب: ...................

الدعاء للمدينة والمراد بالدعاء لها الدعاء لأهلها والتنصيص على أهلها من باب التصريح بما هو مجرد توضيح يعني تستفيد المدينة نفسها من باعتبارها مجموعة من جمادات تستفيد من الدعاء لها المراد فائدة أهلها ومثل ما قلنا المدينة اسم جرى بالغلبة على مدينة النبي -عليه الصلاة والسلام- والأصل فيها أنها تطلق على المصر الجامع مثل ما يقال الرياض مدينة مكة مدينة بغداد مدينة دمشق مدينة وهكذا فهذه مدن ودونها القرى دونها القرى في العرف والاصطلاح وبعض من يُدلس كما سمعنا في بعض الحالات بعض من يبيع النعناع مثلاً أو شيء مما تشتهر به المدينة ويعرف بطيبه يقال نعناع المدينة نعناع المدينة المشتري على أنها المدينة النبوية لأن الاسم صار عليها بالغلبة ثم إذا استُثبت ورئي أنه مخالف للواقع قال الرياض مدينة الرياض مدينة فهو نعناع الرياض والرياض مدينة أنا ما كذبت نقول دلَّست على الناس دلست على الناس لتروج بضاعتك وحدثني يحيى بن يحيى قال حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لهم في مكيالهم» بارك لهم يعني أهل المدينة «بارك» يعني زد من البركة وهي النمو والزيادة الحسية والمعنوية الحسية والمعنوية بمعنى أنه يزيد في الكمية ويزيد أيضًا في الأثر المترتب على ما يكال بالمدينة «اللهم بارك لهم في مكيالهم» المكيال آلة الكيل من الصاع وما يشتق منه من نصفه وربعه المد وغيرها والآن لا وجود للمكاييل الآن السلع كلها تباع بالوزن ولا تباع بالكيل وذلك بعد أن أُلغي ألغيت المكاييل وصار في بعض الجهات امتلاك آلة الكيل جريمة يعاقب عليها في بعض الجهات لما ألغيت المكاييل من وُجد عنده الصاع يعاقب قانونًا على ذلك حتى أن قاضي من القضاة جيء له بشخص يملك صاعًا فادعى عليه المدعي العام قال عنده صاع والقانون يعاقب عليه فقال القاضي للمدعى عليه هل امتلاكك للصاع باعتباره آنية من الأواني تستعمله في حياتك اليومية كما تستعمل القدر والإناء أو لأنك تكيل به وتستعمله في البيع والشراء؟ كأنه لقنه الحجة مع أن هذا هذا حل جزئي ليس بحل مؤقت حل لمشكلة لهذا الشخص لئلا يتعرض للعقاب أما الحل الحل الكلي فهو باعتماد ما اعتمده الشارع فما يكال يباع بالكيل ولو بيع وزنًا لدخله الربا وما يوزن يباع بالوزن ولو بيع كيلاً لدخله الربا يعني لو بعت عشرة كيلو تمر بعشرة كيلو تمر يجوز والا ما يجوز؟ ما يجوز ما يجوز لأنه يمكن عشرة كيلو تجي إحدى عشر صاع وعشر كيلو تجي تسعة آصع من بعض الأنواع فلا يجوز لا يتحقق التساوي بمثل هذا فلا بد من إبقاء الأمور الشرعية على ما هي عليه على ما كانت عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وقل مثل هذا بالعكس يعني ما يباع وزن لا بد أن يباع وزن ولو بيع بالكيل لما تحققت المساواة ما تحقق التساوي والله المستعان «اللهم بارك لهم في مكيالهم» يعني المكيال هو آلة الكيل كالصاع والمد ونحوهما والمراد البركة فيما يكال ويستعمل فيه المكيال «وبارك لهم في صاعهم ومدهم وبارك لهم في صاعهم ومدهم» الصاع والمد من باب عطف الخاص على العام من باب عطف الخاص على العام للعناية بشأن الخاص والاهتمام به فالصاع مكيال والمد مكيال يعني أهل المدينة والدعاء لأهل المدينة لا شك أنه دليل على فضيلة هذه المدينة على ما سيأتي والخلاف في المفاضلة بينها وبين مكة على ما سيُذكر إن شاء الله تعالى ولا شك أن في مثل هذا ترغيب في سكنى المدينة وهذا سيذكره المؤلف إن شاء الله تعالى قال وحدثني يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال كان الناس إذا رأوا أول الثمر باكورة الثمر جاؤوا به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقطفون شيئًا منه ويأتون به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا أخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لنا في ثمرنا اللهم بارك لنا في ثمرنا» يعني مما يؤكل من هذه الثمار وما يمكن استعماله فيما ينتفع فيه الناس «وبارك لنا في مدينتنا» يعني فيما ننتفع به منها من مساكن ومساجد وطرقات وغيرها «بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا» يعني ما يكال في هذا الصاع «وبارك لنا في مُدنا» كذلك «اللهم» يعني يا الله حذف حرف النداء وعُوِّض عنه الميم فصار اللهم وإلا أصلها يا الله ولا تجتمع الياء مع الميم هذه المشددة إلا على جهة النُدرة:

والشذوذ إني إذا ما حدث ألمَّ.

 

أقول يا اللهم يا اللهم  .

وهذا عند أهل العلم شاذ «اللهم» يعني يا الله «بارك لنا في ثمرنا» مع أن اجتماع يا و(ال) أيضًا فيه ما فيه:

في اضطرار شذ جمع يا و(ال)

 

إلا مع الله ومحكي الجمل       .

تقول يا الله «اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدينا اللهم إن إبراهيم» -عليه الصلاة والسلام- وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم «عبدك وخليلك ونبيك» عبدك يعني مقام العبودية من أشرف مقامات العبد «وخليلك» والخلة خالص المحبة ونبيك النبوة معروفة «وإني عبدك ونبيك» يعني مثله «وإنه دعاك لمكة» بأدعية اللهم {اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا}[البقرة:126] {اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا}[إبراهيم:35] {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي}[إبراهيم:37] فرق بين الآيتين الأولى والثانية {اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا}[البقرة:126] {اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا}[إبراهيم:35] الأولى قبل صيرورته بلدًا والثانية بعد أن صار بلدًا فدعي له بالأمن قبل أن يكون بلدًا ودعي له بالأمن بعد ذلك وهو البلد الأمين والبلد الآمن ويتخطف الناس من حوله كما هو معروف {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا}[القصص:57]  {يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}[العنكبوت:67]  «وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة» يعني إذا كان وصفي وقدري عندك يا رب نظير قدر إبراهيم بل أشد بل أعظم فإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة «ومثله معه» يعني ضعف ما دعا به لمكة ضعف ما يدعو به ما دعاك به لمكة يعني إبراهيم ومثله معه والخلاف في المفاضلة بين مكة والمدينة معروف بين أهل العلم والجمهور على أن مكة أفضل البقاع على الإطلاق والمالكية يرجحون المدينة على مكة ويأتي شيء من ذكر الأدلة على ما استدل به الفريقان وإن كان نفس الإمام مالك رحمه الله في إشاعة فضل المدينة لأنه يرى أن المدينة أفضل من مكة وابن عبد البر وهو من أئمة المالكية يرى ما يراه الجمهور أن مكة أفضل من المدينة ثم يدعو أصغر وليد يراه يعني حوله أصغر وليد يراه فيعطيه ذلك الثمر لأن الصغير تتعلق نفسه بما يرى ولا يقدر تقدير الكبير أن هذا له أو ليس له معروف الطفل ما يفرق بين ما يملكه وبين ما يملكه غيره ما يملكه أبوه وما يملكه غيره فيدعى أصغر وليد يراه فيعطى ذلك الثمر وفي هذا تفاؤل أن هذا الوليد في مرحلة النمو فيرجى أن ينمو هذا الثمر نمو هذا الوليد لكن لو يعطي شيخًا كبيرًا قد استتم نموه وبدأ في النقص ما ناسب الحال وكونه -عليه الصلاة والسلام- يدعو أصغر وليد لا شك أن مثل هذا عند عدم استيعاب الجميع ولو استوعب الجميع لأعطى الجميع لكن مادام ما يكفي إلا واحد يعطيه هذا الوليد وتجد الأسر إذا اجتمعوا وهذه لا شك أنها مما ينبغي أن يلاحظ تجد بعض الناس يحضر لأولاده ما يؤكل ويترك أولاد الآخرين وهم لا يقدرون مثل هذه الأمور فيقع أهله في الحرج فإما أن يحضر للجميع أو يترك للجميع مراعاة للآخرين بحيث لو أن امرأة جاءت لولدها بهذه الأمور التي تحضر للأطفال وأطفال أختها وأطفال أخيها وأطفال من يجتمع معهم في هذا الاجتماع لا شك أن نفوسهم تشرئب لمثل هذا فيحرجون أهليهم أو قد يعتدون على أولاد هذه المرأة فيأخذون ما معهم وهذه حاصل لأنهم لا يفرقون أطفال ما يميزون بين هذه الأمور فالذي ينبغي أن يحضر للجميع أو يترك للجميع.

طالب: ...................

وش فيه؟

طالب: ...................

وإني عبدك ونبيك.

طالب: ...................

قال خليلك؟

طالب: ...................

لماذا ما قال خليلك؟

طالب: ...................

شهرة إبراهيم الخليل عليه السلام بالخُلة لا شك أنها منصوص عليها في نصوص الكتاب والسنة واستفاضة ذلك بين الخاص والعام أكثر وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل، وعرفنا مرارًا أن تميز شخص بميزة وفضيلة ومعروف حديث أبي هريرة «لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً» المقصود أن كون إبراهيم عليه السلام يكون أشهر من غيره في هذه الخلة التي هي خالص المحبة لا يعني أنه أفضل مطلقًا من غيره كما ذكرنا في مسألة أول من يكسى إبراهيم عليه السلام قبل محمد -عليه الصلاة والسلام- ومع ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- محمد أفضل منه إجماعًا، نعم.

طالب: ...................

هذا لعله موضوع الباب الذي يليه، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما جاء في سُكنى المدينة والخروج منها حدثني يحيى عن مالك عن قطن بن وهب بن عمير بن الأجدع أن أن.

أنّ أنّ.

أنّ يُحنَّس مولى الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه أخبره أنه كان جالسًا عند عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما في الفتنة فأتته مولاة له تسلم عليه فقالت إني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن اشتد علينا الزمان فقال لها عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما اقعدي لُكع فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة» وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن أعرابيًا بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الإسلام فأصاب الأعرابي وعكٌ وعكٌ بالمدينة فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله أقلني بيعتي فأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيّبُها».

طيْبُها طيبها.

أحسن الله إليك.

«وينصع طِيْبُها» وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد» وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يخرج أحدٌ من المدينة رغبة عنها إلا أبدله الله خيرًا منه».

أبدلها.

أحسن الله إليك.

قال أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرًا منه» وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما عن سفيان عن سفيان بن أبي زهير رضي الله تعالى عنه أنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «تفتح اليمن فيأتي قوم يبسُّون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتُفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» وحدثني يحيى عن مالك عن ابن حماس عن عمه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «لتُترَكن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب فيتغذى على بعض سواري المسجد أو على المنبر» فقالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان قال للعوافي للعوافي الطير والسباع وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال يا مزاحم أتخشى أن نكون ممن نفت المدينة.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب ما جاء في سكنى المدينة يعني الترغيب في ذلك والترهيب والتنفير من الخروج منها يعني لغير عذر أو مصلحة راجحة لأنه قد يقول قائل أنه خرج من المدينة خيار الناس بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وتفرقوا في الأمصار لا شك أنهم خرجوا مع علمهم بالترغيب والتنفير من الخروج لما ترجح لديهم من مصلحة الجهاد والدعوة والتعليم لا شك أن هذه مصالح راجحة لأنها متعدية يقول حدثني يحيى عن مالك عن قطن بن وهب بن عمير بن الأجدع أن يُحنَّس مولى الزبير بن العوام أخبره أنه كان جالسًا عند عبد الله بن عمر في الفتنة الفتنة هي مقتل عثمان رضي الله عنه وهذه بداية الشر وإن كان قبلها مقتل عمر رضي الله تعالى عن الجميع والفتن توالت على المدينة أن قتل الخلفاء ومنها الاستباحة في زمان الحرة وما حصل بين ابن الزبير وبني أمية فتن توالت على المدينة وكل هذا لا يبرر الخروج منها فأتته مولاة له تسلم عليه فقالت إني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن تعني من المدينة اشتدَّ علينا الزمان لا شك أنه في أزمان الفتن تشتد الأمور أمور المعيشة تشتد أمور الحياة كلها تضيق أمور العبادات لا تتيسر كما كانت قبل ذلك، اشتد علينا الزمان يعني ما يقع فيه من محن فقال لها عبد الله بن عمر اقعدي لكع يعني يا لكع بحذف حرف النداء واللكع اللئيم أو الغبي والأصل فيه أن يقال لَكاع ِعلى وزان حذام وقطام ويقول الشعر:

أطوّف ما أطوّف ثم آوي    .

 

إلى بيت قعيدته لكاعِ         .

أطوّف ما أطوّف ثم آوي   .

 

إلى بيت قعيدته لكاعِ         .

اقعدي لكع فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد» المدينة فيها لأواء وفيها شدة وفيها حر شديد وفيها برد شديد وفيها أمور لا يقصدها من أراد التنعم إنما يقصدها من أراد التعبد «لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة» النبي -عليه الصلاة والسلام- يشفع للعصاة من أمته ويشفع للخلائق وله شفاعات كثيرة لكن التنصيص على أهل المدينة الذين صبروا على لأوائها لا شك أنه أمر خاص بهم ويقتضي المزيد أو مزيد العناية بهم «شهيدًا شفيعًا أو شهيدًا» يعني يشهد لهم بصبرهم على لأواء المدينة الذي رتب عليه الأجر و(أو) هذه إما للشك أو للتقسيم يعني يكون لبعض الناس شفيع وقد يكون بعض الناس حاجته إلى الشفاعة لكونه مذنب أشد وبعض الناس حاجته للشهادة أشد لأن لأنه حافظ لنفسه متق لربه يوم القيامة، نعم.

طالب: ...................

الشفاعة لأهل المدينة الذين صبروا نعم بلا شك بلا شك، قال رحمه الله وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن أعرابيًا بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الإسلام والأعراب عمومًا في أول الأمر كما هي حال من أسلم في عهده -عليه الصلاة والسلام- يسلمون أحيانًا رغبة وطمع وأحيانًا رهبة والإيمان لم يتمكن من قلوبهم ثم بعد ذلك إذا تمكن صاروا كغيرهم لكن هذا بايع الرسول -عليه الصلاة والسلام- على الإسلام فأصابه وعك بالمدينة يعني حمّى أصيب بالحمى فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله أقلني بيعتي لأنه حينما يبايع على الإسلام يبايع أيضًا على شرائعه يبايع على ما بايع عليه النساء في سورة الممتحنة ويبايع على الهجرة فأصابه وعك بالمدينة فأتى النبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله أقلني بيعتي يعني رجع وندم على هذه البيعة المُلزِمة فلما ندم طلب الإقالة فأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ما يمكن ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه الثالثة فقال أقلني بيعتي فأبى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فيه خيار خلاص مادام التزم بهذه البيعة عليه أن ينفذ فخرج الأعرابي مع عدم إذنه -عليه الصلاة والسلام- له وعدم إقالته لبيعته فخرج الأعرابي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إنما المدينة كالكير تنفي خبثها» الكير النار لا شك أنه أنها إذا وضع عليها الذهب أو الفضة أو الحديد أنه يتساقط ما عليه من أوساخ يتساقط ما عليها من أوساخ وهكذا المدينة لا شك أنها إذا وجد فيه من فيه خبث أو في قلبه شيء أنها تنفيه المدينة «تنفي خبثها وينصع طِيْبها» يعني يتضوّع ويفوح وينتشر ولا شك أن مثل هذا الطيب معنوي قد يقول قائل المدينة منذ أزمان متطاولة منذ قرون عديدة ويسكنها بعض شِرار الخلق من المبتدعة وغيرهم وخرج منها بعض خيار الناس أما من خرج منها فمعلوم أنه لم يخرج رغبة عنها وإن من خرج رغبة فيما هو أفضل من البقاء فيها والمسألة مسألة موازنة ومفاضلة بين الفضائل يعني لو قدر أن شيخ شخصًا في بلد من البلدان الذي لم يرد فيه نص بلد عادي من بلدان المسلمين ما فيه نص يرغب في سكنه ثم وجد أنه في هذا البلد نفعه أعظم مما لو سكن مكة أو المدينة مع العلم بالمضاعفات مضاعفات الصلوات هناك وتعظيم العبادات هناك وأيضًا تعظيم المخالفات قد وجد من الصحابة كابن عباس من خرج من مكة إلى الطائف خشية من مضاعفة السيئات لا سيما وأن مكة لا يشترط فيها عمل السيئة وإنما يكتفى فيه في ترتيب الإثم عليه مجرد الإرادة {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم}[الحج:25] يعني مجرد الإرادة وهذا أمر عظيم إذا قارن بين الطائف وبين مكة وجد أنه ينفع في الطائف أكثر من نفعه في مكة لا شك أن بقاءه في الطائف أو خروجه من مكة إليها أنفع وهذا ما حصل من الصحابة بالفعل وجود المبتدعة وفيهم شرار الخلق نسأل الله السلامة والعافية في مدينة الرسول -عليه الصلاة والسلام- منذ قرون متطاولة من أهل العلم من يقول أن مثل هذا النص إنما هو في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- كالكير تنفي خبثها في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأما بعد ذلك فهي كغيرها من البلدان يسكنها البر والفاجر يسكنها، نعم.

طالب: ...................

هو بايع على الإسلام وبايع على غير الإسلام بايع على الهجرة وبايع على أمور كثير من شعائر الإسلام من شرائع الإسلام فمن أهل العلم من يقول أنه طلب الإقالة عن الإسلام أراد أن يرتد يرجع إلى دينه فرفض النبي -عليه الصلاة والسلام- ومنهم من يقول أنه إنما طلب الإقالة من الهجرة بدليل أنه وُعك بالمدينة وعك بالمدينة فأراد أن يخرج إلى الهواء الطلق عند أهله وعشيرته وذويه فرفض لا سيما وأنه جاء يستأذن يعني لو كان ردة عن الإسلام ما يحتاج أن يستأذن يروح لأهله وما صار شيء بالنسبة له فهذا الذي يرجح كونه أراد الإقالة فيما دون الردة.

طالب: يا شيخ الراجح أحسن الله إليك في النفي.

يعني هل...

طالب: هل هو خاص والا عام؟ مثل حديث الدجال لا يبقى فيها منافق..

فيها منافقون حتى في زمنه -عليه الصلاة والسلام- يعني حتى في زمنه -عليه الصلاة والسلام- فيها منافقون وفيها اليهود وبعده -عليه الصلاة والسلام- فيها شرار الخلق من من أصحاب البدع المغلظة «كالكير تنفي خبثها» هل نقول أن هذا في عصره -عليه الصلاة والسلام- وبعده أو نقول أن هذا خاص بعصره -عليه الصلاة والسلام- وإذا قلنا أنه عام نحتاج إلى تأويل مثل هذا الحديث «كالكير تنفي خبثها» وقد يقال أن الخبث هنا يراد به المتعدي بحيث لا يستقر فيها من خبثه متعدي إلى غيره ولذا يقال لا يوجد من دعاة البدع ورؤوسهم من وجد في المدينة مع أن هذا أيضًا فيه ما فيه، نعم.

طالب: ...................

يعني من الطارئين عليها كحال هذا الأعرابي يعني تنفي خبثها الوارد عليها والتشبيه بالكير التشبيه بالكير يؤيد هذا لأن الخبث على الحديد وعلى الذهب وعلى الفضة وارد عليه وليس منه وهذا القول لا شك أن له وجه.

طالب: ما يكون أحسن الله إليك النفي نسبي؟

يعني فيها أظهر من غيرها لكن «إنما المدينة» هذا الحصر «كالكير تنفي خبثها» والله مناسب جدًا أن يقال من الوافدين عليها من الوافدين عليها، كيف؟

طالب: ...................

لا، هذا من تمام المناسبة لحال هذا الرجل الذي طلب الإقالة هو وفد على المدينة ويريد أن يرجع إلى أهله ليشم الهواء النقي الطلق نقول عوضًا من هذا الهواء النقي الطلق الذي تريده ما الطيب المعنوي الذي تشتمل عليه المدينة بدلاً من أن تشم هواء نقي تشم طيب هنا قال وحدثني، نعم.

طالب: ...................

معروف أن أن المبتدعة سكنوها من قديم سكنوها من قديم ويوافق جو المدينة وظرف المدينة باعتبار أنها مأوى ومثوى الرسول -عليه الصلاة والسلام- في حياته وبعد مماته لا شك أن من تشرئب نفسه إلى الغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- يفضلون القرب منه وهذا واضح على مر العصور، وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت أبا الحُباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسلسل بالسماع سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أمرت بقرية» يعني أمرت بالهجرة إلى قرية «تأكل القرى» يعني هي المدينة ونعرف في العرف أن المدينة غير القرية المدينة غير القرية قد يقال إنها قبل قدومه -عليه الصلاة والسلام- كانت قرية يعني صغيرة ثم بعد أن قدم عليها صارت مدينة هذا إذا قلنا أن العرف هو باق على ما كان عليه من القدم وإن كانت القرية تطلق بإزاء المدينة والعكس «أمرت بقرية» يعني أمرت أن أهاجر إلى قرية «تأكل القرى» أم القرى «تأكل القرى» يعني تنطق منها الجيوش الفاتحة إلى سائر القرى فتضمها إليها كانت المدينة هي مأوى ومثوى الخلفاء كانت الخلافة الراشدة في المدينة إلى أن انتقل علي رضي الله تعالى عنه إلى الكوفة ثم انتقل معاوية إلى الشام وبنو العباس سكنوا العراق المقصود أنها كانت هي أم القرى وانطلقت منها الجيوش لتفتح هذه القرى وهذه الأمصار لتنضم إليها فهي عاصمة الخلافة وهي قاعدة بلدان المسلمين «يقولون يثرب» كره النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه التسمية يثرب «وهي المدينة» يعني اسمها الشرعي المدينة كما جاء في نصوص الكتاب والسنة وجاء يثرب في القرآن على لسان المنافقين لا ما جاء على سبيل الإقرار وإنما جاء في سياق كلام المنافقين «يقولون يثرب وهي المدينة» والنبي -عليه الصلاة والسلام- كره التسمية لأنها إنما من التثريب والتوبيخ كما جاء في حديث «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثِّرب عليها» يعني لا يوبخها نعم لا لوم ولا توبيخ «يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد» وهذا الحديث كسابقه مخرج في الصحيحين وغيرهما ومفاده هو مفاد الحديث الذي تقدم.

طالب: ...................

الأصل فيه الاستغلاق لكن قد يكون من العام الذي أريد به الخصوص من العام الذي أريد به الخصوص وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرًا منه إلا أبدلها الله خيرًا منه» وهذا معروف إذا كان راغبًا عنها مع علمها بما جاء في فضلها لا شك أنه يذم بهذا يذم بهذا ويبدلها الله خيرًا منه لكن إن خرج لا رغبة عنها وإنما لمصلحة راجحة كما فعل الصحابة رضوان الله عليهم فإنه لا يتناوله مثل هذا قال وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تفتح اليمن فيأتي قوم يبسُّون» يعني يسرعون السير منه قول الله جل وعلا:{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا}[الواقعة:5] أو هو مجرد السير مجرد السير ومنهم من يقول السير بسرعة يسمى بسْ لكن في قوله جل وعلا: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}[النمل:88] تسرع والا ما تسرع؟

طالب: ...................

إذا كان تسرع كان ما تحسبها جامدة لو تسرع ما حسبتها جامدة.

طالب: ...................

لا يسرع والجبال أيضًا بدليل تحسبها جامدة لا تُسرع فالبس هو مجرد السير «تفتح اليمن فيأتي قوم يبسُّون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم» يأتي قوم إلى المدينة أو يأتون إلى اليمن؟ يعني هل معنى يأتي قوم يذهبون إلى اليمن ويتحملون بأهليهم ومن أطاعهم؟

طالب: يخرجون من المدينة إلى...

«فيأتي قوم يبسون» لما رأوا اليمن وما فيها من من المغري مما يغريهم يأتون إلى قومهم بالمدينة يأتون يبسون فيزنون لهم السكنى في اليمن.

طالب: ...................

نعم لما فتحوا اليمن جاء قوم من أهل اليمن يزينون لأهل المدينة السكن باليمن «فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» يعني ولو وجد من أسباب الراحة والرفاية باليمن أو بغيرها من البلدان المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون «وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون» مثلهم إذا فتحت الشام جاؤوا إلى أهل المدينة وقالوا أين أنتم من الأنهار أين أنتم من الأجواء المغرية أين أنتم من الخضر والمناظر الطبيعية وغير ذلك «يأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم» لما ذهبوا إلى هناك ووجدوا الجو وجدوا المناظر الطبيعية وهذا نسمعه إلى الآن إلى الآن يزينون للناس حتى بعضهم يزين بلاد الكفر بمثل هذه الدعاوى وش أنت جالس بغبار نجد وأوروبا جنان يأتي ناس يقولون هذا الكلام أو جالس بحر مكة والمدينة والناس بالأجواء الماتعة في أوروبا وبلاد الكفر والفجور ما هو بيأتي مثل هؤلاء يزينون للناس؟ فيتحملون معهم من أطاعهم؟ نفس الشيء وهذه بعد فتحها بلاد مسلمين والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون «وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم من أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح العراق» نفس الشيء «فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» كم مرة قال والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون؟ ثلاث مرات بقدر هذه الأمصار وفتحت هذه الأمصار كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- وفعل الناس ما فعلوا وانتقل إليها المسلمون من المدينة كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي هذا عَلَمْ من أعلام نبوته لأنها لم تفتح في عهده -صلى الله عليه وسلم-، نعم.

طالب: ...................

يعني هل هو خاص بعصر النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لا؟

طالب: ...................

وش يقول؟

طالب: ...................

هؤلاء إنما خرجوا لمصلحة راجحة لا يرد مثل هذا، نعم.

طالب: ...................

الأُبي.

طالب: ...................

هذا ما ذكرناه في الشرح، قال رحمه الله وحدثني يحيى عن مالك عن ابن حماس عن عمه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لتتركن المدينة على أحسن ما كانت تترك المدينة على أحسن ما كانت» والسبب مثل ما تقدم في الحديث الماضي أن غيرها من البلدان قد يكون أفضل للسكنى من حيث الجو ومن حيث سعة الرزق أحيانًا فتوجد الأسباب التي تكسب تكتسب بها الأرزاق «فتترك المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب فيغذِّي على بعض سواري المسجد» قالوا معنى يغذي يبول على بعض سواري المسجد أو على المنبر «تترك المدينة» رغبة عنها تعلقًا بالدنيا ورغبة عما عند الله جل وعلا فقالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان قال «للعوافي للعوافي» فُسِّرت بالطير والسباع وهذا عند جمع من أهل العلم إنما يكون في آخر الزمان على أحسن ما كانت تترك للعوافي والسباع وهذا كما قال جمع من أهل العلم أنه في آخر الزمان عندما في قصة الراعي عندك عندك في الشرح؟ نعم.

طالب: ...................

أي نعم إيه.

طالب: ...................

راعي راعي، عندك عندك ماذا قال؟

طالب: ...................

الطير والسباع بدل أو بيان للعوافي، نعم.

طالب: ...................

نعم.

طالب: ...................

الراعيين من مزينة، نعم.

طالب: ...................

نعم كثر الناس فيها في عهد الخلفاء الراشدين بعد الفتح جاؤوا إلى المدينة ثم بعد ذلك لما كثروا وصارت أحسن ما تكون أو ما كانت انتقلت الخلافة عنها إلى الشام أو إلى الكوفة قبل ذلك ثم إلى الشام وكثرت فيها الفتن فقل أهلها وتضاءلت تضاءل بنيانها وصغرت وصار لا يسكنها إلا العوافي، نعم.

طالب: ...................

يُسكن.

طالب: ...................

عُقيل عُقيل وراك رجعت.

طالب: ...................

أما كون المدينة انتُقل عنها وتضاءل بنيانها وصغرت هذا توالى في العصور الماضية منذ زمن الاستباحة وقت الحرة إلى آخر الأزمان وهي تزداد وتنقص ويفد إليها الناس من من الأصقاع في وقت ثم ينصرفون عنها أو أكثر منهم في وقت آخر أما ما ذكر في النص يدخل الكلب أو الذئب فيغذي على بعض سواري المدينة فلا بد من وقوعه سواء وقع في الزمن الأول أو في آخر الزمان أو في أثنائه والله المستعان، نعم.

طالب: ...................

على كل حال كون هذا في آخر الزمان لا يعني أن مثل هذا الذي نُص عليه في الحديث لم يقع ولا شك أنها في زمن الحرة خلت من أهلها حينما استبيحت حينما كثر القتل في زمن الحجاج وغيره المقصود أنها حصل عليها من الكوارث والمصائب ما حصل وأما ما أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- والخبر في الصحيحين لا بد من وقوعه فإما أن يكون قد وقع أو يكون مما سيقع في آخر الزمان قال وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة كان أمير بالمدينة ثم انتقل منها إلى الشام وتولى الخلافة هناك التفت إليها فبكى خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله من المدينة ثم التفت إليها فبكى ثم قال يا مُزاحم من رجاله وأعوانه أتخشى أن نكون ممن نفت المدينة لا شك أن هذا من باب اتهام النفس وإلا إن كان خروجه من أجل الخلافة فلا شك أنه لمصلحة راجحة لمصلحة راجحة يعني حينما تكون حينما يكون الشخص نفعه بالمدينة أقل ثم يجد النفع في غيرها أعظم تكون راجحة أو يكون نفوذه في المدينة أقل ونفوذه في غيرها أعظم هذه مصلحة راجحة كما كان الحال في عهد عمر بن عبد العزيز يعني شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله لما كان رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة ثم نقل رئيسًا للإفتاء بالرياض مثلاً ألا يقال أن هذه مصلحة راجحة؟ لا شك أنها مصلحة راجحة ولا يقال أن الشيخ ممن نفت المدينة لا يمكن أن يقول قائل بمثل هذا والله المستعان، سم.

أحسن الله إليك.

باب ما جاء في تحريم المدينة حدثني يحيى عن مالك عن عمرو عن عمرو مولى عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلع له أحد فقال «هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة وأنا  أحرم ما بين لابتيها» وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول لو رأيت الظُّباء.

الظِّباء.

أحسن الله إليك.

لو رأيت الظِّبا بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما بين لابتيها حرام» وحدثني مالك عن يونس بن يوسف عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه أنه وجد غلمانًا قد ألجئوا ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه قال مالك لا أعلم إلا أنه قال أفي حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع هذا؟! وحدثني يحيى عن مالك عن رجل قال دخل عليّ زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه عن أبي الأسوف قد اصطدت نُهسًا فأخذه من يدي فأرسله.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب ما جاء في تحريم المدينة لا شك أن المدينة حَرم ومكة حرم ولا ثالث لهما ومن خطأ الشائع أن يقال ثالث الحرمين لا حرم غير مكة والمدينة ومن ذلكم قول الناس في زمننا حرم الجامعة أو الحرم الجامعي كل هذا لا قيمة له شرعًا بل هو كغيره من الأماكن ما جاء في تحريم المدينة قال حدثني يحيى عن مالك عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلع له أحد يعني وهو سائر وقرب منه وتراءاه قال «هذا جبل يحبنا ونحبه يحبنا ونحبه» يعني نأنس به ولا يلزم من هذه المحبة أن يصرف له شيء مما يختص به الرب جل وعلا من التبرك به أو التعبد فيه بما لم يشرعه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو كان خيرًا لسبقنا إليه سلف هذه الأمة وأئمتها وما يفعل في الجبل الآن من بعض المزاولات من تبرك وشبهه من الوافدين وغيرهم يوجد بعض الأمور المخالفة لشرع الله جل وعلا من الغلو في هذا الجبل وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحبه ويأنس به وجعل الله فيه من الشعور حينما صعده النبي -عليه الصلاة والسلام- وتحرك به فقال له «اثبت أحد» هذه من معجزات النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن دلائل نبوته حيث خاطب الجبل وفهم الجبل عنه ومعجزاته كثيرة منها حنين الجذع ومنها شكوى الجمل ومنها أمور كثيرة من معجزاته -عليه الصلاة والسلام- كثير كثير نعم بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- «هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرّم مكةَ» يعني هل محبة الجبل لذات الجبل أو لأهله يعني كما يقول الشاعر:

وما حب الديار شغفن قلبي 

 

ولكن حب من سكن الديارا 

لا، النبي -عليه الصلاة والسلام- يحب هذا الجبل ويأنس به وهذا هو الأصل في مثل هذا السياق وجعل الله فيه من الشعور وفيه من الإدراك ما يجعله يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وينقاد لأمره حينما أمره بالثبات ثبت والقدرة الإلهية في جعل الشعور وهذا الإدراك في بعض الجمادات لا شك أنه القدرة صالحة لمثل هذا وإن كان بعضهم ممن يتكلم اليوم في طبائع الأشياء أنه يقول الأشياء ناميها وجامدها كلها عاقلة تعقل يعني ما فيه شيء ما يعقل يعني لمجرد أنه جاء في بعض النصوص ما يدل على مثل هذا التعميم هذا لا شك أنه خلل خلل في العقل يعني تجعل جماد حصاة {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ}[الإسراء:44] هذا لا شك أن القدرة الإلهية لا شك لكن مع ذلك هل يستطيع أن يدفع عنه ما يضره أو يجلب ما ينفعه كما هو مقتضى نظر العقلاء؟ لا يستطيع أن يفعل شيئا من ذلك فالعقل الذي هو مناط التكليف لا شك أنه خاص ببني آدم وكذلك الجن «هذا جبل» بعضهم ينازع في تسمية الملائكة عُقلاء وألف في هذا تنبيه أو إتحاف النبلاء في الرد على من زعم أن الملائكة غير عقلاء يعني إذا كان الملائكة الذين يعبدون الله جل وعلا بعدد الأنفاس لا يفترون هؤلاء يمكن أن يسلب عنهم العقل هذا من سلبه حري بأن يسلب عنه العقل لكن هو معروف الرجل هذا الذي قاله ولعله لم يجد نصًّا صريحًا يصفهم بالعقل لكن لا شك أن تصرفاتهم تصرفات العقلاء بل أشد من تصرفات كثير من العقلاء والله المستعان.

طالب: ...................

وغيره وغيره وغيره من الملائكة يوكل عليهم أمور أوكل إليهم أمور قاموا بها على خير قيام.

طالب: ...................

بعض بعض أهل العلم يجمد أحيانًا حتى يطلب النص الصريح في كل ما يطلب يعني ما يستدل به من الأمور العامة والخاصة يلقي عنها جانبًا يُنكِّب عنها جانبًا ويطلب نص يحتاج أن يقال في الكتاب أو في السنة أن الملائكة عقلاء والا ما يثبت العقل هذا الكلام ما هو بصحيح وجوه الاستدلال كثيرة في الشرع ولا شك أنه صدر صدر من شخص له عناية يعني بالنصوص لكنه مردود عليه كل يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم -عليه الصلاة والسلام- فقال «هذا جبل يحبنا ونحبه» وبالمقابل ما ذكر من أن كل شيء على وجه الأرض أو في أي صقع من الأصقاع أو بقعة من البقاع أنه عاقل اعتماد على مثل {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ}[الإسراء:44] وما يمكن أن يسبح وهو عاقل «اللهم إن إبراهيم حرّم مكة» يعني بطلبه من الله جل وعلا أن يجعل مكة حرامًا والتحريم والتحليل إنما هو لله جل وعلا وإبراهيم إنما هو مبلغ كما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مبلغ عن الله «وأنا أُحرِّم ما بين لابتيها» يعني الحرتين والحرة الأرض التي تكسوها الحجارة السود والحرتان ما بين في جهتي المشرق والمغرب وهما معروفتان الحرة الغربية والحرة الشرقية هذه حدود حرم المدينة من جهة الشرق والغرب وأما من جهة الشمال والجنوب فما بين عير إلى ثور قال وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يقول لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها يعني مع شدة حاجتها إليها يعني ولو اشتدت الحاجة إليها لو مات من الجوع ورأى الظِباء ى أرىجمع ظبي بالمدينة ترتع ما ذعرتها يعني ما أخفتها ولا أفزعتها قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن ما بين لابتيها حرام» قال وحدثني مالك عن يونس بن يوسف عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب الأنصاري أنه وجد غِلمانًا قد ألجئوا ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه فطردهم عنه لأن هذا من باب إخافته من باب الإخافة قال مالك لا أعلم إلا أنه قال أفي حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُصنع مثل هذا؟! بلد دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن يحرمه كما حرم إبراهيم مكة وما جاء في تحريم المدينة لا شك أن ما جاء في تحريم مكة أشد وأقوى والجزاء في صيد الحرم معروف حتى في شجره مع المنع والتحريم جاء فيه الجزاء وأما بالنسبة لمكة فيختلفون في الجزاء هل يقاس على بالنسبة للمدينة هل يقاس على مكة أو يقال فيه الذم فقط وعليه التوبة والاستغفار؟ ومنهم من يفرق بين ما صِيد في الحرم فيجعل فيه الجزاء وما صيد خارج الحرم وأدخل إليه لا جزاء فيه وعلى كل حال حديث «يا أبا عمير ما فعل النغير» يدل على أن الصيد في المدينة ليس حكمه حكم الصيد بمكة وأما بالنسبة للأشجار فشجر مكة فيها الفداء وشجر المدينة منهم من يقول أنه لا شيء فيه مع المنع منه ومنهم من يقول أن حكمه لا يختلف عن مكة ومنهم من يقول فيه السلب كما فعل سعد بن أبي وقاص وحدثني يحيى عن مالك عن رجل قال دخل علي زيد بن ثابت وأنا بالأسواف يعني موضع بأطراف المدينة بين الحرتين يعني واقع في الحرم قد اصطدت نُهْسًا يقول النهس طائر يشبه الصُّرَد يديم تحريك رأسه وذنبه يصطاد العصافير ويأوي إلى المقابر هذا النهس قد اصطدت نُهسًا فأخذه من يده فأرسله فأرسله لكن هل أخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- النُّغَر أو النغير من يد أخي أنس الصغير وأرسله أو ما أخذه؟ ما أخذه بدليل أنه سأله عنه مرة أخرى فقال يا أبا عمير ما فعل النغير فيدل على أن حكم المدينة يختلف عن حكم مكة.

 

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...

"