شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (099)
مع مطلع حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، فأهلاً ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.
حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: أستأذنك بداية أن نعود إلى مجموعة من الأسئلة، سؤال بعثته إحدى الأخوات المستمعات، خلود خالد، كما كتبت اسمها، أعادت إلينا حديثًا كنا قد ذكرناه في حلقات ماضية، لكن لا مانع من ذكر سؤال الأخت المستمعة.
ذكرتم أثناء شرح حديث: «إن الله لا يمل حتى تملوا» أن المطلوب الاستمرار على العمل وإن قل؛ لأن المذموم هو الانقطاع، فإذا كان الشخص يحافظ على عدد معين من الركعات في صلاة الليل والضحى وأحيانًا يجد في نفسه نشاطًا يمكنه من الزيادة، فإذا كان يخشى ألا يحافظ على هذه الزيادة ماذا يفعل؟
هل يستمر على القليل أو يزيد مع كونه يخشى ألا يداوم على هذه الزيادة؟ وهل الذم المتوجه لمن عمل ثم انقطع لكونه يترتب على الانقطاع إثم أو يذم لكونه ترك الأفضل وهو الاستمرار؟
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المقصود من استمرار العمل الذي جاء الحث عليه ووُصف عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- به، وأن عمله كان دِيْمَة -عليه الصلاة والسلام- المقصود الغالب، وإلا فإذا وجد الإنسان فراغًا أو نشاطًا ثم عمل عملاً صالحًا لم يتمكن منه في المستقبل فإنه لا بأس بتركه حينئذٍ، والمسألة كلها في المندوبات، المسألة كلها مفترضة في المندوبات، والمقصود في هذا الحديث الترغيب في الاستمرار، لا المنع من العمل الذي يتمكن منه الإنسان في وقت دون وقت، ولا يذم من تراخى في بعض الأوقات لعدم تمكنه من العمل، وصلاة الضحى التي أشير إليها في السؤال لأنها تقول: ما توجيهكم لمن قيل له: لماذا لا تصلي الضحى في رمضان؟ قال: إنه يعلم من نفسه أنه لن يستمر بعد رمضان فكونه لا يصليها أفضل من كونه يصليها ثم يتركها.
المقدم: هذا الشق الآخر لم أقرأه.
نعم، هذا في السؤال نفسه.
صلاة الضحى كغيرها من السنن التي جاءت الأحاديث في الترغيب بها، فإذا تيسرت في بعض الأحيان كرمضان مثلاً وأيام الدوام أو أوقات الفراغ وما أشبه ذلك فكل شيء له أجره، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، لكن المقصود في الباب وما جاء في معناه في هذا الحديث، وما جاء في معناه الحث على الاستمرار وعدم الانقطاع، أما بالنسبة للواجبات، فلا خيار فيها، ليس للإنسان أن يتركها إلا إذا عجز عنها، المندوبات جاء الحث على الاستمرار فيها، ووُصف عمل النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان إذا عمل عملاً أثبته، لكن من تيسر له في بعض الأوقات دون بعض على أن ينوي هذه النية على أن يستمر في العمل متى تيسر له أن يعمل، لكن إذا انقطع ونوى الانقطاع والاستمرار على الانقطاع هنا يتجه الذم، والمسألة مثل ما ذكرنا كلها في المندوبات، ولا شك أن العمل ثم الانقطاع فيه شيء من النكوص، وفيه شيء من الرغبة عن الخير، هذا قد يوحي بذلك، لكن هو الأصل في المندوب أنه لا يعاقَب تاركه، فالمسألة في حيِّز الترغيب بكثرة الأعمال الصالحة.
المقدم: أحسن الله إليكم، لعلنا نعود لاستكمال ما بدأناه في الحلقات الماضية، من حديث وفد عبد القيس، حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-. كنا أسلفنا معكم -أحسن الله إليكم- شرح بعض ألفاظ الحديث، توقفنا عند بعض جزئياته، وعدنا المستمع الكريم أن نستكمل ما تبقى منه.
أظن وقفنا على قوله: "فقالوا: يا رسول الله إنا لن نستطيع".
المقدم: نعم، أن نأتيك إلا في الشهر الحرام، نعم.
نعم.
"فقالوا: يا رسول الله" في قولهم: يا رسول الله، وفي قولهم: كفار مضر، وقولهم: الله ورسوله أعلم، ما يدل على أنهم كانوا حين المقابَلة مسلمين؛ لأن الكافر لا يمكن أن يقول لجيرانه: هم كفار، والكافر: لا يقول: الله ورسوله أعلم كما هو معلوم، ففي هذه الجمل ما يدل على أنهم كانوا حين المقابَلة مسلمين.
"إنا لا نستطيع أن نأتيك" أي لا نقدر على الإتيان إليك، يعني لما يوجد مما يحول بينهم وبينه ممن ذكروا من الكفار.
"إلا في الشهر الحرام" لحرمة القتال فيه عندهم، والمراد الجنس، الشهر الحرام، المراد الجنس، فـ(أل) في قوله: "الشهر" جنسية، وعلى هذا فيشمل الأربعة الحرم، أو المراد العهد الشهر المعهود، ويراد به حينئذٍ رجب كما صُرِّح به في رواية البيهقي، وفي رواية الأصيلي وكريمة: "إلا في شهر الحرام" وهي رواية مسلم، وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة كصلاة الأُولى، صلاة الظهر يقال لها: صلاة الأُولى.
والبصريون يمنعون إضافة الموصوف إلى صفته، ويؤوِّلون ذلك على حذف مضاف أي صلاة الساعة الأولى، وشهر الوقت الحرام.
يقول ابن حجر: هو من إضافة الشيء إلى نفسه كمسجد الجامع ونساء المؤمنات، من إضافة الشيء إلى نفسه كمسجد الجامع، المسجد هو الجامع، ونساء المؤمنات النساء هن المؤمنات، هو من إضافة الشيء إلى نفسه كذا يقول الحافظ ابن حجر.
وتعقبه العيني بقوله: قلت: إضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز، كما عُرف في موضعه، هذا تعقب العيني على ابن حجر، بم رد الحافظ ابن حجر على العيني في انتقاض الاعتراض؟ بيَّض للرد ولم يرد.
المقدم: بيَّض؟
نعم، يعني وضع قوله كذا وما ذكر الرد، ما رد عليه، يعني ما أسعفه الرد في وقت كتابة الكتاب، في كثير من المواضع يذكر كلامه ثم يذكر التعقب ثم لا يرد؛ لأنه يبيِّض له يترك له فراغًا متى ما تيسر الرد يرد عليه، وهذه طريقة معروفة عند أهل العلم، بيَّض لكذا معروفة، مر علينا في بعض المواضع أحيانًا للبخاري فيه ترجمة من دون حديث، فيقال: بيَّض البخاري للحديث يناسب هذه الترجمة ولم يتيسر له، هذا معروف عندهم.
في شرح النووي على صحيح مسلم يقول: معنى كلامهم: أنا لا نقدر على الوصول إليك خوفًا من أعدائنا الكفار إلا في الشهر الحرام، فإنهم لا يتعرضون لنا، كما كانت عادة العرب من تعظيم الأشهر الحرم، وامتناعهم من القتال فيها.
ثم قال: والأشهر الحرم هي ذو القَعدة وذو الحِجة، القَعدة بالفتح، والحِجة بالكسرة، والمحرم ورجب، هذه الأربعة هي الأشهر الحرم بإجماع العلماء من أصحاب الفنون، يعني من الفقهاء والمفسرين والمحدثين وغيرهم من أصحاب الفنون، ولكن اختلفوا في الأدب المستحسن في كيفية عدها على قولين، حكاهما أبو جعفر النحاس في كتابه: صناعة الكتَاب أو الكُتَّاب؟
المقدم: صناعة؟
صناعة الكِتَاب أو الكُتَّاب؟
المقدم: والله يبدو الكِتَاب.
الكِتَاب هو الذي يصنع.
المقدم: نعم الكُتَّاب لا يُصنعون.
نعم، لكنهم يصنعون.
المقدم: هم يَصنعون لكن لا يُصنعون.
نعم، إذا قلنا: صناعة الكُتَّاب.
المقدم: يعني ما يصنعونه.
يصير من إضافة الصفة إلى الموصوف؟ الذي نحن فيه، فيكون صناعة الكُتَّاب.
على كل حال الأمر سهل.
قال: ذهب الكوفيون إلى أنه يقال: المحرم ورجب وذو القَعدة وذو الحِجة، قال: والكُتَّاب يميلون إلى هذا القول؛ لماذا؟ ليأتوا بهن من سنة واحدة.
إذا بدأنا بالقَعدة ثم الحِجة ثم المحرم سردنا الثلاثة؛ لكن يبقى المحرم ورجب من سنة أخرى، بينما إذا قلنا: المحرم ورجب والقعدة والحجة صار في سنة واحدة.
ولذا يقول: والكُتَّاب يميلون إلى هذا القول؛ ليأتوا بهن من سنة واحدة.
قال: وأهل المدينة يقولون: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وقوم ينكرون هذا ويقولون: جاؤوا بهن من سنتين، قال أبو جعفر: وهذا غلط بيِّن وجهل باللغة؛ لأنه قد علم المراد، وأن المقصود ذكرها، وأنها في كل سنة، يعني لا يتصور أحد أنه إذا قيل: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب أنه شهرين من سنة، وشهرين من سنة، ثم السنة التي تليها كذلك شهرين ثم شهرين، فيُحرَّم شهران ويباح شهران، يعني لا أحد يفهم هذا.
وأن المقصود ذكرها، وأنها في كل سنة؛ فكيف يتوهم أنها من سنتين؟ قال: والأَولى والاختيار ما قاله أهل المدينة؛ لأن الأخبار قد تظاهرت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما قالوا من رواية ابن عمر وأبي هريرة وأبي بكرة -رضي الله عنهم-، ولذا يقولون: ثلاثة سرد، وواحد فرد، ولذا يقال في رجب رجب ماذا؟ الفرد، وسيأتي أنه يضاف إلى مضر أيضًا.
قال: وهذا أيضًا قول أكثر أهل التأويل، قال النحاس: وأُدخِلَت الألف واللام في المحرم دون غيره من الشهور، قال: وجاء من الشهور ثلاثة مضافات، شهر رمضان وشهرا ربيع، يعني والباقي غير مضافات، وسمي الشهر شهرًا لشهرته وظهوره، والله أعلم.
قال ابن حجر: وكانت مضر تبالغ في تعظيم شهر رجب فلهذا أضيف إليهم، في حديث أبي بكرة حيث قال: «رجب مُضَر».
ومُضَر بضم الميم وفتح الضاد المعجمة غير منصرف، ومُضَر بن نزار بن مَعَد بن عدنان، ويقال له: مضر الحمراء، ولأخيه ربيعة الفرس؛ لماذا؟ لما اقتسما الميراث أخذ مُضَر من التركة الذهب، وأخذ ربيعة الخيل.
المقدم: والذهب أحمر.
نعم، وكفار مُضَر كانوا بين ربيعة والمدينة، ولا يمكنهم الوصول إلى المدينة إلا من طريقهم، وكانوا يخافون منهم إلا في الأشهر الحرم لامتناعهم من القتال فيها.
إضافة الشهر إلى مضر لاهتمامهم به، ومبالغتهم في تعظيمه، والظاهر أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم مع تحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة الأخرى، إلا أنهم ربما أنسؤوها بخلافه، يعني إذا احتاجوا إلى القتال في محرم، قالوا: نقاتل في محرم، ونؤجل التحريم إلى صفر هذا معنى النسيء، بينما رجب لا يؤخرون القتال فيه، لا يُنْسِئونه.
وفيه ذلك دليل على تقدم إسلام عبد القيس على قبائل مضر الذين كانوا بينهم وبين المدينة، وكانت مساكن عبد القيس بالبحرين، وما والاها من أطراف العراق، ولهذا قالوا كما في رواية شعبة عند المؤلف في العلم: وإنا نأتيك من شُقَّة بعيدة.
ويدل على سبقهم إلى الإسلام أيضًا: ما رواه المصنف في الجمعة من طريق أبي جمرة أيضًا راوي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن أول جمعة جُمِّعَت بعد جمعة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجد عبد القيس بجُوَاثَى من البحرين، معروف جُوَاثَى أين؟ في الأحساء، بجُوَاثَى من البحرين، كان يُطلَق المشرق هذا كله بحرين، من الأحساء وما والاها إلى الجزيرة المعروفة، كل ما كان في تلك الجهات يقال له: البحرين، جُوَاثَى بضم الجيم وبعد الألف مثلثة مفتوحة، وهي قرية شهيرة لهم، وإنما جَمَّعوا بعد رجوع وفدهم إليهم فدل على أنهم سبقوا جميع القرى إلى الإسلام.
قالوا: "وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مُضَر" ومُضَر ممنوع من الصرف كما تقدم، غير مصروف لماذا؟ للعلمية والتأنيث، يعني يطلق على القبيلة.
"فمُرْنا بأمرٍ فصلٍ" بأمر فصل بالتنوين فيهما لا بالإضافة، والأمر واحد الأوامر، أي مُرْنا بعمل بواسطة افعلوا، التي هي صيغة الأمر، بواسطة افعلوا، افعلوا كذا وافعلوا كذا، وافعلوا كذا، ولهذا قال الراوي: أمرهم، وفي رواية حماد بن زيد وغيره عند المؤلف قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «آمركم» وهنا قال: فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع، هم قالوا: مرنا بأمر فصل؟ الراوي يقول: فأمرهم، وفي رواية: «آمركم» وله يعني المصنِّف عن أبي التيَّاح بصيغة افعلوا، افعلوا كذا، وافعلوا كذا، وافعلوا كذا.
الآن لما قالوا: مرنا، قال: آمركم بكذا، قول الصحابي: أمرهم بكذا، الرواية الأخرى: افعلوا كذا واتركوا كذا، كل هذا يدل على أن لفظ الأمر: آمركم وأمرهم ومرنا بمثابة صيغة الأمر.
المقدم: وهذا ما يفهمه الصحابة.
ما يفهمه الصحابة ومشوا على هذا، وعبروا عن أوامره الصريحة -عليه الصلاة والسلام- بلفظ: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأحيانًا يقول: افعلوا، وهم يقولون: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأحيان يقول: لا تفعلوا، فيقولون: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا دلالة على أن التعبير عن صيغة الأمر بلفظ الأمر بمثابة الصيغة، يعني آمركم بكذا أو أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا بمثابة افعلوا، ونهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كذا بمثابة: لا تفعلوا في الحجية واللزوم، يعني مطابِق، وفي هذا رد على داود الظاهري وبعض المتكلمين الذين قالوا: إنه لا يلزم الائتمار بمجرد قول الصحابي: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لماذا؟ وليس التعبير بلفظ الأمر عن صيغته مجزيًا يعني لا يقوم هذا مقام هذا؛ لماذا؟ قالوا: لأن الصحابي قد يسمع كلامًا يظنه أمرًا أو نهيًا، وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، يعني يخطئ في الفهم، لكن هل هذا الكلام صحيح؟ يعني إذا قلنا مثل هذا في حق الصحابة الذين عاشوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرفوا مقاصده، ومقاصد ما جاء به من شرع إذا كنا نقول هذا في حقهم فماذا يقال عمن بعدهم؟ إذا لم يفهم الصحابة مدلولات الألفاظ الشرعية مَن يفهمها؟!
على كل حال هذا قول ضعيف جدًّا، مجرد ذكر يغني عن رده؛ لأن الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ الشرعية مَن يعرفها؟!
"مُرْنا بأمر فَصْل" الفَصْل بمعنى الفاصل كالعدل بمعنى العادل، أي يفصل بين الحق والباطل، أو بمعنى المُفَصِّل، أي المبيِّن حكاه الطيبي، وقال الخطابي...
المقدم: المُفَصِّل بالكسر أو المُفَصَّل؟
المُفَصِّل المُبَيِّن، إذا وصفنا الأمر بأنه مبيِّن قلنا: مُفَصِّل، وإذا قلنا: مُفَصَّل، والمُفَصِّل هو النبي -عليه الصلاة والسلام- فالقول والأمر مُفَصَّل ومبيَّن، والبيان يحصل بالكلام وبالمتكلم، الأصل أن المبيِّن هو المتكلِّم، لكن بم يحصل البيان؟ بكلامه، فاللفظ محتمل يعني.
يقول الخطابي: فصل: أي بيِّن واضح، ينفصل به المراد، ولا يشكل فيه المعنى.
"نخبرُ به" بالرفع، رفع نخبر، في محل جر صفة لأمر، يعني الجملة "نخبر".
المقدم: نخبرُ بالضم؟
نعم نخبرُ.
المقدم: النسخة التي بين أيدينا بالسكون وهذا خطأ...
لا، في قول، نخبرُ، نقول بالرفع أو بالضم؟ نخبرُ، أنا قلت: بالرفع وأنت قلت: بالضم.
المقدم: لا، هو بالرفع طبعًا.
بالرفع؛ لأن الضم لماذا؟
المقدم: الضم للاسم.
لا، الآن هو مُعْرَب أو مبني؟
المقدم: الفعل؟
نعم.
المقدم: مُعْرَب هنا.
مُعْرَب الرفع علامة إعراب، والضم علامة بناء، ما تقول: بالضم.
"نخبرُ" بالرفع في محل جر صفة لأمر، وكذا قوله: "وندخلُ" ويروى بالجزم فيهما على أنه جواب الطلب.
"مرنا بأمر فصل نخبر" هذا يسمونه جواب الطلب، وبعضهم يقول: مجزوم بشرط مقدَّر مرنا إن تأمرنا نخبر إما أن يكون جواب الطلب مباشرة جواب الأمر، أو يكون مجزومًا بشرط مقدَّر.
يقول القسطلاني: وهو الذي في فرع اليونينية الذي هو ماذا؟ الجزم، هو الذي في فرع اليونينية، تكلمنا على اليونينية مرارًا وعلى فرعها، ولسنا بحاجة إلى إعادة الكلام فيهما.
"مَن وراءنا" (مَن) بفتح الميم موصولة في محل رفع على الابتداء، قوله: وراءنا خبره، مَن وراءنا، كيف خبره وراءنا؟ ما هو ظرف؟
المقدم: بلى.
ظرف، ظرف له متعلَّق كالجار والمجرور، الظرف مع متعلَّقه خبر، خبر (مَن) لكن يختصرون في الإعراب باعتبار أن هذا أمر مفهوم، ويأتي تفصيله.
والجملة في محل النصب على أنها مفعول نخبر، أي من استقر وراءنا أي خلفنا، والمراد قومهم الذين خلَّفوهم في بلادهم.
قال العيني: وقد علم أن نحو: خلف ووراء إذا وقع خبرًا، يعني كما هنا، فإن كان بدلاً عن عامله المحذوف نحو: زيد خلفك أو وراءك بقي على ما كان عليه من الإعراب، وإن لم يكن بدلاً يعني دائمًا الظرف ما إعرابه؟ مرفوع أو مجرور أو منصوب؟ الظرف، منصوب على الظرفية، فيبقى على ما كان عليه من الإعراب إذا وقع خبرًا بدلاً عن عامله المحذوف، نحو: زيد خلفك، وإن لم يكن بدلاً نحو: ظهرُك خلفُك أو خلفَك، ورجلاً أسفلَك، ويجوز أسفلُك، جاز فيه الوجهان: النصب على الظرفية، والرفع على الخبرية.
ثم اعلم، يقوله العيني هذا تابع كلام العيني: ثم اعلم أن لفظ وراء من الأضداد؛ لأنه يأتي بمعنى خلف وبمعنى قُدَّام وهي مؤنثة، وقال ابن السِّكِّيْت: يُذَكَّر ويؤنَّث، ثم اعلم أن لفظ وراء من الاضداد، فيه كتاب الأضداد لمَن؟
الأخ الحاضر:.......
نعم لابن الأنباري، ما معنى من الأضداد؟ أنه يأتي بمعناه المعروف المشهور خلف، يعني وراء الظهر، وأيضًا يأتي بمعنى قُدَّام.
يقول: وهي مؤنثة، وقال ابن السِّكِّيْت: يُذَكَّر ويؤنث، كتاب ابن السكيت ما اسمه؟
المقدم: نرجع للمكتوب؟
ما مر؟ ابن السكيت كتابه الذي يمكن أن يرد فيه هذا الكلام، اسمه ماذا؟ إصلاح المنطق لابن السكيت.
وقال الكرماني: وفي بعض الروايات: من ورائنا بكسر الميم، من ورائنا.
المقدم: أستأذنكم شيخنا أن تكون يعني استكمال هذه الألفاظ في حلقة قادمة نظرًا لانتهاء هذه الحلقة.
مستمعي الكرام، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من برنامجكم: شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.
توقفنا عند الحديث عن بعض الألفاظ العربية، نستكملها -بإذن الله- في حلقة قادمة وأنتم على خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.