التعليق على تفسير سورة البقرة من تفسير الجلالين (10)

بسم الله الرحمن الرحيم،

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قال رحمه الله تعالى:

{مَثَلُهُمْ} صفتهم في نفاقهم {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ} أوقد {نَارًا} في ظلمة {فَلَمَّا أَضَاءَتْ} أنارت {مَا حَوْلَهُ} فأبصر واستدفأ وأمن ممن يخافه"

وأمِنَ ممن يخافُه

"وأمن ممن يخافُه {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} أطفأه وجمع الضمير مراعاة لمعنى الذي {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرونَ} ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين، فذلك"

فكذلك

"فكذلك هؤلاء آمنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ما توا جاءهم الخوف والعذاب"

هم صم

"هم {صُمٌّ} عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول {بُكْمٌ} خرس عن الخير فلا يقولونه {عُمْيٌ} عن طريق الهدى فلا يرونه {فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} عن الضلالة".

بسم الله الرحمن الرحيم،

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

لما بين الله -سبحانه وتعالى- حقيقة المنافقين وأنهم يقولون آمنا بالله وباليوم الآخر، وأن الله أكذبهم بقوله: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}، ثم أنهم لما يقال لهم: {لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} وأنهم إذا قيل لهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوْا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} الذين هم محمد وأصحابه محمد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} يرمون محمدًا وأصحابه –صلوات الله وسلامه عليه- بالسفاهة {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} تولى الله -سبحانه وتعالى- الرد عليهم بأنهم هم السفهاء {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} تولى الله سبحانه الرد عليهم لأنهم هم السفهاء {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} يصرحون بأنهم آمنوا يعني بألسنتهم حقنًا لدمائهم "{وَإذَا خَلَوا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} رؤسائهم" كبار المنافقين أو ممن يقتدون بهم ويقدمونهم على غيرهم من اليهود "{قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} في الدين" أي أنهم مصرون على كفرهم في الباطن وإن أظهروا للرسول –عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام أنهم مسلمون مؤمنون "{قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} بهم" {اللهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ} وعرفنا ما لأهل العلم من الكلام الطويل في الاستهزاء وإضافته إلى الله –-سبحانه وتعالى-.

"{اللهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ وَيُمِدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ} في تجاوزهم الحد في الكفر {يَعْمَهُونَ} يترددون" {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} وعرفنا معنى الضلالة والهدى ومعنى الاشتراء هنا {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} إلى آخره، لما ذكر الله –-سبحانه وتعالى- ذلك عنهم بين حقيقة حالهم فيما ذكر عقب ذلك بضرب المثل لهؤلاء المنافقين المدعين الإيمان ضرب لهم الأمثال زيادة في التوضيح والتقرير والتشنيع، والمثل في أصل كلامهم يمعنى المثل والنظير يقال مثَل ومِثِل ومثيل كشبه وشِبه وشبيه، وقيل المثل في الأصل الصفة وهو المراد هنا أي صفتهم كصفة المستوقد نارًا كذا قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [سورة الرعد:35] أي فيما قصصنا عليك من العجائب قصة الجنة العجيبة، {وَللهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [سورة النحل:60] أي الوصف الذي له شأن عظيم {وَمَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} أي وصفهم فيها وشأنهم المتعجب منه، ولذا قال المؤلف هنا: "{مَثَلُهُمْ} صفتهم في نفاقهم" وأما المثل في قوله تعالى: ضرب الله مثلاً.. في قوله: "{إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً} [سورة البقر:26] على ما سيأتي فهو القول السائر، الذي فيه غرابة من بعض الوجوه ولذا حوفظ على لفظه فلم يغير فيقال لكل من فرط في أمره عسر مدركه الصيفَ ضيعتِ اللبن هذا خطاب لامرأة الصيفَ ضيعتِ اللبن فيقال لمن فرط الصيف ضيعت اللبن وإن كان رجلاً ولو جاء اثنان وفرطا في أمر قد عسر إدراكه يقال لهما: الصيفَ ضيعتِ اللبن وهكذا فيطلق على الواحد من المثنى والمجموع من الذكور والإناث، والمثل كما هو معروف أصله ضرب لامرأة خطبها رجل عنده إبل وفيها اللبن خطبها في الصيف ولما جاء الشتاء احتاجت إلى شيء من اللبن فجاءت تسأله فقال الصيف ضيعت اللبن يعني لو أنك قبلت بي زوجًا لك لأدركتِ اللبن في الصيف وفي الشتاء أيضًا، والمقصود من ضرب الأمثال فائدة منها أنها تؤثر في القلوب ما لا يؤثره وصف الشيء نفسه وذلك لأن الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد فيتأكد الوقوف على ما هيته ويصير الحس مطابقًا للعقل وذلك في نهاية الإيضاح، ألا ترى أنه -سبحانه وتعالى- لما ضرب المثل للضعف ببيت العنكبوت كان ذلك أبلغ في تقرير صورته من الإخبار بضعفه مجردًا، ولهذا أكثر الله -سبحانه وتعالى- في كتابه المبين من ضرب الأمثال وقال: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالَ نَضْرِبُهَا لِنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ} [سورة العنكبوت:43] وإذا كان بعض السلف إذا قرأ المثل فلم يفهمه بكى لأنه يستدل بذلك على أنه ليس من أهل العلم وسيأتي بسط ذلك وتقريره في قوله تعالى: "{إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي}  [سورة البقرة:26] إن شاء الله تعالى.

"{مَثَلُهُمْ} صفتهم في نفاقهم" {كَمَثَلِ الَّذِي} {مَثَلُهُمْ} مرفوع بالابتداء والخبر في الكاف كما فهي اسم كما في قول امرؤ القيس:

 ورحنا بكبن الماء يجنب وسطنا              .......................

أراد بمثل ابن الماء ومعروف أن هذا مذهب الأخفش فإنه يجوز أن تكون الكاف عنده اسم باطراد وأما مذهب سيبويه فإنه لا يجوز ذلك إلا في الشعر خاصة، يجوز أن يكون الخبر محذوفًا وهو متعلق الجار والمجرور كمثل فيكون التقدير مثلهم مستقر كمثل فالكاف على هذا حرف وليست اسم، {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي} الآن مثلهم الهاء والميم علامة على؟ على أن الممثل جمع {كَمَثَلِ الَّذِي} الممثل به ماذا؟ مفرد كيف مثلت الجماعة بالواحد؟ يعني هل يجوز أن نقول لرجال رأيناهم فيهم الطول أن نقول كأنهم نخلة؟ نعم؟

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ ....مثل كل واحد منهم كمثل النخل.....

نعم.

طالب: ....................

كمثل الذي؟

طالب: ....................

جنس الذي استوقد، {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي} أولاً عرفنا الإشكال؟ أن الممثل جماعة والممثل به الذي وهو في الأصل للواحد والجماعة لهم الذين وإذا جاز إطلاق لفظ الجمع على الواحد والعرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع فهل يجوز العكس؟ العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع كما نص على ذلك الإمام البخاري في صحيحه في تنزيل سورة: {إِنَّا أَنْزَلْنَهُ} [سورة القدر:1] فهل يجوز العكس؟ يذكر الواحد ويراد به الجماعة {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوقَدَ} من الأجوبة ما قيل: أن الذي يقع للواحد والجمع قاله القرطبي، وإذا كام الذي يقع للواحد ويقع للجمع فلا إشكال حينئذ.

وقال ابن الشجري: من العرب ما يأتي أو من يأتي بالجمع بلفظ الواحد كما قال الشاعر:

وَإِنَّ الَّـــــذِي حَــــانَـــتْ بَـــــفَــــلْـــجٍ دِمَــاؤُهُمْ    هُـــــــمُ الْقَــــــــــــوْم كُــــلُّ الْقَــوْمِ يَـــــا أُمّ خَـــالِـــــد

إن الذي هذا مفرد، حانت بفلج دماؤهم هم القوم لكن هذا الكلام لا يرتضيه الطبري رحمه الله تعالى في كلام طويل، فليرجع إليه، خلاصته أن العرب فرقت بين الذي والذين وجعلت استعمال الذي للمفرد والذين للجمع فإذا أريد الجمع قيل الذين، فهل أريد الجمع هنا؟

الرازي يقول: الجواب من وجوه، يجوز في اللغة "هذا الوجه الأول" يجوز في اللغة وضع الذي موضع الذين كقوله: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [سورة التوبة:69] هذا الوجه الأول عنده  يجوز في اللغة وضع الذي موضع الذين كقوله: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} لكن هل هذا مما نحن فيه؟ أو المقصود وخضتم كالخوض الذي خاضوه؟ نعم؟ نعم خضتم كالخوض الذي خاضوه فالآية ليست مما نحن فيه، والثاني: أن يكون المراد جنس المستوقدين الذي استوقد جنس المستوقدين، أو أريد الجمع أو الفوج الذي استوقد نارًا أو الجمع الذي استوقد نارًا، وثالثها: وهو الأقوى عند الرازي أن المنافقين لم يشبهوا بذات المستوقِد حتى يلزم منه تشبيه الجماعة بالواحد وإنما شُبهت قصتهم بقصة المستوقِد وهذا على ما تقدم في أن المراد بالمثل هنا القصة.

ومثله قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ } [الجمعة:5] ما قال كمثل الحُمُر، فالمراد تشبيه القصة بالقصة، ومن المعلوم أن التشبيه لا يلزم منه المطابقة من كل وجه، الآن قصة هؤلاء المنافقين تشبه قصة المستوقد تشبيه رؤية الله -سبحانه وتعالى- برؤية القمر هل يلزم منها التشبيه من كل وجه؟ لا هنا شبهت القصة بالقصة ولم يشبه الأشخاص بالشخص إنما شبهت قصتهم ومن ذلك البروك الذي كثر الكلام فيه: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه» قد يقول قائل وقد قيل: أن هذا هو البروك بعينه إذا وضع يديه قبل ركبتيه هذا هو البروك فيكون أول الحديث ينقض.. آخر الحديث ينقض أوله، لكن هل هذا هو المراد وإلا لا؟ ليس هذا هو المراد والحديث مترابط ويشهد آخره لأوله وليس المقصود من النهي عن البروك وضع اليدين قبل الركبتين وإلا لتناقض الخبر وإنما المنهي عنه البروك مثل بروك البعير «فلا يبرك كما يبرك البعير» متى يقال برك البعير؟ إذا أثار الغبار وفرق الحصى، فإذا نزل بقوة على يديه وفرق الغبار وفرق الحصى وأثار الغبار برك كما يبرك البعير لكن المقصود أن يضع يديه قبل ركبتيه مجرد الوضع وحينئذٍ لم يبرك كما يبرك البعير، يعني في كلام طويل ليس هذا موضع بسطه وإنما المقصود أن التمثيل لا يلزم منه المطابقة من كل وجه، وهنا المراد القصة قصة المنافقين تشبه قصة الذي استوقد، يقول ورابعها: المعنى مثل كل واحد منهم كقوله تعالى: {يُخْرِجِكُمْ طِفْلًا} [سورة غافر:67] هل معناه أنه يخرجكم كلكم طفلاً واحدا؟ نعم؟ لا. أي يخرج كل واحد منكم، ولا شك ان المقصود هنا أن المنافقين لم يشبهوا.. ذواتهم لم تشبه بذات المستوقد ليلزم منه المطابقة وإنما المقصود قصتهم تشبه قصة المستوقد وحينئذ لا تنافر بين المشبه والمشبه به وإن كان المشبه جمع والمشبه به واحد.

"{مَثَلُهُمْ} صفتهم في نفاقهم {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ}" يقول المفسر: "أوقد" استوقد أوقد يقول ابن جرير: "{اسْتَوْقَدَ} نارًا" فإنه في تأويل أوقد يعني في معنى أوقد كما قال الشاعر:

وَدَاعٍ دَعَــــــا يَــــــــا مَــــــــنْ يُجِــيــبُ إِلَـــــى الـــنَّـــدَى     فَــلَـــْم يَـسـْـــتَــجِـــبـــْهُ عِــنْـــدَ ذَاكَ مُــــــجِيبُ

يعني فلم يجبه، "{اسْتَوْقَدَ} أوقد نارًا في ظلمة" ووقود النور سطوعها وارتفاع لهبها والنار كما قالوا جوهر لطيف مضيء محرق واشتقاقها من نار ينور إذا نفر لأنها فيها حركة واضطرابًا والنار مؤنثة تقول النار أوقدتها فهي مؤنثة وهي واوية لأنها من النور  والناور واوي والدليل على ذلك التصغير والجمع. والتصغير والجمع يرد الكلمة إلى أصولها، فالنار يقال في تصغيرها نويرة وفي الجمع نُوَر وأنوار ونيران قد يقول قائل هذه ياء وليست واو نيران لماذا لا تكون النار يائية، نقول انقلبت الواو ياءً لكسر ما قبلها لأن ما قبلها مكسور، فلما أضاءت نعم؟

طالب: ....................

كيف؟ ماذا؟

طالب: ....................

أنيار؟ هاه تجمع الأنيار؟ هاه تجمع؟ كيف؟

طالب: ....................

لكن أفعل أنيار وإلا أنوار؟ هاه؟

طالب: ....................

خلاص.

طالب: ....................

ما تجمع لا، لأنها واوية لابد أن تكون واو والجمع يرد الكلمة إلى أصلها وإنما قيل نيران لكسر ما قبلها فانقلبت الواو ياءً، "{فَلَمَّا أَضَاءَتْ} أنارت" والإضاءة فرط الإنارة ومصداق ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [سورة يونس:5] يعني غاير بين القمر وبين الشمس وفي المحسوس نور الشمس أشد من نور القمر، فدل على أن الضياء أشد من النور يقول القرطبي: ضاءت وأضاءت لغتان يقال ضاء القمر يضوء ضوءً وأضاء يضيء.

"{فَلَمَّا أَضَاءَتْ} أنارت {مَا حَوْلَهُ}" "ما" هذه هاه؟ نعم؟

طالب: موصولة.

موصولة {أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} ألا يصح أن يقال: فلما أضاءت حوله فعلى هذا تكون صلة على ما يقول كثير من المفسرين، صلة من حيث الموقع الإعرابي تكون زائدة على كلامهم لكن من باب التأدب يقولون صلة، لأن صلة الموصول لا محل لها من الإعراب فيشبهون هذه بها، وإن كان كانت فائدتها من حيث المعنى التوكيد، وقيل مفعولة بأضاءت فتكون حينئذٍ موصولة، وحوله: ظرف مكان والهاء في موضع خفض بإضافة الخفض إليها، "{فَلَمَّا أَضَاءَتْ} أنارت {مَا حَوْلَهُ} فأبصر" يعني استفاد من هذه النار أبصر ما حوله "واستدفأ وأمن مما يخافه {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}" كونه يبصر بواسطة هذه النار وكونه يحصل له الدفئ بواسطة هذه النار ظاهر، لكن كونه يأمن ممن يخافه يقول: "وأمن ممن يخافه" يناسب إيقاد النار؟ نعم؟ أو الذي يناسب الأمن الظلام؟ لأن لا يراه مصدر الخوف؟ هاه؟

طالب: ....................

كيف؟ إذا أضاء ممن يخافه.

طالب: ....................

إذا أضاء من الخوف، تصور نفسك في غرفة مثلاً مظلمة الآن خايف نعم، فإذا أشعلت المصباح أمنت صحيح وإلا لا؟ لكن هل هذا الخوف حقيقي وإلا وهمي؟ الباب موصد، تصور نفسك في برية وأنت في ظلام تأمن وإلا تخاف؟ تخاف من جهة لكن ما الذي يدل العدو عليك؟

طالب: ....................

النار، فقوله: "أمن ممن يخافه" مالحاجة إليها؟ لأنه قد يحصل الأمن بالنور وقد يحصل الخوف بالنور نعم قد يدل عليه عدوه هذا النور يدل عدوه عليه.

طالب: ....................

هاه؟

طالب: ....................

بهذه النار؟

طالب: ....................

أنت تصور المسألة في شخص أوقد نار فأبصر ما حوله صحيح يبصر بالنار لأنه مصدر من مصادر النور "استدفأ" نعم يدفأ يحصل له الدفء بالنار لكن هل يحصل له الأمن ممن يخافه؟ هو الخوف...

طالب: ....................

يتقي بها يبصر ما حوله يعني يرجع إلى الأولى أنها ترجع إلى الأولى، على كل "وآمن ممن يخافه" هذه لا شك أنها محتملة أن تكون مصدر أمن ومصدر خوف.

"{ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}" ذهب وأذهب لغتان من الذهاب وهو زوال الشيء، "{ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}" يعني "أطفأه وجمع الضمير نُورِهِمْ مراعاة لمعنى "الذي"" لا شك أن "الذي" اسم من الأسماء الموصولة من صيغ العموم، لكن هل الذي معناه الجمع ولفظها المفرد مثل "مَن"؟ يعني لو كان التعبير: مثلهم كمثل من استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله لاحظ لفظ "من" ذهب الله بنورهم لاحظ معنى من هذا ظاهر لأن من تطلق على الواحد وعلى الجميع فلفظها المفرد ومعناها الجميع، لكن "الذي" هنا يقول: "{ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} أطفأه وجمع الضمير مراعاة لمعنى الذي".

طالب: ....................

لا مقتضى كلامه أن الذي لها لفظ ولها معنى، من حيث اللفظ مفرد ومن حيث المعنى جمع مثل "من" لكن هل هذا صحيح؟ يعني لو جاء التعبير بمَن الموصولة نعم، وتقدم مثال ذلك في هاه؟ هاه؟ تقدم هذا مراعاة لفظ "من" ومعناها، لفظها مفرد ومعناها الجمع، هاه من يذكرنا؟

طالب: ....................

{مَنْ يَقُولُ} الضمير مفرد {آمَنَّا} {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا} ما قال من يقولون آمنا فلاحظ وراعى لفظ من آمنا ما قال من يقول آمنت لاحظ حينئذٍ معنى مَن فهل الذي بمعنى مَن؟ كلاهما موصول لكن ذاك مشترك بين الواحد والجمع وهذا لمحض الواحد والمثنى له صيغة والمجموع له صيغة، "{وَتَرَكَهُمْ}" أي أبقاهم "{فِي ظُلُمَاتٍ}" جمع ظلمة ظلمات جمع ظلمة وقرأ الأعمش: ظُلْمَات بإسكان اللام على الأصل الأصل ظلمة زد عليها الألف والتاء فتكون ظلمات، ومن قرأها بالضم فللفرق بين الاسم والنعت، ما معنى هذا الكلام؟ الأصل ظُلْمَات على قراءة الأعمش، لأنه جمع ظُلْمَة، من قرأها بالضم وهم الأكثر ظُلُمَات يقول فللفرق بين الاسم والنعت هاه؟ يعني الأصل في الكلمة ظُلْمَة من الظلام الذي يقابل النور ظُلْمَة، فإذا قيل ظُلُمَات صار نعتًا وليس اسمًا موضوعاً لما يقابل من النور فلتفريق بين الاسم والنعت فالمراد هنا النعت ضم ثانيه تبعًا لأوله، قرأ أشهب العقيلي: ظُلَمَات بفتح اللام.

"{لَا يُبْصِرونَ} ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين، فكذلك هؤلاء أمنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ما توا جاءهم الخوف والعذاب".

"{لَا يُبْصِرونَ} ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين"، خائفين بسبب ماذا؟ بسبب الظلمة صاروا خائفين، لكن قد يكون هذا الخوف حقيقي وقد يكون وهمي، الخوف الوهمي يترتب عليه أحكام وإلا لا؟ نعم؟ ما يترتب عليه أحكام شخص في ظلمة الليل وليس لديه نور والماء عنده خارج الغرفة أو خارج البيت عند الباب برا وهو خائف هذا خوف حقيقي وإلا وهمي؟ وهمي نعم لو كان هناك ما يغلب على ظنه أنه مخوف عند الباب عدو أو سبع وغلب على ظنه وجود ذلك صار الخوف حقيقي وترتبت عليه الأحكام، فإذا كان الماء خارج البيت والشارع ظلام لكن لا يغلب على ظنه وجود شيء بل الغالب على ظنه لا شيء فيه لكن مصدر الخوف عنده الظلام، هذا موجود عند كثير من الناس نعم يتيمم وإلا ما يتمم نعم كيف؟

طالب: ....................

ما يتمم لأن الوهم لا يرتبط به حكم، وإن قال بعضهم: أنه يتيمم والخوف المتوهم عند كثير من الناس أقوى وأشد وقع من الخوف الحقيقي لدى بعض الناس، وهذا واقع الناس تجبره على أن يخرج في الظلام ما يستطيع يخرج فأنت طلبت منه أمرًا مستحيلاً.

{لَا يُبْصِرونَ} فعل مستقبل في موضع الحال كأنه قال غير مبصرين، يقول القرطبي: اختلف النحاة في جواب "لما" {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} اختلف النحاة في جواب لمّا عود الضمير في نورهم {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} فقيل جواب لمّا محذوف وهو طفئت {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} طفئت والضمير في نورهم على هذا للمنافقين {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} طفئت {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} يعني المنافقين، والإخبار بهذا عن حال تكون في الآخرة كما قال تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسًورٍ لَهُ بَابٌ} [سورة الحديد:13] وقيل جواب لما {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} إلى آخره، {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} الجملة تامة، والضمير في نورهم عائدٌ على  الذي. إذا قلنا جواب لما محذوف تقديره طفئت {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} طفئت انتهى الكلام عن المستوقد نعم وكلام جديد يتعلق بالمنافقين {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} وحينئذٍ يكون الضمير نورهم عائد على المنافقين وإذا قلنا جواب لمَّا {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}.

طالب: ....................

الضمير في نورهم يكون حينئذٍ عائد على الذي وهو الذي اختاره المفسر هنا بدليل قوله "جمع الضمير بقوله مراعاة الذي {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}" نور من؟ نور الذي استوقد وعلى القول الأول أن جواب لما محذوف تقديره طفئت {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} نور المنافقين، والمعنى المراد بالآية ضرب مثل للمنافقين وذلك أن ما يظهرونه من الإيمان الذي تثبت لهم به أحكام المسلمين من التناكح والتوارث وإصابة الغنائم والأمن على النفس والأموال بمثابة من أوقد نارًا في ليلة مظلمة فاستضاء بها ورأى ما ينبغي أن يتقيه وأمن منه إذا رأى من يتقيه هل يأمن منه؟ تقدم الكلام فيه وأن النار قد تكون مصدر أمن وقد تكون مصدر خوف، فإذا طفئت عنه أو ذهبت وصل إليه الأذى وبقي متحيرًا فكذلك المنافقون لما آمنوا اغتروا بكلمة الإسلام ثم يصيرون بعد الموت إلى العذاب الأليم، كما أخبر التنزيل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّار} [سورة النساء:145] ويذهب نورهم ولهذا يقولون: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّار} يعني تحت الكفار، أبو طالب عم النبي –عليه الصلاة والسلام- كافر وإلا منافق؟ نعم؟

طالب: كافر

كافر، في الحديث الصحيح أن النبي –عليه الصلاة والسلام- نفعه وشفع له لا على أن يخرج من النار وإنما ليخفف عنه من عذابها فهو في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه يقول: «ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» وهو كافر، والآية تقول: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّار} [سورة النساء:145] وأبو طالب كافر وليس بمنافق والرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول: «ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» كيف يكون أبو طالب وهو في الدرك الأسفل من النار وهو معد للمنافقين؟

طالب: ....................

من أي وجه؟

طالب: أنه عرف الحق وصدّق به وصدقت به نفسه ولكن... التعصب للجاهلية أن يؤمن به مع أنه يعلم أنه الحق......

يعني قامت عليه الحجة بأجلى صورها؟

طالب: وهو مصدق بها في نفسه

الآن هو موافق للمنافقين أو ضد المنافقين تمامًا؟

طالب: هو ضد المنافقين تمامًا يا شيخ لكن قامت عليه الحجة ليس كغيره من المشركين أو الكفار  قامت عليه الحجة بأجلى صورها

نعم؟

طالب: ....................

لا المقصود الأسفل الآخر الأخر منه من هذه الدركات أسفل الدركات فهو معهم في طبقتهم لولا شفاعة النبي –عليه الصلاة والسلام- وهو كافر وحاله ضد حال المنافقين هاه؟

طالب: ....................

كم باقي؟ باقي باقي القليل، عرفنا الإشكال؟ نعم؟

طالب: ....................

نعم؟

طالب: ....................

ومعهم عتات الكفار؟ نعم يا شيخ.

طالب: ....................

يعني الدرك الأسفل؟ هو الدرك الأسفل للمنافقين كما قال الله -سبحانه وتعالى- لكن هل معهم غيرهم من الكفار كما أخبر النبي –عليه الصلاة والسلام- أن أبا طالب في الدرك الأسفل لولا شفاعته؟

طالب: ما يمنع.

أن يكون معهم بعض عتات الكفار وأبو طالب قامت عليه الحجة واعترف بأن دين محمد حق، حتى قال:

وَلَـقِـدْ عَـلِمـتُ بِـأَنَّ دِيـنَ مُـحَـمَّـدٍ     مِنْ خُـيـرِ أَدْيَــانِ الـبَـرِيَّـةِ دِيـنــاً

لَـوْلَا الْـمَـذَمــةُ أَوْحِـذَارُ مَـسَـبَّـةٍ    لَـوَجَـدْتَـنِي سَـمْـحًا بِــذَاكَ مُبــيـنًـا

وإلا فواقعه نقيض واقع المنافقين، المنافقون إيمانهم بألسنتهم فقط قلوبهم على الكفر وهذا قلبه مصدق ومعترف بالحق لكنه عاند وأصر وكابر فلم ينطق بكلمة الحق، وعلى هذا من وقر الإيمان في قلبه هذا كله استطراد لكنه قد يحتاج إليه المشابهة من وقر الإيمان في قلبه فلم ينطق بالشهادة لمانع أو لغير مانع إذا كان المانع خِلقي أخرس فهو مؤمن في الدنيا والآخرة، تكفي إشارته تكفي أفعاله التي تدل على إيمانه ومن لم ينطق لضيق الوقت مثلاً وقر الإيمان في قلبه لكن ما تمكن من أو ما وفق لشخص يلقنه الشهادة فهو في أحكام الدنيا كافر، وفي الآخرة الله –-سبحانه وتعالى- يتولاه وهذه المسألة تبحث عند أهل العلم وكان النظر في بادئ الأمر يظنها من باب تميم القيسمة يعني الواقع ما يشهد بها، وهي واقعة قد جاء سؤال من شخص افريقي له زميل نصراني يقول: دعوته إلى الإسلام فوقر الإسلام في قلبه فقال اذهب بنا لشيخ نسْلم على يديه لكن ما نطق بالشهادة ذهبوا إلى الشيخ، قال الشيخ الآن باقي على الآذان ربع ساعة يالله يمدينا نتجهز للصلاة ثم بعد الصلاة تجون إن شاء الله، يقول خرجنا من عند الشيخ وفيه إطلاق نار قتل الرجل وانتهى، ما نطق بالشهادة لا شك أن هذا حرمان لهذا الشيخ وإن كان جهل من هذا الطالب المسلم وإلا تلقين الشهادة ما الذي يريده؟ نعم؟ ما يحتاج إلى وسائط عندنا الأمر ما يحتاج إلى وسائط الشهادة ظاهرة ويعرفها الخاص والعام والعالم والجاهل فلا تحتاج لمثل هذا نعم في الأمور الرسمية من أجل الإقامة ومن أجل الدين يتغير من كذا إلى كذا لكن تلقينه الشهادة في أول لحظة لأن لا يحرم من أن يعامل معاملة المسلمين في الدنيا.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ.

نعم؟

طالب: ....................

لا هذا ما ينبغي، صحيح أن الأثر المترتب على اسلامه من غير روية ولا نظر إذا تبعه ردة الأمر بالنسبة له أشد المرتد أشد من الكافر الأصلي لكن مآل الجميع الخلود في النار يعني كونه مرتد حده القتل ذهاب دنيا لكن الإشكال بذهاب الآخرة، تقول له فكر يوم يومين ثلاثة ثمن يجيه من يغير رأيه ويستمر على كفره! لا لا فرصة.

طالب: ....................

نعم.

طالب: ....................

إيه في الدنيا كافر ما شهد.

 طالب: ما يصلى عليه؟

لا يصلى عليه ويدفن بثيابه.

طالب: في الآخرة؟

في الآخرة الله يتولاه، بل حكم جمع من أهل العلم بأنه حكمه في الآخرة مسلم مؤمن، ما دام وقر الإيمان في قلبه والله يتولاه أما في الدنيا فلابد من العلامات الظاهرة وهي النطق نعم؟

طالب: ....................

إيه.

طالب: ....................

«لكان في الدرك الأسفل من النار» كأنه يشير إلى ما جاء في القرآن

طالب: ....................

هاه؟

طالب: ....................

إيه؟

طالب: ....................

نعم.

طالب: ....................

له لا شك أنه في نار الكفار لكنها تختلف حتى الكفار يختلف العذاب من كافر إلى كافر نعم، تبعًا لتوغله في الكفر وإيذاءه للإسلام والمسلمين وأهله، الله المستعان.

طالب: ....................

في ضحضاح مثل التنور أو أشد؟ الذي يعذب به الزناة، لكن هذا دائم سرمدي أبدي لا انقطاع له ولا انتهاء هذا الفرق.

طالب: ....................

وعرفت خاتمته؟

طالب: نعم

كل كافر في النار

طالب: ....................

لا الصورة الظاهرة قبضت روحه وهو ساجد لصنم هو كافر وكل كافر في النار، وإذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار وهذا منه يشكل إطلاق بعض أهل العلم أنه لا يشهد لأحد أو لمعين بجنة ولا نار والمعروف أن هذا الحكم لأهل القبلة وإن طرده بعضهم في كل أحد وأن النار بيد –الله -سبحانه وتعالى- إن شاء وإن شاء مع أن المشرك مقطوع له بالنار مجزوم {إن الله لا يغفر أن يشرك به}، فكيف يتردد مثل هذا التردد.

طالب: ....................

ما المعنى؟ ما دام مات على كفر ونجزم أنه مات على كفر ما ال.. الله يحكم عليه {إن الله لا يغفر أن يشرك به} وقد مات ساجد لصنم.

طالب: ....................

نعم؟

طالب: ....................

لا المسألة مفترضة في شخص ماله عذر من جميع الوجوه.

طالب: ....................

إذا مات إذا ما قامت عليه الحجة معروف فترة يمتحن.

طالب: ....................

الذي ما تبين لك تتوقف فيه ما يلزم وإن كانت القاعدة كل كافر بالنار وأن الشرك لا يغفر وهكذا، هذا المثل.

طالب: ....................

كيف؟

طالب: ....................

لا هو الإشكال أن الورع قد يجر إلى ما هو أشد منه، لأن من لم يكفر الكافر على خطر عظيم نعم ومن كفر المسلم على خطر، نعم؟

طالب: ....................

إيه ما فيه شك أنه مزلة ما فيه شك، هذا المثل ذكر الرازي فيه إشكالات كعادته، ومعروف يا أخوان أن تفسير الرازي كله إشكالات وكله شبه وأحيانًأ يقوى بيانه لإزالة الإشكال وإزالة الشبهة وأحيانًا يضعف، بل في كثير من الأحيان يضعف ولا يعني هذا أننا ننقل من الرازي نقره في تفسيره، لا، قد يكون كلامه مقبول والحق ضالة المؤمن يأخذها ممن جاء بها وقد تؤخذ الفائدة من الكافر قد تؤخذ من الفاجر صدقك وهو كذوب أخبره بسبب الحفظ ومداومة على تفسير.. على آية الكرسي فأخف.. فأقر النبي –عليه الصلاة والسلام- وهو الشيطان لكن لا يعني هذا أننا نستطرد ونأخذ كل شيء من تفسير الرازي، تفسير الرازي فيه هفوات وفيه طوام وفيه شبه حتى قال قائلٌ: فيه كل شيء إلا التفسير. مع أن هذا القول في إجحاف، وقال بعضهم: الشبه نقد والأجوبة نسيئة. لأنه قد يضعف عن إجابة الشبهة ولذا لا ينصح بطالب العلم المبتدئ بقراءة هذا الكتاب لأن عليه خطر عظيم منه، هنا أورد اشكالات

أحدها: أن يقال ما وجه التمثيل على أن الرازي في باب القدر جبري؟ فالذي يقرأ في تفسير الرازي يكون على حذر من هذه المسألة، يعني إضافة إلى أنه منظِّر في توحيد الأسماء والصفات على طريقة الأشاعرة يعني لا يوجد من خدم مذهب الأشاعرة مثله أبدًا جلاه وصوره ورد على المخالفين وقسى على المثبتين من أهل السنة، المقصود أن الكتاب ضرره كبير فينبغي لطالب العلم المبتدئ الذي لا يدرك كل شيء أن لا يقرأ في مثل هذا الكتاب، وفي تفاسير الأئمة المعتمدين غنية عن مثل هذا الكتاب، أحد هذه الاشكالات يقول: ما وجه التمثيل بمن أعطي نورًا ثم سلب منه ذلك النور؟ مع أن المنافق ليس له نور ! لماذا؟ لأن -الله -سبحانه وتعالى- أكذبهم فقال: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} وأوردنا في الدرس الماضي أو الذي قبله قوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا} ماذا؟ {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}

طالب: ياشيخ

نعم؟

طالب: ....................

أيهم؟

طالب: ....................

إيه لا، يؤتى بها على وجهها.

طالب: ....................

فهذا يدل على أن المنافقين منهم من لم يقر الإيمان في قلبه وهم الذين أكذبهم الله -سبحانه وتعالى- في قوله: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} يعني رد دعواهم من الأصل يقولون {آمَنَّا وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} ومنهم من آمن دخل في الغيمان لكن لشبهة أو لشهوة طرأ عليه النفاق، ومنهم: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} أثبت الله لهم الإيمان وهنا يقول أن يقال: ما وجه التمثيل بمن أعطي نورًا ثم سلب ذلك النور منه مع أن المنافق ليس له نور.

"ثانيها": ثاني الإشكالات "أن يقال أن من استوقد نارًا فأضاءت قليلاً فقد انتفع بها وبنورها ثم حُرم" يعني انتفع قليل ثم حرم "فأما المنافقون فلا انتفاع لهم ألبتة بالإيمان فما وجه التمثيل؟"

طالب: ....................

نعم؟ في الدنيا طيب.

طالب: ....................

"وثالثها: أن مستوقد النار قد اكتسب لنفسه النور والله تعالى ذهب بنوره وتركه في الظلمات والمنافق لم يكتسب خيرًا وما حصل له من الخيبة والحيرة فقد أوتي فيه من قبل نفسه فما وجه التشبيه؟ الجواب في كلام طويل من ثمانية أوجه أجاب، والجواب أن العلماء ذكروا في كيفية التشبيه وجوهًا

أحدها: قال السُّدِّي أن ناسًا دخلوا في الإسلام عند وصوله –عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة ثم إنهم نافقوا فالتشبيه هاهنا في نهاية الصحة لأنهم بإيمانهم أولاً اكتسبو نورًا ثم بنفاقهم ثانيًا أبطلوا ذلك النور ووقعوا في حيرة عظيمة فإنهم لا حيرة أعظم من حيرة الدين لأن المتحير في طريقه لأجل الظلمة لا يخسر إلا القليل من الدنيا، وأما المتحير في الدين فإنه يخسر نفسه في الآخرة أبد الآبدين. يعني المتحير في الظلمة نعم إن خسر ووقع في حفرة أو فاته بعض مطلوب فهذا أمر يسير بالنسبة لخسارة أبد الآبدين مع أن هذه الظلمة مؤقتة تنتهي بطلوع الصبح، بينما ظلمة المنافقين وحيرتهم في دينهم لا تنتهي إلا بالإيمان لا شك أن ما أصابوه في الدنيا من حقن الدماء وإبقاء الأولاد وعدم سبيهم وإسترقائهم وحفظ أموالهم ومعاملة لهم معاملة المسلمين كلا شيء بالنسبة لخسارتهم الفادحة في الآخرة، لا شيء لأن الشيء اليسير في مقابل الأمر العظيم يعني وجوده مثل عدمه، يعني تصور أنك تمشي حين يقوم قائم الظهيرة في عز الصيف نعم وأنت في طريقك مررت بظل شجرة وأنت ماشي استفدت من ظل الشجرة؟ نعم هو ظل لكنه شيء يسير بالنسبة لطريقك فوجوده مثل عدمه.

ثانيها: إن لم يصح ما قاله السدي بل كانوا منافقين أبدًا من أول أمرهم فهاهنا تأويل آخر ذكره الحسن –رحمه الله- وهو أنهم لما أظهروا الإسلام فقد ظفروا بحقن دمائهم وسلامة أموالهم، يعني كلام السدي الأول كلام السدي يقتضي أنهم آمنوا أول مقدمه –عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة ثم نافقوا، هنا ما آمنوا أصلاً على قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} في كلام الحسن، وهو أنهم لما أظهروا الإسلام فقد ظفروا بحقن دمائهم وسلامة أموالهم عن الغنيمة وأولادهم عن السبي وظفروا بغنائم الجهاد وسائر أحكام المسلمين وعد ذلك نورًا  من أنوار الإيمان يعني من أثاره المترتبة عليه يعني في الدنيا دون الآخرة، ولما كان ذلك بالإضافة إلى العذاب الدائم قليلاً قُدرت شبههم بمستوقد النار الذي استوقد بنارها قليلاً ثم سلب ذلك فدامت حيرته وحسرته للظلمة التي جاءت في أعقاب النور، فكان يسير انتفاعهم في الدنيا يشبه النور وعظيم ضررهم في الآخرة يشبه الظلمة.

وثالثها أن نقول: ليس وجه التشبيه أن للمنافق نورًا، بل وجه التشبيه بهذا المستوقد أنه لما زال النور عنه تحير، تحير من كان في نور ثم زال عنه أشد من تحير سالك الطريق في ظلمة مستمرة هذا ظاهر، الذي في ظلام مستمر ظلامه أسهل عليه من أن يكون في نور ثم يطفأ النور، نعم؟

طالب: ....................

كيف؟

طالب: ....................

حتى في الحس في الحس، يعني تصور أنك أطفأت النور كنت في نور فأطفأته أو كنت في الشمس فدخلت إلى غرفة مظلمة، تأخذ وقت حتى تتأقلم مع هذه الظلمة وقد تأنس بهذه الظلمة لخفتها بالنسبة إلى شدتها أول ما أطفئ النور أو أول ما دخلت من النور الشديد هذا محسوس، تصورنا أن شخصا دخل غرفة من أول الوقت مظلم أو جاءه الليل ما يعرف كهرب في البرية أو جاءه الليل واستمر في ظلامه مثل شخص أشعل أنوار كواشف ثم بعد ذلك أطفأها بسرعة! فالدخول من المكان المضيء إلى المظلم أو العكس من المظلم إلى المضيء لا شك أنه أشد وقعًا من الاستمرار سواء كان في النور أو في الظلمة، يقول: لكنه تعالى ذكر النور في مستوقد النار لكي يصح أن يوصف بهذه الظلمة الشديدة لا أن وجه التشبيه مجمعَ النور والظلمة. ظاهر كلامه وإلا ليس بظاهر؟

ورابعها: أن الذي أظهروه يوهم أنه من باب النور الذي ينتفع به، الذي أظهروه من دعوى الإيمان يوهم أنه من باب النور الذي ينتفع به وذهاب النور هو ما يظهره لأصحابه من الكفر والنفاق ومن قال بهذا قال أن المثل إنما عُطف على قوله: "{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإذَا خَلَوا  إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} فالنار مثل لقولهم: آمنا وذهابهم مثل قولهم للكفار إنا معكم. ما معنى هذا الكلام؟ هم يقولون للنبي –عليه الصلاة والسلام- ولصحابته آمنا، هذا مثله النور إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم هذا مثله ذهاب النور بالنسبة للمستوقد، فالنطق بكلمة الحق كلمة الإخلاص وهو على كل حال نور استفادوا منه في دنياهم، وكفرهم في الباطن وإفضاؤهم به إلى رؤسائهم وشياطينهم هذي هي الظلمة وهذه الحيرة وهذا الشك وهذا الضلال- نسأل الله العافية- فإن قيل: وكيف صار ما يظهره المنافق من كلمة الإيمان مثلاً بالنور وهو حين تكلم بها أضمر خلافها؟ على هذا القول الأخير أن ما أظهره من كلمة الحق كلمة الإيمان كلمة الإخلاص مشبهة بالنور الناتج عن النار التي استوقدها المستوقد، مع أنها لا قيمة لها لماذا؟ لأنها منقوضة من الأساس لكمة منقوضة من الأساس، كيف تشبه بالنور وهي من الأساس منقوضة؟ هو المنافق وهو ينطق بالشهادة ويقول للرسول –عليه الصلاة والسلام- وللصحابة آمنا هو في الوقت نفسه وفي قرارة ذاته ليس بمؤمن، وإنما قال هذه الكلمة اتقاء السيف حقنًا لدمه، وكيف صار ما يظهره المنافق من كلمة الإيمان مثلاً بالنور وهو حين تكلم بها أضمر خلافها؟ قلنا: أنه لو ضم إلى القول اعتقاد له وعملاً به لأتم النور لنفسه، ولكنه لما لم يفعل لم يتم نوره وإنما سمي ذلك مجرد القول نورًا لأنه قول حق في نفسه.

وخامسها خامس الأجوبة: يجوز أن يكون استيقاد النار عبارة عن إظهار المنافق كلمة الإيمان وإنما سماه  نورًا لأنه يتزين به ظاهره فيهم ويصير ممدوحًا بسببه فيما بينهم، ثم إن الله يذهب ذلك النور بهتك ستر المنافق بتعريف نبيه والمؤمنين بحقيقة أمره فيظهر له اسم النفاق بدل ما يظهر منه من اسم الإيمان، فبقي في ظلمات لا يبصر إذ النور الذي كان معه قبل كشف الله أمره فزال هذا النور. معنى هذا الكلام أنه قد ينطلي على بعض الناس دعواه قد تنطلي، وقد تنطلي على الرسول –عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالمعجزات وقد نزل عليه: {لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [سورة التوبة:101] لكن بهتك الستر وكشف المكنون الذي يخبئه المنافقون غاية جهدهم جاءت أوصاف كثير منهم وعرف النبي –عليه الصلاة  والسلام- عددًا كبيرًا منهم، وأخبر بعض أصحابه بعضهم ولحذيفة –رضي الله عنه- النصيب الأوفر من ذلك وجاءت الفاضحة سورة التوبة تصف المنافقين ومنهم ونهم ومنهم حتى أنها تعدد أسماؤهم بأوصافهم، الكاشفة.

 

"